البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات abdelhafid akouh

 16  17  18  19  20 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
المثقفون ، تصنيفات وأنماط من الفاعلية..    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

تحية خاصة إلى الأخ العزيز النويهي ، وقد غلبه الحنين إلى هذا الملف الثري و الغني عن كل تعريف.
ويسعدني أن أساهم بهذه المشاركة علها  تكون إضافة ذات صلة  ، وذات فائدة..
********************************************************************************
.هناك عدة تصنيفات للمثقفين ؛ فالمثقف اليوم تشخصه عدة صور وأنماط من الفاعلية منها :
* المثقف، الذي يشتغل في أكثر من حقل، ولو أن له مشروعا، والذي لا يزال يعتقد أن له دورا ورسالة يؤديها، سواء أكان فردا، أو منخرطا في إطار فاعل جماعي (حزب - نقابة - اتحاد الكتاب - هيئة مدينة أو مؤسسة علمية أو بحثية - رابطة الأدباء - مجموعة البحث في القصة .. الخ). من وظائفه التثقيف وبناء الوعي وتجديده وتمثيل الآخرين مِمَّن لا >صوت< لهم.
* الكاتب أو الفنان. ما الذي يميز الكاتب أو الفنان عن عامة المثقفين ? الكاتب أو الفنان يربط نفسه بأفق جمالي، ويراهن بالدرجة الأولى على التخييل. وهو أكثر الناس ميلا إلى الإيمان باستقلاليته و>عزلته< الخلاَّقة وانفصاله عن الواقع اليومي. اهتمامه باليومي شخصي استبطاني تساؤلي تأويلي، يغذي تخييلاته ويشكل مادة تأليف غنية لعمله الفني.
* الباحث الأكاديمي الذي يطمح إلى التحليل الموضوعي لمادة ما، ويراهن على البناء النسقي الاستدلالي والإسهام في بناء النظرية. ومما يدعو للأسف أن نسبة لا بأس بها من الباحثين يمقتون السياسة والسياسيين، ويمقتون الأحزاب، ويمقتون كل ما هو جماعي ويؤمنون فقط بما هو تقني، وما هو نابع من بحوث موجَّهة. ويرتضون لوضعهم دور الخبير يقدم معرفة وضعية لمن يطلبها أو في سياق مهنته. وللاستثناء هنا أهمية بالغة.
* الإعلامي وطموحه الإسهام في بناء مجتمع المعلومات، مجتمع الرأي ؛ من وظائفه الإخبار بموضوعية، وكشف الحقائق، والمواكبة الحية والتحليلية للحدث. للإعلام اليوم من خلال رجاله ونسائه سلطة تشكيل الرأي العام، ومن هنا أهمية وضرورة وجود ميثاق شرف مهني يبنيه ويلتزم به الإعلاميون أنفسهم.
* يمكن الحديث عن المثقف الجماعي، وقد وقع طمس دور هذا الصنف من المثقفين الذي ينتمي إما لحزب أو مجلة أو جريدة، أو تم إضعاف دوره وتهميشه على الأقل.
إن المثقف اليوم، وربما في العالم العربي وحتى في العالم الديمقراطي، يقوم بمهمة مزدوجة : فهو يبدع في مجال تخصصه، لأنه لا معنى للصفة التي يحملها من دون أن يكون له إنتاج مقْنِع، منتظم، متجدد، مؤسَّس ؛ إنتاج يضيف إلى ما سبق أن تحقق. لكن تنتظره أمام الأوضاع التي نحياها وطنيا أو إقليميا أو دوليا، مهام الإسهام والانخراط في الدينامية المجتمعية ككل، بالتثقيف، وبناء الوعي وتجديده، وبتكسير الصمت، والتعبير في وضوح وجرأة وعن معرفة، وبتمثيل الآخرين ممن >لا صوت< لهم.


*عن ر .اتحاد كتاب المعرب ( مقتطف من مقال ).

8 - نوفمبر - 2006
لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ?
ثقافة الفقر..    كن أول من يقيّم

يقول أو سكار لويس :
" إن إلغاءالفقرأسهل من إلغـاء ثقافة الفقر.."
وما بروز ظاهرة بائعي  المبادئ ..والضمير إلا نتيجة لتمظهرات هذه الثقافة.
والإنسان يمارس حياته بقيم مستمدة من ثقافة مجتمعـه .
أما " الجمل " - في نظري - فهو رمز لثقافة أدنى ، هي ثقافة الحرمان..??!!
 
*وتحية خاصة لأديبتنا الأستاذة أماني .

8 - نوفمبر - 2006
سأسرق... ولتقطعوا يدي!!!
الأستاذ زهــير..    كن أول من يقيّم

 
 
أيها السندباد..       
ما أجمل شعرك .

  
postcard 1postcard 2 
  •  
postcard 3postcard 4 
"
 
  

9 - نوفمبر - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
على كرسي الاعتراف..    كن أول من يقيّم

