البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات محمود العسكري أبو أحمد

 2  3  4  5  6 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
شرح القطعة الثانية    كن أول من يقيّم

  هذا شرح أيضًا على حذو سابقه على ما وسعه طوق اجتهادي ، ففيه ما هو على سبيل الإيقان ، ومنه ما هو على وجه التظني ، وهذه الأبيات - كما صدق حدسي - أعسر من سابقتها وأكثر مشكلاً وغريبًا ، وأنبه إلى أني أظن أن ثمَّ خطأً في ترتيب الأبيات وسقطًا .
6 - وَانْهَمَى بالعين منها أيمََنٌ ،،، وَبِذي الغَابِ مَيَاسِيرُ سُكُبْ
كلمة ( انهمى ) غريبة ، ولم يكن من داعٍ للإتيان بها ؛ فلو قيل : ( وهمى ) لاستقام البيت أيضًا ، والمعنى الإجمالي له : أن السحب انشعبت شعبتين ، فواحدة اتجهت يمينًا إلى ( العين ) ، والأخرى انعطفت يسارًا إلى ( ذي الغاب ) ،      و( سكب ) أي : هامرة .
7 - فَحَدَتها الريحُ هَوْنا تَفْتري ،،، كُلَّ واد وَرَهَاءٍ وَصَبَبْ
لعل الصواب ( تقتري ) بالقاف ؛ ومعناها : تتبع ، أي أن الرياح حدت هذه السحب كما تُحدى الإبل ، فتتبعت بها كل وادٍ ، وكل ( رَهاءٍ ) ؛ وقد فسرت كلمة ( رهاء ) بخصوصها بالأرض الواسعة المستوية ، إلا أن مجموعة الكلمات التي تحت جذرها (ر هـ و) تتعاورها معاني الارتفاع والانخفاض ، فلعلها أيضًا تدلُّ على الأرض المنخفضة كالأودية والشعاب والحدور فهذا هو المعنى الأليق بها هنا ، وكل ( صبب ) أي : منحدر .
8 - يَرْزمُ الرعدُ خطيبا بينها ،،، كرزِيمِ القَرْمِ في الشَّوْلِ الخِدَبْ
قوله : ( يرزم الرعد ) هو مجاز كما في أساس البلاغة فإن أصله من رزيم الأسد أي زئيره ، وكثير من المعاجم لا تفرق بين الحقيقة والمجاز ، و( القرم ) : الجمل ، و( الشول ) : النوق ، و( الْخِدَبّ ) صفة للقرم أي : العظيم القوي ، فربما يكون المعنى : أن السحب تشبه وقد أرزم فيها الرعد ثُلَّةً من النوق قام فيها فحلها المُكَرَّم راغيًا كيما تتبعه أو لما اشتدَّ به من الشهوةِ والقَرَمِ إلى الجماع .
9 - فرَنا العقل إليها مثل ما ،،، نظَر الصَّبُّ إلى الخُودِ الوَصِبْ
يبدو أن ( العقل ) هي أيضًا بلدة أو مكان ما ، شبهها الشاعر في اشتهائها وتشوُّفها إلى هطول المطر من هذه السحب التي ألقت بركاتها على جاراتها بالصب الوصب الذي ينظر إلى الخود في تَشَهٍّ واشتياقٍ ، والْخُود جمع مفرده خَوْدٌ وهي الجارية الناعمة الحسنة الخلق .
10- فَأجَنَّتْ حسَدًا أهضابُها ،،، لرُباها والجماهِيرِ اللبَبْ
لعله يقصد بـ( أهضابها ) الهضاب جمع الهضبة ؛ ولكن لم أجد هذه الصيغة التي أتى بها ، ولو قال ( هضابها ) على وجه المعاقبة =  لاستقام البيت أيضًا ،        و( الهضبة ) هي الجبل المتكون من الصخور ، أو الصخرة الراسية العظيمة ،     و( الربى ) جمع ربوة ، وبعضهم يفسرها بالمرتفع من الأرض مطلقًا وبعضهم يخصها بالمرتفع من الرمل كالكثبان والأحقاف والدكادك وهو الأنسب كما سأوضحه ، و( الجماهير ) جمع جمهور : وهو بمعنى الكثيب أيضًا ، و( اللبب ) كذلك ، وقد ذكروا المفرد ( لَبَب ) بفتح اللام أما الجمع فلم أجده وربما يكون بكسر اللام ، وهو جمع هنا بلا شك ، ويعربُ بدلاً أو عطف بيان من ( الجماهير ) ، أو عطفَ نسقٍ على تقدير عاطفٍ محذوف ، ولعل المعنى الإجمالي للبيت : أن الهضاب لما كانت صخورًا لا تمسك الماء ولا ينمو فيها النبات أضمرت الحسد للرمال والأراضي اللينة التي تبتلُّ بالمطر وتكتسي من بعده بالحشيش الغض البارض .
11 - بِسِجَالٍ من مُنَقِيَاتِ الذُّرَى ،،، وَطُفَ الأكنافِ جَمَّاتِ السَّرَبْ
السجال هي : الدِّلاء العظيمة ، وفي قوله ( من منقيات الذرى ) تصحيف واضح لم يَبِنْ لي ؛ إلا أن الذَّرى بفتح الذال معناها الدمع ، فلربما كان المعنى الذي قصده أنها دائمة التَّذراف كالعين الباكية وهو تشبيه مطروق ، إلا أني لا أظن أن هذا هو المعنى المقصود أيضًا لدلالة البيت التالي له ، ( وطف الأكناف ) جاء في شعر امرئ القيس : [ ساعة ثم انتحاها وابل ::: ساقط الأكناف واه منهمر ] وفي شعر الأعشى : [ من ساقط الأكناف ذي ::: زجل أرب به سحابه ] والأكناف هي النواحي والجوانب ، ومادة ( و ط ف ) تدل على الاسترسال والاسترخاء ، ففيها معنى : ( ساقط ) السابقة ، ويقال : سحابة وطفاء ؛ أي : مسترخية الجوانب لكثرة مائها ، ولكن ما جمعها ? ؛ وُطُف مثلاً ? ؛ لا أدري ? ، لكنَّ الضبطَ الموضوعَ غيرُ صحيحٍ بيقينٍ ، ( جَمَّات السَّرَب ) معناها الإجمالي : كثيرة الماء الهاطل .
12 - فكأن المُزْنَ تبكي مُلْحَداً ،،، في رُبى العقل بدمعٍ مُنسكِبْ
معناه واضح .
13 - تذَرُ السَّرْح صرِيعا للقفا ،،، خاشعَ الأوراق مرفوعَ الطُّنُبْ
قالوا : السرح : شجر كبار عظام طوال ، ولعل معنى ( صريعًا للقفا ) أي أن هذه الأمطار والرياح من شدتها تُسْقِطُ هذه الأشجار أو تجعل أغصانها متهصرة ، ومعنى ( خاشع الأوراق ) يقال : حشيشة خاشعة : يابسة ساقطة على الأرض ، وخشع الورق : ذبل ، ولكن معنى اليُبْس والذبول غير بَيِّنٍ هنا ، بل ومعنى السقوط والتحاتِّ أيضًا ، ولولا أن الشاعر سار على هذا النمط في حَوْكِهِ قصيدتَه من الْحُوشِيِّ لُحْمَةً وسُدًى = لقلت إن معنى ( خاشع الأوراق ) : أن الأوراق البليلة والأغصان المتهصرة في تَدَلِّيها إلى أسفل تشبه الخاشع المطأطئ ، أما ( مرفوع الطنب ) فقد ذكروا أن الطنب عروق في الشجرة تتشعب من أرومتها أي من أصلها ، أما كونها مرفوعة فهذا ما لم أفهمه .
14- وتهُدُّ التلَّ مِن أعْرَافِهِ ،،، بأَخاريدَ تُمْليك رعب
أعراف التل أي أعاليه ، ولعله يتابع مواطئ أخفاف الأخطل في قوله : [ أعراف دكداكة منهالة الكثب ] ، والشطر الثاني واضحٌ أن فيه تصحيفًا حال دون فهمي للمعنى كُلِّيَّةً . وفي هذا البيت والبيت السابق عمومًا غموضٌ والتباسٌ .
15 - يا لَهَا من غَادِيَاتٍ قد كَفَتْ ،،، ما تِحَ العقل لها شَدَّ الكُرَبْ
الغاديات : السحب ، وقالوا : الكرب : الحبل الذي يشد على الدلو بعد المنين ، وهو الحبل الأول فإذا انقطع المنين بقي الكرب ، أقول : فهذا يكون عند بُعْدِ الْمُسْتَقَى وغُؤُورِ الماءِ وعُسْرِ المَتْحِ ، أما عند وفرته وامتلاء الآبار فليس الماتح بمحتاجٍ لهذا ، ومن باب الفائدة المزيدة : أن هذه من كناياتهم عَنْ أَنَّ الأمرَ أوفى على الغاية في الوثاقة ، قال الحطيئة : [ قوم إذا عقدوا عقدًا لجارهم ::: شدوا العناج وشدوا فوقه الكربا ] وأخذه الطغرائي فقال : [ كم ذمة لك غير مخفرة ::: قد شد فوق عناجها الكرب ] .

