البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات صادق السعدي -

 1  2  3  4  5 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
حكاية إنّ    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

 
 
هذه قصة أخرى علّها تقرّب المطلب أكثر، وتكون تمهيدا لحوار أشدّ سخونة! هي قصة معروفة ومتداولة في كتب الادب لاسيّما كتب البلاغة والنقد الادبي.
 
تقول الرواية ان الفيلسوف الكندي دخل على المبرّد، اللغوي الشهير صاحب كتاب الكامل في اللغة والادب فقال له:إني لاجد في كلام العرب حشوا، فقال أبو العباس: في اي موضع وجدت ذلك. فقال: أجد العرب يقولون: عبد الله قائم، ثم يقولون: إنّ عبد الله قائم، ثم يقولون: إن عبد الله لقائم. فالالفاظ متكرّر والمعني واحد. فقال أبو العباس: بل المعاني مختلفة لاختلاف الالفاظ، فالاول إخبار عن قيامه، والثاني جواب عن سؤال سائل، والثالث جواب عن إنكار منكر قيامه، فقد تكررت الالفاظ لتكرر المعاني. فما أحار المتفلسف جوابا)
 
ولا يهمنا الآن صحة هذه الرواية من عدمها مادام المغزى هو الغاية. لم يكن الكندي ملتفتا الى ان زيادة المبنى له أثر في المعنى واختلاف دلالته. هو يعتقد أن القول: محمد قائم يفي بالغرض ويفهم منه مراد المتكلم. وما زاد على ذلك فهو من فضول الكلام. الفيلسوف كان يرى وجها من الصورة، والاديب كانت عينه على الوجه الآخر.
لو اتفق الطرفان على الوجهين  لحسم الامر ولما سُقط في يد الفيلسوف. الاديب كان يحكم بذوقه الادبي، وما يعرفه من قواعد البلاغة والبيان، ولو عرف الفيلسوف حرقة الاديب لعذره.
 
وهذه أخرى:
 
اجتمع الجاحظ ويوحنّا بن ماسويه على مائدة اسماعيل بن بلبل الوزير، وكان في جملة ماقدم مضيرة بعد سمك، فامتنع يوحنّا من الجمع بينهما، فقال له ابوعثمان: أيها الشيخ، لا يخلو أن يكون السمك من طبع اللبن أو مضاد له، فإن كان أحدهما ضد الآخر فهو دواء له، وإن كان من طبع واحد فلنحسب أنا قد أكلنا من أحدهما الى ان اكتفينا.فقال يوحنّا: والله مالي خبرة بالكلام -هذا دأب العالم المحصِّل- ولكن كل يا أبا عثمان وانظر ما يكون في الغد. فأكل أبو عثمان نصرة لدعوته، ففلج في ليلته، فقال: هذه والله نتيجة القياس المحال.) وبقيت هذه العلة الخبيثة ملازمة للجاحظ، فمكث في بيته وانقطع عن الناس، فكان اذا زاره أحد قال للخادم قل للزائر: ما تصنع بشقّ مائل، ولعاب سائل، ولون حائل، وما زال في علته تلك حتى قتلته الكتب!
 
والكلام لم ينته بعد.....
 
 

18 - يوليو - 2010
ساعة الفجر الحزينة
بين الخطأ والصواب    كن أول من يقيّم

ان يكون النص القرآني في حقيقته وجوهره منتج ثقافي لا يعني انه ليس كتاب الله! هذا التعبير لم نعرفه من قبل، او عرفناه ولكننا فسّقنا قائله اوكفّرناه. نناقش في المنهج، هذا سليم، بل هو من طبيعة كل بحث موضوعي منصف. أخطأ الكاتب فيما قال؟ لا يخلو بحث من أخطاء ومزالق والتباس. كيف والبحث في كتاب الله. وقد قال محمود محمد شاكر في مقدمة كتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي: أعفد مشكلة يمكن ان يعانيها العقل البشري الحديث. قال الحديث، فتأمّل!
 
