البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات داوود أبازيد

 13  14  15  16 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
هجوم على القرآن الكريم    كن أول من يقيّم

(هجوم على القرآن الكريم)
مقدمــة :
نقل الأستاذ صبري أبو حسين إلى موقع الوراق جزءا من مقال بعنوان (هجوم على موقف القرآن الكريم من الشعر!) وختمه بالقول : (فهل من قارئ هذا المقال؟ وهل من رادٍّ عليه بطريقة عقلية بحثية؟!) ولما دخلت الرابط ، وجدت موقعا صليبيا يدعى (إسلاميات) على مبدأ (قـرّاديات) . ووجدت الهجوم منصباً على الله والنبي والقرآن والإسلام وجبريل ، وليس على موقف القرآن الكريم من الشعر .. ووجدت أغلب التهم والشواهد لا علاقة لها بموقف القرآن الكريم من الشعر، وإنما سيقت للتغطية على مطاعن تريد الصلعمية تمريرها ؛ للتنفيس عن إحن وأحقاد لم تكن دفينة قط . وأنا على ثقة من أن طبيعة الرد الصادق لا تهم الناشر المتلطي تحت اسم (ناهد فيبي) ، فالمهم عنده هو أن يجد من يرد عليه ولو بصفعة ؛ لأن ذلك يمثل بالنسبة له انتشار المقال في موقع آخر، وهو أحد الأهداف المقصودة . ووسمتُ المقالة بـ (الصلعمية) لاستخدامها لفظ (صلعم) بدلا من (صلى الله عليه وسلم) هزواً ..
وقد جاءت معظم التهم والمطاعن بلا شواهد ، ثم جمعت الشواهد في نهاية المقال ، على شكل أبيات منسوبة لامرئ القيس وشعراء جاهليين مغمورين ، وفيها ألفاظ مماثلة لألفاظ قرآنية ، لتزعم أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، سرق القرآن الكريم من أولئك النكرات ، وكأن الألفاظ وقف على فرد أو زمن . وقد وجدتُ ردودا (عقلية بحثية) نقل الأستاذ صبري من أحدها - مشكورا - خمسة أوجه من أصل واحد وعشرين ، ثم أكمل الحديث عن خلف الأحمر . وقد نفت الردود صحة نسبة تلك الشواهد إلى العصر الجاهلي وشعرائه ؛ لأنها لم ترد في أيٍّ من مصادر الشعر العربي الموثوق أو المنحول ، لذا بطل الاستدلال بها جميعا . ولو كانت جاهلية حقا لتلقفها الجاهليون وواجهوا بها النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ . ثم اتضح أن تلك الشواهد هي من منحول مستشرقة القرن التاسع عشر ، الذين شككوا في الشعر الجاهلي حين كانوا يرون أنه شاهد على إعجاز القرآن الكريم ، فلما أوحى إليهم شياطينهم بأن هذا الشعر مصدر القرآن الكريم ، نكسوا على رؤوسهم ، وزعموا بأن القرآن الكريم الذي لا يؤمنون بقدسيته ، سرق من الشعر الجاهلي الذي لا يؤمنون بوجوده ، من دون أن يتراجعوا عن سابق أكاذيبهم وافتراءاتهم ..
وأذكـّر في هذه المقدمة بما يلي : أعداؤنا بغوا علينا بما لا نستطيع الرد عليهم بمثله :
·        سبّوا إلهنا ونحن لا نسبّ ؛ لأن الله إله العالمين ، فهو إلهنا وإلههم ..
·        شتموا نبينا ، ونحن لا نشتم ؛ لأنهم أنبياء الله ، فهم أنبياؤنا أيضا..
·        سخروا من ديننا ، ونحن لا نسخر ؛ لأن الدين كله لله ..
·        يحتجون بحرية الرأي ، وكأن الشتيمة رأي والسخرية حضارة ..
·        نحن نؤمن بالمسيح ولا نتبعه ، وهم يؤمنون بموسى ولا يتبعونه ..
·        من الكفر أن تحب من صلب المسيح ، وتكره من يحترم المسيح ..
·        اقتضت حكمة الله التدرج ، ولو شاء لأرسل نبيا واحدا وشريعة واحدة..
·        لم يقدموا دليلا علميا قط ، ولن يقدموا شاهدا صحيحا عَوْضُ ..
وعلى الرغم من قناعتي ، التي ستتضح مع تقدم الرد خطوة خطوة ، بأن هدف المقال هو الدس والطعن ، وليس البحث العلمي العقلي . واعترافا مني بجهود الأستاذ صبري ، الذي تجشم نسخ قسط كبير من الردود ، قررت إعادة تدوين ما تيسر لي من ردودي على الصلعمية .
وقد تركت عبارة الأصل [بين قوسين] والخطأ اللغوي فيه تحته خط . وحذفت ما يسمح به الاختصار ، مما لا يؤثر في جوهر الموضوع ..

22 - مايو - 2008
هجوم على موقف القرآن الكريم من الشعر!!!
هجوم على القرآن الكريم 2    كن أول من يقيّم

