 | تعليقات | تاريخ النشر | مواضيع |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية 9 كن أول من يقيّم
المقالة الأخيرة للأخت شادية ليس فيها ما يميزها عن سابقتها سوي أسلوب العرض الذي اختلف بعض الشيء , فالمضمون واحد وخطير وشائك , وهو أن العقل شكل من أشكال الرغبة , وأن الدوافع النفسية مستغرقة لكافة أنواع السلوك , مهما حاولنا أن نعقل هذا السلوك ونبرره . وتستند في هذا إلى أن بعض _أو كل _من يرفع شعار العقل، يفضحه التاريخ ويعري رغباته النفسية المتسترة بالعقل . ثم أوجدت شبها بين استخدام العقل كقناع، وبين استخدام الدين كقناع أيضا , وهو في الحالتين , غالبا وليس دائما , يخفي الرغبة في التسلط الذي ألمحت إليه مرارا .
الجديد هو أنها عممت هذه الرغبة لتشمل السلوك البشري كله، بعد أن كانت تقصرها علي الشخصية العربية . وهي خاطئة في كلا الأمرين , غير أن خطأ التعميم أحب إلي من خطأ التخصيص , فالتعميم يجعلني كعربي بريء من تهمة احتكار الشرور . كما أنه يجعلني أبدو كمتحدث باسم العقل الإنساني كله , بعد أن كنت محصورا في الدفاع عن طائفة مغلوبة علي أمرها , (وهذا يشبع عندي رغبة دفينة )
قلت: إن هذا الادعاء خطير لأنه يؤدي إلي العدمية والفوضى، حيث يختفي الضمير، أو إلي نقيض الفوضى أي الاستبداد، حيث تحل القوة محل الضمير مستغلة غيابه , وإلي أن تصبح ثنائيات الخير والشر , و الحق والباطل , و الفضيلة والرذيلة , و الواجب والجريمة , كلها لغواً لا معنى لها , ولا فرق بين أولها وثانيها .
وقلت: إن هذا الادعاء شائك لأنه يحتمل الخطأ ويحتمل الصواب بحسب الطريقة التي يفهم بها , وتقييمه ليس بمجرد الحكم عليه بل بتحليله أولا .
نذكر بالمناسبة أن الماركسية قد تبنت فكرة (زيف السلوك الإنساني ) , وأعلنت أن الحقيقة في المجتمع هي أسلوب الإنتاج أي رغبة المجتمع , وأن الفرويدية قد تبنت أيضا فكرة (زيف السلوك الإنساني ) وأعلنت أن الحقيقة هي الرغبة الفردية , أما الوجودية فقد أيدت أيضا نفس الفكرة وعلي مستوي الفرد وأعلنت أن الحقيقة هي الحرية أو القلق , حسب نوع الوجودية . وهي بذلك قد تميزت عن الفرويدية والماركسية بانتصارها لمبدأ الاختيار مقابل مبدأ الجبر , فهي تقرر أن الإنسان مزيف ليس رغما عنه بل بإرادته , وأنا لا استعرض هذه الفكرة بأشكالها المتعددة في الفلسفات الغربية لأدرك إحداثياتي من خلالها أو موقعي منها، فأنا لا أحتاج إلي وساطة بيني وبين الطبيعة و خالقها , بل استدعيها لأرد إليها بضاعتها , ولنعلم إلي أي مدي نحن لسنا نحن .
كبداية .. و من الناحية المنهجية , وتحديدا فيما إذا كان الإنسان هو موضوع البحث ( العقل .. الدولة .. الأخلاق..الخ ) , فيجب علينا الاحتراز من تدخل الاستقراء في النتائج التي نصل إليها , فالاستقراء هو انتقال من الوقائع إلي القواعد ثم إلي الماهيات , وعملية الانتقال هذه تتطلب حصر الوقائع.
الاستقراء إذاً لا يصلح للموضوعات المتغيرة عبر الزمان، لأن حصر الوقائع عبر الزمان مستحيل إلا بوجود وسيط ممتد عبر الزمان مع الوقائع , باختصار استنتاج الإنسان من الوقائع الإنسانية (مثل واقعة استخدام العقل بشكل غير محترم في زمان معين ومكان معين ) هذا الاستنتاج فاقد لمشروعيته منذ البداية
مازالت المشكلة معلقة , ومازال للحديث بقية , وشكرا للأخ زهير
| 27 - يناير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية 10     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
ذكرت أن استكشاف العقل , وبالتالي وضع حدود له , لا يجب أن يمر عبر الاستقراء ( أي تجميع الوقائع العقلية للإنسان وصياغة تصور عن العقل من خلالها , مثل واقعة تحالف البرجوازية مع العقل ضد الكنيسة ) , لأن الوقائع العقلية هي وقائع إنسانية , و الإنسان متغير عبر الزمان , ولا أقصد بتغيره عبر الزمان عدم وجود ماهية ثابتة له (لأن اللي بيقولو كدة الناس الوحشين ) , بل أقصد أن ماهيته تتكشف _حسب أسلوب الملاحظة_ بحصر وقائعه عبر الزمان وهذا مستحيل . فالأسلوب المقترح هو التحليل النظري للعقل وللرغبة لتحديد طبيعة العلاقة بينهما
الافتراض موضوع المناقشة هو أن العقل شكل من أشكال الرغبة , أو أنه هو الرغبة، وقد عثرت علي مبرر لوجودها, وبالتالي فالعقل ليس له وجود مستقل عن الرغبة .
صيغة أخرى للافتراض : العقل هو تصور عن العالم , تنتظم فيه أجزاء العالم في كل واحد، ولكن في الحقيقة صورة العالم هي صورة الذات . إذا: العقل ليس له وجود مستقل عن الذات، بل هو أحد أساليبها في التكيف .
صياغة ثالثة للافتراض : الرغبة في شيء ما هي دائما وفي الحقيقة رغبة في شيء آخر . إذاً : إقامة علاقة بين العقل والرغبة علي أساس منطقي مهمة مستحيلة، لأن هذه المهمة تتطلب أن تكون الرغبة حقيقية مبدئيا , وهذا غير ميسور
الحقيقة: إن ظاهرة إصرار الرغبة علي البحث عن مبرر لوجودها , بغض النظر عن صدق هذا التبرير, هذه الظاهرة تستدعي التأمل، فالبحث عن مبرر مزيف يتضمن بالضرورة وجود مبرر حقيقي تحاول الرغبة الالتفاف حوله لتحافظ على وجودها , لكن قد يثور تساؤل : لماذا نستبعد احتمال نشوء مبرر مزيف منذ البداية دون المرور علي فكرة ضرورة المبرر الحقيقي ?