ديالكتيك صاعد وليس بنازل، نعم هو كذالك! ولكن مهلا قبل ان نقول سهلا. الصاعد ليس قوله تعالى هذا الذي بين الدفتين من سورة الفتحة الى سورة الناس. الى من يصعد الى الله وعقيدتنا الصحيحة انه هو المنزل من عند الله. الصعود الى من! الصعود هو مقتضى النزول، اسبابه، مقتضياته، ملابساته في الظرف الاجتماعي، الحكمة الازلية لحظة التباسها بحركة الحدث وضرورة وقوعه في ظرف الزمان هذا دون غيره، وهذا المكان دون ذاك. فإن كنت من المؤمنين بخلقه الازلي،فإن الله انما ينزّل كلامه بقدر وحكمة غير منفصلة ولا متعالية عن محلها، وان قلت بالخلق وهذا ما يذهب اليه المتكلّم واصحاب الاتجاه العقلي، فلا علم عندهم قبل معلوم وعلم الله لا يقع على معدوم قبل ايجاده. وهذا ليس محل كلامنا بل هو كلام وقع في سياق غيره عرضا.عندما نقول ان الله في السماء، لا يعني ان ليس في الارض. بعضهم يرى انه جالس على كرسيّه بالكيفية. وانت بين من جعله كافرا، ومن صيّره شيخا لعقيدة المسلمين، في بلاء وبلبلة وعجب. واذا قال الفيلسوف او المتصوّف: داخل في الاشياء لا بالممازجة، وخارج عنها لا بالمزايلة، أجمعوا على انه كفر صريح. اين هو الميزان الذي يطمئن اليه ضمير المرء قبل عقله المشكوك في سلامة حكمه. الهوى والتعصب، و تلقين الآباء والآمهات والعجائز، وما يقوله عليم اللسان وصاحب اللحية البهيّة وكارزما الحظور الطاغي عند الحديث، درّب عليه كما يدرّب البهلوان في ألاعيب السرك. هذا في ميدان خداع البصر، وذاك في مجال خداع العقل وتضليل الجمهور الغافل، بأدواة اتقنها صاحبها. بذكاء ودهاء فطري يحسد عليه.
 
الله أقرب الينا من حبل الوريد؟ كيف نقول انه جالس على كرسيّه في السماء؟ ان قلت بعلمه، هذا هو الكلام. هذه هي اللغة التي نزل بها القرآن الكريم. لغة العرب بكل ما تحمل من تاريخ مفعم بالمعني الذي كان متداولا ومستعملا في كلام العرب. ليس في القرآن كلمة يجهل معناه العرب. نعم الجهل بالمضامين، باغراض القرآن واهدافه وحقيقة دعوته.
 
والحديث في أوله، والوقت لا يتسع.
في المساء ان شاء الله......
 

20 - يوليو - 2010
ساعة الفجر الحزينة
هذا ما وجدنا عليه آباءنا    كن أول من يقيّم

 
 
كيف لا يكون هناك تشابه بين القرآن الكريم والثقافة العامة، والقرآن هو الاصل. الاصل لهذه الثقافة. فقه اللغة والنحو والبلاغة، وعلوم القرآن من الفقه وأصوله، والتفسير وعلم الحديث وعلم الرجال والتاريخ الاسلامي وغيرها ذلك من العلوم التي ماكانت لتكون لولا كتاب الله. اليست هذه كلها من ثقافة المسلمين العامة.
 
أما سعة الخيال فهي صفة محمودة في عامة البشر، وفي الانبياء خاصة لماذا اختار تعالى محمدا عليه أفضل الصلاة والسلام، ولم يختر رجلا من من سادة قريش مثل أبي سفيان او أبي جهل مثلا. يقول الشهرستاني في الملل والنحل: ان النبي كان نورا في صلب ابراهيم، وببركة ذلك النور دفع الله شرّ أبرهة وارسل عليهم طيرا أبابيل،وببركة ذلك النور ألهم عبد المطلب الذي نذر في ذبح العاشر من أولاده... وببركة ذلك النور كان قد سلم إليه النظر في حكومات العرب والحكم بين المتخاصمين.... وببركة ذلك النور قال لابرهة:إنّ لهذا لبيت ربا يحفظه ويذب عنه...)
نور في الاصلاب الشامخة، والارحام المطهّرة. أستعداد فطري جامع لكل كمال، وبلاغة في القول قبل نزول القرآن وارتقاء في البلاغة بعد نزوله.
لا يُرقم على الماء، ولا تصح الكتابة على الرمل. الله سبحانه وتعالى يصطفي من عباده الافذاذ لحمل الرسالة، يمدهم بالوان من اللطف الرباني، مع ماذكرنا من الصفات العظيمة. لم تكن طفولة النبي كطفولة غيره من الصبية والاولاد، كان يُعدّ إعدادا بمدد من وحي السماء. وفي كتب التاريخ شواهد وقصص على ذلك.
 
