البحث في المجالس موضوعات تعليقات في
البحث المتقدم البحث في لسان العرب إرشادات البحث

تعليقات عمر خلوف .

 9  10  11  12  13 
تعليقاتتاريخ النشرمواضيع
بحر مستحدث    كن أول من يقيّم

وهذا مثال تطبيقي على بحر مستحدث، أهديه لأستاذنا زهير، وللأخ محمد هشام، وللسراة الأفاضل.
تقول نازك الملائكة:
                      سُمْرَتُها عسَلٌ سائلٌ       لِلْحُسْنِ في خَدّها رَقْرَقَهْ
1- ترميز البيت: ///ه  ///ه   /ه //ه      /ه /ه  //ه  /ه //ه /ه//ه
2- تأصيل البيت: في الشطر الأول فقط فاصلتان عارضتان، فتُردان إلى أصليهما ( /ه//ه ).
               /ه//ه  /ه//ه  /ه //ه      /ه /ه //ه  /ه //ه /ه//ه
3- تحديد التفاعيل: يبدأ البيت بسببين، لذا نضع قاطعاً بعد كل وتد.
                /ه/ه//ه- /ه//ه- /ه//ه      /ه/ه//ه- /ه//ه- /ه//ه
                مستفعلن  فاعلن  فاعلن       مستفعلن  فاعلن  فاعلن
4- تحديد البحر: بمقارنة التفاعيل الناتجة مع جدول البحور نصل إلى أن البيت من (البحر اللاحق)[1]. وكانت صياغته هي:
                  مستعِلن   فعِلن  فاعلن        مستفعلن  فاعلن  فاعلن


[1] وهو من الأوزان المستحدثة. أشار إليه الجوهري -عَرَضاً- فجعله من مخلع البسيط!! (عروض الورقة ص29). في حين أشار إليه القرطاجنّي وزناً أندلسيّاً مستحدثاً دون تسميته (منهاج البلغاء ص241). بحور لم يؤصلها الخليل، للمؤلف (تحت الطبع).

7 - فبراير - 2008
فن التقطيع الشعري
ردّي على مداخلات أخي د.صبري    كن أول من يقيّم

أيها الحبيب الأريب..
أشكرك جزيل الشكر على ما أوليت هذا الملخص من جليل عنايتك وملاحظاتك، التي تدل بلا ريب على نظرة دقيقة ناقدة حصيفة، وأقول: أشرت في المقدمة المقتضبة إلى أن هذه المقالة ملخِّصة لكتاب، فلا يمكن فيها شرح جل ما ذكرت.
ففي الكتاب (مرحلة تأسيسية) حرصت فيها على السير في تعليم الطريقة للمبتدئ خطوة خطوة، بشرح مبسط لكيفية تحليل البيت الشعري أولاً إلى مكوناته الأولية من الحركات والسكنات، ثم شرحٍ للمقاطع العروضية، مع تبسيط تعريفها بالقول: "فالمقطع العروضي ينتهي دائماً بسكون، ولذلك يمكن الاستدلال على نهايات المقاطع بالسكنات".
ثم شرحت التفاعيل الثمانية (لا العشرة يا دكتور صبري)، وما تتعرض له من تغييرات عارضة، (مع التركيز على الشائع منها فقط) كما تقول.
ثم عرضت جدولاً خاصاً لبحور الشعر الثمانية عشرة (لا الستة عشرة)، مرتبةً ترتيباً منطقياً خاصاً يسهل العودة إليها.
ولم أستخدم في طريقتي هذه من مصطلحات العروض الهائلة، أكثر من أسماء المقاطع العروضية، والتي قلتُ عنها: إن "أسماء المقاطع العروضية - كمصطلحات العروض الأخرى - لم تعد توحي بالمراد منها، وكان بودّي وضع مصطلحات موحية أخرى".
أشكرك يا أخي الحبيب أن أتحت لي العودة إلى ما كتبته قبل أكثر من خمس عشرة سنة.
تقبل تحياتي ومودتي
عمر خلوف

