البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات لمياء بن غربية

 12  13  14  15  16 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
اللازمة    كن أول من يقيّم

خالص الشكر لأستاذنا وشاعرنا زهير ظاظا على تحيته العطرة وجوابه الشافي، فأما سؤاله فهو ما لا أستطيع الجزم بجواب معين له، ويبدو لي أنه لم ينتبه لقولي في تعليقي السابق أن الأغنية تقول : قَلْبِي سَافَرْ مْعَ الرَّاحَلْ حِيزِيَّة ، والاختلاف هنا في أن (الضَّامَرْ) استبدلت بـ(الرَّاحَلْ) ، والبيت الذي أشار إليه هو:
سَكْنَتْ دَارْ اللْحُودْ الزِّينْ(1) iiالمَقْدُودْ
وقد جاء في الكتاب ص21 :
دَارُوها(2) في اللْحُودْ(3)=الزِّينْ المَقْدُودْ
(1) الزين = الجمال
(2) داروها= وضعوها
(3) ينطق: دَارُوها فَلْحُودْ
وقد اطلعت على قصائد عدة من الشعر الشعبي الملحون على الشبكة فلم أجد ما يدل على بناء معين لللازمة ولا أدري إن دل ما ذكره الأستاذ عبد الحفيظ على أن القوافي يمكن أن تكون مطلقة فيها، وأغتنم الفرصة هنا لأبارك له حلول الشهر الكريم ولأحيي حبيبتنا ندى، وكل عام وأنتم بألف خير ...
وقد ذكرني سؤالكم أستاذي بلازمة إلياذة الجزائر:
شغلنا الورى وملأنا الدنا
بشعر نرتله كالصلاه
تسابيحه من حنايا الجزائر
فهل ترون علاقة بين هذا والقوافي المطلقة في قصيدة حيزية؟
 
على كل يجب أن أذكر هنا أن القصيدة التي غناها الفنان عبد الحميد عبابسة تختلف عن التي وجدتها في ترتيب بعض الأبيات وفي كلمات أخرى ،وسأخص الكتيب ببطاقة أخرى، وأكتفي هنا بالقول أنه بعنوان "نماذج من: روائع العرب" لـ"رابح خدوسي"

9 - سبتمبر - 2008
الشعر الشعبي.. جماليات مغمورة
حيزية الملحمة الجزائرية    كن أول من يقيّم

 
كنت قد نقلت جزءا من قصيدة حيزية عن كتاب نسيت عنوانه، وقد عرفت بعد رجوعي لمكتبة المتوسطة أنه كتيب صغير يحتوي مختارات أدبية عنوانه 'نماذج من :روائع العرب' لرابح خدوسي، وقد ذكر في جملة المراجع كتاب حيزية (الملحمة الجزائرية) للأستاذ أحمد أمين ، لكني لم أتبين هوية كاتبه، وقد وجدت على الشبكة نسبة الكتاب لنفس المؤلف والبطاقة الآتية:
حيزية:الملحمة الجزائرية/دراسة للأستاذ أحمد أمين ، تقديم روزلين ليلى قريش، الجزائر دار المصباح 1991
على الرابطين:
و
 
وبعد عودتي إلى النص الكامل علمت أني أخطأت حين جعلت الاختلافات بين نصي المخطوطة والكتاب قليلة، فنجد مثلا بيتا لا يذكر في الكتاب :( في كل ليلة نزيد *عندي عرس جديد =ما قديت بليد* ذا حال الدنيا)  ومكانه حسب المخطوطة قبل (تاقت طول العلام=جوهر في التبسام) ص 17 ، كما نجد أيضا أن المخطوطة لا تذكر(حومتها بالحرير=كمخه فوق سرير)(ونا بشير=مْهَلْكَتْني حيزيا) ص 19 كما سقطت منها ستة أبيات أخرى(12 بيت بتقسيم الكتاب) قبل (هلكني يا ملاح=الازرق كي يتلاح) ، دون أن ننسى وجود بعض الاختلافات في كلمات قليلة، وفي المقابل يوجد خطأ صغير في ترتيب الشروح في الكتاب ، حيث أن الشرح رقم 94 خاص بـالعلامة 96 ، و95 بـ97، و96 بـ 98 ، و97 بـ 99 ، ثم يكون الشرح رقم 98 للبيت (توفى الجواد = ولى في الأوهاد) ويصير رقم 99 لـ 100 و100 لـ 101 وهكذا، وهذا في ص22-21 ، وفي ص16 : 'مرادس' وهي مرداس كما تتطلبه القافية وقد تم استدراك الخطأ في الشرح 51 .
 
