مازالت النمور تفتح فمها.. كن أول من يقيّم
مرحباً بالأستاذتين خولة وضياء.. ربما من يقرأ تعليقاتي السابقة في هذه الجلسة (المختلفة) يلاحظ أنني مهتم بأمور الفن والفنانين، وهي تهمة لا أنفيها مطلقاً ولا أثبتها مطلقاً، فأنا لا أفقه شيئاً في هذا المجال، والموضوع لا يتعدى انطباعات من (كان) يهرب من ضغوط العمل والمعيشة المعقدة إلى الترفيه ومحاولة البحث عن ابتسامة أرسمها على شفتي، بدلاً من العبوس والتجهم، وأحياناً البحث عمن يساعدني في تغيير واقع مؤلم من خلال مشاهدة عمل فني، أو مجرد تعرية الواقع المتشابك لإيجاد حلول لهذه التشابكات والعقد، وأحياناً أيضاً لأسترجع ذكريات جميلة أتمنى أن تعود لكنها لا تلتفت إلى أمنيتي. السؤال الذي طرحتِه يا أستاذة خولة بحاجة إلى صفحات للإحاطة به، ولكن أحاول هنا أن أقول ما يسعفني به قلمي -أو لوحة مفاتيحي- كي أبتعد عن السرد الممل لأسباب أشبعت بحثاً في الوسائل الإعلامية، لكنها مع كثرة بحثها لم تجد الحل، وسأحاول أن أقدم كلمات جديدة كي لا أكون مجتراً لكلام اجتر كثيراً. هناك مناخات تؤثر في اندثار الجميل وبزوغ القبيح.. في ولادة النشاز وموت الرقي.. في محو الحيوية والقوة وخلق الهزالة والميوعة.. في قتل الجاد الهادف وإحياء المهلهل المهترئ.. في انصهار الثابت ونفخ الفقاعات.. كثيرة هي الأشياء المؤثرة التي جعلت الفن ينحدر إلى أسفل سافلين.. وربما ليس الفن فحسب.. ترك الناس كل شيء وامتهنوا التجارة.. حتى الأشياء التي لا تباع صارت تباع.. والكلمة التي كان قولها عيباً ويخدش الحياء لم يعد قائلها يستحي منها كونها تنفخ الجيوب.. وهو الشيء ذاته الذي يقال عن تكشف اللحم الذي كان تكشفه في يوم من الأيام من أعيب العيوب. في برنامج تلفزيوني يستضيف فناناً.. سألوا أحد (الفنانين) سؤلاً في كرة القدم، قالوا له: إن (الدولة العربية الفلانية) خسرت في التأهل لكأس العالم فما هي الأسباب برأيك؟.. قال جاداً وليس مازحاً: يعني الأجانب صنعوا كأساً فلماذا لا نصنع نحن كأساً مثله؟!!.. جميع من في الاستديو وضع يده على بطنه وبدأ يقهقه إلا هو، فقد نظر إلى الجمهور مستغرباً.. لماذا يضحكون؟!!.. على فكرة.. هذا الفنان مدخوله من شريط واحد ملايين الدولارات.. وسألوا مطربة من اللاتي -المكشوف أكثر من المغطى- عن أغنية غنتها في بانيو الحمام، قال لها المذيع: لماذا هذه الأغنية في بانيو الحمام.. ألست تثيرين الغرائز في مجتمعات عربية محافظة؟!.. قالت له وهي تقلب شفتيها: أصلاً هذه الأغنية ليست للكبار بل هي أغنية للأطفال!!!.. كنا نسمع عن نظريتين تفتحان جدلاً واسعاً: (الفن للفن) و(الفن للتغيير)، لقد حل محلهما نظرية ثالثة وهي: (الفن للتجارة). وأخيراً.. هل رأيت يا خولة وهل رأيت يا ضياء كيف أن (النمور المتوحشة) تفتح أفواهها في كل الاتجاهات؟!!.. ويبدو أن التنمر لم يعد حكراً على المدارس.. إلا إذا كانت دنيانا مدرسة كبيرة وهي كذلك.. |