7 - فبراير - 2008
فن التقطيع الشعري
مقدمة الكتاب    كن أول من يقيّم

المقدّمـَـــة
           إن لقضيّةِ التّقطيعِ الشعري ومعرفةِ البحر أهميّةً عظيمةً، وإجادتُها من أهمّ مباحثِ علمِ العروض، فهي غايتُهُ وثمرتُهُ العمليّة، وهي مبتغى طالبِ هذا العلم سواءً أكانَ شاعراً أم ناقداً أم محقّقاً أم باحثاً. فالشاعرُ؛ يحتاجُ -أحياناً- أن يضبطَ ما كتبَه، ليُجنِّبَه زحافاً قبيحاً (أو انحرافاً) خانتْهُ أُذُنُه في إدراكِهِ، ويحتاجُ الناقدُ والمحقِّقُ والباحثُ لمعرفةِ صحيحِ الشعرِ من فاسدِهِ، وضبْطِ كلماتِ البيتِ ضبطاً صحيحاً بعدَ معرفةِ وزنه.
          وكثيراً ما يقفُ المرءُ أمامَ بيتٍ من الشعرِ يتساءل: من أيِّ بحرٍ هو ؟
          وحتى الآن بقيَتْ عمليّةُ إيجاد الوزنِ غامضةً مبهمةً، يصعبُ معها الوصولُ إلى معرفة بحر البيت المقصود، فهي تعتمدُ عندهم على تفكيكِ البيت بإعادةِ كتابته كتابةً طلَّسْميّةً عجيبةً منفِّرةً تدعى (الكتابةَ العروضيةَ)، قاعدتُها: "كلُّ ما يُنطَقُ في اللسانِ يُكتب، وكلُّ ما لايُنطَقُ يُهمل"! ثمَّ يُعاد تركيبُه بطريقةٍ مُملّة، تعتمدُ على الحَدْسِ والتّخمينِ والمحاولةِ والتجريب، بِمُقابلةِ ما نُريد معرفةَ وزْنِهِ مع قوالب الشعر العديدة حركةً بحركةٍ وسكوناً بسكون. وكثيراً ما يحتاجُ المرءُ للوصولِ إلى ذلك إلى جهْدٍ ومشقّةٍ بالغَين، وتكرُّرِ المحاولات، وذلك لِما في الشعر عادةً من زحافات (أو تغييرات)، تؤدّي في أبسطِ حالاتها إلى ابتعادِ البحر عن شكله النموذجيِّ المعروف.
          فبعد شرحه طريقةَ الكتابةِ العروضية؛ يصف المحلّي (-673 هـ) كيفيّةَ الوزْنِ والتقطيع فيقول: "فإذا أردتَ أن تزِنَ بيتاً وتُقطّعَه على مقدارِ الأجزاءِ [التفاعيل] التي يوزَنُ بها فطريقُهُ: أن تنظُرَ في أوّلِ البيت، فإذا كان أوّلُه سببٌ بعدَه وتد [/ه//ه]، فاعرضْ عليه من الأجزاءِ ما أوّلُهُ سبب بعده وتد، وإن كانَ أوّلُه سببان خفيفان [بعدهما وتد /ه/ه//ه] أو ثقيلٌ وخفيف بعدهما وتد [///ه//ه]، فاعرضْ عليه مثله. وإن كان أوله وتد مجموع بعده سبب أو سببان فاعرضْ عليه مثله. ولا تزالُ تمتحنُ متحرّكاتِ أوّل البيت وسواكنَه، ومتحركاتِ الأجزاءِ وسواكنَها حتى تجدَ ما يُوافق أوّلَ البيت. ثمّ ضعْ أوّلَ حرفٍ في البيت بإزاءِ أوّلِ حرفٍ في الجزء [التفعيلة]، وثانيَه بإزاءِ ثانيه، ثمّ قفْ عند ذلك، سواءٌ أكانَ وقوفُك على آخر كلمةٍ أم على بعضها. ثمّ انظرْ في أوّل سائر حروف البيت، كما نظرتَ في أوّل البيت، وخذْ جزءاً يُوافقُه، سواءٌ أكانَ ذلكَ الجزءُ الأوّلَ أم غيره، واصنعْ فيه من مُقابلةِ المتحرّكِ بالمتحرّك والساكنِ بالساكن ما أعلمتُكَ، ثمّ قفْ أيضاً. ولا تزال تفعل ذلكَ حتى تُقطّعَ جميعَ البيت"!!
          بل إن التقطيعَ عند الدّماميني (-817 هـ) شيءٌ أعجب، فهو يبتدئُ عنده بمعرفةِ البحر، وهو المجهولُ الذي نبحثُ عنه أصلاً. يقول: "فإذا عمدنا إلى تقطيعِ البيت وكتابَتِهِ بهذا الهجاء [أي كتابةً عروضيةً] فإننا ننظر أوّلاً في الشعرِ، من أيِّ جنسٍ هو [أي من أيِّ بحر هو!] وننظرُ أجزاءَهُ [أي تفاعيلَه!] التي تَرَكَّبَ منها، ثمّ نضعُ قطعةً من البيت مُقابِلَةً لجُزْءٍ من أجزاءِ التفعيل، بِمقدارِهِ منَ الحركاتِ والسكنات، ونعملُ ذلك في جميعِ أجزاءِ البيت، حتى يصيرَ قِطَعاً بِمقدارِ الأجزاء .."!!
           ولست أدري ما فائدةُ التقطيع إذا ما عُرِفَ البحر؟!!