ولا أطيل لأضع بين أيديكم القصيدة كما وجدتها في الكتاب، وقد فضلت أن أقوم بمسحها ورفعها، وهي على الروابط الآتية في 22 صفحة:
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

10 - سبتمبر - 2008
الشعر الشعبي.. جماليات مغمورة
شكرا جزيلا لزهير الأدب    كن أول من يقيّم

 
تحية طيبة وتقبل الله صيامكم وقيامكم وصالح أعمالكم
لو لم يكن الشعر ملكا للأستاذ زهير لرددت على رائعته شعرا، لكن الأقدار شاءت أن تذللـه له تذليلا ليكون ملِكه الغني عن التتويج، وأن تجعل من قصيدته تحفة لا تحاكى ولا تجارى ، فله خالص الشكر والامتنان وللأستاذ ياسين منا تحية إجلال وتقدير ومحبة ، ولا أنسى شكر أستاذتي الغالية ضياء سيدتنا وسيدة المجالس على هديتها العطرة ، وأهديها باقة من البُوقَالاتْ أملتها علي أمي، وهي فن شعبي مشهور في الجزائر ذكرني به فن الزجل ، وأنقل إليكم قبل هذا تحيات والدي الحارة وشكرهما الكبير...
 
جَازْ عْلَى بَابْ دَارْنَا يْنَقِّي فَ اللْوِيرَنْجَه
قُلْتْلُو يَا شْبَابْ وَاشْ تْكُونْ نْتَا؟
قَالِّي أنا مْحَمَّدْ بَلْعَلْجَه
لَْوَشّْ دَارَة قْمَرْ والفُمّْ بَلْفَجَه
 
( مر على باب دارنا يقشر فاكهة اللارنج
قلت له يا وسيم من أنت؟
قال أنا مْحَمَّدْ بلعلجة
الوجه كالقمر وفي الفم فلجة)
 
جَازْ عْلَى بَابْ دَارْنَا يْفَصَّلْ فَ العَكْرِي
قُلْتْلُو يا شْبَابْ فَصَّلْ عْلَى قَدِّي
قَالِّي والله يَا لَالَّة حَتَّى تْجِي عَنْدِي
نْفَصَّلَكْ قَاطْ دْهَبْ وَ نْزِيدْ مَنْ عَنْدِي
 
(مر على باب دارنا يفصل قماشا لمحمرا
قلت له يا وسيم فصل على قياسي
قال لي تعالي إلي يا سيدتي أولا
أفصل لك قاطا من ذهب وأزيد من عندي –والقاط لباس تقليدي نسوي- )
 
حْبَطْتْ لْبَابْ الجْنَانْ نْصِيحْ يا لِيلي
لَحَّفْتْ بَالياسْمينْ وْعَجَّرْتْ بَالخِيلي
نْوَصِّكُمْ يَا بْنَاتْ لا تَاخْذُو بَحْرِي
يَرْمِي قْلُوعُو فَ البْحَارْ وَيْخَلِّي الدْمُوعْ تَجْرِي
 
(هبطت إلى بوابة البستان أصيح يا ليلي
التحفت الياسمين واعتجرت بالورد البنفسجي
أوصيكن يا بنات ألا تتزوجن بحارا
يطول غيابه في البحر ويترك الدمع يجري)
 
