قصة البحر المنسرح ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
وسوف ألخص هنا قصة البحر المنسرح لأصدقاء الوراق، متمنيا عليهم أيضا أن يدلوا بدلوهم في تقديم هذا البحر للناشئة بالإيقاع الذي يناسب مكانته:
سمي البحر المنسرح فيما يقال، لانسراح عدَّة بحور منه كما سيأتي .
وتفعيلته المستعملة :
مستفعلن مفعولاتُ مُفْتَعلن |
|
مستفعلن مفعولاتُ مُفْتَعلن |
والأرجح أنه مجتث أضيفت إليه ( مفتعلن ) في آخر كل شطر منه
ومن ذلك قول الشاب الظريف
فضحت جيد الغزال |
|
وفـقـتـه iiبالدلال |
فضحت جيد الغزال بالجَيَدِ |
|
وفـقـتَـهُ بالدلال iiوالغيد |
قال في العيون الفاخرة الغامزة على خبايا الرامزة ص 71 ( ولا يأتي المنسرح
إلا مطوياً ) والطي حذف الساكن الرابع من "مستفعلن " فتصبح (مُفْتَعلن).
وانظر ( إحياء العروض ) للتنوخي (ص192 و199)
وقد نبه لذلك أبو العلاء وشبهه بالختان، فقال في ختان غلمان عزيز الدولة : ( وتحدثت العامة أن السلطان أطال الله بقاءه أمر بتطهير الغلمان لأن مثلهم مثل أوزان من الشعر لا يحسن استعمالها حتى يحذف منهاشيءٌ ، مثل الأول من المنسرح كقول القائل :
أصبحت لا أحمل السلاح ولا |
|
أمـلك رأس البعير إن iiنفرا |
فهذا قد حذف من آخره شيء ، لو ترك على أصله لم يحسن
والذي حذف منه رابعُ السباعي الأخير (أي الفاء من مستفعلن)
إلا أن الشيخ جلال حنفي في كتابه ( العروض وتهذيبه ) أورد أمثلة جاء فيها المنسرح غير مطويٍّ وأشار إلى ندرة ذلك وأحصى أنواع المنسرح وأوصلها إلى أحد عشر قسماً، وفق اختلاف الأعاريض والضروب، منها المنسرح الخامس ،ومن أحواله: ( مفاعلن مفعلات فع لن )
قال 471 (وهو ما أطلق عليه العروضيون لقب مخلع البسيط كما أطلقوا عليه لقب المكبول والوجيز وقال الحفناوي في حواشيه : وقد أولع به المولدون كثيراً لعذوبته وسلاسته . قال :ولكنا نراه من المنسرح وإن صلته بالمنسرح ظاهرة الوضوح
إلى أن قال : ونريد بالمخلع هذا النمط من الوزن لا غير أما النمط الآخر فقد أبقيناه على تسميته وانتسابه وهو ما مثل له العروضيون بالبيت التالي
مـا هيج للشوق من iiأطلال |
|
أضحت قفاراً كوحي الواحي |
قال الدكتور صبري إبراهيم السيد في كتابه ( أصول النغم ) ص 233
:ونغمته ( تم تم ت تم / تم تم تم ت / تم تم ت تم )
وعروضه ( تم ت ت تم ) أو ( تم تم تم )
قال : ومن صوره ( مستفعلن مفعولاتُ ) ومثاله
يا بنت خير الجيران |
|
بدلت فرحي iiأحزان | والبيت: ( صبراً بني عبد الدار )
والبيت:
إن التي أهواها |
|
شاركتها iiدنياها |
قال : ومنه قول أحمد شوقي
إيزيس ذات الحجاب |
|
مـالـكـة iiالعالمين |
شعبك لاقى iiالعذاب |
|
مـن عبث iiالظالمين |
أقول: وهو الأصل لطائفة من البحور والمجازيء تفرعت عنه واشتقت منه بالاقتضاب والاجتثاث والاجتزاء فلا يميزه عن أحذ الكامل في كثير من وجوهه إلا حركة واحدة تضاف إلى سبب تفعيلة الأحذ الثانية ومثال ذلك أن تضيف ألفاً إلى النون في كلمة = قاسيون = في الأغنية الدمشقية: ( من قاسيون تطلُّ يا وطني )
