 | تعليقات | تاريخ النشر | مواضيع |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية 19 كن أول من يقيّم
حمدا لله على سلامة الأخت شادية و الأخ عبد الرءوف , وقد جاء الأخ في الوقت المناسب إذ أن هذه المقالة متعلقة إلى حد ما بتخصصه .
مضاهاة صديقي الأخ وحيد الفقه الإسلامي بفلسفة اليونان و بالعلوم التكنولوجية , مقبولة شكلا باعتبارها ( تسلل ناعم ) من موقفه السلبي من الحضارة الإسلامية التي لقبت أخيرا( بالشامخة ! ) إلى موقف إيجابي منها , لكن هذه المضاهاة مرفوضة موضوعا , الفقه الإسلامي لا يناظر الفلسفة اليونانية من حيث وظيفة كل منهما لحضارته , الفرق بينهما مشتق من الفرق بين الفقه و الفلسفة , رغم أنه لا بد من وجود حد أدني من التناغم بينهما _وهو في الحضارة الإسلامية يبلغ الحد الأقصى _ إلا أنه يظل تناغما بين شيئين مختلفين , الفلسفة العامة هي تجريد لظواهر الوجود , تأتي الفلسفة السياسية لتكون محاولة للتوصل إلى الماهيات المجردة في عالم السياسة و إرساء القيم العليا لها , الفقه و_هو ليس بالضرورة دينيا _ هو نسق لضبط سلوك المواطن بحيث يكون تعبيرا عن القيمة العليا السياسية , الفقه الإسلامي يناظر ( التشريع ) اليوناني , ( الإمام الشافعي ) العربي , في تناظر مع (سولون ) اليوناني , وليس مع ( الفلسفة ) اليونانية أو ( أفلاطون ) , هذا من حيث التقابل الوظيفي أما من حيث المقارنة الحضارية , فالحضارة الإسلامية هي الأكثر ترابطا و تكاملا مع نفسها , الفلسفة الإسلامية هي أكثر الفلسفات قدرة على تسخير النظام السياسي لها رغم كل التجاوزات السياسية التي سجلها التاريخ , الحضارة الإسلامية هي الأكثر تعبيرا عن مفهوم الأمة الواحدة بذلك التناغم _ الذي لم يقدر له أن يتكرر في حضارة أخرى _ بين : الأخلاق الفردية .. الإرادة السياسية .. التشريع .. الفلسفة العامة .. الفلسفة السياسية ., .موقف السلطة اليونانية من الفلسفة اليونانية يتوارى خجلا أمام علاقة العالم بالحاكم في الحضارة الإسلامية ( إعدام سقراط كنموذج وهروب أفلاطون كنموذج آخر ) , اضطهاد أحمد بن حنبل لم يكن سوء تفاهم بين السلطة و طبقة العلماء بل مشكلة داخلية بين العلماء استخدمت فيها السلطة كأداة طيعة , الفلسفة اليونانية عجزت عن إشباع الطموح السياسي لليونان التي التهمتها القوة الرومانية , روما بدورها عبرت عن الاضطراب بين الفلسفة و السياسة بشكل معكوس , التألق الفكري و الضحالة الحركية في اليونان , كان في مقابله تألق حركي و ضحالة فلسفية في روما , وفي كلتا الحالتين كانت الفلسفة و الفكر السياسي منقطعة العلاقة بالأخلاق الاجتماعية , التناقض في التقاليد المعاصرة بين الديمقراطية في الداخل و بين السعار الاستعماري في الخارج ( أمريكا ) يعكس الفشل في الفلسفة السياسية , وعدم التكامل في محتواها .
وعلى مستوى الفقه ذاته _ ليس من حيث وظيفته بل من حيث بناؤه _ فالأحكام الفقهية كممارسة أي كحركة في الوجود هي تلبية لنداء العالم , الاتساق بين الأحكام الفقهية والطبيعة تجعل المقارنة مستحيلة بين الفقه الإسلامي وغيره من التشريعات (كمثال : حركة الدوران حول الكعبة " فقه" هي حركة دوران كل الأجسام حول نفسها وحول بعضها في الفضاء"طبيعة" )
ورغم إنك يا أخ وحيد أصبحت صديقي, بإعلانك عن شموخ الحضارة العربية . إلا أن هذه الصداقة لن تكون على حساب التقاليد العلمية في البحث أي أن الجابري سيظل عندي مدلسا إلى أن تأتيني بنص مرجعي ( أي نص يصلح كمرجع لتحليل الحضارة الإسلامية ) , وأعتقد أن كتابات ( أومليل ) لا ترقى لهذا المستوى. لقد ذكرت كلمة " الإقرأ هو الأعلم " هكذا بين علامتين تنصيص , وكأنها مسلمة معروفة في البيئة الإسلامية , فما هو المرجع التاريخي الذي اشتقت منه هذه المسلمة ?
بخصوص منطق المدعو أرسطو , لقد ذكرتكم أن الإمام الغزالي أفرغه من مضمونه , فقلت لك : لقد صيغ المنطق بحيث يكون هيكلا فارغا , فكان موقفكم غريب , أبرزتم نشأته اليونانية استنادا إلى علاقة المنطق بالرياضة : أولا: ليس هناك تعارض بين نشأته اليونانية وبين خلوه من المضمون ثانيا لم يرتد المنطق إلى الرياضيات إلا بعد ظهور المنطق الرمزي على يد( برتراند راسل ووايتهد ) حديثا , وحديثنا كان منصبا على المنطق الأرسطي قديما , ثم إن المنطق الرمزي ليس تطورا للمنطق الصوري بل انقطاعا عنه . ثالثا الرياضيات ليست إرثا يونانيا ونظرية فيثاغورث كانت معروفة قبل فيثاغورث لأن المعماريين قد قالوا : إن الأهرامات لم تكن لتبنى دون معرفة واضحة بنظرية فيثاغورث , و الأثريين قد قالوا إن الأهرامات كانت قبل فيثاغورث ثم إن أرسطو نفسه نسب الرياضيات إلى مصر في كتابه ( الميتافيزيقا ) , فلا الرياضة يونانية ولا المنطق الأرسطي رياضي . وأخيرا : إذا كنت أنا _ بحكم كوني مبتدءا_ قد أسأت فهم المنطق الإرسطي , هل هيجل مبتدئ ?
