مجلس : علوم القرآن

 موضوع النقاش : إضاءة    قيّم
التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )
 محمود العسكري 
28 - نوفمبر - 2010
بسم الله الرحمن الرحيم
( إضاءة )
- لا مماراة : لا مشاراة -
1- الحمد لله الذي ما جعل علينا في الدين من حرج .
والصلاة والسلام على نبيِّه المبعوث بالحنيفية السمحة ، والذي تركنا على المحجَّة البيضاء .
وعلى أصحابه المبشرين ، الداعين إلى الله على بصيرةٍ ، أما بعد :
2- فإن مما ينبغي لكل مُسْلِمٍ ومُسْلِمَةٍ معرفتَه وعلمَه ؛ معرفةً نيِّرةً بأدلَّةِ السمع ، وعلمًا مُطْمَئِنًّا بشواهد النظر ؛= هو الإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته إيمانًا صادقًا عن طبيعة الفطرة .
3- ولذا ؛ كان من المستحَبِّ كتابةُ هذه الكلمة تقديرًا لأهمية الموضوع الداعيةِ إلى الكلام عنه ، والداعيةِ أيضًا : إلى عدم الإكثار من هذا الكلام = إيلاءً لما يجب لهذا الموضوع من وقارٍ واحترامٍ، فمن شأن الكلام الكثير : أن يكون مَغْلَطةً للفهم ، مَقْطَعةً للْوُدِّ .
4- قال الله تعالى في سورة الشورى : (( ليس كمثله شَيْءٌ وهو السميع البصير )) ، هذه الآية الكريمة تبيانٌ وفرقانٌ في حقيقة الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته ، فقد أثبت الله تعالى في هذه الآية الكريمة اسمين من أسمائه الحسنى ؛ هما اسمي : (السميع) و(البصير) ، المتضمِّنان لصفتي : (السمع) و(البصر) ، ونفى - عزَّ وجلَّ - في الآية ذاتها : مشابهةَ أيِّ شيْءٍ لله .
وعلى هذا القياس في ضوء الآية الكريمة : ينبغي أن يفهم المسلم والمسلمة كُلَّ ما يَمُرُّ بهما من آيات الصفات وأحاديثها ؛ بإثباتها لله تعالى ، لائقةً بجلاله، مفهومةً على الظاهر من معناها اللغويِّ، موكولةً إلى الله حقائقُها المنطوية التي حجبها عنا ، وقصر معرفتنا دونها .
5- وهذا التسليم والانقياد بكل ما فيه من رِضًا واطمِئْنانٍ ، ومن راحةٍ وأمانٍ = هو الغاية التي لا مناص عن الصيرورة إليها بعد الاجتهاد والإجهاد في أيِّ مطافٍ .
إن هذا التسليم والرضا لَهُو مبدأٌ جميلٌ من يُسْرِ الإسلام وسماحته ، ولقد جاء في الأثر النبويِّ :  ((إن هذا الدينَ يُسْرٌ، ولن يُشَادَّ الدين أحدٌ إلا غلبه، فسدِّدُوا وقاربوا وأبشروا))، أما أن يُكَلِّفَ الإنسانُ نفسَه ما لم يُكَلِّفْه الله به ، ولم يجعله في طوق مقدرته - مثلثة الدال - ؛= فهذا عنتٌ وتضييقٌ ، وقد نهى الله الإنسان عن ذلك-فقال تعالى في سورة الإسراء : (( ولا تقف ما ليس لك به عِلْمٌ إن السمع والبصر والفؤاد كُلُّ أولئك كان عنه مسؤولاً )) .