أشكرك الأخت ضياء على النكتة الطريفة التي تعني وتعني..شخصيا سأجلس الليلة على كرسي الاعنراف
 واقرلك في هذا المجلس الموقر، بأنني وأنا أستنكر هذا السلوك من زيدان ، كنت -ربما عن دون وعي -
"أدين نفسي "، لأنني قمت بنفس السلوك قبله بأيام  ،حيث أنني ضربت تلميذا داخل الفصل تلفظ بكلام مشين ،
أخذ التلميذ يبكي ثم سقط وأخذ يرتعش كمن يحتضر، لم أتدخل لاعتقادي أنه يتظاهرعلما بأن الضربة لم
تكن قوية ولا في مكان حساس...تبلبل التلاميذ ..هرج  وضجيج ، وفوضى ، بدأ بعض الشك يساورني
في كون التلميذ ربما يعاني أزمة صحية ما ? !
جاء المعلمون والمعلمات ليستطلعوا الأمر...حمل التلميذ إلى الساحة ، صبوا على رأسه بعض الماء ،
نفس الحالة ، لايقوى على النهوض ! يرتجف بشدة وهوممدد فوق العشب..حضرت أخته ووجهت لي
كلاما جارحا ، لم أرد عليها ..أخوها -بالقسم الخامس - سبني ونعتني بالجبان ،هممت أن أمسك به
فاعترضت طريقي معلمة أحترمها كثيرا راجية مني أن أهدأ ..
كيف أهدأ ورأسي يغلي ..بصعوبة استجمعت بعض ما تبقى لي من عقلي..شغلت محرك دراجتي النارية..
  وقفلت راجعا كالهارب من نفسه ، وبباب المدرسة التقيت رجال الإسعاف -الوقا ية المدنية - الذين طلب
تدخلهم أحد الزملاء .لأن المدير كان غائبا.
في المساء التقا ني والد التلميد ، في المقهى ،تحدث معي بهدوء ، و أخبرني أن ولده بخير، وأنه لايحملني
أية مسؤولية ، وعندما سألته هل ابنه تنتابه حالة أو أزمة صحية ما، أجاب بالنفي !
علمت فيما بعد أن أسرة هذا الرجل مكونة من أكثر من عشرة أفراد ..وليس للأب عمل قار..وأن هذه
السلوكات يلجؤون إليها أحيانا  بغية الحصول على مبلغ مالي معين ، مقابل التهديد برفع دعوى قضائية .!!
فلعنة الله على الفقر ، والجهل أيضا. 

10 - نوفمبر - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
يحكى أن..(نكتة)    كن أول من يقيّم

*علماء أغبياء اجتمعوا وقرروا إجراء تجربة علمية على ضفدعة .
-في البداية قطعوا رجلها الأولى ،فقالوا لها : نطي ، فنطت .
-ثم قطعوا رجلها الثانية ، فقالوا لها : نطي ، فنطت .
-ثم قطعوا رجلها الثالثة ، فقالوا لها : نطي ، فنطت.
-وأخيرا قطعوا رجلها الرابعة ،فقالوا لها :نطي، فلم تتحرك .
 
بعد الانتهاء من التجربة ، كتب علماؤنا التقرير التالي :
عند قطع الرجل الرابعة ،تفقد الضفدعة القدرة على السمع .

10 - نوفمبر - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
بين قوسين..    كن أول من يقيّم

أستاذي الجليلين ، تحية خاصة ملؤها النقديرو الاحترام .
بخصوص  -حساب الجمل - تذكرت- وأنا طالب بالإعدادي -في بداية السبعينيات أنني كنت كثيرا ما
أتردد خلال العطلة الصيفية على منزل صديق لي بإحدى قرى الأقليم ، كان أبوه إماما ، وذا إلمام
واسع بمثل هذه الأمور والمسائل .
كان يصر على أن يحفظ لابنه  جدول الضرب بنفس الطريقة تماما كما أوردها أستاذنا بنلفقيه ، كما
كان يعتمد نفس طريقة الحساب في تعرف  -أظن - الأبراج  والمنازل  ومواقيت ..(علم الفلك ) .
وعلم الإراثة ..وكل ذلك عن طريق النظم  ، كنت قد حفظت عنه عشرات الأبيات ، لا أدري
حقيقة  هل هي من نظمه ، أو من نظم  الشيخ خليل رحمه الله .
من تلك الأبيات : وليعذرني استاذي لأنني أكتب اعتمادا على الذاكرة .
 
بدأت باسم المعطي وأحمده على
قسمته بين العباد حمدا متصـلا
وأقول لمن أراد علم الفرائض
عليك بذا التأليف به تنل السهلا
ذكرت فيه الأصول والعول والضرب.
للطالبين علم الفرائض مجملا
..........
هذا الرجل الكريم كان يلقب بـ الشريف ، وكان يناديني بـ أشريف أكوح ، أي الشريف الصغير ، هذا
ما تقوله الشجرة . ( هو من آيت هشام  ، وأنا من زاوية سيدي يوسف ، دوار آيت لحسن )
كما أنه لا يتردد في وصفي بـ "الشيطان الصغير" عندما أشاغبه وأقدح في طريقته وأمتدح
الرياضيات الحديثة كا عتماد المعادلات في حل بعض المسائل مثلا..

12 - نوفمبر - 2006
الميزان في عد آي القرآن
الوطن وكرة القدم..وأشياء أخرى .    كن أول من يقيّم

خاص بالأستاذة ضـياء .
 
يدرس مسؤولون في اتصالات المغرب، مع آخرين في الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مخططا تموله شركة الاتصالات لتمكين المنتخب الوطني من الاستفادة من خدمات اللاعبين عادل الشيحي لاعب إ ف سي كولون الألماني، واسماعيل العيساتي، وإبراهيم أفلاي، لاعبي بي إس في إندهوفن الهولندي في المرحلة الأولى.
إبراهيم أفلاي لاعبي بي إس في إندهوفن الهولندي
ولاعبين آخرين انضموا إلى منتخبات أجنبية ومازال في إمكانهم العودة إلى منتخب بلدهم الأصلي ما لم يتجاوزوا الحادية والعشرين من عمرهم.