ولكن .. ما هو سر الاهتمام بملكة الحفظ في الحضارة الإسلامية ? وما هو القضية الوهمية التي كانت تؤرق الأخ عياشي و التي صنفت عندنا في القسم الثالث من أخطاؤه ? وكيف تورط هيجل على يد الأخت شادية في قضية "زيف السلوك الإنساني " ........ وشكرا لإطرائك المخيف أختي الكريمة.... و سامحك الله يا أخ عبد الرءوف .... فلا يزال للحديث بقية .
| 9 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية 20 كن أول من يقيّم
"يضع الزمان نفسه كخلفية للأفكار حيث تنشطر إلى أفكار سالفة (ماضي ) و أفكار حديثة (حاضر) , وكل منهما بدورها تفض نفسها في المحيط الإنساني إلى سلفية و حداثة , و يبدو أننا عثرنا أخيرا على صلة قربي بين السلفية و الحداثة أي وضعهم للزمان كخلفية للأفكار, ويبدو أيضا أن الحداثة _ لحسن حظها _ قد حازت الجزء المفضل من تورتة الزمان أي العصر الحديث وهو العصر الذي يحتوي علي أقرب الأفكار إلى الحقيقة , أما السلفيون فقد قنعوا بالأفكار المتبقية في الماضي والتي كانت _يوما ما _ أقرب إلى الحقيقة "
الحقيقة أنني وضعت هذه المقدمة لتكون نموذجا للمعتقدات الوهمية التي تعيشها الحداثة بإخلاص , هو وهم نموذجي لأنه وهم مركب , ينحل إلى وهمين : أولا أن الزمان هو مصدر القيمة للأفكار . الثاني مشتق من الأول وهو : أن التيار الإسلامي يعبئ عقله بأفكار الماضي من الزمان وهي أسوءها .
" الزمان هو مصدر القيمة للأفكار " من الممكن القول بأن هذه العبارة مجازية وهي لا تعبر بدقة عن وجهة نظر الحداثة إلا عند وضعها في الشكل التالي : كل فكرة هي مركبة من أفكار أبسط منها وعملية التركيب هذه تتوالى في الذهن عبر الزمان , إذا : الأفكار المتأخرة في الزمان هي أكثر تعقيدا وعمقا , وبالتالي كلما كانت الفكرة أحدث ( في الزمان ) كلما كانت تحتوي على عدد أكبر من الأفكار البسيطة , و بالتالي هي أقرب إلى العقل لأن العقل ينشد تجميع أكبر قدر من الأفكار الجزئية في أقل قدر من الأفكار الكلية , هذا هو إذا أساس البعد الزمني للأفكار و بالتالي أساس تمييز الأفكار الحديثة عن غيرها , ولكن هذه الفكرة ساذجة إذ أنها تهمل الإنسان الذي يفكر , تهمل أن الإنسان يستخدم الأفكار لشيء ما داخله أي تهمل أن الأفكار وسيلة للإنسان وليست غاية له , ولكن ما الذي يتغير في العلاقة بين الزمان و الأفكار حين نعلم أن الأفكار وسيلة للإنسان وليست غاية له ?? سيتغير أن فرض العلاقة بين الزمان و الأفكار سينسف من الأساس , فقد أصبح أصل الأفكار المعقدة ليس مجموع ما تحتويه من أفكار بسيطة بل طبيعة الوحدة الإنسانية التي تفكر , الأفكار تتركب من بعضها ليس في اتجاه أعمى بل في اتجاه طبيعة الكائن الذي يستخدم الفكر , طبيعة الكائن الإنساني الذي يستخدم الفكر تنعكس على طبيعة الأشياء التي يقوم العقل بتركيبها له في كل شامل , أنا أقوم بتجميع الوقائع الخاصة برقعة الشطرنج أمامي لأنني قد هيأت نفسي للفوز الآن في هذه اللعبة وعلى هذا الخصم , شخص ما يقوم في الوقت نفسه بتجميع معطيات مسألة حسابية لأنه قد قرر الآن حلها , إذا تجميع الحقائق هو تجميع موجه , وهنا يبرز عنصر آخر في بناء العقل للأفكار , ألا وهو عنصر الوجهة التي يعمل فيها الإنسان عقله إنه ليس عنصرا نضيفه إلى عنصر الزمان بل عنصر نستبدله بعنصر الزمان , الأفكار لا تخلق نفسها بشكل آلي عن طريق التراكب بل تخلقها طبيعة الإنسان المفكر , ولكن الإنسان عندما يفكر في أشياء معينة تحددها له طبيعته فإنه يقوم بتكريس هذه الطبيعة أي يملأ نفسه , إذا لقد عثرنا على الوجهة التي تسير فيها الأفكار : إنها ملئ الإنسان لنفسه ( النضج ), و الإنسان كنوع ينضج أي يتضخم أمام نفسه , وصياغته لأفكاره تسير في اتجاه تمجيده وليس في اتجاه الحقيقة , وتمجيد الإنسان لنفسه هو انقطاع بينه وبين العالم وهي نتيجة سيئة .وهنا نعود إلي إثبات العلاقة بين الأفكار و الزمان , ولكن بخبر سيء : أساسه هو هذه النتيجة السيئة : " الفكر الإنساني يبتعد عن الحقيقة بمرور الزمان ولا يقترب منها " , إذا لقد أكل التيار الحداثي أسوأ قطعة في تورتة الزمان , ....... و لكن هناك نتيجة أخرى ... هي أن هذه المقالة لها بقية . | 11 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية 21     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
لازلنا في المقارنة بين السلفية و الحداثة من حيث علاقة كل منهم بالبعد الزمني للفكر ( تقييم كل منهم للفكر من حيث إحداثياته الزمنية ) , ذكرنا أن فكرة : "الأحدث هو الأصوب" فكرة ساذجة لأنها تنظر إلى الفكر كنسق مستقل عن الإنسان المفكر , نسق يسير في اتجاه الكمال من تلقاء نفسه ! , الآلية المفترضة لسير الفكر _ حسب فكرة : "الأحدث هو الأصوب" _هي : تحول الفكر من البسيط إلى المعقد مع الزمن , وهذه الآلية تصطدم وتناقض عدة ظواهر : أولا : الفكر في مرحلة زمنية ما هو استبدال وليس إضافة للمرحلة السابقة له , في حين أن العلاقة بين البسيط و المعقد ليس فيها استبدال . ثانيا : ظاهرة الاختلاف الإنساني أيضا تنفي عن الفكر آليته العمياء , أي سيره من البسيط إلى المعقد دون تدخل للطبيعة الإنسانية . الفرض المقابل (وهو فرض العبد لله ومن هم على شاكلته ) : أن الفكر لو كان دالة في الزمن لكانت دلالته مرتبطة بطبيعة الإنسان , ذلك الكائن الذي يسير نحو الشعور بنفسه لدرجة النرجسية مخضعا الفكر لهذه النرجسية خبيثة النمو , ( تكريم الله ) للإنسان يختلف عن( تمجيد الإنسان) للإنسان.