ديوان العرب :
بدأت الصلعمية بالقول : [الشعر ديوان العرب فبه حفظت أنسابهم وعرفت ، وتاريخ حروبهم وأيامهم بحلوها ومرها وعاداتهم وتقاليدهم ودياناتهم ومعتقداتهم] وهي كلمة مكرورة ، ولكنها هنا تبطن باطلا .. ولو كانت صوابا لقام الشعر مقام التاريخ والعقائد وعلم الاجتماع [وكانت العرب تقيم الشعر مقام الحكمة و العلم] وهذا غير صحيح ؛ لأن الشعر مشتق من الشعور بمعنى الإحساس ، أما الشعور بمعنى " العلم والإدراك والفطنة " وأن الشاعر سمي شاعرا " لعلمه وفطنته " فهذا في أصل الوضع ، ثم صار يطلق على كل من يقرض بيتا من الشعر ، ولو كان أغبى خلق الله . أما قولهم " ليت شعري بمعنى ليتني أعلم " روى أساتذتنا أنها بمعنى "ليتني أشعر" أو أحس ، وهو مما يستوي فيه الشاعر والناثر والعاقل والأعجم .  
منزلة الشعر:
[وكان الشعر عندهم أكثر تقديرا وقيمة وأعلى كعبا وأبقى أثرا] وهذا وهمٌ شائع ، أخذه الخلف عن السلف دون تمحيص . واللوم على دعاة التجديد والحداثة ، الذين أسرفوا في رفض كل قديم ، ولكنهم تمسكوا بما راق لهم من القديم كهذه المقولة ، وظلوا يتناقلونها صاغرا عن صاغر ، وكأنها من المسلمات!. والصواب أن النثر كان ولم يزل أعلى مكانة من الشعر ، وما يزال الكبراء والأمراء ، يأنفون الشعر والفن عامة ، ولا يرتضونه مهنة لهم ولا لأبنائهم ، ويرون الخطابة فوقه ، وإن كان بعض الخلفاء يوصون المربين بأن يروّوا أبناءهم الشعر وأيام العرب ، من أجل التاريخ . ويكفي النثرَ علوَّ منزلة أن القرآن الكريم نثر .. أما الحاقدون : فإن قيل لهم إن القرآن الكريم نثر فالشعر عندهم أعلى ، وإن زعموا أن القرآن الكريم شعر فالشعر عندهم من الشيطان . وأمّا أنّ الشعر [أبقى أثرا] بمعنى أسهل حفظا وأقل ضياعا من النثر ، فنعم .
من أقوال العلماء :
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه : (ولولا الشعر بالعلماء يزري        لكنت اليوم أشعر من لبيد) فالشعر عند الشافعي يزري بالعلماء ولا يليق بهم ، فكيف يليق بالأنبياء؟..
وقال الإمام المرزوقي شارح الحماسة : "تأخر الشعراء عن البلغاء  لتأخر المنظوم عند العرب لأن ملوكهم قبل الإسلام وبعده يتبجحون بالخطابة ويعدونها أكمل أسباب الرياسة ويعدون الشعر دناءة ... ومما يدل على شرف النثر أن الإعجاز وقع في النثر دون النظم .."..
وجاء في صبح الأعشى للقلقشندي : الفصل الثالث . في ترجيح النثر على الشعر : "اعلم أن الشعر وإن كان له فضيلة تخصه ومزية لا يشاركه فيها غيره ... فإن النثر أرفع منه درجة وأعلى رتبة وأشرف مقاماً وأحسن نظاماً.... وناهيك بالنثر فضيلة أن الله تعالى أنزل به كتابه العزيز." ..
وقال في مواد البيان : "وقد أحست العرب بانحطاط رتبة الشعر عن الكلام المنثور ، كما حكي أن امرأ القيس بن حجر همّ أبوه بقتله حين سمعه يترنم في مجلس شرابه بقوله : (اسقيا حِجراً على علاته ... من كميت لونها لون العلق)
وقال في الصناعتين : "والذي قصر بالشعر كثرته وتعاطي كل أحد له حتى العامة والسفلة فلحقه بالنقص ما لحق الشطرنج حين تعاطاه كل أحد." ..
فالنثر أعلى منزلة من الشعر .. ولكن ما الذي قلب الحقيقة؟ وجعل القوم يظنون أن الشعر أعلى منزلة من النثر؟. إنه (كثرة الشعر والشعراء) كما قال صاحب الصناعتين ، فظن العامة الشعر أعلى منزلة من النثر ، فتكالبوا عليه ليرفعهم ، فانحدروا به أو انحدر بهم . وكذلك وقع للملحنين والمغنين ، الذين راحوا يراعون ذوق الجمهور ، وصار شعارهم (هكذا يريد الجمهور) فهبط الجمهور بهم وبفنونهم بدل أن يرتقوا به أو يرتقي بهم .. ولقد جعل الله الناس بعضهم فوق بعض درجات ، صاعدا بهم إلى الأوج ، فأبى أكثرهم إلا أن يكون بعضهم تحت بعض دركات ، هابطين بأنفسهم إلى الحضيض ..

22 - مايو - 2008
هجوم على موقف القرآن الكريم من الشعر!!!
هجوم على القرآن الكريم 3    كن أول من يقيّم

مكانة الشاعر :
[أما القبيلة التي كان يظهر فيها شاعرا قديرا فيصبح مفخرتهم وتأتيها القبائل للتهنئة ...] وهذا من الوهم الشائع والأباطيل التي رددتها كتب الأدب ، والدليل قول الصلعمية نفسها : [فالشاعر للقبيلة درع واقي ... وتعمل له القبائل المجاورة ألف حساب خوفا من هجائه الذي لا تمحوه السنين ... وعندما نزل الحطيئة المدينة جمعت له قريش العطايا خوفا من شره.] ومن فمك أدينك ، فمكانة الشاعر هي مكانة خوف لا مكانة احترام ، وحتى قبيلة الشاعر كانت لا تأمنه على نفسها ، فلا عهد لشاعر . فربما هجا الشاعر قبيلته وأبناء قبيلته كما فعل دعبل الخزاعي حين هجا المطلب بقوله :
(شعارك في الحرب يوم الوغى = إذا انهزموا عجلوا عجلوا .. فأنت لأولهم آخر = وأنت لآخرهم أول)  وربما هجا أبناء شيعته كما فعل دعبل حين هجا الكميت ، وربما هجا نفسه كما فعل الحطيئة بقوله:
(أرى لي وجها قبح الله خلقه = فقبح من وجه وقبح حامله)
وإذا تناسبت الرجال ، فما رأينا قبيلة عدّت شاعرها من بين مفاخرها ومآثرها .. وعلى الرغم من أن الشاعر هو الذي كان يسجل تلك المفاخر ، فما وجدنا شاعرا عدّ نفسه أو أحدا من شعراء قبيلته في مآثرها . ومع أنهم افتخروا بالكرم والشجاعة  والمروءة ، وافتخروا بالظلم والشر وقطع الرحم ، وربما أبدوا أسفا لتقصيرهم في الظلم والشر ، ولكنهم لم يجعلوا شاعرهم من بين مآثرهم ومفاخرهم قط . وتتابع : [وربما أبيات من الشعر وقعها أقوى من السيوف والنبل.] وهذا ليس بدعا ، فهو قول معروف مشهور ؛ لأن العربي يخشى الكلمة على عرضه أكثر من خشيته السيف على نفسه ، وقد قال شاعر العرب قدماً : ((جراحات السنان لها التئام = ولا يلتام ما جرح اللسان)) ولعل من استبدل خوف السنان بخوف اللسان قد استبدل بعربيّته العجمة أيضاً ، وصار من أمة (والله إن فعلتها ثانية تخاصمت أنا وأنت)
أسواق الشعر :
[وكان الشعراء يحضرون الأسواق والمواسم يلقون فيها من أشعارهم وتجتمع القبائل والعشائر من كل حدب وصوب فتسمع للشعر والشعراء] هذا صحيح ، ولكنه توطئة خبيثة لمطعن أخبث [... وإن كان للشعر تلك المنزلة عند عرب الجاهلية فلم يكن موقعهم في القرآن أقل.] .. وهذا غير صحيح البتة .. فقد أسلفت بأنه لم تكن للشعر عند عرب الجاهلية تلك المنزلة العالية ، أما في القرآن الكريم فمنزلتهم أدنى من ذلك بكثير ، وهذا من جهل الصلعمية ، وسيأتي تفصيل هذا في فقرة لاحقة .. وإذا كانت القبيلة تحابيهم خوفا من شرهم ، فالقرآن الكريم ليس قبيلة فيحابي ..
الشعر يضع ولا يرفع :
[وكم من شعراء لا نسب لهم بل هم في عداد العبيد خلد ذكرهم بينما أسيادهم طواهم النسيان منذ أمد بعيد ويحضرني منهم عنترة العبسي]...وهذا غير صحيح أيضا .. فالشعر يضع ولا يرفع . وقد روي أن النابغة الذبياني كان من الأشراف الذين غضّ الشعر منهم ، ويروى أن النابغة الجعدي كان سيداً في قومه لا يقطعون أمراً دونه وأن قول الشعر نقصه وحط رتبته." وكان حريا بالمقالة التي استخدمت (كم) الخبرية ، أن تذكر شاعرا آخر على الأقل رفعه شعره غير عنترة ، كعروة بن الورد مثلا ، ليستقيم لها استعمال (كم) التكثيرية . مع أن عنترة وعروة لم يكونا عبدين بلا نسب قط ، فكل منهما هو ابن سيد قومه ، ولم يرفعهما شعرهما ، وإنما رفعهما نسبهما أولا ، ثم الفروسية والخلق العربي الكريم . فهل وجدنا شعراً رفع لصا أو صعلوكا فصار أميرا أو عالما أو حتى شاعراً محترما؟!. فما وزن الشنفرى وتأبط شرا والسليك بن السلكة غير قصيدة ، عرف كل منهم بها من بين الصعاليك لا الأشراف ، ولعلها من نحل خلف الأحمر؟. وقد شهر هؤلاء بصعلكتهم ، أكثر مما عرف خلف بكذبه ونحله وانتحاله . ولقد كان بعض الشعراء كبشار بن برد مثلا أدنى من قطاع الطرق منزلة وأضل سبيلا ، وما فقه (بُرد) عنا ببعيد ..