وسبق للشيحي أن دافع عن الألوان الوطنية، غير أنه وضع تحت وطأة ضغوط قوية من طرف الإعلام الألماني ومدربين فضلا عن أحد أقاربه، الذي يدفع في اتجاه انضمامه إلى منتخب البلد الذي يقيم فيه ضدا على رغبته ورغبة أسرته، إذ يتشبث اللاعب بمبدأ الدفاع عن قميص بلده الأصلي ما دفعه إلى عدم الاستجابة إلى دعوة وجهت إليه من طرف مدرب المنتخب الأولمبي الألماني.
 
عادل الشيحي
أما أفلاي والعيساتي فدافعا عن قميص المنتخب الهولندي للشباب في المونديال الذي جرى في البلد ذاته في العام الماضي.

وتتخذ الجامعة الهولندية ترتيبات ضمهما إلى المنتخب الأول.

وعلمت "المغربية"من مصدر جامعي أن مسؤولين جامعيين عقدوا اجتماعات مكثفة مع أطر في اتصالات المغرب من أجل ضبط المخطط وإعادة عدد من اللاعبين الواعدين من أبناء المهجر إلى المنتخب الوطني المغربي.

وتحدثت مصادر أخرى عن عقد اجتماع بين عبد السلام أحيزون الرئيس المدير العام لشركة اتصالات المغرب ومحمد أوزال نائب رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، للغاية نفسها غير أنها لم تقدم توضيحات.

ويهدف المخطط المذكور إلى إفشال محاولات ضم منتخبات أخرى لاعبين من أصل مغربي، إذ من المرتقب أن يستفيد عدد من اللاعبين المغتربين الذين يستجيبون لنداء الوطن من منح وتوقيع عقود استشهار مع شركة اتصالات المغرب، التي تمول الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والمجموعة الوطنية للعبة ذاتها.

ولم يقدم مصدر "المغربية" توضيحات حول العقد، غير أنه يرى أن المؤسسة المنتظر أن تمول المخطط حريصة على التأكد من جدية العناصر واختيارها اللعب للمنتخب الوطني المغربي، وضمان الاعتماد عليها من طرف مدربه .

 
اسماعيل العيساتي
وكان عادل الشيحي حاسما في ما يخص الدفاع عن قميص المنتخب الوطني المغربي، إذ أكد ذلك عدة مرات وجدده خلال اللقاء الذي جمعه مع جمال فتحي المدير التقني الوطني ومدرب المنتخب الأولمبي بحضور ممثلين عن اتصالات المغرب.

بالمقابل يبدو موقف أفلاي والعيساتي متذبذبا، خصوصا أن بعض الجهات أوحت لهما أن تقريرا فنيا محليا أفاد أن مستواهما لا يخول لهما الآن الانضمام إلى المنتخب الوطني الأول، في وقت تجري فيه الترتيبات لضمهما إلى المنتخب الهولندي.

 
 
تعليق أحد المغاربة
   
تعليق رقم 1 بتاريخ 04/11/2006
نص التعليق لا حول و لا قوة الا بالله العلي العظيم هل اصبحنا في زمن تدفع فيه الجامعة المغربية الرشوة للاعبين لكي يدافعوا عن القميص الوطني???? اذا لم يكن الاعب متشبث بمغربيته فلا حاجة لنا به. انظروا لحجي( الكبير و الصغير ) الذي اختار المنتخب المغربي عن قناعة دون المطالبة بمقابل مادي.
من وجهة نظري المال الذي سيصرف كرشوة لهؤلاء اللاعبين خسارة فيهم لأنهم لا يعتبرون انفسهم مغاربة انهم مرتزقة يقدمون خدماتهم للذي يدفع اكثر ...
 
تعليقي (أنا عبد الحفيظ )
                           * سأقتصر على اللا عبين  افلاي ابراهيم  واسماعيل العيساتي لكوني أعرف أنهما من
                        أبناء المنطقة (الريف ) ، ولدا بهولاندا ، لا يتحدثان الدارجة المغربية أو العربية ، فقط
                        الريفية والهولاندية ، الناخب الوطني استعان بمترجم عند محاولة الاتصال بهما ، وقال عنهما
                      إنهما سيكونان ركيزة المنتخب الوطني بعد كأس افريقيا  غانا 2008 .
 
                    أما فان باسطن مدرب المنتخب الهولاندي فقال : إنه جالس أفلاي وتحدث معه طويلا يوم
                    الأربعاء الماضي ، وعرف أن اللا عب المغربي لم يتخذ بعد القرار النهائي بخصوص المنتخب
                     الذي سيدافع عن ألوانه ...حقيقة الاختيار صعب جدا بالنسبة إليه ..لا نريد أن يندم أفلاي يوما
                   على الاختيار الذي سيحسم فيه ..أنا شخصيا لدي إحساس بأنه سيختار اللعب مع المنتخب البرتقالي .      
                    ملاحظة مهمة : لعل الأخت الأستاذة ضياء تعرف لاعبا مغربيا هو أيضا من هذه المنطقة ،أبلا
                   البلاء الحسن في كأس العالم الأخيرة صحبة المنتخب الهولاندي واسمه خالد بولحروز يلعب
                   حاليا لشيلسي الإنجليزي ، هدا اللاعب يتهمه المغاربة بالخيانة ، في حين أنه تجوهل من طرف
                  المسيرين المغاربة وهناك من قال عنه بأن أداءه غير مقنع..
                  أعتقد أن ما يخيف أفلاي هو العقلية التي تسير بها الأمورعندنا وليس شيءآخر..
 
