البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات أحمد إيبش

 10  11  12  13  14 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
الفص السابع عشر - تتمة 2    كن أول من يقيّم

»ولمّا لم يكُن للهِ جَسَدٌ فهو لا يأكُل، ولا ينامُ، ولا يموتُ، ولا يَمشي، ولا يتَحَرَّكُ، بَل هو ماكِثٌ إلى الأبَدِ بغيرِ مَثيلٍ([1]) بَشَريّ، لأنَّهُ غيرُ ذي جَسَد، وغيرُ مُرَكَّب، وغيرُ مادّيٍّ، بَل هو من أبْسَطِ العَناصِر([2]).  وهو جَوادٌ لا يُحِبُّ إلا الجُودَ، وهو مُقسِطٌ حتّى إذا اقتَصَّ أو صَفَحَ فلا رادَّ لحُكمِه.
»وقُصارى القَول، أقولُ لكَ يا فيلِبُّس إنَّهُ هُنا على الأرضِ لن يكونَ بمَقدورِكَ أن تَراهُ أو تعرِفَهُ تَمامَ المَعرِفَة، ولكنَّكَ في مَملَكَتِه سَتَراهُ إلى الأبَد، حيثُ يكونُ قُوامُ سَعادَتِنا ومَجدِنا«.
أجابَ فيلِبُّس([3]): »يا سَيّد، ماذا تقولُ؟  إنَّهُ بوَجهِ التّأكيد مَكتوبٌ في سِفر يَشَعياه أنَّ اللهَ }70{ أبونا([4])، فكيفَ أنَّهُ لم يَلِدِ البَنينَ؟«. 
أجابَ يَسوعُ: »في أسفارِ الأنبياءِ مَكتوبٌ أمثالٌ كثيرة، يَنبَغي لكَ ألاّ تأخُذَها بحَرفيَّتِها، بَل بمَغزاها.  ذلِكَ أنَّ جميعَ الأنبياءِ البالِغين مئةً وأربَعةً وأربَعينَ ألفاً، والذينَ أرسَلَهُم([5]) اللهُ إلى الدُّنيا، قد تَكَلّموا بمُعَمّياتِ الرُّموز.  ولكن سيَجيءُ من بَعدي بَهاءُ كلِّ الأنبياءِ والقِدّيسين([6])، فيُشرِقُ نوراً على مُعَمّياتِ سائِرِ ما قالَ الأنبياءُ، لأنَّهُ رَسولُ الله([7])«. 


([1]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله قائِم وباق وسبحان ولطيف وخـ]ـبـ[ـير وذ]و[ انتقام وغفور - منه«.
([2]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله لا تدركه الأبصار - منه«.
([3]) الاسم ذو صيغة يونانيّة: FilippoV، وهذا كان شائعاً لدى اليهود في عصر المسيح (عليه السّلام) لإعجاب كثير منهم بالثّقافة الهلّينيّة منذ فتوحات الإسكندر الأكبر (333 ق.م)، انظر كتابنا التّلمود.  وفيليپ كان اسم أبي الإسكندر. 
     ودخل الاسم الآراميّة، وهو يكتب فيها: פילפוס.
([4]) سفر يَشَعياه - 63: 16، وانظر 64: 8.
([5]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله مرسل«.
([6]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »قال عيسى بن مريم سيجيء من بعدي نُورُ الأنبياء والأولياء - منه«.
([7]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »رسول الله«.

15 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
الفصل السابع عشر - تتمة 3    كن أول من يقيّم

ولمّا قالَ يَسوعُ ذلِكَ تَنَهَّدَ وقالَ: »ارأفْ بإسرائيلَ أيُّها الرَّبُّ الإلَه([1])، وانظُر بعَينِ الرَّحمَةِ إلى إبراهيمَ وإلى ذُرّيَّتِهِ، لكي يَعبُدوكَ بقَلبٍ صادِقٍ مُخلِص«.
فأجابَ تَلاميذُهُ: »كذَلِكَ فليَكُن، أيُّها الرَّبُّ إلهُنا«([2]).
وقالَ يَسوعُ: »الحَقَّ أقولُ لكُم، إنَّ الكَتَبَةَ والحُكَماءَ قد أبطَلوا شَريعَةَ اللهِ([3]) بنُبوءاتِهِم([4]) الكاذِبَة([5]) المُخالِفَة لنُبوّاتِ أنبياءِ اللهِ([6]) الصّادِقين، ولذَلِكَ سَخِطَ اللهُ على بيتِ إسرائيلَ وعلى هذا الجيلِ المعدوم الإيمانِ«.
فبَكى تَلاميذُهُ لهذا الكَلام، وقالوا: »ارحَمنا([7]) يا الله([8])، وتَرأف بالهَيكَل وبالمَدينة المُقَدَّسة، ولا تَكِلها إلى احتِقارِ الأمَم، حتى }71{ لا تَزدريَ الأمَمُ عهدَكَ المُقَدَّس«. 


