شجرة " الأوكاليبتوس " في المغرب : كن أول من يقيّم
بسم الله و الحمد لله بعد التعريف الجيد لهذه الشجرة من طرف الأستاذ " آدم " ، و قبل مزيد من التفصيل في تحديد مكانتها في المملكة النباتية و مملكة النحل ، إليكم هذه الإشارة إلى مكانة الشجرة في المملكة المغربية : لا تكاد تخلو منطقة من مناطق المغرب من شجرة الأوكاليبتوس ... و من الأفكار الناجحة المتبعة في المغرب ، و منذ بداية القرن الماضي ، غرس أشجار الأوكاليبتوس على جنبات الطرق الوطنية ، و نجاح هذه الأغراس منذ عهد الحماية الفرنسية بالبلاد ، و كذا التجديد السنوي لغرس الشجرة و تنظيم حملات إعلانية سنوية بمناسبة " اليوم العالمي للشجرة " ... و يتفاوت نجاح هذه الحملات و نتائجها بتفاوت وعي مواطني المناطق التي تنجز بها هذه الأغراس الموسمية ... فما من طريق وطنية مغربية إلا و تحفها أشجار " الأوكاليبتوس " على جنباتها ... و من الدراسات المشجعة لصالح زراعة هذه الشجرة بالمناطق البورية ، دراسة تقول :" بأن غرس شجرة الأوكاليبتوس في منطقة بورية ، و استغلال بيع خشبها ، لإستعماله في البناء أو النجارة أو صناعة الفحم ... هو مشروع أكثر ربحا في المدى المتوسط و البعيد ، من زرعها شعيرا " ... و نتج عن هذا ظهور مشاجر ، أو أجمات bosquets ، كثيرة في جل المناطق البورية بالبادية المغربية .... كما ساعد تأقلم الشجرة بنجاح في جل الأقاليم المغربية ، وعدم حاجتها للسقي في المناطق البورية ، إلى غرسها من طرف الفلاح المغربي في محيط سكناه للإستفادة من خشبها كحطب ، و من ظلها لماشيته أيام الصيف المحرقة ... هذا بالإضافة إلى أنها نبات طبي ، يستعمل طبيخ أوراقه الطرية في علاج أمراض الجهاز التنفسي ... و من التقنيات القديمة المتبعة من طرف المعمرين الفرنسيين ـ إبان الحماية ـ ، اعتماد غرس شجرة " الأوكاليبتوس " لتحديد بقع الضيعات الفلاحية المستولى عليها ، و لصد الرياح و كسر تأثيرها السلبي على المزروعات و المغروسات داخل تلكم الأراضي . و بقي هذا التقليد مستمرا عند أصحاب الضيعات الفلاحية ، حتى بعد الإستقلال و إلى أن ظهر أن للشجرة جذور جد طويلة ، تتسبب في ضعف الأرض المحيطة بالشجرة و في قطر يصل إلى أمتار و أمتار ، فبدأ الإستغناء عنها في مصاد الريح حول الضيعات الفلاحية و استبدالها بأشجار أخرى ، أشهرها شجرة " السرو cyprès " من المخوطيات Conifères . كما أن شجرة الأوكاليبتوس هي الشجرة الأولى المعتمدة في " خلق " الغابات الإصطناعية في جل المناطق المغربية ، سواء منها الغابات الجماعية أو المخزنية أو الخاصة ، و تغطي هذه الغابات مجتمعة مآت الآلاف من الهكتارات ... و من الأعمال التي أعتز و أفتخر أن لي نصيب و لو جد قليل في إنجازها ... و في حياتي كلها ... السهر شخصيا بجد و عزم و رغبة شخصية على إنجاح غرس آلاف أشجار " الأوكاليبتوس " ، مقدمة من طرف وزارة الفلاحة ، كلفت فرقة من العمال بغرسها بالمحيط الداخلي لمركز فلاحي كنت مكلفا بإدارته بالبادية المغربية بمنطقة " دكالة "، و يرجع الفضل في إنجاح العملية إلى تطوع فلاح من أعيان المنطقة رحمه الله و تقبل منه ، كان يملك أقرب بئر من المركز ... طلبت منه السماح بنقل الماء من بئره إلى المغرس بواسطة صهريج متنقل في ملكية المركز ، فلبى الطلب ، و أمر المكلف بالبئر بتزويد المركز الفلاحي بكل ما يحتاجه من ماء و في كل وقت ، و بدون شرط و لا قيد ... و شاءت الأقدار أن ينقل المركز إلى مقره الجديد بالساحل الأطلسي ، و يُحَـوّل مقره القديم إلى سوق أسبوعية ، و ليستظل رواد السوق من بشر و حيوان بظل تلكم الأشجارالأوكاليبتوسية ... و الملاحظ أن جل المراكز الفلاحية التابعة لوزارة الفلاحة بالمغرب ، تكون محاطة بسياج من أشجار الأوكاليبتوس ، لأنها تتحمل العطش ، و تنمو جيدا دون أي عناية خاصة ... و الفضل كل الفضل في انتشار " الأوكاليبتوس " بالمغرب ، لمصالح " المياه و الغابات " ، لأنها المسؤولة عن إستيراد البذور و استنباتها في محطات خاصة ، تغطي كل التراب الوطني ، و توفر الأغراس بشكل مستمر و بالقدر الكافي للمصالح الإدارية و الجماعات ... و هناك مشاتل أو مستنبتات خاصة ، تعرض هذه الأشجار للبيع في المدن و بالأسواق الأسبوعية في القرى ... أهم منطقة من حيث تواجد غابات " الأوكاليبتوس " بالمغرب ، هي منطقتي " سيدي سليمان " و " القنيطرة " ، و هي المنطقة المغربية المعروفة باسم " منطقة الغرب " ، و بها أول معمل للسيليلوز مادته الخام خشب " الأوكاليبتوس " لصناعة عجين الورق و مواد صناعية أخرى .... و هي أول منطقة إنتاج الخشب كمادة من مواد البناء ... و أول منطقة لإنتاج الفحم ... كما أن بالمنطقة أكبر تجمع لعدد النحالين و خلايا النحل بالمملكة ... و بها ينتج أكبر قسط من العسل على المستوى الوطني . و للحديث بقية . |