                *ساعدني زكرياء في إعداد هذه المشاركة .
                أما ندى فاختارت أن تهديك الأخت ضياء هذه الصورة
                لامرأة تركل ابنتها ركلة حرة غير مبا شرة .. !!         
? --------------( `'..?(`'..?( `'..?(`'..?* mdr ..*..'?)?..'?)?..'?)?..'?) ------------- ? par erimeche-star
                   

13 - نوفمبر - 2006
أحاديث الوطن والزمن المتحول
نص المحاضرة -2 -    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم

الثقب الأسود الثاني: كيفية تحول المعلومات إلى معرفة وجيهة

ليست كثرة المعلومات هي المعرفة الوجيهة؛ وليست لهذه الأخيرة أية علاقة بالمبالغة في الترميز أو التعقيد. المعرفة الوجيهة هي تلك التي نتعرف من خلالها على القدرة على تنظيم المعلومات وتأطيرها ضمن سياقها، الذي يبقى أهم من المعلومات في حدِّ ذاتها. إننا نتلقى معلومات كثيرة من التلفزة، ولكننا لا نستفيد منها إلا إذا كان عمل رئيس التحرير متقنًا ومنظمًا واستطاع تأطير تلك المعلومات التأطيرَ الوجيه الذي يحولها من مجرد معلومات متفرقة حول الحدث إلى معرفة بالحدث. فإذا أخذنا، مثلاً، حالة النزاع في كوسوفو، فمن الواضح أنه لا يمكن لِمَن لا يستطيع استحضار الخلفية التاريخية للأحداث وتاريخ كوسوفو، وليس فقط جغرافيته، وعمق تأثير الإمبراطورية العثمانية، إلخ، أن يفهم شيئًا. ففي هذه الحالة – حالة غياب التأطير – تكون المعلومات مجرد أخبار متفرقة تهطل كالمطر، وليست لديك فرصة لتنظيمها والتحكم فيها. إن المعرفة الوجيهة هي التنظيم الملائم للمعلومات: فإذا كان تنظيم المعلومات جيدًا ومفتوحًا على المتغيرات، بحيث يستطاع إدماجُها، فإنه يولِّد معرفة جديدة ويكون قابلاً لإدماج المعطيات الجديدة واستيعابها. أما إذا كان التنظيم صارمًا ومغلقًا، كما هي حال التنظيمات السياسية، فإنه يتجاهل المعطيات التي لا يستوعبها أو لا يرغب فيها، مما يشكِّل خسارة لما تمَّ تجاهلُه.

إن مشكل تنظيم المعلومات مشكل عويص. وعوض أن يواجه تدريسُنا هذا المشكل، فإنه يتبنى منهاجًا يفصل بين الاختصاصات وبين المواد الدراسية، وبذلك، يُضعِف القدرة التي تكون للإنسان على وضع الأفكار في سياقها وتأطيرها التأطير المولِّد للمعنى. كان الشاعر ت.س. إليوت يردِّد عبارة جميلة يقول فيها: "أين المعرفة التي ضيَّعناها في المعلومات? وأين الحكمة التي ضيَّعناها في المعرفة?" والحكمة هنا هي فن استيعاب هذه المعارف وهضمها لتساعدنا في حياتنا الخاصة.

لنأخذ مثالاً آخر من أحد العلوم الإنسانية الأكثر دقة وتنظيمًا، وليكن علم الاقتصاد، – لأنه يقوم على الحساب، وهو علم دقيق، وتوجد جائزة نوبل للاقتصاد، إلخ، – ولنطرح السؤال التالي: لماذا يواجه هذا العلم الدقيق مشاكل في تنبؤاته وفي بناء نماذجه التفسيرية? لماذا لا يستطيع علماء الاقتصاد التنبؤ بما قد يحدث، فيتساوون في ذلك مع رجل الشارع، على الرغم من علمهم? طبعًا لأنه لا يمكن اختزال الاقتصاد إلى الحساب فقط. بل هناك الحاجات المتولدة في استمرار، وهناك الرغبات والأهواء والملذات، وهناك التخوفات والتوجسات – هذه العوامل كلها تجعل عالَم الاقتصاد عالَمًا معقدًا تتداخل فيه هذه العوامل، سواء كانت اجتماعية أو نفسية أو سياسية أو مالية إلخ. فإذا كان علم الاقتصاد علمًا مغلقًا، لا يمكن أن تربطه علاقةٌ بباقي العلوم وبباقي مظاهر الحياة الاجتماعية؛ وبالتالي، فإنه سيجهل كلَّ ما لا يدخل في الحسبان وكلَّ ما لا يقبل الحساب. وما هذا الذي لا يُحسَب? طبعًا إنه الألم والعذاب والسعادة والشقاء والإنسانية والإبداع والحياة. نواجه، إذن، مشكلة حقيقية، لا يمكن أن نحلها إلا إذا تبنَّينا فكرًا علائقيًّا، فكرًا يفكر في العلاقات. إننا في حاجة إلى فكر يربط ويؤطِّر؛ إننا في حاجة إلى فكر يؤطِّر المعلومات ويضعها في سياقها، ويربط هذا السياق بأنظمته الكبرى التي تؤطِّر هذه المادة أو تلك – علمًا أن النظام العام الكبير اليوم ليس هو النظام الوطني، ولا حتى الجِهَوي، بل هو النظام الكوكبي. إن النظام العام هو النظام الأرضي بمعناه الأشمل.

