البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات محمد فريد الكيال

 1  2  3  4 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
مجهر بلا عدسات    كن أول من يقيّم

بسم الله الرحمن الرحيم

مجهر بلا عدسات

  مداخلة رقم-1-

الأخ الحبيب الأستاذ زهير المحترم:

      قرأت لك في مجالس الأدب تحت عنوان " الفتوحات المكية تحت المجهر " عدة بطاقات  ولاحظت الجهد الكبير في إعداد ها ، وقد وقفت في بعضها متعجبا من النقل وفي بعضها مستغربا وفي بعضها شاكاً ، فراق لي مراجعة بعض النصوص لتعدد استشهادك بها ، فكان لي مع النص التالي الملاحظات التالية :

       كتبت  في أكثر من بطاقة عن الشيخ الأكبر ما يلي :  "  قال:(ج4 ص330): (الاجتهاد شرع حادث، وبه تسمى الوارث بالوارث، وهو مأذون فيه لإمام يصطفيه، لا يزال البعث ما بقي الورث، وهذا المال الموروث لا ينقص بالإنفاق، بل سوقه أبدا في نفاق....وللشمس ظهور في الصورتين، فهي في القمر نور، وفي ذاتها ضياء، وبحالتيها يتعين الصباح والمساء. فنبوة الوارث قمرية، ونبوة النبي شمسية، فاجتمعتا في النبوة، وفاز القمر بالفتوة....وهذا النور من (الصيهور والديهور) المنسوب إلى الحسين بن منصور....وأين فاران من الطور ? وأين جبل النار من جبل النور..." ا.هـ

ولدى مراجعة الأصول في الفتوحات وجدت:

1-  النص المنقول ليس من الصفحة 330فقط بل جزء منه في الصفحة 332 ولم تشر إلى ذلك وليس هذا هو المهم .

2-  غيرت بعض الكلمات في النص بتوافق مع المعنى العام دون أن تشير إلى ذلك، والأفضل الإشارة إلى هذا التغيير كما جرت العادة في أمانة النقل .

3- أضفت كلمة " جبل " مرتين داخل النص وهي غير موجودة في الأصل دون أن تنوه أيضاً على ذلك .وأظنك أردت أن تشرح المعنى.

4- أسقطت كلمة " والرسول " من الجملة التي هي " نبوة النبي والرسول" دون إشارة للسبب ،وفي ذلك إضاعة لبعض المعاني التي تتعلق بها .

5- استبدلت كلمتي" الحارث بالحارث"  كذا بالأصل المنقول من مختصر الباب(14)ج4/330 كما ذكرت وكتبت بدلا عنهما " الوارث بالوارث " فأفسدت المعنى الذي قدمه الشيخ ظنا منك أنك صححت خطأ في الطباعة - على ما أظن ? ولو رجعت إلى (القاموس المحيط ) لوجدت أن كلمة الحرث تأتي لثلاثة معان :الكسب? والتفتيش ? والتفقه . وحيث أن الشيخ الأكبر قد شهد له أعداؤه قبل أحبابه بقوته الأدبية وبلاغته فهو أحد الخمسة الذين يشار إليهم أنهم علماء الضاد ، أقول والشيخ هنا   يتحدث عن المجتهد -الذي يبحث ويفتش عن الدليل في النصوص الشرعية ? فيدرس الدليل  ويزيده شرحا وتفصيلا وتفقها، فيكون عمله هذا كسبا له،  فإن أصاب به فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد . فكان هذا التغيير الذي أقدمت عليه  مضيّعا لكل هذه المعاني وغيرها .

6- ثم أكملت النص بنقل عبارة الشيخ :" وهذا النور من الصيهور والديهور المنسوب إلى الحسين بن منصور ...."وهي من مختصر الباب (20) في ج4/334 يشير فيهاإلى علم الحروف من حيث طول الحرف وعرضه ، و ليست في الصفحة 330 كما ذكرت أنت ،وليس هذا المهم .ومن المفيد هنا أن نذكر أن الشيخ اختصر أبواب الفتوحات كلها في الباب (559)في ج4/من ص 326 إلى ص 444 ، بقطع أدبية قصيرة  فيها إشارة إلى الأصول بعبارات بيانية وبلاغية تكاد تكون شعرا .

7- إن أساس الباب(20) في الفتوحات ج1/167 ، وقد عنون الشيخ له : " ومن ذلك سرّ النافلة والفرض في تعلق العلم بالطول والعرض وهذا الباب في العلم العيسوي ومن أين جاء وإلى أين ينتهي وكيفيته وهل تعلق بطول العالم أو بعرضه أو بهما...ثم قال الشيخ : " إعلم أيدك الله أن العلم العيسوي هو علم الحروف ولهذا أعطي النفخ ، وهو الهواء الخارج من تجويف القلب الذي هو روح الحياة الحسية في المعاني " ص /168. ثم قال فيما بعد  :" وهذا كان علم الحسين بن منصور رحمه الله ......" ص/169.

فقد جعلت هذا الباب تتمة لما نقلته في السطور السابقة له من مختصر الباب (14) وأساسه في الفتوحات ج1/154 وعنون له الشيخ :" معرفة أسرار الأنبياء ، أعني أنبياء الأولياء وأقطاب الأمم المكملين من آدم عليه السلام إلى محمد e وأن القطب واحد منذ خلقه الله لم يمت وأين مسكنه " .

فهلا وضحت لنا شيئا من هذا الربط بين  البابين ?

وهل نفهم أيضا من هذا أنك فهمت الأسرار التي أشار إليها الشيخ في البابين وهي سر النافلة والفرض في تعلق العلم بالطول والعرض ، وكذلك أسرار أنبياء الأولياء التي أشار الشيخ إليها? فأنا لم أفهم الكثير منها ولدي بعض أسئلة فيها لو سمحت ، وأسئلة أخرى عن علم الحروف الذي هو علم الحسين بن منصور الذي نقلت عنه الصيهور والديهور وقال فيه الشيخ :" علم الحروف وهو علم الأولياء " ج2/135  فهل أفهم من جمعك بين تلك العبارات مع بعضها أنك تعرف هذا العلوم والأسرار ومدى مناسبة البابين لبعضهما  ? وأرجو أن أسألك بالمناسبة إن كنت فهمت علم طول الحرف وعرضه ، هل تدلني على المعنى الذي حملته الآيات التي ذكرت أن للجنة عرضاً ولم يذكر للجنة طول  ? ،وهل لهذا من تعلق بعلم الطول والعرض الذي ألمح إليه الشيخ  ? .

