وهذا توضيح آخر ( من قبل 2 أعضاء ) قيّم
كل عام والمسلمون جميعا بخير إن شاء الله. أشكرك أستاذي الجليل الدكتور يحيى على هذا التوضيح سواء كان موجها لي بالخصوص، أو أنه لعموم الفائدة لجميع الإخوة رواد الوراق وقرّائه الكرام. لستُ بحاجة الى القسم بالأيمان الغليظة وإقامة الشهود على ذلك لا لأن قسمي مجروح لأسباب لا تخفى عليك ولا على كثير من الإخوة السراة وغيرهم، بل لأني لا أجد المسألة تستحق كل ذلك على الأقل من وجهة نظري. ولكن من الواجب مادمتُ أكتب بطريقة قد يراها البعض فيها تعمد الإلتواء واستعمال الرمز وربما الغمز واللمز هنا وهناك بقصد ونيّة مبيّتة، أن أذكر مرة أخرى وقد قلتُ ذلك من قبل، لا يليق بمن يتصدّى للكتابة بكل أشكالها وفنونها أن يكون تابعا وإمّعة وبوقا لطائفة أو حزب أو داعية. أعرف أن من لا يفعل ذلك سوف يخسر ماديا ومعنويا ويتعرّض للضرر والأذى وغير ذلك مما لا يسع المقام ذكره. هذه ضريبة يجب دفعها مقابل الحفاظ على شرفك وضميرك وقناعتك الخاصة ولو خاصمك الخلق أجمعين. هذا لا يعني أن من حقنا أن نقول مانشاء حتى ولوكان فيه إساءة الى الآخرين وجرح مشاعرهم والتجاوز على مقدساتهم والسخرية من معتقداتهم. هناك مسافة علينا جميعا أن نكون محتفظين بها هي الفيصل بين المباح والمحرم الممنوع. قد لا يكون ماهو ممنوع ومحرم في عقيدتي هو عندك كذلك. قد لا أحب ما تحب أو من تحب. ولكن عليّ احترام مشاعرك ومعتقداتك ورموزك. من هنا قد تنفتح إشكالية لا يجوز العبور عليها من غير توضيح دفعا للإلتباس الذي بدأتُ مداخلتي أصلا لدفعه لا خوفا من تهمة أوارتباك من نقمة ناقم لا ينسجم معي في بعض المنطلقات التي يراها من زاوية وأراها من زاوية أخرى، كيف نتعلم أن نكون أحرارا دون أن نكون أغرّة، نسعى الى قول الحق بحكمة وتعقّل ولو كان غير مطابق لنفس الأمر. ومن يدّعي مطابقة ما عرفه بتعليم الآخرين، وما ورثه من أبويه ومن محيطه الإجتماعي ومن مدرسيه بتوجّهاتهم المختلفة ومن الكتب التي قرأها بناءا على توصية هذا الأستاذ أو ذلك الشيخ، من زعم مطابقة ذلك كله لنفس الأمر وجوهر الحق فهو مخطيء. بدليل أننا متعبدون بالدليل الظاهر لنا، وكما هو معلوم ليس كل ظاهر مطابق لحقيقته وحكمه الخارجي. أقول أمرا قد يبدو فيه شيء من التبجح، ولكن لا بدّ من ذلك. من حسن الحظ أم من سوءالحظ أني عشتُ وتعاملتُ مع أشخاص من أمم مختلفة، وأديان ومذاهب متعددة، وقبل هذا نشأتُ في أسرة بسيطة وأقارب فيهم الشيعي والسني والقومي العروبي والعلماني المنفتح على الجميع. لم أجد أحدا من أهلي يشتم آخر في خصومة فضلا عمن هم أعلى شرفا ومرتبة. والشيء بالشيء يذكروهو من المضحكات المبكيات أنني من زمن بعيد كنتُ أردد قول نزار: ماتت خيول بني أميّة كلّها لم يبق إلا الصرف والإعراب فقال أحدهم لي: كيف تقول هذا يا أموي! وفي زمن قريب من ذلك الزمن كنتُ أجلس في أحد المقاهى عند زيارتي لأحد أقاربي وكنتُ أقرأ كتابا عن أم المؤمنين أظنه لعباس محمود العقاد. جلس الى جانبي أحد الشيوخ ونظر الى الكتاب ثم التفت اليّ وقال بارك الله فيك يابني، من أين أنت قلتُ من.... انكمش وانسحب من المكان قليلا وأخذ كما نقول باللهجة العراقية الدراجة: يحوص. ثم افرغ ما بجعبته وهو السؤال التقليدي المكررر: لماذا يابني تشتمون أم المؤمنين عائشة! قلتُ له: هل سمعتني أذكرها