تطوان تحب الشعر. كن أول من يقيّم
1 - لله در القائل حين قال: لا تعرضنَّ على الرواة قصيدة *** ما لم تكن بالغت في تَهذِيبها فإذا عرضت الشعر غير مهذب *** عدُّوه منك وسَاوسًا تَهذِي بها الشاعر ينتقي الكلمات، ويبالغ في التحسين والتحبير مثل قارئ القرآن لو علم أنه ينظر إليه لسارع في تحبيره وتزيينه بصوته، ومثل العالم قبل أن يفتي لا بد وأن يكون قويا على ما هو فيه، عالما بأحوال الناس خبيرا بصيرا، يضع الأشياء مواضعها، وما أحسن الكلمة إذا وضعت في مكانها.. ومن لا يحسن العرض لا يكون نصيبه إلا الذم وإن كان محقا..والشاعر حقا من يجمع بين حسن السبك للألفاظ وحسن العرض للمعاني، لا يجزئ أحدهما عن الآخر.. وقديما قيل: الشعر صعبٌ وطويلٌ سلمه *** إذا ارتقى فيه الذي لا يعلمه زلت به إلى الحضيض قدمه *** يريد أن يعربه فيعجمه 2 – الشعر الحر حسنه حسن، والقبيح منه تمجه الأنفس، فلا يكون مصيره إلا النسيان وسوء القول.. 3 – الشاعر هو من يتمكن من جميع أغراض الشعر وأنواعه. 4 – جاء في دلائل الإعجاز، للجرجاني: " وأنا سمعت أبا عمرو الشيباني وقد بلغ من استجادته لهذين البيتين، ونحن في المسجد الجامع يوم الجمعة أن كلف رجلاً حتى أحضره قرطاساً ودواة حتى كتبهما. قال الجاحظ: وأنا أزعم أن صاحب هذين البيتين لا يقول شعراً أبداً، ولولا أن أدخل في الحكومة بعض الغيب لزعمت أن ابنه لا يقول الشعر أيضاً. وهما قوله، من السريع: لا تحسبن الموت موت البلى *** وإنما الموت سؤال الرجال كلاهما موت ولكن ذا *** أشد من ذاك على كل حال ثم قال: وذهب الشيخ إلى استحسان المعاني، والمعاني مطروحة في الطريق، يعرفها العجمي والعربي، والقروي، والبدوي. وإنما الشأن في إقامة الوزن، وتخير اللفظ، وسهولة المخرج، وصحة الطبع، وكثرة الماء، وجودة السبك. وإنما الشعر صياغة وضرب من التصوير..." 5 – وكثيرا ما نبه الأصمعي كما في رسالة "فحولة الشعراء" – وهي منشورة في الوراق – إلى أمر مهم وهو قوله وهو يُسأل عن بعض الشعراء: لو قال مثل قصيدته خمس قصائد كان فحلا ـ يعني الحُويدرة الذُّبياني ـ وقوله: ولو قال ثعلبة بن صعير المازني مثل قصيدته خمسا كان فحلا،وفيه أيضا: " قلت : فلبيد بن ربيعة ? قال : ليس بفحل، وقال لي مرة أخرى : كان رجلا صالحا، كأنه ينفي عنه جودة الشعر، وقال لي مرة : شعر لبيد كأنه طيلسان طبري، يعني أنه جيد الصنعة، وليست له حلاوة ". فادعاء الشعر مع قلته، تنفي عن الشاعر شاعريته، ولذلك فلابد لهؤلاء الذين يكتبون في الشعر الحر أن يكتبوا قصائد في مختلف البحور، مع الإتيان ببعض أغراض الشعر المعروفة، وإلا انتفت عنهم صفة الشاعرية. 6 – السبب في هذا القول هو أنني وجدت الشعراء قديما - وهذا مبثوث في طبقات الشعراء وتراجمهم – يُقلون من الرجز ولا يستجيدونه أو يهتبلون به كثيرا، وذلك لسهولته وكونه مطية لكل قائل ومتشبع بما لم يعط، ولذلك تجد أكثر من اعتنى بالرجز الفقهاء، حيث إنهم اعتنوا بالشعر المنظوم، فنظموا الفقه والأصول وغيرهما في منظومات يسهل على طالب العلم ضبطها، ويمكن أن يصطلح على تسميتهم ب" مشعرة الفقهاء" على وزن " مُحدِّثةُ الفقهاء ". قال أبو عبيدة: "إنما كان الشاعر يقول من الرجز البيتين والثلاثة ونحو ذلك، إذا حارب أو شاتم أو فاخر". |