([1]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله الرّحمن الله كريم«.
([2]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله سلطان«.
([3]) لعل هناك وجه مقارنة مع إنجيل مَرقُس - 7: 13.
([4]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله قهار«.  قابل على إنجيل مَرقُس - 7: 13.
([5]) يتردّد هذا الخطاب مراراً على لسان يسوع هنا، كما في الأناجيل القانونيّة الأربعة أيضاً، حول رفضه الشّديد لشريعة الكَتَبة الشّفاهيّة (المِشناه) التي عدّوها مُساويةً للتّوراة في منزلة التشريع.  إلا أن فحوى هذا الرّفض يبدو أوضح في إنجيل بارْنَبا من الأناجيل القانونيّة، فضلاً أن عبارة (التّقاليد) كما سنبيّن (فصل 164) قد غلّفت الأمر كلّه بمعنى مُبهم.  هذا كان غلط التراجمة لا مدوّني الأناجيل قديماً، لأننا كما رأينا في المقدّمة كان تيّار الپولينيّة رافضاً لتراث اليهود جملة وتفصيلاً (بما فيه التّوراة والمِشناه معاً)، ويروم الانقلاب على تراثهما بالكامل، لصالح الفلسفة اليونانيّة ومعاييرها الثيولوجيّة والمعرفيّة.
([6]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »اليهود ويحرّفون الكلم من بعد مواضعه - منه.  هذا وبعده النّصار هذا أنا شهيد وهذا الكتاب يحرّفون ا]لـ[ـكلم في الإنجيل«.
([7]) ربما هناك وجه مقابلة على سفر دانيئيل - 9: 16.
([8]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله الر]حـ[ـمن«.  وهذه العبارة التي يقولها التلاميذ هي التي صارت ترد دوماً في تراتيـل القُدّاس باليونانيّة: »كيرييه إلَيْسون«  Kurie  elehson وأصلها بالآراميّة: »رَحمْثَخ يا آلو«  רחמתך יא אלו.

15 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
الفصل الثامن عشر    كن أول من يقيّم

الفصل الثّامن عشر([1])
يتّضح هنا اضطهاد عُبّاد الله من قبَل الدّنيا
وحماية الله التي تَقيهم
بعدَ أن قالَ يَسوعُ كذلك، قالَ: »لَستُم أنتُم الذينَ اختَرتُموني([2])، بَل أنا اختَرتُكُم لتكونوا تَلاميذي.  فإن أبغَضَتكُم الدُّنيا تكونونَ حَقّاً تَلاميذي([3]) لأنَّ الدُّنيا كانت على الدَّوام عَدوَّةً لعِبادِ الله.  تذَكّروا الأنبياء القِدّيسين الذينَ قَتَلَتهُم الدُّنيا، كما حَدَثَ في أيّامِ إيلياه([4])، إذْ قَتَلتْ إيزابِل([5]) عشرةَ آلافِ نَبيٍّ حتّى نجا إيلياه المِسكين، وسبعةُ آلافٍ من أبناءِ الأنبياءِ([6]) الذينَ خَبّأهُم قائِدُ جيشِ أخاب.
»أوّأهُ من الدُّنيا الفاجِرة التي لا تَعرِفُ اللهَ!  لذَلِكَ لا تَخافوا أنتُم([7])، لأنَّ شُعورَ رؤوسِكُم مُحصاةٌ حتى لا ينالَها الهلاكُ.  انظُروا عَصافيرَ الدُّوري والعَصافيرَ الأخرى، التي لا تسقُطُ منها ريشَةٌ واحدةٌ بغير إرادَةِ الله.  أفيَعتني([8]) اللهُ إذن بالعَصافير أكثرَ من اكتِراثِه بالإنسانِ الذي لأجلِهِ خَلَقَ كلَّ شيءٍ؟