إن كلَّ حدث كوكبي (عالمي) يؤثر على ما هو محلِّي تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر، كما أن الحدث المحلِّي يجد صداه على مستوى الكوكب الأرضي بأسره. إن هذا المعطى الأساس في عصرنا هو ما يعجز نظامُنا المعرفي والتربوي عن متابعته واستيعابه: فهو عاجز عن ربط المحلِّي بالكوني وبالكوكبي، وعن استخلاص النتائج التربوية لذلك. إنه لا يستطيع إدراك السياق الشمولي للمعطى المحلِّي أو الجِهَوي؛ كما أنه يعجز عن تبيُّن روابط الجزئي بالكلِّي. إن هذا العجز هو الثقب الأسود الذي يبتلع ويعدم كلَّ ما يمكن التوصل إليه بفضل هذا الربط وبفضل المعرفة الوجيهة التي تكون قادرة على تصور المشاكل الأساسية والشاملة في سياقها الكوكبي، بجميع أبعاده ودلالاته. وهذا هو أساس العمل الذي قمت به في عملي الذي أسميته المنهج La Méthode، حيث حاولت تطوير أدوات المعرفة التي تسمح بربط المعارف المفصولة بعضها عن بعض. وأكتفي هنا بمجرد الإشارة إليه لضيق الوقت.

14 - نوفمبر - 2006
نقد الأساس المعرفي للمنظومة التربوية الحالية .
نص المحاضرة -3 -    كن أول من يقيّم

الثقب الأسود الثالث: الشرط الإنساني، تلك القارة المنسية

يخص هذا الثقب الشرط الإنساني. وهو يستدعي الاستغراب والدهشة؛ إذ لا يوجد مكان خاص ندرِّس فيه ونعلِّم شرطنا الإنساني، أي ما نحن عليه من أحوال، باعتبارنا كائنات إنسانية. وهو موضوع مهمل، ليس فقط من طرف العلوم الاجتماعية والإنسانية والتاريخية، بل حتى من طرف العلوم الدقيقة، لأن جزءًا هامًّا من النشاط الإنساني يندرج ضمن موضوعات هذه العلوم الأخيرة، باعتبارنا حيوانات تنتمي إلى الثدييات، بل وحتى بالنسبة إلى العلوم الفيزيائية والكيميائية. فنحن نعرف اليوم أن الحياة هي تنظيم لعناصر فيزيائية–كيميائية، جزيئات تتكون من ذرات. إن جزءًا من الوضع الإنساني هو واقع فيزيائي–كيميائي. ولكن تدريس هذه العلوم مفصولةً بعضها عن بعض يجعلنا لا ندرك هذه الروابط وتشكيلها للإنسان، على الرغم من أن الواقع الفعلي لوجوده يعكس التحام هذه العوامل وانصهارها فيه. فبفضل تطور علم الفلك وآليات الرصد والتتبع، على المستويين الماكروفيزيائي والميكروفيزيائي، نعرف أننا نحمل في جسمنا جزيئات يرجع تاريخها إلى الثواني الأولى من ميلاد الكون. فكياننا المادي يحمل ذرات من الكربون تكونت في قلب نجوم سابقة على شمس منظومتنا؛ وبعد انفجارها (النجوم)، تشتتت هذه الذرات و/أو تجمعت في الكوكب الصغير الذي نسميه اليوم الأرض. كما نعرف اليوم أن العناصر الأولية تراكبت حتى توفرت شروطُ ظهور الحياة. وأقول إننا نحمل في داخلنا الخلايا الحية الأولى التي ظهرت في الثواني الأولى لظهور الحياة على الكوكب الأرضي؛ كما نحمل في داخلنا العالم الحيواني؛ ونحمل في داخلنا، أيضًا، بنية الكائنات الفقارية وكلَّ ما يرتبط بتاريخ الثدييات: فنحن نرضع الأبناء، ونحمل في داخلنا الشواهد على الحياة البدائية.

لكننا تجاوزنا هذا كلَّه لأننا كائنات تنفرد بالثقافة واللغة والوعي والبُعد الروحي، مما يجعل وضعنا الإنساني وضعًا غريبًا ومثيرًا. فنحن، على مستوى أول، ننتمي إلى هذا الكون انتماءً قويًّا، تشهد عليه خلايا أجسامنا وتركيبتنا المادية؛ ونحن، على مستوى ثانٍ، ننفصل عنه ونتعالى عليه بالوعي: إننا كالأيتام في هذا الكون، لأننا نتميز بهذه الخاصية التي تجعلنا كائنات واعية تتساءل عن مآلها وقدرها.

