التكية المولوية في حلب ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
قام مولانا جلال الدين بعدة زيارات إلى حلب وقد التقى في إحدى زياراته بصحبة والده بهاء الدين بالشيخ الأكبر محي الدين الذي صاح حين لقائه ورؤيته ... سبحان الله ... محيط يمشي خلف بحيرة فشهرة مولانا سبقته الى حلب وقد تكون مهدت لاستضافة المولوية فيها.? لقد كانت حلب تعج بأعداد من الزوايا والتكايا النشيطة بأذكارها والمتلونة بانتماءاتها من شاذلية ونقشبندية وغيرها .? إضافة الى كل هذا فإن موقع حلب الجغرافي قريب من تركيا ومن قونية بالذات مسقط رأس المولوية .? أسست المولويخانه في سورية في خمس مدن هي: الشام و حماه و حمص و اللاذقية وحلب ومولويخانه حلب تعتبر أكبرها وأهمها واحتلت مكانة كبيرة بين الناس وأصبحت مركز ادارة المولوية بعد اغلاق الزوايا والتكايا في تركيا 1925وقامت بهذه المهمة حتى اغلاق الزوايا والتكايا في سورية1944 .? وللأراضي السورية مكانة خاصة عند المولويين لأن مولانا جلال الدين الرومي الذي تأسست باسمه المولوية أكمل صفحة مهمة من دراسته الدينية في الشام وحلب وفي هذه الفترة سكن رحمه الله تعالى في المدرسة الحلاوية في حلب ودرس الفقه والحديث وغيرهما من العلوم الاسلامية في مدينة حلب التي كانت مركز العلوم الاسلامية وملجأ كثير من العلماء والمتصوفة بعد اقتحام المغول للبلاد الاسلامية في ذلك العهد ودرس على يد الفقيه الحنفي الذي اشتهر في الفقه والأدب كمال الدين بن العديم .? ظهرت المولوية في العصر الخامس عشر الميلادي ومن منتسبي مولوية مدينة قونية محمد شلبي المتوفى حوالي (951/1544)، أتى الى حلب ومعه أربعين درويشاً مولوياً وبقي ضيفاً فيها بزاوية أبي بكر الوفائي وهو من الطريقة الوفائية من نسب تاج العارفين أبي الوفاء، ونصبه محمد شلبي في مقام مولوية حلب .? وقد صور مؤلف ( نهر الذهب) كامل الغزي الحلبي مولويخانه بحلب - مابين القرن التاسع عشر والقرن العشرين -: إن هذه التكية كبيرة ولها وقف خاص لمصاريفها وهي تقع بين الاشجار وعلى نهر قويق , وهي تشتمل على مكتبة عامرة وغرفة خاصة للشيخ وحجرات للدراويش وفي الوسط سماحخانه وكانت توجد ناعورة خارج التكية على نهر قويق وهذه الناعورة وضعت من قبل أحد الشيوخ وهي كانت تغذي حدائق التكية بالمياه اللازمة وهذا- ولاشك- كان يعطي جمالاً آخر للتكية من الخارج .? إن المطبخ الذي استخدم في سنوات طويلة مخزناً للأمتعة والذي كان له مكانة عظيمة في مولويخانه حلب لم يبق منه إلا الجدران.? وكان مطبخ هذه التكية يعلم الطبخ لكبار الشخصيات بحلب. إلى جانب نشر الثقافة المولوية بجميع أنواعها كان كل من يدعى (دده) أي شيخ يقوم بتعليم القرآن والحديث وشرح مؤلفات جلال الدين الرومي وكان هناك أيضاً بعض الدروس الخاصة لتعليم بعض الفنون الاسلامية كالخط , وكذلك كان هناك دروس أدبية ولغوية.? ? ومولويخانه حلب كانت مكان نزول لحجاج تركيا في طريقهم إلى الديار المقدسة، والمولويون الذين كانوا ضيوفاً لهذه التكية كانوا يلتقون برجال العلم والعرفان بحلب بملابسهم الخاصة.? وكانت توجد مكتبة مليئة بالكتب في مولويخانه حلب كما كانت العادة في التكيات الكبرى خاصة المكتبة التابعة لتكية حلب التي زودها الشيخ المرحوم عبد الغني دده بكتب كثيرة يبلغ عددها ألف كتاب وهذه المكتبة التي لاعلم لنا بمن أسسها وزودها بالكتب في بداية الأمر وفي عهد من من المشايخ، إن هذه المكتبة قدمت خدمات كثيرة لأهل العلم والدراويش المنسوبين لتكية حلب. لقد أسهمت هذه المكتبة في الحياة الثقافية في مدينة حلب بتقديم خدمات لاصحاب العلم والعرفان عندما كانت التكية فعالة في أيامها النشيطة وإن قائمة الكتب التي كانت توجد في خزانة هذه المكتبة موجودة الآن في مكتبة الأسد قسم المخطوطات بدمشق وفي مكتبة متحف مولانا بمدينة قونية.? أصبحت مولويخانه حلب مركزاً من مراكز الثقافة والفن طوال العصور الخمسة التي قامت في مدينة حلب عبر العصور الاسلامية وإن المولويين بأزيائهم الخاصة وحياتهم الممزوجة بالسماع والموسيقا والشعر والظرافة واللطافة في التكية جعلوا الحياة اليومية ذات ألوان مختلفة كما قامت مولويخانة بإدامة ثقافة التصوف في حلب وكذلك أصبحت مولويخانه حلب مقراً لنشر المأكولات المتنوعة.? |