إن هذا المبدأ الجميل لهو مشرعٌ عَذْبٌ صافٍ لكُلِّ من أراد لفطرته القويمة أن ترتوي منه ارتواءً لا عُطاش معه ، ومن الخير أن يظلَّ هذا المشرع الصافي بعيدًا عن كدورة التعقيد ، وملوحة التأويل .
6- قد يكون في سياق آيةٍ أو حديثٍ ما يقتضي أن يُصْرَف اللفظ عن الحقيقة إلى المجاز صرفًا واجبًا ؛ كقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( اللهم أنت عضدي ونصيري ، بك أصاول وبك أحاول وبك أقاتل )) ، فلفظة عضدي مصروفةٌ إلى المجاز صرفًا واجبًا بدلالة السياق الواضحة التي لا تأويل فيها .
أما ما عدا ذلك من الآي والأحاديث ؛ فلا حجة ناهضة للمتأوِّل فيها إلا أن يَعْتَسِفَ ويتمحَّل ، ووراءك - بنعمة الله - أوسع .
7- إن المتدبِّرَ في التاريخ حَقَّ التدبُّر: ليعلم عِلْمًا ليس بالظن، وليوقن يقينًا لا يساوره الشك؛= أن أمة الإسلام لم تَضْعُفْ بِشَيْءٍ مثلما ضعفت بالرؤوس الناتئة من الفتن الناجمة في العقيدة .
[ فَتَصَدَّعَتْ مِن يَوْمِ ذَاكَ عَصَاهُمُ و - شُقَقًا ، وَأَصْبَحَ سَيْفُهُم مَّفْلُولا ]
8- ومن نصح لنفسه ، وأشفق عليها ، والتفت إلى قلبه فعمره بالتقوى ، وإلى جوارحه فحجزها عن الرِّيَب والشُّبَه ، وإلى لسانه فعقله عن قالة السوء والخوض فيما لا يعنيه ، وإلى ماله فثمَّره بالعمل الحلال وطهَّره بالزكاة ؛= كان سعيدًا مغتبطًا بهذه القناعة من اليسر والسماحة والبشاشة في الإسلام .
[ بُنَيَّ ! ؛ إِنَّ الْبِرَّ شَيْءٌ هَيِّنُ : - اَلْمَنْطِقُ اللَّيِّنُ ، وَالطُّعَيِّمُ ]
9- بقي تطريفٌ أخيرٌ لهذه الكلمة : إن من سعة رحمة الله ، ومن يسر الإسلام وسماحته ؛= أَنْ مَنَحَ المخطئ في اجتهاده لإصابة الحق في أمرٍ من أمور الدين : أجرًا واحدًا ، تقديرًا لنَبَالة قَصْدِه وسناءِ مطلوبه ، ومنح المصيب : أجرين ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .
نعم لا يُوَافَق المخطئ ، بل قد يُقَاتل الباغي ، ولكن البغي هنا ليس بالوصف المذموم - كما يُعْلَم من مطالعة كتب الفقه ؛= نَظَرًا لكونه مُتَأوِّلاً .
[ أَقُولُ لِلنَّفْسِ تَأْسَاءً وَتَعْزِيَةً : - إِحْدَى يَدَيَّ أَصَابَتْنِي ، وَلَمْ تُرِدِ ! ]
10- ولذلك ؛ فإن المسلم والمسلمة لا يذكران سلف الأمة إلا بكُلِّ خيرٍ ، سواءٌ مخطئهم ومصيبهم ، ويعمُّون الجميعَ بالترحُّم والاستغفار والترضِّي .
وهما في ذلك يمتثلان قول الله عز وجل في سورة الحشر : (( والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غِلاًّ للذين آمنوا ربنا إنك رؤوفٌ رحيمٌ )) .
[ تَمَّتْ ]