9 - أبريل - 2007
قصيدة هي في الحثِّ على طلب العلم...لمحمد بن أحمد الملقب بالداه الشنقيطي.
الطريق إلى الرماد (1)    كن أول من يقيّم

ابتداءً أشكر الأستاذ / زياد على مجاملته الرقيقة لي وإنما يشرف الوراق به وبأمثاله من السادة المحترمين ، وقد قرأتها في الحقيقة منذ مدة ، ولكني لم أكن أشارك في المجالس إلا بشرح قصيدة الداه الشنقيطي ، وقد كنت في انتظار الأستاذ / سعيد بأن يجود عليَّ ببقية القصيدة ؛ لكنه لم يفعل ، وأعذاره مرفوضة سلفًا ، أما اليوم فسوف أشارك بهذه القصيدة على علاتها ، فقد أحاطت بي عند كتابتها ظروف خاصة ، ذكرتها لأستاذنا / زهير في رسالة ، ثم إني تحرَّجت وخجلت منه فيما بعد ولم أرسلها إليه ، وما حملني على إرسالها إلا أني شعرت بطول الغيبة مع فراغ الحقيبة ، على أية حال لن أفتات على رأيكم الكريم الذي أنتظره فيها .
الطَّرِيقُ إِلَى الرَّمَادِ ...
 
l- قد يكون جمال الحب وبقاء الحب في أن نعيشه كحقيقةٍ صغيرةٍ تمنح الحياة السعادة والبهجة ، نعيشه كساعة لَهْوٍ يبقى فيها الأطفال بين ألعابهم وعرائسهم ؛ إذا ما حرموا منها تذمَّروا وتأففوا ، لكنهم يعلمون أيضًا أنها لن تملأ لهم بطونهم إذا عطشوا وجاعوا ، ذلك الحب الذي تلمحه في عين القروية يصرخ فيها زوجها وهي تدلك قدميه ، ذلك حب القلب ، وقد نصنع للحب أجنحة ، ونطير به في السماوات ، ونحفُّ به من حول العرش ساعةً أو بعض ساعة ؛ في خيال شاعر  أو ذهن فيلسوف أو قلم كاتب ، ولكن أيتربع - مِنْ بَعْدُ - ذلك الْمَلَك في قَلْبٍ آدَمِيٍّ ?! ؛ هيهات ذلك ... ، إلا إذا كان شَاذَّ الفطرة ! ، أتدري لماذا ? ؛ لأن هذا الْمَلَك من صنع العقل لا من خلق الله ! .
- خُيِّل إليَّ ذات مرة أنه لا يمكنني ( وليس : لا يجوز ! ) أن أُقَبِّل حبيبتي !؛ أذلك من وحي الشريعة أم الحقيقة ?! .
- إن النسيم لن يحرك السفينة ، ولكن الإعصار لن يترك السفينة والأشجار والأزهار في أماكنها .
l- جملة اعتراضية : ما سبق وما سيأتي هو كلام المزح ، أما كلام الجد فهو أن كل ما قاله وما سيقوله في الحب شاعر أو أديب أو فيلسوف أو رجل أو امرأة != هو تصوير لهذه النفس الإنسانية المعذبة الحائرة في بعض أحوالها ، التي أعجزها  أن تهبط إلى درك الحيوان وأن تسمو إلى فلك الْمَلَك ، وشَبِههَّا إن أردت بالذبابة في طيرانها المختبل لا تَنْفُر عن قمامة ولا تقع على عسل ، فليس فيه على الحقيقة من ثَمَّ نفيٌ ولا إثباتٌ ، ولا سلب ولا إيجاب .
l- هكذا جُرِح كبريائي ، وعاد ذلك الحب هجرانًا ومقتًا ، كانت ملء سمعي وبصري وقلبي ، وبيدها أزمة مشاعري وأحاسيسي وخلجات صدري ، فإذا بها تتلاشى ، ويعصف بها أمامي جارفٌ من العدم الأبديِّ ، تحسست مكانها ، تلك الكأس المتضلعة بخمر الفتنة المتوقدة ... كيف فرغت ?!، لم يرعني إلا صوتُ البلور المتكسر وثمالةٌ منها انسابت على وجه الأرض بحذاء الأقدام ؛ لا في حلق شاربٍ سكِّيرٍ ولا قلب عاشقٍ مُحِبٍّ ... ،  ألا ما أشبه تلك الثمالة في هوانها عليَّ بتلك الدمعة المتدحرجة التي لن تولد على مهد كَفٍّ تمسحها !...
 