حْبَطْتْ لْبَابْ لَبْحَارْ صَبْتْ الرْمَلْ يَغْلِي
حَفَّنْتْ بْيَدّي اليْمِينْ وْحَطِّتِ فِي حَجْرِي
جَازْ عْلِيَّا ذَاكْ المُنَادِي قَالِّي يْفَرّجْ رَبّي
يْجِيكْ سَالَمْ غَانَمْ بْبَرْكَةْ النْبِي العَرْبِي
 
(هبطت إلى باب البحر فوجدت الرمل يغلي
أخذت حفنة منه بيدي اليمنى ووضعتها في حجري
مر علي ذاك المنادي قائلا سيفرج الله كربتك
يأتيك سالما غانما ببركة النبي العربي)
 
يَا لِيلْتِي فَاطْمَة يَا لِيلْتِي فَطُّومْ
إذَا كُنْتِ فَ السْمَا نَبْعَثْ لَكْ سَلُّومْ
وْ إذا كُنْتِ فَالبْحَرْ نَبْعَثْ لَكْ عَوّامَة
وْإذا كُنْتِ فَالقْبَرْ حْسِيبَكْ يَا مُولانَا
 
(يا ليلتي فاطمة يا ليلتي فَطُّومْ –تصغير لفاطمة-
إذا كنت في السماء بعثت لك سلما
وإذا كنت في البحر بعثت لك قاربا
وإذا كنت في القبر فالله مولانا هو حسبك )
 
تحياتي إليكم وإلى لقاء قريب

20 - سبتمبر - 2008
الشعر الشعبي.. جماليات مغمورة
البوقالة    كن أول من يقيّم

تحية طيبة لكم أساتذتي
أعتذر منكم بداية على تأخري الذي تضطرني إليه عودتنا إلى المدارس، وأتوجه بالشكر الجزيل للأستاذ عمر خلوف أمير العروض ، وللأستاذ زهير مرة أخرى، والظاهر أن شعره يربو ويتضاعف، ضاعف الله ثوابه في هذا الشهر الكريم وثواب المسلمين، وحبيبتنا الأستاذة الغالية ضياء التي أنقل إليها تحيات والدتي.
 
وقد سألت أمي عن تسمية البوقالة فقالت أنها نسبة إلى الإناء الفخاري الذي يظهر في الصورة فنحن في الجزائر نسميه البوقالة، وسبب هذا يعود إلى أن قول البوقالة مرتبط بلعبة كانت تلعبها النساء والفتيات، فقد كن يجتمعن في بيت إحداهن ليلا حول الإناء الفخاري خاصة في شهر رمضان، فتضع كل واحدة منهن خاتمها أو شيئا يخصها فيه بعد أن يملأ الإناء بالماء المجلوب من سبع أعين من أجل الفأل الحسن، وكلما ألقت عليهن عجوز بوقالة عقدن النية على شخص معين (قبل سماعها)، فتكون صاحبة البوقالة أو النية المستجابة من يُستخرج خاتمها من الإناء، وبعد الفراغ من اللعب يُرمى الماء خارج البيت لعل البوقالات تتحقق، أما عند عدم وجود الإناء الفخاري فتكتفي النسوة بعقد أطراف خمرهن أو ثيابهن أثناء قولها... وهي بالطبع تبقى مجرد لعبة تعتمد على الصدف، لا نعتقد بنتائجها بأي حال من الأحوال ...
والفتيات الآن يلعبنها بطريقة مختلفة على سبيل التسلية وذلك باستعمال أوراق أو بتكليف فتاة بالإلقاء وأخرى بعقد النية .
في الأخير تقبل الله صيامكم وقيامكم وبلغكم ليلة القدر وجعلكم من عتقائه من النار