*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
أدب الخلاف    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
- هذه كلمةٌ بينها وبين الكلمة السابقة مشاكهةٌُ ومشابهةٌ ، كانت تقديـمًا لبَحْثٍ من الأبحاث .
بسم اللـه الرحمن الرحيم
قال تعالى : (  ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ
 وَجَادِلْهُمْ بِالَّتي هِيَ أَحْسَنُ )
هذا تقديم بين يدي بحث : ( ... ) = عن أدب الخلاف في المسائل الاجتهادية ؛ تبصرةً وتذكرةً بالجادَّة الحميدة التي ينبغي أن تستتبَّ عليها الخطى لطالب العلم ومريد الحق على سواءٍ .
فإن مما دَمِيَ له قلب الإنصاف هذه الناجمة تكدَّرت فيها موداتٌ وتفرَّقت كلمةٌ كان في ائتلافها خير ٌ = بين أجلاء نعرف لهم في العلم والفضل أقدارهم ، فلسنا نزيدهم علمًا أو نفيدهم فضيلةً ؛ وإنما هي النصيحة لنا ولهم في جمحات الهوى المستعاذِ بالله منه ، فإنه متى ملك من القلب عِنانًا كان حِجازًا عن التوفيق .
لقد كانت بهجةً لمهجة الدين والعلم أن أذن الله بحميد العود إلى ينابيع السنة المطهرة ، وآثار السلف الصالح ، فانتعشت أكباد وحييت قلوب ، بعد عنتٍ من التقليد وأليمٍ من صَفَدِه ، أليس من جفاء النعمة أن لا يفيق أقوامٌ من عقابيل الهوى - وقد أخرجهم الله إلى سَعَةٍ ونورٍ ؟! ، ثم أليس من فِتنة النعمة أن يأخذ سَمْتَ العلماءِ أدعياءُ نفَّاجون - وليتهم بعافيةٍ من التواضع  يستترون !  ، ولإن كان العلماء من قبل تأثَّموا حرجًا وورعًا ليس في دين الله لِما ارتضوه من رِبْقَة التقليد(1) - مع ما بلغوه من كمالات العلوم والفهوم ؛= فحريُّ ألا نتواقع نحن في نار الله فَرَاشًا ، وذلك : الجرأةُ تعالُمًا في دين الله بالتحليل والتحريم - زهوًا واغترارًا بحروفٍ من العلم ما بلغت مبلغ الفقه والبصيرة .
   ما هي الحمِيَّة لله أو الأنفة للدين أن تبيح من عرض أخيك حرامًا عند الله ودينه ! ، وما هي النصيحة تمحضها لله والأمة  أو الإخلاص في البلاغ والدعوة = أن تجعل وسيلةَ ما بينك وبين من تأمل رشده وهداه كلامًا جارحًا ولفظًا مهينًا !.
ومهما بلغ الخلاف ، ولو كان المخالف غير منصور بشيءٍ من الأدلة ؛ = فما دام له تأويله، وعلمنا أو آنَسْنا أن له من وراء ذلك القصد الحسن والغرض النزيه ، وأنه لم يعالن بخلافه  هذا على مركب التشهِّي والهوى أو المحادِّة للدين – والله العاصم – ؛=  فحرام حرام أن يُصال عليه بقبيح الأنباز ، أو أن يتهم مثله في دينه ، أو أن نفتات على الله تعالى الذي جعل للمخطئ أجرًا =  فنعاجله نحن بالعقوبة .
حتى لو بلغ المخالف بخلافه إلى البدعة ، بل لو صار من البغاة - والبغي ليس وصفًا مذمومًا كما يعلمه من عنده طرف من الفقه - فليس هذا بجرحٍ في عدالته ولا ديانته ، نعم تكشف سَوْأة بدعته ، ويقاتل بسيف بغيه ، حتى يفيء إلى الجماعة ، ولكن نعلم أنه ليس في دينه بالمغموز ، ولا في علمه بالْمُطَّرح ، فلا نهدر له مقامًا محفوظًا ، ولا نطلق فيه ألسنةً معقولةً .
وكل من حصَّل أثارة من العلم والفقه في الشريعة  يعلم هذا ، وكل من ألمَّ بطرفٍ من أخبار  الخلاف والجدل بين العلماء يعلم هذا ، وإن كان هذا الورع والتعفُّف فيما للإنكار فيه وجْهٌ وذريعة ، فما الشأن في ما ليس على المخطئين من سبيلٍ فيه لكون الخلاف محضَ اجتهاد ! - فما ثَمَّ غير الجدال بالتي أحسن ليس إلا ! .   
وإذا كان الخلاف يتعلق بقضيةٍ عامَّةٍ من النوازل - والمستفتي هنا الإمام ، فالإمام ابتداءً - شأن المقلدين جميعًا - لا يتوجه بطلب الفتوى إلا  ممن يعتقده من أهل الاجتهاد وكانت له في العلم والصلاح أمارات ظاهرة يتمايز بها عن غيره ، فإن وافق وجود جماعة من أهل الاجتهاد واختلفت آراؤهم وجنح الأكثر إلى قولٍ - كان التعويل عليه ، وإن تفرَّقت أقوالهم أخذنا بالقول الأوفق الأرفق لمصالح المسلمين .
نعم إذا كانت البادرة من المخالف أن استطال على مقامات السابقين من العلماء ، أو توجَّه إلى معاصريه بالنقد العنيف السخيف ؛= فهنا لا ينبغي أن يكون الرد عليه تشفِّيًا وتنكيلاً، وإنما يزجر زجر العظة والتأديب ، أو يهجر هجر الناشز العاصية  - حتي يثوب إليه من رشده ما عزب ، وحياءً من الله أن نحمل في بشاشة الحق صدورًا موغرةً - وقد أرادها المعروف وجوهًا طليقة .
وما سبق بيانه من أدب الخلاف ، وما فيه من رعاية حرمة العلم ، والأسوة بالرعيل الخيِّر = تمامه وكماله : أن يناظر العالم مخالفه بندية واحترام ، يناقش أدلته ، ويفند دعاويه ، ويحتجُّ لرأيه ، ويبرهن له ، ويبين وجه الحق والصواب فيه ، أما الترفُّع ترفُّع الكبرياء والزهو عن أن يناظر مخالفه ، أو يعالن بفتواه هكذا لأقرانه من العلماء غُفْلاً من الدليل والتعليل ، وكأنها الحق الذي طبَّق المفصل وهَمَز الشاكلة عنده من الله فيه عهدٌ وبرهانٌ ؛= فليس هذا بفعل المخلصين ، وأولئك ليسوا بالصالحين .
وما أعجب عجبي من أولئك الذين ينتحلون الظاهر ، ويمشقونها تَسْعَلُ في صدور أوراقهم : ( أهل الظاهر : الإسلام كما أنزله الله .. أو كما شرعه الله ) ، وما حسبت مؤمنًا يدَّعي في دين الله كهذه الدعوى المقيتة ! ، أن يحتجن من رحمة الله - فيما يلهم المؤمنين من فقهٍ وبصيرةٍ وهدًى  - لنفسه المغرورة دونهم ، ألا سَعِدَتْ بالنور بصائر عن أهون من هذا كانت تَفْرق وتَحَاشى - عزازةً لدين الله وتَجِلَّةً ! .