22 - مايو - 2008
هجوم على موقف القرآن الكريم من الشعر!!!
هجوم على القرآن الكريم4    كن أول من يقيّم

ثقافة الناقد :  
تتابع المقالة [لست أنا الخنساء ولا أدعي ... ولا متمكنة من علم القوافي والعروض] شرفت الخنساء أن تزعم (ناهد فيبي) أن تكون هي إياها ، ولكن .. أيحق لمن لا يتقن العروض والقافية أن يتصدى لنقد الشعر بله القرآن الكريم ؟!. أما المقالة فتصرّ على هذا : [لا يحتاج المرء أن يكون شاعرا أو دارسا للعروض أو خبيرا في ضروب الشعر وأوزانه وقوافيه حتى يتسنى له أن يرى التشابه والتطابق بين القرآن والشعر الجاهلي لا في الأفكار والمعاني فقط بل وفي الألفاظ والتراكيب أيضا] "هذا كلام له خبيء ، معناه ليست لنا عقول" وهل يحتاج المرء أن يتقن القراءة والكتابة حتى يتسنى له أن يكون أستاذاً؟!. فماذا يحتاج المرء إذاً حتى يتسنى له أن يرى ما ترى الصلعمية ؟. لعله يحتاج إلى قليل من الضغن والحقد!. وكثير من الجهل والادعاء !!. وهنا يبدأ الهجوم على القرآن الكريم ..
أين التشابه  : 
أما قولها السابق عن [التشابه والتطابق] فتكرره ثانية بإصرار: [ووجد التطابق التام بين القرآن وتراكيبه وأفكاره وبين أشعار عرب الجاهلية قبله] لقد صار التشابه والتطابق تاما ، من دون تقديم أي دليل صحيح . فالشواهد المقدمة منحولة ، وأكرر أنها من صنع أولئك الذين أنكروا وجود الشعر الجاهلي ، حين كانوا يظنونه مرجعا لعربية القرآن الكريم ، وحين استوت في عقولهم فرية التشابه والتطابق ، اصطنعوا تلك الأبيات ، وزعموا أنها جاهلية ، ثم زعموا أن القرآن الكريم الذي لا يؤمنون بقدسيته ، قد استوحى أفكاره ومبادئه وإعجازه من ذلك الشعر الذي لا يؤمنون بوجوده .. وما أدري : أكان غباءً زعمهم أم تغابيا؟..
تشابه الألفاظ والتراكيب : 
وأما التطابق بين ألفاظ وتراكيب وأساليب القرآن الكريم وأشعار عرب الجاهلية فلا ينكره عاقل ؛ لأن القرآن الكريم نزل على العرب بلغة العرب ، وليس بالسريانية .. فلم يأت القرآن الكريم بحرف لا تعرفه العرب ولا بكلمة لا تألفها العربية ، والقرآن الكريم ينص على ذلك صراحة في قوله تعالى : (إِنا أَنزلناه قرآنا عَرَبِيا لعلكم تعقلون) وقد وردت عبارة (قرآنا عربيا) في القرآن الكريم سبع مرات ، ولم نجد عربيا قط ممن نزل فيهم القرآن الكريم زعم بأنه لا يعقله . وكل من يزعم بأن القرآن الكريم يخالف أساليب العربية ، وأنه أتى بأساليب لم تعرفها العربية ولم تألفها العرب فهو واهم أو جاهل أو مغرض . وكل ما في الأمر أن القرآن الكريم جدد في تلك الأساليب وارتقى بها . هذا ما اتفق عليه كل الذين وصفتهم المقالة الكسيحة العمياء بأنهم يمشون على رجل واحدة وينظرون بعين واحدة .. أما التطابق في الأفكار والمعاني ، فالصلعمية لم تقدم إلا الأدلة المنحولة التي أشرت إليها آنفا ، وقد سبقني إلى الرد ما نقله الأستاذ صبري قبل أيام ، من ردود ذوات وجوه متعددة ، أكثرها صفاقة عدم الخجل من النحل والتزوير والكذب في الشواهد.
الإعجاز العلمي في القرآن الكريم : 
والدليل على أن هدف المقالة هو الطعن لا الاتهام قولها : [فتطل علينا وجوه أعاذنا الله منها تتحدث عن الإعجاز العلمي في القرآن ... فجل ما ينسبونه للقرآن والنبي من إعجاز فاضت به قريحة شعراء الجاهلية وأوحى لهم بها شيطان الشعر] لقد تركت الصلعمية أمر التدليل على الموضوع السابق وهو التطابق والتشابه بين القرآن الكريم والشعر الجاهلي ، ودخلت في موضوع آخر هو (الإعجاز العلمي في القرآن) بعبارة تطفح بالغِلّ والحقد والحسد . وإذا سلمنا بتطابق بعض ألفاظ القرآن الكريم والشعر الجاهل ، فقد أثبت العلماء الإعجاز العلمي في المعاني التي عبرت عنها ألفاظ القرآن الكريم ، فأين الإعجاز العلمي في الشعر الجاهلي ؟ أين الإعجاز الذي فاضت به قرائح شعرائكم أو أوحى به شياطينكم ، ونسب إلى القرآن الكريم؟! ثم ما هذا الغضب من الإعجاز العلمي في القرآن الكريم ؟. أليس الأجدى أن تكذبوا معجزة علمية قرآنية واحدة ؟. بدلا من اختلاق الشواهد المزورة ، وتكرار المزاعم والأكاذيب ، فتكرار المزاعم لا يجعلها حقائق ..

