مجلس : علم الاجتماع

 موضوع النقاش : مع التحية إلى من أحب وأحترم    قيّم
التقييم :
( من قبل 8 أعضاء )

رأي الوراق :

 محمد جميل 
19 - يوليو - 2010
                                              إلى من أحب وأحترم..
كثيرون، بحمد الله، أولئك الذين يتحفوننا بمقالاتهم القيمة، وآرائهم السديدة، وأفكارهم النيرة ، في شتى حقول المعرفة... في الأدب والفلسفة والعلوم البحتة من فيزياء وكيمياء وفي علم الوراثة والطب.. وفي الرياضيات.. وفي التاريخ والجيولوجيا، وحين تقرأ لأحدهم في مجال تخصصه أو في أي مجال آخر تحس بنشوة وسعادة وهو يجول ويصول في بحثه ذاك، آتيًا عليه من الجوانب كافة.. عباراته سلسة وجلية، ومفرداته منتفاة بدقة ومهارة، ولا تأتي إلى نهاية الموضوع الذي يكتب إلا وقد صارت لديك فكرة تامة وشاملة عما يريد هو أن يوصل إليك.. فلا يسعك عندئذٍ إلى أن ترفع المقال، بحالة عفوية، وتقبله من شدة إعجابك به.. وتسأل نفسك أي عملاق وعظيم كان وراء ما قرأت وفهمت ووعيت... فتحمد الله سبحانه على وجود أمثال هذه المصابيح في طريق البشرية ليضيئوا أمام الناس الدروب إلى الكثير من المناهل المعرفية...
من جهة أخرى، ألقي نظرة أخرى، ومن زاوية ثانية إلى أسماء عديدة لبعض هؤلاء الذين ذكرت عنهم ما ذكرت آنفًا.. فتأخذني الحيرة، وأغدو وكأني أتقلب على جمر تتوهج عنه أسئلة كثيرة...
أقول في نفسي: لا مكان للعبثية في هذا الكون الفسيح.. كل شيء يسير بدقة وانتظام.. ولغاية مُحكمة.. ولم يختل نظام أي من مكوناته عبر العصور والأزمنة... يقول تعالى: " أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا وأنكم إلينا لا تُرجعون" وقال " وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين * لو أردنا أن نتخذ لهوًا لاتخذناه من لدنا إن كنا فاعلين*" وأنظر إلى الإنسان فأجد أنه ربما يكون آخر المخلوقات في ترتيب خلق الأحياء.. لكنه كان أكرمها وأشرفها.. " ولقد كرّمنا بني آدم" ولهذا التكريم مظاهر كثيرة: منها ما هو خَلْقي فقد جعله الله في أحسن تقويم، ووهبه نعمة العقل التي تميز بها عمن سواه.. ومنها على المستوى الحياتي البيولوجي ومقوماته فقد هيأ له أفضل أنواع الأطعمة وأطيبها ليقوم بها جسمه، وعدّد أصنافها ومذاقاتها ووظائف تأثيرها الإيجابي في جسم الإنسان..ومنها ما هو خدمي.. فقد سخر الله للإنسان ما في السماء والأرض، كل في خدمته ولتحقيق سعادته.. ليتفرغ لما خُلق له وهو العبادة المتمثلة في إعمار الأرض ونشر العدل فيها ورفع الظلم.. ومنها ما هو إرشادي وتوجيهي فبين له طريق فلاحه وطمأنيته وسعادته، فأرسل الأنبياء وأنزل الكتب، وكان مع كل نبي من الحجة والبينة ما على مثله يقنع بنو قومه وعصره بما جاء به... وختم الأنبياء بمحمد صلى الله عليه وسلّم، وختم الكتب بالقرآن الكريم... وجعلهما للناس كافة، في حين كان كل نبي من قبل يُبعث في قومه فقط.
ومن الأسئلة الملتهبة التي تجيش في النفس أنك ترى العديد من أولئك الذين برعوا وأبدعوا فيما قدموه للبشرية قد أداروا ظهرهم للحقيقة التي من وضوحها وجلائها لا يُمكن أن يُعذروا فيما فعلوا .. وإدارة الظهر هذه تأتي على محورين:
الأول: على الإيمان بوجود خالق لهذا الكون مدبر عالم قوي لا يعجزه شيء ... والثاني: على الإيمان بهذا الخالق وفق الهدي القرآني... 