الإجابة هي: إمكانيات التكيف لدي الذات غير محدودة ,أي إنه لو كانت الرغبة هي كل شيء لحققت نفسها دون أن تبحث عن مبرر , ولو كانت هي كل شيء لكان مجرد وجودها هو مبرر وجودها , لننتبه إلي أن المبرر ليس ضروريا للرغبة لأن هناك حياة لا تلتمس لرغباتها أي تبرير عقلي , وهي لا تبالي بذلك .
ولو قلنا بأن الرغبة الإنسانية مضطرة لتبرير نفسها أمام المجتمع , لأنها تختلف عن الرغبة الحيوانية , لو قلنا ذلك لوقعنا في أولى أخطاء الفكر , أي وضع السبب مكان النتيجة , لأن العقل هو خالق المجتمع ومن ثم هو سابق عليه من الناحية المنطقية , إذا كان المجتمع هو صنيعة العقل فلا يمكن اعتبار العقل وسيلة تتكيف بها الرغبة مع المجتمع .
لو انتقلنا بالمشكلة إلي مستوى أكثر عمقا، لوجدنا أن تبرير السلوك لم يكن الوظيفة الأكثر جوهرية للعقل , بل هي مشتقة من وظيفته الأكثر أصالة , وهي توحيد أجزاء العالم في كل واحد عن طريق خلق علاقة بين هذه الأجزاء، إن غاية العقل هي خلق صورة للعالم يبدو فيها العالم وحدة واحدة , أما كيف تشتق وظيفة تبرير السلوك من وظيفة توحيد الأشياء , فهو أمر يسير لو نظرنا إلى تبرير السلوك على أنه نوع خاص من توحيد الأشياء , وتحديدا , التوحيد بين الذات و العالم عن طريق خلق وسيط بينهما هو السلوك , ( السلوك العقلاني أو الأخلاقي هو السلوك المنسجم مع نظام العالم ) , الشخص يبرر تصرفاته بأن( كل الناس تفعلها ).
الانتقال بالمشكلة إلي هذا المستوي الأعمق يجعلنا في مواجهة الصيغة الثانية من الافتراض موضوع المناقشة وهي : إذا كانت وظيفة العقل هي خلق صورة للعالم تندمج فيها أجزاؤه , وإذا كانت صورة العالم هي صورة الذات فإن العقل ليس مستقلا عن الذات، وما هو إلا وسيلة من وسائل الذات تري بها نفسها في العالم .
الحقيقة إنني أقر بأن صورة الذات هي صورة العالم، ولكن لا يسعني إلا أن أؤكد على أن هناك عالما بالفعل , وأن هذا العالم له صورة مستقلة عن الإنسان وعقله ورغباته , وأن هذه الصورة قابلة لأن تكون هي صورة الذات وهي الحالة القصوى النظرية المعبرة عن الصدق الإنساني , الاعتراض المألوف هو أن العالم أكبر من إمكانية تصوره علي حقيقته , والواقع أن هذه ليست مشكلة عسيرة إذ يمكن الالتفاف حولها بتصور الذات على حقيقتها , أي نحاول البحث عن الرغبة الحقيقية لأفعالنا . وهنا نواجه الصيغة الثالثة من الفرض موضوع المناقشة :
إذا كانت كل رغبة هي في الحقيقة قناع لرغبة أخري فالرغبة هي أساس هش لا يستطيع العقل الركون إليه لأنه ينشد اليقين , ينشد رغبة حقيقية لها موضوع حقيقي.
الحقيقة إنها مشكلة بالفعل , لكنها مشكلة مقصودة من قبل الخالق سبحانه وتعالى لأنها ببساطة هي موضوع الاختبار الإنساني , أي صدق الإنسان مع نفسه , لماذا لا تكون الرغبة حقيقية دائما ?! سؤال لا يقل سذاجة عن السؤال : لماذا لا يتسلم الطالب في لجنة الامتحان نموذج الإجابة مع ورقة الأسئلة ? .
الرغبة الإنسانية مزيفة غالبا لكن من البشاعة أن نعتقد أنها مزيفة دائما , لأن هناك فئة ستنجح في اختبار الوجود الإنساني , وهي الفئة المختارة للخلود في النعيم الأخروي . هي فئة قليلة .... نعم , لكنها موجودة .
علينا إذاً أن نبرهن على إمكانية تحقيق الصدق في الرغبة تحليليا .....ثم نصل إلى استنتاج نهائي للعلاقة بين العقل والرغبة....إذا ...للحديث بقية .
| 29 - يناير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية (12)     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
اضطرنا الحديث عن علاقة العقل بالرغبة إلى الحديث عن علاقة العقل بالوحي , كمحك خارجي له , الحقيقة أن التداخل بين العقل والرغبة غير مربك فرغم أن العقل مستقل عن الرغبة من حيث المضمون إلا أنه مهاد لها من حيث الوظيفة , العقل هو الرغبة وقد عرفت مسارها الصحيح ,السلوك العقلاني ليس سلوكا مجردا من الرغبة بل سلوكا يخدم رغبة صادقة مشروعة يعيها الإنسان , سيصادفنا بداخل في العلاقة بين العقل و الوحي شبيه بالتداخل بين العقل و الرغبة , فرغم أن الوحي مستقل عن العقل من حيث مضمونه _والاستقلال لا يعني التعارض بل يعني الاتفاق في المضمون و الاختلاف في المصدر _ إلا أن الوحي مع ذلك هو موضوع لاختيار العقل من الناحية المبدئية , الوحي ليس واحدا لأن الأديان ليست واحدة , والحقيقة لا تتعدد لأن الله لا يتعدد , إذا هناك وحي واحد جدير باعتباره محكا لعقلي فأيهم هو ?? , ما الذي يضمن لي أن هذا الوحي ليس صورة مقنعة لرغباتي غير العقلية , لا بد من ضمان لاستقلال هذا الوحي بالذات عني وأنه ليس كغيره من الوحي المزيف الذي هو انعكاس لرغبات غير العقلية , الحقيقة أن الذي يضمن استقلال وحي معين عن الإنسان هو خروج الوحي عن محيط القدرة الإنسانية وهذه هي فكرة المعجزة، انظر ( سورة يونس آية 38 ) , وعلي الجانب الآخر فالذي يضمن أن الوحي الآخر مزيف هو دخوله في إطار الخصائص الإنسانية وبالتالي مطابقته للإنسان وعدم استقلاله عنه وأول هذه الخصائص هو الاختلاف ( انظر: (سورة النساء آية 82 ) ) إذ أن الإنسان هو نوع وليس فرد ومن ثم هو كثرة وليس وحدة أي أنه اختلاف وليس تناغم .
