الابتسامة-2- كن أول من يقيّم
الابتسامة-2-
ويتفق عالم العلاقات الانسانية (كارنجى )مع الدكتور جيمس بندر فى أن الابتسامة مهمة للشخصية فيقول :إن تعبيرات الوجه تتكلم بصوت أعمق أثرا من صوت اللسان ..وكأنى بالابتسامة تقول لك عن صاحبها ( إنى أحبك.إنك تمنحنى السعادة .إنى سعيد برؤيتك )
ولا تحسب إننى أعنى بالابتسامة مجرد علامة ترتسم على الشفتين لا روح فيها ولا اخلاص كلا فهذه لا تنطلى على أحد وإنما أتكلم عن الابتسامة الحقيقية التى تأتى من أعماق نفسك .
فإذا لم تستشعر حافزا على الابتسام فماذا تفعل ؟
أولا اقسر نفسك على الابتسام .
وإذا كنت وحدك فاقسر نفسك على المرح أو التمتمة بالغناء .
ثانيا اظهر بمظهر الشخص السعيد فلن تملك بعد قليل إلا أن تستشعر السعادة الحقة وفى هذا يقول العالم النفسانى وليم جيمس :(الذى يبدو أن الأفعال تعقب الاحساس ولكن الواقع أن الفعل والاحساس يسيران جنبا الى جنب أو هما مظهران لشىء واحد فإذا نحن سيطرنا على العقل الذى يخضع لسلطان الإرادة أمكننا بطريق غير مباشر أن نسيطر على الاحساس ).
إذن فالطريق المؤدية إلى الابتهاج إذا افتقدنا الابتهاج هى أن نتصرف كما لو كنا مبتهجين حقا .
كل إنسان فى هذه الحياة يرنو إلى السعادة .وثمة طريق مضمونة تفضى إليها :تلك هى أن تسيطر على أفكارك فالسعادة لا تعتمد فى شىء على العوامل الخارجية بل جل اعتمادها على داخلية النفس ..والسعادة ليست ما تملك ولا من أنت ولا أين أنت ولا ماذا تفعل وإنما السعادة هى رأيك فيها ونظرتك إليها .
فقد تجد شخصين يعملان عملا واحدا ولهما حظان متساويان من المال والمركز ..ومع ذلك تجد أحدهما مبتئسا والآخر سعيدا لماذا ؟لأن لكل منهما اتجاها ذهنيا مختلفا-- مثلما نرى وجوها سعيدة بين العمال الفقراء الذين يتصبب منهم العرق وقد أضناهم العمل فى حرارة الشمس مثلما نرى كل يوم الاشخاص السعداء فى أرقى المناطق وهم يركبون أغلى وأفخم السيارات --
قال شكسبير ( ليس هناك جميل ولا قبيح وانما تفكيرك هو الذى يصور لك احدهما )
وقال ابراهام لنكولن (يصيب الناس من السعادة بقدر ما يوطدون عزمهم على أن يصبحوا سعداء ).
رأ يت أخيرا مثلا حيا على صدق هذا القول :كنت أصعد الدرج المفضى الى محطة (لونج أيلاند )فى نيو يورك فألفيت أمامى نحو أربعين طفلا من العجزة وهم يستعينون بالعصى الخشبية على صعود الدرج ..وقد أذهلنى السرور البادى عليهم وأبديت هذه الملاحظة للمشرف عليهم فقال لى ( إن الطفل عندما يتبين أنه سيصبح عاجزا مدى حياته يصدم أول الأمر ولكنه بعد أن يتغلب على صدمته ينقلب راضيا بنصيبه ويصبح أسعد من الأطفال الأصحاء )
وقد أحسست بحاجة إلى خلع قبعتى اكبارا لهؤلاء الاطفال فقد علمونى درسا لن انساه ابدا .
كانت لأهل الصين القدامى حكمة رائعة :
(إن الرجل الذى لا يعرف كيف يبتسم لا ينبغى له أن يفتح متجرا ).
الابتسامة
إنها لاتكلف شيئا ولكنها تعود بالخير الكثير .
إنها تغنى أولئك الذين يأخذون ولا تفقر أولئك الذين يمنحون .
إنها لا تستغرق أكثر من لمح البصر لكن ذكراها تبقى إلى اخر العمر .
لن تجد احدا من الغنى بحيث يستغنى عنها ولا من الفقر فى شىء وهو يملك ناصيتها .
إنها تشيع السعادة فى البيت وطيب الذكر فى العمل وهى التوقيع على ميثاق المحبة بين الاصدقاء .
إنها راحة للتعب وشعاع الأمل للبائس وأجمل عزاء للمحزون وأفضل ما فى جعبة الطبيعة من حلول للمشكلات .
وبرغم ذلك فهى لا تشترى ولا تستجدى ولا تقترض ولا تسلب .
إنها شىءما يكاد يؤتى ثمرته المباركة حتى يتطاير شعاعا .
وفى النهاية نقول ...ابتسم ...لأن الحياة لا قيمة لها فلماذا الحزن والنكد...؟ على الرغم أننا يمكننا أن نحياها بكل حب وسعادة وابتسام....
المصدر... كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر فى الناس ....تأليف ديل كارنجى تعريب عبدالمنعم محمد الزيادى ص70الى ص79
|