إختلاف منهج البحث يؤدي بالضروة الى اختلاف النتائج. من يرى أن القرآن نص مكتمل قائم في علم الله منذ الازل، بالطبع لا يستطيع ان يتصور ان لنص القرآن علاقة حيوية ورابطة عضوية بالواقعة على الارض، أو بطبيعة الحدث. فهو خطاب فوقيّ وظاهر مستقلّة. بمعني انه ليس استجابة لضرورة ظرفيّة، اجتماعية أو نفسيّة أو اقتصاديّة وما الى ذلك. لان القرآن بهذا المعنى لا يكون كلام الله. بل يكون منتجا بشريّا، أي كلام محمد كما قال الكفار في الجاهليّة، وأعداء الاسلام من المستشرقين, ومن لفّ لفّهم ممن يريدون هدم صرح هذا الدين بمثل هذه الاقوال.اذن كل من يقول أن القرآن منتج بشري، فهو يردّد ما قال هؤلاء، ويدين بدينهم.
 
والى الغد ان شاء الله..

21 - يوليو - 2010
ساعة الفجر الحزينة
ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا    كن أول من يقيّم

 كان لهذا الموضوع الفضل اننا كما ذكر استاذنا الكريم ياسين، قد تعرّفنا على وجهات نظر متباينة ومختلفة في الرؤية والتصور وتقييم تراث الراحل المغفور له ان شاء الله، نصر حامد أبو زيد.لم يكن الرجل واحدا من مثقفي عصره، وإنما هو صاحب مشروع ثقافي، قائم على منهج خاص، وموقف مختلف ومغاير. يطرح الاسئلة ويثير الاشكالات، ولا يزعم انه قادر لوحده على الاجابة عنها. هذه هي طبيعة المشاريع الكبيرة، لا تنهض بها إلا الهيئات والمؤسسسات الثقافية، ورجال العلم والفكر. كما كان لهذا الموضوع فضل آخر، فبين يدي مجوعة من الافكار التي دونتها تصلح ان تكون مواضيع ذات صلة بموضوع هذا الباب، تجمع بين الطرافة، والادب والشعر، وخواطر فلسفية لعلّي أقوم بنشرها في احد أبواب المجالس كلما وجدت الفرصة والوقت المناسب لذلك بتوفيق الله وتسديده.
 
وغنيمة أخرى لابدّ من ذكرها في هذا المقام، اننا ربحنا قلما كبيرا انضمّ الى قافلة السراة، بارك في مسيرتها المولى تعالى وأنعم علينا بالمزيد- أعني أستاذنا ومعلّمنا الفاضل محمد جميل. و من تداعي الخواطر والشيء بالشيء يذكر، انني وقبل أكثر من عقدين من الزمان العتيد، قبل ان تعرفني المنافي، وقبل ان اتقلب في أتون أحضانها بفعل القهر والغصب، ولا عقد بيني وبينها ولا مبارك عيشي معها، وهي والله شاهد على ما أقول حسناء لعوب، تعطيك من أطايبها ماتحب، مكشوفة حدّ العري على طالبيها. ولكنني نبت لا يركب على جسدها، ولا ينتج ثمرا. أقول كنّا وقتها قد صلب عودنا بعض الشيء، نجلس في المقهى، نسمر ونتحدث في شؤون الثقافة والادب والفن بعيدا طبعا عن الكلام في السياسة، تطرقنا في احد حواراتنا عن الشعر الجاهلي، فاعترض احد الاساتذة على ما طرحته من رأي، فصرتُ أصول وأجول كأنني فارس مغوار وجعبتي لا تخلو من نوادر القصص والشعر والشواهد والنصوص، وكان الرجل يكبرني سنّا قد تجاوز الخمسين، فغضب غضبا شديدا، وقد تربّينا على احترام من هو اكبر منّا سنّا ولو لم يكن على صواب. أستاذ.. خلاف الرأي لا يفسد للود قضيّة، فأجاب متململا: بل يُفسد!! وهذه دروس. لكنّ الطبع غـلاب. ولو كان السكوت محمودا في كل حال، لما كان الحال ما نحن عليه الآن. والدنيا مزرعة، تجمع بين ثمارها ألوانا وطعوما لا تكون بالضرورة مستساغة للجميع، وأشواكا لا يسلم من وغزها أحد من الخلق. ولا تقف الدنيا عند ظلم إنسان أو عذابه وسجنه الكبير، ولا تلتفتُ لموت أحد. نحن نجتهد، نخطيء كثيرا ونصيب قليلا، وصوابنا القليل هذا هو زادنا الحقير في هذه الدنيا. أشكرك لانك أخرجتني من بعض صمتي.
 