قد يبدو في المقابل أن النظرة السلفية تفترض أن : " الأقدم هو الأصوب " وهذه هي الظاهرة الوهمية الذي احتلت القسم الثالث من أخطاء الأخ عياشي : أن التيار السلفي ينظر إلى الماضي , والحقيقة أن هذا التيار لا ينظر إلى الماضي ولا إلى الحاضر ولا إلى المستقبل , لأن الفكر عند هذا التيار مطلق أي مجرد من الزمان , وكون النموذج المثالي لفكر التيار الإسلامي من الناحية التطبيقية كان في فترة زمنية ماضية , فهذا لا يعكس خاصية جوهرية للفكر بل يعكس مجرد علاقة زمنية به , ترفع التيار الديني عن وضع أي اعتبار للإحداثيات الزمنية أو الحضارية للفكر تؤكده عدة ظواهر أيضا يجب أن ننتبه إليها جيدا : أولا : التيار الإسلامي تيار معاصر باعتبار الوجود الآني له ( أي الوجود الآن بالفعل ) . وصف ظاهرة معاصرة بأنها قديمة هي تناقض لفظي , ثانيا : النقطة الزمنية المرجعية للتيار الإسلامي (زمن النبوة) ثابتة لا تتغير بحركة التيار الإسلامي في الزمان , بمعنى أنه لو كان الموضوع هو تشبث بمسافة زمنية معينة , لكانت هذه المسافة ثابتة , وهذا يستلزم تحرك النقطة الزمنية المرجعية للتيار الإسلامي مع حركته في الزمان . ثالثا : يتحفظ التيار الإسلامي على كثير من الأفكار القديمة ( الفرق الضالة مثل : الحلوليين _ أتباع اليونان من العرب ) , ويعتبرها لا تتميز عن ( جاهلية القرن الحالي ) , التيار الإسلامي لا ينظر بشفقة إلى حلولية ابن عربي و لا يميزها عن حلولية اسبينوزا و برجسون إلا من حيث الشكل .
الأخ عبد الحفيظ في مقاله : " بخصوص التنقيات" , يتقمص شخصية هيجل و يبرر تناقضات الفكر الحداثي بطريقة فيها خلط واضح بين الحداثة كموضوع ماثل أمام العقل , تلك الحالة التي من الممكن فيها قبول الحداثة كموضوع متناقض , وبين الحداثة كمبدأ يتمثله العقل , ( لو قررت أدرس الحداثة سأدرسها دون أن تزعجني متناقضاتها لكن لو قررت أن أكون حداثي فسوف توقعني هذه المتناقضات في حيرة ) .
, الأخت شادية : عرض الأفكار جميل لكن العلاقة بين الوحي و الفلسفة تتجاوز عدم التعارض وتصل إلى عدم الاستغناء , العلاقة ليست ممكنة بل ضرورية , أما عن إطراءك أنت و الأخ عبد الرءوف و الأخ زهير فهو والله فوق ما أحتمل وما أستحق بكثير , وخجلي منه يفوق سعادتي به .
الأخ وحيد , الإخ عبد الحفيظ , الأخ عياشي : لن يستطيع أحدكم لومي على الاختلاف معه لأن الذي شجعني على ذلك هو سمو أخلاقكم , وكنت أقول للأخ عبد الرءوف سامحك الله لأني لن أستطيع الإفلات منكم , ... هو من وضعنا في المواجهة .
| 13 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | اعتذار كن أول من يقيّم
أعتذر بشدة لتأجيل الاستمرار في الحوار لمدة 4 أيام تقريبا , بحاجة ماسة لدعواتكم كلكم . | 13 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | استمرار     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
جاهز للاستمرار في النقاش , وآسف للمرة الثانية للانقطاع الخارج عن إرادتي , الملفات المفتوحة ( أمامي تحديدا ) : الأخ عبد الحفيظ يقرر أن الواقع اسبق من الفكر , وأن الحضارة الإسلامية غير منزهة عن المتناقضات . الأخ محمد و الأخ وحيد يفتحان ملفا واحدا وهو:"معيار الفلسفة" ولكن لغايتين متباعدتين ومتعاكستين , الأخ محمد يطرح احتمالية وجود فيلسوف غير معروف كفيلسوف (يشكك في المعيار النمطي للفلسفة ) , أما الأخ وحيد فيحاول _ على العكس من الأخ محمد_ البرهنة على خلو الحضارة الإسلامية من الفلسفة ( يؤكد المعيار النمطي للفلسفة ) , الأخت ضياء أثارت موضوعين ,الأول :اللغة وعلاقتها الوظيفية للفلسفة , و الثاني: تفسير الوجود المحدود للفلسفة اليونانية داخل منطقة نفوذ الحضارة الإسلامية رغم رفض الأخيرة لها .الأخ فادي باشتراكه في الحوار يفتح ملف... " أزمة الطفولة في العالم العربي" .