8- كان من المفيد أن تذكر شيئاً يتعلق بالمقطع " فنبوة الوارث قمرية ونبوة النبي والرسول شمسية ، فاجتمعا في النبوة وفاز القمر بالفتوة...." فقد وضح الشيخ معنى الفتوة في مواضع عدة من الفتوحات وأظن أن نقل شيء منها إلى هذا الموطن  أسهل  في الجمع من أسرار أنبياء الأولياء مع علم الحروف وعلم الحروف من الطول والعرض أو هكذا أظن، وأنقل للقراء عن الفتوة المقطع التالي يقول الشيخ الأكبر:" فالفتى هو من يسري فعله وتصرفه في الجماد والنبات والحيوان وفي كل موجود، ولكن على ميزان العلم المشروع، وإن ورد عليه أمر إلهي فيما يظهر له يحلّ له ماثبت تحريمه في نفس الأمر من الشرع المحمدي، فقد لبس فيه، فيتركه ويرجع إلى حكم الشرع الثابت، فإنه قد ثبت عند أهل الكشف بأجمعهم أنه لاتحليل ولاتحريم ولا شيء من أحكام الشرع لأحد بعد انقطاع الرسالة والنبوة من أهل الله، فلا يعول عليه صاحب ذلك، ويعلم قطعا أنه هوى نفسي "ج2/234,233.

أخي العزيز زهير:

       هذا نموذج لخمسة أسطر مما نقلته عن الفتوحات المكية بمجهرك الذي قلت فيه أنك وضعتها تحته ، فانظر بماذا أتيت سواء كنت تدري أو لاتدري ، وقدمت لكلامك عبارات تحمل طابع الإتهام والتجريح والغمز واللمز  وتحسب أن هذا هينا وهو يوم الحساب عظيم . أقول لك بالعامية الدمشقية  وبكل محبة:

 " ولك تقبر عضامي على هالمجهر يلي عما تكتشف فيه شو بطير العقل ، ليكون هالمجهر بلاعدسات ولوو.. اسماع مني ارجاع ركبلو عدسات راكزة وخلينا نحكي كلمتين نضاف على رواق ، حاجتنا حكي طالع نازل ".

      لك كل المحبة والدعاء بالخير .

﴿ إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

فريد

26 - يناير - 2006
حول كتاب فصوص الحكم
في البحث عن الإضراب    كن أول من يقيّم

بسم الله الرحمن الرحيم

حول :مفهوم السنة المضرب عند الشيخ محي الدين ابن العربي.

 المداخلة رقم -2-

الأستاذ زهير

             تحية وبعد. لو أنك أيها العزيز عليّ رجعت إلى كتاب الشيخ محمود الغراب "الفقه عند الشيخ الأكبر" قبل أن تكتب هذا البحث لاستفدت منه الكثير ، ولتوضح لك مذهب الشيخ محي الدين الفقهي ، فأكثر القارئين لعلوم الشيخ الأكبر فات عنهم أن الشيخ فقيه وصاحب مذهب فقهي ،وقد أوسع الشيخ محمود الغراب إيضاح مذهب الشيخ الأكبر ، في هذا الكتاب وأزال ما توهمت فيه أنه اضطراب ، بل ظهر مذهب الشيخ الأكبر متسلسلا مرتبا مبوبا  في كل المسائل سواء في الأصول أو العقيدة أو الأحكام الشرعية .بل  ينبغي على كل من لديه شبهة في عقيدة الشيخ أن يدرس هذا الكتاب قبل يلقي إتهاماته على الشيخ جزافا،  وهي أمانة في عنق كل من يتعرف عليها أن يبلغها من لايعلمها ، وقد بدأ "الأزهر" في القاهرة بقبول  دراسات في الفقه عند الشيخ محي الدين ابن العربي  وقد نال أحد الطلبة شهادة الدبلوم أو الماجستير وهناك من يحضر لنيل شهادة الدكتوراه .

          فبين الشيخ محمود الغراب في كتابه أن الشيخ محي الدين ابن العربي إمام مجتهد مطلق صاحب مذهب مستقل أتى باجتهادات فقهية على طريقة أصحاب المذاهب من مصادرها, حيث أظهر الشيخ محي الدين فهما في بعض النصوص لم يسبق إليه، واتسم مذهبه بالتيسير على الأمة، فما من رخصة قال بها الشارع إلا وأثبتها في موضعها، وإذا كان في المسألة قولان أختارالأيسر منهما توسعة على الأمة ورفعا للحرج عنها. وبذلك كان كتاب "الفقه عند الشيخ الأكبر" خير معين يعتمد عليه من يريد إنصاف الشيخ في مذهبه الفقهي.

      ومع فرض أتك لم تسمع بهذا الكتاب وهو مطبوع منذ نحو عشرين سنة  فلا أدري كيف غابت عنك أقوال الشيخ الأكبر  وأنت الذي قضيت وقتا طويلا مع الفتوحات المكية وغيرها وكتبت بطاقات  "الفتوحات المكية تحت المجهر"  وغيرها من المقالات .

