البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات طماح الذؤابة

 2  3  4  5  6 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
مفردات مهمة    كن أول من يقيّم

أ/ الشعر "مفهومه على مر العصور":
 
 
       أطلق العرب على كل علم شعرًا، وإن غلب على الكلام المنظوم لشرفه بالوزن والقافية.
وعرف العروضيون منذ الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري المتوفى عام 175هـ الشعرَ بأنه الكلام الموزون على مقاييس العرب، المقصود به الوزن، المرتبط لمعنى وقافية.
 
ويقول ابن رشيق القيرواني ([1]) في كتابه "العمدة": إن بنية الشعر من أربعة أشياء وهي: اللفظ ، الوزن، المعنى ، والقافية.
 
       ويذهب أرسطو([2]) إلى أن الابتكار هو أساس الشعر، فالشعر عنده صورة مبتكرة يخلقها الشاعر بقوة خياله، والوزن شيء إضافي يلحق بالصورة حتى يتم خلقها في قلب الشاعر.
    
      وأتى المحدثون ليقول بعضهم إن عناصر الأدب أربعة: العاطفة والمعاني والخيال والأسلوب، أما الشعر فأول ميزة يعرفها الناس له ما له من أوزان وقوافٍ، وذهب بعض العلماء العرب إلى الاعتداد بالوزن وحده في تحديد معنى الشعر.
 
ويعرف رسكن([3]) الشعر بأنه إبراز العواطف النبيلة بطريق الخيال، وبأنه فيضان من شعور قوي نبع من عواطف تجمعت في هدوء.
 
      من هذا وذاك نلاحظ أن التعريفات اشترطتْ أمرين هما: الوزن والقافية. ([4])
 
                             -------------------------------------
 
 
ب/ الموسيقى العربية ونشأتها وأثر الغناء:
 
 
     
      لا تزال أصول الموسيقى العربية مجهولة لدى الباحثين، ومن البدهي أن الكلام صوت يتركب منه نغمة، ومن النغمة يتركب اللحن، فالصوت : هو ما يصدر عن حركة اهتزازية لجسم تحدث في الهواء ارتجاجًا يسير فيه إلى بُعدٍ ما.
    
     ولقد كان للعرب كسائر الأمم غناء يهزجون به ويلاعبون أولادهم ويرقصون أطفالهم ويُصاحِب أعمالهم، به يحدون إبلهم، ويسوقون مطيَّهم، وفيه يذكرون مفاخرهم وطيب أعراقهم، وفرسانهم الأمجاد، وسمحاءهم الأجواد؛ حتى تهتز نفوسهم إلى الكرم، ويربّوا أبناءَهم على حسن الشيم، وينشئوهم على الإباء والشمم... . والصلة بين الغناء والموسيقى والشعر صلة وثيقة.
 
     والشعر لون من ألوان الغناء يرشدنا إلى هذا ترنم العرب بالرجز في عملهم وسوقهم ، وطربهم للهزج.
و قد عرف العرب بعض الآلات الموسيقية، وفي شعر الأعشى تتردد أسماء آلات موسيقية ، فقد كان الأعشى ذا رحلات إلى الحيرة وبلاد الفرس وإلى الشام حيث مظاهر الحضارة الرومانية منتشرة،  وأكثر آلات الموسيقى ذيوعًا هو العود، وعليه كانت تـُغنى القصائد العربية الموزونة غناء مصاحبًا للحن.([5])
 
     وقد نبغ فن الغناء في العصر الأموي، على أيدي طبقات كثيرة من الرقيق ومن أبناء الموالي، وكثروا في المدينة ومكة والطائف، وتنقلوا في قصور الخلفاء والولاة والأمراء.
  
      وبدأ الشعراء ينظمون للمغنين الشعر الرقيق والقصائد الطلقة السهلة العذبة الألفاظ الرقيقة الأساليب الرائعة المعاني.
 
      وكان تشجيع الغناء وشدة الرغبة فيه وكثرة الإقبال عليه باعثـًا على إجادته ، وداعيًا إلى التفنن فيه والابتكار في ألحانه ، والتجديد في طرائفه. 
 
     وأحدث الغناء فوق ذلك في أوزان القصيدة تحوُّلا كبيرًا، فأصبحت أوزان القصيدة غالبًا قصيرة، فهي إما من مجزوءات البحور، أو من الأوزان الخفيفة غالبًا كالرمل والمتقارب.
 
    وبتأثير الغناء تغيّر شكل القصيدة الفني... ([6])
 
 


[1] . أبو علي الحسن بن رشيق المعروف بالقيرواني أحد الأفاضل البلغاء، له كتب عدة منها: كتاب العمدة في معرفة صناعة الشعر ونقده وعيوبه، وكتاب الأنموذج والرسائل الفائقة والنظم الجيد. يقال إنه ولد بالمسيلة وتعلم فيها قليلا، ثم ارتحل إلى القيروان سنة 406 هـ. وقيل ولد بالمهدية سنة 390 هـ وأبوه مملوك رومي من موالي الأزد. تعلم ابن رشيق الأدب في المحمدية، وفيها قال الشعر، وأراد التزود منه وملاقاة أهله، فرحل إلى القيروان واشتهر بها ومدح صاحبها واتصل بخدمته، ولم يزل بها إلى أن هاجم العرب القيروان وقتلوا أهلها وأخربوها، فانتقل إلى جزيرة صقلية، وأقام بمازرة إلى أن توفي سنة 456 هـ. من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة، 23 أكتوبر 2009م، http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D8%B1%D8%B4%D9%8A%D9%82_%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%86%D9%8A
 
[2] . أرسطو (384- 322 قبل الميلاد) فيلسوف يوناني قديم كان أحد تلاميذ أفلاطون ومعلم الإسكندر الأكبر و كان له أثر كبير في ابن سينا وابن رشد والفارابي. و كان أبوه نيقوماخوس طبيب بلاط الملك امينتاس المقدوني،  كتب في مواضيع متعددة تشمل الفيزياء، والشعر، والمنطق، وعبادة الحيوان، والأحياء، وأشكال الحكم، ويقدر ما اصدر من كتابات بـ 400 مؤلف. انظر المعرفة الموسوعة الحرة لخلق وجمع المحتوى العربي ، http://www.marefa.org/index.php/%D8%A3%D8%B1%D8%B3%D8%B7%D9%88
 
[3] . وكان جون رسكن الذي ولد في لندن من أسرة عريقة في 8 فبراير 1819م وتوفي بها في 20 يناير 1900م قد خطا ليحتل الصدارة والأنموذج بمجمل كتاباته الفنية والأخلاقية حتى أنه غدا الكاهن الأعظم في النقد والتذوق للعصر الفيكتوري متوليا أول أستاذ لكرسي النقد والتذوق، في جامعة أكسفورد العريقة. منتديات اطياف، ويسلر ضد رسكن : قضية اشتباك الفنانين مع النقاد، كاتب المقال: رعد جدة، 17/ 9/ 2004م، http://www.atiaf.com/vb/atiaft17042.html
 
 
[4] .البناء الفني للقصيدة العربية، محمد عبد المنعم خفاجي، دار الطباعة المحمدية بالأزهر، القاهرة، "لا ت"، ص7ـ11بتصرف.
[5] . البناء الفني للقصيدة العربية، محمد عبد المنعم خفاجي، ص 22ـ26بتصرف.
 
[6] . المصدر نفسه، ص 90 ـ 96 بتصرف.