([1]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »سورة توكيل«.
([2]) قابل على إنجيل يوحنّا - 15: 16.
([3]) قابل على إنجيل يوحنّا - 15: 19.
([4]) في هامش المخطوط: »في زمان الياس يقتل اليهود عشرة آلاف أنبياء بغير الحق - منه«.
([5]) إيزابِل الصَّيدونيّة امرأة أخاب بن عُمري ملك السّامرة، كانا من عَبَدة البَعل واضطهدا النّبي إيلياه (إلياس عليه السلام)، راجع سفر الملوك الأول 17-22، وانظر الفصل 145.
([6]) سفر الملوك الأول - 18: 4، 13 ولكن العدد فيه مئة، ولعلّ المُراد هو ما يُذكر في سفر الملوك الأول - 19: 18.
([7]) قابل على إنجيل متّى - 10: 28-30؛ وإنجيل لوقا - 12: 51-57.
([8]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله وكيل وحافيظ«.

15 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
الفصل الثامن عشر - تتمة    كن أول من يقيّم

}72{ أيتَّفِقُ وجودُ إنسانٍ أشدَّ عناية بحِذائِه من عنايته([1]) بابنِه؟  كلاّ بالطّبع.  فكَم حَريٌّ بكم إذن أن تتيقّنوا أنَّ اللهَ([2]) لا يُهملُكم، وهو دائم العناية بالعَصافير!  ولماذا تُرايَ أتكلّمُ على العصافير؟  بَل لا تسقُطُ ورقةُ شَجرةٍ واحدة بغير إرادَةِ الله([3]).
»صَدِّقوني، لأنّي أقولُ لكُم الحَقَّ، بأنَّ الدُّنيا ستَرهَبُكُم للغايَةِ إذا حافَظتُم على كلامي.  لأنَّ الدُّنيا لو لم تخشَ انفِضاحَ فُجورِها على رؤوسِ الأشهادِ لَما أبغَضَتكُم، ولكنّها تخشى الانفضاحَ، لذَلِكَ فسوفَ تبغُضُكم وتُناصِبُكم العَداءَ والاضطهاد([4]). 
»فإذا رأيتُم الدُّنيا تستهينُ بكلامِكم فلا تَحمِلوا في قُلوبِكم حُزناً، بَل تأمَّلوا كيف أنَّ اللهَ هو أعظَمُ منكم، ومع ذلكَ قد استهانَتْ بهِ الدُّنيا، حتّى عُدَّتْ حِكمَتُهُ جَهالَةً.  فإن كانَ اللهُ يحتَملُ الدُّنيا بالاصطِبار([5])، فلِمَ تحزَنونَ أنتُم في قُلوبكم، يا تُرابَ الأرضِ وطينَها؟  بَل إنَّكم بصَبرِكم تتملَّكونَ نُفوسَكم([6]).


([1]) ثارت ثائرة المُنكرين على إنجيل بارْنَبا أن يسوع لا يمكن أن يتفوّه بهذه الألفاظ.  نقول: وما تضرّ المُبالغة في معرض المَثَل؟  أولم يكن كلامه مع المرأة الكنعانيّة أقسى؟
([2]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله ربّ«.
([3]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »لا يسقط ورق من الشجر إلا بإيرادة الله تعلى - منه«.
([4]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الدّنيا لا تحب عباد الله الأخيار لأنها خافت أن يكشف واوشا (sic) قبحها وتقصد للعباد أن تصيب البلاء والضرر - منه«.
([5]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله صبر ]صبور[ الله عليم«.
([6]) قابل على إنجيل لوقا - 21: 19.

15 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
لفصل الثامن عشر - تتمة 2    كن أول من يقيّم