     وقد زهِدَتْ معظمُ كتُبِ العروضِ في عَرْضِ هذه القضيّةِ المشكلة، ولم تتعرضْ لِما يُواجهُ المُتدرّبَ من صعوباتٍ، فاقتضَبَت المشكلةَ، وعرَضتْها لتبدوَ كأنّها مسألَةً بدَهيّةً سهلةً، بل ربّما تجاوزتْها تماماً. ومَنْ كَتَبَ منهم شيئاً عن التقطيع، وضعَ جُلَّ اهتمامِهِ وتركيزهِ على الخطوةِ الأولى من بحثنا هذا، وتغافَلَ عمّا سواها. يقول د.مصطفى حركات: "ولكنّ التقطيعَ لا يهتمُّ إلاّ بتحديدِ سلسلة السواكنِ والمتحركات .. أمّا تحديدُ الأسبابِ والأوتادِ والتفاعيل والشطر، فإنّ كلَّ ذلك يُتركُ لحَدْسِ القارئ!".
          ولقد شعر بعضُهم بحجمِ المشكلةِ، فنبَّهَ إلى صعوبةِ التقطيع، والعجزِ عنه، حتى لِمَن استوعبَ قواعدَ العروضِ واستظهرَ مسائلَه، ووعى ضوابطَه، ودعا آخرون إلى إعطاءِ الأمرِ أقصى عنايـةٍ ممكنةٍ ، ودراسةِ الإيقاعِ بطريقـةٍ جديدةٍ تُزيلُ تلكَ الصعوبات.
          بل حاولَ بعضُهم الوصولَ إلى طريقةٍ ميسَّرةٍ في التقطيعِ الشعري، فخصَّصَ الأستاذ عبد العليم إبراهيم كتابَه "صفوة العروض" لبحثِ التقطيع الشعري ومحاولةِ تيسيره، إلاّ أنّه لم يُقدّمْ طريقةً علميةً صحيحةً لمعرفةِ البحر، ولم يبتعدْ كثيراً عن طرائقِ التجريبِ والتخمين.
          ومع أنّ د.صفاء خلوصي قد أسمى كتابَه في العروض "فنّ التقطيع الشعري والقافية"، فإنّ الطريقةَ التي عرَضَها جاءت مقتضَبَةً إلى حدّ الابتسار، فلم يزِدْ على القول بأنها تعتمدُ على قانونَيْ: "قابليّة القسْـمة" و"التناظر" دونَ شرحٍ أو تطبيقٍ لأكثرَ من مثالٍ واحدٍ على البحر الطويل. وكان بودّنا لو بسَطَها بسْطاً علمياً ميسَّراً، وعَرَضها على التطبيقِ العملي، ليُعلَمَ مدى جدْواها.
          وربما كانت محاولةُ د.كمال أبو ديب، أوّلَ محاولةٍ علميةٍ تتَّسِمُ بالجِدَّةِ والجِدّيّةِ. فلقد قسَمَ أبو ديب بحورَ الشعر إلى قسمين :
1- ما يبتدئُ بوتد (//ه)؛ حيثُ يُقطَّعُ البيتُ إلى تفاعيلِه بأنْ يُؤخذَ كلُّ وتدٍ مع ما يليهِ من أسباب.
2- ما يبتدئُ بسبب ()؛ ويُقطّعُ البيتُ إلى تفاعيلِهِ بأن يُؤخذَ كلُّ وتدٍ وما يسبقُهُ من أسباب.
          وهي كما ترى طريقةٌ منطقيّةٌ وسهلة، ولكنها أدّتْ إلى إحداثِ تفعيلتين جديدتين (على الأقل):
*      تتركّبُ أولاهما من ثلاثة أسباب فوتد (/ه /ه /ه //ه) وأطلقتُ عليها اسـم
   (مستفعيلَتن).
*      وتتركّبُ الثانية من وتدٍ فثلاثة أسباب (//ه /ه /ه /ه) وأطلقْتُ عليها اسم
   (مفاعيلاتن).
ومِنْ ثَمَّ ابتعدَتْ ستةُ بحورٍ عنده عن شكلِها المعروف:
1- فالرمَلُ يساوي عنده: ( فاعلن مستفعلن مستفعلاتن ).
2- والمديدُ يساوي عنده: ( فاعلن مستفعلن فاعلاتن ).
3- والخفيفُ يساوي عنده: ( فاعلن مستفعيلتن فاعلاتن ).
4- والمنسرحُ يساوي عنده: ( مستفعلن مستفعيلتن فاعلن ).
5- والمقتضَبُ يساوي عنده: ( مستفعيلَتن فاعلن ).
6- والمضارعُ يساوي عنده: ( مفاعيلاتن فعولن ).
     وبغضِّ النظرِ عن هذه الأشكالِ الجديدة، فإنّ هذه الطريقةَ في التقطيع، لا تنطبقُ إلاّ على الأشكالِ النموذجية للبحور. ومعلومٌ طبعاً أن الصعوبةَ تكمنُ في تقطيعِ الأشكالِ المُزاحَفَة التي يزخرُ بها الشعر العربي. وربما لو أُتيحَ لهُ اكتشافُ أشكالِ الزحاف، وقوانين إعادتها إلى أصولها لاقتربتْ طريقتُهُ خطواتٍ كبيرة من الكمال.