29 - يناير - 2010
بحث السنة الثالثة
تابع المفردات    كن أول من يقيّم

جـ /التجديد في البناء الفني للقصيدة:
 
 
 
     وإذا كان الشعر الجاهلي من الشعر الذي يصدق عليه غالبًا أنه رسم ناطق أي تصوير حسي للبيئة الطبيعية والبشرية على السواء، وهو شعر لا يكاد يظهر فيه وجدان الشاعر إلا في القليل، بحيث لا نستطيع أن نقول عنه إنه تعبير عن وجدان قائله... وإذا كان في العربية شعر يمكن أن يوصف بأنه من قبيل الفن للفن فهو بلا ريب شعر الوصف الجاهلي، وهو الفن الذي برع فيه شعراء الجاهلية، وأتقنوه إلى حد الإعجاز الذي لا نكاد نجد له مثيلاً في أدب عالميّ آخر؛ وذلك لفرط دقة الملاحظة، واستقصاء الدقائق عند شعراء البادية الذين لم يتركوا شيئـًا إلا وصوّروه أدق تصوير.
   
     كان الشعر الأموي صادقـًا في التعبير عن بيئته ومُثلها العليا، نابعًا عن طبع أصيل، ولا يستطيع أحد أن ينكر ما كان للإسلام من أثر بالغ في تحريك وجدان الشعراء، سواء الوجدان الديني، أو الوجدان العاطفي الخالص، أو الوجدان السياسي والاجتماعي.
   
    أما الشعر العباسي في العصر المتأخر منه أخذ يحاكي الشعر الجاهلي، ويؤول بعضهم ذلك إلى بدء جفاف نبع الشعر العربي وتحجره وطغيان التقليد عليه حتى أصبح شِعرَ صيَغ وقوالب أكثر منه شعر طبع وطبيعة.   ([1])
 
     ولقد كان من مظاهر التجديد في العصر العباسي ظهور الشعراء المصنعين، الذين ألحوا على البديع في شعرهم إلحاحًا شديدًا كمسلم وأبي تمام، فعمدوا إلى الزخارف اللفظية من جناس وطباق وغيرها.([2])
 
                      ------------------------------------------ 
 
 
 د/ الخروج على الوزن الخليلي:
 
 
    لقد كان الخروج على الوزن أمرًا مستغربًا، لكنه مع ذلك قد حدث في شعر الجاهليين أنفسِهم.
فها هو ذا عبيد بن الأبرص يقول من قصيدة:
 أقـفـر من   أهل   ملـحوب         فـالقطبيات  فالـذنـوب
 والحي ما عاش في تكذيب        طول الحياة لـه تعذيب
 
     وأدخلها بعضهم في مخلع البسيط إلا أن قدامة بن جعفر قال إن بالقصيدة أبياتـًا قد خرجت  عن العروض البتة.
 
     وتمت أبيات لعروة بن الورد الشاعر الجاهلي قد خرجت على العروض ومنها:
  يا هنــد  بنت  أبي  ذراع       أخلفتني ظني ووتـَرْتِني عشقي
 ونكحت راعي ثلةٍ يثمرها       و الـدهـــر فائــتــه  بما  يبـقي
 
     وفي العصر العباسي أتى من يقول: "أنا أكبر من العروض" نعم، إنه أبو العتاهية من قال على أوزان لا تدخل في العروض، ومن ذلك قصيدته:
عتبُ ما  للــخيالِ       خبّــريني ومالي
لا   أراه   أتــاني       زائـرًا مـذ ليال ِ
   لو رآني صديقي       رقَّ لي أو رثى لي
   أو يراني عدوي       لان من سوء حالي
 
     ولأبي نواس أبيات ليس لها وزن كأوزان الخليل، ومنها:
رأيتُ كلَّ من كان أحمقـًا معتوها
في ذا الزمان صار المقدم الوجيها
يا رُب نذل ٍ وضيع نوّهتـُه تنويها
هجوتـُه لكيما أزيده تشويها
 
     وقد اشتهر من بين الشعراء العباسيين في القرن الثاني الهجري غير شاعر بنظمه على أوزان لم يعرفها العرب من مثل: ابن السميدع تلميذ الخليل، ورزين العروضي.([3])  
 
     وابتكر المولدون أوزانـًا سموها "الأوزان المولـّدة" وهي عكس أوزان الخليل، كما ابتكروا أوزانـًا جديدة سمَّوها "الفنون السبعة" ([4]) وهي التي بصددها هذا البحث يضاف إليها فن "البَند".
 
                          ---------------------------------------
 
 


[1] . البناء الفني للقصيدة العربية، محمد عبد المنعم خفاجي، ص 88 ـ90 بتصرف.
 
[2] . المصدر نفسه، ص99 بتصرف.
[3] . ملامح التجديد في موسيقى الشعر العربي، د/ عبد الهادي عبد الله عطية، دار المعرفة الجامعية، إسكندرية، 1990م،
 ص 13ــ 20بتصرف.
 
[4] . البناء الفني للقصيدة العربية، محمد عبد المنعم خفاجي، ص 97 بتصرف.
 

29 - يناير - 2010
بحث السنة الثالثة
مصطلحات...    كن أول من يقيّم

هـ/ التعريف ببعض المصطلحات العروضية الواردة في البحث:
   
 
§        البيت: كلام تام يتألف من أجزاء، وينتهي بقافية منه.
§        البيت المجزوء: ما حُذف جزءا عروضه وضربه.
§        البيت المشطور: ما حُذف نصفه وبقي نصفه.
§        الخبن: هو حذف الثاني الساكن من التفعيلة.
§        الرَّويّ: هو الحرف الذي تـُبنى عليه القصيدة، فتـُنسَبُ إليه.
§         الشطر: نصف البيت أو مصراعه.
§        العروض: هي آخر جزء من الصدر.
§        الضرب:  هو آخر جزء من العَجُز، وما عدا العروض والضرب فهو حشو.
§        الطي: حذف الرابع الساكن من التفعيلة.
§        القطع: حذف ساكن الوتد المجموع ، وإسكان ما قبله.
§        القصر: حذف ساكن السبب الخفيف، وإسكان متحركه.
§        التشعيث: حذف أول أو ثاني الوتد المجموع.
§        الترفيل: زيادة متحرك وساكن على ما آخره متحركان وساكن.
§        التذييل:زيادة حرف ساكن على ما آخره متحركان وساكن.
§        الرِّدْف: هو حرف لين ساكن "واو أو ياء" بعد حركة لم تجانسهما "الفتحة" ، أو حرف مد "ألف أو واو أو ياء" بعد حركة مجانسة "الفتحة قبل الألف، والضمة قبل الواو، والكسرة قبل الياء" قبل الروي يتصلان به.
§        القافية: هي من آخر ساكن في البيت إلى أقرب ساكن يليه مع المتحرك الذي قبله. ([1])
 
وقد أضافت حركة الشعر والموشحات والأزجال أربعة زحافات أخرى هي:
§        الحَرْكُ: تحريك الساكن أيـًّا كان موضعه، كتحريك الثاني من "مستفعلن" فتصير "مسَتـَفعلن" أو تحريك سابعها فتصير "مسْتفعِلـُنُ" خاص بالزجل.
§        الكـَفـَف: حذف السادس الساكن من "مفعولن" خاص بالموشحات.
§        النـَّشـْر: وهو ضد الطيّ، إذ هو زيادة ساكن بعد الثالث المتحرك من "فاعلن" في مخلع البسيط حيث تصير "فاعالن".([2])  
الهزج: ووزنه:                        مفاعيلن  مفاعيلن        مفاعيلن  مفاعيلن
الرجز: ووزنه             مستفعلن مستفعلن مستفعلن        مستفعلن مستفعلن مستفعلن
الرمل : ووزنه:             فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن        فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن
المضارع : ووزنه:                   مفاعيلن فاعلاتن        مفاعيلن فاعلاتن
الخفيف: ووزنه:           فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن        فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن
 


[1] . ميزان الذهب في صناعة شعر العرب، السيد أحمد الهاشمي، تحقيق : حُسني عبد الجليل، مكتبة الآداب، القاهرة،1997م.
 
