| إلى الباحث عن سيبويه ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم الأسماء التي ذكرتها كانت ثقافتها شاملة فلم يعرف هؤلاء ما نسميه اليوم : التخصص ، وحيث كانت روافد الثقافة في عهد هؤلاء تكاد تكون محصورة فيما يروى من أدب العرب إلى جانب أصول الشريعة ( القرآن والسنة ) فقد ظهر النبوغ وظهر النابغون في علم العربية . أما وقد اتسعت العلوم وتشابكت - وخصوصا في عصرنا - فاحتاج المشتغلون بالعلم تضييق دائرة البحث حتى وقفوا عند حد التخصص الدقيق في مسائل العلم الواحد ناهيك عن علمين أو ثلاثة ، فكان المأمول ممن تخصص في باب من علم ما أن يحرز فيه ما لا يبلغه صاحب العلم الشمولي ، ولكن المشاهد أن الضعف باد وملموس في كثير من أعمال المتخصصين وخير شاهد على ذلك ما نسمعه أثناء مناقشات الرسائل العلمية وما نقرأه في أعمال المحققين لنص قديم وما نسمعه من الأساتذة الكبار في محاضراتهم العامة أو في قاعات الدرس فهذا الجو المريض لا يمكن أن ينبت فيه إلا نبات من الضعف بمكان . والذي نراه أحيانا من اجتهاد قلة من أبناء العربية وتفوقهم لا يبلغ بهم عشر معشار ما عند الخليل أو عند سيبويه لأننا نطلب العلم لشهادة ومنصب ونقف عند فاصلة من طريقنا إلى المعرفة فلا نبلغ المنتهى بحال ، ولقد سمعت أستاذنا الشيخ الجليل عطية الصوالحي - رحمه الله - يقول لطالب بعد الانتهاء من مناقشة رسالته في ( الدكتورية ) "" يا بني لا تظن أننا شهدنا لك بالعلم و لكننا شهدنا بأنك تفهم مسائل من العلم "" ، ومع علم الشيخ الجليل وتبحره في علوم العربية فكم أقر بأنه إلى ساعة ما من عمره لم يفهم مغزى عبارة أو بيت شعر أو أسلوب أو غير ذلك يعلن ذلك بصوت مرتفع . قد تحسبون أن ذلك من تواضع الشيخ أمام طلابه ليعلمهم أدب العلماء ، ولكنه يقسم أحيانا أن هذه المعلومة أفادها من بعض طلابه . فانظر يا أخي هذا رمز كبير من رموز علمائنا ويقضي عمره في التحصيل ثم لا يبلغ مبلغ الإمام ثعلب - مثلا - وأنا لا أقول ذلك يأسا ولا قنوطا ولكني أصف حال العلم في معاهد العلم ، ولن يظهر علم نابغ كالذين ذكرتهم إلا إذا توافرت عوامل المعرفة التي نشأ فيها أولائك الأفذاذ ، وليس على الله بمستنكر أن يجمع العلم في واحد . | *منصور مهران | 1 - أغسطس - 2005 |