الأخ زهير / قد يتشعب الموضوع لدرجة أن يتلاشى , لذا فمن الأفضل عدم الرد على الأخطاء الهامشية في أي مقال , أقصد بالأخطاء الهامشية : تلك التي لا علاقة مباشرة لها بروح المقال و التي لا يقصدها كاتبها تحديدا ولا تؤثر في سير المقال , من الممكن أن تجرنا إلى التشعب في الحوار ( مشكلة القدرية و المعتزلة ).
كما أقترح ترقيم كل المقالات الخاصة بكل مشارك حتى يسهل الرجوع إليها بالرقم .
شكرا جزيلا للأخ عبد الرءوف و للأخت ضياء على المشاعر النبيلة. وسعيد بالعودة إليكم .
| 18 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية 22     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
تحدثت في مقال سابق عن معكوسية العلاقة بين الفكر و الواقع عند الأخ عياشي , والآن الأخ عبد الحفيظ بذكائه المعهود يهاجم : الواقع سابق على الفكر , ليس ذلك فقط بل ويقرر أن كلنا نعلم ذلك..... وهذا أمر لا يناقشه أحد ! , هو مادي جدلي إذا... ثم هو مثالي في الآن ذاته عندما بدأ برصد التناقض الكامن في جوف الحداثة ( رغم أنها فكر) , لقد تعرضنا لظاهرة مضحكة ومألوفة لدي ( التيار العقلي !) وهي ظاهرة استلهام أفكار الغرب المعتوه كلها مرة واحدة رغم أنها أطياف متنافرة , ولكن دعنا من هذا , ودعنا أيضا من أنه يدافع عن الحداثة بفكرة (تجاوزتها الحداثة) , ولكن لنستبدل كلمة الواقع بكلمة المادة وندخل في الموضوع ,الحقيقة أننا لم نبتعد كثيرا عن موضوع ( الفكر و الرغبة ) حين ننتقل إلى موضوع (الفكر و المادة ) فالموضوع الأول يشمل الثاني منطقيا , أو أن الموضوع الثاني هو تخصيص و تحديد لطبيعة ( الرغبة) في الموضوع الأول , إدراك العلاقة بين الموضوعين ضروري بالنسبة لعملية ( التئام الأفكار) , ولمزيد من توضيح تلك العلاقة لا بد من تسليط الضوء على علاقة (الرغبة بالمادة) : المادة تتحول إلى فكر عن طريق وسيط ضروري هو الإنسان المفكر الذي هو نوع خاص من المادة , أو هو المادة المفكرة , ولكن هذه المادة المفكرة يلزمها وسيط ضروري بينها وبين الأفكار هذا الوسيط هو الرغبة . المادة الصماء تتحول إلى مادة مفكرة , المادة المفكرة تتحول إلى رغبة , الرغبة تتحول في النهاية إلى فكر . مهمتنا إذا هي البرهنة على أمكانية استقلال الفكر عن الواقع , ورغم أنه يمكن اشتقاق هذه الإمكانية مما ذكرناه قبل ذلك حول إمكانية استقلال الفكر عن الرغبة , إلا أن لدي (رغبة ) في تتبع الفكر الغربي في أدق تفاصيله , الفكر الغربي له خاصية مدهشة : بما أنه معاق ذهنيا فكلما تعمق في مسألة كثرت أخطاؤه وتناقضا ته فيها , ويمكن تلمس تلك المتناقضات في عدة ملاحظات :
الأولى :المادة المفكرة عندما تتحول إلى رغبة فإنها لا تتحول بشكل عشوائي بل هي تتمثل قوانين الجدل الثلاثة والتي تحكم حركة المادة (تحول الكم إلى كيف _ صراع الأضداد _ نفي النفي ) , هذه القوانين هي فكر لم تبرهن المادية الجدلية على أساسه المادي , ولم تفسره المادية الجدلية سوى بالإحالة إلى متخلف آخر هو هيجل( لنا وقفة عنده فيما بعد) , ولكن تخلف هيجل هو تخلف مثالي يبدأ من الفكر فما الذي فعلته المادية الجدلية لتتميز عن المثالية ... لا شيء أي أن (المادية) بدأت من الأفكار !
الثانية : اعتبرت المادية الجدلية أن الإنسان هو المحيط المادي الذي تتحول عنده المادة إلى فكر وهذا ما يميز الإنسان عن سائر المادة , ولكن إذا كانت قوانين الجدل هي قوانين خاصة بالمادة من حيث هي مادة فلم احتكر الإنسان تمثيله للتناقض , دون سائر المادة , الشمس هي الشمس في قبل الثورة الفرنسية وبعدها و الجبال هي الجبال قبل ثورة البلشفية وبعدها , لقد حاولت المادية الجدلية ( انجلز) البرهنة على تناقض الطبيعة , ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل وظلت في حدود الملاحظات المتفرقة إلى أن تركها انجلز تماما وتفرغ ل ( شرح ماركس) ..." ياما جاب الغراب لأمه !!! " حتى هذه الملاحظات كانت على أساس علم الطبيعة كما عبرت عنه نيوتن ولكن قد جاء اينشتاين وهدم الأساس الذي بنى عليه انجلز ملاحظاته حول تناقض الطبيعة ,هو تناقض متعسف , التناقض هو في الإنسان وليس في الطبيعة , التناقض في الطبيعة هو في الحقيقة تناقض في عقل الإنسان المتأمل لها , الإنسان غير خاضع لقوانين المادة إلا من حيث هو جسد ,
الثالثة : تحول المادة إلى طاقة من ناحية وإلى رغبة من ناحية أخرى يجعل موضوع المادية الجدلية هلامي ليس له تعريف واضح... ( ما المادة ?)
الرابعة : الإشتراكية كنهاية للتاريخ ( وهي أهم تطبيقات فكرة المادية الجدلية على التاريخ ) أثبت الواقع خلوها من الصدق مما يجعلنا نضع النظرية نفسها موضع تساؤل , يحلو للبعض استخدام نفس المنطق مع الفكر الإسلامي ( الاستدلال بأخطاء الممارسة على فساد النظرية ) , الحقيقة أن فشل الحضارة الإسلامية في الاستمرار عبر الزمان لا يؤدي إلا إلى مزيد من الثقة في البناء النظري لها لأن هذا الفشل ذاته هو تعبير عن نظرة الفكر الإسلامي للإنسان ( كموضوع فاني ) انحرافات الممارسة الإسلامية في ممارسة الفكر الإسلامي هي انحرافات تحت السيطرة بمعنى أنها متوقعه من خلال هذا الفكر نفسه وتؤكد تكامله ... " بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا كما بدأ " حديث شريف , على الجانب الآخر , لقد أعلنت المادية الجدلية أنها هي قمة التاريخ ونهايته وأنها لن تزول هذا هو الفرق ,
وهنا تثور قضية " موقف التاريخ" من أفكار الغرب , إلى جانب " موقف العقل" منها .