»لذلكَ إذا لَطَمَكُم أحَدٌ على خَدٍّ فحَوِّلوا لهُ الآخَرَ ليَلطِمَهُ([1]).  لا تُجازوا شَرّاً بشَرٍّ([2])، لأنَّ ذلكَ }73{ ما تفعلُهُ شَرُّ البَهائِم، ولكن جازوا الشَّرَّ بالخير([3])، وصَلّوا للهِ لأجلِ مُبغِضيكُم([4]).  النّارُ لا تُطفأ بالنّارِ بَل بالماء، لذلكَ أقولُ لكُم إنَّكم لا تغلِبونَ الشَّرَّ بالشَّرِّ بَل بالخَير([5]).  انظُروا اللهَ([6])، الذي جَعَلَ الشّمسَ تَطلُعُ على الصّالِحين وعلى الطّالِحين على حَدٍّ سَواء([7])، وكذلكَ المَطَر.  فكذلكَ ينبغي لكم أن تفعَلوا خيراً مع الجميع، لأنَّهُ مَكتوبٌ في الشَّريعة: »كونوا قِدّيسين، لأنّي أنا إلهُكم([8]) قُدّوسٌ([9]).  كونوا أطهاراً لأنّي أنا طاهِرٌ، وكونوا كامِلين لأنّي أنا كامِلٌ«([10]).
»الحَقَّ أقولُ لكُم، إنَّ العَبدَ يُحاوِلُ إرضاءَ سيِّدِه، فلا يَلبَسُ ثوباً ينفِرُ منهُ سيّدُه.  وأثوابُكُم هي مَشيئَتُكم ومَحَبَّتُكم.  فاحذَروا إذن من أن تشاؤوا أو تُحبّوا شيئاً غيرَ مُرضٍ للهِ رَبِّنا.  وتَيَقّنوا أنَّ اللهَ يُبغِضُ بهارِجَ الدُّنيا وشَهَواتِها، ولذلكَ فابغُضوا الدُّنيا أنتُم«.
*  *  *


([1]) قابل على إنجيل متّى - 5: 39.
([2]) قابل على رسالة بطرس الأولى - 2: 9.
([3]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »مثلاً لا يدفع النّار ]بالنّار[، كذالك لا يدفع الشرّ بالشرّ - منه«.
([4]) قابل على إنجيل متّى - 5: 44؛ وإنجيل لوقا - 6: 28.
([5]) قابل على رسالة بولس إلى أهل رومية - 12: 21، ولاحظ أن كلام يسوع الذي تداولته الأسماع وحفظته الذاكرة قد وصل إلى طرفين مُتباينين في العقيدة الرؤيويّة للمسيح على حدّ سواء، نعني تيّار بارْنَبا وتيّار بولُس.  والمنطق يفترض أن يكون بولس قد نقل عن بارْنَبا (وهذا ما تقرّ به أعمال الرُّسُل).  ولذا غدت أقوال المسيح مُتاحةً للجميع، وهذا ما يجعلنا نراها تتردّد في مجموعات تتباين فيما بينها تماماً من حيث المُعتقد.
([6]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله رازق«.
([7]) قابل على إنجيل متّى - 5: 48.
([8]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله وليّ وقدّوس وكاميل«.
([9]) قابل على إنجيل متّى - 5: 48، والأصل عن سفر اللّيويين - 19: 2.
([10]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »يقول الله تعلى في التّورية يا بني إسرائل كنو وليّاً فإنّي وليّ وكنو طاهراً فئنّي طاهر وكنوا كاميلاً فئنّي كاميل - منه«.

15 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
الفصل التاسع عشر    كن أول من يقيّم

الفصل التّاسع عشر([1])
يسوعُ يتنبّأ بالذي يخونُه
وعند نزوله من الجبل يشفي عشرة بُرص
لَمّا قالَ يَسوعُ ذلكَ، أجابَ بطرُس([2]): »يا مُعلِّم، }74{ ها نحنُ أولاء قد اطَّرَحنا كلَّ شيءٍ لنتبَعَكَ، فما يكونُ مَصيرُنا؟«. 
أجابَ يَسوعُ: »حَقّاً إنَّكم في يومِ الدَّينُونَة لَتَجلِسونَ بجانِبي، وتَشهَدونَ على أسباطِ إسرائيلَ الاثني عَشَر«. 
ولمّا قالَ يَسوعُ ذلكَ تَنَهَّدَ قائلاً: »يا رَبّ، ما شأنُ هذا الأمرِ؟  إنّي قد اختَرتُ اثني عَشَر، فكانَ واحِدٌ منهُم شيطاناً«([3]). 
فاغتَمَّ التّلاميذُ جدّاً لهذِه الكلِمة، فعندَ ذلكَ سألَ الذي يكتُب يَسوعَ سِرّاً بدُموعٍ، قائِلاً: »يا سيِّد، أيخدعُني الشَّيطانُ يا تُرى فأكونَ فاجِراً؟«.
أجابَ يَسوعُ: »لا تَغتَمَّنَّ يا بارْنَبا، لأنَّ مَن اصطفاهُمُ اللهُ قبلَ خَلقِ الدُّنيا لا يهلَكون.  تَهَلَّلْ واستَبْشِرْ، فاسمُكَ مَسطورٌ في سِفرِ الحياة«([4]). 
وعَزّى يَسوعُ تلاميذَهُ قائِلاً: »لا تَجزَعوا، لأنَّ مَن سيَبغُضُني لا يغتَمُّ لكلامي، لأنَّ في قَلبِهِ لا وجودَ للشُّعورِ الإلهي«. 
فعِندَ كلامِهِ هذا آنَسَ المُختارون عَزاءً.  وأدّى يَسوعُ صَلاتَهُ، فقالَ تَلاميذُهُ: »آمين، هكذا فليَكُن أيُّها الرَّبُّ الإلهُ القَديرُ الرَّحيم«([5]).
*  *  *


