مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : نهر العذاب "قصيدة من نظمي"    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 مروة 
3 - سبتمبر - 2005

نهر العذاب

الكامل

أبكي و مـا  من سـامعٍ  لبـكائي                 أو منـصـتٍ لشكـايتي و عنائي

أو مشفقٍ و الجسـم  بــات كأنه         مُتَـجَـمـَّـعَ الأرزاء و الأدْواءِ

ماذا وجـدتُ عـدا  بديلاً محـرقًا          عن مهجتي عن  غربتي الـسوداءِ?

منـفىً بأرضٍ أسْتَطـيبُ بعـشقها          منـفىً بلا قمـرٍ  و لا أضـواءِ!

اعتـدت أن  أبقى وحيـدًا   باكيًا          أو شاكـيًا أو عاشِـقًـا للـداءِ

دائي عظــيمٌ و الـدواء مُحَـرَّمٌ          و بلاء سـقمي قد  برى  أعضائي

يَرْفَضُّ في جسـدي و ينْخُرُ ما بقى           من هيـكلي المُتهـالك الأجـزاءِ

و خناجر الشـوق اللعين تمـددت          في أضلعي..واسـتعذبت إِدْمـائي

ألمٌ على ألـم الفِــراق و عَـبْرَةٌ          تضني الفـؤاد و تسْتَلِذُّ عـنـائي

نارٌ على النـيران  توقـد من دمي           و تهيج في روحي و في  أحشـائي

عـودي لقد أضوى الفـُؤادَ تَغَرُّبي           عن أعيـنٍ أنـوارهـنَّ  غـذائي

عـودي فأنت صـديقتي و حبيبتي          و سراج قـافيتي  و روح  إبـائي

لو أبصروا الأشواق تنهش في الجوى          لَـدَرَوْا بأن  المُسْتَـحيل شفـائي

ما الـداءُ إلا أنت يا  ألـق الدنـا           و الآه أنـت و أنـت خير  دواءِ

في سحـرك القَـمَـريِّ إنّي ذائبٌ          و مُتَيَّـمٌ بعبـــيرك  الوَضّـاءِ

و مُسَـهَّدٌ أنّى ذكرتـك مُتْعـَبٌ           مُتـَوَجِّـعٌ مُتَـلـَهِّفٌ للـقـاءِ