ولكن ما معنى أن وجود الإنسان هو شرط وجود الفكر الإنساني ? للحديث بقية و آسف للإطالة .
| 19 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية 23     ( من قبل 2 أعضاء ) قيّم
لم يدر في خلدي قط أثناء الحديث عن علاقة الفكر بالواقع أن أنتصر لأسبقية الفكر على الواقع على أسبقية الواقع على الفكر , حسب المفهوم الساذج لمعنى الفكر , نحن لسنا ماديين ولسنا مثاليين أيضا , الفكر الإسلامي يستعصي على أي تصنيف تقليدي للأفكار البشرية ولكن مفاهيمه قابلة لأن تترجم إلى أي لغة بعد تحليلها , وأنا أحيي الأخت ضياء على إثارتها لموضوع اللغة, مفهوم المادة ومفهوم الفكر مفاهيم إنسانية ليست مطلقة ,ولا تفهم إلا من خلال محمولها الذي هو الإنسان , النتيجة المستخلصة من التقسيم الغربي للعالم إلى فكر و مادة هي أن العالم الغربي ما زال أسيرا في نظرته إلى العالم إلى نظرته إلى نفسه , إنه يقوم بتقسيم العالم من خلال المفاهيم التي يعرفها هو , إذا هو في الحقيقة ودون أن يشعر لا يتأمل صورة العالم بل صورة نفسه , إنها النرجسية التي يصاب بها الإنسان حين يستبعد الوحي كعاصم له من الوقوع في أسر ذاته حين ينظر إلى العالم بعقله ( يراجع حديثنا عن الوحي كمحك خارجي ضروري للعقل ) , العالم ليس فكر ومادة فقط لأن العالم ليس هو الإنسان فقط , حتى أفلاطون لم يتخلص في صياغته للمثل من أسر ذاته التي تسقط صورتها _ رغما عنه_ في مثله التي ظن أنه (عبر بها المانش) , لقد صيغت لتماثل مألوفات أفلاطون , في حين أن الحق المطلق " ليس كمثله شيء " ( الزمر _62) ,حتى هيجل الذي أراد أن يقفز قفزة عالية ويبدأ من العدم حيث يتخلص تماما من أسر المفاهيم المألوفة , غير إنه بدأ من كل الأشياء التي ( يعرفها هو ) لكن من حيث هي غير موجودة , لابد أن تكون البداية هي شيء لا نعرفه لأن هذه البداية لا تغازل نرجسيتنا بل تحترم الواقع الذي يؤكد أننا لم نشهد خلق السماوات و الأرض ( الكهف_ 51 ) وليس من المنطقي أن نعرف كنه البداية , ولو كنا نعرفها فهذا دليل على أنها ليست البداية المنشودة , العالم صادر عن إرادة الله , الله ليس فكر وليس مادة.
- إذا كنا لسنا ماديين ولسنا مثاليين فمن نحن ?
- نحن المسلمين ورثة هذا العالم .
- لا... أقصد أين نحن على خريطة الفكر الإنساني ?
- على هذه الخريطة أن تحدد هي موقعها منا .
- ولكن كيف يعرفنا الآخرون ?
- حين يكفوا عن أن يكونوا آخرين .
- لن نرغمهم على ذلك .
- ولن يرغمونا على أن نعرف أنفسنا إليهم .
- ولكن رسالتنا هي أن نعرفهم بأنفسنا .
- لو عرفونا بمفاهيمهم فما عرفونا بل عرفوا موضوعات تنطبق على مفاهيمهم هم .
- كلامك هذا ينطبق على ثنائية الفكر و المادة ?
- بل على كل المفاهيم الغربية ( الديمقراطية الدكتاتورية ) , ( العنصرية الإنسانية ) ,( الحداثة الماضوية) , (العلمانية الثيوقراطية) , أخشي أن يأتي اليوم الذي اسمع فيه السؤال عن الفكر الإسلامي هل هو ديمقراطي أم جمهوري ... شخصيا أنا ضد بوش .
- نحن مضطرون إلى التعامل مع غيرنا .
- بمنطق الإخضاع أو الإستأصال .
- أنت عنصري .
- لقد وقعت فيما أحذرك منه
- الآن أتريد أن تبني العالم على مشيئتك .
- بل على مشيئة الله
- ولكنهم لا يعترفون أنها ما تفعله هو مشيئة الله .
- يكفي أن أعرف أنا .
- لم لا تعيش في هذا العالم كما هو ?
- أريد أن أحيا في العالم الذي أحبه .. أريد أن أتنفس هواء نقيا ..أن أحيا حياة كريمة , لا أخضع فيها العالم بل أخضع العالم للإله الذي أعبده و العالم تافه بالنسبة لله وليس أكبر من أن يعلن خضوعه .
- ولكنك تافه بالنسبة للعالم .
- لقد وقعت في المحذور مرة أخري فنظرت إلي بعين العالم و أنا لا أهتم بتلك النظرة لأن الله ينظر إلي نظرة مختلفة .
- من يناطح العالم يموت .
- سأموت مقاتل .
- دون أن تحقق غايتك ?
- غايتي هي أن أسير وليس أن أبلغ نهاية الطريق
- من سيبلغها إذا ?
- صاحب هذا العالم يعرفهم ...أنا أمهد الطريق .
- هم على حق إذا حين قالوا أنك خطر على السلام العالمي ?