الحقيقة أن هذه ليست المشكلة الوحيدة الخاصة بالوحي , ( أي مشكلة اختيار الوحي ) , هناك مشكلة أخري تتعلق بفهم الوحي الذي اخترته بمحض إرادتي وأتحمل مسؤولية هذا الاختيار , البعض يزعم أننا لا نملك الأداة للتعامل مع الوحي , وهو عذر أقبح من بكثير من الذنب , , وهو عذر أقبح من بكثير من الذنب , إذا كان الذنب هو الجهل , فالعذر هو التجاهل و التعالي علي علوم اللغة و علم الحديث و علم أصول الفقه و الفقه و التفسير و علم أسباب النزول وعلم الناسخ و المنسوخ , ما هو موقع الفئة المثقفة من تلك العلوم ?
لكن سيقال أن الإختلاف قائم حتى مع وجود تلك العلوم , أليس كذلك ? لكن هل ظل نطاق الإختلاف كما هو أم ضاق واقترب جدا من الوحدة و إن لم يصل أليها ? هل المسافة بين المعتزلة و أهل السنة مثلا هي المسافة بين أهل السنة وفلسفة زارادشت . | 31 - يناير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة (11) كن أول من يقيّم
كنت أتحدث عن إمكانية مثول أعمق الرغبات أمام الإنسان، ودون تزييف , ومن ثم تحمل الإنسان مسؤوليته الكاملة عنها , بصيغة أخرى , إمكانية وجود عقل مستقل عن الرغبة في محتواه , دون أن يفقد إخلاصه للرغبة في وظيفته، محققا بذلك أفضل صيغة للوحدة الإنسانية , هناك إمكانيتان لتحرر العقل من الرغبة:
الإمكانية الأولي : ذاتية تتعلق بقدرة الوعي على وضع النفس كموضوع للتأمل , أي تحويل الذات إلى موضوع يعمل الإنسان ضده بهدف السيطرة عليه , هذه العملية ليست سهلة وتتطلب قدر من المعاناة لاسيما وهي _كما قلت _موضوع الاختبار الإنساني , عملية تحويل الذات إلى موضوع في مواجهة الإنسان هي بصيغة أخري عملية نقل للرغبة من المجال اللاشعوري إلى مجال الوعي حيث منطقة نفوذ الإرادة الإنسانية , هذه النقلة الصعبة معروفة عند متصوفة أهل السنة باسم المجاهدة أو مراقبة الله , يمكن البرهنة عمليا على إمكانية انتقال الرغبة الإنسانية من حيز اللاوعي إلي حيز الوعي بإمكانية الشفاء من المرض النفسي إذ أن آلية الشفاء من المرض النفسي هي نفس آلية الوصول لمعنى الصدق في الرغبة : " المعاناة النفسية للانتقال بالرغبة من اللاوعي إلى الوعي ومن ثم السيطرة عليها " , ومعنى هذا أن لا شعورية الرغبة ليست خاصية جوهرية لها , ( طالما أن المرض النفسي قابل للشفاء _ وهذه حقيقة ليس في الإمكان إنكارها _فإن العقل يستطيع الاستقلال عن الرغبة ) , وذلك باعتبار أن الحياة الإنسانية المزيفة تندرج تحت مقولة المرض النفسي من الناحية الفنية .
الإمكانية الثانية لاستقلال العقل عن الرغبة، إمكانية خارجية : وتتمثل في وجود محك للعقل غير قابل لأن يكون انعكاس لصورة الذات , شيء خاص بنا ولكنه مستقل عنا تماما , تنطبق هذه الشروط على الوحي .
هذه هي المرة الثانية التي نتعرض فيها للوحي كشرط للتفلسف وليس كمعوق له , المرة الأولى عندما اعتبرنا الوحي _ كمجموعة من الظواهر _ , مكمل لظواهر الطبيعة وليس بديلا لها , وقلنا: إن الفكر الإسلامي هو _وهو فقط _ الذي يحقق شرط الفلسفة , لأن الفلسفة تفترض وتشترط اكتمال المجال أمام العقل (مثل لعبة البازل التي لابد من اكتمال عدد القطع المطلوب ترتيبها لتبدأ اللعبة ), وقلنا: إن أي محاولة غير إسلامية لتفسير العالم هي محاولة مبتورة لأنها تفتقد لعنصر الوحي أي عنصر شمول المجال أمام العقل ,( العالم = ظواهر الوجود المحسوس + ظواهر الوحي أي الأخبار الإلهية ) , الوحي هو نصف الخريطة المجهول لدي غير المسلمين , المرة الثانية التي تعرضنا فيها للوحي كشرط للفلسفة هو باعتباره الضمان المقبول و المعيار الأوكد للعقل , ذلك المعيار الذي يصون العقل من أن يخضع للرغبة أو يكون مجرد انعكاس للذات .
