 | تعليقات | تاريخ النشر | مواضيع |
 | الفصل الثالث والعشرون تتمة 3 كن أول من يقيّم
»اذكُروا إلْيَشَع()، الذي اقتاتَ بخُبزِ الشَّعير()، واتَّشَحَ بأخشَنِ دِلقٍ. الحَقَّ أقولُ لكُم، إنَّهُم حينَما لم يخشَوا امتِهانَ أجسادِهم، فقد خشيَهُم وارتاعَ منهم المُلوكُ والرُّؤساءَ(). فكفى بهذا امتِهاناً للجَسَدِ أيُّها القَومُ. وإذا أنتُم نظَرتُم إلى القُبورِ علِمتُم حقيقةَ الجَسَد«.
* * *
| 16 - نوفمبر - 2007 | إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟ |
 | الفصل الرابع والعشرون كن أول من يقيّم
الفصل الرّابع والعُشرون()
مثال مهمّ حول كيف أنّ على الإنسان
أن يتجنّب الولائم والحفلات
تابعَ يَسوعُ يقول وهو يبكي: »وَيلٌ لمَن هم عبيدٌ لأجسادِهِم()، لأنَّهم حَقّاً لا ينالونَ البِرَّ في الحَياةِ الآخِرة، بَل عَذاباً لِذُنوبِهم«.
* * *
]الغني وإلْعازَر[
»أقولُ لكم إنَّهُ كانَ() ثَمّةَ نَهِمٌ غنيٌّ لم يكُ يكتَرِثُ لشيءٍ إلاّ لنَهَمِه، فكانَ يُولِمُ وَليمَةً عظيمَةً في كلِّ يَوم(). وكانَ واقِفاً على بابِه رَجُلٌ فَقيرٌ يُدعى إلْعازَر، وكانَ كثيرَ }85{ القُروحِ، وكانَ يشتهي لو يُصيبَ شِبَعاً من الفُتاتِ المُتساقِطِ من مائِدةِ النَّهِم. ولكنَّ لم يُعطِهِ أحد من ذلكَ شيئاً، بَل كانَ يسخَرُ منه الجميعُ. وحدَها الكِلابُ كانتْ تتحَنَّنُ عليه، فتَلعَق قُروحَه. وحَدَثَ أن ماتَ الفقيرُ، فاحتَمَلَتهُ الملائِكةُ إلى ذِراعيْ إبراهيمَ أبينا. وماتَ الغنيُّ أيضاً، فاحتَمَلَتهُ الشَّياطينُ إلى ذِراعيّ الشَّيطان، فلمّا راحَ يتقلَّبُ في أشدِّ تَباريحِ العَذابِ، رفعَ عينيه فرأى عن بُعدٍ إلعازَرَ على ذِراعيّ إبراهيم. فصَرَخَ الغنيّ: »يا أبَتاهُ إبراهيمَ، ارحَمني، وابعَثْ إلْعازَر لعلَّهُ يحملُ لي على بَنانِه قَطرَةَ ماءٍ تُبَرِّدُ لِساني، الذي يتَلَظّى في هذا السَّعير«.
»فأجابَ إبراهيمُ: »يا بُنَيّ، تذَكَّرْ أنَّكَ نِلتَ في الحياةِ الدُّنيا الطيِّباتِ، على حين كانتِ البَلايا من نَصيبِ إلْعازَر. لذلكَ فنَصيبُكَ الآنَ الشَّقاءُ، وأمّا إلْعازَرُ فلَهُ حُسنُ العَزاء«.
| 16 - نوفمبر - 2007 | إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟ |
 | الفصل الرابع والعشرون - تتمة كن أول من يقيّم
»فصاحَ الغَنيُّ مُجدَّداً قائِلاً: »يا أبَتاهُ إبراهيم، إنَّ لي في بيتي ثلاثةَ إخوةٍ، فأرسِلْ إذن إلْعازَر ليُنبِئَهُم كم أُعاني التَّباريحَ، لكي يتوبوا ولا يكونُ مآلُهم إلى هُنا«. فقالَ إبراهيمُ: }86{ »عندهم مُوسى والأنبياءُ، فليَستَمعوا إليهِم«. فأجابَ الغنيُّ: »كلاّ يا أبتاه إبراهيم، بَل إذا كانَ لأحَدِ الأمواتِ أن يَقومَ فهُم يُصَدِّقون«. فأجابَ إبراهيمُ: »إنَّ مَن لا يُصَدِّقُ مُوسَى والأنبياءَ فهو لا يُصَدِّقُ الأمواتَ ولو قاموا«().