(1) على أن التقليد كان غالبًا في مدوّنات المذاهب ، لا في كتب الفتاوى والنوازل - حيث كان للاجتهاد فيها مَرادٌ ومضطربٌ ؛ فلتكن لمن لم يُشْفَ من داء التقليد - بهم أسوةٌ في ذلك = أضعفَ إيمانٍ .  
*محمود العسكري
28 - نوفمبر - 2010
أمة واحدة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
( أُمَّةٌ وَاحِدَةٌ )
1-  جاءت في كتاب الله أكثر من آية كريمة تنهى عن الشقاق والافتراق ، وتنأى وتربأ بنا - نحن المسلمون - عن التنابز والتلاقُب بالأسماء المشتِّتة للشَّمْل الجميع تحت ظلال الإسلام الوريفة يسرًا وسماحة .
2-   من هذه الآي الكريمة قوله تعالى في سورة الأنعام :
(( إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون )) .
ومنها قوله تعالى في سورة الروم :
(( ولا تكونوا من المشركين . من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون )) .
ومنها قوله تعالى في سورة الحجرات :
(( ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان )) .
3-  وبالتأمُّل في هذه الآي الكريمة : يتضح أن التقسيم إلى طوائف وملل ومذاهب ونحل ليس من مطلوب الإسلام أبدًا ، فلا ينبغي أن يقال : مذهب كذا ، أو فرقة كذا ، أو أهل كذا ؛= بإيقاع النسبة إلى اسمٍ غير اسم الإسلام ، حتى وإن حدث ذلك فيما سبق من تاريخ الأمة ، وإن انتحلت طائفة من المسلمين لنفسها الآن اسْمًا وشعارًا ؛= فذلك مرفوضٌ ومردودٌ ، بل يقال لهم : نحن وإياكم مسلمون ، ما دمنا نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ونتجه إلى قبلة واحدة ، حتى وإن اختلفت الآراء في بعض قضايا الشريعة = فلا ضير ، ولكننا لا نرضى لأنفسنا مثلما لا نرضى لكم : أن نرفع لواء غير لواء الإسلام ننضوي تحته جميعا إخوانا بنعمة الله ، فلا نسميكم باسم ، ولا أنتم كذلك تسموننا باسم ؛: غير اسم الإسلام .
4-  ومما يستحق التأمُّل أيضًا : أن الله تعالى في كتابه الكريم لم يُسَمِّ مِلَّةً غير ملة الإسلام ، وذكر غير المسلمين بأسماءٍ لهم كأقوامٍ ، لا بأسماء مِلَلٍ ذات ياء نِسْبَةٍ مُّشَدَّدةٍ وتاء تأنيثٍ، فقال : اليهود والنصارى والمجوس = كأسماء أقوام ، ولم تلحقها ياء النسبة المشددة وتاء التأنيث ، فإذا كان هذا من لطيف أسلوب القرآن في إثبات الإسلام كدينٍ واحدٍ ، ولم يجعل له قسيمًا مخالفًا حتى = إمعانًا في إبطال تلك العقائد ؛ كأنها لبطلانها لا يصحُّ أن تُسَمَّى ،= أفيتخذ المسلمون لأنفسهم أسماءً غير اسم الإسلام يمنحونها الولاء والبراء ؟!، إن ذلك لمن تحريش الشيطان الذي يجب أن لا يطاع .
*محمود العسكري
30 - نوفمبر - 2010
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
       تحية عاطرة لك أستاذ محمود ودمت مضيئا مشرقا في ربوع الوراق الزاهرة.
 
