شكر وتوضيح كن أول من يقيّم
تحية للأخ سليمان وبعد .. أما لماذا شغلت نفسي? فحتى لا يغضب أمثالك من أمثالي ، إذا اختلفنا في شيء ، والتصويب ليس سيفا مسلطا على رقبة أحد ، بدليل أنك تحاول أن تصوب لي مشكورا .. وأما تخطئة السلف الصالح فأنا أول وقاف عند كلام السلف الصالح ، فقل لي من قال منهم ( بحر الطويل ) و( البحر الهزج ) وسأعض عليه ليس بالنواجذ فحسب ، وإنما بأسناني كلها ، أو قل ( بطقم أسناني ) ودع عنك ( باب الطويل ومنهوك الرجز ) فهذا كقولهم ( باب: البحر الطويل ، ومنهوك بحر الرجز ) ثم حذفوا الموصوف كما أسلفت في مقالتي أعلاه ، وباب حذف الموصوف معروف في كتب النحو ولعلك أعرف به مني .. وأرجو من أخي سليمان أن يزودني بكتاب للسلف الصالح يذكر فيه سلفنا الكريم ( بحر الطويل والبحر الرجز ) ولا أريد( باب الطويل ومجزوء الرجز ) لأن هذه الأخيرة على حذف معلوم ..
أما أن الأخفش لم يتدارك ، فقد أوافقك من دون أن أسمي هذا أسطورة ثبت زيفها ، فقد قلت إن الخليل عرف البحر وأهمله لأنه رآه أقرب إلى النثر .. بل إن الخليل أهمل البحور المهملة كلها بعبقرية نادرة ، كيف لا وهو الذي مدحه الشاعر بقوله : الألمعي الذي يظن بك الظن كأن قد رأى وقد سمعا ?. ومن بعد الخليل حاول المحاولون استنباط أوزان للموشحات فعجزوا ، فلا أخرجوا بحورا مستعملة ولا مهملة ، وحت دوائر الخليل ، جاء المتأخرون بالبحر المستطيل والبحر المنبسط وأمثالها ثم لم يكتبوا عليها شيئا ذا بال ؛ لأن الأذن العربية لم تسغها من قبل ولم تسغها من بعد ..
أما قولك فهل يعقل ، فأرجو ألا تعيدنا إلى هرطقات طه حسين فالعلم لا يبنى على عبارات مثل :( هل يعقل ?. ومن الممكن ، وليس مستبعدا ) وأنا أقدم لك الدليل الحاضر ، فعندما جدد السياب والملائكة ( بحسب زعم الزاعمين فقد سبقهم من سبقهم ) فماذا سمي جديدهما ?. لقد سمي ( الشعر الحديث ) فهل لكلمة الحديث من معنى ? أليس الحديث اليوم سيصير قديما غدا?. أوليس القديم أمس كان جديدا في يومه كما قال ابن قتيبة وغيره?. فهل القديم والجديد والحديث من المصطلحات الراسخة ?. ولذلك خجل القوم فسموه ( شعر التفعيلة ) ثم لم يخجلوا فسموه ( الشعر المنثور ) ثم فقدوا الموازين كلها فسموه ( قصيدة النثر ) أو ( النثيرة ) واختلفوا في حركات النون والثاء منها .. أليس هذا لامثالا على من يجدد ولا يجد لجديده اسما يوافق المسمى ?.. ومع هذا فقد أسلفت أن البحر سمي ( الخبب ) وأنت أضفت مشكورا ( دق الناقوس وقطر الميزاب ) وهذه الأسماء ليست من عندي ، وأنت تعرف أن السلف الصالح هم الذين تكرموا علينا وأتحفونا بهذه الأسماء ، فاخترنا منها واحدا هو المتدارك من دون أن نغمط أي اسم آخر حقه ..
اذكر لي كتابا للسلف الصالح سمى ( المنسرح ) بفتح الراء أو ( المقتضب ) بكسر الضاد ، وسوف أعفر خدي بتراب السلف الصالح ، أنا خادم السلف الصالح عليهم رضوان الله .. وأنت تقول ( المتدارك والمتقارب ) بكسر الراء وأنا أقول بفتحها ، فهات دليلك أو ارجع إلى أي كتاب للسلف الصالح أو أي كتاب حديث يعتد به وسترى صواب قولي لا رأيي ..
كل الذين نسبوا المتدارك لغير الأخفش مجهولون ، فثمة روايات كثيرة ، أقواها تنسب الأمر للأخفش ولا أرفض أن ينسب ذلك لسواه .. ولا داعي لبلبلة الأمر بروايات أفراد ضعيفة ..
وأما الدوائر فنقول كما قلت أنت ( دائرة المجتلب ) أي ( دائرة الوزن المجتلب ) ولكن أنقولها بفتح اللام كما أرى وترى معي ?. أم بكسر اللام كما يود بعضهم أن يرى وأن يقنعك أن ترى ?. إن أسماء الدوائر العروضية قليل الدوران على الألسنة ، أما أسماء البحور فهي مصطلحات يجب التقيد بلفظها السماعي ، حتى ولو خالفت القياس، فكيف إذا كانت مطردة في القيلس والاستعمال معاً ?. إن أسماء الدوائر من باب اسم الفاعل ، وأما أسماء البحور فمنها لاهكذا وهكذا ، ولا أود تحديد اسم الفاعل منها من اسم المفعول ؛ ليظل مجال لمن يدلي بدلوه ، وأما الأسماء الجامدة منها فهي مصادر وهي بفتح الثاني ( فعَـل .. رمَـل .. هزَج ) لا بتسكينه ..
تقول بأنك رأيت الوجهين في كتب العظام من السلف ، والسلف كلهم عظام ، فاذكر لي كتابا واحدا يمكن الوصول إليه ، فأنا رجل يبدو أنني لم أقرأ كثيرا ..
أخيرا أشكر الأخ العزيز سليمان ، حتى وإن لم يزودني باسم أي كتاب من كتب السلف الصالح .. وأرجو ألا يغضب من داوود بواوين ، فأنا لا أقصد مخالفة القاعدة ولكن اسمي هكذا وجد ، ولو حذفت واوه لجر علي أمورا أنا في غنى عنها .. فعذرا .. والسلام عليكم ورحمة الله ..داوود .. |