([1]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »سورة اليشفي الأبرص«.
([2]) قابل على إنجيل متّى - 19: 27-28.
([3]) قابل على إنجيل يوحنّا - 6: 7.
([4]) قابل على إنجيل لوقا - 10: 20؛ ورسالة بولس إلى أهل فيلبي - 6: 3.  وهذا التعبير قديم من أسفار (تَناخ): المزمور 69: 28: ספר חיים »سيفِر حَييم«.
([5]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »سلطان الله الرّحمن على كلّ شيء قدير مقدر - منه«.

15 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
الفصل التاسع عشر - تتمة    كن أول من يقيّم

]شفاء يَسوع عَشرة بُرصٍ[
لَمّا فَرَغَ يَسوعُ من عِبادَتِه، نَزلَ من الجَبَلِ مع تَلاميذِه، فالتَقى بعَشرةِ بُرصٍ([1])، }75{ صاحوا بِهِ من بَعيدٍ: »يا يَسوعَ ابنَ داود، ارحَمْنا!«.
فدَعا بهم يَسوع أن يَدنوا منهُ، وقالَ لهُم: »ماذا تَبغونَ منّي أيُّها الإخوة؟«.
فصاحوا جميعُهُم: »هَبْ لنا العافيَة!«.
فأجابَ يَسوع: »يا لَكُم من بؤسَاء([2])، أختَلَطَتْ عُقولُكُم حتى قُلتُم: »هَبْ لنا العافيَة«؟  ألا تَرَونَ أنّي إنسانٌ نَظيرُكم؟  فلتَدعوا إلهَنا الذي خلَقَكُم، فهو القَديرُ الرَّحيمُ يَشفيكُم«([3]). 
فأجابَ البُرصُ والدُّموعُ تَهمي من مآقيهم: »نَدري أنَّكَ إنسانٌ مِثلَنا، ولكنَّكَ قُدّوسُ اللهِ ونَبيُّ الرَّبِّ، فصَلِّ إلى اللهِ لكي يَشفينا«.
عندَها تَضَرَّعَ التّلاميذُ إلى يَسوع قائلين: »يا سَيِّد([4])، ارحمهُم«.


([1]) قابل على إنجيل لوقا - 17: 12-19.
([2]) في ترجمة سعادة عن لونسديل راگ بالإنكليزيّة: »أيّها الأغبياء«، ومثل هذه العبارات النّابية كثير: يا غبي، براز، مومسة.  ومن الواضح أن الرّجلين أرادا - عن سابق عمد وتصميم - إظهار هذا الإنجيل وكأن يسوع يتكلّم فيه بلغة سوقيّة (حاشاه من ذلك، وهو الطّاهر المكرّم)، وليس الأمر كذلك أبداً في الترجمة الإيطالية، فما أدراك بأصله القديم اليوناني المفقود؟  وكما هو متوقّع طبعاً،راح المُنكرون على هذا الإنجيل يستغلّون هذه النقطة كبيّنة على زيفه، فهذا بالضبط ما أراده المترجمان الأول والثاني دون ريب.  لكن اليوم - للمرّة الأولى - يُردّ الاعتبار إلى هذا الإنجيل البالغ الأهميّة، ويبقى أن نرى عنه دراسات علمية جديدة تستند إلى هذه الترجمة الصّحيحة بالذات.
([3]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله خالق والرّحمن وقدير على كلّ شيء - منه«.
([4]) هذه العبارة وحدها تُكتب فيها أطروحات كاملة!
     وهي في الأصل الإيطالي: signore، وترجمها راغ: Lord، وهي انتسـاخ عن اليونانيّة kurioV (كيريوس) التي تعني حرفيّاً: »سيد« وليس »ربّ«.  العبارة في الآراميّة: מרא »مارا« (سيّد)، ولكن السّيّد هنا أي صاحب الشأن لا الإله، الأمر ذاته في العبريّة רב.  راجع:
   Powell, Enoch: Evolution of the Gospel, p. 178.