       يبدو أن الخوض في العقيدة أصبح شرا لا بد منه والمفرح في الأمر أن المسلمين شرقا وغربا بمنجاة من ذلك فهم يرفعون أكف الدعاء إلى خالق الأرض والسماء غير مبالين أو غير منتبهين لما يقوله أئمتهم من أن الله لا مكان له.
   
      من جانبي لا أرى بأسا أن يصرح المسلم بعقيدته التي رضيها لنفسه واطمأن قلبه إلى صدقها ومطابقتها لآيات الذكر الحكيم ولسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم بل وأن يدعو لها فيحب لأخيه ما يحب لنفسه.
 
      ولكن.......................
أن يؤتى بعقيدة ويقال هذه عقيدة السلف ــ والسلف برآء منها ــ ثم يقسمون إلى حقيقيين وغير حقيقيين فهذا ظلم لهم وغش للأمة ويعلم الله أني لا أحسبه مقصودا إنما هو النقل دون توثيق وتحقيق.
 
     أما ما كان عليه السلف من الصحابة والتابعين لهم بإحسان والأئمة الأربعة وأهل الحديث فكما قال الشهرستاني ــ وهو من المخالفين لهم ــ في الملل والنحل:
 
فأما أحمد بن حنبل وداود بن علي الأصفهاني وجماعة من أئمة السلف فجروا على منهاج السلف المتقدمين عليهم من أصحاب الحديث؛ مثل: مالك بن أنس ومقاتل بن سليمان، وسلكوا طريق السلامة؛ فقالوا: نؤمن بما ورد به الكتاب والسنة ولا نتعرض للتأويل؛ بعد أن نعلم قطعاً أن الله عز وجل لا يشبه شيئاً من المخلوقات، وأن كل ما تمثل في الوهم فإنه خالقه ومقدوره. وكانوا يحترزون عن التشبيه إلى غاية أن قالوا: من حرك يده عند قراءة قوله تعالى: :"خلقت بيدي"، أو أشار بإصبعيه عند روايته: قلب المؤمن بين إصبعين من أصابع الرحمن... وجب قطع يده، وقلع إصبعيه. وقالوا: إنما توقفنا في تفسير الآيات وتأويلها؛ لأمرين: أحدهما: المنع الوارد في التنزيل في قوله تعالى:" فأما اللذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله، والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا، وما يذكر إلا أولو الألباب"؛ فنحن نحترز عن الزيغ.
والثاني: أن التأويل أمر مظنون بالاتفاق، والقول في صفات الباري بالظن غير جائز، فربما أولنا الآية على غير مراد الباري تعالى فوقعنا في الزيغ؛ بل نقول كما قال الراسخون في العلم: كل من عند ربنا: آمنا بظاهره، وصدقنا بباطنه، ووكلنا علمه إلى الله تعالى، ولسنا مكلفين بمعرفة ذلك؛ إذ ليس ذلك من شرائط الإيمان وأركانه. واحتاط بعضهم أكثر احتياط؛ حتى
لم يقرأ: اليد بالفارسية ولا الوجه، ولا الاستواء، ولا ما ورد من جنس ذلك. بل إن احتاج في ذكرها إلى عبارة عبر عنها بما ورد: لفظا بلفظ. فهذا هو طريق السلامة، وليس هو من التشبيه في شيء.
 