          وللدكتور أحمد مستجير دراسةٌ عروضية متميِّزة، حاول أن يُقدِّمَ فيها "رؤيةً مختلفة في موسيقى الشعر"، وأن يُظهرَ ما في الشعر من انتظامٍ رياضيٍّ مُحْكم، يُشيرُ إلى بعض خصائصه. وينصبُّ انتقادُنا له على قبوله -مضْطَرّاً- لبحورٍ مُهْملةٍ؛ كالبحر المطّرد، وأصله عنده هو: (فاعلاتن مفاعيلن مفاعيلن) ثمّ إقراره بعدم استخدامه إلاّ مجزوءاً -بل مبتوراً- بالشكل (فاعلاتن مفاعي)، وهذا عندنا من المتدارك (فاعلن فاعلن فا). وكالبحر الذي أسماه بالدوبيت، وشكله عنده هو: (مفعولاتُ مفعولاتُ مفعولاتُ)!!، وهي تفعيلات بحرٍ مهمل وجدنا عليه بعض الموشحات الأندلسية، ولكن لا علاقةَ له بالدوبيت من قريبٍ ولا بعيد، على الرغم من تطابقِ دليليهما الرقميين عنده أحياناً.
          وأسوأ من ذلك؛ اضطراره إلى قَسْر بعض البحور -التي ابتعدتْ كثيراً عن شكلها العروضيّ المعروف- على تقبّل نظريّته:
1 ـ فالبحر الطويل عنده يساوي: (مفْعولاتُ مفْعولاتُ مستفعلن)!! مما يضطره إلى حذف فاء (مفْعولاتُ) الأولى وجوباً، وإضافة سبب أو سببين إلى آخره وجوباً كذلك. بل ونتيجةً لتطابقِ الدليل الرقمي للطويل -في معلقات امرئ القيس وطرفة وزهير- مع الدليل الرقمي للدوبيت السابق أحياناً، فإنه يعتبر أكثرَ من (40%) من أشطر هذه المعلقات من بحر الدوبيت فعلاً!! وهكذا اختلطت عنده ثلاثةُ بحورٍ متمايزةٍ كلَّ التمايز أصلاً، فأصبحَ البحر الطويلُ وهو أشهرُ البحور وأكثرها استعمالاً يساوي عنده بحراً مهملاً لم تُكتب عليه قصيدةٌ معروفة كما يساوي أيضاً بحراً أعجمياً مستحدثاً هو الدوبيت!!.
2 ـ والبحر البسيط يساوي عنده: (مستفعلن فاعلاتن فاعلاتن)!! مع وجوبِ إضافةِ سببٍ إلى آخره، وتحريكِ نون (فاعلاتن) الثانية!!.
3 ـ والبحر المديد يساوي عنده: (فاعلاتن فاعلاتن مفاعيلن)!!، مع وجوبِ حذف السبب الأخير كذلك.
          أضف إلى ذلك وقوعَه فيما يُوجَّه إلى نظرية الخليل ذاتها من انتقادات وأعني افتراضَه أصولاً لبعضِ البحور ليسَ لها واقعٌ في عالم الشعر.
*    فالبحر المقتضبُ عنده هو: (مفعولاتُ مستفعلن مستفعلن)، مع وجوبِ حذف (مستفعلن) الأخيرة.
*    والبحر المضارعُ عنده هو: (مفاعيلن فاعلاتن مفاعيلن)، بحذف (مفاعيلن) الأخيرة وجوباً كذلك.
          والطريقةُ على تميُّزِها، وخضوعِ معظمِ بحور الشعر لها، تكدُّ الذهنَ بِمتابعة الأرقام الخاصة بِما أسماه الأسبابَ المميِّزة، أو الأرقام الخاصّة بالزّحافات. فلكلِّ تفعيلةٍ أو زحاف رقم، ولكلِّ شطرٍ (أو بحر) دليلٌ للتفاعيل، ودليل رقمي، بل دليلٌ رقمي احتمالي.وللوصول إلى تفاعيل البحر نحتاج دائماً إلى إجراءِ ثلاثِ عملياتِ طرحٍ حسابية. كما لا يزال في طريقته الكثير من حالات التخمين والتجريب، بل والاعتماد على الأحاسيس أحياناً.
*  *  *
        وقد تميّزتْ طريقتنا عمّا سواها، في عدمِ إحداثِ تفاعيلَ أو أشكالٍ جديدة للبحور، وعدم قَسْرِ أيّ بحرٍ على تقبُّلِ قواعدها، وإنما هي وصفٌ واقعيٌّ للبحور كما ورَدَتْ في الاستخدامِ الفعليّ للشعر.
          والجديدُ فيها أيضاً؛ قدرتُها على كشفِ أشكالِ الزّحافِ، وقوانين إعادتها إلى أصولِها النموذجيّة. إذْ أنّ صعوبةَ التقطيع تعودُ كما قلنا إلى وجودِ الزحافِ أو التغيير الذي يبتعد بالبحرِ عن شكله النموذجي المعروف.
          وقد تركّزَ تعديلُنا على إلغاءِ ما يُسمّى بالوتد المفروق ( /ه/والتفاعيل الوهميّة التي تقومُ عليه، وإلغاءِ ما يُسمّى بالسبب الثقيل ( // )، وبالتالي اعتبار الفاصلة ( ///ه ) نواةً إيقاعيةً قائمةً بذاتها وغير قابلةٍ للتجزيء. كما قمنا بترتيبِ البحور ترتيباً منطقيّاً يوحي بخصائصِها، وسرْنا بالبحثِ خطوةً خطوة، لنأخُذَ بيد الطالب إلى ما نُريدُ له معرفتَه.