 ألم تقرأ قول الشيخ الأكبر:" لاطريق لنا إلى الله إلا ماشرعه، فمن قال بأن ثم طريقا إلى الله خلاف ما شرع فقوله زور ، فلايقتدى بشيخ لا أدب له وإن كان صادقا في حاله" ج2/366

وقوله :" فالشرع حكم الله ، لاحكم العقل كما يراه بعضهم " ج/348,347

وقوله:"

إن الشريعة حد ما له عوج

عليه مقامات العلى درجوا

 

ج2/561

 

 

وقوله : " ما ثم حقيقة تخالف شريعة ... فعين الشريعة عين  الحقيقة " ج2/563

وقوله :" فمن ادعى حقيقة من غير شريعة فدعواه لاتصح " ج4/ 419

وقوله :" من ادعى نبوة التشريع بعد محمد e فقد كذب بل كذّب وكفر بما جاء بها الصادق رسول الله صلى الله عليه وسلم ج2/24

وقوله :" فلا يتعدى كشف الولي في العلوم الإلهية فوق ما يعطيه كتاب نبيه ووحيه ، قال الجنيد في هذا المقام: " علمنا هذا مقيد بالكتاب والسنة ، وقال الآخر: "كل فتح لايشهد له الكتاب والسنة فليس بشيء ، فلا يفتح لولي قط إلا في الفهم في الكتاب العزيز" ج3/56

وقوله:" فإياك أن ترمي ميزان الشرع من يدك في العلم الرسمي ، والمبادرة إلى ما حكم به ، وإن فهمت منه خلاف ما يفهمه الناس مما يحول بينك وبين إمضاء ظاهر الحكم به فلا تعول عليه ، فإنه مكر نفسي بصورة إلهية من حيث لا تشعر " ج2/234

ويقول في حق من رجح كشفه على الحكم المقرر:" وهذا ليس بشيء عندنا ولا عند أهل الله ، وكل من عول عليه فقد خلط ، وخرج عن الإنتظام في سلك أهل الله ولحق بالأخسرين أعمالا الذين ضل سعيهم في الحيات الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا" ج2/234

وغيرها أكثر بكثير مما تعج به الفتوحات وكلها توضح أن الشيخ محي الدين رضي الله عنه لم يجعل السنة بمنزلة الرهبانية في النصرانية ( كما يسميها علماء المسلمون) ومن يتوهم أنه جعل السنة بمنزلة الرهبانية لأنه ذكر حكم الله في الأمم السابقة لدى ابتداعهم أعمالا لم يكلفهم الله بها فسماها لهم رهبانية وأن شرعنا سماها لنا بدعة حسنة بنص الحديث النبوي إنما هو ضعف في فهم الكلام ونوع من أنواع المغالطة في صور القياس الفاسد الذي أشرت له في مقالتي عن  " المغالطات العشر "،إذ لايوجب ورود مسألتين في الكلام  تساويهما في الحكم ، لتعدد الإحتمالات الرابطة بينهما ولايقول بهذا أي مرجع معتمد .

       أما اتهامك للشيخ بأنه نسخة سافرة من القاديانية ولم تقدم دليلا على ذلك فلننقل للقراء ماهي القاديانية وما تعريفها كما جاءت في أقوال العلماء.

تقوم القاديانية على مايلي :

1-  ادعى صاحبها النبوة والرسالة والتأييد من الله .

2-  صاغ لنفسه وحيا كالقرآن .

3-  ابتنى لنفسه مسجدا سماه " المسجد الأقصى " ، وسمى بلدته " مكة المسيح " .

4-  سمى زوجاته أمهات المؤمنين .

5-  أعلن أن ظواهر الكتاب والسنة مصروفة إلى الإستعارات والتآويل المختلفة، وأخذ يحرف شرع الله وحكمه.

6-  نسخ حكم الجهاد ولاسيما مع الإنكليز .

هذه عقيدة القاديانية نقلا من كتاب " العقيدة الإسلامية والفكر المعاصر" للدكتور سعيد رمضان البوطي ط/7ص 88-89 منشورات جامعة دمشق _ بالتصرف "  .  فأين قال الشيخ محي الدين مثل هذا الكلام حتى وجدته نسخة سافرة من القاديانية أتحسب أن هذا الإتهام  يا أخ زهير يوم القيامة هينا ?! ، وهلا قدمت أدلة على هذه التهمة مما كتبه الشيخ في كتبه المعتمدة ليطلع عليها القراء ويعذرونك ? .

       ثم لنأت على البهائية ونقدمها للقراء من نفس المصدر السابق( بالتصرف أيضا) ، فنجد أن الأسس التي تقوم عليها البهائية هي:

1-  يدعى صاحبها النبوة والرسالة .

2-  القول بأن مجموع الكائنات المتنوعة هي الله ذاته.

3-  لا توجد عندهم جنة ولا نار ، بل الأتقياء والأخيار يرجعون إلى الله ويحيون في ذاته ، أما الأشرار فيفنون وينتهون .

4-  إن النبوة والرسالة ليستا إلا من بعض مظاهر اللإتحاد بين الله وعباده .

5-  الصلاة لها مظهر خاص وتقام مرة كل شهر .

فهل هكذا هي عقيدة الشيخ محي الدين ? أين النص الذي  قال الشيخ فيه أن الموجودات هي الله ذاته?  

 ألم تقرأ له في الفتوحات تصريحه بالشهادتين التي ذكرهما في ج1 / 36? حيث ذكر إيمانه واعتقاده بالله سبحانه وتعالى وصفاته وبالنبوة والرسالة والملائكة والجنة والنار وغير ذلك .

 أين قال الشيخ أنه لاتوجد جنة ولا نار ? هل صدقت الذين يكذبون على الشيخ ويتهمونه بالحلول والإتحاد وهو البريء من ذلك? إياك يا أخي أن تكون ممن يهرف بما لايعرف ! .

 ألم يظهر معك "تحت المجهر" قول الشيخ : "ما قال بالإتحاد إلا أهل الإلحاد "ج3/372.

وقوله عن الباطنية  : " كل ما يؤدي إلى هدم قاعدة دينية مشروعة فهو مذموم بالإطلاق عند كل مؤمن " ج2/240 .

وقوله رضي الله عنه:" من قلب أحكام الله فقد كفر وخسر " ج4/168

ألم يصلك قوله:"إن الإتحاد محال أصلا فلا اتحاد البتة لامن طريق المعنى ولا من طريق الصورة " كتاب الياء /66

وقوله:"إذا كان الإتحاد يصير الذاتين ذاتا واحدة فهو محال " المسائل /مسألة43.

