حريم شاه عباس     ( من قبل 2 أعضاء ) قيّم
أول امرأة تزوجها شاه عباس كانت فتاة شركسية (لم يذكر المؤلف اسمها) وكان قد تزوج بها زواجا منقطعا وهو في السادسة عشرة من عمره، فأنجبت له ابنه الأكبر محمد باقر ميرزا المعروف بصفي ميرزا وذلك يوم الأربعاء 12/ شوال/ عام 995هـ (انظر في ذلك كتاب: خلاصة التواريخ تأليف مير منشي القمي وهو مخطوط) وامر الشاه عباس بقتل ابنه صفي ميرزا لما توجس الخوف منه، وتولى الفتك به قائد جركسي يدعى (بهبود) في مدينة (رشت) فقتله بطعنتي خنجر يوم الاثنين 3/ محرم/ 1024هـ وذكر القس زكريا أن الشاه عباس أمر جلاديه أن يقطعوا رأسه أمامه ويلقوا بجسده في الروث (انظر تفصيل ذلك في هذا الكتاب ج2/ ص 227- 233) وانظر (تاريخ القس زكريا: ترجمة بروسة، طباعة سان بطرسبورغ عام 1876م ص 28) وكتاب (عالم آرا عباسي: ص 624) و(زبدة التواريخ: ملا كمال، مخطوطة ص 624) وعندما سمعت والدة صفي ميرزا بمقتل ابنها هرعت كالمجنونة إلى غرفة الشاه وأخذت تلطمه على وجهه ورأسه بدلا من التقريع والشكوى (ص235) ولم يلبث شاه عباس أن ندم على قتل ابنه وأمر بتشييد نصب تذكاري له مكان قتله وأطلق على النصب اسم (الشهيدية) وجعله ملجأ للمقصرين والمجرمين، ثم أمر الشاه عباس بهبود أن يقتل وحيده ويحمل رأسه إليه ولم يكن أمام بهبود سوى الطاعة، فما أن جاءه برأس ولده حتى ألقى الشاه عليه نظرة متفحصة وقال لبهبود (الآن بإمكانك أن تفهم ماذا حل بي عندما جئتني بخبر قتل ولدي) انظر حول ذلك (رحلة آدم أولياريوس : ص627 – 631) و(رحلة السائح الفرنسي تافرنيه: ص 753) أما آدم أولياريوس فكان سفير فريدريك دوق هلشتاين الذي زار إيران عام 1046هـ انظر ترجمته في كتاب "تاريخ روابط إيران وأوربا در دوره صفوية" تأليف نصر الله فلسفي طباعة طهران ص96) وحين بلغ ال18 من العمر تزوج بشكل رسمي من امرأتين في ليلة واحدة، وكانتا من الأميرات الصفويات، فالأولى هي (إغلان باشا خانم بنت السلطان حسين ميرزا بن بهرام ميرزا (شقيق الشاه طهماسب الأول) وكانت قد تزوجت أولا من أخيه الأكبر السلطان حمزة ميرزا، والذي قتل عام 994 على يد دلاكه وظلت بدون زوج حتى عقد عليها الشاه عباس في هذا العام. والثانية هي (مهد عليا خانم) البنت الكبرى لسلطان مصطفى ميرزا ابن الشاه طهماسب الأول (أي بنت عم الشاه عباس، ولم تتزوج قبله) وبعد ذلك تزوج الشاه عباس كثيرا من النساء الإيرانيات والجورجيات والأرمنيات والشركسيات والتاتاريات. ففي العام الخامس من عهده تزوج شقيقة شاهوردي خان عباسي (حاكم لرستان) وكانت من قبل زوجة أخيه حمزة، وتم هذا الزواج مقابل إحدى بنات عمه ، حيث يذكر البدليسي في (شرفنامه) أن الأميرة التي بعثها الشاه عباس إلى شاهوردي خان لر عباسي كانت من أحفاد بهرام ميرزا شقيق طهماسب وسمع في عام 1005 بجمال بنت شخص يدعى عبد الغفار وهو من ازناوريي =أشراف= الجورجيين فبعث أميرا جورجيا يدعى (بكرات ميرزا) (كان في البلاط الإيرني) مع فرهاد خان قرامانلو (أحد كبار قادة القزلباش) إلى جورجيا للإتيان بتلك الفتاة. وسبق الأمير الجورجي القائد القزلباشي إلى جورجيا وخطب الفتاة للشاه، ثم بعث فرهاد خان الذي توقف عند حدود كنجة 500 فارس لاستقبالها، وجيء بها إلى قزوين في