15 - فبراير - 2008
فن التقطيع الشعري
(قمر) في سجلات (النفوس)    كن أول من يقيّم

للجميع تحياتي  واحترامي..
 
... ولي قريب أمّيّ يعمل في إحدى دول الخليج العربي.. جاءته ابنة جميلة (كالقمر)، فأراد أن يسميها (قمراً)..
ولمّا سأله الموظف الخليجي عن الاسم، قال: (أمَر)، على طريقة بعض أهل الشام في نطق القاف.
ونظراً إلى أمّيّته، لم ينتبه الوالد إلى أن الموظف قد سجّل البنت باسم: (أمَار) بإضافة ألف أخرى بعد الميم.
ولا تزال (قمر) وهي على أبواب الزواج، مُدرَجة في دفاتر النفوس والجوازات باسم (أمار)!!
 
عمر خلوف

18 - فبراير - 2008
مُفدي زكريا ء، كاتب النشيد الوطني
التنوع الوزني    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

   ولقد وقعَ اختيارُنا -بدايةً- على موضوع (التنوع الإيقاعي في أوزان الشعر العربي)، لأننا سنجلو فيه بعضاً من خصائص الأوزان، نردُّ بها شبْهَةً طالما أثارها المغْرِضون، خَلْطاً منهم بين الوزن الشعريّ الحيّ، والميزان العروضيّ الجامد. فهم كثيراً مايتّهمون إيقاعَ الشعر العربي بالتكرار المتماثل في أبيات القصيدة الواحدة من جهة، وفي وحداتها الوزنية (التفاعيل) التي تُرَكِّبها من جهة أخرى. ويُغالي دعاة التغريب -لذلك- في نَعْته بالرتابةِ والإمْلال. ويتناسى هؤلاء أنّ إيقاعَ الشعرِ الحديث -مع تجاوزه إيقاعَ البيت الواحد، بوقْفاته القافويّة المنتظمة- لا يزال واقعاً في أسْرِ التفعيلة التقليدية ذاتها، وأنه لا يستخدم من إيقاعات الشعر العربي إلاّ إيقاعَ التفعيلة الواحدة المتكرر، بل يُشكِّلُ إيقاعٌ واحدٌ -هو إيقاعُ بحر الرجز- معظمَ ما كُتِبَ على شعرِ التفعيلة.
   ومهما قيلَ عن قدرة التفعيلة الواحدة -بتكرارها اللاّمتماثل- على تنويع الأداء الموسيقي، فإنها لن تصلَ بحالٍ إلى مستوى الإيقاع النغميّ لبحور الشعر المركّبة (كالطويل والبسيط والخفيف والمديد والمنسرح...) وما يتفرّع عنها من صور، والتي خسرها شعر التفعيلة الحديث. فنغمُ التفعيلة الواحدة، نغَمٌ بدائيٌّ ساذج، يفوقُهُ في النضوج ما اعتمدَ على الإيقاع المركّب.
ويدحضُ عن شعرنا العربي صفةَ الرتابة والإملال؛ عددٌ من الظواهر والخصائص؛ تعمل على إحداث التنوع الإيقاعيّ، وبثّ الألوان داخلَ القصيدة الواحدة، بل داخلَ البيت الواحد.
1- التنوع الوزني:
           تتنوع أوزانُ الشعر العربي وإيقاعاتُه تنوّعاً لا يوجد في أيّ لغةٍ من لغات الدنيا. فقد تجلّت هذه الأوزان في حسّ الشاعر العربي المرهف بعددٍ من التشكّلات الإيقاعية، أحصى الخليل بن أحمد الفراهيدي (-175هـ) منها -حتى عهده- ثلاثاً وستين صورة إيقاعية متميّزة، لا خلْطَ فيها بين صورةٍ وأخرى، جَمَعَ منها الأشباهَ والنظائرَ في خمسَ عشرةَ مجموعةٍ من الأنماطِ الموسيقية (البحور)؛ حظيَ البحرُ الكامل بتسعِ صورٍ منها، وحظيَ كلٌّ من الرمَل والمديد والبسيط والسريع والمتقارب بستِّ صور، ولكلٍّ من الخفيف والرجز خمسُ صور، ولكلٍّ من الطويل والوافر والمنسرح ثلاثُ صور، وللهزجِ صورتان، ولكلٍّ من المجتثّ والمقتضب والمضارع صورة واحدة.