22 - مايو - 2008
هجوم على موقف القرآن الكريم من الشعر!!!
هجوم على القرآن الكريم 5    كن أول من يقيّم

سخرية :
وتتابع المقالة الزعم : [وأنا هنا أريد أن استعرض بعضا مما أوحى به شيطان الشعر في الجاهلية وفاضت به قريحة شعرائها وبين ما قاله محمد بوحي من جبريل والعليم الخبير] ولا ضرورة للرد على الاستعراض ، لأنه استعراض لأكاذيب وأباطيل مختلقة ، كما هو واضح في ما نقله السيد صبري من الشواهد المنحولة والردود عليها .. وأكتفي هنا ببيان سخرية الصلعمية من جبريل عليه السلام ومن العليم الخبير سبحانه وتعالى .. وقد رد العليم الخبير على أجدادهم من قبل (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قَلبِك بإذن اللهِ مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين 97 من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فَإن الله عدو للكافرين 98 سورة البقرة)..
أثر البيئة :
وتقفز المقالة بدل الاستعراض إلى مغمز جديد : [..الإنسان أبن بيئته ولطالما تغنى العرب بالأشعار ونصبوا لها الأسواق والمواسم] أما الأسواق والمواسم فلا نكران لها ، وأما كون المرء ابن بيئته ، فهو لا يعني أن يكون صورة طبق الأصل لهذه البيئة ؛ فغالبا ما كان الأنبياء والمصلحون والمجددون في مواجهة عنيفة مع بيئاتهم ، وإلا فهل كان يسوع الإنسان ابن بيئته؟ وهنا يأتي المطعن الأخبث: [التي كان محمد يحضرها مع غيره من العرب سكان البادية ...].. وكأن الصلعمية قد حضرت تلكم الأسواق والمواسم مع النبي  صلى الله عليه وسلم وغيره من سكان البادية!. ومما يكذب زعمها أن كتب التاريخ والأدب لم ترو أن محمدا حضر سوقا للشعر أو وقف على قبة أدم قط . كما أنّ وجود شخص في باريس لا يعني أنه زار برج إيفل ، ووجود شخص في القاهرة فربما زار أبا زعبل ولم يزر أبا سمبل ، وأنا لو حملت في يميني رغيفا وفي يساري حبة بندورة (طماطم) واتجهت غربا لوصلت إلى نهر اليرموك قبل أن أنهي طعامي ، أو ألقى من سفري هذا نصبا ، ومع ذلك فلم أر هذا النهر العظيم إلى اليوم ، إلا أدنى روافده .. فمتى حضر محمد أسواق الشعر الجاهلي؟. ومع أي من كبراء العرب أو أراذلها حضر؟.
القرآن والشعراء : 
وتتجاوز المقالة واجبها ، في تقديم الدليل على حضور النبي صلى الله عليه وسلم ، لتلك الأسواق ، ولو بشاهد مزور منحول كغيره ، وتنتقل إلى فكرة أخرى فتقول : [لقد أهتم القرآن بالشعر والشعراء حتى أن هناك في القرآن سورة باسمهم هي سورة الشعراء.].. وهذا عين الجهل كما أسلفت ، فيبدو أن الصلعمية سمعت بأن في القرآن الكريم سورة اسمها (سورة الشعراء) فظنته دليلا على اهتمام القرآن الكريم بهم ، ولم تدر الجهولة بأن وجود سورة باسم الشعراء إذا لم يؤخرهم فإنه لا يقدّمهم قيد أنملة . فثمة سورة اسمها سورة البقرة ، وقد ذكِرتْ بقرة بني إسرائيل في أوائل سورتها بأفضل مما ذكِر الشعراء في آخر سورتهم . وثمّة سورة (المائدة) وليس فيها إلا (العشاء الأخير) الذي طلبه رسل السيد المسيح عليه السلام ، ثم " كفر به أحدهم  قبل أن يصيح الديك  ، وباعه أحدهم بدراهم يسيرة وأكل ثمنه.".. ويوجد في القرآن الكريم سورة (المنافقين) وسورة (المؤمنين)  وسورة (مريم) وسورة (المسد) فهل يستوون؟. وقد جاء في آخر سورة الشعراء قول الله  تعالى : (والشعراء يتبعهم الغاوون+ألم تر أنهم في كل واد يهيمون+وأنهم يقولون ما لا يفعلون+إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون+) وهذا هو كل ما ذكره القرآن الكريم عن الشعراء ، فأية مكانة هذه ؟!. من هنا يتضح جهل الصلعمية ، ليس في الشعر والعروض فحسب ، ولكن في أمور أخرى كثيرة ، تراها ليست ضرورية ، ويبدو أنها لا تملك خبرة في شيء ، وليس ضروريا ؛ لأنها تطرح أحقادا لا أفكارا ، والأحقاد لا تحتاج إلى الخبرة والفهم ولكن إلى قلة في ذلك .. وقد تبين أن القرآن الكريم لم يهتم بالشعراء ، وأن منزلتهم فيه أدنى بكثير من منزلتهم عند عرب الجاهلية ، تلك المنزلة التي كانت متدنية أيضاً ، على العكس مما هو دارج وشائع .