ولابدّ من الاشارة أيضا، الى أنني لم أتعرض الى أحد بما لا يليق من أدب الحوار، وأصول المناظرة. ولم أقصد إغضاب الاستاذ تركي، أو التطاول على مقام أحد من العلماء، اختلفنا أم اتفقنا. هذا ماقاله بعض العلماء، وليس قولي. لم أحاكمه أانا. من أنا وما هي أهليّة لاكون طرفا في ذلك. سياسة عصره، وعلماء السياسة حكموا عليه بما حكموا، وزجّوا به في السجن. محقون أم مبطلون يخوض فيه من يحب ان يخوض، ومن يرى أنه أهل لذلك. وناقل الكفر ليس بكافر. من قرأ ولو بعض كتب ابن تيّمية، يعرف منزلة هذا الرجل في تاريخ الفكر الاسلامي وفضله وغزارة علمه وسعة اطلاعه، واسلوبه الذي تربّى عليه كبار العلماء والمشايخ، حتى وقعوا صرعى قلمه وبيانه. فإذا وقع مني ما جرح مشاعر أحد من الاخوة والسادة سراة المجالس ومرتاديه، فأنا أعتذر حقّا ولو كان ذلك من غير قصد أو تصميم مسبق.
 
متى نصل الى هذه البقيّة التي نذكرها في ختام كل مداخلة، لا أعلم والله.
وشعورنا ان الوصول محال!

21 - يوليو - 2010
ساعة الفجر الحزينة
من بريد زهير    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

الموضوعات الجديدة التي أكتبها لا تظهر مباشرة كما هو الحال في باب التعليقات. وقد نوّه الاستاذ زهير الى ذلك. قبل أيام كتبت في باب الفلسفة وعلم النفس موضوعا جديدا،لا أعلم إن كان كغيره ذهب أدراج الرياح.
 
حـتـى  بريدك يازهير iiمعطّل أم أن مـا عـندي هو iiالعطلان
أم أن صوت الشرق ليس iiكعهده إنـسـان  عيني أم هو iiالانسان
وعـلى  الرموز ورمزنا متوهج خـضراء محض نعيمها iiدوران
ومن ارتجال الشعر لحظه صدقه مـا  تـرتضيه وبعضه iiشيطان
وجـمـاله  الاسمى ورعة iiدفقه فـإذا عـلاك فـكـلـه iiطوفان

28 - يوليو - 2010
توظيف الرموز فى الشعر العربى الحديث
الخوارج نموذجا    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
        كان العرب في الجاهلية يشغلهم أمران أساسيّان هما: رعاية أنعامهم والتنقل في الصحراء بحثا عن الماء والكلأ ومنبت العشب ومساقط المطر، فلا ينزلون في الغالب مكانا، إلا فارقوه الى مكان آخر أكثر خصبا. هذا أولا. والامر الآخر هو ما نشأوا عليه من عادة الغزو طلبا للغنيمة أو طلبا للثأر من قبيلة أخرى. فلا ينفضون عنهم غبارة غارة، إلا وقد أعدّوا أنفسهم لمثلها، أو استعدوا لمواجهة عدو مرتقب، أو طالب ثأر يتربّص بهم. فهم كما قالوا:
 
يُغــار علينـــا واترين فيُشتفــى           بنا إن أُصبنا أو نغير على وتر
قسمنا بذاك الدهر شطرين بيننا         فما ينقضي إلا ونحن على شطر
 
 
        دخل الكثير من هؤلاء الإسلام بعد فتح مكة؛ كان رضوخا لواقع الحال واستسلام المغلوب للغالب. حتى إذا توفرت الفرصة واستشعروا الضعف في المتغلّب عليهم بالقهر، نقضوا عهدهم معه وفتكوا به. وهذا ما حصل بعد وفاة رسول الله، فارتدّ الكثير منهم وعادوا الى ما كان عليه آباؤهم. ثم كانت حروب الردة، فقتل منهم من قتل وعاد من بقي منهم الى حظيرة الاسلام. وجاءت الفتوح الاسلامية لتوظيف الطاقات الحربية عند هؤلاء وما نشأوا عليه من حب للغزو والقتال، لكن بمفاهيم وروح جديدة لا تقوم على العدوان بل على أساس الدفاع المشروع عن النفس. ولم يكن هؤلاء قد تشبعوا بروح الاسلام، وأكثرهم حديثوا عهد  بردة. ولكنهم كانوا أبطالا في ساحة الحرب، لا يهابون الموت، إما لإيمانهم – على مافيه من حيرة وقلق في اليقين- بأن موتهم شهادة جائزتها الجنة ورضوان من الله أكبر، أو لأن الموت في ساحة الوغى عزة لهم؛ وقد كانوا في جاهليّتهم يرون الموت على صهوات جيادهم أكرم لهم من الموت على فراش وثير.
 