25 - سبتمبر - 2008
الشعر الشعبي.. جماليات مغمورة
عيد مبارك ، وكل عام وأنتم بخير    كن أول من يقيّم

 
عيد مبارك وكل عام وأنتم بألف خير     
                                              
               أعاده الله عليكم باليمن والبركة ووافر الصحة 
      وتقبل منا ومنكم صالح الأعمال ووفقنا وإياكم إلى طاعته ونيل رضاه

1 - أكتوبر - 2008
أهلا بالعيد أهلا أهلا ... شاركونا الفرحة ... أقلها قولوا : آآآآآآآآآآمين
صَحَّ عيدْكُم    كن أول من يقيّم

 أجمل التهاني لك أستاذتي ولجميع السراة الكرام بمناسبة عيد الفطر المبارك وكل عام وأنتم بخير
ولأن العيد لا يمر في الجزائر من غير أغنية الفنان "عبد الكريم دالي" التي يقول فيها:    
مْزِينُو نْهَارْ اليُومْ صَحَّ عِيدْكُمْ =مْزِينُو نْهَارْ اليُومْ مَبْرُوكْ عِيدْكُمْ  (مزينو=ما أجمله)
أهديكم إياها آملة أن تلقى إعجابكم ويمكنكم الاستماع إليها من خلال الرابطين :
 
في الأخير سلامي إليكم وإلى لقاء قريب

1 - أكتوبر - 2008
الشعر الشعبي.. جماليات مغمورة
حظيرة جورج أورويل (1)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

 
حظيرة جورج أورويل (1) 
 