أما عن المحور الأول فلن نطيل النظر فيه.. فقليلون جدًا أولئك النشاز من أكابر العلماء في الغرب والشرق الذين لم يعلنوا صيحة مدوية عن ضرورة الإيمان بالخالق العظيم..ولو أردنا سرد أسمائهم وما قالوا في ذلك لضاق المجال....ولكن ماذا عن المحور الثاني... وهو بيت القصيد -كما يقولون-.. فالقرآن يقول عن نفسه:: "ألم* ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين" [ البقرة 1،2] و "كتاب أُحْكِمَتْ آياته ثم فُصِّلت من لدن حكيم خبير" [هود1] و " إنّ هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم " [الإسراء9] و " شفاء لما في الصدور" [يونس 57]وقد تحدى أن يؤتَى بمثله.. أو بمثل آية منه.. والمثلية هنا تشمل مثلية البيان والبلاغة.. ومثلية المعالجة لأدواء النفس والمجتمع.. ومثلية الأخبار الصادقة الماضية والحاضرة والمستقبلية.. ومثلية التشريع ونظام الحياة... ومثلية الإحاطة والشمول.... و.. ولما كان القرآن هو الكتاب الخاتم والمنزل هاديًا للبشرية كلها حتى قيام الساعة.. أقول أما يكفي أن يكون هذا حافزًا للعلماء الأفذاذ أيا كانت أفكارهم ومعتقداتهم إلى النظر العميق والموضوعي، ودراسة القرآن للوصول إلى الحقيقة الكبرى التي تفوق كل الحقائق التي أبرزوها في كتبهم ومقالاتهم.. أما سأل أحدهم نفسه؛ ماذا لو كان القرآن فعلاً هو كما يتحدث عن نفسه وعن الكون والإنسان والحياة...(وهو كذلك) ألا يستحق مثلُ هذا السؤال أن يُبحث عن جواب شاف له..؟ فالمسألة مسألة فوز وسعادة ونجاح أو خسران وشقاوة وفشل... كتاب جاء بمثل هذه المهمة الكبيرة الضخمة وهي هداية البشرية وإنقاذها، وأنه فيه الدواء الناجع لما تعانيه المجتمعات من علل وأمراض وانتكاسات،ويصف نفسه بأنه المهيمن على ما سبقه، وأن من تولّى عنه وأدار ظهره له سيلقى مصيرًا أسود في الدنيا وبعد الموت.. وأنه يدعو العقلاء وأولي النهى والمفكرين إلى تدبره وفهمه.. " أفلا يتدبّرون القرآن ولو كان من عندِ غير الله لوجدوا فيه اختلافًا كثيراً"[النساء82] ويتحدى أن يؤتى بمثله أو بمثل بعضه.."قلْ لَئن اجتمعتِ الجنُّ والإِنْسُ على أنْ يأْتوا بِمثلِ هذا القرآن لا يأْتون بِمثلِه ولو كانَ بعضهم لبعضٍ ظهيرا"[الإسراء88].
 كتاب مثل هذا- وهو الوحيد- الذي فيه تلك الصفات.. ولم يُعرف ذلك عن أي كتاب سواه، ولا يوجد أصلاً ..ألا يستحق من منظري الفلسفة والاقتصاد والعلوم البحتة والتطبيقية، والطب واللغة وعلم الآثار والسياسة أن يعطوه الجهد والوقت الكافيين.. لسعادتهم هم أنفسهم وسعادة البشرية معهم.. هذا فضلاً عن أولئك الذين يؤمنون به ولكنهم لم يولوه الاهتمام والالتزام.. فتراهم - مع إعلانهم الإيمان به - هم في واد وهو في واد... هو ينهاهم عن الظلم، ولا يخجلون من موقعهم العلمي والأكاديمي، فتراهم يسوغون الظلم ويبرورنه لعتاته.. هو ينهاهم عن العبث وهدر الوقت والمال وتراهم في ذلك سادرون.. وهكذا... قال تعالى " اقترب للناس حسبهم وهم في غفلة معرضون* ما يأتيهم من ذكر من ربّهم مُحدَثٍ إلا استمعوه وهم يلعبون* لاهية قلوبهم.."[الأنبياء1-3] وقال " يعلمون ظاهرًا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون". ومن الجور التعميم..فهناك من هُدي فاهتدى وهدى، وذُكّر فتذكّر وذَكّر... فيا من نجلهم من أعماق قلوبنا، على ما قدموا للبشرية..أنّى كنتم على وجه هذه الأرض.. ولأننا نحب لكم الخير؛ نذكّر أنفسنا وإياكم بضرورة الالتفات بجدية إلى هذا القرآن لنغنم من كنوزه، ونسعد في ظلاله، وتزيد عطاءاتنا بفضله.. ونفوز في دنيانا وآخرتنا.. وأسأل الله ألا نندرج فيمن شكاهم الرسول صلى الله عليه وسلم إلى ربه: " وقال الرسول: ياربّ، إن قومي اتّخذوا هذا القرآن مهجورًا". [الفرقان30] وفقنا الله جميعًا لما يحبه ويرضاه.     