     وهو ما أشار إليه أبو الحسن الأشعري في مقالات الإسلاميين.
 
في البطاقة الآتية تراجع أبي الحسن الأشعري عن المذاهب الكلامية وعوده إلى طريقة السلف.
*تركي
5 - ديسمبر - 2010
تتمة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
           من المعروف أن أبا الحسن الأشعري كان من زمرة المعتزلة  إلى أن بلغ الأربعين من عمره فتراجع عن مذهبهم وصار من أشد المناوئين لهم وفي هذه المرحلة تقرر المذهب الأشعري بإثبات بعض الصفات ونفي أكثرها وبآخرة من عمره عاد إلى طريقة السلف وصنف كتابه : الإبانة عن أصول الديانة ومنه المقطع التالي:




"فصل في إبانة قول أهل الحق والسنة: فإن قال لنا قائل: قد أنكرتم قول المعتزلة والقدرية والجهمية والحرورية والرافعة والمرجئة، فعرفونا قولكم الذي به تقولون، وديانتكم التي بها تدينون
.
 
قيل له: قولنا الذي نقول به، وديانتنا التي ندين بها، التمسك بكتاب الله ربنا عز وجل، وبسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وما روي عن السادة الصحابة والتابعين وأئمة الحديث، ونحن بذلك معتصمون، وبما كان يقول به أبو عبدالله أحمد بن محمد بن حنبل – نضر الله وجهه ورفع درجته وأجزل مثوبته – قائلون، ولما خالف قوله مخالفون؛ لأنه الإمام الفاضل، والرئيس الكامل، الذي أبان الله به الحق، ودفع به الضلال، وأوضح به المنهاج، وقمع به بدع المبتدعين، وزيغ الزائغين، وشك الشاكين، فرحمة الله عليه من إمام مقدم، وجليل معظم، وكبير مفهم. 
وجملة قولنا:.. " ثم ذكر أموراً إلى أن قال: "وأن له سبحانه وجهاً بلا كيف، كما قال تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: 27]. 
وأن له سبحانه يدين بلا كيف، كما قال سبحانه: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [ص: 75]، وكما قال سبحانه: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: 64].وأن له سبحانه عينين بلا كيف، كما قال سبحانه: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14]  ا هـ. 
وقال أيضاً: "الباب السادس الكلام في الوجه والعينين والبصر واليدين: 
قال الله تبارك وتعالى: {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ} [القصص: 88]، وقال تعالى: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ}[الرحمن: 27]، فأخبر أن له سبحانه وجهاً لا يفنى، ولا يلحقه الهلاك. 
وقال تعالى: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14]، وقال تعالى: {وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا} [هود: 37]، فأخبر تعالى أن له وجهاً وعيناً ولا تكيف ولا تحد.
*تركي
5 - ديسمبر - 2010
جزاك الله خيرًا    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
تحية طيبة لك أستاذ / تركي ، وجزاك الله خيرًا على اهتمامك ومشاركتك .
والفكرة متَّضحةٌ بحمد الله في ذاتها ، وإنما هي طريقةٌ سهلةٌ لعرضها وتقريبها في ضوء تيسير القرآن الكريم ؛ بعيدًا عن ذكر الأسماء والخلافيات السابقة ،= طلبًا لصفاء القلوب وخلوصها من أي توجُّهٍ وارتباطٍ سوى بكتاب الله وسنة نبيِّه صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى : (( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر )) .
*محمود العسكري
5 - ديسمبر - 2010
بسم الله الرحمن الرحيم    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
المسألة كما ذكرت ــ حفظك الله ــ متضحة وقولك في المقدمة:
 