22 - مايو - 2008
هجوم على موقف القرآن الكريم من الشعر!!!
هجوم على القرآن الكريم 6    كن أول من يقيّم

مرجعية الشعر الجاهلي:
وتقفز الصلعمية إلى موضوع جديد فتقول [نعم هناك حقيقة ناصعة لا يضل عنها إلا المصابون بالعمى وهى أن الشعر الجاهلي مرجع لمن استشكل عليه أمرا من غرائب القرآن.]  وهذه كلمة طبّل لها طه حسين من قبل ، بوحي من أساتيذه المستشرقة .. فالشعر الجاهلي ، الذي لا يؤمنون بوجوده ، مرجع لغوي للقرآن الكريم ، الذي لا يؤمنون بقدسيته . ونقول لمن يزعم هذا ما قيل لسلفه غير العالي : "ويحك ! هب أن محمدا ليس نبيا ، أليس عربياً ؟." فالشعر الجاهلي مرجع لمن استشكل عليه شيء من غرائب اللغة ، ليس في القرآن الكريم فحسب ، ولكن في الشعر الجاهلي أيضا ، وفي كل عمل لغوي ذي بال . ولكنه ليس مرجعا للدلالة على عربية القرآن الكريم ، وهو ما ترمي إليه الخبيثة ، والمرجعية هنا مرجعية توضيح لا مرجعية تأصيل ، فإذا لم نفهم معنى كلمة في القرآن الكريم أو الشعر القديم أو الحديث ، أو لم نتفق على معناها ، وهو أمر لا تخلو من مثله لغة حية أو ميتة ، رجعنا إلى المعجم ليكون الفيصل في الأمر .. ومعاجمنا تمتح صحاحها من اللغة التي يحتج بها ، وهي في معظمها لغة الشعر الجاهلي ؛ لأنه المصدر الأكبر لشواهد اللغة العربية عامة والنحو العربي خاصة ؛ لأنه أسهل حفظا وأقل ضياعا ..
الحياد والتعصب :
وتتابع [فقط يحتاج المرء إلى قليل من الحيادية والتخلي عن المذهبية و التعصب الذي لا يصيب البصر بالعمى بل والبصيرة أيضا.] وهذه هي العبارة الصادقة الوحيدة في الصلعمية ، ولكن صاحبها أفقر الخلق لها ؛ لأنه لا يملك منها شيئا ؛ فهو لم يقدم دليلا واحدا على زعم واحد مما زعم ، غير الشواهد المنحولة المزورة .
التناقض:
وبدلا من سرد الأدلة على الحياد والتعصب والمرجعية ، تقفز إلى موضوع آخر : [أما موقف النبي من الشعر وأن كان متناقضا إلا أنه لا يخرج عن السياق العام من الخطاب المحمدي الذي كثيرا ما كان متناقضا وكذلك الخطاب القرآني وإن كان التبرير جاهز وهو الناسخ والمنسوخ] لقد انتقلت الصلعمية إلى تهمة التناقض ، وقررتها سلفا دون دليل ، وكأن تكرار الادعاء يجعل الكذب حقيقة وهيهات!. وحددت ثلاثة مستويات للتناقض : (تناقض موقف النبي من الشعر) (تناقض السياق العام من الخطاب المحمدي) (تناقض الخطاب القرآني) ومع أن كل زعم أعظم من سابقه ، قدمت بدل الدليل ما تخيلته جوابنا (الناسخ والمنسوخ) وهو يتعلق بالقرآن فقط ، ثم رفضته وتجاهلت الباقي . فاعجب لها تسأل وتجيب وترفض ، دون أن تبين كيف كان الناسخ والمنسوخ دفعاً غير مقبول لتهمة التناقض ، وتنتقل إلى زعم جديد ..
حب النبي صلى الله عليه وسلم للشعر ...
حسّان والروح القدس :
تروي المقالة [...أن محمدا نصب حسان بن ثابت شاعرا يمدحه وينافح عنه...وقال له النبي يا حسّان! أجبْ عن رسول اللهاللهم أيّده بروح القُدُس" ..."ولم يتردد الروح القدس أو جبريل الذي أيد حسان أن يسب أعدائه بأقذع السباب.] فإن ألقينا سخريتها من الروح القدس جانبا ، فمحمد صلى الله عليه وسلم لم ينصّب حسان ليمدحه ، وإنما كلفه باستعمال الشعر سلاحا في المعركة ، التي استخدم فيها المشركون كل أسلحتهم ومنها الشعر ، الذي هتك أعراض المسلمين وحرماتهم ، ولم يتعرض لدينهم بأي نقد عقلي منطقي . وكان عبد الله بن رواحة وكعب بن مالك ، رضي الله عنهما ، يهجوان المشركين بخلق الإسلام ، فلم يؤثر هجاؤهم في المشركين ، أما حسان بن ثابت ، رضي الله عنه ، فكان يرد عليهم بأخلاقهم وأساليبهم ، لذا كان هجاؤه (أشد عليهم من النبل وأقسى من السيف) أولم تزعم  الصلعمية بأن الشعر هكذا ؟. وليس في هذا حب النبي صلى الله عليه وسلم للشعر ، وإنما فيه الطعن على الرسول صلى الله عليه وسلم والروح القدس ، ولا أدري إن كانت الصلعمية قرأت هجاء المشركين للمسلمين ، وتعرفت أخلاقهم عن كثب ، والبادئ أظلم ..

22 - مايو - 2008
هجوم على موقف القرآن الكريم من الشعر!!!
هجوم على القرآن الكريم7    كن أول من يقيّم