هل قدمت أدلة من كلام الشيخ في كتبه المعتمدة على اتهاماتك له ?  .

      ليتك يا أخ زهير قرأت كتاب :" شرح كلمات الصوفية والرد على ابن تيمية " للشيخ محمود الغراب  لتبين لك كيف أخطأ من اتهم الشيخ محي الدين بأنه يقول بالحلول والإتحاد وماشابه ذلك من كلام الضلال الذين يتهمونه بوحدة الوجود ومعناها الفاسد .

هل يحق لي أن أسأل  أكان فهمك في نقل عبارات الشيخ هو الذي فيه اضطراب كما تبين في المداخلة رقم -1- أم الذي قرأناه في نقلك يوصف بأنه فيه اضطراب .

            الأخ زهير كلامك الذي سطرته شهادة عليك وكلامي مع المراجع التي ذكرتها شهاة ليّ وكلانا يقول الله سبحانه وتعالى فيينا وبأمثالنا :﴿ ستكتب شهادتهم ويسألون﴾ . فماذا أعددنا للجواب ?!.

 

جعلنا الله وإياك من أهل حفظه وعنايته .

﴿ إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

 المحب لك فريد

 

26 - يناير - 2006
حول كتاب فصوص الحكم
أبيات الشعر    كن أول من يقيّم

بسم الله الرحمن الرحيم

حول أبيات الشعر

  مداخلة رقم-4-

قبل الدخول إلى الحديث عن أبيات الشعر لابد من وقفة قصيرة معا!

     أخي العزيز زهير: أرجو أن أكون واضحا لديك إن طرأ بعض الغموض عندك عنّي، فإنني لست أكثر ممن يبذل جهده لنقل بعض الكلام من مصادره، حينما أقرأ عند من ينقل في كتاباته خطأ فيما نقل، ولا أدعي أنني على علم أو فهم بما يحمله النص الأساسي من المعاني إلا بقدر ما ألاحظ الابتعاد في النقل عن الأصل، وإذا كنت قد أوهمتك بما سبق لي من الكلام، أنني على صورة أخرى فأنا أعتذر عنه وأرجو قبول هذا التصحيح.

فمثلا لننقل للسادة القراء الشهادة التي أودعها الشيخ الأكبر في كتابه الفتوحات المكية والتي لم ينشرها "الوراق " في متن نقله لكتاب الفتوحات المكية، فكان لابد لي من نقلها كاملة، مساهمة مني في إثراء "مكتبة الوراق" ولنتمكن من مقارنتها بما قيل في الشيخ من اتهامه بالكفر والحلول والإتحاد والقاديانية والبهائية والعدوان على مقدسات المسلمين وغير ذلك مما يردده الكثيرون من أمثال هذه العبارات، متجاهلين تحذير النبي e عن وصم مسلم بالكفر وتغليظه r على من أقدم على مثل ذلك بقوله e في الحديث الصحيح عند الشيخين وغيرهما:" هلاشققت عن قلبه "، وربما كان ذلك شهوة منهم، والله أعلم، أن ينضموا إلى قافلة من صفتهم الشتم واللعن والقذف واستباحة حرمات المسلمين دون مبرر، فما ندر ما الذي نقوله مع شخص تقول له إن الله يأمرنا أن ندعو الناس لآبائهم فيقول لنا ولكن شيخنا فلان ذكر في كتابه كذا وكذا وأنا أقول بقوله، أو مع آخر تقول له لقد أمرنا رسول الله r أن لا نتهم مسلما في دينه فيقول لك ولكن شيخنا فلان قال عن فلان كذا وكذا وأنا أقول بقوله، إنها والله لأشرا ط ساعة كبرى ولكن أكثر الناس لا يعقلون، نسأل الله العافية لنا ولكم.

 يقول الشيخ رضي الله عنه في الفتوحات المكية، طبعة دار صادر ج1/36:

" لما سمعت قوله تعالى عن نبيه هود عليه السلام حين قال لقومه المكذبين به وبرسالته ] إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون [ فأشهد عليه السلام قومه، مع كونهم مكذبين به، على نفسه بالبراءة من الشرك بالله والإقرار بأحديته لمّا علم u أن الله سبحانه سوف يوقف عباده بين يديه ويسألهم عما هو به عالم لإقامة الحجة لهم أو عليهم حتى يؤدي كل شاهد شهادته...

[ الشهادة الأولى]