واسيني الأعرج
 
ليس في نيتي أن أكتب عن هموم الحيوانات؛ لأن ما يقال عن الإنسان كثير. لكن الجرو المجنح الذي صادفته في حظيرة الحيوانات، شغلني. قصته طريفة ومحزنة. كان جروا وأراد أن يكبر بسرعة ليصبح كلبا مهما. ظل ينبح ويحتج حتى ينتبه له المسؤولون في المدينة. أخيرا وجد عملا في جريدة. كانت ميوله دينية، فأعجبه الأمر، ولكن مشكلة الجريدة أن الجزء الثاني منها كان وطنيا وحتى أمنيا. فأقنع نفسه بأن الاختلاف رحمة، فصمت عن النباح. واستطاع وهو في مقتبل العمر أن يؤلف بين الدين والوطنية ودافع عن الاثنين معا. لكن الجريدة أفلست أو لنقل إن مهمتها الأمنية انتهت، فوجد نفسه مرميا في الشارع من جديد. عاد إلى نباحه، فلم يسمعه أحد. فكر في مغادرة الوطن، لكنه خاف لأنه لم يكن يملك أية لغة أجنبية تساعده في الغربة. أنشأ خطابا نباحيا ظل يردد من خلاله، يشتم كل من غادر بلاده في المحن الصعبة. المشكل هو أنه كان معجبا بدرويش، ونابوكوف وماركيز وغيرهم ونسي في غمرة نباحه، أن هؤلاء العظماء اضطروا إلى مغادرة أوطانهم بسبب الفاشيات والدكتاتوريات المستشرية عبر العالم. سمع في مرة من المرات أن سلوقيا مخنثا (نوع من أنواع كلاب الصيد) جاء إلى العاصمة، وفتح دكان كتب ضخم في المدينة. زاره وعرض عليه خدماته. امتعض في البداية لأنه وجد عنده كلبا ضخما من سلالة البولدوف، كان مديرا جاءت به هيئات مالية غامصة، اعترافا بخدماته الجليلة. في النهاية وجد الثلاثة ضالتهم: الجرو يحتاج إلى عمل وإلى من يشمله برعايته، فأدخل ضمن طاقم البولدوف، السلوقي يحتاج إلى دعاية لدكانه ليراه المسؤولون ويرفعوه إلى رتبة أعلى، فوجد ضالته في البولدوف وفي الجرو أيضا، والبولدوف الذي كان يبحث عن اعتراف بخدماته الجليلة، فوجد فضاءه وناسه. وكونوا ثالوثا حاقدا على كل من ليس كلبا مثلهم. وبدؤوا في عملية شراء الذمم الصغيرة، وتحطيم كل شيء واقف. الناس كانوا يتساءلون ويتغامزون: كيف التقى الثلاثة وكل واحد منهم يعتقد أنه يستعمل الآخر وجميعهم تحت وصاية أكبر؟ كان الجرو هو الحلقة الأضعف. هو الكلب الوحيد الذي لم يكن يملك لا دكانا ولا جريدة ولا حتى امرأة. أصبح يقدم الخدمات للاثنين إلى أن أصبح صحافيا مختصا في اقتفاء آثار الناس. كون من حوله حلقة من الجراوي الصغيرة، تساعده على الإحساس بقيمته. كلما تميز شخص في المدينة، أو تحصل على اعتراف ما، أو حتى إذا كتب كتابا، ركض هو نحو جريدة البولدوف، ونشر مقالا مضادا في انتظار رد المعني ولو بشتيمة. كان يكيل التهم اليومية للجميع في كل المجالس التي تروق للكلاب الثلاثة وتحسسهم بوجودهم. كان مثل بهلوان زرادشت، يسلي ويرقص. مع الأيام كبر غبنه. وضع على رأسه بيري لأنه علامة الكتاب الكبار. ولكن لم تنتبه لكتاباته حتى الكلاب التي تحيط به. بعد أربعين سنة، لم يحصل إلا على الرماد.. أصيب بحالة اكتئاب عندما عرف أن البولدوف أصبح مورطا حتى عنقه مع الأجهزة التي خلقته، والسلوقي استدعي أمام القضاء ليجيب عن السرقات وعن الصفقات المالية التي عقدها مع باعة الكتب لتزويد دكانه ونفخ حسابه. قال الجرو، بعد أن ملأه باليأس: ليكن، لقد خسرت كل شيء، ولكني سأجرب فرصتي الأخيرة وسأحرق المراحل. وضع لنفسه جناحين وصعد إلى قمة جبل الملك كوكو، متبوعا بحلقة الكلاب الصغيرة، وطلب منها أن تدفع به إلى الأمام ليطير. ففعلت بلا تردد.
وعندما تفطن إلى أنه كان يهوي من الأعالي على رأسه مثل بهلوان نيتشه، اكتشف فجأة أن الأربعين سنة التي قضاها في النباح لم تأت بأي شيء نافع. فأغمض عينيه وترك نفسه يتهاوى كورقة شجرة ميتة. طبعا قصة الكلاب الثلاثة، ليست لي، فهي من عمق رواية الكاتب الإنجليزي: جورج أورويل: حظيرة الحيوانات. ليطمئن الذين رأوا شبها لهم في هذه القصة، فليس ذلك إلا من قبيل المصادفات الغريبة. سبحانه، يخلق من الشبه أربعين، وهذا واحد منها فقط. لنا عودة إلى حظيرة أورويل.
 

27 - نوفمبر - 2008
مقالات طريفة ولاذعة
حظيرة جورج أورويل (2)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

حظيرة جورج أورويل (2)
 