- قد لمسوا الحقيقة إذا لأول مرة . أنا خطر على السلام العالمي لأن السلام العالمي خطر على السيادة الإسلامية .
| 21 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية 24 كن أول من يقيّم
إذا أردت تحطيم شيء جميل وعجزت عن ذلك فلا عليك سوى أن تعبث بمعايير الجمال فيبدو في عين الناس قبيحا .. ذلك الشيء الجميل الذي أردت تحطيمه ...إذا أردت تحطيم الحضارة الإسلامية في أعين الناس فلا عليك سوى أن تبرهن لهم على خلوها من الفلسفة , فإن عجزت عن ذلك فلا عليك سوى أن تعبث بمعيار الفلسفة فتبدو خالية من الفلسفة تلك الحضارة الجميلة .
هذا ما فعله والدي المربي الفاضل وحيد , ففكرته عن الفلسفة هي أي فكرة... بشرط : أن تكون غير تلك الفكرة التي عبرت عنها الحضارة الإسلامية ... الفلسفة ليست هي وجهة نظر في العالم أو رد الأشياء إلى كلياتها أو رد الكثرة إلى الوحدة , لماذا ?! هذه كلها تعريفات ثقافية عامة لا ينبغي لمعشر الأكاديميين الاكتفاء بها , الفلسفة ليست هي الفكر نفسه بل الإبداع في الفكر , وكلمة الإبداع هذه لو عولجت بشكل أكثر حيادية وأقل تأثرا ببريق الكلمات لبدت أقل جمالا مما تبدو عليه , ستبدو كالآتي : الإبداع _الذي هو شرط إلحاق الفكر التقليدي بالفلسفة في نظر الأخ وحيد _ هو الإتيان بفكرة جديدة عن العالم تختلف عن الفكرة المألوفة , إذا فالفلسفة ليست هي الفكر بل هي الانتقال من فكر مألوف إلى فكر غير مألوف بشرط بسيط : هو أن يتميز هذا الفكر الجديد عن الجنون ببعض التماسك المؤقت الذي يزول بفكر جديد.. وهكذا. الفلسفة إذا _ بخلاف ما كان يعتقد البسطاء _ تتجاهل الفكر وتهتم بهذه النقلة من الفكر القديم إلى الفكر الجديد , إنها تتجاهل الفكر لحساب الإبداع , الإبداع ينظر إلى الفكر لا من حيث محتواه بل من حيث هو مخالف وطارد لفكر آخر سابق عليه , الفلسفة ليست فكر بل هي القفز المستمر بين الأفكار ,الفلسفة ليست تصور وإن كان التصور شرط ضروري لها , لا لشيء إلا لأن هذا التصور يمكننا من القفز منه إلى آخر , أما الفلسفة فهي القفز ذاته . الفكر يتحول للإبداع أو إلى الفلسفة عندما يعلن استياؤه باستمرار من الأفكار المألوفة عن طريق تغييرها , الأفكار المألوفة هي الواقع ومهمة الفلسفة هي الانفصال عن الواقع .. أليس كذلك ? الغريب في الموضوع ( وما غريب إلا الشيطان ) أن والدي الأخ وحيد قد استند في فكرته عن الفلسفة وأنها إبداع للمفاهيم وتجاهل المألوف, إلى أفكارنا المألوفة عنها رغم أنه يكره المألوف من الأفكار , هذه الفكرة المألوفة التي استند اليها الأخ وحيد هي : أن الناس تصف ارسطو وابن رشد و هيدجر بكلمة فلاسفة , وحيث أن الناس مجمعين على ذلك فلنشتق لأنفسنا مفهوما عن الفلسفة نربت به على هذا الإجماع ولا نتسبب في إزعاجه ," أساس فكرة الفلسفة إبداع هو أساس غير إبداعي " , ماذا لو تجاهلنا أفكار الناس وكففنا عن وصف هؤلاء بالفلسفة... هل تتغير الفلسفة ?. الحقيقة أننا لا نطلق على هؤلاء كلمة فلسفة إلا من قبيل المواضعات اللفظية , وإلا فالفلسفة _ التي هي الحكمة_ ليس لها موطن إلا في قلب الحضارة الإسلامية , الحقيقة الأخرى هي أن مفهوم (الفلسفة إبداع) هو مفهوم معوق للفكر , الوجه السيئ للإبداع هو عدم الاستقرار الذهني .. النتيجة في النهاية هي عدم الثقة بالفكر نفسه كأداة للاتصال بالواقع وهذه هي النتيجة التي آلت إليها الفلسفة , هي دائما موضع اتهام وريبه من المجتمع لأنها ليست أفكار بل مجرد قفز بين الأفكار , ولكن ما الخطأ الذي ارتكبته الفلسفة لتطل معلقة بتلك الحياة الضفدعية بين الأفكار ? ولتنال في النهاية ذلك المصير الاجتماعي السيء ? خطأ الفلسفة هو أنها تناقضت مع نفسها , وضعت اليقين كغاية وتجاهلت المطلق كوسيلة .... لا يقين إلا بالوحي .
وأن كنت أختلف مع والدي الأخ وحيد في معيار الفلسفة و أنها هي الإبداع في المفاهيم إلا أني من ناحية أؤكد على أن للإبداع دورا محترما يختلف عن مجرد القفز بين الأفكار , ومن ناحية أخرى فأنا أتفق معه في أن : الفكر لا يتحول إلى فلسفة لمجرد أنه متروك من السلف للخلف , بل هو: فعل العقل الحر الذي يتحدد على أساسه , ومع مطلق الحرية , من هم السلف? وما هو التراث? التراث لا( يحد) من فعل العقل بل... فعل العقل( يحدد) طبيعة التراث, يراجع : الأفكار لا تستمد قيمتها من الإحداثيات الزمنية .
هل من الممكن تغيير مفهومنا النمطي عن الفلسفة ولو من قبيل الإبداع في المفاهيم ? . | 22 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية 25     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
بغض النظر عن درجة التباين في محتوي كل من الفلسفة اليونانية و الإسلامية , وبغض النظر عن شد الرفض الإسلامي لها أو عدمه , تبقي هناك ظاهرة محايدة تماما : الفلسفة اليونانية وجدت بالفعل على أرض الإسلام , وهي ظاهرة لا يمكن لأي من أطراف النقاش إنكارها , ورغم حيادية هذه الظاهرة إلا أنها تبدو وكأنها تميل بخبث إلى تأييد وجهة النظر التي تغلب الفلسفة اليونانية على الإسلامية من حيث رقي المحتوى , ألا يعكس جرأة اليونانية على أرض الإسلامية نوع من القوة و التماسك لدى الأولى ونوع من السلبية و الاحتياج لدي الثانية ? ألا يدل وجود المعركة على أرضنا أننا في موقف المدافع أو الأضعف من ناجية الشكل على الأقل ? هكذا يمكن أن يثار السؤال , وهكذا يتعين علينا إنهاء حيادية هذه الظاهرة ..وتفسيرها.