  

 1  2  3 

*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
تعليق مؤقت    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
تحية طيبة أستاذ محمد جميل: يبدو أن طريقة اشتراكك في موقعنا تعرضت لخطأ فني كان من أسبابه أن مشاركاتك في المواضيع لا تنشر فور إرسالها، وذلك بخلاف مشاركاتك في التعاليق، ولا أعرف سببا لذلك، أردت فقط أن ألفت انتباهك إلى هذه الناحية فلو لم أنتبه إلى موضوعك وأنشره لما ظهر في المجالس، وفي حال غيبتي عن المجالس ربما استمر ذلك أياما وأسابيع
*زهير
19 - يوليو - 2010
شكر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أخي الأستاذ زهير، شكرًا من أعماق القلب على متابعتك واهتمامك...لست أدري؛ ربما كان الخطأ مني.. الذي قمت به هو أني فتحت صفحة "موضوع جديد" وبعد الكتابة اخترت "إرسال" . أم توجد طريقة أخرى؟
*محمد جميل
19 - يوليو - 2010
لا أدري    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
شكرا لكم مرة ثانية أستاذنا محمد جميل: لا توجد هناك طريقة أخرى للنشر غير التي ذكرتها، ولا أدري ما هو السبب ؟؟ فهناك مواضيع لسراة الوراق أراها أحيانا غير منشورة كما أرى لنفس السراة مواضيع منشورة بمجرد إرسالها، لذلك حاول أن ترسل موضوعا آخر للتجربة، أرسل الموضوع أكثر من مرة، لنرى هل السبب من الوراق أم من تفاعل الحاسوب مع برنامج النشر،  وأتمنى لو يكون الموضوع عن روايتكم: (صبي حران وكهل الشام) وقد ذكرني عنوانها والشيء بالشيء يذكر أني سمعت مرة رجلا يعمل حدادا يذكر أن ابن تيمية من حران دمشق فسارعت إلى تنبيهه إلى خطئه لكنه أصر على ذلك وراح يهزأ بي، وشعرت من نبرة كلامه أنه يعتمد في ذلك على حجة لا تنقض، فسألته عن سبب إصراره فقال لي: إنه قرأ ذلك في كتاب شيخ من شيوخ الأزهر فسألته أن يطلعني على الكتاب ففعل وكان صادقا وأردت أن أقنعه أن الشيخ مخطئ فلم أفلح
*زهير
20 - يوليو - 2010
تحية طيبة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
الأخ الفاضل الأستاذ زهير، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... سأفعل بما أشرت إليه فيما يتعلق بأي موضوع، أما بالنسبة  لروايتي الخاصة بابن تيمية، فقد حاولت أن أتقصى من أجلها مراجع كثيرة...جهدت ألا أدع شيئًا يُذكر عن الشيخ إلا وأوردته بالأسلوب الروائي.. ولا أدعي الإحاطة التامة... وبسبب ذلك فاق عدد صفحاتها ألف صفحة... ولي صديق عمل منها "سيناريو" وأصبحت جاهزة لِتُعرض كمسلسل.. ومن خلال بحثي وصلت إلى ما رجحه العلماء والباحثون إلى أن "حران" المنسوب إليها شيخ الإسلام "ابن تيمية" هي تلك البلدة الواقعة في جنوب تركيا بالقرب من مدينة "أورفة" الحالية والتي كانت تسمى "الرّها".فهي قريبة من الجزيرة الفراتية، وحرّان هذه مشهورة بأنها مهد الفلاسفة، وبلاد الصابئة والصابئين.. وتحتوي على آثار قديمة، ومعابد... ويُقال أن قبيلة بني نمير العربية نزحت إليها.. وبناء على ذلك ينسب بعض الدارسين "ابن تيمية" إليها وأنه عربي الأصل. قال ذلك العلامة بكر القضاعي...