 
       وحروب الفتوح بقدر ما اسهمت في توظيف هذه الطاقات والمواهب القتالية، وشغلتهم عن التفكير في الشغب وغزو بعضهم البعض، فتحت من جانب آخر دروبا ومسالك وأخطارا جديدة واجهت المسلمين في الامصار التي فتحوها.
 
كان فتح بلاد الشام، وفتح العراق وتمصير البصرة والكوفة، في فترة زمنية متقاربة ما بين سنة 14 الى سنة 17 للهجرة.   
     أما الشام فقد استطاع معاوية أثناء ولايته لها من التمكين لنفسه وضبط شؤون البلاد. وكان ذلك توطئة لقيام الدولة الأموية فيما بعد. وأما العراق فأمره كان مختلفا. فقد عرف هذا البلد حضارات متعددة، واستوطنته شعوب مختلفة في أعراقها وأديانها وعاداتها وتقاليدها. ثم أصبحت كل من البصرة والكوفة معسكرا للمقاتلين المسلمين، ومنطلقا لجيوش الفتح الاسلامي شرقا وغربا. كما شهدت الكوفة اضطرابا منذ عهد عمر. وقد أعيته كما قال وأتعبت ولاته. فقد أظهروا الشكوى والتذمر منهم؛ فاختلف الولاة على الكوفة وهم من كبار الصحابة. ولكنّ التذمر لم ينقطع؛ ثم تحوّل الأمر الى نزاع قبلي بين القيسيّين واليمانيّين. وفي أواخر عهد عثمان انقلب الى صراع و ثورة انتهت بمقتل الخليفة. ثم قام علي بالأمر، فخرج عليه طلحة والزبير مع أم المؤمنين السيّدة عائشة، فكانت فاجعة الجمل. وثار معاوية في الشام يطالب بدم عثمان ويرفض بيعة علي؛ فاضطر الإمام الى التوجه صوب العراق لحسم الموقف عسكريّا مع معاوية بعد فشل السفاراة والوفود بينها. والتقى الجمعان، فكانت فجيعة أخرى، وكارثة عظيمة حلّت بالمسلمين. وانتهت الحرب لا غالب ولا مغلوب. وجلس الطرفان للتفاوض.
 
وكان ما كان مما لستُ أذكره         فظّن خيرا ولا تسأل عن الخبر
 
 
      ورجحت كفة معاوية. وصاح الخوارج في معسكر علي: لا حكم إلا لله. و أكثر هؤلاء كما يقول محمد أبو زهرة في كتابه تاريخ المذاهب الاسلامية، كانوا من عرب البادية، وقليل منهم من كان من عرب القرى. يعيشون في فقر شديد قبل الاسلام وبعد الاسلام أيضا. لانهم استقروا في باديتهم بلأوائها وشدّتها وصعوبة الحياة فيها. وأصاب الإسلام شغاف قلوبهم مع سذاجة في التفكير وضيق في التصوّر. وأن أغلب هؤلاء كانوا من ربيعة، بينهم وبين مضر إحن وعدوات في الجاهلية. فكانوا ينفرون من قريش ومن حكمهم.
 
       لكن كيف نفهم اصرارهم على وقف القتال والدعوة الى كتاب الله ليحكم بينهم، ثم نراهم  بعد ذلك يعودون ليطلبوا من إمامهم الرجوع عن ذلك و مواصلة القتال حتى يحكم الله بينهم وبين عدوهم. هل كان هؤلا كما وصفهم أبو زهرة مصابون بالهوس واضطراب الأعصاب. أم أن الأمر كما ذهب إليه آخرون، هو عصيان وشغب ومؤامرة يقف وراءها أهل الشام لبث الفرقة والاختلاف في معسكر أهل العراق. وأن البعض من هؤلاء كانوا على صلة بمعاوية في الشام، ينقلون إليه الأخبار ويعملون لصالحه في جيش الإمام علي.
 