في ضوء نظرية الغزو اليوناني _ الذي يتضمن بالضرورة إيجابية يونانية ( تفوق) وسلبية إسلامية (احتياج ) _ لا بد وأن يفرض علينا التساؤل حول حالة الحضارة اليونانية وقت الغزو , الحديث عن الانقطاع الحضاري بين يونان أرسطو من ناحية و أوروبا ( صكوك الغفران ) من ناحية أخري حديث معروف , اعتماد أوروبا على العرب في معرفة تراثهم بعد أن أزاح العرب التراب عنه, معروف أيضا , الدلالة واضحة , وهي أن الحضارة المنسوب إليها عملية الغزو لم تقم بالغزو لأنها ببساطة ..حضارة ميتة . مما يجعلنا نرجح احتمال أن يكون الوجود اليوناني على أرض الإسلام هو وجود سلبي لا يعكس نشاط أو قوة , الطرف الإيجابي فيه هو الحضارة العربية , الوجود اليوناني عند العرب ليس غزو يوناني حضاري للعرب بل استدعاء عربي لليونان .
أيضا ملاحظة الأخت ضياء حول تجاوز التراث اليوناني لحضارات أخري أقرب إليه في الزمان و المكان ( السريانية و الجرمانية ) , لها نفس الدلالة , الوجود اليوناني عند العرب ليس غزو يوناني بل استدعاء عربي لليونان , ليس نشاط يوناني بل نشاط عربي
الامتداد اليوناني في ارض الإسلام كان محدود ومرهون في البداية بوجود فئة تعكس نشاز في النسيج الحضاري للإسلام ( يونانيو العرب من الناحية الأخلاقية كانوا أقل التزاما ومن الناحية الاجتماعية لم يكونوا شعبيين ) , محدودية الامتداد اليوناني عند العرب من الناحية الاجتماعية , و التناسب العكسي بين يقظة الحضارة الإسلامية و انتشار الفلسفة اليونانية , ظاهرتان لهما دلالة واحدة : لا يمكن الحديث عن قوة فكرية يونانية إزاء البناء الإسلامي يستند على وجود الفلسفة اليونانية في أرض الإسلام .
لكن يبقى السؤال قائما حتى بعد نفي فكرة الغزو الإنجابي لليونان : لماذا تم استدعاء اليونان ? أعتقد أننا نستطيع الإجابة بشكل علمي ودون الحاجة إلى نظرية غربية , فهل هناك رغبة من المشاركين ? | 23 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفسفية 26 كن أول من يقيّم
اشتهر بين التيار ( العلماني ) أفكار سلبية ومغلوطة عن الحضارة الإسلامية , تمنعهم من الالتحام بها ( أو تبرر لهم رغبتهم في التنصل من المسؤولية تجاهها ), تعرضنا باختصار _ قد يكون مخل _ لبعض هذه الأفكار , منها : الحضارة الإسلامية خالية من الفلسفة . قديمة غير معاصرة . تدور في فلك الوحي وليس العقل . الحياة الفكرية فيها ليست حياة ضفدعية مثل الغرب المجيد ( الإبداع هو القفز من فكرة إلى أخرى ) . أيضا الحضارة الإسلامية لم تعرف مفاهيم قبول الآخر ( مثل ما عرفها الغرب المجيد في سجن أبو غريب و كوسوفا و فلسطين ) . أيضا الحضارة الإسلامية منافقة , فقد عرفت الازدواجية بين الرغبة في الفعل الحيواني من ناحية وبين تبريره الشرعي دوليا من ناحية أخرى ( الأمم المتحدة ) . كما أن الحضارة الإسلامية أدخلت _ ولأول مرة في تاريخ النظرية السياسية _عنصر الكذب على الأمة بكاملها بدعوى أنه في صالحها ( " ليفي شتراوس" وفلسفته التي تقوم على تبرير _ بل و الدعوة إلى _ اختلاق فكرة الخطر الخارجي كضرورة لتماسك الأمة , ويقوم الآن تلامذته من المحافظين الجدد بممارستها) .
نصية الحضارة الإسلامية , إحدى مآخذ التيار العلماني على هذه الحضارة , أليس المرجع فيها هو النص (بلغة الأخ عياشي) أو المتن اللغوي (بلغة الأخ وحيد) ذلك النص أو المتن الذي ينزوي أمامه العقل , أو يضع نفسه في خدمته ( لو كان عايز يعيش ) ? تعرضنا لمشكلة النص هذه_ بعد أن استبدلناها بكلمة وحي _ من خلال عدة نقاط : الوحي هو اختيار العقل الإنساني الحر . الوحي ماثل أمام العقل كموضوع له بجانب ظواهر الوجود يساعده في تفسيرها وليس ندا له ينافسه على تفسيرها . الوحي صمام أمان خارجي يحول دون وقوع العقل في أسر الرغبة دون أن يشعر و يحول دون تسلل صورة الذات إلى مجال الرؤية الإنسانية خلسة أيضا . الوحي وسيلة الصلة الروحية بخالق العالم , هذه الصلة هي شرط تماسك الذات بتعبير الأخت ضياء , وهذا التماسك هو شرط التفلسف . تعارض الوحي مع العقل هو في الحقيقة : تعارض فعل العقل في الوجود مع فعل العقل في الوحي , إنها مشكلة تخص العقل غير الكامل ولا تخص الوجود أو الوحي , لكن ذلك لا يمنع من أنها مشكلة بالفعل فما الحل ? الحقيقة أن تجاوز الوحي للإنسان من الناحية العلمية ( الإعجاز العلمي في القرآن ) يجعل مشكلة تعارض الوحي مع العقل مشكلة خجولة , ولكن لم لا نناقش المشاكل الخجولة هذه ? سنناقشها بشرط أن نناقش معها مشكلة تعارض الحس مع الحس , هل يتعارض الحس مع الحس ? نعم , فحتى كتابة هذه السطور هناك معطيات حسية تؤكد أن الضوء مادة وأخري حسية تؤكد أنه طاقة وما زالت هذه المشكلة معلقة عند الفيزيائيين.