قالَ يسوعُ: »فانظُروا، أليسَ يُبارَكُ الفُقراءُ الصّابِرونَ، الذينَ لا يطلُبونَ سِوى ما يَسُدُّ الرَّمَقَ، الكارِهونَ للجَسَد؟ ما أشقى الذينَ يحمِلونَ الآخرينَ للدَّفنِ فيُقدِّمونَ أجسادَ هؤلاءِ طُعمَةً للدُّودِ ولا يُدرِكونَ الحَقَّ. بَل هُم بَعيدون عن ذلكَ تماماً ويَعيشونَ هُنا كأنَّهُم مُخَلَّدون، لأنَّهُم يَبنونَ بُيوتاً كبيرةً ويَشتَرونَ أملاكاً كثيرةً، ويَعيشونَ في الخُيَلاء«.
* * *
| 16 - نوفمبر - 2007 | إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟ |
 | الفصل الخامس والعشرون كن أول من يقيّم
كيف ينبغي للإنسان احتقار الجَسَد والعيش في الدّنيا
عندها قالَ الذي يكتُبُ: »يا مُعلِّم، إنَّ كلامَكَ لَحَقٌّ، ولِذلكَ قد تَرَكنا كلَّ شيءٍ في سَبيلِ أن نتبَعَكَ. فقُلْ لنا إذن، كيفَ يتوجَّبُ علينا أن نَبغُضَ جَسَدَنا، طالَما أنَّ قتلَ الإنسانِ نَفسَهُ غيرُ جائِزٍ، وما دُمنا على قَيدِ الحياةِ فينبَغي لنا أن نَقومَ بأوَدِ ]هذا الجَسَد«[.
أجابَ يَسوعُ: »أبقِ جَسَدَكَ كفَرَسٍ، تَعِشْ في أمان. لأنَّ القُوتَ يُطرَحُ للفَرَسِ بالمِكيالِ، وأمّا ما يترَتَّبُ عليه من الشُّغلِ فلا يُحَدُّ ولا يُحصى ويوضَعُ اللِّجامُ في خِطمِهِ ليَسيرَ على هَواكَ، }87{ ويُربَطُ ]لكي[ لا يُؤذي أحَداً، ويُترَكُ في مكانٍ حَقيرٍ، ويُضرَبُ إذا عَصى. فهكذا افعَلْ إذن أنتَ، يا بارْنَبا، تَعِشْ دَوماً معَ الله. ولا يتَولَّيَنَّكَ الغَيظُ من كلامي، لأنَّ داودَ النَّبيَّ فعلَ الشيءَ ذاتَهُ، كما يُقِرُّ هو نفسُهُ قائلاً(): »إنّي كفَرَسٍ عندَكَ، وإنّي دائماً مَعَكَ«.
»ألا قُلْ لي: أيُّهُما أفقَرُ؟ مَن يَقنَعُ بالقَليل، أم مَن يَشتَهي الكثيرَ؟ الحَقَّ أقولُ لكم، لو كانَ للدُّنيا عقلٌ سَليمٌ لَما جَمَعَ أحَدٌ شيئاً لنَفسِه، بَل كانَ كلُّ شيءٍ مَشاعاً بينَ النّاس. ولكن بهذا ]يُستَدَلُّ على ما فيهِ من[ جُنون بأنَّهُ كلّما جَمَعَ ازدادَ رَغبَةً. وأنَّ كلَّ ما يجمعُهُ فإنَّما هو جامِعُهُ لراحَةِ الآخَرين الجَسَديّة. فيكفيكُم() إذن ثَوبٌ واحِدٌ، واطّرِحوا كيسَ نُقودِكُم، لا تَحمِلوا مِزوَداً، ولا أحذيةً في أقدامِكُم، ولا تتفكّروا قائلين: »ماذا يحُلُّ بنا؟«، بَل ]حَسبُكُم[ تفكيراً في طاعَةِ مشيئَةِ اللهِ، وهو يُقدِّم لكم حاجاتِكم حتّى لا ينقُصَكم شيءٌ.