15 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
الفصل التاسع عشر - تتمة 2    كن أول من يقيّم

فأنَّ يَسوعُ وصَلّى للهِ قائِلاً: »أيُّها الرَّبُّ الإلهُ القَديرُ الرَّحيمُ([1])، ارحَمْ واستَمِعْ إلى كلِماتِ عبدِكَ، ولأجلِ محَبّةِ إبراهيمَ أبينا وكَرَماً لعَهدِكَ المُقَدَّس ارْحَمْ رجاءَ هؤلاءِ الرِّجال، وهَبْ لهُم العافيَة«. 
ولمّا قالَ يَسوعُ ذلكَ التَفَتَ إلى البُرصِ وقالَ: »اذهَبوا واعرِضوا أنفُسَكم على الكَهَنة بحَسبِ شَريعةِ الله.
فانصَرَفَ البُرصُ، وعلى الطّريق تَمَّ لهم الشِّفاءُ.  فإذْ أبصَرَ أحدُهم أنَّه قد برئَ، عادَ ينشُدُ يَسوعَ، وكانَ }76{ إسماعيليّاً([2]).  وإذْ وَجَدَ يَسوعَ ركَعَ لهُ مُقَدِّماً التّبجيل، قائِلاً: »حَقّاً إنَّكَ قُدّوسُ اللهِ«، وتَضَرَّعَ إليهِ بكلِّ شُكرٍ أن يقبَلَهُ خادِماً([3]).
فأجابَ يَسوعُ: »قد برِئَ عشرةٌ، فأينَ التِّسعة؟«، وقالَ للّذي برئَ: »إنّي ما أتيتُ لكي أُخدَمَ بَل لأخْدِم([4]).  فامْضِ إذاً إلى بيتِكَ، واذكُرْ ما أحسَنَ اللهُ إليكَ([5])، لكي يعلَمَ النّاسُ كيفَ أنَّ الوعودَ المَقطوعةَ لإبراهيمَ وابنِه، مع مَلَكوتِ اللهِ، قد شارَفَتْ على أجَلِها«. 
فانصَرَفَ الأبرَصُ المُبرأ، ولمّا بَلَغَ حَيَّهُ قَصَّ ما صَنَعَ اللهُ بِهِ على يَدي يَسوع.
*  *  *


([1]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »سلطان الله قدير على كلّه والرّحمن - منه«.
([2]) قابل على إنجيل لوقا - 7: 12-19، والإسماعيلي هو العربي في منطوق اليهود.  لكن الطريف أن لوقا يجعل الأبرص الوحيد الذي عاد ليشكر يسوع سامريّاً.
([3]) قابل على إنجيل مَرقُس - 5: 18-20، لكن به تناقُضاً بَيِّناً مع روايتي بارْنَبا ولوقا، حيث يروي: »ولمّا دخل ]يَسوعُ[ السّفينة طلبَ إليه الذي كان مجنوناً أن يكون معه، فلم يدعهُ يَسوع بل قالَ لهُ: اذهبْ إلى بيتِك وإلى أهلكَ وأخبرهم كم صنعَ بكَ الرَّبُّ ورَحِمَك«.  والواقع أن الفروقات بين الأناجيل الإزائيّة (كما نسّقها الأب صبحي حموي اليسوعي) تسترعي دراسة نصّيّة مُقارنة مع إنجيل بارْنَبا، ممّا سيقدّم نتائج مُبهرة للغاية.
([4]) قابل على إنجيل متّى - 30: 28.
([5]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله معطي«.