إلا أن الإمام محمد أبو زهرة -رحمه الله- يقول في كتابه القيّم عن ابن تيمية: (لم يذكر المؤرخون الذين قرأت لهم القبيل الذي تنتمي إليه أسرة "ابن تيمية"، فلم يذكروا له نسبة إلا أنه الحرّاني، فنسبوه إلى بلده حران موطن أسرته الأول، ولم ينسبوه إلى قبيلة من قبائل العرب، وإن هذا يُشير إلى أنه لم يكن عربيّا، أو لم يُعرف أنه عربي منسوب إلى قبيلة من القبائل العربية، ولذلك نستطيع أن نفهم أو أن نعلم علمًا ظنيّا أنه لم يكن عربيّا، ولعلّه كان كرديّا، وهم قوم ذوو همة ونجدة وبأس شديد، وفي أخلاقهم قوة وحدة... ُثم يقول: " ولم يذكر المؤرخون شيئًا عن أمه، ولا قبيلتها، وهي في الغالب ليست عربية.. " انتهى كلام أبي زهرة. وأضيف: إنني وجدت في أثناء بحثي إلى أن اسم أمه: ست النعم بنت عبد الرحمن بن عدوس الحرانية. وبالمناسبة أسوق ما ذكره المؤرخون عن سبب تسميته بـ"ابن تيمية" فقد سُئل جدّه عن اسم تيمية فأجاب أن جده حج إلى بيت الله الحرام، وكانت امرأته حاملاً، لما كان بتيماء، وهي بلدة بقرب تبوك ويعرفها كل من يتجه من المدينة المنورة إلى تبوك، رأى صغيرة حسنة الوجه قد خرجت من خباء أهلها، فلما رجع إلى بلده وجد امرأته قد وضعت جارية فأتوا بها إليه فتذكر جارية تيماء، فقال: يا تيمية... يا تيمية.. يعني أنها تشبه تلك التي رآها بتيماء.. وقد ألفت كتابًا لترجمته سميته" القطوف الندية من حياة شيخ الإسلام ابن تيمية" وهو ترجمة مختصرة لحياته.والسلام عليكم. 
*محمد جميل
20 - يوليو - 2010
رواية ( صبي حران ، وكهل الشام) ألف صفحة.    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم
 
الأخ الأستاذ محمد جميل : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 
* هل وقفتَ على كتاب ( العرش) لابن تيمية ؟
* هل أسند ابن تيمية المكان والجهة إلى الله تعالى؟
* هل زعم أن الحوادث تقوم بالله سبحانه وتعالى ؟
* هل زعم أن كلام الله تعالى بصوت وحرف؟
* هل له كلام في مسألة الجسم ؟
* هل خفي عليه ما جاء عند النَّسائي : " ينزل ملَك ربِّنا في الثلث الأخير من الليل..." ، وليس الرب نفسه سبحانه ؟
من قَبيل التذكير ،فإني أرغب إليك التوثيق بذكر المصدر ( لا المرجع) ، مع رقم الصفحة ، ولكم تحياتي.
 
* لمَ لا يكون ابن تيمية من مواليد ( حران العواميد)، وشاء الله أن يكون أبوه ممن ولد في حران التركية؟ ، ثم لمَ قلتَ : لعله كردي ؟ هل تريد ممالحة أخينا الأكرم زهير ظاظا ؟ ولكم احترامي يا أستاذ محمد جميل.
*د يحيى
22 - يوليو - 2010
هل عرفت المعجزة؟    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
هل عرفت المعجزة؟
د. عائض القرني
لكل أمة معجزة، ومصدر فخر، وقاموس شرف، ومعجزتنا وفخرنا وشرفنا القرآن؛ لولا القرآن لمسخت الديانة، وذهبت اللغة، وانطمست الهوية، وفسد البرهان، وسقطت الحجة.