واسيني الأعرج
 
كنت في معرض الكتاب، أقرأ العناوين وأتفحص الكتب. فجأة سحبتني يد دافئة ونحيفة جدا. عرفت صاحبها دون أي جهد، كان صديقي الكاتب جورج أورويل. فوجئت بوجوده في هذا المكان العام، وهو الرجل الذي لا يغادر مكتبه. سألته: مستر أورويل، هذه ليست عادتك؟ قال: مضطر. أنا أبحث عن موشي، فقد هربت منذ أسبوع من الحظيرة. استغربت من هذا الاسم. قال: جروة صغيرة من نوع الكانيش، وصديقة نوكيا. سألته ومن هو نوكيا؟ قال: نوكيا هو الجرو الصغير الذي تجنح قبل أن يرمي بنفسه من أعالي جبل كوكو؟ فقد وصلتني أخبار مؤكدة تفيد أن موشي هنا، في معرض الكتاب، لأنها لا تستطيع مقاومة رائحة الكتب والمال. فهي، هذه الأيام، في غاية القلق والخوف. شطارة موشي أنها كل شيء ولا شيء. هي كل الوظائف مجتمعة: أديبة، محاسبة، رسامة، مخرجة كتب، مفكرة، Courtisane، حكيمة، بهلوانة، جمعوية، مختلفة ومتفقة في الآن نفسه، مدافعة عن الحريات ومتواطئة ضدها، دليل سياحي، خبيرة في الذرة وعلم الجينات، منشطة محاضرات، فيلسوفة، مكتبية، محترفة علاقات، ناشرة... لديها ملكة التحول العجيبة. في أية لحظة يمكن أن يتحوّل شعرها الناعم إلى جلد تخرج منه حية. كل ذلك ليس مهما. فقد وجدت ضالتها في حرفة الكتب. فهي وسيط بين دور النشر العربية وأهل البلاد. قلت ليس عيبا أن يتاجر المرء في الكتب. التفت أورويل يمينا وشمالا وكأنه خائف من أن يسمعه أحد. ثم همس في أذني: هي تشتري الكتب لتؤثث بها مكتبة بعينها، مقابل عمولات مفجعة. ثم سحبني إلى زاوية ضيقة وأراني نماذج من الفواتير المنتفخة، ثم قال: هل تدري أن موشي وثالوثها المقدس، تأخذ عمولات تصل حتى 20% تذهب نحو حسابات سرية لا أحد يعلم بها إلا الله والحاشية المستفيدة؟ ما حكاه لي أوريل يومها كان كبيرا وموثقا أفضل أن أحتفظ به لي. دون سابق إنذار، سحبني من يدي كما في المرة الأولى، واختبأنا وراء واجهة إشهارية للمعرض، وبدأنا نتأمل المشهد المضحك. عند جناح إحدى دور النشر العربية المعروفة، كانت موشي تنط فيما بين الناشرين العرب وتجبر بخواطرهم. كانت ملامحها منكسرة. بعض الناشرين كان يحتج بصوت مكتوم. وبعضهم يكتم غيظه وهي تحاول أن تهدئ من روعهم، مؤكدة أن ما حدث هو فاجعة قاسية دفعت بها إلى أن تتناول حبوبا مهدئة لتستطيع النوم. لكن المسألة طارئة وسيعود السلوقي معززا مكرما، وستجد كتبهم طريقها نحو البيع. تمتم جورج أ رويل في أذني مخافة أن يعرفه أحد: أنا لا أستطيع أن أفعل أي شيء مع الكنيشة موشي، لأن حاستها التجارية أفسدتها. تبدو منفعلة جدا لأن كل الحسابات سقطت بعد انهيار عرشها. أنت لا تعرف أن الجرو نوكيا، عندما انغلقت عليه سبل الدنيا، هي التي أوصلت قضيته للبولدوف والسلوقي. كانت تزّوده بأخبار المثقفين الذين يجب محوهم، لأنها كانت تنط بسهولة من بلد لبلد. تتحرك بشطارة عالية ولا يهمها مطلقا أن تحب هذا، تعشق ذاك، تصاحب هذا، بل وحتى أن تتزوج بالفاتحة؟ ومالو؟ ما دام الهدف نبيلا يتعلق بتجارة الكتب؟ سبق أن تركت نوكيا لمصلحة دوبرمان. ضحكت: ما علاقة الكنيشة موشي الناعمة بالدوبرمان الذي هو كلب خلقته النازية بتلاعبات جينية خطيرة؟ قال أورويل: ينفعها عند الحاجة. أنت تعرف جيدا أن الدوبرمان لا ينبح أبدا، فهو يخاتل ضحيته، وعندما تصبح في مرماه، يقبض عليها بفكيه الحديديين حتى الموت. أخشى أن أخيفك لو واصلت. ولهذا يجب أن تعود موشي إلى الحظيرة. اقترب أورويل في غفلة منها، ثم انقض عليها وسحبها من بين أنياب الناشرين الذين كانوا سيقطعونها، وجاء نحوي. كان يحتضنها بين ذراعيه وهي تنظر إلي ببراءة. قال: لا تصدق نظرتها. سأعيدها إلى الحظيرة. ثم غادر المعرض. تساءلت في أعماقي إذا لم يكن أوريل بصدد كتابة رواية جديدة عن هذه المخلوقات التي تحدد القيمة في البلاد ومعناها، وتنعت بالانتهازية من تشاء، وهي غارقة حتى الذقن في التهريب والنهب. طبعا أنا لم أقل إلا ما رواه لي صديقي جورج أ رويل عن حظيرته.  فإذا اقتنع سكان الحظيرة بأن ما رواه الكاتب هو من قبيل المصادفة، لا بأس من نسيان الحكاية، ولكن إذا رأوا أن لهم شبها بالكلاب المذكورة، فليرفعوا دعوى قضائية ضد أورويل، وسأناصرهم.
 