-        قال الله تعالى في سورة الشورى : (( ليس كمثله شَيْءٌ وهو السميع البصير )) ، هذه الآية الكريمة تبيانٌ وفرقانٌ في حقيقة الإيمان بأسماء الله تعالى وصفاته ، فقد أثبت الله تعالى في هذه الآية الكريمة اسمين من أسمائه الحسنى ؛ هما اسمي : (السميع) و(البصير) ، المتضمِّنان لصفتي : (السمع) و(البصر) ، ونفى - عزَّ وجلَّ - في الآية ذاتها : مشابهةَ أيِّ شيْءٍ لله .
 
ينهي النقاش قبل أن يبدأ.
 
          أما مشاركتي السابقة وهذه فقد كتبتها لرد تهمتين باطلتين:
 
أولاهما: اتهام السلف بأنهم ينفون صفات البارئ ــ جل وعلا ــ الواردة في القرآن وصحيح السنة مع أن كتب العقيدة والتاريخ متظاهرة على بيان طريقتهم في إثبات الأسماء والصفات الواردة في القرآن وصحيح السنة بدون تكييف أو تشبيه.
 
وأخراهما:الغمز واللمز في بعض الفرق الإسلامية المعاصرة وبعض علماء الإسلام
وهي تهمة خطلها وفسادها أوضح من أن يُعلق عليها ومن أراد الحكم على مذهب ديني أو اجتماعي ............ فعليه بقراءة كتب المذهب نفسه لا كتب خصومه.
 
