اللاحق عند المحدثين 2 كن أول من يقيّم
وفي دراسته المتميزة لعلم العروض؛ أشار د.أحمد مستجير إليه وزناً مستقلاًّ، ولكنه نشأ عنده من تكرار التفعيلة (مفعولُ) أربع مرات في الشطر الواحد: مفعولُ مفعولُ مفعولُ مفعولُ! ممثّلاً له بقول شوقي متّصلاً هكذا: زيادُ ما ذاقَ قيسٌ ولا هَمّا طبخُ يدِ الأمِّ يا قيسُ ذُقْ مِمّا الأمُّ يا قيسُ لا تطبُخِ السّمّا ولذلك أطلق عليه اسم "بحر شوقي"!! وواضح تماماً أنَّ ما أشار إليه مستجير هو (بحرٌ مهمل) لم يَكتُبْ عليه أحدٌ أبداً. وهو وزنٌ لا ينطبق على وزن اللاحق مالم يُحذف من آخره سببان وجوباً، هكذا: مفعولُ مفعولُ مفعولُ مفْـ ـعولُ /ه /ه //ه /ه //ه /ه //ه /ه /ه مستفعلن فاعلن فاعلن وليست أبيات شوقي إلاّ على الوزن الرجزي -منفصل الشطرين-: (مستفعلن فعْلن * مستفعلن فعْلن) الذي أكثرَ منه الوشّاحون والمعاصرون، كما في قول الأعمى التطيلي: دِنْ بالصِّبا شَرْعا ** ما عشْتَ يا صاحِ ونزّه السمْعا ** عن منطق اللاّحي أمشي على رسْلي** في مدرج الرمْلِ حيران أستقصي ** دربي وأستجْلي والريحُ في سخْرٍ ** منّي ومنْ ظـلّي وممن تحدث عن هذا الوزن أيضاً؛ الأستاذ سليمان أبو ستة في دراسته القيّمة عن العروض، حيث تابع نازكاً الملائكة في تسميته "الموفور"، مشيراً إلى ذِكْر الجوهري والقرطاجني له، وإلى قصّة انبعاثه مرةً أخرى على يد نازك الملائكة. كما أشار أبو ستة إلى إمكانية وروده على الضرب (فالن /ه/ه) دون أن يضع له المثال، وإلى إمكانية وروده على الضرب (فاعِلانْ)، مستشهداً بقول محمود درويش: الطفلة احترَقَتْ أمّها ** أمامَها ، احترقتْ كالمساءْ منبّهاً إلى سَبْق درويش لنازك الملائكة بالنظم على هذا الوزن، حيث صدر ديوانه " أحبّك أو لا أحبّك" عام (1972م)، أي قبل رسالة نازك إلى د.بدوي بعام واحد. وسنلاحظ بعد قليل أن لسيد قطب قصيدة موشحة على هذا الوزن تسبق قصيدة نازك بما يزيد على خمسة وثلاثين عاماً، حيث يعود تاريخ نشرها إلى عام (1937م). بل لقد وجَدْتُ قصيدةً لعبد الباقي العمري (-1278هـ)، سبقت هؤلاء جميعاً، إذ يزيد عمرها على مئة وأربعين عاماً، خلطت بين المخلّع واللاحق. بل وجدت موشحة على وزن اللاحق لابن سناء الملك (608هـ)، وأخرى لابن خاتمة الأندلسي (-770هـ)، غير مستبعدين طبعاً أن يكون هنالك آخرون كتبوا على هذا الوزن قبل ذلك أو بعده. |