` ` ` ` `
 

u

هُنَا كَانَ مِيلادُهُ ، وَهُنَا  lllتَحَسَّى الْحِمَامَ مَهِيضَ الْجَنَاحْ ،
لَكَمْ أَخَذَ الطَّيْرُ مِنْ مَوْثِقٍ lll  عَلَيْنَا لَدَى هَبَوَاتِ الرِّيَاحْ ! ؛=
بِأَنَّ لَهَا فَتْنَةً بَأْسُهَا lll شَدِيدٌ تُلاقِي بِهَا الْجَاحِمَا ،
فَثُرْنَا عَلَيْهَا ، وَدَوَّى الرَّصَاصُ ، lll فَأَزْعَجَ عُصْفُورَنَا النَّائِمَا .
وَأَبْرَزَتِ الرِّيحُ إِغْرَاءَهَا ، lll وَغَازَلَنَا الأُفُقُ الْقُزَحِيّْ ،
فَطَارَ وَطِرْنَا إِلَى مَجْهَلٍ lll مِنَ الْحُبِّ لَمْ يَخْطُهُ آدَمِيّْ .  
فَهَلْ آبَ بَعْدُ إِلَى وَكْرِهِ ؛ lll كَمَا آبَتِ الطَّيْرُ عِنْدَ الأَصِيلْ ?!، سَيَأْتِيكَ أَنَّا جَنَيْنَا عَلِيْهِ ؛ lll لأَنَّا بَطِرْنَا بِعُشٍّ هَزِيلْ ! .   
v
أَرَدتُّ السُّلُوَّ فَلَمْ أَسْتَطِعْ ، lll وَأُبْتُ إِلَيْكِ وَلَمْ أَرْتَدِعْ ! ،
كَذَا الْحُبُّ فِيهِ وِصَالٌ وَهَجْرٌ ؛ lll وَمَا أَنَا فِي الْحُبِّ بِالْمُبْتَدِعْ ! .
لَكَمْ قَدْ شَكَوْتُكِ لِلأَنْجُمِ ! ، lll وَرَاوَدَنِي الْبَيْنُ لَوْ تَعْلَمِي ! ،
وَأَحْلَى الْوِصَالِ عَقِيبَ الْخِصَامِ ، lll وَأَعْذَبُ مَاءٍ بِحَلْقِ الظَّمِي .
وَأَغْمَضْتُ عَيْنِي وَقَرَّبْتُ مِنْهَا lll فَمًا لَمْ يَزَلْ نَحْوَهَا فِي اشْتِيَاقْ ،
وَقُلْتُ : لَقَدْ عَادَ هَذَا اللَّعُوبُ ؛ lll وَلَكِنْ ذَلِيلاً بِوَسْمِ الإِبَاقْ ! .
وَطَالَ انْتِظَارِي...فَأَوْجَسْتُ خِيفَهْ، lll أَمَا يُنْكِرُ الطَّيْرُ يَوْمًا أَلِيفَهْ?!،
فَقُلْتُ لأُخْفِيَ مَا رَابَنِي ؛ lll تُشَيِّعُنِي بَسَمَاتٌ خَفِيفَهْ :
أَنَا مَنْ أَسَرْتُ قُلُوبَ الْعَذَارَى!، lll ((كِيُوبِيدُ))قَبْلُ اسْتَعَارَ سِهَامِي!،
فَلَمْ تَكُ مِنْهَا سِوَى قُبْلَةٍ ! ، lll وَلَمْ تَكُ إِلا صُبَابَةَ جَامِ ! .

25 - أبريل - 2007
الحب الصادق
الطريق إلى الرماد (2)    كن أول من يقيّم

w

نَظَرْتُ إِلَيْهَا ، وَمَا جَاوَزَتْ lll عُيُونِيَ مِنْهَا بَرِيقَ الْمُدَى ،
فَصِحْتُ : إِذَا مَا عَبَدتِّ إِلَهًا lll فَحُقَّ لِقَلْبِيَ أَنْ يُعْبَدَا !* .
فَقَالَتْ : كَذَلِكَ ! ؛ يَا خَالِقًا lll أَدَمْتُ السُّجُودَ لَهُ وَالرُّكُوعَا ! ،
إِذَا أَقْبَلَ الْغَدُ لَمْ آلُ أَنْ lll أُحَرِّقَ رُوحِي إِلَيْكَ شُمُوعَا ! .
فَقُلْتُ: وَكَيْفَ يَكُونُ التَّلاقِي ll وَ((فِينُوسُ)) أَمْسِي طَوَاهَا الرَّدَى ?!،
تَحَطَّمَ جَامُكِ يَا حُلْوَتِي ؛ lll وَلَسْتُ أَقُولُ : عَلاهُ الصَّدَا ! .
أَمَا كَانَ فِي حُبِّنَا بَيْنَنَا lll حِكَايَاتُ لِمْ تَرْوِهَا (( شَهْرَزَادْ ))?!؛
فَيَا شُعْلَةَ الْقَلْبِ هَيَّا ؛ فَقَدْ lll تَبَدَّى لَكِ الْيَوْمَ دَرْبُ الرَّمَادْ ! .

x

وَسِرْنَا تُشَيِّعُنَا الْكِبْرِيَاءْ ، lll وَمِنْ تَحْتِنَا تَتَلَظَّى الدِّمَاءْ ،
وَأَشْفَقَتِ الشَّمْسُ مِنْ هَوْلِ مَا lll رَأَتْهُ ؛ فَأَمَّت تُّخُومَ السَّمَاءْ .
وَأَمْسَكَتِ الدَّوْحُ أَنْفَاسَهَا ، lll وَأَبْطَأَ مِنْ خَطْوِهِ الْجَدْوَلُ ،
وَكُلٌّ يُهَيْنِمُ فِي دَهْشَةٍ : lll وَلِيدٌ بَرِيءٌ هُنَا يُقْتَلُ ?! .
وَأَجْفَلَتِ الطَّيْرُ مَذْعُورَةً lll -تُكَذِّبُ مَا كَانَ مِنْ سُوءِ ظَنٍّي !-
بِأَبْنَائِهَا وَبِأَحْبَابِهَا ، lll وَكَمْ قَدْ جَنَى الأَبُ مِنَّا عَلَى ابْنِ ?!.

نَجَتْ؛ بَيْدَ أَنَّ الْوُرُودَ ذَوَتْ؛ lll وُرُودَ الْهَوَى مَسَّهَا لَفْحُ بِيدْ،

وَمَارَتْ بِأَقْدَامِنَا أَرْضُهُ ، lll وَخَرَّ عَلَيْهَا الْبَنَاءُ الشَّهِيدْ .

وَقُلْتُ لِنَفْسِي الَّتِي لا تَرَى lll سِوَاهَا عَلَى الأَرْضِ يَخْطُو مَلاكْ : أَزُفُّ التَّهَانِي بِهَذَا الْفِكَاكْ lll إِلَيْكِ وَإِلْقَاءِ تِلْكَ الشِّبَاكْ ،

إِذَا مُنِعَ اللَّيْثُ عَنْ مَوْرِدٍ lll عَدَاهُ ، وَضَرَّجَهُ بِالدَّمِ .