جدير بالذكر أن اكتشاف زيف السلوك الإنساني لا يعود الفضل فيه للفلسفة الأوربية الحديثة , الحضارة الإسلامية هي أكثر الحضارات إلحاحا على الإنسان للتشكك في محتوي وجدانه , الحديث عن الصعوبة البالغة للإخلاص وقلة المعبرين عنه , حديث معهود في التراث الإسلامي .. فعمر ابن الخطاب يتخوف من أن يكون من المنافقين وهو لا يشعر , وأبو بكر الصديق لا يأمن مكر الله ( ولو كانت إحدى قدميه في الجنة ) .. حنظلة يتهم نفسه بالنفاق ويطمئنه الرسول ( بشرط الثبات على الصدق ) , أي أننا لم نفتح أفواهنا من الاندهاش حين خرجت علينا الفلسفة الغربية بفكرة زيف السلوك الإنساني , الفارق بين علماء الحضارة الإسلامية وبين فلاسفة الغرب في قضية زيف السلوك الإنساني هو أن علمائنا أدركوا أن هذا الزيف ليس لصيقا بالنفس التصاق البياض باللبن , بل هو شيء يتعين على الإنسان مواجهته , ومن ثم فهناك إمكانية لذلك . | 31 - يناير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفي13     ( من قبل 2 أعضاء ) قيّم
يا أخ وحيد .....( البكا على راس الميت ) , لا أدري من أي البلاد ( العربية ! ) أنت , لكن هذا المثل مصري , أنا أفهم أنني يمكنني البكاء عندما أري الميت و أتيقن من موته , وليس عندما أتوهم أن هناك ميتا , وأفهم أيضا أن ضابط الشرطة قد يختلف مع زميل له حول سبب الوفاة هل هي طبيعية أم بفعل فاعل , لكن لن أتخيلهما أبدا يتناقشان دون أن يكون هناك ميت بالفعل , أي " جسم الجريمة" , ودون أن يكون هناك "جسم للجريمة " يكون البكاء أو النقاش حول الميت الوهمي هو في حد ذاته جريمة , أنت تحدث عن الغزالي وابن رشد , أي إن كلامك ينصب على فترة , (يقال إنها ) مجد الحضارة الإسلامية , والسؤال الآن ...أين جسم الجريمة ???? أين هذا التخلف المخجل للحضارة الإسلامية، ذلك التخلف الذي نصب الجابري حياته لتفسيره في ضوء (بيانية !) العقل العربي , أنت تستدرجني لأن أختلف معك في تفسير ظاهرة وهمية :
الحديث عن دور الحضارة الإسلامية في إحداث طفرة في كل المجالات العلمية و العقلية , وعن دور هذه الحضارة في نهضة أوروبا التي أعقبت حالة الذهول الأوروبي من رقي وتقدم المسلمين الذي اصطدموا برؤيته في الحروب الصليبية , وشوارع روما التي كانت أقذر من حمامات بغداد .... الخ . الخ , أصبح حديثا معادا ومكررا و أنا أكره التكرار لأنه مضيعة للوقت , , أي إن تردي حالة العقل العربي قديما جثة وهمية (يعني مافيش قتيل ) .
أما عن الحالة العربية المعاصرة و المؤقتة و الطارئة , فرغم أنها لا تخلو من ظواهر تبعث على الفخر ,_ ظواهر لا تراها الأعين التي لا تألف إلا الأشياء القبيحة _, رغم ذلك , فأنا أقر بأنها حالة سيئة , لكن لهذا أسباب أخرى غير موضوع النصوص و البيانية , لسبب بسيط , أن علاقتنا بالنصوص حاليا ( مش ولا بد ) فليس من المنطقي اتهام الغائب بجريمة لم تحدث _ وما كان لها أن تحدث _ أثناء وجوده , ولكن ليس هناك ما يمنع من مناقشة الأسباب التي اقترحها الجابري _ وأنت بالتبعية _ لتفسير هذه الظاهرة ( غير الموجودة )
أولا : أنت قلت : وأمام متغيرات الواقع, كان من الطبيعي أن يسأل المسلمون عن قضايا الدين ومعاني النص . معنى هذا أن سؤال المسلمين عن معنى النص كان متأخرا وجاء بعد حدوث (متغيرات ) , و الحقيقة أنه لم يمر على الحضارة الإسلامية فترة كان أبناؤها أعمق فهما للنص مثل الفترة التي كانت قبل حدوث متغيرات , ببساطة لأن الازدواجية بين النص و المعنى لم يعهدها المجتمع العربي إلا بعد انحسار اللغة , طبيعي جدا أن يتأخر التساؤل حول النصوص , ليس لأن العرب( قرروا أخيرا) أن يعرفوا معنى النص , بل لأنهم كانوا يعرفونه بالفعل , وذلك بحكم الخط الزمني الذي يحكم علاقة المعنى بالنص , النص يفرغ بالتدريج عبر الزمن من المعنى , لا يمتلئ به , النص كان ملتحما بالمعني في العقلية العربية قبل حدوث تغيرات , كفار قريش كانوا أعلم بالقرآن من شيخ الأزهر بحكم طبيعة الأمور . القراء كانوا فقط يتميزون بحفظ القرآن , وعلى ذلك ليسوا على قمة هرم العلوم الإسلامية .
ثم كيف يظهر علم الناسخ و المنسوخ في الجيل الذي كان القرآن ينزل عليه بالفعل , وكان علمهم بنزول آية أو نسخها هو علم بحدث يومي لا يستدعي تخصص أو مهارة في معرفته !
أما قولك : ?الأقرأ هو الأعلم? , وبالتالي فالأفضلية في القراءة تستلزم الأفضلية في العلم فهذا يجعلني أحكم علي الجابري _ وعليك بالتبعية _ بأنه مدلس غير أمين , و أتحدي أن تأتي بأي بنص يفهم بأي شكل منه أن الأقرأ هو الأعلم.
أما قولك إن : الفقيه, بذلك, هو صانع الحضارة الإسلامية, فهو قول صائب في حالة واحدة فقط , حين تثبت أن الفقيه كان سوبرمان , هو فقيه , وهو سلطة قضائية , وبيده السلطة التنفيذية، وهو الذي غاص في بحور الطب, واكتشف الدورة الدموية و صاغ المنهج التجريبي قبل أوروبا , وقام بالرحلات ودرس طبائع الشعوب في أول تأسيس لعلم الأنثروبولوجيا الميدانية بعد أن كان علما نظريا مليئا بالعنصرية عند اليونان, وهو الذي رسم أول خريطة للعالم , ولم يكتف بذلك , بل هو الذي حرر بسيفه الشعوب من عبودية حكامها , ثم هو الذي تصدي لانحرافات الحاكم , وهو الحاكم نفسه صاحب الإنجازات , وهو القائد الفاتح بل هو الجيش نفسه وهو الشرطة وهو الشعب وهو العامل والفلاح , لو استطعت البرهنة على ذلك , فأنت صادق و إلا فلا يسعدني منك سوى الصمت .