بسوء فضلا عن الشتم قال: أنا لا أخصك أنت ولكن... قلتُ: لم أسمع أحدا من أسرتي ولا من جيراني ولا من تربطني بهم صلة قرابة أو صداقة يقترفون ذلك. قال هذا غير صحيح! ( لم يكن وقتها هذه الإجهزة الجامعة لوحدة المسلمين! فضائيات، انترنت.. ليريني بعيني العوراء! الجرم المشهود) قلتُ: يا شيخ لا أنفي ذلك برمته، وإذا وقع فهو نادر لا يلتف إليه. ومع ذلك نحن بحاجة الى مزيد من الصبر والتعقل والأبتعاد عن التشنّج والدعوة بالحسنى تبسّم الشيخ، وقال: مادام الأمر كذلك، جايك عليّ! أي سأدفع ثمن الشاي الذي شربتَه. من باب الملاطفة والمزاح. ثم طلب مني أن أصحبه الى منزله. وأهداني بعض الكتب القيّمة. وصرتُ أزوره في منزله كلّما سافرت. لعل الأسلوب أو الطريقة التي اتبعتها في كتابة هذا الموضوع لا يخلو مما يثير الريبة والشك فيما هو أكثر من تصوّر العداء للدولة الأموية، والأمر بصدق يخلو من كل ذلك. يظهر أنّ البعض قد أثارته علامة التعجب واللون الأحمر، ولم يقشعر بدنه من الفعل نفسه والطريقة التي انتهكت حرمة اليوم والمكان واحترام مشاعر الحضور. قد يقول هؤلاء: هذا الرجل مبتدع ضال زنديق. قد يكون كذلك، لكن المشكلة أن المتكلم أحمق، والحاكم جزّار. فالجعد بن درهم كان من نفاة الصفات عن الذات خوفا من الوقوع في القول بالشركة في القدم كما كان يظن أو يدعي. فهولا يريد نفي كلام الله أونفي الخلة، بل أراد القول بحدوث الكلام لا قدمه وكذلك الأمر فيما يتعلّق بالخلة. فالرجل أخطأ في التعبير، بل لا شكّ أنّه أساء الأدب. ولكن هكذا يؤدب الحاكم أو الوالي الرعيّة. ولا أظن المجال يتسع للوقوف على كثير مما أحلتني إليه يا أستاذي الفاضل، وفيه الكثير الكثير. ولكن من باب التوضيح على التوضيح والعهدة على الكاتب الدكتور علي سامي النشّار بعد أن يتحدث عن الزنادقة والثنوية يقول: ثم ظهر غنوصي عنيف، اعتنق الزندقة، اي الإيمان بالإثنين على صورة عنيفة. وهذا الغنوصي هو أبو سفيان بن حرب . لم ينتبه الباحثون الى سبب عداوته الكبرى وضنه المرير على الإسلام، سواء في جاهليّته أو بعد أن أرغم على اعتناق الإسلام غداة فتح مكة. أما السبب في ذلك فهو أنه كان في الجاهلية زنديقا. ونحن نراه يشهد حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت الإزلام معه يستقسم بها. وكان كهفا للمنافقين، وكان يتشفّى في المسلمين إذ كشفوا بعض الكشف يوم اليرموك فلم يؤمن حتى بعروبته. الى أن يقول: حقا إنها- أي الدولة الأموية- قامت بفتوحات ممتازة، ولكن لم تكن غاية هذه الفتوحات في نظر الخلفاء نشر الإسلام، وإنما كانت غايتها توسيع رقعة مملكتهم وإغداق النعم والخيرات على قصورهم في دمشق. نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام. دار المعارف. الجزء الأول ص198 ولا يعنيني أن يكون أبو سفيان مؤمنا كما يرى البعض، أو منافقا كما يرى آخرون.ولستُ ممن يرى الناس ملائكة أو شياطين. من يوافقني في عقيدتي ومذهبي فهوملاك والمخالف شيطان. ولكن فقط أردت الإشارة الى أن هذه الطريقة لا توصل الى ثمرة نافعة في البحث الجاد. ولم يكن غرضي هو الإساءة الى بني أمية بدافع مذهبي كما يتبادر الى بعض الأذهان. نتصارح ونختلف على قاعدة المحبة والإحترام إن شاء الله. وفي كل الأحوال أنا أقبل جبينك يا أستاذ يحيى في هذا العيد المبارك. واستغفر الله لي ولك. |