وَمِنْ أَعْجَبِ الْمَوْتِ ذَاكَ lll الَّذِي تَجُودُ بِهِ قُبُلاتُ الْفَمِ ؛

لَقَدْ ذُقْتُ فِيهَا السُّلُوَّ كَمَا! ... ؛ lll فَيَا وَيْلَهُ مِنْ تَعِيسٍ ضَرِيرْ!،

أَمَا كَانَ مِثْلَ فُؤَادِ الطُّيُورِ lll فَيُشْفِقُ مِنْ هَوْلِ هَذَا الْمَصِيرْ ?! .

فَإِنْ عَاوَدَ الْقَلْبَ لَذْعُ الْحَنِينْ lll عَلَى وَطْأَةٍ مِنْ سِلاحٍ لَعِينْ

فَإِنِّي سَأَكْتُمُ فِيهِ الأَنِينْ ، lll وَأَصْبِرُ مَهْمَا تَطُولُ السِّنِينْ .

y

وَبَيْنَا أَنَا فِي خُمَارِ الْمُدَامَهْ  ؛ lll إِذَا بِجِوَارِي تَحُطُّ حَمَامَهْ ،
فَسَاءَلْتُهَا: أَيْنَ ذَاكَ الأَلِيفُ ? ، lll فَقَالَتْ: لَقَدْ صَرَفَتْهُ ابْتِسَامَهْ!.
----------------------
* أخذت هذا المعنى - وهو معنى مطروق - في مقطوعة لزومية منها : [ تلك الدماء سفكتها ؛ لم ترقبي - فيها ذمام صبابة وغرام ! ] [ ويلاه للآساد! لما استأنست - ما كان أهونها على الآرام ! ][ منها لقلبي وهو واهب حسنها - وجمالها الفتان كان الرامي ! ] 

25 - أبريل - 2007
الحب الصادق
الطريق إلى الرماد (3)    كن أول من يقيّم

z

وَهَا أَنَا أَمْثَلُ ، لَكِنَّ قَلْبِـ lll ـيَ لا زَالَ يَلْمَسُ مَيْدَ الإِفَاقَهْ ،
فَمَا رَاعَنِي غَيْرُ طَيْفٍ عَرَا ، lll وَأَلْقَى إِلَيَّ بِهَذِي الْبِطَاقَهْ :

عَلَيْكَ الْخَطِيئَةُ فِي مَوْتِهِ ، lll وَإِثْمُ الْوُرُودِ الَّتِي قَدْ ذَوَتْ ؛

فَأَنْتَ نَوَيْتَ ؛ وَفِي شِرْعَةِ الْحُـ lll ـبِّ تُجْزَى الْقُلُوبُ بِمَا قَدْ نَوَتْ .

فَجُدِّدَتِ الذِّكْرَيَاتُ الدَّوَامِي ؛ lll وَطَافَتْ عَلَيَّ بِجَامِ الأَلَمْ ؛
لأَجْرَعُ مِنْهَا كَمَا شَاءَ لِي lll عُتُوُّ الْكِتَابِ وَظُلْمُ الْقَلَمْ ! .
{
تَنَاهَى إِلَى مَسْمَعَيَّ هُتَافٌ lll وَفِيهِ تَرَقْرَقَ نُصْحُ الشَّفِيقْ ،
فَقَالَ : أَيَا ظَالِمًا نَفْسَهُ ! ؛ lll أَمَا قَد دَّمِيتَ بِشَوْكِ طَرِيقْ ?! ،
وَنَالَكَ مِنْ وُعَثَاءِ سَفَرْ ?! ، lll وَنَالَكَ مِنْ ذَيْنِ بَعْضُ ضَجَرْ ?! ،
فَقُمْ وَابْعَثِ الْمَيْتَ قَبْلَ الْبِلَى ، lll وَرُحْمَاكَ بِالْيَافِعِ الْمُخْتَضَرْ ! ،
وَخَفِّضْ مِنَ الْغُلَوَاءِ ؛ فَقَدْ lll يُصِيخُ الإِلَهُ لأَمْرِ الْعَبِيدْ ،
فَقُلْتُ : أَتُسْمِعُ قَلْبِي بِأَنْ lll تُنَادِيَهُ مِنْ مَكَانٍ بَعِيدْ ?! .

25 - أبريل - 2007
الحب الصادق
مناقشة    كن أول من يقيّم

دون أن أُرَجِّحَ رأيًا أو أرفضَ آخرَ ؛ أقول - ولا أبين خَفِيًّا أو أضيف جديدًا - : إن من الخطوط العريضة في أصول الفقه = أن من أدلة الأحكام ما هو متفق عليها ، وأنه متى وجد الدليل التفصيلي فيها لقضيَّةٍ فقهيَّةٍ كان التعويل عليه - دون سواه - في استفادة الحكمِ الْمُتَعَلِّق بها ، الحكمِ الذي لا يُنْقَضُ ؛ إلا إن عورض دليله بدليلٍ أقوى من حيثيتي الثبوت أو الدلالة ، دليلٍ من هذه الأدلة نفسها ، ولا شك في هذا التأكيد المعنوي لأن ما عداها مختلفٌ فيه ؛ فهو إذًا أَنْزَلُ درجةً ، وأنه متى عُدِمَ أو ضَعُفَ ثبوتًا أو دلالةً لَجَأْنا إلى المختلف فيها لُجُوءَ الْمُحْدِثِ إلى التيمُّمِ ، وسدُّ الذريعة منها ، نلجأُ إليه اعتضادًا لا استنادًا في الحكم الثابت بدليلٍ متفقٍ عليه ، فلا يمكن أن ينقضه بطريق الأولى ، لا ؛ بل سَأُسَلِّمُ لك بنقضه له ، ولكني سألزمك المثال ، فإن أتيت به فَلْْيَهْنِكَ الظَّفَرُ ؛ وإلا فَإِنَّا لن نُّقِيمَ من رَأْيِ عَلالٍ الفاسيِّ - رحمه الله - قاعدةً أصولِيَّةً .
قصارى القول - وهو لا شك مرمى الجميع - : أنا علينا أن نعمل إيجابًا بإصلاح مواطن العطب ، لا سلبًا بتعطيل أحكام الشريعة ، والله أعلم .