[2] . موسوعة موسيقى الشعر عبر العصور والفنون، د/ عبد العزيز نبويّ،  دار اقرأ للنشر والتوزيع، القاهرة،1425هـ، 2005م، ص682 .
 

29 - يناير - 2010
بحث السنة الثالثة
أوزان الشعر المستحدثة    كن أول من يقيّم

              أوزان الشعر
               المستحدثة
                   في
             العصر العباسي:
 
 
 المبْحَثُ الأول:
البَـنـْد:
 
       لفظ "بند" فارسي الأصل معناه ـ لغة ـ : القيد، والربط ، والقـُفل...الخ، ثم أطلِق على نوعين من النظم: "الترجيع بند"، و"التركيب بند". فالأول منظومة مقسمة إلى أقسام "بنود" في وزن واحد، وقافية تختلف من قسم لآخر على أن يُختم كل قسم بشطر تتكرر قافيته في مثله من الأقسام، ولذا سُمي بالترجيع.
 
     أما "التركيب بند" فيتكون البيت الذي تختم به البنود من شطرين، وإذا جُمِعت هذه الأبيات ـ التي ختِمت بها البنود ـ  كونت وحدها قصيدة مستقلة في معناها وقافيتها سواءً كانت موحدة القافية أم من المزدوج.
 
     أما البَند في اللغة العربية فتعني لغة : الحِيل المستعملة. واصطلاحًا: ضربٌ من الكلام المنظوم تتكرر التفاعيل فيه تباعًا ـ صافية أو مركبةـ في غير حضور لوحدة البيت، إذًا فهي فارسية معرَّبة.
 
     وتتمثل العلاقة بين الحيل والتشكيل العروضي في أن البند كان لونـًا من الألغاز في نشأته الأولى، وكان للشعراء الذين يناصرون الاختراع في الأوزان أو صورها محاولاتٌ في النظم حيّرت بعض علماء العروض ولعلهم أرادوا ذلك فكانت أشبه بالألغاز العروضية آنذاك، وقد سمّى أبو الحسن العروضي([1]) تلك المحاولات بالتلبيس، ويُقصَد في بعض البنود التسجيعُ لتـُشغِلَ السجعة عن الوزن، لأنها ليست في مكان القافية من الشعر، وإنما تنقسم الكلمة المسجوعة كثيرًا قسمين: الأول يتمم التفعيلة السابقة، والآخر تبدأ به التفعيلة اللاحقة، وهو ما يُسمى تدوير السجعة، ثم يأتي وقوف الإنشاد على السجعات فيضيف عنصرًا آخر من عناصر تعمية الأوزان.
 
     وقد ذهب البعض إلى أن مصطلح البند ظهر ليدل على هذا الضرب من الكلام المنظوم الذي قصد به إخفاء الوزن عن العروضيين وردوه إلى أوائل القرن الرابع الهجري، وقد نشأ هذا الفن في القرن السادس الهجري.
 
     وأكثر الأبحر التي استعمِلت لنظم البند: الهزج والرجز والرمل والمضارع والخفيف.
والخصائص الموسيقية للبند يمكن جمعها في أمرين يتعاونان معًا في سبيل إخفاء روح الشعر، وإضفاء روح النثر.
 
هذان الأمران هما:
1.     تدوير نهاية البيت مع ما يليه، وهو ما يقضي على الوحدة الوزنية للبيت، بوصفها وحدة إيقاعية.
2.     كثرة التدوير الداخلي، أي لا تنتهي الكلمة بانتهاء التفعيلة في مواضع متقاربة، ولا يُستثنى من ذلك السجعات في كثير من الأحيان.
 
    


[1] .  هو أبو الحسن علي بن أحمد العروضي  معلم أولاد الراضي بالله، وكان إماماً في علم العروض، وكان يرى أن لا يجوز الخروج على الوزن الذي نظمت عليه العرب، وقد توفي عام 342هـ / 953م ، من موقع الحكواتي، http://webtemp.idm.net.lb/al-hakawati/arabic/Civilizations/book40a165.asp ، وموقع دنيا الرأي http://pulpit.alwatanvoice.com/content-35494.html
 
 
 

29 - يناير - 2010
بحث السنة الثالثة
ومن أمثلة البند في القرن الرابع لمؤلفٍ مجهول    كن أول من يقيّم

     وهو عند العروضي من البسيط بحذف "ما" من أوله لأنه خزم:
 
1.
"ما" بيوتُ شِعرٍ من الأشعار واضحة ُالـْ
 
معنى   حِسانٍ   تراها   غير منـْكرة الـْ
 
 
 
2.
ألفاظ  حَبَّـرَها  و اسْـتـَيْـقــَنَ  الفـَطِـنَ   الـْ
 
فؤادُ  يعني   بما   أمسى    يُحَبِّـرهُ   الـْ
3.
أديـبُ  ذو  العِــلـْـم  إلا   أنْ   يُكـِـنَّ   أبـا
 
محمّــدٍ  ذاك   عبــد   الله   شاعرنا   الـْ
4.
مُختــال  في  فـَطـَن ٍ بالشـعـر نـال بها الـْ
 
فضلَ المبين فتى أهل العروض ذوي الـ
5.
ألبـــابِ فــكوا القــوافي فكَّ مَن عَرَفَ الـْ
 
أبيـاتَ  والشـعـرَ والألـغـازَ، قـافـيـة ُ الـْ
6.
أبيــاتِ  واحــدة ٌ إلا  الأخـيـرَ   مـن   الـْ
 
أبـيـاتِ يـا مَــن يـعـاني  بـالأوابــد  هــلْ
7.
يُخـْبـِرُني  أحَــدٌ  عمّا  سـألـتَ  مـن    الـْ
 