27 - نوفمبر - 2008
مقالات طريفة ولاذعة
حظيرة جورج أورويل (3)    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

حظيرة جورج أورويل (3 والأخيرة)
 
واسيني الأعرج
 
عندما دخلت عليه في ذلك الصباح، كان جورج أورويل منهمكا في ارتداء لباسه الذي يشبه إلى حد بعيد لباس صيادي الأسود. قلت له: إلى أين يا صاحبي؟ الغابات الاستوائية؟ قال: لا. أنا مسافر صوب عتمات الأرخبيل. قلت ضاحكا وقد تذكرت الجرو نوكيا. أي أرخبيل؟ أرخبيل الذباب؟ قال لا، نوكيا إلا داعية صغيرا، نباحه أكبر منه. هناك أرخبيلات كثيرة: الغولاك لسولجنتسين، وأرخبيل الشمس لبرنارد سموناي، وأرخبيل الألم لهانز كريستوف، وأرخبيل الذاكرة لبول أندرو وغيرها. أنا لست في مهمة أدبية، ولكني أريد أن أرتاح قليلا خارج الحظيرة بعد الذي حدث. ولهذا سأرحل صوب أرخبيل الشمس؟ قلت وماذا حدث؟ قال سأحكي لك مأساة الجرو نوكيا الذي رمى نفسه من أعالي جبل كوكو. هذه القصة لا تعرفها. قلت: من المؤكد أنه نبح حتى أصيب بغشاوة اللاجدوى لأن الناس الذين تعود على عضهم لم يتعبوا أنفسهم حتى بركله ليبتعد عنهم. رهانه الوحيد في الدنيا هو إسماع نباحه للآخرين. قال جورج: ذا تحصيل حاصل. لقد أصيب بكآبة قاتلة نسميها اليوم بداء الكلَب. بعد أن تجاوز الأربعين سنة في النباح المتوالي بلا جدوى زادت شهيته للعض وقطع الطرق على المارة. المهم من هذا كله، هل تدري ما كان حلمه؟ كان يتمنى أن ينشئ إمارة خاصة به يصبح هو فيها الحاكم المطلق ولم يره الناس حتى يصبح كلبا يحسب الناس حسابه، وليس مجرد جرو طارئ على الحياة العامة. كان قد قرأ الجمهورية لأفلاطون، فقام بطرد كل من لا يحبهم من ملكوته. كآبته المتولية كانت تقوده نحو تطرفات غير محسوبة. فقد أقسم لي ذات مرة، أنه لو حكم يوما واحدا سيقتل كل من يخالفه رأيه. فقد كان كلما سمع كلمة ثقافة يتحسس أنيابه الحادة التي كان يبرده كل صباح، مثلما كان يفعل النازي غوبلز الذي كان يتحسس مسدسه كلما سمع كلمة ثقافة. اندهشت من حالته وفكرت في عرضه على طبيب أعصاب مختص في حالة الكلب القصوى، ولكني عدلت إذ وجدت تسلية في الاستماع إليه. أراني وهو في حالة كلّبه قائمة أولى كتب فيها أسماء الذين يجب محوهم والطريقة المثلى لذلك، أسماء الأحياء طبعا، لأن الأموات كانوا سنده لتخبئة ضغينته: شنق الطاهر وطار في الساحة العامة، حرق واسيني أمام الملأ، سحل بوجدرة في شوارع العاصمة، نبش قبر ابن هدوقة حتى الوصول إلى العظام، إعادة اغتيال الطاهر جاووت،... ثم أراني القائمة الثانية التي كتب في أسفلها يتبع: إعدام عمارة لخوص لأنه تحصل على جائزة المكتبيين وسافر إلى نيويويرك ويكتب بالإيطالية، إتلاف رواية حميد عبد القادر لأنه كتب مرايا رأى فيها إيذانا لموته، ومنع فضيلة الفاروق من الدخول إلى الجزائر لأنها كتبت كثيرا ودعيت إلى تلفزيونات عربية كثيرة، وقد سبب له ذلك حالات اختناق، مقاطعة الكاتب بن منصور لأنه نشر نصا لم يمر من تحت مجهر عينيه... يتبع... اندهشت مما كان يحكيه جورج أورويل عن الجرو نوكيا. قلت:  وماذا يبقي في المدينة؟ قال أورويل: هو. هو فقط. لقد عرفت داخله منذ اليوم الذي طلب مني الإذن بقطف زهرة من الحظيرة، وكنت أظن أنه سيهديها لسيدة تشغل باله، ولكنه فاجأني بأكلها. وعندما سألته لماذا يا نوكيا؟ الحمار هو الذي يفعل هذا وليس أنت؟ قال: الحمار أكلها لأنه كان جائعا وأنا آكلها لأني أرفض رؤيتها أصلا. يزعجني عطرها. تذكرت لحظتها بطل كتاب عطر حولته حاسة شمه الحادة إلى مجرم محترف. هل فهمت لماذا أريد أن اذهب إلى أرخبيل الشمس؟ ارتاح قليلا وأحاول أن أفهم هذه الحالة الغريبة، التي تشغلني والتي لم تولد من المورثات الجينية التي لعبت بها النازية ولكن من ورثائها الجدد. ثم تركني أورويل وواصل ترتيب حقيبة سفره. عندما يستيقظ نوكيا في ملكوت السماء الثامنة، لن يجد أحدا ولا حتى أنا الذي يشفق على حالة كلَبه، ولن يجد حتى من يرد على نباحه وعضه المتواصل، لأن جورج أورويل أ لق الحظيرة، وانسحب من المشهد المريض وترك كل شيء كما كان منذ بدء الخليقة.
 

27 - نوفمبر - 2008
مقالات طريفة ولاذعة
عيد مبارك     كن أول من يقيّم

عيد سعيد وكل عام وأنتم بألف خير
 
أكتب إليكم بعد توقف تساقط الأمطار لأتمنى لكل سراة الوراق وزواره عيدا مباركا 
 أعاده الله على الجميع باليمن والبركات
ولا أنسى أن أحيي أستاذي الغاليين الأستاذة ضياء والأستاذ زهير سيدا المجالس  وصانع الوراق وراعيه الذي ندين له بالكثير الأستاذ محمد السويدي
وكل عام وأنتم بخير وعافية
Bouquet de fleurs : DJERBA  Interflora
 

6 - ديسمبر - 2008
عيد مبارك
 12  13  14  15  16