ثم إنني أرفض أن يطلق على العربي لفظ (إنسان ) هذه الثقافة , , وكأنه لا يملك إلا الحد الأدنى من الإنسانية , أو ( كائن ) لغوي ,مثل الأشياء الجامدة لا يملك إلا محض وجوده , ثم لم لا تستريح وتوفر على نفسك عناء إهانة العرب , وتترك هذه المهمة لأعدائك فهم يقومون بها الآن على أكمل وجه .
أمر آخر , لقد أسرفت في استخدام كلمة ( نص ) في مقالك , وهذا فقر في ثروة الجابري اللغوية _ وأنت بالتبعية _ ولكني أتساءل , هل هناك مشكلة في النص من حيث هو نص ?!, إذا كان الإمر كذلك فلنصب اللعنات أيضا على ( نص ) القانون , و( نص) الدستور , و(نص ) إعلان حقوق الإنسان , و( نص) الماجناكارتا الذي ظفر به الشعب الإنجليزي من الملك جون كأول وثيقة حرية بين الحاكم والمحكوم , ولا تنس ( نص) قسم رئيس الجمهورية , و( نص ) النشيد الوطني , فكلها نصوص ! ثم ما الذي يجعل لسلطة النص هذا الشكل المفزع , لا تعيش أمة بدون نص ملزم لجميع أفرادها , وهذا أول معيار تتميز به الأمة المتحضرة عن القبيلة , أن القانون في القبيلة على شكل عرف غير مكتوب وفي المجتمع المتحضر على شكل ( نص) معلن , على الأقل النص الذي يتمحور حوله بناء الحضارة الإسلامية هو نص إلهي أو نبوي .... معلش ده العيب اللي فيه . | 1 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية 14 كن أول من يقيّم
أظرف ما قرأته على يد الشاب وحيد , هو أنه يزعم أن الغزالي أفرغ المنطق من مضمونه ليوظفه كآلية جدلية دفاعا عن كلام الأشعري وفقه الشافعي , وهذا السطر له أهمية كبرى في حياة الشاب وحيد , إذ أنه يدل على أن هذا الأخير لا يعرف من المنطق إلا كلمة منطق , ولم يقرأ بل ولم ير من قبل أي كتاب في المنطق , الحقيقة أن الغزالي لم يفرغ المنطق من مضمونه , لأن المنطق هو العلم الوحيد دون سائر العلوم الإنسانية _ على حظ وحيد _ هو العلم الخالي من أي مضمون , إنه علم البحث في القضايا من حيث شكلها ودون أي اعتبار لمضمونها , بالأمارة : اسمه المنطق (الصوري ) , والمناطقة لا يعتبرون هذا عيبا فيه بل يؤكدون دائما على خلوه من أي مضمون ويعلنون أن هذا هو سر عظمته، إنه فارغ ومهيأ لملئه بأي قضية لاختبار صلاحيتها , وهذا سبب ثورة الفلسفة الأوربية على المنطق منذ عصر النهضة , وهو وإن كان يصلح لتقييم صدق القضايا المعروفة سلفا , إلا أنه لا يصلح لمعرفة قضايا جديدة .
الثورة العلمية لم تنطلق إلا بعد أن تخلصت أوروبا من أرسطو , في الوقت التي كانت هذه الثورة قد بدأت في البلاد العربية منذ فترة , خلو المنطق من المضمون هو أيضا سبب ثورة هيجل عليه , فيقول متهكما عليه : "إنه كالأثاث البالي الذي تتوارثه الأجيال بلا فائدة " , ويعلن أنه : "من العبث أن نعتبر المنطق خلو من كل مضمون وأنه يزودنا بقواعد الفكر فحسب بينما يستمد محتواه من غيره " , (الموسوعة الفلسفية لهيجل ) , وأنا مضطر آسفا أن أكرر للمرة الثالثة أن شيخ الإسلام " ابن تيمية " رحمه الله هو أول من سخر من المنطق , ومن تعطيله للحركة الطبيعية لتقدم العلوم.
إذا الموضوع بعيد عن الغزالي ,المنطق خالي من المضمون بطبيعته , وهو بالنسبة للأفكار كالرياضيات بالنسبة للفيزياء , الرياضيات لا تحمل أرقامها أي معنى أو مضمون , الرقم 9.8 مثلا في الرياضيات لا يعبر عن شيء خارجي , ولكنه في الفيزياء يعبر عن عجلة الجاذبية الأرضية .
على أي حال مقالة الشاب وحيد دون مستوى المناقشة الجدية , وأغلب الظن أنه لم يمررها على عقله , بل نقلها كما هي من أحد الكتب , و إلا لكان حذف منها الكثير, لن أعامله معاملة الأخ علي في فيلم الإرهابي وأقول له : (لا تجادل ولا تناقش يا أخ علي ) , فليس لدي سقف محدد لمدى غرابة أي فكرة مطروحة للنقاش , ثم يقول : ......مسنودة بالعلم العربي الذي لم يجد تربته الخصبة في موطنه الأصلي, ولم يخبرنا كيف ينشأ العلم في موطن إلا إذا كان هذا الموطن هو تربته الخصبة ! ترى أي شيء كان يتعين على الحضارة الإسلامية فعله , لتنال فخر أبنائها بها , أكثر مما فعلته بالفعل ? | 2 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية 15 كن أول من يقيّم
ذكرت من قبل _وهذه إعادة وتلخيص وتوضيح _ ومنذ البداية أن علاقة الحضارة الإسلامية بالفلسفة هي علاقة مركبة من عدة أبعاد : أولا : لا تخلو الحضارة الإسلامية من مضمون فلسفي , بل ولا تخلو أي حضارة حيوية من مضمون فلسفي خاص بها , الحضارة الحية هي حركة في المجال الإنساني , والفلسفة هي فكر , و العلاقة بين الفكر و الحركة هي علاقة دياليكتيكية ثابتة , لا حركة دون فكر مسبق ,لان الحركة هي التصور , ولا فكر دون خبرة , الخبرة هي الحركة وقد تبلورت من حيث نتائجها , فكيف نستطيع أن نلغي ذلك العنصر من عناصر التراث الإسلامي ? كذلك فإن الخبرة الإسلامية لم تكن خبرة مغلقة , لقد تعاملت مع الغرب و الشرق , تعاملت مع الحضارات الهندية و الفارسية و الصينية , ومارست الارتباط
الفكري و الحركي بالحضارات اليونانية و الرومانية و الكاثوليكية , فهل ظلت إزاء جميع هذه النماذج للوجود تقف موقف السلبية و عدم الاهتمام أم أنها خلقت قنوات اتصال سواء من جانب واحد أو من جانبين ? إن منطق الوجود يفرض الإجابة بالمعنى الأخير . (من تقديم الأستاد الدكتور حامد ربيع لكتاب سلوك المالك في تدبير الممالك للعلامة شهاب الدين أحمد بن محمد بن أبي ربيع . طبعة دار الشعب . بالقاهرة ). هذا الكتاب ثمنه شعبي وهام جدا جدا جدا جدا .
ثانيا : رفض جسم الحضارة الإسلامية للفلسفة كما هو شائع ليس رفضا للفلسفة ذاتها , كلمة فلسفة أطلقت على أفكار اليونان , وهذا سبب عدم ترجمتها إلي العربية كسائر المصطلحات , وهذا الرفض كان من منطلق عقلي وليس نصي , كتاب " تهافت الفلاسفة" للغزالي هو كتاب فلسفي من الطراز الأول , كتاب "نقض المنطق" , لم يهاجم فيه ابن تيمية منطق أرسطو بآية قرآنية واحدة , بل بالعقل , إنكار الغزالي للسببية _بغض النظر عن تقييمنا لهذا الإنكار _, هو في النهاية تجريد فلسفي , السببية معطى حسي و الملكة الفلسفية تفترض القدرة على الوقوف إزاء المعطيات الحسية بلا مبالاة , ثم إن الحضارة الغربية المعاصرة أنجبت من ينكر السببية (هيوم ) , والحضارة اليونانية أفرزت من ينكر الوجود و الحركة .
ثالثا : العلاقة الوجدانية التي تربط الحياة الثقافية العربية المعاصرة علاقة منعدمة تقريبا , أي ليس هناك التزام ديني بالامتناع عن التفلسف نزولا على رغبة السلف بدليل السرقات الفكرية من الغرب التي انتشرت في الستينات علي يد مشوهي العرب , و المحاولات الفلسفية المشوهة _التي ستظل مشوهة طالما أصحابها مشوهين من الناحية الحضارية _ كل هذا يؤكد على تحلل السلف من أي مسؤولية تجاه الحالة العربية المعاصرة , هل يتحمل الأب مسؤولية الابن العاق الذي تربى بعيدا عنه ? حتى بالفرض (جدلا) أن الأب سيء
رابعا :مرجعية الوحي في الفلسفة الإسلامية لا يبرر تجاهل هذه الفلسفة , فالموقف من الوحي هو موقف عقلي من البداية تتحمل فيه الأمة المسلمة مسؤوليته كاملة , وهذا يعني أن اعتبار الوحي محكا خارجيا للعقل هو موقف فلسفي , ثم إن الوحي في الحضارة الإسلامية له ما يقابله في الحضارات الكبرى الأخرى إذا كان علماء المسلمين يرجعون إلى الوحي في النهاية ,فليس في العالم فيلسوف لا يعبر بقصد أو بدون قصد عن روح الحضارة التي ينتمي إليها , حتى نيتشة الذي نعتبره أكثر الفلاسفة تمردا علي محيطه , ما هو إلا شخص خاضع لروح الحضارة الغربية التي تتململ من انتسابها إلى خرافات المسيحية أحيانا وتدافع عن هذه الخرافات بدافع التعصب أحيانا أخرى , إنه في تمرده هذا خاضع ل.. ومعبر بأمانة عن... تمرد الحضارة الغربية , غير أن هناك فرقا جوهريا لصالح علماء المسلمين مقابل فلاسفة الغرب في خضوع كلٍّ منهما لحضارته : خضوع العلماء للوحي هو خضوع واعي و عقلي و معلن وهو بهذا يعبر _كما قلت _ عن موقف فلسفي , أما خضوع فلاسفة الغرب لروح الحضارة الغربية فهو ضمني , غير واعي , و غير مقصود , وهذا يبرر لنا ( باسم العقل ) التحفظ على النتاج الفكري للغرب , و وضعه بين قوسين.
خامسا : لا مانع إلى اللجوء إلي أكثر الأساليب رداءة وتفاهة , وهو تدعيم الفكرة بشخصية مشهورة , يفرض علي ذلك بعض العقليات المستلبة التي تفتقد القدرة على الاقتناع الذاتي بفكرة ما , إلا بعد أن تطمئن إلى أن شخصا مشهورا قد اقتنع بها .