}88{ »الحَقَّ أقولُ لكم، إنَّ الإفراطَ في الجَمعِ في هذه الحياةِ الدُّنيا يكونُ شهادَةً أكيدةً على انعدامِ النَّصيبِ في الحياةِ الآخِرَة(). لأنَّ مَن كانت أُورشَليم وَطَناً لهُ لا يَبني بُيوتاً في السّامِرة، لمّا كانت هُناكَ عَداوةٌ بين هاتَين المَدينَتين. أتَفقَهون؟«.
أجابَ التَّلاميذُ: »أجَل«.
* * *
| 16 - نوفمبر - 2007 | إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟ |
 | الفصل السادس والعشرون كن أول من يقيّم
الفصل السّادس والعُشرون()
كيف ينبغي للإنسان محبّة الله
كما يتضمّن هذا الفصل النّزاع العجيب بين إبراهيم وأبيه
ثُمَّ قالَ يَسوعُ: »كانَ ثَمَّةَ رجُلٌ على سَفَر، وبينَما كانَ سائِراً عَثَرَ على كَنزٍ في حَقلٍ()ٍ مَعروضٍ للبَيع بخَمسِ قِطَعٍ من النُّقود. فلمّا درى الرَّجُلُ بذلكَ، مضى من فوره فباعَ رِداءَهُ ليَشتَريَ ذلكَ الحَقلَ. فهَل يُعقَلُ شيءٌ كذلكَ ويُصَدَّقُ؟«.
أجابَ التَّلاميذُ: »إنَّ مَن لا يُصَدِّقُ ذلكَ هو مُختَبِلٌ«.
فقالَ يَسوعُ عندَئِذٍ: »فإنَّكُم تكونونَ مُختَبِلينَ إذا كُنتُم لا تُعطونَ حَواسَّكُم للهِ لِتَشتَروا أنفسَكُم حيثُ يُستَودَعُ كَنزُ المَحَبَّةِ، لأنَّ المَحَبَّةَ كَنزٌ لا نَظيرَ لهُ. لأنَّ مَن يُحِبُّ اللهَ كانَ اللهُ لهُ، ومَن كانَ اللهُ لهُ كانَ لهُ إذن كلُّ شيءٍ« ().
أجابَ بطرُس(): »يا مُعلِّم، كيفَ يُمكنُ للإنسانِ أن يُحبَّ اللهَ مَحَبَّةً خالِصَة؟ أنبِئْنا«.
فأجابَ يَسوعُ: »الحَقَّ أقولُ لكُم، إنَّ مَن }89{ لا يُبغِضُ أباهُ وأمَّهُ وجيرانَهُ وحياتَهُ وأولادَهُ وامرأتَهُ لأجلِ مَحَبَّةِ اللهِ()، فمِثلُ هذا ليسَ جَديراً بأن يُحِبَّهُ اللهُ«().
| 16 - نوفمبر - 2007 | إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟ |
 | الفصل السادس والعشرون تتمة كن أول من يقيّم
أجاب بطرُس: »يا مُعلِّم، مَكتوبٌ في شَريعَةِ اللهِ في كِتابِ مُوسَى: »أكرِمْ أباكَ لكي تَعيشَ طويلاً على الأرض«(). وهو فوقَ ذلكَ يقولُ: »ليكُن مَلعوناً الابنُ الذي لا يُطيعُ أباهُ وأمَّه«()، فأمَرَ اللهُ بأنَّ مثلَ هذا الابنِ العاقِّ ينبَغي أن يُرجَمَ بغَضَبِ الشَّعبِ() أمامَ بابِ المدينة. ]فكيفَ[ تأمُرنا أن نُبغِضَ أبانا وأمَّنا؟«.