ألغــاز في وصـف شـعـر ٍ واضـح ٍ سـارِ
 
وناظمها قد جعل رويها اللام القمرية في الأبيات الخمس الأولى ثم اللام من "هل" في السادس، أما السابع فرويّه الراء، وهو مخالف لسائر رويّه.
والناظم قضى على وحدة البيت، وأكثر من التدوير فقضى على إيقاع الوزن، فدوّر في أربعين موضعًا، وتأمل أثر ذلك في البيت الأول حيث تنتهي كل تفعيلة من تفاعيله في وسط كل كلمة من كلماته.  ([1])
اللغة:
- حبَّر: زيَّن . ([2])
ـ يكنّ : يستر.([3])
- الأوابد : ج: آبدة وهي الأمر العجيب، وأوابد الكلام: غرائبه وعجائبه.([4])
المعنى العام:
 الأبيات تلقي ومضات على جانب البند ووظيفته، ففي البيت الأول يُدرج القائل هذا الفن-أي البند ـ  تحت باب الشعر ، لكنه يقول إن أبياته ليست واضحة كما في الأشعار الأخرى، وأبيات هذا النوع من الشعر جميلة تستسيغها الأنفس، ولا تحوي ألفاظـًا قبيحة ً؛ إذ صاغها الفؤاد مزيِّنـًا ومنمِّقـًا إياها بعلمه مَكْمَنَ الزينة الأسلوبية في الألفاظ ويقينه بالسليم وعالم البديهة الخلاب الذي يصوغ الجيد المثير للآخرين، وهنا نتساءل ما نوع هذا الفؤاد الذي أحاط كلَّ هذه المُدْرَكات وحُقَّ له هذا التشخيص؟
فيأتي الجواب مباشرة ، فهذا الفؤاد عمل على صقله وتلقينه أساسيات الجمال أديبٌ له معرفة تؤهله لأن يكون صاحب هذا الفؤاد، أو يكون هذا الفؤاد أهلا ً لأن يستقر في صدر هذا الأديب، وقد استعمل الفعل "أمسى" دليلاً على مدى الجهد المبذول في سبيل الارتقاء بمستوى هذا الفؤاد، ثم يستثني من تلك الحالة ـ كون الأديب والفؤاد يكمّل أحدهما الآخرـ أن يستطيع ذاك الأديب أن يستـُرَ أبا محمد والذي ينعته بـ "شاعرنا" عن الشاعرية، ويحول دون وصول شعره للناس.
وهذا الشاعر أبو محمد إنما هو ممن يُعجَبُ بنفسه لما فيه من علم وتنبـُّهٍ للجميل من الألفاظ والعبارات، ومقدرة على صوغها بطريقة متقنة تدل على الذكاء وتحتاج من الناس قوة البديهة ليُدركوا ما وراءها، وهذا ما وهبه فضلاً جليًّا على من تبعه من الشعراء.
فأتى ـ وأظن أن الهمزة حُذفتْ من فتى وأصلها فأتى ـ  أهلُ العَروض بذوقهم الموسيقي وعقولهم الخبيرة بفن العرب، وعملوا على فصْل أجزاء و رموز تلك الأبيات التي وضعها أبو محمد وجعلها بأيدي الناس مفهومة، وهذا يتطلب دراية ً بمعنى الأبيات وفنِّ الشعر ، والألغاز والأحاجي.
ثم يخاطب من يعاني حلّ العجيب من ألغاز "فن البند" قائلاً إن القافية تكون موحّدة في الأبيات عدا الأخيرة .
ثم يسأل: هل من أحد ليدلني على مبتغاي في طلبي لألغازٍ تصف شعرًا واضحًا ساريًا على ألسنة العامة.
     وهذا المؤلف المجهول عمد إلى لغة سهلة واضحة، وألفاظٍ عربية فصحى لا تشوبها العامية، واضحة المبنى والمعنى، وبأسلوبٍ مبَسَّطٍ لا تعقيد فيه، ولا أثر لعاطفة خالصة فيها.


[1] . موسوعة موسيقى الشعر عبر العصور والفنون، د/ عبد العزيز نبويّ، ص 713، وما بعدها، بتصرف.
 
[2] . المعجم الوجيز، مجمع اللغة العربية، ط10، القاهرة، 1410هـ ، 1990م، مادة "ح ب ر".
 
[3] . نفس المصدر مادة "ك ن ن".
 
[4] . المعجم الوسيط ج1، "مجمع اللغة العربية"، ط2، دار الدعوة للتأليف والطباعة والنشر والتوزيع، استانبول ـ تركيا، 1410هـ ، 1989م، مادة "أ ب د".

29 - يناير - 2010
بحث السنة الثالثة
المبحَث الثاني: الدوبيت :    كن أول من يقيّم

المبحث الثاني:
 الدوبيت:
 
      لفظ مركب من كلمتين:"دو" وهي كلمة فارسية تعني اثنين، و"بيت" كلمة  عربية معروفة، فـ"دوبيت" تعني شعرًا مؤلـَّفـًا من بيتين اثنين.([1]) وله خمسة أنواع:
 
v   الرباعي المـُعَرَّج:
     وله وزن هو:
فعـْلـُنْ مُتـَفاعِلـُن فعولن فـعِلـُن       فعـْلـُنْ مُتـَفاعِلـُن فعولن فـعِلـُنْ
 
     ويُشتـَرَط فيه أن يكون النصفُ الأول من البيت الثاني مُخالِفـًا للأشطر الباقية في القافية، والثلاثة الأخرى على قافية واحدة([2])، وقد تأتي القوافي الأربعُ مُوافقة ً مع بعضها دون خلاف كقول الشاعر:
نفسي لك زائرًا وفي الهَجْر ِفِدا     يا مُؤْنِسَ وِحْدَتي إذا الليلُ هَدا
إنْ كان فراقـُنا مع الصبحِ بدا       لا أسفـَرَ بَعدَ ذاك صُبحٌ أبَدا([3])
 
المعنى العام:
     ونرى أن هذا الشاعر قد جسّد هيامه في كلمات تناقلتـْها الأفواه، فنفسه مِلك للحبيب كل لحظة يزوره فيها، وفي حالة الهجر تفديه؛ فهذا الحبيب أنيسٌ وحدة َ الشاعر إذا أتى الليل بهدوئه وسكونه ـ وهدا مخففة من هدأـ
ثم يتمنى أمرًا مستحيلاً هو أن لا يظهر صبحٌ أبدًا إن كان الصبح هو موعد الفراق.
ونلاحظ أن الشاعر هنا استعمل لغة واضحة لا تشوبها العامية، وبألفاظ بعيدة كل البعد عن الغموض والحوشية، فجاءت سلسة متناسبة مع عاطفة الشاعر الرقيقة، وتراكيبه سهلة رقراقة، وبأسلوب واضحٍ يبين الغرض الذي من أجله سيقت الأبيات، وخياله بسيط لا يكاد يتعدى ما ذكره الشعراء قبله.
  
 
     وعندما حاولتُ النظمَ على هذا الفن نتجتْ لديّ هذه القطعة بعنوان "حيرة ُ مناجاةٍ " أقول فيها:
يا أفئدة ً تـَنـَزَّهي عنْ حَيَدى      بالدينِ تمَسَّكي وقـُدّي عُقـَدا
سُدّي ثـَغـَراتِ خاذلٍ با بـِرَدى     قد باع ورًى ولا يُنـقـّى أبَدا
***
               أشعَلـْتُ مَشاعِلاً بـِحَجْم ِ الأمَل ِ     أسْدَلتُ ستائِرًا عن المُفتـَعَل ِ
نفسي ذبَلـَتْ، وفـَلـْوة ُ البؤس ِ تلي     أشجانَ دَم ٍ مَزجْتـُها بالمُـقـَل ِ
***
يا قاطِنَ نِعمةٍ ألا ارحمْ أرَقي        إنّ السَّكَراتِ تنضوي في ورَقي
روحي دَمَعَتْ بـِجَفـْوَةٍ منْ ألـَق ِ   يَزْوَرُّ عن الدُّنا ويبْقى عَبَقي
***
v   الرباعي الخالص:
     ويُشترَط ُ فيه أن يكون شطرا كلِّ بيتٍ مَختومَيْن بكلمتين بينهما الجناس، كقول الشاعر:
أهوى رَشـأ بـِلـَحْظِهِ كَلـَّمَنا     رَمْزًا وبسَيفِ لَحْظِه كَلـَّمَنا
لو كان مِنَ الغرام ِ قد سَلـَّمَنا     ما كان له بيَدِه سَلـَّمَنا
 
المعجم اللغوي:
ـ لـَحْظ: النظر بمؤْخِر العين.([4])
ـ كلـّم : وجّه الحديث ـ الكلام ـ، أو مبالغة في الجَرْح.([5])
 
