المرأة فارسة الحدس
هل الإيماءات والحركات الجسدية فطرية أم مكتسبة?
ازداد اهتمام العلوم الإنسانية في نهاية القرن العشرين بحركات الناس وإشاراتهم الجسدية وتفسيراتها، فنشأ علم الحركة الذي رصد بروح ملاحظة قوية يقظة أدق هذه الحركات وأبسطها، وراقب علماء الحركة الناس في كل مكان وزمان، وحاولوا إماطة اللثام عن معاني الرموز المستترة وراء حركاتهم،
لكن، إذا كان الباحثون يتعاملون يومياً مع هذا العلم، فإن الجمهور الواسع يجهل حتى مجرد وجوده.
تاريخ علم الحركة وجيز، ظهرت حوله بعض المقالات، وألف "يوليوس فاست" سنة 1970م كتاباً كاملاً عن لغة الجسد، أثار اهتمام الناس في حينه، فعندما نقول أن الجمهور الواسع لم يسمع مطلقا بعلم الحركة، فإن هذا لا يعني أبداً أنه لم يتذوق قط لغة الجسد، بل لقد تذوقها من خلال السينما الصامتة، ففي فيلم (السنوات المجنونة) "لشارلي شابلن" ورفاقه العظام، كانت لغة الجسد اللغة الوحيدة التي تعرفها الجمهور، إذا عرف الممثل أسرارها أصبح نجماً، وإذا جهلها ظل عاطلاً عن العمل.
ولكن فقدت الحركة أهميتها حين دخلت السينما المرحلة الناطقة، من عجز عن الكلام من نجومها هوى، ولم تعد السينما تقبل إلا الممثل الذي يجمع بين الحركة والكلمة.
اهتم "تشارلز داروين" بالرموز الحركية قبل القرن العشرين، فألف كتابه (التعبير عن المشاعر عند الأنسان والحيوان) سنة 1872 م، ولا يزال هذا العمل في أيامنا مرجعاً نفسياً بالنسبة لعدد كبير من العلماء، وقامت دراسات مختلفى بفهرسة أكثر من مليون رمز وإشارة جسدية إلى الأن.
فيؤكد البرفسور "بيروستل" قابلية الكلمات والحركات الموافقة للتخمين إلى حد أننا نستطيع التنبؤ بحركات شخص لمجرد سماع نبة صوته، والعكس صحيح.
ومن المثير للدهشة أننا نادرا ما ندرك ونعي حركاتنا ووضعياتنا! قل لأحدهم أن جسده يكذب ما يؤكده فمه وسوف تراه يضطرب.
لا شك أن المرأة فارسة الحدس، ألا يتكلمون عن الحدس الأنثوي كما لو أن الكلمتين لا تفترقان! من يعرف أقضل منها كيف يرى التفاصيل الصغيرة... فقليل من الرجال ينجحون في إيهام زوجاتهم بأكاذيبهم، وهن يعرفن كيفية تدبير أمورهن لاكتشاف الحقيقة.
يتضاعف حدس المرأة عشر مرات عندما يكون لديها أطفال، إذ أن الإنتباه الذي تخصصه لهذه المخلوقات في سن تكون اللغة الجسدية هي الوحيدة التي يستطيعون فهمها وتأديتها (على الأقل أثناء أول سنتين من عمرهم) يطور حدسها بشكل يثير العجب.
إذاً لاعجب حين نرى المرأة تلقى نجاحاً كبيراً في المجالات العلمية.
هل الإيماءات والحركات الجسدية فطرية أم مكتسبة?
أجريت تجارب لعميان منذ ولادتهم فتبين عجزهم عن تعلم الإشارات الحركية وتقليدها ولوحظ السلوك غير اللغوي لشعوب مختلفة في أرجاء العالم، فأكدت نتائح الملاحظات والتجارب أن الحركات الحسدية والإيماءات تنقسم حسب أحوالها إلى فطرية ومكتسبة.
بعد ملاحظة الأطفال العميان برهن العالم الألماني "ايبل ايبسفلت" الخاصية الفطرية للإبتسامة، وتبين كل من "ايكمان، فزيزن، وسورين" من جهتمهم نظريات "داروين" حول الحركات الفطرية، بعد ملاحظتهم وحدة التعابير الإيمائية لأشخاص من ثقافات وأجناس متنوعة ومختلفة تماماً.
عن كتاب لغة الجسد للكاتب آلان بيز