إن شرطنا الإنساني شرط معقد. وهذا يعني أننا لسنا فقط مجرد أفراد، بل نحن أفراد ينتمون إلى مجتمع، وفي الآن نفسه، إلى النوع البشري. وهذا معطى معقد لا ينفع معه أي حساب؛ إذ لا يمكن لنا القول إن الكائن الإنساني هو كائن بيولوجي بنسبة 33%، وثقافي بنسبة 33%، وسوسيولوجي بنسبة 33%، بل هو كائن بيولوجي 100%، وثقافي 100%، وسوسيولوجي 100%! إن هذا المعطى هو الذي يطرح علينا مشكل الفكر المعقد la pensée complexe الذي لم نتعود عليه، ولا نمتلك منهجيتَه ولا أدواتِه. ولا يمكن لنا مواجهة المشكل إلا إذا تبنَّينا القول بنوع من الارتباط المغلق والمفتوح في الآن نفسه، مفاده أن طرفي العلاقة ضروريان أحدهما للآخر ضرورةً تامة غير منقوصة، بحيث يكون الناتج ضروريًّا لمنتجه. فنحن نتاج ظاهرة توالد بيولوجي (تكاثر النوع بحسب برنامجنا الوراثي)؛ ولكننا بفضل هذه الخاصية منتجون أيضًا، فنلد الأولاد، ولا يكون كلُّ مولود عضوًا في الجماعة البشرية فقط، بل مولود يحمل في ذاته وفي كيانه النوعَ البشري ككل. وقل الشيء نفسه بخصوص العلاقة بالمجتمع: فنحن ننتمي إلى المجتمع بالقدر الذي نكوِّن به هذا المجتمع. إننا داخل المجتمع، والمجتمع داخلنا. فنحن نتعلم، منذ طفولتنا الأولى، منظومة المعايير والقيم واللغة والثقافة وقواعد السلوك. وهذا ما أسميته بـ"مبدأ الاشتمال": اشتمال الجزئي على الكلِّي، بحيث يكون الكل متضمَّنًا في الجزء. وبالتالي، تتخلَّى طريقةُ تفكيرنا عن اعتبار أن الجزء هو الوحيد الذي يكون متضمَّنًا في الكل، وأن الكلَّ لا يمكن له أن يُتضمَّن في الجزء. إن الكلَّ يكون هو أيضًا ضمن الجزء. إذا استوعبنا هذا المبدأ، أدركنا الشرط الإنساني وتعقيده.

غير أني أضيف إلى هذا المجال مجالاً آخر، لا يقل أهمية عنه لفهم واقع الشرط الإنساني: إنه مجال الأدب، والرواية بصفة خاصة. إذ تستطيع الرواية أن تُظهِر لنا ما لا تستطيع العلوم الإنسانية إظهارَه. فهذه الأخيرة تُظهِر لنا الإنسانَ من خلال خصائصه الموضوعية والخارجية؛ ولكن الرواية تنفذ إلى عمق الإنسان، وتكشف لنا عالمه الداخلي، كما تُظهِر لنا الذوات من خلال طريقة تفكيرها وتوترات أهوائها وطموحاتها وحماقتها وذكائها وعلاقاتها الاجتماعية وسياقها التاريخي. ويمكن لنا أن نأخذ رواية الحرب والسلم لتولستوي كمثال، بحيث نستطيع القول إننا بفضل الأدب نستطيع معرفة الذات الإنسانية، بل ويمكن لنا النفاذ إلى عمقها بفضل الأعمال الأدبية الرائعة لمارسيل �روست أو دوستويفسكي، مثلاً لا حصرًا؛ كما يمكن لنا الاقتناع، بفضل قراءة هذه الأعمال، بأن كلَّ واحد منَّا يحمل في داخله شخصيات عدة، لا شخصية وحيدة وواحدة. لنقل، بهذه المناسبة، إن الأدب ليس شيئًا كماليًّا، بل هو ما ننفذ به إلى أعماقنا. وهذا ما ينبغي للمدرِّسين أن يفهموه ويستوعبوه وأن يوجِّهوا التلاميذ إليه، بدلاً من إفقار هذه العلاقة بالاكتفاء بتحليل النصوص وتشريحها سيميولوجيًّا ونحويًّا.

ولا تتجلَّى ضرورة الأدب في ضرورة الرواية فقط، بل أيضًا في ضرورة الشعر، الذي لا نرى فيه مجرد ذاك الشيء الجميل في حدٍّ ذاته، بموسيقاه المتفردة، لأن الشعر هو تعلُّم وانفتاح على شاعرية الحياة. الشعر باب آخر نلج منه إلى عمق العالم الإنساني الشاسع.

عُرِّف بالإنسان قديمًا بأنه "حيوان عاقل". وينبغي لنا اليوم الاعتراف بأنه ليس فقط حيوانًا عاقلاً، بل هو أيضًا "حيوان مجنون"! وقد سبق للفيلسوف كورنيليوس كاستوريادس أن قال: "الإنسان حيوان مجنون، ولكن جنونه خلق العقل."

وعُرِّف بالإنسان قديمًا بأنه "صانع آلة"، وبالتالي، عُرِّف بمهارته التقنية – وهذا أمر واقع لدى البشر. ولكن ينبغي لنا التأكيد على أنه، منذ نشأة البشرية، كان هناك دائمًا لدى البشر اعتقادٌ في عالم آخر؛ كان لديهم اعتقاد في الأساطير والديانات. وهذا ما يجب التوقف عنده مطولاً، وليس عند مهارته التقنية وحسب. فنحن نعرف اليوم أن صناعة الأدوات سابقة على ظهور الإنسان العاقل؛ كما أن الأبحاث أكدت وجود هذه المهارات عند بعض أنواع الشم�انزي المسماة بونوبو، حيث يعلِّم الكبارُ الصغارَ بعض تقنيات صناعة الأدوات. ولكن الفرق الأساسي يبقى هو الاعتقاد في حياة أخرى بعد الموت. الأساطير الإنسانية جمعاء تؤكد هذا الأمر.

كما عُرِّف بالإنسان، ابتداءً من القرن الثامن العاشر، كـ"كائن اقتصادي"، تحرِّكه مصلحتُه الاقتصادية؛ ولكن هذا التعريف ينسى كلَّ ما يستطيع الإنسان فعلَه بعيدًا عن مصلحته الاقتصادية، وأحيانًا ضدها، كاللعب والعطاء والممارسات المجانية إلخ.