لا فضّ فوك : 
وتتابع الصلعمية : [وكثيرا ما كان يقول للشعراء الذين يمدحونه أو يلقون أمامه شعرا جيد يعجبه "لا فض الله فوك"..] [عن يعلى بن الأشدق عن النابغة الجعدي قال‏:‏ أنشدت النبي صلعم ...فقال لي رسول الله صلعم ‏:‏ "أجدت لا يفضض فوك مرتين".] وهذا صحيح ، فقد كان العرب يقولون (لافض فوك)  لكل من يقول حقا ، أو يبدي فصاحة ، وأظن الصلعمية لا تعرف معناها ، والرسول ، صلى الله عليه وسلم ، تعجبه الفصاحة كأي عربي ، وأصح ما روي عنه أنه قال (الشعر حسنه كحسن الكلام وقبيحه كقبيح الكلام) ولهذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستحسن الحسن ويستقبح القبيح من شعر أو نثر ، ويروى أن النابغة الجعدي عاش مئة وثلاثين عاما لم تسقط له سن ، ببركة قول النبي  صلى الله عليه وسلم (لا يفضض فوك) .. وهذا شاهد على إعجاب النبي  صلى الله عليه وسلم بكل فصيح ، وليس بالشعر ، وسيمر بنا إعجابه بالنثر أيضا ..
الرسول يرتجز : 
[كان رسول الله صلعم يوم الأحزاب ينقل التراب في غزوة الأحزاب ويردد أرجوزة عبد الله بن رواحة‏‏ ولقد وارى التراب بياض بطنه وهو يقول‏:‏ بسم الله وبه هُدينا * ولو عبدنا غيره شقينا*] ثم تروي الصلعمية قدرا من الشعر وتقول [هذا قدر من أرجوزة عبد الله بن رواحة والذي كان يلقبه محمد بسيد الشعراء ما يدل على إعجاب النبي بالشعر والكلام المزخرف ذو الجرس الموسيقي .. وكان يحب أن يسمعه] وهذا غير صحيح ، فليس في الشاهد إعجاب بالشعر والكلام المزخرف ، وكل ما في الأمر أن من عادة العربي  أن يستعين على مشقة العمل (بالحداء والإنشاد) حتى الإبل العراب كانت تطرب للحداء فتغذ السير ، وما زال العربي يشمر ويشد ويحدو ويشدو ، لينشط في العمل ، ومن هنا كانت أغاني الفلاحين والعمال والرعاة والبحارة والمسافرين.. حتى الأبطال كانوا يرتجزون عند المبارزة في بداية المعارك . وهذا ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهو يرتجز مع المسلمين ليحفزهم على النشاط في العمل ، لإنجاز حفر الخندق بسرعة مناسبة قبل وصول جند الأحزاب . ولم يفعل ذلك عجابا بالشعر ..  وكأن الصلعمية لم تسمع بهذا الرجز قط .. أما قولها [والكلام المزخرف ذو الجرس الموسيقي .. وكان يحب أن يسمعه] فهذا تمهيد لدس جديد قادم ، يزعم بأن الزخرف بلاغة ، والبلاغة من الشيطان ، وبالتالي ، فإن الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، قد استمد بلاغته من الشيطان ، وتكون بلاغة القرآن الكريم من الشيطان ، على أن القرآن الكريم بزعمهم من تاليف النبي عليه الصلاة والسلام . أهذا دليل على حب الرسول للشعر؟. أم هو الدس والطعن ؟.  
سحر وحكمة : 
وتتابع [فإن من البيان لسحر ومن الشعر لحكمة ومن كلام النبوة كما قال النبي...] وهنا تترك الصلعمية القارئ الغِرّ ما يدري كلامها من كلام النبي  صلى الله عليه وسلم! ولكننا نميز كلام النبي صلى الله عليه وسلم من غيره ، أما قوله [إن من البيان لسحراً وإن من الشعر لحكمة] فيروى على أنه حديث شريف من كلام النبي  صلى الله عليه وسلم ، ولا أريد الخوض في درجة صحته ؛ وأترك ذلك لذوي الاختصاص ، ولكنه يعني أن من النثر ما فيه جمال ساحر ، ومن الشعر ما فيه عقل وحكمة ، وهذا يحمل جواز العكس أيضا ، فمن النثر ما يخلو من السحر ، ومن الشعر ما يخلو من الحكمة .. وأما قولها [ومن كلام النبوة كما قال النبي ...] فهذا من دس الصلعمية ، فلا هو من كلام النبوة ولا من كلام النبي  صلى الله عليه وسلم . والحديث يحمل الإعجاب بفصاحة النثر وحكمة الشعر ، بل إنه قدم النثر على الشعر ، وهذا التقديم ذو دلالة ، كما هو واضح ، وهو رد على كل ما سبق من أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعجب بالشعر خاصة . وتهدف الصلعمية من وراء هذا الكلام إلى تمرير أكذوبة جديدة ،  وهي أن كلام النبوة والشعر شيء واحد كما سيمر ، وأنه من زخرف الشيطان .. وهو هراء ومحض افتراء .

22 - مايو - 2008
هجوم على موقف القرآن الكريم من الشعر!!!
هجوم على القرآن الكريم 8    كن أول من يقيّم

الاستغفار القاتل :
 وتنتقل الصلعمية إلى فرية جديدة دون أن تقدم دليلا على الفرية السابقة : [وكان عامر بن الأكوع رجلا شاعرا وفي المسير إلى خيبر قال له أسمعنا من هناتك فقال هذا الشعر... فقال صلعم ‏:‏ يرحمه الله] ومع أن قوله (هناتك) أقرب إلى الاستهانة بالشعر ، إلا أن الشاهد لم يضرب دليلا على فكرته ، وهي إعجاب النبي صلى الله عليه وسلم بالشعر ، وإنما جاء للدس والطعن  التالي : [وكانوا يعرفون أن رسول الله صلعم لا يستغفر لإنسان يخصه إلا استشهد] وهنا مربط الفرس ، فهل تجدون علاقة بين الشاهد وحب النبي ، صلى الله عليه وسلم ، للشعر؟. فالصلعمية تقول : إن النبي إذا استغفر لأحد أو قال له (يرحمك الله) فإنه يموت ، وكأن الموت بيده ، مع أن الصلعمية لا تؤمن بأن دعاء النبي مستجاب .. والدليل على كذب المقالة أن الرسول صلى الله عليه وسلم استغفر لكثير من المسلمين فلم يمت منهم إلا من انتهى أجله حين انتهى ، وعندما عذبه قومه قال (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) فلم يمت منهم من أحد ، وحين دعا للأنصار بعد غزوة حنين : (اللهم ارحم الأنصار وارحم أبناء الأنصار...) فهل مات الأنصار وأبناؤهم ، كما أن تشميت العاطس عندنا أن تقول له يرحمك الله ، ولم يمت عاطس شمته الرسول  صلى الله عليه وسلم قط ، ولم يفهم أحد أن معنى يرحمك الله هو قاتلك الله غير الصلعمية .. ولو كانت هذه العبارة قاتلة لما أتعب النبي صلى الله عليه وسلم نفسه وأصحابه بالجهاد ، وكان يكفي أن يترحم على من يريد قتله فيموت .. وأخيرا .. فهل كان النبي صلى الله عليه وسلم يترحم على المسلمين ليموتوا ويترك الأعداء أحياء ليقاتلوا المسلمين؟. أليس الغرض هنا هو الدس والطعن ؟!. فأين شاهد حب النبي صلى الله عليه وسلم للشعر ؟.. 
مَن يخاف مَن ؟ : وهذا دس آخر: [قال أبن هشام : كعب بن زهير وقصيدته الشهيرة بانت سعاد قال ابن إسحاق ‏:‏ فلما بلغ كعبا الكتاب ضاقت به الأرض وأشفق على نفسه ...] و هذا يشير إلى خوف كعب من الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهذه واحدة .. وتتابع [... للقصة دلالات مهمة وهي أن كعب بن زهير عندما جاءه كتاب النبي لكي يسلم خاف من القتل وضاقت به الأرض] وما زالت تشير إلى خوف كعب من الرسول صلى الله عليه وسلم ، وهذه الثانية.. وتتابع : [وعندما أسلم أخيه قال قصيدته التي يعاتب أخيه فيها فبسرعة البرق أنتقل شعره إلى الجميع وخاف منه النبي ومن أشعاره] وفي الثالثة يتحول الأمر فجأة إلى خوف النبي من كعب ومن شعر كعب ، ومن شدة خوف النبي صلى الله عليه وسلم من كعب أمر بقتله! ، ما هذا الهراء؟!. إنه تناقض الصلعمية وليس تناقض مواقف النبي صلى الله عليه وسلم .. وليس هدف المقال بيان التناقض أو إعجاب النبي صلى الله عليه وسلم بالشعر ، وإنما الهدف دس عبارة خاف منه النبي صلى الله عليه وسلم ومن أشعاره ، فأين البحث العلمي لأرد عليه؟. وقد رجعتُ إلى المكتبة الإلكترونية الشاملة وبحثت في (111) كتابا من كتب التاريخ والسيرة وفي (233) كتابا من كتب الأدب ، فلم أجد عبارة البحث (وخاف منه النبي).. آلنبي صلى الله عليه وسلم يخاف وهو بطل الأبطال؟!. فهل تقبل مني الصلعمية الرواية التالية من تاريخ الطبري :
((ولما أعلم الله المسيح أنه خارج من الدنيا، جزع من ذلك فدعا الحواريين، وصنع لهم طعاماً وقال احضروني الليلة، فإن لي إليكم حاجة، فلما اجتمعوا بالليل عشاهم، وقام يخدمهم، فلما فرغوا من الطعام، أخذ يغسل أيديهم، ويمسحها بثيابه فتعاظموا ذلك فقال: من رد علي شيئاً مما أصنع، فليس مني فتركوه حتى فرغ فقال لهم: إنما فعلت هذا ليكون لكم أسوة بي في خدمة بعضكم بعضاً، وأما حاجتي إليكم؛ فأن تجتهدوا لي في الدعاء إلى الله أن يؤخر أجلي. فلما أرادوا ذلك ألقى الله عليهم النوم، حتى لم يستطيعوا الدعاء، وجعل المسيح يوقظهم و يؤنبهم فلا يزدادون إلا نوماً وتكاسلاً، .....))
 فهذا هو المسيح عليه السلام يخاف من قدر الله .. أتقبل الصلعمية مثل هذه الرواية؟. فإن هي قبلتها فأنا لا أقبل ؛ لأن السيد المسيح عندنا فوق هذا بكثير .. فوق .. فوق . والفرق بيننا وبين (كاعب متولي) وأمثالها أنها تكذب ولا نكذب ، وأننا نحترم ولا تحترم ، وأننا نؤمن ولا تؤمن ..