المعنى العام:
     استهل الشاعر بتشبيه محبوبته بابن الغزال" الرشأ" وهذا النوع من التشبيه جرى كثيرًا على ألسنة الشعراء قبله، وإن هذا الرشأ قد حدّثه ـ فيكون ضمير الجمع "نا الفاعلين" للتعظيم ـ لكن هذا الحديث لم يكن عبارة عن قول ، إنما إشارة ورمزًا من نظرته إلى الشاعر بمُؤخِر عينه تكبرًا واحتقارًا له وقد يكون رسالة تنبئه أن ينسى ما كان وأنه لم يعُد لأمره أي أهمية في نفسه، وكأن الشاعر قرأ لغة عيني ذاك الرشأ، وما إن نظر الرشأ مرة حتى جُرِحَ الشاعر في قلبه المحب بتلك النظرة التي كان وقعُها وسرعتها وقعَ السيف وسرعته عليه.  
ولو كان الرشأ قد أنجى الشاعر من الغرام لينال السلامة منه، لما أهداه إياه وسلـّمه له بيده، فالرشأ جان ٍ وإن ظن نفسه بريئـًا.
في هذا اللون يعمد الشعراء إلى المحسنات البديعية والصور البيانية لاسيما الجناس التام والاستعارة، ولعل هذا ما أفقد هذا النوع من الشعر بعضًا من سيما الشعر، وينصرفُ القارئ عن الانشغال بعاطفة الشاعر وأسلوبه، إلى التفكر في الجناس،  إلا أن الأسلوب واضح ، والألفاظ عربية تـُفهَمُ من السياق، والخيال به شيء من العمق وإن لم يكن عميقـًا.


[1] . المعجم المفصل في علم العروض والقافية وفنون الشعر، إميل بديع، دار الكتب العلمية، بيروت، 1991م، ص 240بتصرف.
[2] .ميزان الذهب في صناعة شعر العرب، السيد أحمد الهاشمي، تح:حُسني عبد الجليل، مكتبة الآداب، القاهرة،1997م، ص140.
[3] . المعجم المفصل في علم العروض والقافية وفنون الشعر، إميل بديع، ص241.
[4] . المعجم الوسيط ، مجمع اللغة العربية بالقاهرة، مادة " ل ح ظ".
[5] . نفس المصدر، مادة "ك ل م".

29 - يناير - 2010
بحث السنة الثالثة
تابع أنواع الدوبيت    كن أول من يقيّم

 
v   الرباعي المُمَنطـَق:
     ويُشـْتـَرَط فيه أنْ يكونَ الشطرُ الأول من كل بيت كامل الوزن، والثاني مُرَكـَّبٌ من فـَعْلـُنْ وفعِلن، وأن يكون بين كل شطر وما تحته الجناس التام أو غيره، كقول الشاعر:
قدْ قدَّ مُهْجَتي غَرامي ونـَشَرْ     والقلبُ مُلِكْ
مَنْ كان يراكَ قال ما أنتَ بشَرْ   بلْ أنتَ مَلـَكْ
 
المعجم اللغوي:
قدّ الشيء: شقـّه طولاً.([1])
نشر: فرّق وشق.([2])
 
المعنى العام:
     يعرب الشاعر عن عشقه الكبير الذي صار يشق روحه ويقطعها.
 ومن يرى المحبوب يستنكر كونه من البشر؛ إذ إن شخصه يرتقي إلى درجة الملك، وعلى كلٍّ فالمحبوب يكون جميلاً في عيني حبيبه مهما كان شكله.
ونرى به اقتباسًا من سورة يوسف ، حين قال تعالى: ( ما هذا بشرًا إن هذا إلا ملكٌ كريم) ([3]) .
 
الجانب البلاغي:
     استعارة مكنية شبه فيها المهجة المعنوية بشيء مادي يُقطع وحذف المشبه به وأبقى على لازمة من لوازمه في "قدّ" وسر جمال الاستعارة بيان مدى العذاب والألم الذي يقاسيه الشاعر بسبب تزايد هذا الغرام على القلب الذي صار في غير يده، ووُجـِدَ له مالكٌ آخر غير صاحبه.
والجناس الذي استعمله الشاعر جناس غير تام مصحّف بين "نشر وبشر" ومحرف بين"مُلِك ومَلك".
نرى البيتين يعبران عن عاطفة فحواها "آهات عاشق"،  واللغة سهلة واضحة ، والألفاظ غير مبهمة وتناسب جو الغزل، والأسلوب مبسَّط .
 
v   الرباعي المُرَفـَّل:
     ويُشتـَرَط فيه الوزن الرباعي الممنطـَق السابق مع اشتراط الجناس، وأن يكون له جزء ثالث فيكون البيت مُرَكَّبًا من ثلاث فقرات، كقول الشاعر:
 
بَدْرٌ إذا رأتـْه شَمْسُ الأفـُق ِ     كَسَفـَتْ وَرَقي في يوم أحدْ
عَوَّذتُ جَمالـَه برَبِّ الفـَلـَق ِ    وبما خـَلـَقـَنْ مِنْ كلِّ أحَدْ
 
المعجم اللغوي:
كسفت الشمسُ النجوم: غلب ضوؤها عليها.([4])
ورَق: فضة.([5])
 
المعنى العام:
شبه الشاعر وجه المحبوبة ببدر إذا انعكس عليه ضوء الشمس لمع أكثر من الفضة ولستُ أدري لمَ خصَّ يوم الأحد دون غيره ربما كان يوم اللقاء الأول.
وانبهار الشاعر بجماله جعله يحصِّنه بالله أو بسورة الفلق ـ إحدى المعوذتين ـ وبكل ما خُلِق.
 
الجانب البلاغي:   
شبه الشاعر وجه المحبوبة بالبدر وقد حذف المشبه وصرّح بالمشبه به على سبيل الاستعارة التصريحية لبيان شدة جمال المحبوبة، فالاستعارة تقوي المعنى وتؤكده وتضفي على العبارة جمالاً.
وجناس تام بين "أحد وأحد".
أما من الناحية الأسلوبية فلغتها سهلة واضحة، وتراكيبها سلسة، وألفاظها ميسّرة للناس، والعاطفة لا تكسوها الحرارة والقوة.
 
v   الرباعي المَرْدوف:
     ويُشترط فيه ما يُشترَط في سابقه، ويُسْتحْسَنُ فيه التزامُ الجـِناسات مع زيادة جزء رابع، فيكون كل بيت مُرَكَّبًا من أربع فقـَر، كقول الشاعر:
يا مُرْسِلاً للأنام ِ جاهًا وحِمى       ها أنتَ لنا عِزًّا وهُدًى في أيِّ مُدَدْ
يا أفضَلَ من مَشى بأرضٍ وسما    يا شافِعًا في الحَشْرِ غَدًا غَوْثـًا ومَدَدْ([6])
 
المعجم اللغوي:
مُدَد: جمع مُدّة: مدار قليل أو كثير من الزمان.
مَدَد: قوة وعون.([7])
 
المعنى العام:
يناجي الشاعر ربه ذاكرًا لنِعمه، مستخدمًا أسلوبًا إنشائيًّا هو النداء للتعظيم؛ فهو من أرسل الرزق وقسّمها بين الخلائق، مالاً وسلطة كان أو أراضيَ شاسعات، وهو من أعز وهَدى على مر الأزمان.
ثم يمدح المصطفى صلى الله عليه وسلم وأنه أفضل من وطئ الثرى والسماء في المعراج وهو المشفـَّع في الورى ؛ لذا يطلب منه أن يكون عونـًا وقوة بشفاعته بإذن الله له، وقد حذف "كُن" الفعل الناسخ واسمه من العبارة.
 
وفي الجانب البلاغي نلاحظ الجناس غير التام المحرف بين مَدد ومُدد.
 
