المعلقات من تمثلات الحركة النقدية فحسب كن أول من يقيّم
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، في البداية أود أن أوجه التحية لـ: اليسد على إثرة هذا الموضوع المفيد، كما أشكر كل المتدخلين الذين حاولوا جاهدين الحسم النهائي في الموضوع وإخراجه من عالم الأسطورة إلى عالم الحقيقة، لكن طبيعة الموضوع لا تسعف - بشكل أو بآخر - في الحسم النهائي في سبب التسمية، ولعل جردهم لهذه الأسباب كافي لإزالة الغموض. أما بالنسبة لرأيي الشخصي في هذا الموضوع فإني أرى أن سبب التسمية لم يكن راجعا لكون هذه القصائد كانت تعلق على الكعبة وأنها كتبت بماء الذهب، ولكنني أرى السبب راجع في الأصل إلى القصائد عينها وليس من الضروري أن تكون قد علقت في الواقع على الكعبة المشرفة، لأن المعلقات لم تكن تحتاج لأن تعلق على الكعبة حتى تستحق هذا اللقب وهذه المكانة، أو العكس. فأنا أرى أن سبب تسمية المعلقات بهذا الإسم راجع إلى عوامل ذاتية قبل ما تكون عوامل خارجية رغم التشابك الكبير بين الدخلية والخارجية. وبالتالي فإن سبب هذه التسمية هو انعكاس لحركة نقدية عاشها الشاعر الجاهلي، فقد كان النقاد إذ ذاك يتخير قصائد بعينها، ويخلع عليها ألقابا تجمل رأيه فيها، ومن بين هذه القصائد على سبيل المثال:" البتراء"،"اليتيمة"، إلى جانب المعلقات... فلا يشترط في أن تكون هذه المعلقات فعلا قد علقت على جدران الكعبة كما بترت البتراء غيرها، وبالتالي فإن هذه التسمية هي تسمية مجازية لاتعكس ماهو كائن بقدر ما تعكس مايجب أن يكون . ومن هنا أتسائل: - هل المعلقات حضيت بهذا اللقب قبل أم بعد تعليقها على جدران الكعبة؟ إن كانت قد حضيت به قبل تعليقها على الجدران فهذا يعني أن هذه المعلقات من الممكن ألا يكون قد تم تعليقها فعلا، والدليل على ذلك اختلاف الدارسين والنقاد في عددها فمنهم من يقول أنها 7 ومنهم من يقول أنها 10 فلانجد أن هناك إجماع على عدد المعلقات. مما يضعف في رأيي كون هذه المعلقات علقت فعلا على جدران الكعبة وكتبت بماء الذهب...فلو كانت كذلك لوصلنا الخبر اليقين حول عددها بالتحديد. ومن هنا أتسائل سؤال آخر إذا كانت المعلقات قد علقت على جدران الكعبة وكتبت بماء الذهب فمن الذي نزعها من مكانها أو بالأحرى من الذي أمر بذلك؟ - إذا كانت فعلا قد علقت على جدران الكعبة فلا يمكن أن تكون قد سحبت من مكانها في العصر الجاهلي، لأن الشعر كان يحضى بمكانة عظمى في قلوب الجاهليين وبالتالي فإنه يستحيل أن يكونوا هم الذين نزعوها أما في العصر الإسلامي فلم يصلنا من الأحاديث النبوية أن الله أمر بانتزاعها من مكانها بالتحديد لأنها لم تكن موجودة أصلا، كما أن الشعر لم يكن يعد كالأصنام والتماثيل التي كانت موجودة بقلب الكعبة فرغم، أي أن الاسلام عندما جاء لم يحارب الشعر وبالتالي فليس هناك مبرر لإزالة هذه المعلقات، ولو كانت قد نزعت في هذا العصر لخلّف ذلك صدى حول نزعها لأثير نقاش حولها. ومن هنا فهي لم تنزع في عصر صدر الإسلام. - أرى أن التسمية لا علاقة لها بالواقع الملموس، إلا أننامن باب الأسطورة نستطيع أن نصدق هذا الادعاء رغم عدم ثبوته، وذلك من باب مفاخرة الأمم بكوننا أشعر من على البسيطة، وبأننا قوم نبجل الكلمة ونقدسها ومن هذا الباب فإن كتابتنا لهذه الأشعار بماء الذهب ومن ثم تعليقها على الكعبة فتسميتها بالمعلقات فالطواف حولها بطوافنا حول الكعبة. ليس هذا فحسب بل أضف إلى ذلك أننا أمة تتكلم الشعر فالشعر عندنا أسبق من النثر وذلك بالفطرة، فالعرب قوم وجدوا وهم يقولون الشعر أو بالأحرى الكلام المقـفى ومن ثم تطور إلى أراجيز قبل أن يتحول إلى القصيدة. إن إرجاع سبب التسمية إلى كون المعلقات كتبت بماء الذهب ومن ثم علقت على الكعبة إلى غيرها من الأقوال مجرد تخييل يساعدنا على إدراك مكانة الشعر عند العرب فحسب. هذا والله أعلم |