22 - مايو - 2008
هجوم على موقف القرآن الكريم من الشعر!!!
هجوم على القرآن الكريم 9    كن أول من يقيّم

ذكاء عجيب : 
تتابع : [وبذكاء الرجل لم يرى بدا من الشعر طريقا يسلكه إلى قلب محمد وقد كان ] ولا ندري أذكي هو لأنه رجل والمقالة امرأة ، أم لأنه عرف الطريق إلى قلب محمد ؟!. الحق أن الأمر ليس ذكاء ولا رجولة ، فكعب هو الذي لا يملك إلا الشعر ، ولا يحسن سلوك طريق غير الشعر ، لأنه أعجز من أن يقف خطيبا ، فقد قيل : (العربي شاعر بطبعه) ومن هنا فكل خطيب يستطيع أن يقف منشدا ، ولكن الشاعر لا يستطيع أن يقف خطيبا ، وهذا دليل جديد من أدلة علو منزلة النثر
بانت سعاد : 
تتابع:[فقال قصيدة التي تحدث فيها ووصف وأسهب عن محاسن سعاد الجسدية الحسية] هذا كلام له خبيء هو  قوله : [والنبي سعيد بالشعر] وهنا مربط الفرس ، فالصلعمية تريد القول إن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يطرب لسماع شعر الغزل الماجن ، مما يدل على أن الحديث عن التطابق أوالتناقض أو الإعجاب أو الكراهية ليس هو المهم ، والمهم هو التغطية على هذا الدس . ومن المعروف أنه لم يثبت عند المحدّثين أصلا ، أن كعبا أنشد هذه القصيدة بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم ، ومع هذا تقول الرواية بأن الرسول صلى الله عليه وسلم أشاح بوجهه عن كعب وهو ينشد الغزل .
العفو للتوبة لا للشعر : 
[فالقصيدة قد تزيد عن المائة بيت ومدح النبي بأبيات قليلة فعفا عنه النبي وكافأه وخلع عليه بردته التي اشتراها منه معاوية بعشرين ألف] وكأن الصلعمية تقول إن النبي صلى الله عليه وسلم عفا عن كعب إعجابا بشعره وغزله ، وهذا غير صحيح ، فقد عفا النبي صلى الله عليه وسلم عن كعب قبل أن يسمع شعره ، ولو لم يعف عنه لما سمعه ، لأن مجرد إسلامه يعني العفو ، حتى ولو لم ينبس بعد عفوه ببنت شفة .. والدليل على هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم أهدر دم نفر ممن آذوا المسلمين ، ثم عفا عنهم ، ولم يقتل منهم أحدا ؛ لأنهم أسلموا قبل أن يقدر عليهم المسلمون ، فقد أسلمت (هند بنت عتبة) زوجة أبي سفيان التي مضغت كبد حمزة رضي الله عنه ، عم النبي صلى الله عليه وسلم ، وأسلم العبد الحبشى (وحشي) قاتل حمزة ، فعفا عنهما النبي صلى الله عليه وسلم من دون أن ينشدا بيتا واحدا من الشعر ، وهذا يدل على أن عفو الرسول صلى الله عليه وسلم لا علاقة له بالشعر ، ولكنه مرتبط بقاعدة : (الإسلام يجُبُّ ما قبله).. وتتابع [وهذا يدل على قيمة الشعر لدى النبي....]  ولما تبين أن الشعر لم يكن سبب العفو  ، تبين أيضا أن قيمة الشعر عند النبي صلى الله عليه وسلم لا تعدو قيمة أي كلام ، وهي تقدر بقول بالحق والفصاحة ، شعرا كانت أم نثرا .. انتهى الحديث عن كعب بن زهير ، ولم نجد لا التناقض ولا حب النبي صلى الله عليه وسلم للشعر ، ولكننا وجدنا الدس والطعن في أمور لا علاقة لها بذلك .
قتيلة بنت الحارث : 
[قال ابن هشام قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ قالت قتيلة بنت الحارث أخت النضر بن الحارث أو بنته تبكيه‏‏) وأوردت المقالة جملة أبيات ثم قالت (قال ابن هشام ‏‏:‏‏ فيقال والله اعلم ‏‏:‏‏ أن رسول الله صلعم لما بلغه هذا الشعر ، قال ‏‏:‏‏ لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه.هنا نقرأ شعرا غاية في الرقة من أخت أو بنت تبكي أخيها أو أبيها الذي قتله محمد وتنادي وتقول ... يا محمد ما كان يضرك لو لم تقتله بعد أن أسرته وقيدته بالوثاق وتشقق الأرحام وتقطعها !!! ويجيب الذي لا ينطق عن الهوى لو سمعت هذا الشعر ما قتلته.] وهذه قصة أخرى تخرج فيها الصلعمية من موضوع التناقض أو حب الشعر ، إلى السخرية من النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي لا ينطق عن الهوى ، وأنف الصلعمية راغم  ، وتتبع السخرية بالكذب دون خجل ، فتقلب قوله (لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه) إلى (لو سمعت هذا الشعر ما قتلته) وفرق بين المعنيين كبير ، فأين العلم والبحث العلمي ؟ وعن أية نظرية علمية أجيب؟..  