القرآن حياة أمة، وميلاد حضارة، وناموس مجد،
وسجل مكرمات، وديوان فضائل، مسكين الذي لا يقرأ القرآن، ولو قرأ كتب الدنيا، وصغير من لم يتدبر القرآن، ولو تدبر كل نتاج البشر، في القرآن خشوع القانت، ورقة الزاهد، وعظمة القائد، وإقدام المناضل، وعزة الشهيد، وجمال الحق وجلال الفضيلة. في القرآن بنود الحكم، وأسس الدولة العادلة، وبطاقة الشورى، وميثاق السلام، وأبهة الملك. في القرآن معالم الإيمان، وحب الوطن، وطهر السياسة، وهيكل الاقتصاد، ومجالس المعرفة، وعبر التاريخ، وأسر الطبيعة، وقصة الزمن. في القرآن تحيات زاكيات طيبات مباركات، فهو يحيي العالم التقي، والحاكم العادل، والعامل المثابر، والجواد المنفق، والغني الشاكر، والفقير الصابر، والمبتلى المحتسب، والمناضل المقدام، والعاقل الحصيف، والخلوق المتواضع، والمطلع المتدبر، والمرأة العفيفة المؤمنة الشريفة. في القرآن هجوم أدبي كاسح على أساطين الإلحاد، ومردة الشرك وشياطين الوثنية ورموز الظلم، وعملاء البغي والاستبداد، والإقطاعيين والأفاكين والمرتشين والمرابين، وفيه نسف وإبادة لمعاقل الزور، وملاعب الجاهلية، وأوكار الجريمة، ودور اللهو والعبث، وفي القرآن تنديد شديد، ووعيد أكيد على هواة البذخ والإسراف، وعشاق المظاهر الزائفة، والاستعراضات الخادعة، والدعاوى الكاذبة.
وفي القرآن صيحة غضب على صناع العدوان، وأتباع الشيطان، وهواة الدجل والبهتان، فهو يهاجم بلا هوادة، الطغاة والبغاة والغلاة، ويسخر من المتجبرين والمتكبرين والعاطلين الفاشلين، والغافلين المعرضين، والقساة الجاهلين. في القرآن فحص دقيق وكشف عميق لأسرار النفس، وخبايا الضمير، وخفايا الصدور، ومكنون النيات، وفيه تعرية لبخل الغني، وجحود المعترض، وغطرسة المستبد، وتيه الأحمق المتعالي، وجرأة الفاجر ولؤم العاق، وسموم الشرير، وأقنعة المنافق، في القرآن الحديث الراقي عن أخبار الأمم، وتاريخ الشعوب، وحكاية الدول، وأنباء القرون. والقرآن يحدثك عن قوافل التجارة، وسفن البحارة، وكتائب الجنود، وحياة البادية، وقصة الحضارة، كأنك تسمع في القرآن بكاء العباد، ودعاء الزهاد، وسمر الملوك، وأصوات الرعاة، وخطب الوعاظ، ورسائل الأدباء، ومباحثات الساسة، وأهوال الحروب، وفنون السلام، والمعاهدات الدولية، والوثائق التاريخية. في القرآن رواية مذهلة عن الشمس، ومذكرة موحية عن القمر، ومحاضرات عن النجوم والكواكب، وحصص عن الفلك والكائنات، وفيه زمجرة الرعد، ولمعان البرق، وزحف السحب، وروعة الغيث المدرار، والوصف المعبر المدهش عن الحدائق الغناء ذات البهجة، والبساتين الفيحاء الهائمة في الحسن. في القرآن ريشة الرسام، وقلم الحكيم، وعرش السلطان، وسجادة المنيب، ومنبر الخطيب، وحلقة المفتي، وورشة العامل الجاد، وإلهام العبقري.
القرآن كفاح وتضحية، ونضال واستبسال، وصدق ووضوح وإخلاص وتفان، وسباق ومنافسة، وهمة وإقدام، وإتقان وجودة، وصبر واحتساب، وعدل وخشية، وعلم وعمل، وروح وجسد، وغيب وشهادة، ودنيا وآخرة، وراع ورعية، ومظهر ومخبر، وحياة وموت.
في القرآن حرية الرأي، وفضيلة الإقناع، وذم الإكراه، ومقت السيطرة، والدعوة للمصالحة الاجتماعية، والأخوة الإنسانية، وبناء صروح المعرفة، والإشادة بالعقل، ومدح العفو، والزجر عن الانتقام الطائش والتهور الممقوت، والاختلاف المنبوذ، إنه وثيقة ربانية من المعاني السامية، والأهداف النبيلة، والأفكار العظيمة، والتعاليم الراشدة، والوصايا الحكيمة، والعظات البليغة، والدليل الهادي، والبرهان النير، فتبّا لمن أعرض عن القرآن.