لهذه الاعتبارات جميعًا، يجب أن نحذر بعض الشيء عندما نطرح موضوع "الشرط الإنساني". فعندما ننظر إلى الإنسان من زاوية مظهره الاقتصادي أو التقني أو العقلي فقط، فإننا لا نرى من هذا الإنسان إلا جانبًا واحدًا. والحال أن المظاهر الشاعرية للحياة هي تلك التي نتعرف إليها في اللعب، وفي الاتحاد والالتحام، وفي التعاطف مع الآخرين، وفي العطاء، وفي الحب. إنها مظاهر شاعرية الحياة. كان الشاعر هولدرلِن يقول: "الإنسان يسكن الأرض شعريًّا." نجد هذا التصريح متفائلاً جدًّا. لهذا قيل: "الإنسان يسكن الأرض شعريًّا وعاديًّا." ولكن من الأهمية القصوى أن نعلِّم كيف نحيا الحياة شعريًّا وكيف نستضيف الشعر في حياتنا.

وأسجِّل، على مستوى آخر، ودائمًا بخصوص الشرط الإنساني، أنه يتم تصور العقل الإنساني في نشاطاته مفصولاً عن النشاط الإنساني، بأبعاده الكبرى، وعن الأهواء. وهي فكرة خاطئة اليوم؛ ويمكن رفضها كليًّا بناءً على نتائج أبحاث أنطونيو داماسيو وجان ديدييه فَنسان ودراسات أخرى للدماغ البشري، أظهرتْ أن النشاطات العقلانية للدماغ تشغِّل مناطق دماغية انفعالية وتنشِّطها. فعالِم الرياضيات، عندما يقوم بحلِّ مشكلة رياضية، لا يكون بصدد إنجاز عمل تقني صرف وخالص وحسب، بل إنه يقوم أيضًا بنشاط انفعالي. لا يمكن لنا اليوم فصلُ الأهواء عن النفعية ولا عن العقل؛ فالكل يشكِّل تركيبة معقدة. ولهذا المعطى الأساس نتائج مهمة في مجال التربية. وإحدى الخلاصات الهامة هي أن النشاط الانفعالي يبقى حاضرًا، بكيفية ما، حتى في النشاط العقلاني المجرَّد، كما يبقى البُعد العقلاني حاضرًا، بكيفية ما، حتى في الأنشطة الانفعالية.

إن معرفة الشرط الإنساني والهوية الإنسانية يستدعيان الربط بين الاختصاصات التي تُدرَّس اليوم منفصلةً بعضها عن بعض. ولهذا أرى أنه، إلى جانب كرسي يخصَّص للمعرفة كما حددناها، لا بدَّ من تخصيص كرسيٍّ للهوية الإنسانية، يكون من مهامه توجيه عقول المتعلِّمين نحو الربط بين المواد والاختصاصات من أجل بناء هوية تقترب أكثر من التعقيد الذي يطبعها.

14 - نوفمبر - 2006
نقد الأساس المعرفي للمنظومة التربوية الحالية .
نص المحاضرة -4-    كن أول من يقيّم

الثقب الأسود الرابع: ضرورة السير على طُرُق الفهم والتفاهم

يتعلق الأمر، هاهنا، بكيفية فهم بعضنا بعضًا. فنحن نلاحظ، من جهة أولى، الانتشار الواسع لوسائل الاتصال وتعقد شبكة المواصلات السلكية واللاسلكية التي لم تعرف البشرية من قبل مثيلاً لها (الهواتف المحمولة، الإنترنت، إلخ)؛ ونلاحظ، من جهة ثانية، عدم فهمنا بعضنا بعضًا، وعدم التفاهم بين الأمم والقارات والثقافات، مما يعني أن التواصل لا يأتي بالضرورة بالفهم ولا بالتفاهم. نجد نقل المعارف والمعلومات، ولكننا لا نجد الفهم ولا التفاهم.

كما نجد، على مستوى آخر، أن القرب لا يضمن بالضرورة الفهم والتفاهم، سواء داخل الأسرة نفسها، بين الآباء والبنين، بين الإخوة والأخوات، أو حتى داخل مكان العمل نفسه، أو الجامعة نفسها. إن عدم التفاهم ليس ذاك الشر الذي يجعل العلاقة صعبة بين الشعوب والديانات وحسب، ولكنه ذاك الشر الذي يمس الحياة اليومية لكلِّ واحد منا. كيف يمكن لنا تحقيق التقدم والرقي بالعلاقات الإنسانية إذا كنَّا عاجزين عن التفاهم فيما بيننا? ما هي هذه العوائق التي تمنع التفاهم في العالم المعاصر?

نجد دائمًا أن الشرَّ يأتي من علاقة محددة، هي تطور النزعة الفردية individualisme تطورًا أعطى الفرد مزيدًا من الاستقلالية. وينبغي الإسراع في القول إن هذه الخاصية تُعتبَر معطى حضاريًّا أساسيًّا وإيجابيًّا. ولكن عندما يتم هذا التطور (تطور النزعة الفردية) على حساب روابط التضامن التقليدية، فإنه لا يخلق العزلة وحسب، بل يصنع الأنانية والتبرير الذاتي وتجريم الآخرين وتحميلهم مسؤولية جميع الأخطاء.

مثلاً، لا أعرف هل تعرف مدينة الرباط أو الدار البيضاء الاكتظاظ السكاني نفسه الذي تعرفه مدينة باريس في حركة السير في ساعات الذروة، ولكنه مشهد مفيد. فعندما يشاهد المرء ما يقع بسبب هذا الازدحام من انفعال وسبٍّ وشتم، فإنه يقتنع في سهولة بصعوبة التحكم في الانفعالات وبضرورة الانتباه إلى الآخرين ومحاولة فهمهم.

