1 ــ النحل في التراث العربي الإسلامي : كن أول من يقيّم
تقديم : هذه وثيقة قيمة ، اطلعت عليها بالخزانة العمومية " إبن يوسف " بمراكش ، في بداية بحثي عن أخبار النحل في تراثنا العربي ...في أواخر السبعينات من القرن الماضي ... و ها أنا ذا أنشر تلكم الملاحظات و المعلومات المستخرجة من هذه الوثيقة التاريخية العلمية الفريدة في نوعها و مضمونها ... إذ أنها جمعت ما بين القديم ـ في أقوال المقريزي ـ و الحديث ـ في ملا حظات المحقق ـ مما قيل عن النحل . و أبدأ بذكر إسم الوثيقة ، و سرد بعض أقوال المحقق و وجهة نظره ... و بعدها سأنشر مقتطفات من أقوال المقريزي نفسه ... و خاتمة ، أضمنها تعليقي ... مع وضع هوامش لي على هذه الوثيقة ... المصدر : مكتبة المقريـزي الصغـيرة 1 رقم : ص512 ـ خزانة إبن يوسف ـ مراكش ـ المغرب . إسم الكتاب : نَـحْـلُ عِـبَـرِ الـنـَّحْـل لتقي الدين أحمد بن علي المقريزي .... نشر و تحقيق : جمال الدين الشيال : مدرس التاريخ الإسلامي بكلية الآداب بجامعة فاروق الأول . الناشر : مكتبة الخانجي ـ 1365 هـ ـ 1946 م ـ القاهرة . Traité sur les abeilles توجد هذه النسخة بالمكتبة الأهلية بباريس تحت رقم 4657 ، و عدد صفحات هذه المجموعة 265 صفحة ، و تشغل رسالة النحل منها الصفحات : 47 ـ 75 . و انظر : De Slane = Catalogue des manuscrits arabes de la Bibliothèque Nationale III p.788 ............................................................ مقتطفات من أقوال المحقق : ــ أهم الكتب العربية التي كتبت عن الحيوان هي : ــ نهاية الأرب للنويري . ــ مسالك الأبصار للعمري . تحدث العمري عن النحل في الجزء الثاني عشر من كتابه . و توجد نسخة مخطوطة من هذا الجزء فقط في مكتبة البلدية بالأسكندرية [ أنظر قائمة المراجع العربية ] ... و هي نسخة نادرة و قيمة لأنها تضم إلى النص صورا أيضا حية ملونة جميلة لجميع النبات الوارد في الكتاب ... [ و يقول محقق الكتاب ] : بأن كتابات القزويني ، و الجاحظ ، و إبن سينا ، و الدميري ، تتشابه في نصوصها حول النحل " مما يدل على أن هذه الكتب جميعها تنقل عن مرجــع واحد " . ثم قال : :" و تبين لي بالمقارنة ، أن هذه الكتب العربية جميعا ، و هي تنقل بعضها عن البعض الآخر ، إنما تنقل عن الترجمات الأولى لكتاب " الحيوان " لأرسطــو [1]. و عن كتاب أرسطو يقول محقق الكتاب : قد ترجم إلى العربية في العصر العباسي الأول . قال إبن النديم :" فإنه من الثابت أن كتاب " الحيوان " لأرسطو تسع عشرة مقالة ، نقله إبن البطريق ... و لِـــ" نيقولاس " مختصـر لهذا الكتاب .... كما أن أبي علي بن زرعة كان قد بدأ بنقله إلى العربية ، و تصحيــحـه ... و بأن هذه الترجمات قد فقدت ...." . و مما قاله محقق الكتاب : و قد رأيت أخيرا ـ و إتماما للفائدة ـ أن أحصي الكتب العربية التي كتبت عن " النحل و العسل " فرجعت إلى " كشف الظنون " ، فوجدت ما يلي : ــ " كتاب النحل و العسل " : لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني ، المتوفى سنة 250 هـ [ و قيل : 255] ...