ذي القعدة من ذلك العام، ودخلت الحريم الملكي. (1) وأنجبت له ليلة السبت 10/ شعبان/ 1006 ابنه الثالث محمد ميرزا خدابنده (ص243) وحسب ما ورد (ص302) فقد كانت أحظى نسائه عنده، وكانت لها سيطرة تفوق الحد على روحه. وفي عام 1028هـ توجس الشاه عباس الخوف من ابنه محمد ميرزا فأشاع بين الناس بأن أمه كانت حاملة به عندما دخلت القصر، وأنه ليس ابنه (ص244) واستعان الشاه عباس لتثبيت ذلك بشهادة عمته زينب بيجم. (انظر تفاصيل ذلك في رحلة الإيطالي بيترو ديلا فاليه الذي زار إيران عام 1025هـ ج4 ص312 -315) ثم وقع بين الشاه عباس وابنه أمور انتهت في رجب 1030هـ حين أمر بأن تسمل عينا ابنه، وفرض عليه الإقامة الجبرية في قلعة ألموت بقزوين وفي 14/ ربيع الأول/ 1011هـ تزوج بابنة الخان أحمد الجيلاني (حاكم جيلان المستقل) * التي خطبها قبل ثلاثة عشر عاما وهي طفلة لولده صفي ميرزا، بحجة أن ولده لا يحبها وكان صفي الدين لما خطبت له في الرابعة من عمره، وكانت تلعب معه وترافقه لبعض الوقت، لكنها كانت مسيطرة عليه دائما وتضربه لأقل نزاع بينهما، وفي عام 1010 وعندما بلغ صفي الدين الخامسة عشرة من عمره قرر الشاه عباس أن يعقد قران ولده عليها بشكل رسمي، غير أن الأمير لم يكن يحب خطيبته لسوء تعاملها معه ...فاضطر الشاه عباس أن يعقد له في أواخر جمادى الأولى من ذلك العام على بنت الشاه إسماعيل الثاني الكبرى، وبعد شهرين من ذلك وبحجة أنه لا يمكن الاحتفاظ بابنة الخان أحمد في الجناح النسوي بدون زوج، لهذا وحسب اصطلاح الأكابر والأعيان فقد تزوج الشاه عباس نفسه بها يوم الاثنين 14/ ربيع الأول/ 1011هـ وأضافها إلى جيش نسائه * يقول المؤلف في تعليق (ص221): (والرسائل المتبادلة بين الشاه عباس والخان أحمد حول هذه الخطوبة جديرة بالقراءة، وسيأتي الحديث عنها في فصل السياسة الداخلية للشاه عباس) أما تيناتين ابنة جرجين خان (وهو عند مؤرخي إيران: سمايون خان) أمير جورجيا الكارتيلية بعد وفاته (سنة 1015) فقد خطبها من أخيها لوارساب خان، وذكر بعض المؤرخين أن اسمها (غردينا) وانها لما دخلت حريم الشاه اعتنقت الإسلام وصار اسمها (فاطمة سلطان) وكان الشاه عباس لما استعاد قلاع تبريز ونخجوان وإيروان من الأتراك دخل في طاعته جرجين، كما دخل في طاعته ألكساندر خان أمير جورجيا (الكاختية) فقام أيضا بخطبة حفيدة ألكساندر خان (أي بنت ابنه الكبير المتوفى داود خان) كي لا يجرح مشاعره، وتدعى (مارتا) ويطلق المؤرخون الإيرانيون عليها اسم (ديدي بال) أو (تي تي فال) وتعني باللغة الجوجية الملكة وأم الملك (ص276) ويلاحظ أن المؤلف عاد فذكر (ص281) أن الشاه عباس حرض بعض امراء جورجيا على قتل أمير (كاختي) قسطنطين خان وأعطى إمارة هذه الولاية إلى شقيق زوجته تهمورس خان ابن داود خان وذلك في أواخر شوال من عام 1014هـ يطلق المرخون الإيرانيون على هاتين الولايتين كارتيل أو كارتل وكاخت إلا انهما في اللغة الجورجية كارتلي وكاختي ثم في عام 1019 وبعدما طمع شاه عباس بضم جورجيا إلى ملكه عمد إلى خطبة أخت لوراسب خان الثانية وكانت قد اشتهرت بجمالها اللاذع وتدعى (خوراشان) واسمها عند بعض المؤرخين (دارشان) وتعرف في إيران ب(بري) أي الملاك ولكن لوراسب اعتذر بأنها مخطوبة لأمير كاختي تهمورس خان، لأن زوجته (آنا) قد ماتت: وكتب احد المؤرخين يقول: (لقد حارب الشاه عباس تهمورس خان من أجل المرأة التي تزوجها بعد وفاة امرأته الأولى وطرده من بلده وهذه المرأة هي شقيقة لوارساب خان الأمير الجورجي الآخر الذي سبق للشاه أن تزوج بأخته الأخرى والتي هي الآن ضمن فريق نسائه ...