14 - فبراير - 2006
حول كتاب فصوص الحكم
تتمة-1    كن أول من يقيّم

    "فيا إخوتي ويا أحبائي رضي الله عنكم أشهدكم عبد ضعيف مسكين فقير إلى الله تعالى في كل لحظة وطرفة وهو مؤلف هذا الكتاب [ الفتوحات المكية ] ومنشئه، أشهدكم على نفسه بعد أن أشهد الله تعالى وملائكته ومن حضره من المؤمنين وسمعه، أنه يشهد قولا وعقدا أن الله تعالى إله واحد لا ثاني له في ألوهيته، منزه عن الصاحبة والولد، مالك لاشريك له، ملك لا وزير لهن صانع لامدبر معه، موجود بذاته من غير افتقار إلى موجد يوجده، بل كل موجود سواه مفتقر إليه تعالى في وجوده، فالعالم كله موجود به وهو وحده متصف بالوجود لنفسه، لاافتتاح لوجوده ولا نهاية لبقائه، بل وجود مطلق غير مقيد قائم بنفسه، ليس بجوهر متحيز فيقدر له المكان ولا بعرض فيستحيل عليه البقاء ولا بجسم فتكون له الجهة والتلقاء، مقدس عن الجهات والأقطار مرئي بالقلوب والأبصار إذا شاء، استوى على عرشه كما قال وعلى المعنى الذي أراده، كما أن العرش وما سواه به استوى، وله الآخرة والأولى، ليس له مثل معقول ولا دلت عليه العقول، لا يحده زمان ولا يقله مكان، بل كان ولا مكان وهو على ماعليه كان، خلق المتمكن والمكان وأنشأ الزمان وقال أنا الواحد الحي، لايؤوده حفظ المخلوقات، ولا ترجع إليه صفة لم يكن عليها من صنعة المصنوعات، تعالى أن تحلّه الحوادث أو يحلّها أو تكون بعده أو يكون قبلها، بل يقال: كان ولا شيء معه، فإن القبل والبعد من صيغ الزمان الذي أبدعه، فهو القيوم الذي لا ينام والقهار الذي لا يرام ليس كمثله شيء، خلق العرش وجعله حد الإستواء وأنشأ الكرسي وأوسعه الأرض والسموات العلى، اخترع اللوح والقلم الأعلى وأجراه كاتبا بعلمه في خلقه إلى يوم الفصل والقضاء، أبدع العالم كله على غير مثال سبق وخلق الخلق وأخلق الذي خلق، أنزل الأرواح في الأشباح أمناء، وجعل هذه الأشباح المنزلة إليها الأرواح في الأرض خلفاء، وسخر لنا ما في السموات وما في الأرض جميعا منه فلا تتحرك ذرة إلا إليه وعنه، خلق الكل من غير حاجة إليه ولا موجب أوجب ذلك عليه لكن علمه سبق بأن يخلق ما خلق، فهو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو على كل شيء قدير، أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا، يعلم السر وأخفى، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، كيف لا يعلم شيئا هو خلقه ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير، علم الأشياء منها قبل وجودها ثم أوجدها على حد ما علمها، فلم يزل عالما بالأشياء، لم يتجدد له علم عند تجدد الأشياء، بعلمه أتقن الأشياء وأحكمها، وبه حكم عليها من شاء وحكمها، علم الكليات على الإطلاق كما علم الجزئيات بإجماع من أهل النظر الصحيح واتفاق، فهو عالم الغيب والشهادة فتعالى الله عما يشركون، فعال لما يريد فهو المريد الكائنات في عالم الأرض والسموات. لم تتعلق قدرته بشيء حتى أراده، كما أنه لم يرده حتى علمه، إذ يستحيل في العقل أن يريد ما لا يعلم أو يفعل المختار المتمكن من ترك ذلك الفعل ما لا يريد، كما يستحيل أن توجد نسب هذه الحقائق في غير حي، كما يستحيل أن تقوم الصفات بغير ذات موصوفة بها،

14 - فبراير - 2006
حول كتاب فصوص الحكم
تتمة-2    كن أول من يقيّم

فما في الوجود طاعة ولا عصيان، ولا ربح ولا خسران، ولا عبد ولا حر ولا برد ولا حر ولا حياة ولا موت ولا حصول ولافوت ولا نهار ولا ليل ولا اعتدال ولا ميل ولا بر ولا بحر ولا شفع ولا وتر ولا جوهر ولا عرض ولا صحة ولا مرض ولا فرح ولا ترح ولا روح ولا شبح ولا ظلام ولا ضياء ولا أرض ولا سماء ولاتركيب ولا تحليل ولا كثير ولا قليل ولا غداة ولا أصيل ولا بياض ولا سواد ولا رقاد ولا سهاد ولا ظاهر ولا باطن ولا متحرك ولا ساكن ولا يابس ولا رطب ولا قشر ولا لب ولا شيء من هذه النسب المتضادات منها والمختلفات والمتماثلات إلا وهو مراد للحق تعالى، وكيف لا يكون مرادا له وهو أوجده، فكيف يوجد المختار ما لا يريد، لاراد لأمره ولا معقب لحكمه، يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، ويضل من يشاء ويهدي من يشاء، ما شاء كان، وما لم يشأ أن يكون لم يكن، لو اجتمع الخلائق كلهم على أن يريدوا شيئا لم يرد الله تعالى أن يريدوه ما أرادوه، أو يفعلوا شيئا لم يرد الله تعالى إيجاده وأرادوه عندما أراد منهم أن يريدوه ما فعلوه ولا استطاعوا على ذلك ولا أقدرهم عليه، فالكفر والإيمان والطاعة والعصيان من مشيئته وحكمه وإرادته ولم يزل سبحانه موصوفا بهذه الإرادة أزلا والعالم معدوم غير موجود وإن كان ثابتا في العلم في عينه ثم أوجد العالم من غير تفكر ولا تدبر عن جهل أو عدم علم فيعطيه التفكر والتدبر علم ما جهل جل وعلا عن ذلك بل أوجده عن العلم السابق وتعيين الإرادة المنزهة الأزلية القاضية على العالم بما أوجدته عليه من زمان ومكان وأكوان وألوان فلا مريد في الوجود على الحقيقة سواه إذ هو القائل سبحانه وَما تَشاؤُنَ إلاَّ أَنْ يَشاءَ الله وأنه سبحانه كما علم فاحكم وأراد فخصص وقدر فأوجد كذلك سمع ورأى ما تحرك أو سكن أو نطق في الورى من العالم الأسفل والأعلى لا يحجب سمعه البعد فهو القريب ولا يحجب بصره القرب فهو البعيد يسمع كلام النفس في النفس وصوت المماسة الخفية عند اللمس ويرى السواد في الظلماء والماء في الماء لا يحجبه الامتزاج ولا الظلمات ولا النور وهو السميع البصير تكلم سبحانه لا عن صمت متقدم ولا سكوت متوهم بكلام قديم أزلي كسائر صفاته من علمه وإرادته وقدرته كلم به موسى u . سماه التنزيل والزبور والتوراة والإنجيل من غير حروف ولا أصوات ولانغم ولا لغات بل هو خالق الأصوات والحروف واللغات فكلامه سبحانه من غير لهاة ولا لسان كما إن سمعه من غير أصمخة ولا آذان كما إن بصره من غير حدقة ولا أجفان كما إن إرادته في غير قلب ولا جنان كما إن علمه من غير اضطرار ولا نظر في برهان كما إن حياته من غير بخار تجويف قلب حدث عن امتزاج الأركان كما إن ذاته لا تقبل الزيادة والنقصان فسبحانه سبحانه من بعيد دان عظيم السلطان عميم الإحسان جسيم الامتنان كل ما سواه فهو عن جوده فائض وفضله وعدله الباسط له والقابض أكمل صنع العالم وأبدعه حين أوجده واخترعه لا شريك له في ملكه ولا مدبر معه