رَدَّ يَسوعُ: »كلُّ كَلِمةٍ من كَلِماتي صادِقَةٌ، لأنَّها ليسَت منّي، بَل هي للهِ الذي أرسَلَني() إلى بَيتِ إسرائيل. لذلكَ أقولُ لكم إنَّ كلَّ ما تملكون فإنَّما قد أنعَمَ اللهُ بِهِ عليكم()، ولِذا فأيُّ الأمرين أعظمُ قيمةً، العَطيّة أم المعطي؟ فإن كانَ أبوكَ وأمُّكَ أو أيُّ شيءٍ آخرَ عَثرةً لكَ في عِبادَةِ الله، فاجتَنِبْهُم كأنَّهم أخصام. ألم يقُلِ اللهُ لإبراهيم(): »اخرُجْ من بيتِ أبيكَ وأهلِكَ، وتعالَ اسكُن في الأرضِ التي }90{ أعطيها لكَ ولنَسلِكَ؟«.
»فلماذا قالَ اللهُ ذلكَ؟ أليسَ لأنَّ أبا إبراهيمَ كانَ صانِعَ أصنامٍ، وكانَ يصنَعُ ويعبُدُ آلهَةً كاذِبَة؟ ]لهذا السّبب[ استَحَرَت بينَهما العَداوة، لِدَرجَة أنَّ الأبَ وَدَّ أن يحرقَ ابنَهُ«.
أجابَ بطرُس: »إنَّ كلامَكَ صادِقٌ. وإنّي لأرجوكَ أن تَقُصَّ علينا كيفَ سَخِرَ إبراهيمُ من أبيهِ«().
* * *
| 16 - نوفمبر - 2007 | إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟ |
 | الفصل السادس والعشرون - تتمة 2 كن أول من يقيّم
أجابَ يَسوع: »كان إبراهيمُ ابنَ سَبعِ سنين لمّا ابتَدأ يلتَمِسُ اللهَ. فقالَ يوماً لأبيهِ: »يا أبَتاه، مَن صَنَعَ الإنسانَ؟«.
فأجابَ الأبُ الجاهِلُ: »الإنسانُ ]صَنَعَ الإنسانَ[، لأنّي أنا صَنَعتُكَ، وأبي صَنَعَني«.
أجابَ إبراهيم: »يا أبي، ليسَ الأمرُ كذلكَ، لأنّي سمِعتُ شيخاً مُسِنّاً يَنتَحِبُ ويقولُ: »يا إلَهي، لماذا لم تُعطِني أولاداً؟« «. أجابَ أبوهُ: »حَقّاً يا بُنَيَّ إنَّ اللهَ يُساعِدُ الإنسانَ ليصنَعَ إنساناً، ولكنَّهُ لا يَضَعُ يَدَهُ ]في الأمرِ[، ولا يَلزَمُ الإنسانَ إلاّ أن يتقَدَّمَ ويبتَهِلَ إلى إلهِهِ ويُقَدِّمَ له حِملاناً وخِرافاً، فيُساعِدُهُ إلَهُه«. أجابَ إبراهيمُ: »فكم إلَهاً يوجَدُ يا أبَتي؟«، أجابَ العَجوز: »لا عَدَدَ يُحصى لهُم يا بُنَيّ«.
فحينَئِذٍ قالَ إبراهيمُ: »يا أبَتاه، فماذا أفعَلُ إن أنا عَبدتُ إلَهاً }91{ فأرادَ بي ]إلَهٌ[ آخَرُ شَرّاً لعَدَمِ عِبادَتي إيّاهُ؟ فعلى أيِّ حالٍ لا بُدَّ أن يقَعَ بينَهُما شِقاقٌ، فيشتَجرُ النِّزاعُ ما بينَ الآلِهة. وأيضاً لعلَّ الإلَه الذي يُريدُ بي شَرّاً يقتُلُ إلهي، فماذا أفعَلُ؟ لا رَيبَ أنَّهُ يقتُلُني أنا أيضاً«. أجابَ العَجوزُ ضاحِكاً: »لا تَخَفْ يا بُنَيَّ، لأنَّهُ ما مِن إلَهٍ يختَصِمُ مع إلَهٍ آخَرَ، كلاّ، فإنَّ في الهَيكَلِ الكبيرِ أُلوفاً من الآلِهة مع الإلَه الكبيرِ بَعْل، وها أنا ذا الآنَ بلَغتُ نحوَ السَّبعينَ سَنَةً من العُمرِ، ومعَ ذلكَ لم أرَ قَطّ إلَهاً ضَرَبَ إلَهاً آخَرَ. وحَتماً ليسَ كلُّ النّاسِ يعبُدونَ إلهاً واحِداً، بَل يعبُدُ واحدٌ إلَهاً، وسِواهُ إلَهاً آخَر«.