      ونضيف  الى ما ذكرنا بعض أقوال المؤرخين من المهتمّين بعلم الإجتماع قولهم: البدومن أكثر الناس حبّا للرئاسة  والإمرة وأكثرهم نفرة من الطاعة والإنصياع . إن الإمرة في نظر البدو علامة الغلبة، والطاعة علامة المغلوبية، فهم يطيعون شيخهم على سبيل النجدة والنخوة.... والبدويّ لا يسلّم الأمر لغيره ولو كان أباه أو أخاه أو كبير عشيرته إلا في الأقل وعلى كره منه لأجل الحياء... ويذهب ابن خلدون أيضا الى أن هذه الصفة كانت من الأسباب الرئيسة التي جعلت البدو غير صالحين لحكم البلاد المتحضرة إذ أنها تؤدي الى تعدد الحكام منهم والأمراء.( دراسة في طبيعة المجتمع العراقي. علي الوردي. ص 69 70 )
 
      فإذا كانت البداوة والحضارة على طرفي نقيض، تكون أزمة الخوارج في أوضح وجوهها هو هذا الإنتقال من واقع البداوة الذي كانوا يعيشون فيه الى واقع اجتماعي وحضاري مختلف. فما ذكره ا أبو زهرة مثلا هو صحيح في جانب من جوانبه كون الخوارج أكثرهم من أبناء البادية، لكنّ ظهورهم لم يكن فيها؛ لقد نبتوا بفكرهم في واقع اجتماعي مختلف؛ برزوا في العراق كفرقة بعد حرب صفين، وذلك لم يكن كل شيء. مابين فتح العراق واستقرار الكثير من هؤلاء في الكوفة والبصرة حتى ظهورهم، عقدين من الزمان. اختلطوا خلالها بغيرهم من الإمم الأخرى، سواء كان ذلك أثناء الفتوح وعلاقتهم بالإمم التي فتحوا بلادها، أو من خلال استقراهم في الكوفة حاضنة الخوارج ومركز تواجدهم؛ تتنازعهم في كل ذلك قيم متناقضة من الإيمان بالحريّة والإعتداد بالنفس والإحتكام الى نزعة  الغلبة وحدّ السيف التي نشأوا عليها أيام جاهليّتهم، وبين واقع إجتماعي وحضاري مختلف يشعرهم بالغربة ويغذيهم بالقلق واضطراب الشخصيّة؛ فيظهر في شكل تمرد وعصيان وثورات متلاحقة لا تنقطع؛ مبدين في ذلك كله ضروبا من الشجاعة النادرة في مواجة خصومهم في ميدان القتال. يستعذبون الموت وعقيدتهم: وعجلتُ إليك ربّ لترضى!
 
هؤلاء سجّلوا شهادتهم ومضوا. وشهادات أخرى دوّنها التاريخ في سجلّه الحافل بالدم والدموع.

3 - أغسطس - 2010
الهرمنيوطيقا
نزاع على ملكيّة النص    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
 
كتب نجدة بن عويمر الخارجي الى نافع بن الأزرق رأس الفرقة المتشددة من الخوارج:
 
     (أما بعد: فإنّ عهدي بك وأنت لليتيم كالأب الرحيم وللضعيف كالإخ البرّ، لا تأخذك في الله لومة لائم، ولا ترى معونة ظالم. كذلك كنتَ أنتَ وأصحابك؛ أما تذكر قولك؟ : لو لا أني أعلم للإمام العادل مثل أجر جميع رعيّته ما تولّيتُ أمر رجلين من المسلمين، فلما شريتَ نفسك في طاعة ربك ابتغاء رضوانه، وأصبت من الحق فصّه، وركبتَ مرّه، تجرّد لك الشيطان، ولم يكن أحد أثقل عليه وطأة منك ومن أصحابك، فاستمالك واستهواك واستغواك واغواك فغويت فاكفرت الذين عذرهم الله في كتابه ممن قعد ... فقال جلّ ثناؤه، وقوله الحق، ووعده الصدق : ( ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج اذا نصحوا لله ورسوله) التوبة : الآية 91 . ثمّ سماهم أحسن الأسماء فقال :( ما على المحسنين من سبيل) ثمّ استحللت قتل الأطفال، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلّم عن قتلهم، وقال الله عز ذكره : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى) الانعام : 164 . وقال في القعد خير أو فضل الله من جاهد عليهم ، ولا يدفع منزلة أكثر الناس عملا منزلة من هو دونه، أو ما سمعت قوله عز وجل : ( لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر) النساء 95 . فجعلهم الله من المؤمنين، وفضّل عليهم المجاهدين بأعمالهم، ورأيت ألا تؤدي الامانة الى من خالفك، والله يأمر أن تؤدى الأمانات الى اهلها، فاتق الله ، وانظر لنفسك واتق يوما لا يجزي والد عن ولده، ولا مولود هو جازعن والده شيئا؛ فانّ الله – عز ذكره بالمرصاد - ، وحكمه العدل، وقوله الفصل. والسلام)
 