22 - مايو - 2008
هجوم على موقف القرآن الكريم من الشعر!!!
هجوم على القرآن الكريم 10    كن أول من يقيّم

ثمن النفس البشرية :
وتتابع:[وهنا نرى كيف أن النفس البشرية كانت عند محمد لا تساوي أكثر من بيتين من الشعر] وهذا سخف ، فلتقرأ الصلعمية الرواية السابقة ؟.(( فقال المسيح: سبحان الله يذهب بالراعي، ويتفرق الغنم، ثم قال لهم: الحق أقول لكم: ليكفرن بي أحدكم قبل أن يصيح الديك وليبيعني أحدكم بدراهم يسيرة، ويأكلن ثمني.وكانت اليهود قد جدت في طلبه، فحضر أحد الحواريين إلى هرذوس الحاكم على اليهود وإلى جماعة من اليهود وقال: ما تجعلون لي إذا دللتكم على المسيح؟ فجعلوا له ثلاثين درهماً فأخذها ودلهم عليه فرفع الله تعالى المسيح إليه، وألقى شبهه على الذي دلهم عليه..)) لقد باع أحد الحواريين (الرسل) المسيحَ بثلاثين درهما ، وكان الشاعر ينال على القصيدة ثلاثين ألفاً ، فلو بلغتْ القصيدة مئة بيت ، فقيمة البيت ثلاثمئة درهم ، فإذا كانت النفس البشرية لا تساوي عند محمد بيتين من الشعر أي ستمئة درهم ، فهو أكثر مما قبضه الحواري ثمنا للمسيح بعشرين ضعفا . فإذا قبلتم مثل هذا النص ، فأنا أبرأ إلى الله منكم ومنه .
من وصايا الرسول:  
ومن الرد على ما تقدم من قيمة النفس البشرية عند الرسول صلى الله عليه وسلم ، أنه كان يوصي جيشه هو والخلفاء الراشدون من بعده ، بمثل هذا : (لا تقتلوا شيخا كبيرا ولا طفلا صغيرا ولا امرأة ، ولا تجهزوا على جريح ولا تتبعوا موليا ، ولا تقعروا نخلا ولا تحرقوه ، ولا تبقروا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا لمأكله وتمرون بأناس فرغوا أنفسهم في الصوامع ، فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ..) أفلا يدل هذا على قيمة النفس البشرية ؟. ومما لم يخالف فيه مؤرخ ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قبل الفدية من أسرى  المشركين في معركة بدر ، ولم تكن الفدية مالا ولا شعرا ، ولكن تعليم عشرة من أولاد المسلمين القراءة والكتابة ، ليفهم الذي في طبعه الكذب أن حبل الكذب أقصر من ذيل العنز . وتتابع ..[ويدل أيضا على موقع الشعر من قلب النبي] وقد تحدثنا سابقا عن موقع الشعر من قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأنه لا يختلف عن موقع أي بيان فصيح من نفس أي عربي سويّ ، ومن لا يؤثّر فيه عذب الكلام فليس من طينة البشر . ولكن الصلعمية تتخذ هذا المطعن منطلقا للانقضاض بطعنة أخرى .
شفاعة بلا شعر :  
وتتابع : [وشفاعة الشعر لدى الذي جاء رحمة للعالمين.] أما السخرية ممن أرسله الله رحمة للعالمين ،  فلتسفّ الصلعمية المَلّ ، وأما شفاعة الشعر فقد بينتُ أن الشفاعة للتوبة لا للشعر ، وقدمتُ دليلا هو عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن (وحشي وهند) من غير شعر ولا نثر ، وهذا دليل آخر: حين أسر المسلمون سَفانة بنت حاتم الطائي كلمت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت (يا محمد ! هلك الوالد ، وغاب الرافد ، فإن رأيت أن تخلي عني ، ولا تشمت بي أحياء العرب ، فإن أبي كان سيد قومه ، يفك العاني ، ويقتل الجاني ، ويحفظ الجار ، ويحمي الذمار، ويفرج عن المكروب ، ويطعم الطعام ، ويفشي السلام ، ويحمل الكل ، ويعين على نوائب الدهر ، وما أتاه أحد في حاجة فرده خائبا . أنا بنت حاتم الطائي .) فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : (يا جارية! هذه صفات المؤمنين حقا ، ولو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه ، خلوا عنها ؛ فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق.) وأطلق الرسول صلى الله عليه وسلم سراح سفانة وأسرى قومها ، إكراما لصفات أبيها وحبه لمكارم الأخلاق ، مع أنها لم تقرض بيتا واحدا من الشعر ، وهذا يذكرنا بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ولو عدنا إلى مسخرة [لا يستغفر لإنسان يخصه إلا استشهد] فهل قصد الرسول صلى الله عليه وسلم لو كان أبوك مسلما لقتلناه؟. ما هذا الهراء؟. وهنا نتبين أن حديث التناقض وحب الشعر لم يكن سوى غطاء لمثل هذه المطاعن الحاقدة . التي انتهت المقالة من تقديمها ، تحت غطاء شواهد حب النبي صلى الله عليه وسلم للشعر .

22 - مايو - 2008
هجوم على موقف القرآن الكريم من الشعر!!!
 13  14  15  16