           ولقد استدركَ العروضيون على الخليل عدداً من الصور الإيقاعية الأخرى، وصلت في أعلى تقديرٍ لها إلى ستّ عشرة صورة، كما أثيتوا بحراً أهمله الخليل،سمّوه المتدارك، يندرجُ تحته أربعُ صور أخرى .
            ولحسن الحظ؛ كانت أوزانُ الشعر العربي أكثرَ مرونة وطواعية ممّا أراد لها العروضيون، فلم يلتفت الشعراءُ إلى قيود العروضيين، فأحدثوا في أوزان الشعر العربي مئات من الصور الجديدة، لم تخرجْ -في معظمها- عن أصول الشعر العربي وقواعده، كما سنفصّله في مقالات أخرى إن شاء الله.
 

4 - مارس - 2008
التنوّع الإيقاعي في أوزان الشعر العربي
التباين الوزني    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

2- التباين الوزني:
            ونعني به اختلاف صَدْر البيت عن عَجُزه، طولاً وقِصَراً، وخفّةً وثقلاً، اختلافاً بيِّناً يُغيّرُ من طبيعة الأوزان، بل ويجعل من الأوزان البسيطة التركيب (المتماثلة التفاعيل) أقربَ إلى الأوزان المركّبة، وذلك بسبب الاختلاف ما بين تفعيلتَيْ العَروض (آخر الصدر) والضّرْب (آخر العجُز). وقليلةٌ هي الصور الإيقاعية للبحور، التي يتماثل شطراها تماثُلاً تامّاً أو شبه تام. فعلى سبيل المثال لا الحصر، يتباين الصدر عن العجز في صورتين من صور البحر الطويل الثلاث، طولاً وقِصَراً، وخفّةً وثقلاً:
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                  
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعِلُن ** فعولن مفاعيلن فعولن مفاعِيلُن
       فعولن مفاعيلن فعولن مفاعِلُن ** فعولن مفاعيلن فعولُ فعولُن
حيث تتَّسم قصائد الصورة الأولى بحركتها البطيئة المتثاقلة، لانتهائها بثلاثة مقاطع ممدودة ( / /ه /ه /ه )،كما في قول أبي فراس الحمداني:
 
أراكَ عصِيَّ الدمْعِ شيمتُكَ الصّبْرُ ** أما للهوى نَهْيٌ عليكَ ولا أمْرُ
                                               
        بينما تتسارع الحركة في أعجاز الصورة الثانية لقصرها، وانتهائها بعددٍ من المتحرّكات المتتالية ( ///ه/ه )، كما في قول المتنبّي:
 
لَيالِيَّ بعْدَ الظاعنينَ شُكولُ ** طِوالٌ ، وليلُ العاشقينَ طويلُ
                                               
        وذلك مقابل صورة واحدةٍ منه، يتطابق فيها تركيبُ الصدر مع العجز:
 
فعولن مفاعيلن فعولن مفاعِلُن ** فعولن مفاعيلن فعولن مفاعِلُن
 
        كما في قول النابغة الذبياني:
 