| 16 - نوفمبر - 2007 | إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟ |
 | الفصل السادس والعشرون- تتمة 3 كن أول من يقيّم
أجابَ إبراهيمُ: »فإذاً ثَمَّةَ وِفاقٌ فيما بينَهُم؟«، قالَ الأبُ: »نَعَم يوجَد«. فقالَ إبراهيم: »يا أبي، أيَّ شيءٍ تُشبِهُ الآلِهة؟«، أجابَ الشّيخُ: »يا جاهِل، في كلِّ يومٍ أصنَعُ إلَهاً، أبيعُهُ للآخَرين لأشتريَ خُبزاً، وأنتَ لا تعرِفُ كيفَ تكونُ الآلِهة!«. وكانَ في تلكَ الأثناء يصنَعُ صَنَماً، فقالَ: »وهذا من خَشَب النَّخلِ، وذاكَ من خَشَبِ الزَّيتون، وذاكَ الصَّغيرُ من العاج انظُرْ ما أروَعَهُ! ألا يَبدو وكأنَّهُ حَيٌّ؟ حقّاً إنَّهُ لا يعوزُهُ إلا الأنفاس!«. أجابَ إبراهيم: »إذاً يا أبي ليسَ للآلِهة أنفاسٌ؟ }92{ فكيفَ يَهَبونَ الأنفاسَ إذاً؟ وطالَما أنَّهُم بغَيرِ حَياةٍ كيفَ يَمنَحونَ الحياة؟ من المؤكَّد يا أبي أنَّ هؤلاءِ ليسُوا هُمُ الله«. فحَنِقَ الشَّيخُ لهذا الكلام، قائِلاً: »لو كانَ لكَ من العُمرِ ما يَكفيكَ للإدراك، لَشَدَختُ رأسَكَ بهذِه الفأس، ولكن فلتَصمُتْ إذْ لا إدراكَ لكَ!«. أجابَ إبراهيم: »يا أبي، إذا كانَتِ الآلِهةُ تُساعِدُ على صُنعِ الإنسان، فكيفَ يقدِرُ الإنسانُ إذاً على صُنعِ الآلِهة؟ وإنْ كانتِ الآلِهةُ مَصنوعةً من خَشَبٍ، فإنَّ إحراقَ الخَشَبِ لَهو خطيئةٌ كُبرى. ولكن قُلْ لي يا أبَتِ، طالَما أنَّكَ قد صَنَعتَ هذا العَدَدَ الكبيرَ من الآلِهَة، كيفَ لم تُساعِدْكَ الآلِهةُ على صُنعِ أولادٍ كثيرينَ آخَرين فتصيرَ أقوى رَجُلٍ في العالَم؟«. فاحتَدَمَ غَيظُ الأبِ لمّا سَمِعَ ابنَهُ يتكَلَّمُ هكذا. وتابَعَ الابنُ قائِلاً: »يا أبَتِ، هَلْ أتى على الدُّنيا حِينٌ لم يكُنْ ثَمَّةَ بَشَرٌ فيها؟«، أجابَ الشَّيخُ: »نَعَم، ولِماذا؟«. قالَ إبراهيم: »لأنّي أودُّ أن أعرفَ مَن صَنَعَ الإلَهَ الأوّل«. قالَ الشَّيخُ: »أغرُبْ الآنَ عن بَيتي! ودَعْني لأصنَعَ هذا الإلَهَ بسُرعة، ولا تُكلِّمَني بشيءٍ، فمتى كُنتَ جائعاً فإنَّكَ تَشتَهي خُبزاً وليسَ كلاماً«. فقالَ إبراهيم: »إنَّهُ لإلَهٌ عَظيمٌ حَقّاً هو هذا الذي تقصُبُه كيفَ تَشاء وهو لا يملِكُ لنَفسِهِ مُدافَعَةً!«. | 16 - نوفمبر - 2007 | إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟ |
 | الفصل السادس والعشرون - تتمة 4 كن أول من يقيّم