الشخصية المشهورة التي أستشهد بها على انقطاع العلاقة بين علماء الحضارة الإسلامية , وبين تردي الحالة العقلية المعاصرة , هي " عبد الرحمن بدوي " في كتابه " أوهام حول الغزالي" , وهاهي أول خمسة أسطر في الكتاب : الأوهام حول الغزالي كثيرة وبعضها خطير , أولها و أخطرها الزعم بأن هجوم الغزالي علي الفلسفة و الفلاسفة قد سدد ضربة قاضية للفلسفة الإسلامية لم تنهض منها , وهذا الزعم شائع وإن كنت لم استطع أن أحدد من هو أول من قال به , إذ لم أعثر على قائل به عند الكتاب المتقدمين , كما لم أجده صراحة عند الباحثين الأوربيين المحدثين ( الكتاب يمكن تحميله كاملا من موقع fiseb.com www. ) | 2 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية16 كن أول من يقيّم
الأخ عياشي له منطق معكوس , يختلق له ظواهر متناقضة , ليعالج به مشكلة وهمية , وهو بهذا يشترك مع صاحب الجثة الوهمية في المقال رقم (13) , _ويبدو أن حرب طواحين الهواء قد اتسع مجالها بشكل مدهش_ , وكل هذا في بضعة اسطر تعكس البراعة في تكثيف الاضطراب الفكري , ولا أدري أمن ضحايا الجابري هو الآخر أم من ضحايا القمني أم من ضحايا أبو زيد ,.... تعددت الأسباب و الموت واحد . بالنسبة لمعكوسية منطقه : هو يعلن استياءه من أحداث معينة , ثم يعرض استياءه بطريقة يفهم منها أنه يعبر عن ضمير المجتمع ككل , وحيث أن المجتمع ( رحمة الله عليه ) مستاء من هذه الأحداث , فالنسق الفكري المحرك لتك الأحداث , هو نسق غير عقلاني وغير مشروع بل ومثير للسخرية , ومكمن معكوسية المنطق هنا هو إخضاع الفكر للواقع , ... دور المثقف حراسة الواقع , أي نقضه وتقييمه ومساءلته , وهذا يتطلب إخضاع الواقع للفكر , المجتمع هو الواقع في شكله الإنساني , أيضا المجتمع هو تحالف الرغبات المشتركة للأفراد , استدعاء أحداث معينة مشحونة من المجتمع بشحنة سلبية ( مرفوضة ) ووضع هذا الرفض موضع المحك لتقييم الأفكار هي صيغة لإخضاع الفكر للواقع وهي نوع من خيانة الفكر , رجل الشارع يعبر عن مزاج المجتمع أما المثقف فيتعين عليه التحرر من هذا المزاج مؤقتا لحين تقييمه , وليس الاستناد إليه في صياغة الأفكار .
المثقف يعلم أن الواقع عليه التماس الكمال من الفكر , و أن الحركة تلتمس الكمال في التصور , وسيظل هذا الوضع قائما إلى أن يأتي اليوم الذي نجد فيه ( العربة تجر الحصان ) , النقاش الذي بدأه الأستاذ النويهي هو حوار فلسفي تتصارع فيه الأفكار بعيدا عن الرغبات المتجسدة في الواقع الذي هو موضوع مسائلة .
أما الظواهر المتناقضة التي اختلقها الأخ عياشي ليدعم بها منطقه المعكوس , فقد بدأها بإعلانه أن فكرة الهجوم على الدين فكرة وهمية , ثم هو في الوقت ذاته يقترح أن نترك موضوع هذه الحرب ( الوهمية ! ) للأستاذ حسن حنفي !!! ( المذكور متعاطف مع التراث الإسلامي لكن لم يصل إلي مستوى الأصالة ) , هل يدعوه بهذا إلى الوقوع في الوهم , أم يدعي أنه قد وقع فيه بالفعل , على أي حال إذا كان الأستاذ حسن حنفي يحارب أشباحا فلا ضير أن نحاربها معه ، إذ أنني لم أسمع بقانون ينص على أنه " إذا خاض الأستاذ حسن حنفي معركة وهمية فلا يجوز أن يشاركه فيها أحد" .
ثانية المتناقضات : يرى أن التيار الديني تزعم حالة من الكسل الاجتماعي بدعوى انتظار خروج المهدي , لكني أرى أن التيار الديني لو كان بالفعل يعيش حالة انتظار تبرر له تكاسله لما قتل فرج فودة و حسين مروة، ولما ( تجرجر) أبو زيد في المحاكم .
وثالثة المتناقضات : غريبة بعض الشيء فهو يتهكم على الجنة كغاية للإنسان ولا أدري أهي دعوة إلى مناقشة مشروعية وضع الجنة كهدف ??!! لكن ليس هذا هو التناقض بل هو أن يتساءل عن موضع المستقبل في مشروع التيار الديني , في الوقت الذي تعتبر فيه الجنة هي المستقبل في حالته القصوى .
أما رابعة المتناقضات : فتتعلق بتضجره من العودة إلى الماضي , في الوقت الذي هو ينبش فيه قبر الشيوعية . موقع الحاضر عند التيار الديني هو أنه مجال للإعداد للمستقبل , أما عن موضع الماضي .....لأ .. مش هاقوللك
هذا عن معكوسية منطقه , وتناقض آراؤه , أما عن وهمية قضيته فلها مكان آخر . وشكرا للمسات الأخ زهير
| 5 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية17 كن أول من يقيّم
بداية الحوار كان محاولة بريئة للبحث عن حل للمشكلة الفلسفية , ثم هو يكاد يتحول إلى صراع بين التيار الديني و التيار الآخر ( اللي مالوش اسم ) , الحقيقة أن هذا التحول يفرض علينا وقفة قصيرة نتأمله فيها , فإما أن ننتبه ونرجع عنه إلى المشكلة الفلسفية , وإما أن يكون لهذا التحول وظيفة منطقية تفرض علاقة بينه وبين المشكلة الفلسفية , وبالتالي تفرضه على الحوار , في هذه الحالة نسترسل فيه ونحن مدركين لهذه العلاقة , مطمئنين إلى مشروعيتها , هذه الوقفة لازمة إذ لابد من اتفاق مبدئي على حدود النقاش وموضوعه , حفظا لوحدة الحوار , خاصة وقد عبرت الأخت شادية من قبل عن عدم رضاها عن هذا التحول كما أعلن الأخ عياشي الفصل بين المشكلة الفلسفية وحقائق الإيمان بدعوى أن الأولى خاضعة للتطور أما الأخيرة فحقائق مطلقة , , الاتفاق على مجال الموضوع و حدوده ضروري رغم أن الاختلاف داخل حدود الموضوع متوقع , أليس كذلك ?