كِليني لِهَمٍّ يا أُميمة ناصِبِ ** وليلٍ أُقاسيهِ بطيءِ الكواكِبِ
 
            كما يتباين الصدر عن العجز في سبعٍ من صور البحر الكامل التسع. ونمثّل لذلك بهاتين الصورتين:
  متفاعلن متفاعلن متفاعلن ** متفاعلن متفاعلن فعِلاتن
متفاعلن متفاعلن متفاعلن ** متفاعلن متفاعلن فعْلن
 
        فمِمّا كُتِبَ على الصورة الأولى؛ قول شوقي:
 
يا أيُّها السيفُ المُجَرَّدُ بالفَلا ** يكْسو السيوفَ على الزمانِ مَضَاءَ
تلكَ الصحارى غمْدُ كلِّ مُهنّدٍ ** أبْلى فأحسَنَ في العدوِّ بَلاءَ
 
        وعلى الصورة الثانية؛ قول أبي دهبل الجُمحي:
 
عَقِمَ النساءُ فما يَلِدْنَ شبيهَهُ ** إنّ النساءَ بمثلِهِ عُقْمُ
نَزْرُ الكلامِ منَ الحياءِ، تَخالُهُ ** ضَمِناً، وليسَ بجسمِهِ سُقْمُ

4 - مارس - 2008
التنوّع الإيقاعي في أوزان الشعر العربي
ظاهرة الزحاف    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

       3-ظاهرة الزحاف (البدائل):
             ومما يزيد في ثراء موسيقى الشعر العربي، وينفي عنه صفةَ التماثل التام بين تفاعيله، ما يلحق هذه التفاعيل -في مواقعها المختلفة من البيت- من تغيُّرات طارئة (زحافات) تعمل على إحداث تبادلٍ غير محدود بين التفاعيل الأصيلة والبديلة، والذي تصل احتمالات اختلافاته -في البيت الواحد- إلى (64) أربعةٍ وستين احتمالاً؛ في بحرٍ سداسيٍّ متماثل التفاعيل، ليس لتفعيلته الأصيلة إلاّ بديلٌ واحد، كالبحر الكامل. فإذا كان لتفعيلته بديلان؛ وصلت احتمالات اختلافاته إلى (602) احتمالاً. ولكَ أن تتصور بعد ذلك عددَ الاحتمالات، فيما كان له ثلاثة بدائل؛ كالرجز، أو عددَ الاحتمالات في بحرٍ ثُمانيّ التفاعيل...
            ولا شكّ أن الزحافات -بما تُحدثُه من إسكانٍ لمتحرّك، أو حذْفٍ لساكن- تُغيّر من طبيعة التتابع الحركي لأبيات القصيدة الواحدة، فتُخفّف ثقيلاً، وتُثقّل خفيفاً، وتُموّجُ القصيدةَ بأشكالٍ لا متناهية من التباينات الإيقاعية، ولا حاجةَ بنا إلى الأمثلة هنا، فلنا بكلّ قصيدةٍ نقرؤها أوفى مثال.
            بل إنّ في مثل هذه التغيّرات الزحافية، إمكانية هائلة للتنويع الإيقاعي داخل القصيدة الواحدة، إذ كثيراً ما يؤدّي الزحاف العارض إلى تداخل الوزن مع سواه، تداخلاً لا يؤثر في إيقاعه بنشاز أو خلل وزني، بقدر ما يزيده حياةً وحيوية، لأنه دخولٌ سطحيّ لا يتجاوز (المنطقة الحرّة) التي يُسمح له بعبورها، كما أنه عبورٌ خاطفٌ لا يطول، سرعان ما يعود بعده البحر إلى ساحته التي خرجَ منها.
            ولقد نبّه العروضيون إلى شيءٍ من ذلك، كتنبيههم إلى تداخل الكامل مع الرجز أو السريع، وتداخل مجزوء الوافر مع الهزج. إلاّ أن أمثلةَ التداخل عندنا لا تقف عند ذلك الحدّ، بل تتعدّاه لتشملَ معظمَ أوزانِ الشعرِ العربي.
            ونظراً لأهمية ظاهرة التداخل هذه، فسوف نخصّصُ لها مقالاً منفصلاً إن شاء الله تعالى.