هذا هو النصف الأول من المقالة وهو لا يعدو أن يكون إعادة وتلخيص , أما النصف الأخير فهو يتعلق بتلك الظاهرة الدقيقة التي لاحظها الأخ وحيد , ولم يدعها تفلت من عينيه الصقرية , فهو يظن في نفسه أنه يستطيع مراقبة التغير في ملامح وجه النملة وهي تعاتب صديقتها . هذه الملاحظة هي : أن الحضارة الإسلامية تهتم بملكة الحفظ , وهذا يؤكد دورانها حول النص , الحقيقة أن اهتمام الحضارة الإسلامية بملكة الحفظ هو عنصر من عناصر كمالها وروعتها , لكن قبل الدخول في التفاصيل نقرر مبدئيا أن النتاج التاريخي للحضارة الإسلامية يدل علي وجود ملكة الفهم عند العرب أي أن ملكة الحفظ ليست بديلة لملكة الفهم عند بل إضافة لها , ومن الناحية الفنية : استخدام الإنسان لملكات أكثر يدل على عمق هذا الإنسان ورقيه مقارنة بأي إنسان آخر , ولكن تفصيليا .. كيف يكون الاهتمام بملكة الحفظ دليل علي روعة و كمال الحضارة الإسلامية ( التي هي حضارتي ) , الحقيقة أنه لابد لإدراك هذه الروعة من العودة خطوة واحدة إلى الوراء , إلى طبيعة الأمة , التي هي أساس الحضارة , الأمة في النهاية أفراد ما الذي يطرأ على هؤلاء الأفراد ليتحولوا إلى أمة ? الشعور بالتميز عن سائر الأفراد في العالم , هذا التميز ليس تميز عشوائي , إنه تميز بمعاناة خطر خارجي يتهددهم دون سائر أفراد العالم , أيضا الشعور بالرسالة التي يتحملونها دون سائر أفراد العالم , الشعور بهذا التميز سواء بالخطر أو بالمسؤولية يضفي نوع من الوحدة بين الأفراد هذه الوحدة اعتبارية غير محسوسة , وضمنية غير صريحة وعلى هذا لا يترتب عليها أي حقوق بين الأفراد , لابد إذا من جهة خارجية تشهد هذا التعاقد وتؤكده , هذه الجهة هي الزعيم الذي تستلهمه الأمة ( ولا تخلو أي أمة من زعامة ملهمة لكل أفرادها ) , ما علاقة هذا بموضوع ملكة الحفظ وروعة الحضارة الإسلامية ? الحقيقة أن مكمن الروعة في بناء الحضارة الإسلامية ( التي هي حضارتي ) أن عناصر بناء الحضارة فيها حقيقية واقعية على خلاف سائر الحضارات تخيلية وهمية تعويضية , أي أمة أو أي جماعة أو أي قبيلة تلجأ إلى الاختلاق لصنع زعيم أو شخص أسطوري أو مجموعة أسلاف عظام يقومون بوظيفة الشاهد على العقد الاعتباري بين الأفراد ومن ثم يحافظون على تماسك الجماعة , أما صانع الحضارة الإسلامية ( التي هي حضارتي) فهو شخصية حقيقية متواضعة عظيمة , شخصية لم تختلقها الأمة لتتماسك بل هو صنع هده الأمة , ولكن ما علاقة ذلك بملكة الحفظ ? الحقيقة أن واقعية مقام النبوة ( أي عدم اعتبار يته) يجعل علاقة الأفراد به ليست مجرد وجدان بل إتباع صارم قدر المستطاع وتمثله في كل شيء ( عدا الأشياء التي تخص شخصه الكريم ) . ولكن ما علاقة هذا بموضوع ملكة الحفظ ? الحقيقة أنه كانت هناك عقبة تواجه مهمة إتباع الرسول وتمثله , هذه العقبة هي : الامتداد الزمني للأمة و الانقطاع الزمني لمقام النبوة ( أي وفاة النبي الكريم ) , الحل الساذج هو أن تنتقل رسالته على هيئة أفكار , ولكن هناك مشكلتان أمام هذا الحل الساذج : الأولى : أن انتقال الرسالة على هيئة أفكار هو في الحقيقة ليس انتقال للرسالة بل انتقال لما فهمناه منها , و الرسالة تتجاوز فهم جيل معين , وستفقد هذه الرسالة استقلاليتها عن الإنسان ( تلك الاستقلالية التي اعتبرناها صمام أمان للعقل ) إذا انتقلت عبر فهمه لها , العقبة الثانية : أن الرسالة إدا انتقلت على هيئة أفكار ستفقد أيضا استقلاليتها عن الزمن ( اللغة و الفكر يتبادلان التأثير و التأثر عبر الزمان ) , إذا ما الحل الذي تفتقت عنه عبقرية علماء الحضارة الإسلامية ( التي هي حضارتي ) , الحل هو أن تنتقل هذه الرسالة في شكل نص , وهو ما عرف بالأحاديث النبوية الشريفة , ولكن ما الضرورة لملكة الحفظ طالما أن النص يمكن كتابته ? الواقع أن أسلوب انتقال الرسالة لا بد أن يناسب مضمونها . مضمون شخص الرسول هو تلقي الرسالة نيابة عن الأمة من الله و الشهود على هده الأمة كأمة وشهود كل فرد على نفسه كجزء من ألأمة و شهود كل جيل في الأمة على نفسه أنه حلقة من حلقات الأمة , عملية الشهود هذه يستلزم أن نكون انتقال الرسالة هي عبر الإنسان وليس عبر الورق , من هنا ظهر علم الحديث ومن هنا ظهر الاهتمام بملكة الحفظ .
| 25 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |
|