*د يحيى
22 - يوليو - 2010
أفلا يتدبرون القرآن ... هذه الآية كانت سبباً في إسلامه.....    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 

                           قصة الدكتور ميلر
كان من المبشرين النشطين جداً في الدعوة إلى النصرانية ، وهو من الذين لديهم علم غزير بالكتاب المقدس:
Bible ....
هذا الرجل يحب الرياضيات بشكل كبير .....لذلك يحب المنطق أو التسلسل المنطقي للأمور .......
في أحد الأيام أراد أن يقرأ القرآن بقصد أن يجد فيه بعض الأخطاء التي تعزز موقفه عند دعوته للمسلمين للدين النصراني
كان يتوقع أن يجد القرآن كتاباً قديماً مكتوباً منذ 14 قرناً يتكلم على الصحراء وما إلى ذلك ......
لكنه ذهل مما وجد فيه ..... فقد اكتشف أن هذا الكتاب يحوي على أشياء لا توجد في أي كتاب آخر في هذا العالم ........
كان يتوقع أن يجد بعض الأحداث العصيبة التي مرت على النبي محمد ،صلى الله عليه وسلم، مثل وفاة زوجته خديجة ،رضي الله عنها ،أو وفاة بناته وأولاده...... لكنه لم يجد شيئاً من ذلك ......
بل الذي جعله في حَيرة من أمره أنه وجد أن هناك سورة كاملة في القرآن تسمى سورة مريم وفيها تشريف لمريم ،عليها السلام، لا يوجد مثيل له في كتب النصارى ولا في أناجيلهم  !!
ولم يجد سورة باسم عائشة أو فاطمة رضي الله عنهن.....
وكذلك وجد أن عيسى ،عليه السلام، ذكر بالاسم 25 مرة في القرآن في حين أن النبي محمداً، صلى الله عليه وسلم، لم يذكر إلا 5 مرات فقط فزاد من حيرة الرجل .....
أخذ يقرأ القرآن بتمعن أكثر لعله يجد مأخذاً عليه .... ولكنه صعق بآية عظيمة وعجيبة ألا وهي الآية رقم 82 في سورة النساء : ' أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً '
يقول الدكتور ملير عن هذه الآية: " من المبادئ العلمية المعروفة في الوقت الحاضر هو مبد إيجاد الأخطاء أو تقصي الأخطاء في النظريات إلى أن تثبت صحتها Falsification test... والعجيب أن القرآن الكريم يدعو المسلمين وغير المسلمين إلى إيجاد الأخطاء فيه ولن يجدوا ......'
يقول أيضاً عن هذه الآية ' لا يوجد مؤلف في العالم يمتلك الجرأة ويؤلف كتاباً ثم يقول هذا الكتاب خال من الأخطاء ،ولكن القرآن على العكس تماماً يقول لك لا يوجد أخطاء، بل يعرض عليك أن تجد فيه أخطاءً ولن تجد '
أيضاً من الآيات التي وقف الدكتور ملير عندها طويلاً هي الآية رقم 30 من سورة الأنبياء :
" أولم ير الذين كفروا أن السموات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شي حي أفلا يؤمنون"
يقول: " إن هذه الآية هي بالضبط موضوع البحث العلمي الذي حصل على جائزة نوبل في عام 1973 وكان عن نظرية الانفجار الكبير وهي تنص على أن الكون الموجود هو نتيجة انفجار ضخم حدث منه الكون بما فيه من سماوات وكواكب ".
فالرتق هو الشيء المتماسك، في حين أن الفتق هو الشيء المتفكك فسبحان الله .
يقول الدكتور ملير :
" الآن نأتي إلى الشيء المذهل في أمر النبي محمد ،صلى الله عليه وسلم، والادعاء بأن الشياطين هي التي تعينه والله تعالى يقول :
و'مَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ 210 وَمَا يَنبَغِي لَهُمْ وَمَا يَسْتَطِيعُونَ 211 إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ 212 ' الشعراء.
'فإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ 98 ' النحل.
