العدوان..والسنيورة..وأشياء أخرى.. كن أول من يقيّم
الطائرات الإسرائيلية، الأمريكية الصنع ، أصابها السـعار فانطلقت تلقي بحممها و قنابلها في كل مكان.. الجنود الإسرائيليون تركوا الخط الأزرق وراءهم و دخلوا الأراضي اللبنانية راجلين ، مثل جيوش القرون الوسطى ، تسبقهم دبابات الميركافا والجرافات ، تماما كما أخبرنا محمود درويش ذات حصار.. بصدد الأساطيرالتي ترفض تعديل حبكتها ، والتي كلما وجدت واقعا لايلائمها عدلته بجرافة......... مدارس بيروت وسائر مدن وقرى الشمال اللبناني فتحت أبوابها قبل الدخول المدرسي لتستقبل أطفال الجنوب المرفوقين بأوليائهم . مع بعض فضائياتنا العربية عرفنا أن العالم أوسع من قرانا ومن مدننا ...وأن جحيم لبنان تحول إلى دراما متسلسلة من نمط -تلفزيون الواقع - تتحرك فصولها بضغطة زر واحدة على ال-ريموت كونترول- فتاة مرمية بين الأنقاض ..رجل يبكي أمام منزله المهدم..عجوز مغمضة العينين في سرير طارئ في مدرسة..أم ترضع طفلها في ملجأ... الكاميرا تلتقط تفاصيل الموت و الدمار...فيما مفردة -عاجل -المرسومة بين لحظة وأخرى عبر شاشات الفضائيات صارت نذيـر شـؤم.. بعد فلسطين و العراق تعرفنا تعرفنا على جغرافية لبنان و طوائفه ، وحفظنا عن ظهر قلب حكاية مزارع شبعا..عبر قانا والقاع والشياح والغازية ..صرنا نعرف كل قرية ومدينة من لبنان : صور وصيدا وبعلبك ..الضاحية الجنوبية وطرابلس ..الناقورة ، مروحين ، بنت جبيل ، مارون الرأس ،عيترون... ولأن الحرب مواجهة وصراع ، فقد تتبعنا حكاية صواريخ الكاتيوشا وخيبر ورعد..مع مستوطنات ومدن عكا وحيفا وكفر كلا وكفر بالوم وكريات شمونة وصفد وغيرها.................... شعوب المنطقة والعالم لم تتأخر في ردة فعلها ، فخرجت تسابق بعضها منددة بالعدوان ، ومطالبة بتحقيق العدالة ... بعض الفضائيات ضحت بسهرات الرقص والغناء وفتحت الخط مع مراسليها الموجودين على خطوط المواجهة والنار . فضائيات أخرى بدت وكأنها لاتعلم شيئا عن النار المشتعلة بالقرب منها ... تهدمت البيوت وأزهقت أرواح الأطفال والنساء والرجال،،فانطلقت الأغاني الوطنية من حناجر مبدعيها...وين الملايــين.. أحمد العربي...أناديكم.. وصامدون هنا ..وبيروت..ست الدنيا.. الشعراء تذكروا قصائدهم وأسماءهم وأصواتهم..فهل يصلح الشعر ما أفسد الدهر فينا .... وجنكيز خان وأحفاده العائدون إلى النهــر،،في مثل هذا الواقع يصير الشاعر مطالبا بأن يخفف عن النائمين طنين الصدى،،دون أن ننسى ذلك اشاعر الجاهلي الذي نطق ذات مرارة مدافعا عن صمته ،قائلا: لو أن قومي أنطقتني رماحهم نطقت ولكن الرماح أجـرت...... نبيه بري راكم الكبرياء ولفت إليه الانتباه..فصاحة في الكلام ونبل في المواقف وعزة في النفس جعلته في لحظات يتحول من سياسي إلى شاعر : -أما آن للبنان أن يترجل عن صليبه ? صارت الكاميرا لاتترك شيئا إلا ووثقته حتى بكاء السنيورة ، بكاء شدد خلاله على أن عروبة لبنان غير مشروطة وليست بالإرغام وأنها عروبة الاختيار والانتماء و الالتزام.. بكاء السنيورة كان صافيا وصادقا وناقلا للهم اللبناني ، لأجل ذلك سيدخل ذاكرة تاريخ العرب والعالم.. جمال الغيطاني لخص لألم الكتاب العرب فقال ..ما من مثقف أو مبدع عربي إلا وبيروت لهافضل عليه ومنة... جمانة حداد : ...كنت كلما سألتني المعلمة في المدرسة -من أين أنت ? وأجبت من يارون- أحنق لأنها تبادرني بتعجب : يارون ? أين يارون هذه.??... كنت أنقل حسرتي إلى جدي ، كان يعاتبني ويقول بكبرياء :عليك أن تشعري بالفخر لأنك من يارون . -اطمئن ياجدي ، من زمان لم أعد أغار من بنات البلدات الأخــرى..أما يارونك الحبيبة فقد صارت شهيرة الآن ، والألسن كلها تلهج بها . ولكن ،أسمعك تشهق علياء غيمتك ، بأي ثمـن ? بأي ثمن ?????????????????????? ***عن جربدة الصحراء المغربية 12/8 /2006 للكاتب ..عبد الكبير الميناوي. -مع بعض التصرف.- في العنوان والاختصار.. |