30 - أبريل - 2007
فلسفة القصاص
تحرير محل النزاع    كن أول من يقيّم

التعدد هو محل النِّزاع ؛ فكيف نورده مثالاً ?! ، هذا دورٌ باطلٌ ، أما عن قصة ترك عمر - رضي الله عنه - لإقامة الحد على السارق خوفًا من هربه إلى صفوف الأعداء ؛ فهذا شاهدٌ في صفِّي ، لأن عمر - رضي الله عنه - لم يُفْتِ بترك إقامة حد السرقة مطلقًا ، وإنما أفتى به في حالة خاصَّةٍ لها اعتباراتها التي تحيط بها ، وهذا لا ننفيه في التعدد ، ولا في أي حكم عامٍّ مثله ، فقد نمنع شخصًا من التعدد لِعِلْمِنَا - مثلاً - بفقره ، لأنه لن يقوم بحقوق إحداهن إلا بالجور على الأخريات ، فهناك إذًا فرقٌ بين إلغاء الحكم العام ، وبين استثناء فرد منه ، فالأول ما نمنعه ، والثاني ما نبيحه . وأما عن قصة عدم قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - للمنافقين ، فإن هؤلاء المنافقين هم الذين لم يعلم الناس بمعاداتهم للإسلام وكيادهم له ، وإنما هم يعلمون أنهم من صحابة النبي - صلى الله عليه وسلم - أنصاره وأشياعه ، ومن هؤلاء المنافقين أيضًا من لم يكن عاملاً على توهين الإسلام وزعزعة بنيانه ، وإنما كان نفاقه في قلبه ، وأنت تعلم أن من الصحابة من كان يسأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نفسه : أهو من المنافقين أم لا ? ، وخلاصة كل هذا الكلام في سؤال قصير : أين الدليل الوارد بقتل المنافقين الذي خالفه النبي - صلى الله عليه وسلم - سدًّا للذريعة ? ؛ لا دليل ، فهذا الشاهد أيضًا خارجٌ عما نحن فيه ، والذي نحن فيه ؛ أي تحرير محل النِّزاع : حكم عام ثبت بدليل متفق عليه ، ألغي بدليل سد الذريعة إلغاءً كُليًّا ، أي أن الإلغاء استقصى جميع أفراده ولم يقتصر على بعضها ، = هل في الفقه الإسلامي من ألفه إلى يائه مثالٌ على هذا ? .
وأخيرًا : لا شك بَعْدُ أن لديَّ ولديك كثير من الكلام الذي يمكن طرحه في هذه المحاورة ، وهو ما قد لا نستطيع الاستمرار فيه إلى الغاية المأمولة ، إلا أن هذه كانت مجرد تَكْمِلَةٍ مُوَضِّحَةٍ لكلامي السابق .
( ملاحظة ) أرسلت لك على عنوانك البريدي لوحة ، كنت سأنشرها في مجلس العمارة والفنون فلم أعرف الطريقة ، وفي زاوية الصور كان حجمها أكبر من المتاح ، ولعلها وصلت إلى بريدك بسلام .

1 - مايو - 2007
فلسفة القصاص
أرجو قبول هذا الاعتذار    كن أول من يقيّم

شُكْرًا لك أخي الكريم ، ولكني قد لا أستطيع هذه المرة أن أكتب الشرح على وجه السرعة ، فأرجو المعذرة .

1 - مايو - 2007
قصيدة هي في الحثِّ على طلب العلم...لمحمد بن أحمد الملقب بالداه الشنقيطي.
ابتهال وإزالة إشكال (1)    كن أول من يقيّم

أخي طه / هذا إطراءٌ كريمٌ نابعٌ من نفسٍ كريمةٍ ، لن أستطيع مقارضتَك بمثله ، ولكني أسأل الله لك ما تَمَنَّيْتَهُ لي من الرفعة والكرامة والتوفيق في الدنيا والآخرة ، ولم يكن من ضرورةٍ لأن تتعانى إرسال الصورة إلى الموقع مرة أخرى ، فما كنت أريد إلا أن يعلم الجميع مدى ما أُكِنُّه لك من محبةٍ وإجلالٍ ، وجزاك الله خيرًا .
وما دمت قد أحببت أن يستمرَّ النقاش بتعليقك السابق ؛ فقد وجدتني مضطرًّا إلى التذنيب بهذا التعقيب أيضًا ، ولكني قبل الشروع فيه أستأذنك في البداءة بهذا الابتهال لعل الله أن يجعله من الحسنات الماحية ما سيعقبه من لغو وهذر ولجاجة ما سوَّلتها لي إلا نفسٌ أمَّارةٌ بالسوء ازدهتها حروفٌ من العلم ربما شُبِّكت على غير وجهها ، فما اسْتَوْطَأَتْ مَرْكِبَ السَّلامَةِ ، بل ركبت متن الشطط ، وَلَكَمْ - ويحها - جَرَّتْنِي إلى موارد تلفٍ ومداحض زلقٍ ! ، كهذا المأْقط الْمَخْشِيِّ الْمُتَّقَى ، فارفع يديك معي : 
(( اللَّهُمَّ إِنَّا نَدْعُوكَ بِأَفْوَاهٍ مَا احْلَوْلَى فِيهَا الأَرْيُ إِلا بِذِكْرِكْ ، وَنَسْأَلُكَ بِقُلُوبٍ مَا تَجِبُ إِلا تَوْقًا لاسْتِيَافِهَا نَفْحَةَ عِطْرِكْ ، وَنَتَوَسَّلُ بِأَكُفٍّ ضَعِيفَةٍ لَهِيفَةٍ مَا لَهَا غَيْرُكَ مِنْ عَضُدٍ وَلا سَاعِدْ ، وَنَتَذَرَّعُ بِآمَالٍ يَتَخَوَّنُهَا الْيَأْسُ وَيَتَخَوَّذُهَا الْقُنُوطْ ، وَيَسْتَفِزَّانِ مُحَلِّقَ أَجْنِحَتِهَا إِلَى الإِسْفَافِ وَالْهُبُوطْ ، تَلُوذُ بِحِيَاضِ أَلْطَافِكَ الْمَشْفُوهَةِ الْمَوَارِدْ ، وَنَزْدَلِفُ إِلَى جَنَابِكَ عَلَى أَقْدَامٍ دَامِيَةٍ أَخَذَ مِنْهَا الأَيْنُ وَالرَّهَقُ وَالأَشْوَاكُ وَعَوَاثِيرُ الطَّرِيقْ ، وَنَتَذَلَّلُ بِأَيَادٍ آثِمَةٍ وَنَتَضَرَّعُ بِنَوَاصٍ خَاطِئَةٍ عَلَيْهَا - لِبُؤْسِهَا - مِنَ الشَّيْطَانِ وَالطَّوَاغِيتِ مَيْسَمُ الْحَرِيقْ ، جَمِيعُهَا أَمَامَ كِبْرِيَائِكَ وَجَبَرُوتِكَ وَعَظَمَةِ مَلَكُوتِكَ صُلْبُ رَاكِعٍ وَجَبْهَةُ سَاجِدْ ، فَافْتَحْ لِهَذَا الدُّعَاءِ مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ مَا هِيَ بِالإِجَابَةِ وَالْقَبُولِ مَحْفُوفَهْ . 
نَسْأَلُكَ يَا مُقَسِّمَ الْحُظُوظِ وَالأَرْزَاقِ أَنْ تُنِيلَنَا مِنَ الْعِلْمِ النَّافِعِ أَعْظَمَ نَصِيبْ ، وَأَنْ تَمْنَحَنَا مِنَ الْيَقِينِ الْمُطَمْئِنِ الْهَادِي فِي كُلُّ كُرْبَةِ شَكٍّ عَصِيبْ ، وَأَنْ تَعْصِمَنَا مِنْ أَن نُّسْلِمَ إِلَى أَهْوَائِنَا الْمَقَاوِدَ وَالأَزِمَّهْ ، وَمِنْ أَن نَّكِينَ لِمَصَالَةِ الطِّينِ فَيْقَطَعَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الرُّوحِ مِنَ الْوَسَائِلِ وَالأَذِمَّهْ ، وَأَلا تَقْطَعَنَا مِنْ حِلْمِكَ وَسَتْرِكَ وَعَفْوِكَ عَنِ الْحَبْلِ الْمَتِينْ ، فَيَا لِقُبْحِ السَّوْآتِ وَفَدَاحَةِ السَّيِّئَاتِ لَوْ انْزَاحَت طِّلاآتُ الطِّينِ وسَقَطَتْ أَوْرَاقُ التِّينْ ! ، وَأَنْ تَهَبَ لِعَزَائِمِنَا مِنَ الْقُوَّةِ الَّتِي لا تَهِي آسَاسُهَا ؛ فِي الأَمْوَاجِ الْمُتَتَايِسَةِ إِذْ تَخُونُ الزَّوَارِقَ أَمْرَاسُهَا ، وَأَنْ تُورِثَ قُلُوبَنَا الْحَلاوَةَ الَّتِي تُسْلِيهَا عَنْ كُلِّ طُعُومِ الدُّنْيَا وَلَذَّاتِهَا ، فَلا تَطْمَئِنُّ جُنُوبُنَا عَلَى مِهَادِهَا إِلا إِغْضَاءً عَلَى قَذَاتِهَا ، نُعِيذُ مِشْكَاوَاتِ أَنْوَارِكَ - إِنْ طَرَدَ جُودٌ الْمَاتِحَ عَلَى ظَمَئِهْ - ؛ مِنْ أَنْ تَرُدَّ الْقَلْبَ التَّائِبَ عَلَى صَدَئِهْ ، إِنَّهَا إِنْ تُسْعِفْهُ لا تَدَعْ لَهُ مِنْ طَرِيقٍ مُظْلِمٍ وَلا دَرْبٍ مَخُوفَهْ . 
وَحَاشَ لِقَاصِدِكَ أَنْ يَطُولَ بِالْبَابِ ثَوَاؤُهْ ، وَلِسَائِلِكَ أَنْ يَضْطَرَّ إِلَى الإِلَحَافْ ، وَلِبَارِقِكَ أَنْ تَكْذِبَ أَنْوَاؤُهْ ، أَوْ أَنْ تَهْزُلَ الضُّرُوعُ وَالأَخْلافْ  ، مَا هِيَ يَا حَبِيبِي إِلا مَسْأَلَةُ الْمُدِلّْ ، وَاسْتِمَاحَةُ الْعَبْدِ الَّذِي كَوَاهُ الْحَنِينُ إِلَى الظِّلّْ ، فَإِنَّهَا لَوْلاكَ لَشُقَّةٌ بَعِيدَةٌ ، وَغَايَةٌ نَازِحَةٌ ، وَنُجْعَةٌ طَرُوحٌ ، عَلَى مَطَيَّةٍ لاغِبَةٍ وَرَمَقٍ مِنَ النُّورِ ، فَكُنِ الأَنِيسَ فِي وَحْشَةِ الطَّرِيقِ ، وَالْكَافِيَ فِيَ شُحِّ الزَّادِ ، وَالْقَمَرَ فِي لَيْلِ الْمُدْلِجِ ، وَالْمُعِينَ فِي وُعَثَاءِ السَّفَرِ ، لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ ، سُبْحَانَكَ ، إِنِّا كُنَّا مِنَ الظَّالِمِينَ )) .
هذا ؛ وقد أَدَرْتُ التعليقَ الآتِيَ على طريقةٍ من الاستفزاز مشاغبةً لك لا أكثر ، وأريدك أن تقرأه بالتمَهُّلِ والتمَعُّنِ وإِنْعَامِ النظر في صدوره وأعقابه أكثر من مَرَّةٍ ، فلا بد أنك واجدٌ فيه ما يَنْقَعُ الغُلَّةَ ويُذْهِبُ الْحَيْرَةَ إن شاء الله .