روحي تَرَنَّـحُ في هـواك و لم تزلْ           في القلب تهصر مـهجتي   أدوائي

لو طَبَّبـوا قلـبي بـذكرِ حبـيبتي          ما ازدادتِ الأوجـاعُ غير نَمـاءِ

ما  للصبـابـة مـن دواءٍ نافـعٍ           إلا المنيَّـة و هي خـيرُ رجــاءِ

لو كـان داءً واحـدًا لقـهـرته           لكـن حُبَّـكِ معـقـلُ  الأدواءِ

في غربتـين..يُحَـدُّ عمـرٌ ضائعٌ            و تـذوب أفئِــدةٌ  بغير لقـاءِ

في غربتين تضيـع أحـلامٌ و تكـ           بُرُ قصَّـةُ الأوهـام في أحشـائي

ما في الكنـانة للـفـؤاد حبـيبةٌ           تُطْفي لهيب  عـواطفي الهـوجاءِ

ما في الكنـانة غير نار صـبابـةٍ            و سماء أوجـاعٍ  و أرض جفـاءِ

غَنَّتْ علـى وَتَري المـآسي كلها            حتى تقـطـَّعَ من أنـين غنـائي

و تراقـصت في مقلتيَّ مواجـعي            غرقـانـة  في صـبوة الشعـراءِ

لملمت كل مواجعي و هربت  من             شوقي و آثرت العـذاب لـوائي

فوجدت في أرض الكنانة موعدي             مع كـل نـارٍ  مَزَّقت أشـلائي

و شـواطِئٍ جَرَّت إليَّ مـواجعي            و جـلامـدٍ أشْفَـقْنَ من إعيائي

يا للغريب إذا رمَتْـٌه يَـدُ  النّوى            تسقيه من كأس الردى السـوداءِ

تنفيه من قلـب  الحـبيب لموطنٍ             مـا فيه  غير  تغـرُّبٍ و شـقاءِ

لم أسألِ الكـونَ  المُحالَ  و  إنَّما             سـاءلت  دمعي  أن يرد بكـائي

و يُطَبِّبَ  القلب المعَذَّبَ  بعدمـا             أفنـيت بحثًا عنك كـل دمـائي

أما  الكنانـة  فهْي جـنة  عاشقٍ            تسمو على الأوصـافِ و الأسماءِ

لكنهـا نهر العـذاب لمـهـجتي            سجنٌ..يُذَكِّـرني الحبـيبَ النّائي

إني أتيتـكِ و الفــؤاد متـيَّمٌ              بِيَدٍ تكـون من العيـاء شفـائي

ومددت جسر الود كي أطأ الثرى            متبسِّـمًا.. من بعد طـول بكائي

و حملت رسمك بعد رسـم حبيبتي            و جعـلت للقـلب الكريم ولائي

أَوَ أستجـير بموطني   من غـربتي            فتكون نـار المبعَـدين جـزائي?!

يا مصـر إني قد أتيـتك راعفـًا            ضمّي فـؤادي.. لملمي أشـلائي

إني قضيت مدى  الزمـان  مُعَذَّبًا             بـين الأسى و مـرارة  الغـرباءِ

بحثًا عن  القلب الذي  منه ارتوت            روحي،و سالت من دمـاه دمائي

بين الحـنـين لموطـنٍ لم يـأْوِني             و حبيبةٍِ أعْطـت  بكـلِّ وفـاءِ

ذاك العـذاب بصبوتي و تَغَـرُّبي             فالحـب يبقى مِـلَّةَ الضعـفـاءِ

 

أتمنى أن تنال إعجابكم



*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
ما هذا يا أخي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
قرأت هذه القصيدة قراءة سريعة قبل نشرها، وحسبت أنها من تاليف فتاة، ثم تبين لي من مراجعة القصيدة أنها من تاليف شاب في أوائل العقد الثالث من العمر، وأرجو أن أكون مصيبا في هذا التقدير، وعواطف القصيدة ليس فيها ما له أي صلة بعواطف المرأة، لذلك أعتذر من صاحب القصيدة بأني وجهت له سؤالا، في هذا المجلس، حول إيقاع البحر المنسرح، وخاطبته على أنه (امرأة) لأني حسبت أن اسمه (مروة) بسكون الراء، وربما كان (مروّة) مثل كامل مروّة. لذلك أرجو من كاتب القصيدة أن يفصح لنا عن هويته ?
*زهير
20 - سبتمبر - 2005
تعقيب على جواب    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

أشكر لك تقبل ملاحظتي بصدر رحب، وأريد أن أعفيك هنا من الجواب على البحر المنسرح، لأنه سؤال يلزم الخوض في الجواب عليه تجربة شعرية لا تقل عن عشرين عاما، وأتساءل هنا كيف  فهمت من قولي (في أوائل العقد الثالث) أنك في الثلاثين من العمر ? إن هذه الجملة تعني أنك في الواحدة والعشرين من العمر، أو في الثانية والعشرين. قصيدتك جميلة ورصينة، ولكن تنقصها مفردات الأنوثة، فلم يعد يستساغ اليوم أن تتحدث الفتاة عن نفسها بصيغة المذكر، كقولك:

منفىً بأرضٍ أسْتَطيبُ بعشقها مـنفىً بلا قمرٍ و لا iiأضواءِ!
اعـتدت أن أبقى وحيدًا باكيًا أو  شـاكـيًا أو عاشِقًا iiللداءِ
أتمنى أن تحاولي تعديل مفردات الذكورة في القصيدة لتصبح واحدة من قصائد العرب الخالدة، فأنت أول من طرق هذا الموضوع من شاعرات العرب. ولا أخفيك أن استعمال مفردات التأنيث في البحر الكامل طريق وعر. وأذكر هنا أن إحدى صديقاتي طلبت مني قصيدة على لسانها في رثاء أبيها، فلما أعطيتها القصيدة نظرت فيها مليا ثم رأيت علائم الإنكار تغزو عينيها، والتفتت إلي تسألني: كيف تريدني أن ألقي مثل هذه القصيدة وأنت قد كتبتها على لسان رجل، أم هل نسيت أني امرأة ?.. وكان لها كل الحق في ذلك.

*زهير
24 - سبتمبر - 2005

 
   أضف تعليقك