15 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
الفصل العشرون    كن أول من يقيّم

الفصل العُشرون([1])
الآية التي أتى بها يَسوع في البحر
يُسوع يُبيّن أين يُقبل النّبي
مضى يَسوعُ إلى بَحرِ الجَليل، ونَزلَ في مركَبٍ([2]) مُبحِرٍ صَوبَ مَدينَتَهِ النَّاصِرة، فهَبَّ في البَحرِ نَوءٌ عَظيمٌ، حتّى أشرَفَ المركَبُ على الغَرَق.  وكانَ يَسوعُ نائماً في قَيْدومِ المركَب، فدَنا منهُ تَلاميذُهُ وأيقَظوهُ قائلين: »يا سيِّد، خَلِّص نفسَكَ فإنّنا هالِكون!«، وأحاقَ بهم فَرَقٌ عَظيمٌ بسبب الرّيح العاتيَة التي هَبَّتْ بعَكسِ مَسارِهم، وبسَبب تلاطُم أمواجِ البَحرِ.
فنَهَضَ يَسوعُ ورَفَعَ عينيه نحوَ السَّماءِ وقالَ: »يا إلوهيم صْبَؤوت([3])، ارْحَمْ عبيدَكَ«([4]).
وما أنْ قالَ يسوعُ ذلكَ }77{ حتّى سَكَنتِ الرِّيحُ حالاً، وهدأ البَحرُ.  فجَزِعَ النُّوتيَّةُ قائلين: »ومَن يكونُ هذا، حتّى أنَّ البَحرَ والرِّيحَ يُطيعانه؟«.


([1]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »سورة البحر«.
([2]) قابل على إنجيل متّى - 8: 23-27.
([3]) في هامش المخطوط بالعربيّة: »الله شَبَاوُتْ الله عَلُعِنْ هذا الاسم لسان عمران - منه«.
     قلنا: هذه العبارة بالعبريّة أحد أسماء الله (אלהים צבאות إلوهيم صْبَؤوت)، تعني »إله الجيوش«، وترد في التّوراة كثيراً، كما في مزامير داوِد (59: 6): »وأنت ياربّ إله الجيوش إله يسْرَئيل«: ואתה יהוה־אלהים צבאות אלהי ישראל.  وفي التّلمود (راجع كتابنا: التّلمود كتاب اليهود المقدّس، ص 180).  وانظر ما يرد أدناه في الفصل 152.  والعبارة تُستخدم كثيراً في القبّالاه (التصوّف اليهودي).
([4]) نعود إلى ما كنا علّقنا به على عبارة »ياسيّد« في الفصل السابق، فعبارة يسوع هنا التي مؤدّاها: »ياربّ ارحَمْ« ينبغي فهمها كمُصطلح إيماني ثابت لا يجوز لأي كان أن يقولبه أو يؤوّله كما يشاء.  لكن عبر اختلاف فقه اللّغات والأهواء في تأويل مغزى العبارة أطاحَ القوم بفَحوى العقيدة من جُذورها، وجعلوا من نبيّ الله المسيح (عليه السلام) إلهاً!
     العبارة بالآراميّة: רחמתך יא אלו »رَحمْثَخ يا آلو«، فحرّفوا بين مفهوميّ (آلو - ألوها) و(مارا).. أي بين (ربّ إله) و (سيّد أو راب) ]ولفظة راب רב عبريّة[.  فشتّان ما بين (السّيّد) بمعنى صاحب الشأن والآمر، و(الرّب) الذي هو الله جلّ جلاله خالق الكون، الأوحد المترفّع عن كل شريك أو شبيه.  الواقع أن أساس المشكلة أتى من اليونانيّة، لغةً وفكراً (وهي تشعّ وثنيّةً وتعدُّديّةً) فقد تلقّفت العبارة واتّخذتها لازمة مُفضّلة في ليتورجيا الصّلاة: »كيرييه إلَيْسون« (يا رَبّ ارحَمْ)، ولكنّهم قصدوا بها المسيح (عليه السلام)، وأساؤوا إلى الله الواحد الأحد، جلّ وتعالى عمّا يقولون!  لاحظ أن إنجيل مَرقُس يندر به تسمية يسوع بالرّبّ، والأصحّ لقبه (رابي، رابوني) الوارد في الأناجيل الأربعة مراراً.