أما من الناحية الأسلوبية فقد أتت الألفاظ بعيدة عن التعقيد اللفظي والمعنوي، واللغة واضحة، والعاطفة صادقة، والخيال غير قوي.


[1] . المعجم الوجيز، "مجمع اللغة العربية بالقاهرة"، مادة "ق د د".
[2] . نفس المصدر، مادة "ن ش ر".
[3] . يوسف :31.
[4] . المعجم الوجيز، "مجمع اللغة العربية بالقاهرة"، مادة "ك س ف".
 
[5] . نفس المصدر، مادة "و ر ق".
 
[6] . ميزان الذهب في صناعةِ شعر العرب، السيد أحمد الهاشمي، ص140، 141 بتصرف.
 
[7] . المعجم الوجيز، "مجمع اللغة العربية بالقاهرة"، مادة "م د د".

29 - يناير - 2010
بحث السنة الثالثة
وماذا قيلَ أيضًا؟    كن أول من يقيّم

وقيل إن وزن شطر الدوبيت في الأصل:
 
فاعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن
 
     وأكثر ما تجيء الأولى مُشـَعَّثة "فاعِنْ/فالـُنْ" ، والثانية مخبونة "فعِلن" ، والثالثة مخبونة "متـَفعِلن" ، والأخيرة مطوية "مسْتـَعِلن" ، وقد تقطع فتصير "مسْتفـْعِلْ"، وترفـَّل عروضه وضربه في المجزوء فيصيران مع الخبن إلى "متـَفـْعِلاتن".
 
     ويقول د/ عبد العزيز نبوي:" وقد جعلنا أصل وزن شطره "فاعلن فاعلن مستفعلن مستفعلن" ليطـَّرد هذا الوزن ـ بما يحدث في تفاعيله من تغييرات ـ مع جميع نصوص الدوبيت مشطورة ومجزوءة (ولم أعثر على نموذج لتام الدوبيت "المثمّن") ".
 
وأتى بمثال من قصيدة البهاء زهير([1]) يقول فيها:
 
1.
يا مَـن لعـِـبَتْ بـه شـَمولٌ 
 
ما   ألطفَ   هذه  الشمائلْ
2.
نـَـشـــوانُ  يـهُــزهُ  دَلالٌ
 
كالغصْن على النسيم مائلْ
3.
والعَيشُ كما نحِبُّ صافٍ
 
والأنسُ  بما  نحبُّ   كاملْ
([2])
 
الجانب اللغوي:
شَمول: ريح الشمال.
الشمائل: جمع الشِّمال: الخـُلـُق. ([3])
نشوان: السكران في أول أمره.([4])
 
المعنى العام:
     يُبدي الشاعر إعجابه بالخفة ولطف الشمائل التي يتحلى بها صاحبه الذي صارت تلعب به رياح الشمال بأسلوب خبري هو التعجب، وليس هذا هو المعنى المقصود ، إنما أراد أن يصوّرَ حال صاحبه وهو سكران يتمايل يمنة ويسرة فكأن ريحًا لعبتْ به وأحدثتْ عنده هذا الاضطراب، والدليل أنه قال: إنه نشوان يهزه دلاله ورغده في العيش ، وانعدام من يوجهه، فصار حرًّا في تصرفاته، وهكذا سكر فصار يتمايل كغصن شجرة تتمايل استجابة ً لأخف نسمة هواء، ويرى الشاعر أنه ما من عيب في أن يُقضى هذا الوقت على مثل هذه الشاكلة ما دام العيشُ صافيًا، والأنس كامًلا بما يحبون.
 
الجانب البلاغي:
شبه الشاعر الرياح بإنسان يلعب بشيء ما، وقد حذف المشبه به وأبقى على لازمة من لوازمه في "لعبت به" على سبيل الاستعارة المكنية التي فيها تشخيص، للدلالة على مدى خفة صاحبة ومدى أثر السكر فيه.
شبه حالة صاحبه وهو يتمايل من السكر كحال الغصن حين يهزه نسيم فيتمايل وفيه شيء من التشبيه التام، وشيء من التشبيه التمثيلي.
والألفاظ سهلة بسيطة، والتراكيب كذلك، واللغة واضحة، والخيال بسيط ، والأسلوب سهل واضح.
 
وقال بعضهم:
دوبيتهم عروضه ترتجل          فعلن متفاعلن فعولن فعلن([5])
 


[1] . البهاء زهير الشاعر المكي القوصي581 – 656هـ ، ولد بوادي نخلة بالقرب من مكة المكرمة في الخامس من ذي الحجة 581هـ ، يعتبر البهاء زهير مدرسة جديدة في الشعر العربي فقد خرج بشعره عن نطاق التقليد والمحاكاة والسير على ما سار به الأقدمون إلى لون جديد يتحلى فيه الإبداع وعمق المعاني وسحر الأخيلة والنفوذ إلى أعماق العامة والخاصة ولعل لذكائه الخارق أثر كبير في إدراك طموحات المجتمع ومعاناته فنزل بشعره إلى العامة والخاصة حتى يمكن أن يحقق الشعر أهدافه القومية والثقافية . من رابطة أدباء الشام، أسامة محمد أمين الشيخ، 12/ 12/ 2009م،  http://www.odabasham.net/show.php?sid=11550
 
[2] . موسوعة موسيقى الشعر عبر العصور والفنون، د/ عبد العزيز نبويّ، ص697، 698 بتصرف.
 
[3] . المعجم الوجيز، "مجمع اللغة العربية بالقاهرة"، مادة "ش م ل".
 
[4] . المعجم الوسيط، "مجمع اللغة العربية بالقاهرة" ، مادة "ن ش و".
 
[5] . البناء الفني للقصيدة العربية، محمد عبد المنعم خفاجي، ص103.

29 - يناير - 2010
بحث السنة الثالثة
المبحث الثالث: الزجل:    كن أول من يقيّم

 المبحث الثالث:
الزَّجـَل:
 
     الزجل لغة: الجلبة والتطريب ورفعُ الصوت.
 
اصطلاحًا: فن نظمِيُّ مُسْتحْدَثٌ سُمِّيَ "زجَلا" كما يقول صفيُّ الدين الحِليّ([1]) في كتابه المُسَمّى "العاطل الحالي والمُرَخـَّصُ الغالي" ؛ لأنه :" لا يُلـْتـَذ ُّ به وتـُفهَمُ مَقاطعُ أوزانه ولزوم قوافيه حتى يُغـَنـّى ويُصَوَّت فيزول اللـَّبْس بذلك"([2]).
   