الانتقال من المشكلة الفلسفية إلى موضوع التيار الديني مر في هذا الحوار عبر عدة نقاط , النقطة الأولى : أن التراث من جهة و التيار الديني _بالتبعية_ من جهة أخرى , يتحملان مسؤولية أزمة الفلسفة , ولست أنا من طرح هذه الفكرة , بل إنني مناهض لها ( بخصوص التراث تراجع المقالة رقم ( 15 ) أما بالنسبة للتيار الديني فتراجع المقالة رقم ( 5 ) و التي أعلنت فيها أن هذا التيار متجاوز للجغرافيا العربية من حيث المكان , ومتأخر عن الانهيار العربي من حيث الزمان, ومحدود التأثير علي المجتمع العربي من حيث القوة , ثم نبهت على أن الزج بأحداث معينة تنتسب غالبا إلى التيار الديني هو قلب للعلاقة بين الفكر و الواقع وقلت أن علينا أن نعلق الحكم على الواقع لحين الإتفاق على صياغة الفكر الذي هو معيار الحكم على الواقع , وأن البدأ بالأحداث ( الواقع ) وتقسيم الأفكار إلى حسنة وقبيحة من خلال موقف المجتمع ( الواقع ) من هذه الأحداث هي خيانة للفكر وبالتالي لا أتحمل مسؤولية التحول عند هذه النقطة , وبالمناسبة : كما أنني أرفض وضع أحداث الواقع كبديل للمقدمات المنطقية فأنا كذلك أرفض أن يستغل بريق( بعض الأسماء ) كمبرر لتعطيل العقل , لأن علماءنا قد قالوا: " لا يعرف الحق بالرجال , ولكن يعرف الحق فيعرف الرجال " النقطة الثانية : التي مررنا عبرها من المشكلة الفلسفية إلى المشكلة الدينية كنت أتحدث فيها عن علاقة الفلسفة الغربية بالديانات الغربية وأن الأولى تمر عبر الأخيرة بشكل مباشر أو غير مباشر , وكنت مضطر إلى هذا لأبرز التناقض و ازدواجية المعايير, في موقفنا من السلف من جهة ومن الفلسفة الغربية من جهة أخرى , من موقف كل منهما من الوحي النقطة الثالثة : التي أتينا منها إلى المشكلة الدينية فهي الوظيفة التي يمكن أن يقوم بها الوحي للفلسفة , وأرجو التركيز عند هذه النقطة لأهميتها , مصدر القلق في علاقة الوحي بالفلسفة هو توظيف الفلسفة للوحي , الفلسفة بطبيعتها ترفض الأفكار المسبقة , وتأبى إلا أن تبدأ هي من الصفر حيث تعيد تقييم كل الأشياء , وأنا أوافق على هذه الفكرة بل وأتحمس لها لكني لم أطرحها للنقاش أساسا , ما اقترحته هو توظيف الوحي للفلسفة , أولا : كمرجع للعقل الذي هو أداة الفلسفة , وكضمان للفلسفة لعدم وقوعها في مشكلة العقل و الرغبة و الأنا و الآخر , ثانيا : كإثراء و تكميل للوجود الذي هو موضوع الفلسفة , أنا هنا أتجاوز خدعة "عدم تعارض العقل مع النقل " إلى فكرة ضرورة اعتبار الوحي مجموعة من الظواهر التي يجب أن توضع جنبا إلى جنب مع ظواهر الطبيعة " , الخدعة الأولى تجعل علاقة الوحي بالعقل في إطار الممكن , المقولة الثانية تجعلها علاقة ضرورية , وتجعلنا نعتقد أن أي محاولة غير إسلامية لتفسير الوجود هي محاولة مبتورة قبل أن تبدأ , و الخلاصة أنني لم أنتقل في النقطتين الأولى و الثانية من المشكلة موضوع الحوار بل إلى بعد آخر لنفس المشكلة . | 6 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |  | تابع تنقية المشكلة الفلسفية 18     ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
الأخ رفاعي: رغم طول ما كتبته في الرد على مداخلتي القصيرة المركزة الحقيقة أن الذي فرض علي الإسهاب هو كثرة أخطاءك التي بلغت حدا كنت معه مضطرا إلى تقسيمها إلى : منطق معكوس , و متناقضات , و موضوعات وهمية
يبدو من القراءة الأولية لنصك، أنك قد نصب نفسك الحارس الأمين على الدين . شكرا لهذا الإطراء ولست وحدي.
، فأنت بذلك تعيش في ثكنة عسكرية، تصفق لكل من يستعمل السلاح . لست في ثكنة بل في ميدان القتال نفسه , وعلاقتي بمن يحمل السلاح تتجاوز التصفيق.
، وتصفق لكل من يساهم في فرملة الفكر العقلاني الإنساني الذي ينظر إلى مختلف الظواهر الفكرية والاجتماعية بمنطق الأسباب والمسببات والتي ينتج عنها بالضرورة نتائج وحقائق نسبية. لست ضد العقل وهذا واضح من كل كلامي , ولا أتنكر لمبدأ السببية , وليس هناك أي علاقة بين السببية و النسبية إلا (حرفي السين و الباء )!
أقول حقائق نسبية على اعتبار أنها تخضع للتطور، بخلاف الحقائق الدينية المطلقة . الفلسفة المستبعدة للوحي لا تخضع للتطور , بل تخضع لحركة دائرية مفرغة , ولم يتحدد للفلسفة مسار واضح منذ أناكساجوراس وهيراقليطس حتى أصبحت ( سمعتها وحشة ) , أما الفلسفة التي تتخذ الوحي كمجال و كمعيار فإنها تتطور ,.الفلسفة تنشد اليقين و الوحي هو اليقين , استبعاد الفلسفة عن الوحي هو استبعاد لها عن موضوعها !!
إن قولك هذا أقوى دلالة على الدعوة إلى تعطيل لغة الحوار الفكري، واستعمال لغة الاغتيالات . لكل مقام مقال , بدليل إنني الآن لا أغتالك بل أحاورك
ألا يبدو لك أنك تنافق نفسك ومحيطك? لا يبدو لي ذلك .
وعندما تحيا تكون كإنسان يستهلك ما حوله من ماديات وتلعن صانعها ومنتجها أنت تكرر خطأ صاحبك عبد الحفيظ _الذي تركك _ وتحملني أوزار المجتمع وتخلفه العلمي , أنا أشد سخطا على المجتمع منك , و على الأقل أنت أرحم من عبد الحفيظ الذي نسب إلينا كارثة تسونامي
لذلك مطلوب أن نشد على أيدي كوكبة مهمة من المفكرين العرب المتنورين، أمثالك محمد أركون، محمد عابد الجابري، عبد الله العروي، حامد أبو زيد الطيب التزيني... وغيرهم كثير شكرا للنصيحة
| 6 - فبراير - 2006 | لما ذا لايوجد لدينا فلاسفة وهل عقمت الأمة العربية ?أم أننا خارج التاريخ ? |
|