3 - مايو - 2007
فلسفة القصاص
ابتهال وإزالة إشكال (2)    كن أول من يقيّم

بسم اللـه الرحمن الرحيم

قضية المنافقين

المنافقون :-

جلاء شأن المنافقين : أن منهم من كتم الكفر في قلبه ، لكنه في الظاهر مع جماعة المسلمين ، وقائمٌ بشرائع الدين ، ولم يكن من شأنه تأريث نار الفتنة وإثارة نعرات الجاهلية ، ومنهم من كان كالأول في كتمان كفره وإسرار ضغينته وسخيمته ؛ إلا أنه كان يعمل على إضعاف المسلمين وتوهين صفهم بما وسعه طوق الإمكان من دعايةٍ مغرضةٍ ومقالات تثيرُ الشكوكَ وتقلقلُ الإيمانَ الغضَّ في بعض القلوب ، وكلا الفريقين يتحاشى جهده من افتضاح أمره وانكشاف كفره ومكره ، ومنهم من كاد أن يقعَ عند مواقف الامتحان ؛ كالذين انقلبوا مع ابن سلول في أحد ، والذين تخاذلوا عن المضي إلى الجهاد في غزوة تبوك ، والذين أيقظوا الفتنة يوم المريسيع ...

الآيات الفاضحة للمنافقين :-

... وقد فضح الله المنافقين في كتابه ، وأنزل من الآيات الكاشفة لما يبطنون من الكفر والحنق على الإسلام ؛ ما لعلهم يرتدعون به عن حمأتهم العفنة ، ويرعوون عن مرعاهم الوبيء ، فيستَوْبِلُون عاقبة أمرهم ، ويستقِرُّ الإيمان في قلوبهم إذا ما علموا أن الله مطلعٌ على نوايا القلوب وخبايا الصدور وما يُدَبَّرُ بِلَيْلٍ ، والآية التي ذكرْتَها هي من هذا القبيل ، فمن البيِّن أنه ليس فيها أمر بقتل المنافقين وإنما هو تخويفٌ وتهديدٌ لهم بأن الله سوف يفضح مساعيهم الخبيثة ، ويسلط عليهم نبيَّه والمؤمنين ، إن لم ينتهوا …