     ولم يُراعَ فيه الالتزام بالإعراب فقد نشأ عامّيًّا، وأول من أبدعه أبو بكر بن قزمان([3]) ([4]).
ويُرَجِّحُ الدارسون أن الأزجال نشأتْ في أواخر القرن الرابع الهجري، وأوزانه كثيرة كثرة بالغة، لكن المشهور منها هذه الصور:
مُستفعلن مستفعلن  مستفعِلْ     مُستفعلن مستفعلن  مستفعِلْ
مُسْتفعلن فعْلـُنْ فعْلـُنْ         مُسْتفعلن فعْلـُنْ فعْلـُنْ
مستفعلن فعْلن فعْلانْ         مستفعلن فعْلن فعْلانْ([5])
 
     ومنهم مَن يقسِّم أوزان الزجل إلى ما هو على بحور الخليل، ويُسَمّى الشعر الزجلي، كقول الزجلي الأندلسي مَدْغَلـّيس([6]):
ورْذاذ ُ دَقَّ يَنزِلْ          وشُعاع الشمسِ يَضْرِبْ
والنباتُ يشرَبْ ويسكرْ      والطيور ترقصْ وتطربْ
والفصول تعطفْ إلينا      ثم تستحيي وتهربْ
  
المعنى العام:
     يبدو أن الشاعر يصف الأحوال بعد انقضاء الشتاء وإقبال الربيع فالمطر خفّ، وشعاع الشمس يضرب رذاذ المطر ووجهَ الأرض بعد طول غياب، وعلى ما يبدو فالأفضل أن يكون هذا الشطر ـ وشْعاعُ شمسٍ يضربْ ـ حتى يستقيم الوزن على الرجز المجزوء.
والنبات تمتص جذورُه الماءَ فيبدو كسكران لتشبُّعه وزيادة، وإذا أردنا أن يستقيم الوزن فنجعله ـ ونـْبات ِ يشربْ يسْكرْـ ، أما الطيور فيتمثل دورها بالرقص والطرب، وللوزن يكون الشطر ـ وِطـْيورُ ترْقصْ تطربْ ـ ، هكذا والفصول تأتي حينـًا بانعطافة ثم تهرب حياءً.، ومراعاةً للوزن نجعل البيت:  ـ وفـْصولُ تعطفْ لينا    ثمْ تستحي وِتهربْ ـ
 
الجانب البلاغي:
     شبه أشعة الشمس بسَوطٍ أو عصًا يُضرب بها باستعارة مكنية، للدلالة على سرعة وصولها إلى الأرض وأثرها على الحياة.
شبه النبات الذي بالغ في الشرب بسكران في ثوب استعارة مكنية، للدلالة على مدى تمايل النباتات واضطراب حركتها.
شبه الفصول بالعذاري في حيائهن، ثم بكائن ٍحي يهرب في استعارة مكنية فيها تشخيص للدلالة على سرعة انقضاء تلك الفصول.
وهناك جناس بين "ضرب وطرب وهرب".
واللغة سهلة واضحة والتراكيب بسيطة والألفاظ لا تعقيد فيها، والخيال غير عميق، والعاطفة بسيطة غير مُلفِتة.
 
      ومنها ما هو خارج على بحور الخليل.
   
      والظاهر أن أوزان الزجل تطورت من الأوزان الخليلية، وأول ما نظموا الأزجال جعلوها قصائد مُقصَّدة وأبياتـًا مجردة في أبحر عروض العرب بقافية واحدة كالقريض، لا يغايره بغير اللحن واللفظ العامّيّ، وسمّوها القصائد الزجلية، فإذا حكم عليهم فيها لفظة معرّبة، غالطوا فيها بالإدماج في اللفظ والحيلة في الخط كالتنوين، فإنهم يجعلون كل منوَّن منصوبًا أبدًا، ويكتبون اللفظة بمفردها مجردة من النتوين، وبعدها ألفـًا ونونـًا، مثل أن يكتبوا"رجلاً" على هذه الصورة"رجل ان"، كالمد، فإنهم إذا اضطروا إلى لفظة "إحياء" كتبوها "إحياي"، ولفظوا بها كذلك.
 
     أما من ناحية القافية فقد تفنـَّنَ الزجّالون في تنويعِها وتغييرها ، وأكثر الزجل يمكنُ ردُّه إلى :
 
·        نوع يتألف من أربعة أشطر تتحد فيها القافية في الشطر الأول والثاني والرابع، كقول الشاعر:
ولكْ خَبِّروني الليلَ عَ شفافكْ سَكَرْ      نور الدِّني والحُبّ وقلوب البشرْ
بـِسْتي جَبينو وعَلـَّمت بمحَلـّها          نقطة ، وكل الناس سمّوها قمرْ
 
 
 
المعنى العام:
نقلُ هذين البيتين إلى الفصحى يجعلهما على النحو الآتي:
 
يا هذه أخبروني الليلة أن على شفاهك سكر أنار بنوره الليلة َ فأهديني إياها مع الحب وقلوب البشر ـ والأفضل لو قال في قـْلوب البشر ؛ حتى يشمل كل الحب الذي وُجـِدَ بين الناس فذاك أعظم ـ  ، ونرى أنهم كانوا يستعملون عَ بدل على.
قبَّلتِ جبينـًا وأثر القـُبلة بدا واضحًا ، ولم يبقَ أحد إلا وقال إن ذاك الأثر مثل القمر في جماله، فما بالنا بصاحبته؟، ونرى أنهم كانوا يأتون بياء بعد تاء المؤنث للخطاب، وكانوا يُبدِلون هاء الغائب واوًا " جبيـنو"، وكانوا يبدؤون بساكن.
 
اللغة ركيكة، والمعاني قديمة، والأسلوب لا يحوي على شيء من الفخامة، والألفاظ محددة بالطائفة والبقعة التي قيلت فيها، والبيتان يكادان يخلوان من الخيال.


[1] . هو عبد العزيز بن سرايا بن علي بن أبي القاسم، السنبسي الطائي (675 - 750 هـ / 1276- 1349 م)، شاعر عصره، ولد ونشأ في الحلة، بين الكوفة وبغداد، واشتغل بالتجارة، ورحل إلى القاهرة، فمدح السلطان الملك الناصر وتوفي ببغداد.
له (ديوان شعر)، و(العاطل الحالي): رسالة في الزجل والموالي، و(الأغلاطي)، معجم للأغلاط اللغوية و(درر النحور)، وهي قصائده المعروفة بالأرتقيات، و(صفوة الشعراء وخلاصة البلغاء)، و(الخدمة الجليلة)، رسالة في وصف الصيد بالبندق.
 
[2] .موسيقا الشعر العربي، عيسى العاكوب، ص248.
[3] . هو أبو بكر محمد بن عبد الملك بن قزمان، ولد في قرطبة بعد 460 هـ وقيل حوالي 480 هـ وتوفي في حدود عام 554/555 هجري 1160 للميلاد ، يعتبر من منشئي الزجل أو من أبرز أعلامه. عاش في أسرة كان لها حضور ثقافي وأدبي وسياسي في البيئة الأندلسية. و كان مبدعًا ، عاش حياته في اللذة والمتعة واقتناص لذات الحياة حتى في شهر رمضان المبارك. ويعد ابن قزمان زعيم الزجالين خاصة في ديوانه المشهور" إصابة الأغراض في ذكر الأعراض" الذي وثقه الكثير من المستشرقين والدارسين العرب. وقد أشاد بشاعرية ابن قزمان الزجلية الدارسون القدماء أمثال: ابن خلدون والمقري، والدارسون العرب المحدثون كإحسان عباس ومصطفى الشكعة... والمستشرقون والمستعربون كجنزبرج، والإسباني إميليو گارسيا كوميث، دون أن نغض الطرف عن المستشرق الروسي كراتشكوفسكي. وكان أهل الأندلس يقولون ابن قزمان في الزجالين بمنزلة المتنبي في الشعراء، فابن قزمان ملتفت إلى المعنى، أما ديوان الشاعر فقد حملته الأقدار من بلد لآخر، ومن يد لأخرى بصورة عجيبة وغريبة.ومن مميزات شعر ابن قزمان أن زجله يعبر عن تمازج الحضارة العربة بالحضارة الأيبيرية، كما تحضر اللغة الرومانسية بشكل ملحوظ في مفرداته وعباراته الشعرية، وهذا دليل على حضور اللاتينية في شعر ابن قزمان. [ المعـرفـة الموسوعة الحرة لخلق وجمع المحتوى العربي http://www.marefa.org/index.php/%D8%A5%D8%A8%D9%86_%D9%82%D8%B2%D9%85%D8%A7%D9%86]
[4] . ميزان الذهب في صناعة شعر العرب، السيد أحمد الهاشمي، ص142.
 
