دمشق وصباحها المختلف.. كن أول من يقيّم
اليوم صباحاً أرسلت للأستاذ زهير رسالة عبر البريد الإلكتروني، ولشغله الكبير والشاق تأخر رده إلى ما بعد الظهر، واعتذر الأستاذ عن ذلك، على الرغم من أن مثل هذا الموقف لا يتطلب اعتذاراً إلا إذا كان الشخص بتواضع الأستاذ وسعة أخلاقه وحلمه.. تأخرت رسالته قليلاً عن الصباح وله كل العذر ومني له كل الاعتذار على إشغاله بأمور تافهة.. عنوان رسالته لم يكن مطابقاً لواقع الحال فقد كان التوقيت ظهراً (جداً)، ومن يعرف الخليج يعرف معنى أن يكون الوقت ظهراً أو بعد الظهر بقليل حيث كل شيء مشتعل، حتى أخلاق الناس. كان عنوان رسالته: (أسعد الله صباحك)، قرأتها في نحو الساعة الواحدة بعد الظهر، وخرجت فوراً بعد أن قرأت تعليقه الجميل لأتابع الركض الماراثوني خلف الرزق الذي أبدأ به صباحاً وأنتهي منه ليلاً، خرجت وإذا بوهج حار يلفعني ويلفني، قلت في نفسي: وهل يوجد صباح هنا؟!.. كلمة (السعد) تنطبق عليَّ وأعيش بها عندما أرى كلمات الأستاذ زهير أو عندما تصلني رسالة منه، لكن (الصباح) في الرياض أفتقده بشدة، أبحث عنه ولا أجده، ربما هذه الكلمة ارتبطت عندي بصباحات دمشق الساحرة، لذلك كان الفقد كبيراً، وهو فقد لا يحس به إلا من عاش صباحات دمشق. كم أحب صباحاتها، بل كم أحبها هي، وكم كنت أكره السهر ليلاً كي أستيقظ لأرى الصباح عند ولادته، افتقدت ذلك هنا، أستيقظ على صباح لا يطاق، ولا أسمع فيه زقزقة العصافير أبداً مع أن الأشجار موجودة لكنها ليست كالأشجار التي أعرفها، حتى العصافير أبت أن تعيش هنا، هاجرت إلى حيث حريتها ونحن هاجرنا إلى حيث سجننا، نحن رضخنا على رغم قوتنا، وهي أبت على رغم ضعفها.. هذا هو الفرق بين الصباحين.. وهناك فرق آخر كبير وكبير جداً.. إنه وجه أمي.. أستيقظ كل يوم هنا فلا أرى وجهها.. أليس ذلك كافياً لأن يصاب المرء بالاكتئاب؟.. |