 

4 - مارس - 2008
التنوّع الإيقاعي في أوزان الشعر العربي
موسيقى الشعر الداخليّة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

4-موسيقى الشعر الداخليّة:
 
        وفيما يسمّى بموسيقى الشعر الداخلية؛ تنوّعٌ إيقاعيّ هائل داخل قصائد الوزن الواحد، ناتجٌ كما هو معروف عن صنوف البلاغة المختلفة؛ كتوافقِ الشكلِ والمضمون، أو المبنى والمعنى، وحُسْنِ تآلفِ الكلام؛ خَبَراً وإنشاءاً، وذكْراً وحذْفاً، وتقديماً وتأخيراً، ووصْلاً وفصْلاً، وإيجازاً وإطْناباً، ومناسبةِ الجملِ لمعانيها؛ تشبيهاً واستعارةً وكناية، وتوريةً وطباقاً ومقابلة...، وحسْنِ تآلف الألفاظ؛ سجْعاً وجناساً، وابتداءً وانتهاء ...، بل وانسجامِ الحروفِ ذاتها، وتنوّعِ مدلولاتها الصوتية، وشحناتها الموسيقية ..، مما يجعل من المستحيل -حتى بالمصادفة- أن تتطابقَ الموسيقى الداخلية في بيتين اثنين؛ يشتركان في ذات الوزن والقافية والموضوع.

4 - مارس - 2008
التنوّع الإيقاعي في أوزان الشعر العربي
ظاهرة التدوير في الشعر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم

5-ظاهرة التدوير في الشعر:
وتعني اشتراكَ شطرَيْ البيت الواحد بكلمة واحدة، يُتمّمُ جزؤها الأول وزنَ الصدر، ويدخل جزؤها الثاني في بداية وزن العجز.
ويظهر التدوير عادةً في بعض أبيات القصيدة دون غيرها، مما ينفي عن هذه الأبيات الوقفةَ الإيقاعيةَ آخرَ الشطر الأول، ليُقرأ البيتُ متَّصلاً، في تدفّقٍ إيقاعيّ يعبُر الصدْرَ إلى العجز، كاسِراً حدّةَ البروز الإيقاعي للأبيات الأخرى غير المدوّرة، ومُثْرياً إيقاع القصيدة كلها.
ويكثر التدوير في البحر الخفيف والمنسرح ومقصَّرات الأوزان. فمثلاً يقول المعرّي (من الخفيف):
غيرُ مُجْدٍ في مِلَّتي واعتقادي** نَوْحُ باكٍ ، ولا ترنّمُ شادِ
وشبيهٌ صوتُ النّعيِّ إذا قيـ ـ ـسَ بصوتِ البشيرِ في كلِّ نادِ
أبَكَتْ تلكُمُ الحمامةُ أمْ غنّـ ـ ـتْ على فرْعِ غُصْنِها المَيّادِ
ويقول ابن الجهْم (من المنسرح):
وا رحْمَتا للغريبِ في البَلَدِ الـ ـ ـنّازِحِ ، ماذا بنفسِهِ صَنَعا
فارَقَ أحْبابَهُ فما انتَفَعوا ** بالعيشِ من بعدِهِ، ولا انتَفَعا
 
 

4 - مارس - 2008
التنوّع الإيقاعي في أوزان الشعر العربي
ظاهرة النَّبْر    كن أول من يقيّم

6-ظاهرة النَّبْر:
ولظاهرة النّبْر في الشعر العربي، أثرٌ بيّنٌ في إحداث التنوّع الإيقاعيّ داخل القصيدة الواحدة، وذلك على الرغم من أن النبْرَ في العربيّة ليس له فاعليّة إيقاعيةٌ، كما هو الحال في بعض اللغات الأخرى. وإنما تنحصر وظيفته عندنا في التأكيد على معنى، أو التنبيه إليه .
وينجمُ التنوع النغمي -النبْريّ- عن التباين في عدد المقاطع المنبورة، واختلاف مواقعها، إذ "قلّما تتشابه مواضع النبر في شطرين من قصيدة واحدة"، وربّما اختلفت مواقعُ النبر في ذات البيت، تبعاً للّهجةِ التي يُقرأ بها.
خذ مثلاً على ذلك؛ الاختلاف في عدد ومواقع النبْر، كما تحقّقَ عمليّاً، في قراءةٍ للشاعر فاروق شوشة، في برنامجه (لغتنا الجميلة)، من شعر إبراهيم ناجي حيث تشير الأسهم (^­­­­­­­) إلى أماكن وقوع النبر([i]):
وقَفَ الشبابُ فِداءَ محْرابِ الحِمى ** وتَجمّعَ الأشبالُ بينَ يديْكِ
^        ^     ^   ^       ^            ^      ^   ^   ^
فتَلَفَّتي تَجِدي عَرينَكِ عامِراً ** وتَسَمَّعي كمْ قائِلٍ لبَّيْكِ
   ^  ^         ^     ^             ^       ^    ^

([i]) د.علي يونس، نظرة جديدة في موسيقى الشعر العربي، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1993م، ص55.

4 - مارس - 2008
التنوّع الإيقاعي في أوزان الشعر العربي
 9  10  11  12  13