أخيرا: أشكرك أستاذي على ما تقدمه في كتابتك من فكر وأدب وما تتحفنا به من فوائد لغوية في تضاعيف مشاركاتك.
*تركي
6 - ديسمبر - 2010
مشروع مشترك    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
( مشروع مشترك )
الأستاذ العزيز / تركي السفر .
الشكر موصولٌ إليك أيضًا على دماثة أخلاقك وحميد سجاياك ، جزاك الله خيرا .
ما رأيته من اهتمامك وتقديرك لهذا الموضوع يدفعني إلى اطلاعك على مشروعٍ كنت قد شرعت في العمل فيه منذ ما يقرب من ثمانية عشر شهرًا ، لكن تفرَّقت الهمة بشواجر وشواغل كثيرة .
هذا المشروع هو تلخيص وترتيب الآثار المقبولة في كتابي اللالكائي والآجري -غفر الله لنا ولهما!- ، وقد طبع الأول في خمسة مجلدات بتحقيق الغامدي والثاني في ستة مجلدات بتحقيق الدميجي جزاهما الله خيرًا ، وهذان الكتابان قد احتويا لُبَّ الآثار في أبواب الإيمان ، وما شذَّ عنهما ووقع لغيرهما = ففيهما عنه ما يكفي ويجزئ .
وقد تكفَّل المحِّققان جزاهما الله خيرًا بتخريج هذه الآثار ، فليس المقصود من هذا المشروع إلا التخليص والترتيب والتقريب ، مع كتابة إيضاحات مختصرةٍ ، ومن منهجها : أن تقرِّر وتوضِّح هذه المباحث العقدية الهامة بصورةٍ متفاءلةٍ أخويَّةٍ ؛ بعيدةٍ عن الاستطرادات التي تحمل الطابع الجدليَّ، وما أكثر الراغبين في معرفة الصواب إذا قُدِّم لهم بيُسْرٍ ووُدٍّ .
فإذا كان للأخ الكريم من الرغبة والاستعداد في المشاركة ؛= كانت فرصةً طيِّبةً لاستئناف هذا المشروع بعد انقطاعٍ ، وتحادثنا سويًّا عن تقسيم العمل وخطواته .
والله الموفق .  
*محمود العسكري
7 - ديسمبر - 2010
إضاءة... أضاء الله قلوبنا وقلوبكم.    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
                " ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله"
أي بالقلب، وهو توبيخ ووصية من المؤمن للكافر ورد عليه ، إذ قال " ما أظن أن تبيد هذه أبدا " [ الكهف : 35 ] و " ما " في موضع رفع ، تقديره : هذه الجنة هي ما شاء الله . وقال الزجاج والفراء : الأمر ما شاء الله، أو هو ما شاء الله ؛ أي الأمر مشيئة الله تعالى . وقيل : الجواب مضمر ، أي ما شاء الله كان، وما لا يشاء لا يكون .
                            لا قوة إلا بالله
أي ما اجتمع لك من المال فهو بقدرة الله تعالى وقوته لا بقدرتك وقوتك ، ولو شاء لنزع البركة منه فلم يجتمع .
قال أشهب قال مالك : ينبغي لكل من دخل منزله أن يقول هذا . وقال ابن وهب قال لي حفص بن ميسرة : رأيت على باب وهب بن منبه مكتوباً " ما شاء الله لا قوة إلا بالله " . وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأبي هريرة : ( ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة - أو قال كنز من كنوز الجنة ) قلت : بلى يا رسول الله ، قال: ( لا حول ولا قوة إلا بالله إذا قالها العبد قال الله عز وجل أسلم عبدي واستسلم ) أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى . وفيه : فقال ( يا أبا موسى أو يا عبد الله بن قيس ألا أدلك على كلمة من كنز الجنة - في رواية على كنز من كنوز الجنة - ) قلت : ما هي يا رسول الله؟ قال : ( لا حول ولا قوة إلا بالله ) . وعنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا أدلك على كلمة من كنوز الجنة أو قال كنز من كنوز الجنة ) قلت : بلى؛ فقال ( لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ) . وروي أنه من دخل منزله أو خرج منه فقال : باسم الله ما شاء الله لا قوة إلا بالله تنافرت عنه الشياطين من بين يديه وأنزل الله تعالى عليه البركات . وقالت عائشة : إذا خرج الرجل من منزله فقال باسم الله قال الملك هديت , وإذا قال ما شاء الله قال الملك كفيت , وإذا قال لا قوة إلا بالله قال الملك وقيت . خرجه الترمذي من حديث أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من قال - يعني إذا خرج من بيته - باسم الله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله يقال كفيت ووقيت وتنحى عنه الشيطان ) هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه . خرجه أبو داود أيضا وزاد فيه - فقال له : ( هديت وكفيت ووقيت ) . وأخرجه ابن ماجه من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا خرج الرجل من باب بيته أو باب داره كان معه ملكان موكلان به فإذا قال باسم الله قالا هديت وإذا قال لا حول ولا قوة إلا بالله قالا وقيت وإذا قال توكلت على الله قالا كفيت قال فيلقاه قريناه فيقولان ماذا تريدان من رجل قد هدي ووقي وكفي ) . وقال الحاكم أبو عبد الله في علوم الحديث : سئل محمد بن إسحاق بن خزيمة عن قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( تحاجت الجنة والنار فقالت هذه - يعني الجنة - يدخلني الضعفاء ) من الضعيف ؟ قال : الذي يبرئ نفسه من الحول والقوة يعني في اليوم عشرين مرة أو خمسين مرة . وقال أنس بن مالك قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( من رأى شيئاً فأعجبه فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره عين ) . وقد قال قوم : ما من أحد قال ما شاء الله كان فأصابه شيء إلا رضي به . وروي أن من قال أربعاً أمن من أربع : من قال هذه أمن من العين ، ومن قال حسبنا الله ونعم الوكيل أمن من كيد الشيطان، ومن قال وأفوض أمري إلى الله أمن مكر الناس، ومن قال لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين أمن من الغم .
إن ترن أنا أقل منك مالا وولداً
" إنْ " شرط " تَرنِ " مجزوم به ، والجواب " فعسى ربي " و " أنا " فاصلة لا موضع لها من الإعراب . ويجوز أن تكون في موضع نصب توكيداً للنون والياء . وقرأ عيسى بن عمر " إن ترن أنا أقل منك " بالرفع؛ يجعل " أنا " مبتدأ و " أقل " خبره ، والجملة في موضع المفعول الثاني ، والمفعول الأول النون والياء ، إلا أن الياء حذفت لأن الكسرة تدل عليها ، وإثباتها جيد بالغ وهو الأصل؛ لأنها الاسم على الحقيقة".
*د يحيى
14 - ديسمبر - 2010

 
   أضف تعليقك