و لأبي إسحاق بن مرار الشيباني ... و لأبي سعيد عبد الملك الأصمعي ... و قد أكد إبن النديم في الفهرست ، وجود كتاب النحل و العسل لأبي حاتم السجستاني ، و كتاب " النحلة " للشيباني ، و كتاب " الحلة " للأصمعي ... غير أن " بروكلمان " لم يشر إلى وجود كتاب عن " النحل " لأي مؤلف من هؤلاء الثلاثة ، و إنما ذكر أن لأبي حاتم كتاب إسمه " النخــل " و للأصمعي كتاب إسمه " النخل و الكرم " ... كذلك ذكر صاحب " القاموس " في مادة " عسل " أنه وضع عنه مؤلفا لغويا خاصا ... فقد قال ـ صاحب القاموس ـ :" و أفردت لأسمائه و منافعه كتابا" ... و لم يذكر " بروكلمان " هذا الكتاب عند إحصائه لكتب " الفيروزآبادي " ... .... و بناء على ما تقدم ، خلص المحقق إلى هذا الحكم الخاص به ـ و فيه نظر ـ و هو قوله : " من هذا كله ، يتضح أنه لا يوجد حتى الآن كتاب عن النحل و العسل باللغة العربية ، غير كتاب المقريزي هذا الذي نقدمه للقراء اليوم ...[2]/ إنتهى ما نقلت من أقوال الأستاذ جمال الدين الشيال ... محقق كتاب :" نحل عبر النحل " للمقريزي . .......................... هذه الهوامش من وضعي [ المراكشي ] [1] : إن نقل أقوال المحقق هنا لا يعني قبولها على علاتها ... بل الأمر في حاجة إلى مزيد من الإطلاع على كتابات الأقدمين و مقارنتها بما قاله الأسبقون ،ثم تحديد ما أضافه العرب و الظاهر أن المحقق لم يطلع على كتابات الأندلسيين عن النحل ... و لنا في ما نقلناه عن أبي الخير الأندلسي ما يؤكد وجود إضافات هامة من طرف علماء الأندلس إلى ما قاله الأقدمون ... و هذا من سنن تقدم معارف بني الإنسان على مر العصور ... و لا ننسى أن المحقق مع علو قدره ، إنما هو رجل تاريخ ، و ليس بيطريا و لا مهندسا زراعيا ... [2] : من الصعب قبول مثل هذا الحكم الجازم و تعميمه على جميع التراث العربي الإسلامي على تنوعه و كثرة علمائه و مبلغ نبوغهم في كل الميادين المتصلة بإعمار الأرض و استغلال ما سخره الله لعباده من حيوان و نبات و جماد ... و الملفت للنظر أن المحقق لم يدرك أن الكلام عن النحل و العسل يدخل ضمن اختصاص علماء الفلاحة و البيطرة ... و أنهم الذين اهتموا بترجمة ما كتبه الأقدمون و زادوا عليه من خبراتهم و نتائج تجاربهم ... و بما أن مادة النحل و العسل ـ و كما هي عند الأمم المعاصرة للعرب ـ تعد من اختصاصات علماء الفلاحة و النبات و حتى الطب ، فمن الواضح أنها موجودة في كتب الفلاحة و الحيوان خاصة ، لا في كتب اللغة ، و الموجود في كتب اللغة هو القسم اللغوي الخاص بالأسماء ، مثلا و المعلومات العامة ... و من المفيد الإطلاع على ما كتب عن النحل و العسل في مواد كتب الفلاحة ، لإبن وحشية الكلداني صاحب " الفلاحة النبطيو" ، و إبن العوام الأندلسي ، صاحب الفلاحة الأندلسية ، ، و إبن وافد اللخمي الأندلسي و له كتاب في الفلاحة ، و إبن بصال الأندلسي صاحب الفلاحة الرومية ، و أبي الخيرالإشبيلي و له كتاب في الفلاحة ، وإبن الحجاج صاحب المغني في الفلاحة ، ألفه عام 446 هـ ـ 1073م ، و هومن مراجع إبن العوام و أشار إليه في كتابه ، و الطعنري ، و آخرين غير هؤلاء ممن كتبوا عن الفلاحة المصرية و الفلاحة القبطية ، و قد وردت أسماؤهم في مراجع علمية موثوقة ، منها على سبيل المثال كتاب " تاريخ الطب العربي " للمستشرق الفرنسي ، الدكتور الطبيب " لوسيان لوكليرك " .... و و هوؤلاء العلماء العرب هم أصحاب مدرسة في الإبداع الزراعي لم تدرس آثاره التي وصلتنا ـ و حتى الآن ـ بما تستحقه من عناية و تدبر.... قبل إصدار مثل هذه الأحكام عليها. و تتبع ما أورده الجاحظ عن النحل و العسل في موسوعته " الحيوان" ، فيه شهادة ناطقة و خير دليل عن اهتمام العرب بهذا الموضوع الهام . |