المحرك لا يسير بدون (دينامو) كن أول من يقيّم
تحية كبيرة لأستاذنا الكبير ..
معتذرين له عن قبول شرطه، إذ لا بد لمشاركة رائعة منه أن تضعنا معاً في متاهة البحث والتنقيب.
وسأقتصر هنا على نقطتين مما جاء في إضافته القيمة:
** الأولى تتعلق بما جاء في كتاب (المعيار للشنتريني):
ففصل البحور المهملة (المستحدثة)، وماسبقه من (ضوابط الأوزان) مقتبسان من كتاب (الوافي في نظم القوافي، لأبي البقاء الرندي)، وليسا للشنتريني، بدليل أن الرندي أضاف (الخبب) إلى المهملات من البحور، في حين أفرد له الشنتريني باباً خاصاً في كتاب المعيار هو: (باب المتدارك).
وقد أخطأ المحقق (أو المؤلف) في وزن بحر العميد، حيث يفترض أن يكون:
(مستفعلتن مستفعلاتن فعْلُ).
بل إن ما أسماه (بالفريد) هو ذات الدوبيت أيضاً، وإنْ أخطأ في وزنه، فجعله:
(مستفعلن مستفعلن مستفعلاتن)
وربما كان صحيحه:
(مستفعلتن مستفعلن مستعلاتن).
بل أخطأ في ضبط عجز شاهده:
القَطْرُ كسا الأرضَ من الحسنِ فنونا ** فتّح النَّورُ ثغوراً وعيونا
والغريب أن يزن صاحب (سفينة الشعراء) بحر العميد على:
(مفعولُ مفاعيلُ مفاعيلُ فعولْ)
والفريد على:
(مفعولُ مفاعيلن مفاعيلن فعْ)
ويقدمهما على أنهما بحران (مهملان مستحدثان) إلى جانب الدوبيت بتفعيله المشهور:
(فعلن متفاعلن فعولن فعلن)
وتابعه على ذلك د.نبوي (الإطار الموسيقي ص231) وأسبر (معجم الخليل ص126).
ولو أنهم وضعو شاهديهما لتبين لهم حقيقة ما وقعوا فيه من الوهم، وأنهما ذات الدوبيت.
وقد كان الزنجاني (ـ بعد 660هـ) قد وزن الدوبيت على:
(مفعولُ مفاعلن فعولن فعلن)
** الثانية: أن أول من نبه إلى وزن الدوبيت على حد علمنا القاصر هو ابن الفرخان، صاحب كتاب (المستوفى في النحو)، من علماء القرن السادس الهجري، وهو ممن عاصر ضياء الدين الحسني الراوندي (ـ 560هـ)، وبينهما عدد من المساجلات الشعرية.
فقد أورد في كتابه المخطوط (الإبداع في العروض) ما ينوف على تسعة قوالب للدوبيت، حيث جعله من (مكفوف الرجز)، وقالبه الرئيس يساوي عنده:
مستفعلُ مستفعلُ مستفعلُ مسْ
ومن أمثلته لديه:
كمْ طافَ بِيَ الخيَالُ فيما قد طافْ واشتقتُ إليهمُ فدمعي توكافْ لا يلبَثُ مَنْ عليهِ وسْمُ الإنْصافْ أنْ يؤمِنَ قلبَ عاشِقٍ ممّا خافْ
وقوله:
يا طَرْفُ سقِمْتَ ، كمْ عسى تُسْقِمُني يا كشْحُ هَضُمْتَ ، كمْ تُرى تَهْضِمُني مَنْ أعشَقُهُ فكمْ غدا يُسْقِمُني
وقوله:
قلبي لكُمُ كما علمتمْ دامِ والوجْدُ بكُمْ يزيدُ منْ أسقامي هلْ يصلُحُ في قضيّةِ الإسلامِ أنْ أُحْرمَ وصْلكمْ ودمْعيْ هامِ
وقد أوردنا بعضاً من نماذجه الأخرى في المشاركة السابقة.
* * *
أكتفي بذلك، وأرجو أن تكون لي عودة إلى مشاركة الأستاذ القيمة، شريطة أن لا نكون بذلك ندفع به غلى متاهة العروض كما ذكر.
|