14 - فبراير - 2006
حول كتاب فصوص الحكم
تتمة-3    كن أول من يقيّم

فما في الوجود طاعة ولا عصيان، ولا ربح ولا خسران، ولا عبد ولا حر ولا برد ولا حر ولا حياة ولا موت ولا حصول ولافوت ولا نهار ولا ليل ولا اعتدال ولا ميل ولا بر ولا بحر ولا شفع ولا وتر ولا جوهر ولا عرض ولا صحة ولا مرض ولا فرح ولا ترح ولا روح ولا شبح ولا ظلام ولا ضياء ولا أرض ولا سماء ولاتركيب ولا تحليل ولا كثير ولا قليل ولا غداة ولا أصيل ولا بياض ولا سواد ولا رقاد ولا سهاد ولا ظاهر ولا باطن ولا متحرك ولا ساكن ولا يابس ولا رطب ولا قشر ولا لب ولا شيء من هذه النسب المتضادات منها والمختلفات والمتماثلات إلا وهو مراد للحق تعالى، وكيف لا يكون مرادا له وهو أوجده، فكيف يوجد المختار ما لا يريد، لاراد لأمره ولا معقب لحكمه، يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء، ويعز من يشاء ويذل من يشاء، ويضل من يشاء ويهدي من يشاء، ما شاء كان، وما لم يشأ أن يكون لم يكن، لو اجتمع الخلائق كلهم على أن يريدوا شيئا لم يرد الله تعالى أن يريدوه ما أرادوه، أو يفعلوا شيئا لم يرد الله تعالى إيجاده وأرادوه عندما أراد منهم أن يريدوه ما فعلوه ولا استطاعوا على ذلك ولا أقدرهم عليه، فالكفر والإيمان والطاعة والعصيان من مشيئته وحكمه وإرادته ولم يزل سبحانه موصوفا بهذه الإرادة أزلا والعالم معدوم غير موجود وإن كان ثابتا في العلم في عينه ثم أوجد العالم من غير تفكر ولا تدبر عن جهل أو عدم علم فيعطيه التفكر والتدبر علم ما جهل جل وعلا عن ذلك بل أوجده عن العلم السابق وتعيين الإرادة المنزهة الأزلية القاضية على العالم بما أوجدته عليه من زمان ومكان وأكوان وألوان فلا مريد في الوجود على الحقيقة سواه إذ هو القائل سبحانه وَما تَشاؤُنَ إلاَّ أَنْ يَشاءَ الله وأنه سبحانه كما علم فاحكم وأراد فخصص وقدر فأوجد كذلك سمع ورأى ما تحرك أو سكن أو نطق في الورى من العالم الأسفل والأعلى لا يحجب سمعه البعد فهو القريب ولا يحجب بصره القرب فهو البعيد يسمع كلام النفس في النفس وصوت المماسة الخفية عند اللمس ويرى السواد في الظلماء والماء في الماء لا يحجبه الامتزاج ولا الظلمات ولا النور وهو السميع البصير تكلم سبحانه لا عن صمت متقدم ولا سكوت متوهم بكلام قديم أزلي كسائر صفاته من علمه وإرادته وقدرته كلم به موسى u . سماه التنزيل والزبور والتوراة والإنجيل من غير حروف ولا أصوات ولانغم ولا لغات بل هو خالق الأصوات والحروف واللغات فكلامه سبحانه من غير لهاة ولا لسان كما إن سمعه من غير أصمخة ولا آذان كما إن بصره من غير حدقة ولا أجفان كما إن إرادته في غير قلب ولا جنان كما إن علمه من غير اضطرار ولا نظر في برهان كما إن حياته من غير بخار تجويف قلب حدث عن امتزاج الأركان كما إن ذاته لا تقبل الزيادة والنقصان فسبحانه سبحانه من بعيد دان عظيم السلطان عميم الإحسان جسيم الامتنان كل ما سواه فهو عن جوده فائض وفضله وعدله الباسط له والقابض أكمل صنع العالم وأبدعه حين أوجده واخترعه لا شريك له في ملكه ولا مدبر معه

14 - فبراير - 2006
حول كتاب فصوص الحكم
تتمة الشعر-4    كن أول من يقيّم

والموحدين في النعيم المقيم في الجنان حق والتأبيد لأهل النار في النار حق وكل ما جاءت به الكتب والرسل من عند الله علم أو جهل حق.

[الأمانة]

     فهذه شهادتي على نفسي أمانة عند كل من وصلت إليه أن يؤديها إذا سئلها حيثما كان نفعنا الله وإياكم بهذا الإيمان وثبتنا عليه عند الانتقال من هذه الدار إلى الدار الحيوان وأحلنا منها دار الكرامة والرضوان وحال بيننا وبين دار سرابيلها من القطران وجعلنا من العصابة التي أخذت الكتب بالأيمان وممن انقلب من الحوض وهو ريان وثقل له الميزان وثبتت له على الصراط القدمان أنه المنعم المحسان فـ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا الله لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ. ا.هـ

         وأنا ناقل هذه الشهادة أقول:يا إخوتي ويا أحبائي أحسنوا الظن ﴿ ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا ﴾.ولعل سائلا يقول ما علاقة هذا بالشعر الذي سنتحدث عنه ، أقول كيف نتحدث عن كلام شخص، ونرفضه أو نقبله قبل أن نتعرف على الشخص نفسه ، فأرجو ممن يقرأ النقل الآتي لكلام الشيخ أن يتذكر الشهادة التي أودعها الشيخ أمانة ويجيب نفسه على الأسئلة التالية :

-       هل يصدق ما أورده الشيخ في هاتين الشهادتين في إيمانه بالله ورسوله أم لايصدقه ?