       فكتب إليه نافع ( بسم الله الرحمن الرحيم. أما بعد : فقد أتاني كتابك تعظني فيه، وتذكرني وتنصح لي، وتزجرني وتصف ما كنتُ عليه من الحق وما أوثره من الصواب، وأنا أسأل الله – جلّ وعز – أن يجعلني من الذين يستمعون القول فيتبعون احسنه، وعبتَ عليّ مادنت به من إكفار القعد، وقتل الأطفال، واستحلال الأمانة، فسأفسر لك لم ذلك إن شاء الله.
 
      أما هؤلاء القعد فليسوا كمن ذكرتَ ممن كان بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأنهم  كانوا بمكة مقهورين محصورين لا يجدون الى الهرب سبيلا، ولا الى الإتصال بالمسلمين طريقا، وهؤلاء قد فقهوا في الدين، وقرؤا القرآن والطريق لهم نهج واضح، وقد عرفتَ ما قال – الله عز وجل _ فيمن كان مثلهم إذ قالوا كنّا مستضعفين في الارض فقيل لهم : ( ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) النساء : 97  وقال : ( فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله) التوبة 81  ) وقال : ( وجاء المعذرون من الأعراب ليؤذن لهم) التوبة :90. فخبّر بتعذيرهم، وأنهم كذبوا الله ورسوله، وقال : ( سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم)  التوبة 90 . فانظر الى اسمائهم وسماتهم؛ وأما أمر الأطفال فإن نبي الله نوحا عليه السلام كان أعلم بالله يا نجدة مني ومنك فقال : ( ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين دياّرا إنك إن تذرهم يضلّوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفّارا) نوح : 26 ، 27 . فسمّاهم بالكفر وهم أطفال، وقبل أن يولدو؛ فكيف كان ذلك في قوم نوح ولا نكون نقوله في قومنا؟ والله يقول : أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر) القمر : 43 . وهؤلاء كمشركي العرب لا تقبل منهم جزية، وليس بيننا وبينهم إلا السيف أو الإسلام.
 
      وأما استحلال أمانات من خالفنا ، فإنّ الله – عز وجل – أحل لنا أموالهم كما أحلّ دمائهم، فدمائهم حلال طلق، وأموالهم فيء للمسلمين، فاتق الله وراجع نفسك، فإنه لا عذر لك إلا بالتوبة، ولن يسعك خذلاننا والقعود عنّا، وترك ما نهجناه لك من طريقتنا ومقالتنا، والسلام على من أقرّ بالحقّ وعمل به.
 
 
المدخل الى دراسة علم الكلام. الدكتور حسن محمود الشافعي. الطبعة الثانية. ص 331 ، 332 ، 333 .
والنصّ من كتاب الكامل للمبرّد الجزء التاني.

4 - أغسطس - 2010
الهرمنيوطيقا
نزاع على ملكيّة الصحابة    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

إذا قـلـتُ الـسلام على iiعليّ
فـتـحتُ النار من جهتي iiعليَّا
وإن  قلتُ الرضى عنهم iiجميعا
لـقـالـوا  يـتقي من لا iiتقيّا
وشـمّ  الـبعض أنّك iiرافضيّ
وشـكّ الـبعض كونك جعفريّا
مـتـى وجد الدليل على iiهواه
متى  لـا يـشـتـهيه لواهُ ليّا
إذا ما اخترتَ أن تمضي وحيدا فـلا تـرجـو نصيرا أو iiوليّا
 

4 - أغسطس - 2010
الهرمنيوطيقا
شهادة 1    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