إضافة إلى هذا المعطى، هناك شيء آخر ركَّز عليه الفيلسوف هيغل، ألا وهو اختزال الغير إلى أحد خصائصه، أي عزل عنصر واحد من عناصر هويته والتركيز عليه واختزاله إليه – وهذه هي الفعلة الأسوأ. يقول هيغل: إذا وصفتُ رجلاً ارتكب جريمة واحدة في حياته بالمجرم، فإني أنزع عنه مظاهرَ حياته وأفعالَه كلَّها، لأسجنه في هذا المظهر الوحيد ولأرجعه إليه. إن هذه الآلية التي تكلَّم عليها هيغل هي إحدى آليات سوء الفهم والتفاهم. وهي لا تَصدُق على الحالات الفردية وحسب، بل حتى على الجماعات. فحرب كوسوفو التي وقعت بين مكوِّنات كانت، حتى عهد قريب، تشكِّل "أمَّة واحدة" أظهرت كيف أن آلية اختزال الغير إلى عنصر واحد فقط من عناصر هويته وتاريخه هي تنكُّر لتاريخ مشترك يسَّر التجاوزات كلَّها باختزال العدو إلى صفة واحدة. إن عدم التفاهم هو الخميرة التي تنمِّي أسوأ مظاهر العداوة والحقد التي يمكن لها أن تستشري بين الناس وبين المجتمعات.

ويهمنا هنا جانبٌ آخر في التفاهم، ألا وهو تجاوُز اللامبالاة حيال الغير. فالتفاهم لا يعني فقط التعرف إلى الغير موضوعيًّا: طوله، لونه، ملامحه، لغته، مهنته، إلخ، بل التعرف إليه عن طريق الإحساس والتعاطف. فإذا رأيت طفلاً يبكي فإني أتفهم حالته وأنفذ إليها بإحساسي المتعاطف، لأني كنت طفلاً وأحسست بما يحس به وأعرف ماذا يعني البكاء. فإذا لم يكن هذا التعاطف، لن يكون هناك أيُّ شكل من أشكال التفاهم.

ولتفسير هذا الأمر، أسوق مثلاً آخر، وليكن ما يجري في قاعة العرض السينمائي. هناك من الناس مَن يقول إنها مكان للاستلاب، حيث يتم تخدير المتفرِّج وفصله عن الواقع وإفقاده جزءًا كبيرًا من استقلاليته. ربما كان هذا صحيحًا؛ ولكن هناك مظهرًا آخر يكتسي بأهمية بالغة، ألا وهو التماهي identification: فمن خلال التماهي مع شخصيات الفيلم، نربِّي فينا الانفتاح على الآخرين والانتباه إليهم كما هم، وبالتالي، نفهم حتى أنفسنا.

ولا تَصدُق هذه الملاحظة على الشخصيات الطيبة أو المحبوبة فقط، بل تَصدُق حتى على الشخصيات التي تجسِّد القوة والبأس والقهر. فإذا تذكَّرنا، مثلاً، فيلم العرَّاب لفرانسيس كو�ولا، وانتبهنا إلى رأس الأسرة أو ربِّ الجماعة، كما أدى دوره كلٌّ من الممثلين مارلون براندو وآل �اتشينو، فإننا نجد أنه يقدر على ارتكاب أفعال بالغة القسوة والبأس وعلى القتل ببرودة أعصاب تامة، ولكننا نعرف أنه يقدر على الحبِّ والوفاء والإخلاص أيضًا، وأنه يتألم ويبكي، كباقي البشر؛ فنحن بذلك نفهمه في شموليته وكلِّيته.

يحدث الشيء نفسه عندما نشاهد تشارلي تشا�لن في دور المتشرد المتسكع، فنتعاطف معه تعاطفًا لا يصدَّق؛ ومع ذلك، بمجرد أن نخرج من قاعة السينما ونصادف متشردًا، فإننا نبدي نفورًا منه ولا نبالي به! إننا ننفذ إلى أعماق هذه الشخصيات ونفهمها بفضل التماهي. والشيء نفسه يَصدُق على الشخصيات الروائية أو المسرحية، كشخصيات وليم شكس�ير مثلاً.

في الواقع، هناك مفارقة: نستطيع، عِبْر الفن والأدب، التعاطف مع هذه الشخصيات وفهمها؛ ولكننا في الواقع اليومي لحياتنا لا نستطيع ذلك، فنكون كالنائمين. وهو ما يضفي معنى على عبارة هيراقليطس، – الفيلسوف الذي تكلَّم كثيرًا بالمجاز، – تلك العبارة الرائعة التي يقول فيها: "أيقاظ، لكنهم نائمون" – وهي عبارة تستحق أن نتأملها تأملاً مستمرًّا.

إن ضرورة فهم الغير تخلق ضرورة فهم الذات وتفادي التبرير الذاتي وتجريم الغير والكذب على الذات – وهي تجارة رائجة بيننا اليوم. فهناك العديد من الشروط التي يمكن لها أن تساعد على تربية ملَكة الفهم وتطويرها. ويمكن تدريسُها منذ الفصول الدراسية الأولى، وليس انتظار الوصول إلى مرحلة التعليم الجامعي للقيام بذلك.

إن اللاتفاهم يسود العالم ويهدِّده. ومن المؤكد أن ضرورة التفاهم هي المطلب الملح للرقيِّ بمستوى العلاقات بين البشر.

14 - نوفمبر - 2006
نقد الأساس المعرفي للمنظومة التربوية الحالية .
 16  17  18  19  20