-       هل فهم عقيدة الشيخ في هذه الشهادة أم لم يفهمها?

-       هل يعتبر أن هذه الشهادة هي مما يقول به أهل الإسلام ومما اتفق عليه علماء المسلمين أم لا?

-       أو هل يسلم للشيخ شهادته وعقيدته ويكل أمرَه إلى الله جل وعلى أم لا?

فإذا كان جوابه على هذه الأسئلة بالرفض وعدم القبول، فأنا أنصحه لوجه الله أن لايكمل القراءة، بل أزيد في نصحه أن لايقرأ في كتب الشيخ الأكبر شيئاً، ولا يقرأ لمن كتب عن الشيخ شيئاً، فإنه لن يزداد إلا بعدا عن العلوم التي تحدث فيها وعنها الشيخ الأكبر.

أما إذا كان ممن يصدق، أو ممن يكل هذا الأمر لله، فليصغ السمع قليلا، بل كثيرا، فليس كل كلام يقرأ كما تقرأ الصحف والمجلات، فهو علاوة على أنه من علوم العقيدة الإسلامية التي ينبغي التدبر عند قراءتها، فهو كلام يتخاطب به أهل المعرفة والأذواق.

       ثم بعد ذلك أنصح القارىء بشكل عام أن ينتبه إلى ضوابط الأصول في المعرفة وقبول البراهين وطرق الإستدلال وتجنب مزالق الخطأ والمغالطات فمن المفيد أن يكون على دراية بهذه الضوابط والأصول إذا أراد الخوض في هذه العلوم.

14 - فبراير - 2006
حول كتاب فصوص الحكم
الشعر تتم-5    كن أول من يقيّم

            وأنقل هنا ما جاء في كتاب "ضوابط المعرفة" على سبيل المثال من الصفحة /312/ في الحديث عن المغالطات النص التالي:

" أخذ نصوص مقطوعة عن سوابقها أو لواحقها أو كليهما أخذا يفسد المعنى" ا.هـ

أي كمن ينقل من القرآن الكريم "ويل للمصلين " أو "لا تقربوا الصلاة " دون أن ينقل ماكان قبلها وما جاء بعدها فيلبس على السامع المعنى فلا يفهم السامع لم وضعت هذه العبارات.

     وقد جاءت أبيات الشعر التي سأل عنها الأخ زهير في مداخلته بتاريخ 28/1/2006 وغيرها من الأمكنة متفقة مع هذه المغالطة، حيث اقتطع الشعر من الباب /330/ من الفتوحات المكية ثم جعل تلك الأبيات على انفراد بحيث أن من ينظر فيها لا يصل منها إلاّ لمعنى لم تذكر من أجله، ولا قيلت في مناسبة تقتضيه، فجاء هذا الاقتطاع نموذجاً من تلك المغالطات ضلل القارىء من حيث يدري أو من حيث لايدري، مع أنني كنت قد أشرت إلي أنواع المغالطات على " الوراق " بتاريخ 22/1/2006 أي قبل تاريخ السؤال. وليس هذا هو المهم. ولابد لفهم مناسبة ذلك الشعر من نقل بعض المقتطفات من ذلك الباب لكي نكون مع الأحداث التي قيل فيه ذلك الشعر ومع المعاني التي ارتبط بها.

يقول الشيخ رض الله عنه ج3/110 :

        :"الباب الثلاثون وثلاثمائة في معرفة منزل القمر من الهلال من البدر من الحضرة المحمدية " فيذكر شعرا ثم يقول:

         "اعلم أيدك الله أن القمر مقام برزخي بين مسمى الهلال ومسمى البدر في حال زيادة النور ونقصه" و في ص/111يقول:  

        " ثم إن الله تعالى نعته بالانشقاق لظهور الإنسان الكامل بالصورة الإلهية فكان شقاً لها فظهورها في أمرين ظهور انشقاق القمر على فلقتين ورد في الخبر عن الصاحب أن القمر انشق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سؤال طائفة من العرب أن يكون لهم آية على صدقه فانشق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحاضرين اشهدوا وقال تعالى:﴿اقتربت الساعة وانشق القمر﴾".. فإنه أعقب الانشقاق بقوله:﴿ وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر﴾ وكذا وقع القول منهم لما رأوا ذلك ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحاضرين:" اشهدوا" ..... " ولهذا قال الله تعالى عنهم أنهم قالوا فيه:﴿ سحر مستمر﴾ فقال الله:﴿ كل أمر مستقر﴾ كان ذلك الأمر ما كان، فالقمر لولا ما هو برزخي المرتبة ما قبل الإهلال والإبدار والمحق والسرار فالسحر المستمر داخل تحت حكم كل ذي أمر مستقر فهذا انشقاق بالحق وجهل في عين العلم وهو قوله:﴿ ذلك مبلغهم من العلم﴾ فأثبته علماً. واعلم أن النظر والاعتبار من العلوم التي تظهر من الأسرار والأنوار فالنور للبصر والإبصار فقال الله لما ذكر هذا المقام:﴿ فاعتبروا يا أولي الأبصار﴾ أي جوزوا مما أعطاكم البصر بنوره مما

14 - فبراير - 2006
حول كتاب فصوص الحكم
تتمة للشعر-6    كن أول من يقيّم

أدركه من المبصرات وأحكامها إلى ما تدركونه بعين بصائركم شهوداً وهو الأتم الأقوى، أو عن فكرة وهو الشهود الأدنى عن المرتبة العليا وكلاهما عابر عما ظهر إلى ما استسر وبطن فهي آيات لقوم يتفكرون كما هي آيات لقوم يتقون فالمتقي يتولى الله تعليمه فلا يدخل علمه شك ولا شبهة والمتفكر ناظر إلى قوة مخلوقة فيصيب ويخطئ.... " فلنذكر في هذا المنزل مسألة من مسائله كإخوانه من المنازل وهو منزل شريف عال يسمى منزل النور في الطريق لأن الله جعله نوراً ولم يجعله سراجاً "....." واعلم أنه من العلم بالتحقق بالصورة أن العلم المطلق من حيث ما هو متعلق بالمعلومات ينقسم إلى قسمين إلى علم يأخذه الكون من الله بطريق التقوى وهو قوله:﴿ إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا﴾ وقوله في الخضر:﴿ وعلمناه من لدنا علماً﴾ وعلم يأخـذه الله من الكون عند ابتلائه إيـاه بالتكليف مثل قـوله:﴿ ولنبلونكم حتى نعلم﴾.