شهادة القرآن الكريم
 
 
 والى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله مالكم من اله غيره قد جاءتكم بيّنة من ربّكم فاوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تُفسدوا في الأرض بعد اصلاحها ذلكم خير لكم ان كنتم مؤمنين. ولا تقعدوا بكلّ صراط توعدون وتصدّون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجا واذكروا اذ كنتم قليلا فكثّركم وانظروا كيف كان عاقبة المفسدين. الاعراف 85 ، 86
 
الم ترَ كيف ضرب الله مثلا كلمة طيّبة كشجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء. 
تُؤتى أُكلها كلّ حين بإذن ربّها ويضرب الله الامثال للناس لعلّهم يتذكّرون. ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجتثت من فوق الارض مالها من قرار. يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويُضل الله الظالمين ويفعل مايشاء. ابراهيم 24 ،25 ، 26 ، 27 .
 
  واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق اذ قرّبا قربانا فتُقبّل من أحدهما ولم يتقبّل من الآخر قال لاقتلنّك قال انّما يتقبّل الله من المتقين. لئن بسطت اليّ يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي اليك لاقتلك انّي أخاف الله ربّ العالمين. انّي أريد أن تبوء بإثمي واثمك فتكون من اصحاب النار، ذلك جزاء الظالمين. فطوّعت له نفسه قتل أخيه فقتله فاصبح من الخاسرين. المائدة 27 ، 28 ، 29 ، 30 .
 
  بل قالوا إنّا وجدنا آباءنا على أمة وإنّا على آثرهم مهتدون. وكذلك ما ارسلنا من قبلك في قرية من نذير الا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون. قل أولوا جئتكم باهدى مما وجدتم عليه آباءكم قالوا انّا بما أرسلتم به كافرون. الزخرف 22 ، 23 ، 24 .
 
فاتت به قومها تحمله قالوا يامريم لقد جئت شيئا فريّا. يا أخت هارون ما كان أبوك أمرأ سوء وما كانت امك بغيّا. فاشارت إليه قالوا كيف نكلّم من كان في المهد صبيّا. قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيّا. وجعلني مباركا أين ما كنتُ وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيّا. وبرّا بوالدتي ولم يجعلني جبّارا شقيّا. والسلام عليّ يوم ولدتُ ويوم أموتُ ويوم أبعثُ حيّا. مريم 27 ، 28 ، 29 ، 30 ، 31 ، 32 ، 33 .
 
فقال الملأ الذين كفروا من قومه ما نراك الا بشرا مثلنا وما نراك اتبعك الا الذين هم أراذلنا بادي َالرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنّكم كاذبين. قال يا قوم أرأيتم إن كنتُ على بينة من ربّي وآتاني رحمة من عنده فعُمّيت عليكم أنُلزمكموها وأنتم لها كارهون. هود 27 ، 28
 
وهي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يابنيّ اركب معنا ولا تكن مع الكافرين. قال سآوي الى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله الا من رحم، وحال بينهما الموج فكان من المغرقين. هود 42 ،43
 

5 - أغسطس - 2010
الهرمنيوطيقا
شهادة 2    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

شهادة المسيح
 
 
 
ولمّا رأى الجموع صعد الى الجبل. فلمّا جلس تقدم إليه تلاميذه، ففتح فاه وعلّمهم قائلا:
 
طوبى للمساكين بالروح، لأن لهم ملكوت السماوات . طوبى للحزانى، لأنهم يتعزّون. طوبى للودعاء، لأنهم يرثون الأرض. طوبى للجياع والعطاش الى البّر، لأنهم يُشبعون. طوبى للرحماء، لأنهم يُرحمون. طوبى للأنقياء القلب، لأنهم يُعاينون الله. طوبى لصانعى السلام، لأنهم ابناء الله يُدعون. طوبى للمطرودين من أجل البّر، لأن لهم ملكوت السماوات. طوبى لكم إذا عيّروكم وطردوكم وقالوا عليكم كلّ كلمة شرّيرة... افرحوا وتهلّلوا، لأن أجركم عظيم في السماوات، فإنهم هكذا طردوا الأنبياء الذين قبلكم.
 
أنتم ملح الأرض، ولكن إن فسد الملح فبماذا يُملّح، لا يصلح بعد لشيء إلا لأن يطرح خارجا ويُداس من الناس..... متّى الأصحاح الخامس. من 1 – 14 . الترجمة العربية من اليونانية.
 

5 - أغسطس - 2010
الهرمنيوطيقا
 1  2  3  4  5