أرايتم ؟؟ هل هذه طريقة الشيطان في كتابة أي كتاب ؟ يؤلف كتاباً ثم يقول قبل أن تقرأ هذا الكتاب: يجب عليك أن تتعوذ مني ؟؟
إن هذه الآيات من الأمور الإعجازية في هذا الكتاب المعجز ! وفيها ردٌّ منطقي لكل من قال بهذه الشبهة '
* من القصص التي أبهرت الدكتور ملير ويعدها من المعجزات هي قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي لهب .
يقول الدكتور ملير :
'هذا الرجل أبو لهب كان يكره الإسلام كرهاً شديداً لدرجة أنه كان يتبع محمداً، صلى الله عليه وسلم، أينما ذهب؛ ليقلل من قيمة ما يقوله الرسول ،صلى الله عليه وسلم، إذا رأى الرسول يتكلم لأناس غرباء، فإنه ينتظر حتى ينتهيَ الرسول من كلامه ليذهب إليهم، ثم يسألهم ماذا قال لكم محمد؟ لو قال لكم أبيض فهو أسود، ولو قال لكم ليل فهو نهار.. المقصد أنه يخالف أي شيء يقوله الرسول الكريم، صلى الله عليه وسلم، ويشكك الناس فيه .
قبل 10 سنوات من وفاة أبي لهب نزلت سورة في القرآن اسمها سورة المسد ، هذه السورة تقرر أن أبا لهب سوف يذهب إلى النار ، أي أن أبا لهب لن يدخل في الإسلام .
خلال عشر سنوات كل ما كان على أبي لهب أن يفعله هو أن يأتي أمام الناس ويقول: " محمد يقول إني لن أسلٍم و سوف أدخل النار، ولكني أعلن الآن أني أريد أن أدخل في الإسلام وأصبح مسلماً !! ..
الآن ما رأيكم هل محمد صادق فيما يقول أم لا ؟ هل الوحي الذي يأتيه وحي الهي؟ .
لكنْ أبو لهب لم يفعل ذلك تماماً رغم أن كل أفعاله كانت هي مخالفة الرسول ،صلى الله عليه وسلم، لكنه لم يخالفه في هذا الأمر .
يعني القصة كأنها تقول إن النبي، صلى الله عليه وسلم، يقول لأبي لهب: أنت تكرهني وتريد أن تنهيني، حسناً لديك الفرصة أن تنقض كلامي !
لكنه لم يفعل خلا ل عشر سنوات !! لم يسلم ولم يتظاهر حتى بالإسلام !!
عشر سنوات كانت لديه الفرصة أن يهدم الإسلام بدقيقة واحدة! ولكن لأن الكلام هذا ليس كلام محمد ،صلى الله عليه وسلم ،ولكنه وحي ممن يعلم الغيب ويعلم أن أبا لهب لن يسلم .
كيف لمحمد، صلى الله عليه وسلم، أن يعلم أن أبا لهب سوف يثبت ما في السورة إن لم يكن هذا وحياً من الله؟
كيف يكون واثقاً خلال عشر سنوات بأن ما لديه حق لو لم يكن يعلم أنه وحي من الله؟
لكي يضع شخص هذا التحدي الخطير ليس له إلا أمر واحد: هذا وحي من الله .'
" تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَى نَاراً ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ ".
يقول الدكتور ميلر عن آية أبهرته لإعجازها الغيبي :
'من المعجزات الغيبية القرآنية هو التحدي للمستقبل بأشياء لا يمكن أن يتنبأ بها الإنسان وهي خاضعة لنفس الاختبار السابق ألا وهوfalsification tests أو مبدأ إيجاد الأخطاء حتى تتبين صحة الشيء المراد اختباره، وهنا سوف نرى ماذا قال القرآن عن علاقة المسلمين مع اليهود والنصارى ..القرآن يبين أن اليهود هم أشد الناس عداوة للمسلمين وهذا مستمر إلى وقتنا الحاضر فأشد الناس عداوة للمسلمين هم اليهود ".
ويكمل الدكتور ملير :
'إن هذا يعد تحدياً عظيماً، ذلك بأن اليهود لديهم الفرصة لهدم الإسلام بأمر سهل ، وهو أن يعاملوا المسلمين معاملة طيبة لبضع سنين ويقولون عندها : ها نحن أولاء نعاملكم معاملة طيبة، والقرآن يقول: إننا أشد الناس عداوة لكم ، إذن القرآن خطأ !  ولكن هذا لم يحدث خلال 1400 سنة !! ولن يحدث لأن هذا الكلام نزل من الذي يعلم الغيب وليس الإنسان !!'