 ثم يقول في ص/111-112 :

     " ومن أجل ما بيناه من شأن هذين العلمين جعل الله في الوجود كتابين كتاباً سماه أما فيه ما كان قبل إيجاده وما يكون كتبه بحكم الاسم المقيت فهو كتاب ذو قدر معلوم فيه بعض أعيان الممكنات وما يتكون عنها وكتاباً آخر ليس فيه سوى ما يتكون عن المكلفين خاصة فلا تزال الكآبة فيه ما دام التكليف وبه تقوم الحجة لله على المكلفين وبه يطالبهم لا بالأم وهذا هو الإمام الحق المبين الذي يحكم به الحق تعالى الذي أخبرنا الله في كتابه أنه أمر نبيه أن يقول لربه احكم بالحق يريد هذا الكتاب وهو كتاب الإحصاء فلا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وكل صغير وكبير مستطر وهو منصوص عليه في الأم التي هي الزبر ومعناه الكتابة "..... " فمن الكتاب الثاني يسمى الحق خبيراً ومن الأم يسمى عليماً فهو العليم بالأول الخبير بالثاني إن عقلت فالقضاء الذي له المضي في الأمور هو الحكم الإلهي على الأشياء بكذا والقدر ما يقع بوجوده في موجود معين المصلحة المتعدية منه إلى غير ذلك الموجود مثل قوله :﴿ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض﴾ فلو وجد البغي عن البسط لم تقم الحجة عليهم ﴿ولكن ينزل بقدر ما يشاء﴾ فما أنزل شيئاً إلا بقدر معلوم ولا خلق شيئاً إلا بقدر فإذا وجد البغي مع القدر قامت الحجة على الخلق حيث منع الغير مما بيده مع حصول الاكتفاء فما زاد فيعلم أنه لمصلحة غيره"....." فالقضاء للكتاب الأول يطلبه حكم الكتاب الثاني والقدر بالكتاب الثاني وكلا الكتابين محصور لأنه موجود وعلم الله في الأشياء لا يحصره كتاب مرقوم ولا يسعه رق منشور ولا لوح محفوظ ولا يسطره قلم أعلى فلله الحمد في الأولى والآخرة وله الحكم وإليه ترجعون"..."فالقضاء يحكم على القدر والقدر لا حكم له في القضاء بل حكمه في المقدر لا غير بحكم القضاء فالقاضي حاكم والمقدر مؤقت فالقدر التوقيت في الأشياء من اسمه المقيت قال الله تعالى:﴿ وكان الله على كل شيء مقيتا﴾.

14 - فبراير - 2006
حول كتاب فصوص الحكم
الشعر-7    كن أول من يقيّم

   وهذا المنزل أشهدته بقونية في ليلة لم يمر علي أشد منها لنفوذ الحكم وقوته وسلطانه فحمدت الله على قصوره علي تلك الليلة ولم يكن حكم تأييد وإنما كان حكم وقوع مقدر فلما رددت إلي وقد سقط في يدي وعلمت ما أنزل الله علي وما قدره الحق لدي وفرقت بين قضائه وقدره يف الأشياء كتبت به إلى أخ في الله كان لي رحمه الله أعرفه بما جرى كما جرت العادة بين الإخوان إذ كان كتابه قد ورد علي يطلبني بشرح أحوالي فصادف ورود هذا الحال فكتبت إليه في الحال:

 بسم الله الرحمن الرحيم ورد كتاب المولى يسأل وليه عن شرح ما رأى أنه به أولى ليكون في ذلك بحكم ما يرد عليه:

 

شهاب الدين يا مولى المـوالـي

 

سألت تهمماً عن شرح حـالـي

أنا المطرود من بين المـوالـي

 

ومثلي من يصد عن الـوصـال

عصيت زجاجه فجهلت قـدري

 

فها أنا طائع حـد الـغـوالـي

رميت بأسهم الهجـران حـتـى

 

تداخلت النبال علـى الـنـبـال

.
.
إلى آخر الأبيات/32بيتا/

ثم قال ص/113 :

" وإن وليك لما أراد النهوض في طريقه والنفوذ إلى ما كان عليه في تحقيقه اعترضت لوليك عقبة كؤود حالت بينه وبين الشهود والبلوغ إلى المقصود والتحقق بحقائق الوجود فخفت أن تكون عقبة القضا لما لسيفه من المضا فرأيتها صعبة المرتقى حائلة بيني وبين ما أريده من اللقا فوقفت دونها في ليلة لا طلوع لفجرها ولا أعرف ما في طيها من أمرها فطلبت حبل الاعتصام والتمسك بالعروة الوثقى عروة الإسلام فنوديت أن الزم الطلب ما بقيت فعلمت أني بهذا الخطاب في صورة مثالية متجلية في حضرة خياليه وأن علاقة تدبير الهيكل ما انقطع وحكمه فيه ما ارتفع فاستبشرت بزوال إفلاسي عند رجعتي إلى إحساسي فنظمت ما شهدت وخاطبت وليي في نظمي ببعض ما وجدت فإذا نظر وليي إليها فليعول عليها وليحذر من الأمن من مكر الله فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون فاسمع هديت ما به على لساني نوديت:

اعترضت لـي عـقـبة

 

وسط الطريق في السفر

فأسفرت عـن مـحـن

 

فيمن طغى أو من كفر

14 - فبراير - 2006
حول كتاب فصوص الحكم
 1  2  3  4