ما الدليل على الكف عن قتلهم ? :-

… ومع كفرهم وإفسادهم ؛ إلا أنه لم يكن من سبيلٍ أمام النبي r إلا أن يعاملهم بظواهرهم ، فهو وإن كان يعلمهم ، وإن كان بعض الصحابة استنشى منهم ريح النفاق ؛ إلا أن الآخرين من المسلمين والكفار لا يعلمونهم ، وما يرونهم إلا من المسلمين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وسيوفهم بإزاء سيوفهم في سبيل الله تجاهد ، أَوَكان يبقى المنافقون في المدينة مع المسلمين ؛ والمسلمون يعلمون أنهم منافقون كفرة ، ومع ذلك يعاملونهم ويبايعونهم ؛ وتصلهم بهم حبال الحياة وحاجاتها ?! ، ولو أنهم أتوا كبيرة من الزنا أو السرقة أو القذف أو تطاوُلِ أحدهم على النبي r بكلامٍ بذيءٍ ( وسيأتي الكلام على قصة ذي الخويصرة ) = لأقام عليهم النبي r حدود الله ، ولم يكن من ضيرٍ في ذلك لأنهم من جماعة المسلمين ، أَمَّا أن يقتلهم - وهم لم يأتوا بما يستوجب القتل في أعين الناس - فذلك أمر يستوجب التفسير ، فبأي شيء يفسر ?! ، إذًا سيكون نارًا من الشك تأتي على الإيمان الغض في قلوب الحدثاء فتذره هشيمًا ، فلذلك كان من البدهي ألا يأمر الله - عز وجلَّ -  نبيَّه r بقتلهم ، فعدم الأمر من الله هو الدليل أصلاً وهو العلة ، والعدم هنا يرجع بالأمر إلى النهي ؛ لأن الأصل في الدماء الحرمة ، لا إلى الإباحة وتَرْكِ الأمرِ إلى اختيار العقل كما قد يتوَهَّمُه قاصرٌ ، وتخيَّل نفسك صحابيًّا - حشرني الله وإياك في زمرتهم - في المدينة النبوية ، هل كنت تجد جموع الصحابة تتحادث وتتحاور في هذا الجدل الدائر بيننا ، وقد أخذ من اهتمامهم ذلك المكان العريض ، أم أن هذا التساؤل لا يكاد يطرح إلا في بعض مواقفَ مُريبةٍ تستفزُّ الغيورين كعمر - رضي الله عنه - ?! ...

سد الذريعة حكمة لا علة ( دقيقة مهمة ) :-

... أما كونه سدًّا للذريعة فهذه حكمة لا علة ، أي أنه أمر أشار به العقل بعد ثبوت الحكم ، ولم يكن هو باعثه ، ومن أين عرفنا ذلك ? ؛ مِنْ أَنَّ الأصوليين عند تمثيلهم لسَدِّ الذريعة يقرنون مثال عدم قتل المنافقين بمثال النهي عن سب الطواغيت ، فهل سبق أمرٌ من الله يقضي بسبِّ الطواغيت ? ؛لم يكن هذا ألبتة ، نعم يُبَيَّنُ زَيْفُها وبطلانُ عبادتها ، ولم يُشْرَعْ سَبُّها ، بل نُهِيَ عنه ، وهذا النهي المباشر هو مأخذ الحكم ، بخلاف ما سبق إيضاحه في قضية المنافقين ، فَيُتَنَبَّهُ إلى هذا الفرق ، إذًا فسدُّ الذريعة في كليهما هو حكمة لا علة ، وهذا هو ملحظ الأصوليين الذين أخرجوا سدَّ الذريعة من الأدلة كليَّةً ، وهم كثر ، وليس مقصودهم نفي أنه من الأمور المعتبرة في الشرع رأسًا ، فشنَّع عليهم من لم يفهم فحوى كلامهم ، ومنهم من أدخلها في الأدلة تغافُلاً منه - وليس غفلةً - ؛ لاعتمادِ كُلِّ ما يُمْكِنُ أن يُخَرَّج عليه من الفروع الفقهيَّة على أدلةٍ أخرى غيِره ، وهذه دقيقةٌ مهمَّةٌ ...

قصة ذي الخويصرة :-

... أما عن قصة ذي الخويصرة ؛ فأنا لم أفهم وجه إيرادك لها ، أتقصد أن النبيَّ r لم يأمر بقتله أو إقامة حدٍّ ما عليه سدًّا للذريعة ?! ، وذلك بعد غزوة حنين ، والإسلام قد ألقى على الجزيرة بِجِرانه ، ودخل الناس في دين الله أفواجًا ! ، كان في وسع النبي r أن يقيم عليه الحدَّ المناسب - غيرَ مُتَّهِمٍ له بكُفْرٍ ولا نفاقٍ ، بل كما رَجَمَ الزُّناةَ ، وقطعَ يد السارقة -  للكبيرة التي اقترفها بتطاوله على حضرته الشريفة ، ولكنه حلم النبي r ورحمته ورأفته وخلقه العظيم الذي لم يكن يحمله على الانتصار لنفسه ، صلى الله عليه وسلم  .

تلخيص :-

?   المنافقون كفار ، إلا من هدى الله قلبه فثبَّتَ إيمانه .
?   أن منهم من كان يسعى لتوهين الإسلام ، ومنهم من لم يكن كذلك .
?   أنهم جميعا كانوا يحاولون جاهدين التكتم والتستر وعدم البوح والجهر بكفرهم وكراهيتهم للدين .
?   أن منهم من كاد يفتضح أمره ، أو لِنَقُلْ : من صدر منه من القول أو الفعل ما يدعو إلى الريبة والشك .
?   أن اختلاطهم بالمسلمين ، وتخفِّيهم بزيِّ الدين ؛ كان يبعث الاعتقاد عند معظم الناس من الصحابة والمشركين بإسلامهم .
?   أنه لم يكن من سبيلٍ لذلك أمام النبي - صلى الله عليه وسلم – إلا أن يعاملهم بظواهرهم ، وأن يكل بواطنهم إلى الله .
?   أن الآيات الفاضحة لهم ، ما كانت إلا تهديدًا ووعيدًا للاتعاظ والازدجار ، وليس فيها ما يأمر بقتلهم .
?   أن الأصل في الدماء الحرمة ، ولذلك فإن عدم الأمر دليلاً وحكمًا يرجع إلى النهي كذلك .
?   أن سد الذريعة حكمة لا علة ، تطلب بعد ثبوت الحكم ، ولا تكون هي المورثة أو الباعثة له .

قصة السارق الذي لم تقطع يده

... كيف تُسوِّي يا أخي بين الخصوصية الزمانية والذاتية ?! ، وما هي الاعتبارات التي أحاطت بالتعدد في العصر الحاضر ?! ، أما يوجد في عصرنا هذا من لديه من القدرة المالية والجسدية ولديه من العدل والرعاية لحقوق الزوجية ومراقبة الله تعالى ما يجعلنا نبيح له التعدد مثلما كان في عصر عمر - رضي الله عنه - سارقون تقطع أيديهم إذ لم يكونوا كصاحبهم في معركة ?! ، أم أنه إلى ما قبل سنة 1900 م كان كل من يعدد الزوجات على ذلك الوصف الحميد المذكور آنفًا ؛ فلم يحتج الفقهاء إلى إيقاف تنفيذه ?! ، لماذا نأخذ الجميع بجريرة الفرد ?! ، إن كنا نحن من سيضع الحكم لا الله فسنجيب على الفور : الشر يعم والخير يخص ، ربما كانت الاعتبارات من جهة المرأة ! ، إن التعدد ينافي كرامتها وتقديرها ! ، أنقول هذا انهزاميَّةً أمام الغربِ ! ، الغربِ الذي نزل بالمرأة إلى الدرك الأسفل ، فأسقطها وهي أجمل ما في الوجود في الأوحال ! ، أوحال الإباحية والشذوذ الجنسي ! ، إن من نسائنا العاقلات من تأذن لزوجها في الزواج بأخرى عند تأخر إنجابها ، وربما كانت هي من تبحث له عن ضرتها ! ، وإن كانت المرأة تأنف أن يكون لها ضرائر ، وتعتبره جرحًا لكرامتها ؛ فقد أوجد الله لها مخرجًا بأن تشترط على زوجها ابتداءً عدم الزواج بغيرها ، وهو شرط صحيح أخذ به الحنابلة ، وهم مَّنْ تَوَسَّع في شروط النكاح ، وكثيرٌ من الفقهاء المعاصرين يرجحون مذهبهم في هذه المسألة ، والحمد لله ...