فغَضِبَ الشَّيخُ عندَئِذٍ، وقالَ: »إنَّ العالَمَ بأسرِهِ يقولُ إنَّهُ إلَه، وأنتَ أيُّها الجاهِلُ تقولُ لا. فوَآلِهَتي، لو كنتَ رَجُلاً لكُنتُ قتَلتُكَ!«. }93{ وبعدَ أن قالَ ذلكَ، كالَ لإبراهيمَ اللَّطمَ والرَّفسَ وطَرَدَهُ من البيت«(). * * * () نصّ الهَجَداه كما ترجمناه عن العبريّة (راجع كتابنا: التلمود كتاب اليهود المقدّس): عندما بلغ أبرام الخمسين من العمر أبصر الاثني عشر صنماً المتوسّدة مكان الشّرف في دار أبيه، استطار الغيظ في نفسه وآلى على نفسه: »بالله الحَيّ، لئن لبثتْ هذه الصّور ها هنا ثلاثة أيام أُخَر، فليجعلني ربّي الذي خلقني واحداً منها«. خفّ أبرام إلى أبيه الذي كان مُحاطاً ببطانته، فسأله قائلاً: »أخبرني يا أبتي، أنّى لي أن أجد الله الذي خلق السّموات والأرض، وخلقكَ وخلقني وخلق البَريّة أجمعين في هذا العالم؟«. فأجاب تارَح: »يا بنيّ، خالق الكائنات موجود معنا هنا في الدّار«. قال أبرام: »فأرنيه إذاً يا أبتاه«. فاصطحب تارَح أبرام إلى حجرة داخلية، وأشار إلى الأصنام الاثني عشر وأخرى عديدة أصغر منها حولها، قائلاً: »هذه هي الآلهة التي خلقت السّموات والأرض، وخلقتكَ وخلقتني والعالمين أجمع«. فقصد أبرام أمّه قائلاً: »يا أمّاه، قد أطلعني أبتي على الآلهة التي خلقت الأرض وكلّ ما عليها، فأرجو منك أن تهيّئي لي جَدياً لأقدّمه قُرباناً لآلهة أبي، كيما تأكله وتتلقّاه بعين الرّضا«. ففعلت أم أبرام كما طلب، وقدّم أبرام الطعام أمام الأصنام، لكن أيّاً منها لم يمدّ يده ليأكل. فقال أبرام ساخراً: »ربما لم يلاقِ مذاقُها مزاج الآلهة، أو لعلّ كميّة الطعام هزيلة. سأقدّم قرباناً أكبر، وأجتهدُ أن يكون أشهى«. في اليوم التالي طلب أبرام من أمّه أن تهيّئ جَديين، بخير إتقان، فلمّا قدّم ذلك أمام الأصنام وجد النتيجة ذاتها التي رآها في اليوم الفائت. تعجّب قائلاً: »ويلٌ لأبي ولهذا الجيل الضالّ، ويلٌ لمَن تميل قلوبهم إلى الزّيغ والباطل فيعبدون صوراً بكماء لا تحسّ، فلا هي تشمّ ولا تأكل ولا تنظر ولا تسمع. لها أفواه ولا تتكلّم، لها أعين ولا تُبصر، لها آذان ولا تسمع، لها أيدٍ ولا تتحرّك، لها أرجل ولا تمشي«. فاستلّ حديدةً وراح يكسّر بها الأصنام جميعها ما خلا واحداً، وضع بيده الحديدة. تناهت ضجّة الفعل إلى أذني تارَح، فهرع إلى الحجرة حيث ألفى الأصنام المحطّمة والطعام تقدمة أبرام مُزجىً أمامها. فصرخ بغضب ونقمة في وجه ابنه: »ما هذا الذي فعلته بآلهتي؟«. فأجاب أبرام: »قد جلبتُ لها طعاماً شهيّاً، وإذا بها تمدّ أيديها إليه بشراهة دفعةً واحدة، كلّها ما عدا كبيرها، أزعجه جشعها، فلم يُمسك نفسه أن استلّ تلك الحديدة التي بيده وراح يحطّمها جميعاً«. | 16 - نوفمبر - 2007 | إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟ |
 | ثمة حاجة للاقتصار كن أول من يقيّم
سيدتي ضياء خانم: صدقتِ، صار الأمر الآن يدعو إلى الاقتصار والاختصار.. مبدئياً، الفصول التي سقتها متتالية باتساق منذ البداية، أظنها قد قدمت فكرة وافية عن أسلوب عملي في ترجمة هذه الوثيقة ودراستها نصياً.. ولكن المتابعة الآن ينبغي أن تتسم بانتقائية عالية، درءاً للإطالة البالغة. وثمة فصول أهم من غيرها بكثير.. وفوق ذلك، أراني الآن بصراحة قد أدركني التعب، فتنضيد هذا النص مرهق للغاية، ولقد عطلني عن كتاب أقوم الآن بإعداده حول "ارتياد جزيرة العرب" يروي سير الرحالين الأوروبيين الذين جالوا في بلدان الجزيرة ومجاهلها، ضمن قالب روائي حيّ مفعم بالمغامرة ووتيرة الأحداث الشائقة المثيرة. هذا طبعاً بحث أخف بكثير من "إنجيل بارنبا"، ولكنه مع ذلك يحمل فوائد وأهميّة بالغة لم يتم استيفاؤها أبداً حتى اليوم. لربما أخذت إجازة ليومين اثنين، ثم أعود لإرسال بقية الفصول الهامة، كيما نفتح باب النقاش حول الكتاب: محتواه الإيديولوجي، واللاهوتي، مصداقيته، نقد طريقة العمل، هل كانت نزيهة وحيادية موضوعية، أم أن ثمة postulats تطفو على السطح دوماً؟ ويسرني أن أعود إلى تقديم شكري وامتناني للأستاذ الدكتور يحيى مصري، الذي أتمنى دوماً لو كان في مستطاعي الوصول إلى مثل مستواه في اللغة العربية.. إنما هيهات، لا أحلم بذلك، ولي دوماً إشكالية حول عين الفعل الثلاثي. غير أنني أطمع بالفائدة منكم الآن.. والمرء قليل بنفسه، كثيرٌ بإخوانه. أخيراً، أتمنى إعادة تصحيح العبارة "لا نصيبله" في الفصل 25، الحاشية 4.. هذا على اعتبار أن هوامش مخطوطة فيينا كتبها - كما حققت - ناسخ تعود أصوله إلى مقاطعة توسكانا Toscana بشمال إيطاليا، وأكاد أجزم أنه كان بندقياً على وجه التحديد. هذا الناسخ الذي نقل نص الإنجيل بلجهة محيّرة بين البندقيّة والجنويّة، كان كما هو واضح مسلماً (أو ملازماً جانب الإسلام؟ لا أدري) وله إلمام غير محكم بكل من: العربية والتركية.. فلذا جاءت العبارات بهما على قدر بالغ من الركاكة، ومنها هذه العبارة: لا "نصيبله"، وغيرها كثير جداً كما نقلت في بقية الفصول. في مثل هذه الحالة لا يمكن تصحيح عباراته، حتى لو أخطأ في نقل آيات كريمة من الكتاب العزيز، إلا بالإشارة إلى ذلك، وتوضيح ما ورد أصلاً من غلط. وهذه الأغلاط نستعملها - نحن أهل الفيلولوجيا - أدلة عينيّة تقدّم لنا الكثير حول هوية النص وكاتبه وعصره وظروف نقله. أكرر شكري لكما، مع أطيب تحيّة وسلام. أحمد | 16 - نوفمبر - 2007 | إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟ |