شاعرية العقاد 4 ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
ويصف فاروق شوشه لغة هذه الابيات بأنّها بسيطة عارية من الزخرفة والبلاغة، لغة تتسم بالواقعية الشديدة والبعد عن تهاويل الرومانسية وجلجلة الكلاسيكية وصخبها، وهي اللغة التي تمثلها- كما يعتقد شوشه- صلاح عبد الصبور في قصيدته ( الحزن) إحدى قصائد ديوانه الاول( الناس في بلادي) وهو يقول: يا صاحبي إني حزين طلع الصباح فما ابتسمت، ولم يثر وجهي الصباح وخرجت من جوف المدينة أطلب الرزق المتاح فشربت شايا في الطريق ورتقت نعلي ولعبت بالنرد الموزع بين كفي والصديق قل ساعة أو ساعتين قل عشرة أو عشرتين ثم يقول ان العقاد بهذا المعنى يكون سابقا لرواد الشعر الجديد في تبني هذه اللغة الشعرية... ولا وجه للشبه أو المقارنة بين القصيدتين. عبد الصبور في هذه القصيدة ليس فقط أكثر صدقا وعفوية في التعبير عن هموم الناس، وإنما اختياره لمفردات القصيدة وتوزيعها في بناء البيت الشعري يدل على ذوق شاعر مرهف الحس موهوب، يفهم طبيعة الشعر الحديث ويحسن التصرف في مفاتيحه بقطع النظر عن الموقف من قضية هذا النوع من الشعر والخلاف المزمن في شرعيته.. صلاح عبد الصبور أقرب الى الشارع من العقاد الذي يقول بما معناه أنّه يستطيع أن يضع إصبعه على أي جزء من خارطة العالم ثم يقوم بوصفها والحديث عن جغرافيتها ومناخها وسكانها.. وشتان بين من يعيش الواقع، وبين من يصفه على الورق! واذا كانت لغة العقاد في هذه الأبيات كما قال عنها فاروق شوشه بسيطه وعارية من الزخرفة والبلاغة، فإنّها أيضا عارية من ثوب الشعر الأنيق. ويستغرب شوشه كيف أنّ العقاد قد اصطنع مثل هذه اللغة الشعرية في هذا الديوان وفي غيره من دواوينه الشعرية، ومع ذلك لم ينجح في تحريض الناس كما يقول على مقاربة شعره أو التعامل معه... ويقول أيضا: سيبقى العقاد الشاعر أضعاف العقاد الكاتب.. ما هو المحفوظ من شعر العقاد، حتى عند أكثر المعجبين بشعره؟ ماذا يبقى للعقاد الكاتب، لو تغلب عليه العقاد الشاعر؟! ربما مثل هذه الأبيات التي يحفظها البعض في صدقها وغنائيّتها الجميلة: أذا شيّعـوني يـــوم تقضى منيّتــي وقالــــوا أراح الله ذاك المعـذبـــا فلا تحملـوني صامتـيـن الى الثري فإنّـي أخـــاف اللـحد أن يتهـيّـبـــا وغنــوا فإن المــوت كأس شهيّــــة وما زال يحلـو أن يغنى ويشـربــا وما النعش إلا المهد مهد بني الردى فلا تحزنوا فيـــه الوليـد المغـيّبــا ولا تذكـــــروني بالبـــكاء وإنمـــــا أعيدوا على سمعي القصيد فأطربا |