[5] .موسيقا الشعرالعربي، عيسى العاكوب، ص248.
 
[6] . هو أبو عبد الله بن الحاج المعروف بمدغليس صاحب الموشحات، وكان مدغليس هذا مشهورًا بالانطباع والصنعة في الأزجال خليفة ابن قزمان في زمانه وكان أهل الأندلس يقولون مدغليس بمنزلة أبي تمام بالنظر إلى الانطباع والصناعة فمدغليس ملتفت للفظ وكان أديبا معربا لكلامه مثل ابن قزمان ولكنه لما رأى نفسه في الزجل أنجب اقتصر عليه ومن شعره قوله
( ما ضركم لو كتبتم ... حرفا ولو باليسار )
( إذ أنتم نور عيني ... ومطلبي واختياري ).

29 - يناير - 2010
بحث السنة الثالثة
تابع: أنواع الزجل:    كن أول من يقيّم

·        نوع يتألف من أربعة أشطر يتحد فيه الشطر الأول والثالث في القافية، ويتحد الثاني والرابع كما في قول الشاعر:
خَدّا كاس بْيـِرْشَحْ خَمْرْ     بْتِسْكِرْ عَ جَمْر والآمالْ
وتا عيونا تـْطـَفـّي هالجمْرْ      بْيـِدْفـُقْ مِن سِحْرا شلالْ
 
المعنى العام :
نلمس المجون في هذين البيتين باجتماع حديث الخمر مع الغزل، فخد المحبوبة كأس يفيض خمرًا مسكِرًا بحمرته التي تشابه حمرة الجمر أو إن هذا الجمر تولـّد من حرارة الحب في نفس هذا الزّجّال بآمال تعلق بقلبه ـ وهاء الضمير حُذف من "خدا" تبعًا للهجة ـ.
ثم تأتي عيون هذه المحبوبة لتطفئ ذاك الجمر من شلال سحر نظراتها إلى هذا الزجال، ـ وقد أبدِل اسم الإشارة "هذا" حرفَ هاء في "هالجمر" والهمزة مسهّلة في "تطفي"ـ.
 
الجانب البلاغي:
شبه الخد بكأس يفيض خمرًا فكلاهما يسكر فيُذهب عن الشخص الإحساسَ بالمحيط والناس، إلا أن سُكره بسبب الخد أشعره بنار الحب في داخله واطلاعًا لآمال مفهومة من الكلام.
شبه العيون بماء يطفئ جمرًا ، وحذف المشبه به وأبقى على لازمة من لوازمه في "تطفي" على سبيل الاستعارة المكنية، لبيان مدى أثر العيون في جلب الراحة النفسية لهذا الزجال.
شبه نظرات المحبوبة بالشلال لاستمراريتها، أو إنه شبه دموع فرحه بنظرتها إليه بشلال لكثرتها أيضًا، وكما قيل سابقـًا "يبقى المعنى في بطن الشاعر" .
اللغة غير سليمة، والألفاظ غير متناسقة، والأسلوب واضح، والخيال جميل بالنسبة لمن يحب هذا المعنى، والعاطفة تبدو محض دعابة.    
 
     وبالإضافة إلى أنواع أخرى كذلك. وقد قسّمَه بعضهم إلى أربعة أقسام، يُفرَّقُ بينها   بالمضمون، فما تضمّنَ الغزل والنسيب الخمري والزهري زجلاً، وما تضمّن الهزل والمتعة بُلـَّيقـًا، وما تضمَّن الهجاء قرقيًّا، وما تضمَّن المواعظ والحكمة مُكَفـِّرًا.([1])
 
     هذا والزجل من حيث بناؤه يخضع لبعض القيود، فالزجل يستفتح بالمذهب أو المطلع الذي يتكون عادة من أربعة أغصان يلي ذلك الدور، وكل دور ينتهي بقفل يكون مكونـًا من غصنين، وتكون قافية القفل متحدة مع قافية المطلع، أما الأدوار فلكل واحد منها قافيته الخاصة به، ويتكون الدور عادة من ثلاثة قسيمات، إما بسيطة، أو مركبة، وفي الحالة الثانية يكون الدور مكوّنـًا من ستة أسماط ، ووحدة القافية أمر أساسي في الدور إذا كان بسيطـًا، وفي أعجاز المصراعات إذا كان مركـَّبًا، وينتهي الزجل عادة بخرجة من بحر وقافية المطلع والأقفال.
 
وقد وجد الكثير من الزجالين لعل أشهرهم: ابن غرله ([2])، وابن جحدر الإشبيلي([3])، وأبو زيد الحداد البكّازور البلنسي([4])، وأبو عبد الله محمد بن حسون الحلا، وأبو عمرو الزاهد، وأبو بكر الحصار([5])، وغيرهم كثير.
 
والزجل رجعة للوراء فسنة التطور ترفع الجمهرة إلى مستوًى أعلى بحيث يتذوقون الفن الرفيع، لا أن تتهافت الثقافة وينحدر الشعر إلى لغة العامة حتى يرضيهم.([6])
 


[1] . المعجم المقصل في علم العروض والقافية وفنون الشعر، إميل بديع، ص250 وما بعدها بتصرف.
 
[2] . من زجالي عهد الموحدين. من إيسيسكو المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، عنوان المقال: الملحون، 18/12/2007م، http://isesco_cpi.leguide.ma/article.php3?id_article=54
 
[3] . هو أبو الحسن بن جحدر الإشبيلي، وكان يكنى إمام الزجالين في فتح مورقته بالزجل الذي أوله هذا:
من عاند التوحيد بالسيف يمحق        أنا بري ممن يعاند الحق. من موقع ابن خلدون للدراسات الإنسانية والاجتماعية، مقال بعنوان:
الموشحات و الأزجال للأندلس،2007م، http://www.exhauss-ibnkhaldoun.com.tn/modules/sections/index.php?op=viewarticle&artid=246&page=2&PHPSESSID=6581ae8cc397b99355404964108f1c60
 
[4] . من زجّالي عصر الموحدين ، ظهر بعد ابن قزمان. من الموسوعة الشاملة، من كتاب : تاريخ الأدب الأندلسي (عصر الطوائف والمرابطين)، المؤلف : إحسان عباس، مصدر الكتاب : الوراق ص 278، http://www.islamport.com/b/5/adab/%DF%CA%C8%20%C7%E1%C3%CF%C8/%CA%C7%D1%ED%CE%20%C7%E1%C3%CF%C8%20%C7%E1%C3%E4%CF%E1%D3%ED%20%DA%D5%D1%20%C7%E1%D8%E6%C7%C6%DD%20%E6%C7%E1%E3%D1%C7%C8%D8%ED%E4/%CA%C7%D1%ED%CE%20%C7%E1%C3%CF%C8%20%C7%E1%C3%E4%CF%E1%D3%ED%20(%DA%D5%D1%20%C7%E1%D8%E6%C7%C6%DD%20%E6%C7%E1%E3%D1%C7%C8%D8%ED%E4)%20004.html
 
[5] . هؤلاء من معاصري البلنسي في عصر الموحدين.
 
[6] . الأدب الأندلسي موضوعاته وفنونه، د/ مصطفى الشكعة، ط5، دار العلم للملايين، بيروت، 1983م، ص449، 462، 463 بتصرف.

29 - يناير - 2010
بحث السنة الثالثة
 2  3  4  5  6