15 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
الفص العشرون - تتمة    كن أول من يقيّم

فلمّا بَلَغَ مدينةَ النَّاصِرة([1])، أذاعَ النُّوتيَّةُ في المَدينةِ([2]) كلَّ ما فَعَلَهُ يَسوعُ، فحَفَّ بالبيتِ الذي نَزلَ بهِ يَسوعُ حَشدٌ لَجْبٌ من سُكّانِ المدينة.  ومَثُلَ أمامَهُ الكَتَبَةُ والحُكَماءُ فقالوا: »قد سَمِعنا([3]) مَدى ما فعلتَ في البَحرِ وفي اليَهوديّة، فآتِنا إذاً بآيَةٍ من الآياتِ هُنا في مَوطِنِكَ بالذّات«.


([1]) هنا نقطة تفصيليّة خلافيّة أثارها مَن يُنكر على إنجيل بارْنَبا وكأنّما اكتشفوا أصلّ المجرّة!  فقالوا: »وكيف يُبحر المسيح ببحر الجليل إلى النّاصرة، وهي مدينة تقع في تلال داخليّة بالجليل الأدنى؟  هذا دليل ساطع على أن »مؤلّف هذا الإنجيل المزوّر« لا يعرف شيئاً عن جغرافية فلسطين، وبالتالي فهو أوروبي من أبناء القرن السادس عشر«! 
     جميل، نعم لم يكن بارْنَبا من أهل فلسطين (بل قُبرُصياً بشهادة أعمال الرُّسُل)، ولا هو كان خبيراً في الجغرافيا، ولا يحمل جهاز GPS ، ولكن نسأل ببساطة: أين هو منطق البُرهان؟  هذا كلام فارغ، لأنّه لم يقُل: »نزل بمركب على شاطئ النّاصرة«، فليس في النّاصرة شاطئ طبعاً، لكنّه قال حرفيّاً: »رَكبَ في مركب مُبحر صَوب النّاصرة مدينته«، وكما في متن النصّ الإيطالي المخطوط: he monta in naue nauigo in nazaret sua cita.  هذا الكلام لا يعدو مفهوم (الاتجاه أو السَّمت Azimuth)، ومن الوارد جداً التّوجه إلى موقع جُغرافي عبر مرحلتين: اجتياز مُسطّح مائي كبير ثم المُتابعة برّاً، بدلاً من الالتفاف الطويل.  الأمر ذاته أقومُ به دوماً حينما أتّجه من إستانبول إلى موطن أجدادي بورصة، فمن غير المعقول الالتفاف حول بحر مَرمَرة برحلة قصيّة، بل الأيسر والأقصر المسير برّاً إلى ساحل مرمرة الشّمالي، ثم الاجتياز بالمُعدّية إلى ساحله الجنوبي، ومن ثَمّ المتابعة إلى بورصة برّاً.
     فالذي نراه هنا أن يسوع انطلق من قانا الجليل تجاه الحُولة وبيت صيدا إلى »الجبل«، أي هضاب منطقة عِبر الأردن - شرقيّ النّهر وشمال شرق طبريّة (راجع الفصل 14-16) - ثمّ قَصَدَ التوجّه إلى النّاصرة الواقعة على الطرف الآخر من بحيرة طبريّة (بحر الجَليل) إلى جنوبها الغربي، فنزل من الجبل إلى البُحيرة رأساً (إذ لا سهل صالح للتنقّل)،  وركب القارب فاجتاز بها قُطرياً (13 كم) فتابع طريقه برّاً إلى النّاصرة بمسافة حوالي 29 كيلومتراً على طريقها القديم القائم إلى اليوم.  و يروي متّى أيضاً (8: 28) توجّهه ما قبل ذلك إلى »ناحية الجِدريين« (جنوب شرق طبريّة).  وفي دراستنا القادمة سنوضح هذا كلّه بالخرائط.
([2]) نتابع المسألة الجدليّة السّابقة، فلقد قال المُنكرون: »أوَفي النّاصرة نُوتيّة (بَحّارة) وهي المدينة الجبليّة«؟  نقول: لو كانت هذه الحادثة جرت لأيّ منّا (رجلٌ يأمر البحر والرّيح بالسّكون فيطيعانه)، أكنّا تركناه؟  أنا شخصياً ما كنت تبعتُه إلى النّاصرة فقط، بل إلى آخر الدّنيا حتى أموت!  ونذكّر أنّ بارْنَبا لم يقل أبداً إن النّوتيّة كانوا من أهل النّاصرة.
([3]) قابل على إنجيل لوقا - 4: 23-30.

15 - نوفمبر - 2007
إنجيل بارنبا: أهو حقاً الإنجيل الصحيح؟
 10  11  12  13  14