فلم يتنازل تهمورس خان للشاه عن خطيبته وقاوم في منتهى الشجاعة والرجولة طبقا لما تحكم به قوانين دين عيسى، وكانت النتيجة أن فقد بلاده وتحولت جورجيا إلى خربة على يد الشاه عباس، وتم أسر الكثير من رعاياه ولكنه مازال صامدا حتى الآن ....ولا زال الشاه عباس يعد نفسه عاشقا لتلك المرأة التي تبادله العشق ويقدم لأخيها رسائلها إليه وكل ذلك ذريعة يتذرع بها للاستيلاء على بلاد تهمورس خان وسائر أمراء جورجيا (رحلة بيترو ديلا فاليه ج3 ص 353 -356) وفي الثاني من رمضان 1022هـ خرج الشاه عباس قاصدا جورجيا، وأقسم أنه سيفعل في جورجيا فعلا يؤدي إلى بيع المرأة الجورجية وشرائها بعباسي واحد (200 دينار) وفي عام 1025 وصل جورجيا وأصدر أمره بارتكاب المجازر والنهب والسلب، وقتل الجيش الإيراني خلال فترة قصيرة حوالي 70 ألفا من الجورجيين وأسر حوالي 130 ألف شاب وشابة، وجيء ب(لوارساب خان) أسيرا فأمر الشاه عباس بسجنه في شيراز حيث قتله بعد فترة كما سنفصل في فصل (الشاه عباس وجورجيا) وأما تهمورس خان فقد اضطر أخيرا للدخول في طاعة الشاه عباس عام 1036 فعفا عنه (ص290) ومفي منتصف ربيع الأول 1016هـ عقد عقدا منقطعا على ابنتي رستم خان الداغستاني ومعصوم خان والي طبرستان، وأخذ في ليلة الثلاثاء 14/ ربيع الآخر عام 1019 أخت قباد خان من زعماء الأكراد المكريين، وكتب جلال الدين محمد في هذا الشأن قائلا: (لما كان النواب كلب عتبة علي =وهو لقب شاه عباس= قد طلب بالرمز والإيماء من قباد خان أخته المشهورة بالحسن بين الأكراد فقد أرسلها حسب الاصطلاح ودخلت الحريم العالي =تاريخ عباسي وعالم آرا: ص 530= وبعد أربعة أيام من هذه المصاهرة قام الشاه عباس بقتل قباد خان مع 94 من كبار رجال كردستان بتهمة الخيانة. هذه أشهر نساء شاه عباس الأول، قال المؤلف: (وذكر أن عدد نساء حريم الشاه عباس يتراوح بين 400 إلى 500 وأغلبهن فتيات وجوار مليحات، أهداهن إليه أمراء وحكام جورجيا وأرمينية والولايات الأخرى، وليس بين هؤلاء النسوة سوى ثلاث أو أربع قد تزوج بهن زواجا دائما، وهن من الأميرات الصفويات، أما الباقيات فقد عقد عليهن عقدا منقطعا وعشن كجوار في الحرم الملكي وكتب مؤرخ في أحداث عام 1006هـ : (بعث ألكساندر خان وسمايون خان (سيمون) واليا جورجيا إلى الشاه سفراء بالتحف والهدايا، منها فوج من الحور والغلمان الذين لهم وجوه كوجه الشمس والجواري ذات الوجنات الملائكية من أعاظم تلك الديار) (خلد برين : مخطوط) __________ 1- (انظر حول ذلك: تاريخ عباسي وزبدة التواريخ ملا كمال) (أما "تاريخ عباسي" فمن تأليف جلال الدين محمد المنجم الخاص بالشاه عباس، ولا يزال مخطوطا، منه نسخة في مكتبة طهران الوطنية وأخرى في مكتبة الحاج حسين آقاي ملك، وأخرى في مكتبة باريس الوطنية) وأما (زبدة التواريخ) فتأليف ابنه ملا كمال ابن جلال الدين محمد المنجم، مخطوطة السيد سعيد نفيسي) |