فإذا خبلت مفعولات = أي حذف منها الحرف الثاني والرابع = كما سيأتي أصبح المنسرح والأحذ بحراً واحداً
ومن أشبه المنسرح بالأحذ قول الطالوي وهو من المنسرح
مولاي يا قاضي القضاة ومن |
|
بـالعلم والحلم طاب iiمحتده | فإذا لم يحرك الياء في " القاضي " كان صدره من الأحذ
وقول علي الغراب الصفاقسي
يا ويح أهل صفاقس عزلوا |
|
إمـامـهم ورموه iiبالخبثِ |
وقـدمـوا لـصلاتهم حدثاً |
|
فهل الصلاة تجوز iiبالحدثِ | كذا ورد البيتان في الأصل ، والصواب في الشطر الأخير أنه
( وهل تجوز الصلاة بالحدث ) وأن البيتين من المنسرح
وهو لا يختلف عن مخلع البسيط إلا بزيادة الوتد المجموع = أي حركتان يليهما ساكن = في آخره
مما جعل الكثير من العروضيين يذهبون إلى تسمية مخلع البسيط بمجزوء المنسرح
ويمكن ملاحظة هذا التداخل بينهما في البيت التالي
كـأنما ورد وجنتيه iiعلى |
|
قضيب بانٍ من فوقه قمرٌ |
كـأنـما ورد iiوجنتيه |
|
قضيب بانٍ من فوقه قَ |
قال جلال ص 449 والمظنون لدينا أن المنسرح منبثق من الكامل وإذ كان ذلك كذلك أطلق عليه لقب الكامل المنسرح ثم انفرد بلقبه الذي صار اسماً له فقيل المنسرح . فإن قوة العلاقة بين المنسرح والكامل ظاهرة كل الظهور.
فمن الكامل ما يمكن عده من المنسرح دون زيادة أو نقصان ، ومن ذلك:
ما يستبين سرور صاحبها |
|
حـتى يعود سروره حزنا | وسبب ذلك خبل " مفعولات " والخبل حذف الثاني والرابع منها لتصبح " فعلات "
وقال في صدد حديثه عن سبب تسمية الخفيف ص 245
( والذي يميل إليه الحس أن الخفيف من بعض مشتقات المنسرح فلعله قيل فيه المنسرح الخفيف كما قيل المنسرح البسيط ثمَّ استقرت تسميته على الصفة التي وصف بها )
وقال في تعريفه بالبحر البسيط : ( وأصل هذا البحر هو المنسرح فإنه حين خفت
عنه بعض أثقاله النثرية سهل النظم فيه واستجاب للإيقاع المنطلق فقيل " المنسرح
البسيط " ثمَّ أطلقت هذه الصفة على وزن مستقل بنفسه وهيئته المتميزة بثماني
تفاعيل خلافاً للأصل " أي المنسرح " الذي هو سداسي التفاعيل
ولا تزال هناك بقايا علاقات ووشائج بين البحرين منها أن ما سمي بمخلع البسيط أقوى صلة بالمنسرح منه بالبسيط ، كما أن المجتث يخرج من المنسرح ومن البسيط على حد سواء ).
ويضاف إلى ذلك خروج المقتضب من صلب المنسرح فإنما سمي مقتضباً لأنه اقتضب منه
ومع ذلك فقد عزف المتأخرون عن المنسرح فلا تكاد ترى لهم فيه إلا ما يعد على الأصابع وربما كان سبب ذلك ضياع لحنه وإعراض أصحاب الغناء عنه واختلاف المدارس العروضية في تحديد أسبابه وأوتاده كما سيأتي معنا
فمن أصل 1298 شاعراً لم نعثر في الموسوعة على المنسرح إلا عند 307 شعراء ، منهم 118 شاعراً ليس للواحد منهم سوى قصيدة واحدة من المنسرح ، يأتي في مقدمتهم ابن الرومي وله 119 قصيدة ثم ابن نباتة وله 84 قصيدة ثم أبو نواس وله 75 قصيدة هي أجمل ما وصلنا من المنسرح. = تتمة البحث في البطاقة التالية=
|