ومما يؤخذ على الإعجاز العددي أيضاً     ( من قبل 3 أعضاء ) قيّم
ومما يؤخذ على المؤلفين في الإعجاز العددي في القرآن الكريم، أن كثيراً منهم يفترض أسساً ويتوهمها ثم يبني عليها نتائج، ويظن بعضهم أنه يصحح للمفسرين السابقين أخطاءهم في فهم الآيات من خلال معادلاته وأوهامه. وكثر من المؤلفين فيما يسمى الإعجاز العددي التعبير عن بحوثهم أنها كشف لأسرار القرآن، وحل لرموزه وألغازه، وكأن كتاب الله تعالى كتاب أسرار ورموز، ونسب عدد من هؤلاء لنفسه الفضل المطلق في كشف هذا السر أو ذاك أو حل الشيفرة القرآنية وألغاز القرآن وخفاياه التي بقيت سراً مكنوناً حتى وفقه الله لكشف سرها وبيان حقيقتها، وأن ما توصل إليه يعد كشفاً لسر بقي طي الكتمان مذ نزل القرآن إلى أن أماط هو لثامه وكشف سره. وقاد هذا الادعاء إلى نتائج خطيرة، منها : 1 ـ زعم العلم بوقت قيام الساعة: 2 ـ زعم العلم بموعد زوال دولة ما يسمى "إسرائيل" : افترض أحدهم عدة افتراضات ومعادلات مبنية على أرقام ومعلومات ظنية، أوصلته بمجموعها إلى نتيجة أحسن صنعاً حين لم يجزم بها وجعلها محتملة، وهي أن دولة ما يسمى بإسرائيل ستزول وتنتهي عام 2022م، وذلك بناء على حسابات وربط ببعض الأحداث والتواريخ غير القطعية. 3 ـ زعم إشارة القرآن إلى انهيار برجي التجارة العالمي: زعم بعضهم إشارة القرآن الكريم إلى حدث 11/9/2001 وهو انهيار برجي التجارة العالمية في نيويورك بسبب اصطدام طائرتين بهما، وتهدم جزء من مبنى وزارة الدفاع الأمريكية في واشنطن بسبب سقوط طائرة عليه، والزعمُ بأن قوله تعالى : ( أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين) [التوبة:109] يشير إلى الحادثة من خلال عدة أمور، فسورة التوبة هي التاسعة في الترتيب والحدث في شهر أيلول وهو الشهر التاسع، والآية في الجزء الحادي عشر، والحدث في اليوم الحادي عشر، ورقم الآية 109 وعدد طوابق المبنيين المنهارين 109 ( أنظر : رضوان سعيد فقيه، الكشوف في الإعجاز القرآني وعلم الحروف، ص122 ). وزاد غيره أن عدد الكلمات من أول السورة إلى هذه الآية 2001، والسنة هي 2001، وأن اسم الشارع التي كان فيه البرجان يسمى: "كرف هير" وهي كلمة تشبه : (جرف هار). والرد على هذه الدعوى الباطلة من عدة جوانب: أولها: أن الآية تتحدث عن المنافقين الذين بنوا مسجد الضرار، والزعم بإشارتها إلى هذا الحدث يخرجها من سياقها، ويحرفها عن معناها. وثانيها: أن تاريخ الحدث 11/9/2001 حسب التقويم الشمسي الميلادي، وتاريخ الحدث بالتقويم الهجري يختلف عنه ولا تتناسب أرقامه مع الآية كالتاريخ الشمسي. وثالثها: أن تقسيم المصحف إلى أجزاء عمل اجتهادي، وقد قُسّم القرآن إلى أجزاء أكثر وأقل، وإلى أحزاب، والآية في الحزب 21، فلماذا يُعتمد هذا التقسيم دون غيره؟ ورابعها: أن رقم الآية 109 غير مجمع عليه بين علماء العدد. وخامسها: أن عدد الكلمات من أول السورة إلى هذه الآية يزيد عن 2001 بكثير، وأن اسم الشارع الذي كان فيه المبنى ليس كما زعموا، فهذه دعوى باطلة فيها تكلف ظاهر، وقد ينتج عنها إساءة إلى الإسلام بدلا من الدعوة إليه. |