ضابط البعضية

... ثم ما هو ضابط البعضية ? ، أنت تقول : التعدد والسرقة ، وأنا سأقول على تفيئة ذلك : الزنا ، أو لأجامل ابتداءً وأقول : العادة السرية ( فيها قول لبعض الفقهاء الحنفية وأوردها مثالاً على الأرجح ) ، هل نقول : إنها مباحة ؛ لأن شبابنا أصبحوا أمام سيلٍ عارمٍ مفلوت الأرسان لا طاقة لهم به ?! ، وإلى الله المشتكى ، والزواج العرفي زنا ، فهل سنقيم الحد على جميع تلك الأرقام الكبيرة التي هي في تَنَامٍ ?! ، وسيقول آخر : التدخين ( وفيه أيضًا قول ) فهل نُأَثِّم السواد الأعظم من المسلمين بتحريمه ?! ، وسيقول غيره : حلق اللحية ( وفيه أيضًا قول ) ، وسيهتف بنا وبهؤلاء جميعًا هاتفٌ ؛ أين أنتم من ثلاثة الأثافي ?! ؛ ترك الصلاة ( لا أقوال فيه ) ، أنطالب بقتل نصف المسلمين إن لم يكن أكثر لإخلالهم بالصلوات - إذا لم يتوبوا - ?! ...

ما هكذا يكون الإصلاح ولا الدعوة

... لا يا أخي ، ما ينبغي لنا أن نعالج القضية على هذا النحو مطلقًا ، الإسلام دين كامل ، دين الأمس واليوم والغد ، والشريعة صالحة لكل زمان ومكان ، وأحكامها الفقهية لا بد أن تُقَرَّ ، ولا يجوز أن يمس حماها ألبتة فضلاً عن أن ينتهك ، مهما يكن عليه العصر من وهاء الدين وتردِّي الفضيلة وانحلال الأخلاق وتفاقم الشرور واستفحال بواعث العصيان ودواعي الفسوق ...

الغد المنتظر

... ثم ما الذي تنتظره في العصر بعد الحاضر ? ، أأن تقوم الحكومات الإسلامية ، وتستقيم الشعوب من جديدٍ على شرع الله ، فنبيح إذًا التعدد ونقطع يد السارق ? ، أما أنا فأنتظر وآمل وأرجو وأتمنى أن يكون الناس قديسين أبرارًا ، وأن تغدو العلاقة بين الرجل والمرأة وشيجةً سماويَّةً من نور الملائكة أطهر من ماء السحابة ، ولكن كلا الأمرين لن يتحققا ، وقد يتحققان ، ولكنه أمر في رحم الغيب لا نعلمه ، فهل نوقف أحكام الشريعة ونرجئ البعث أو الميلاد إلى ذلك الميعاد المعدوم أو الموهوم أو المرتقب عند خروج المهدي ? .

لا شيء اسمه : مواكبة الإسلام لروح العصر

نعم الإسلام يواكب روح العصر ؛ يعني : أنه لا ينبغي لنا أن نقف مُتَخَوِّفين حذرين من مستجدات الحضارة من المخترعات أو النُّظُم أو أنماط الحياة أو التقاليد الاجتماعية المستقلة عن الدين ، لا كما كان يقف بعض المتمشيخة الجامدين في عصور التقليد ؛ فيحرمون على المرأة القراءة والكتابة  ، ويحرمون ركوب السيارة  ، وسماع المذياع ، ولبس الساعة ، ويحملون عوضا عنها المزولة في جيوبهم ، هذا هو معنى الكلمة لا أكثر ولا أقل .

جدل عقيم

الدراجة لا تدرج رأسًا ، ولا تجدف حتى ، وليس إقرار الشريعة هو ما سَيُكَلِّفُها مِشْيةَ الْمُسَلْسَلِ ، الأمر لم يعد بيدي ولا بيدك ؛ فنتجادل في إثبات أو نفي التعدد وحَدِّ السرقة ، الأمر بيد عمرو ، بيد الطواغيت ، بيد الأغلال والأرباق ، بيد عصا الراعي الضرير ، هم في غنًى عن كل ما نقوله أو يقوله غيرنا ، نحن نثبت أحكام الله ونصدع بها ، وعلى من يخالفها من الأفراد أو الجماعات الإثم والوزر أمام الله ، وحسبنا نحن أمام الله ذمةٌ بريئةٌ ...

إذًا

فعلينا أن نعمل جاهدين على إصلاح هذا الوضع المختل الشائه من كل جوانبه ، على تنقية هذه الأجواء المغبرة الملوثة ، على تنوير هذه الظلم الملتاثة ، وأن نبذل حتى الْمُدَّ وشِقَّ التمرة والخردلة من وُسعِنا وطاقتنا وقوتنا في سبيل أوبة الفجر ، بالدعوة إلى الله ، وتقرير توحيده ، وبيان شريعته ، وجلاء ما فيها من محاسن المقاصد ونبيل الغايات ،  وأنها هي الطريق الوحيد لسعادة البشرية على هذه الأرض وفي هذه الدنيا ، نعمل ذلك كله وليس علينا – ونحن نرجو أن نكون ممن يأرز إليهم الدين - ولسنا في حاجةٍ من ثَمَّ إلى التملُّقِ بإضفاء الشرعية على هذا الواقع السيء بمثل هذه الأقوال أو بمثل هذا المقص الذي يتحيَّفُ الشريعة ويخرق ثوبها إلى الحد الذي نخشى أن يتَّسع على الراقع .
أريدك يا شيخ طه سلفيًّا في فقهك ، سلفيَّتَك في أدبك ولغتك ، ويأخذ الله بالأيادي إلى بر الأمان فيما يعثر فيه العقل والعلم ويضطرب فيه الإيمان واليقين .

3 - مايو - 2007
فلسفة القصاص
( فاعلن ) عروض البسيط    كن أول من يقيّم

ما دام قد تكلم الأستاذ / زهير هنا عن خبن ( مستفعلن ) الثانية ، فلا بأس بالسؤال عن قطع أو تشعيث ( فاعلن ) العروض ، فأنا لم أجد له ذكرًا لا على القول بجوازه ولا بشذوذه ، ولكنه أتى عدة مرات - من غيرتصريع - في القصيدة النونية لخضر بك بن الجلال . 

4 - مايو - 2007
اقتباسات واستضافات لأصوات من العالم..
 2  3  4  5  6