يكمل الدكتور ملير :
' هل رأيتم أن الآية التي تتكلم على عداوة اليهود للمسلمين تعد تحدياً للعقول !! '
' لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمنوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ 82 وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ 83 وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ 84 ' المائدة .
والحق أن هذه الآية تنطبق على الدكتور ملير حيث إنه من النصارى،وهو الذي عندما علم الحق آمن ودخل في الإسلام وأصبح داعية له ..... وفقه الله.
يكمل الدكتور ميلر عن أسلوب فريد في القرآن أذهله لإعجازه :
'بدون أدنى شك يوجد في القرآن توجه فريد ومذهل لا يوجد في أي مكان آخر ، وذلك أن القران يعطيك معلومات معينة ويقول لك : لم تكن تعلمها من قبل !! مثل :
سورة آل عمران - سورة 3 - آية 44 " ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يُلقون أقلامهم أيهم يكفُل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ".
 
سورة هود - سورة 11 - آية 49 " تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبِر إن العاقبة للمتقين ".
 
سورة يوسف - سورة 12 - آية 102 " ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ أجمعوا أمرهم وهم يمكرون ".
يكمل الدكتور ميلر :
'لا يوجد كتاب مما يسمى بالكتب الدينية المقدسة يتكلم بهذا الأسلوب، كل الكتب الأخرى عبارة عن مجموعة من المعلومات التي تخبرك من أين أتت هذه المعلومات، على سبيل المثال الكتاب المقدس (الإنجيل) عندما يناقش قصص القدماء فهو يقول لك: الملك فلان عاش هنا، وهذا القائد قاتل هنا معركة معينة ،وشخص آخر كان له عدد كذا من الأبناء وأسماؤهم فلان وفلان ..إلخ .
ولكن هذا الكتاب(الإنجيل) دائماً يخبرك إذا كنت تريد المزيد من المعلومات فيمكنك أن تقرأ الكتاب الفلاني أو الكتاب الفلاني؛ لأن هذه المعلومات أتت منه ".
يكمل الدكتور ملير :
'على حين القرآن يمد القارىء بالمعلومة ،ثم يقول لك : هذه معلومة جديدة !! بل يطلب منك أن تتأكد منها إن كنت متردداً في صحة القرآن بطريقة لا يمكن أن تكون من عقل بشر !! .
والمذهل في الأمر هو أهل مكة في ذلك الوقت - أي وقت نزول هذه الآيات - ومرة بعد مرة كانوا يسمعونها ويسمعون التحدي بأن هذه معلومات جديدة لم يكن يعلمها محمد ،صلى الله عليه وسلم، ولا قومه ، ورغم ذلك لم يقولوا : هذا ليس جديداً، بل نحن نعرفه ! أبداً لم يحدث أن قالوا مثل ذلك ولم يقولوا : نحن نعلم من أين جاء محمد بهذه المعلومات ، وكذلك لم يحدث مثل هذا ، ولكن الذي حدث أنه لم يجرؤ أحد على تكذيبه أو الرد عليه؛ لأنها معلومات جديدة كلياً !!! وليست من عقل بشر ولكنها من الله الذي يعلم الغيب في الماضي والحاضر والمستقبل '
جزاك الله خيراً يا دكتور( جِيري ميلر) على هذا التدبر الجميل لكتاب الله في زمن قل فيه التدبر.....
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات
هذه هي المقالة الأصلية للدكتور ميلر بالإنجليزية لمن أراد نشرها وعنوانها "القرآن المذهل " ... :
http://www.jannah. org/articles/ amzquran. html
*د يحيى
22 - يوليو - 2010
الرقيب والعتيد    ( من قبل 5 أعضاء )    قيّم
 
الرقيب والعتيد وعلاقتهما بالإنسان 04/06/2010
ما يلفظ أي إنسان من قول أو عمل إلا ويسجل عليه ليحاسب في يوم القيامة
لقد جاء ذكر القرين في القرآن واصفاً إياه بالعداء للإنسان
 دائماً ما تردنا اسئلة كثيرة عن الرقيب والعتيد المذكورين في القرآن.. وعن القرين الذي جاء ذكره في سورة »ق« ما هو الرقيب وما هو العتيد? وما علاقتهما بالانسان? وما هو القرين هل هو ملك ام شيطان? افيدونا أفادكم الله..
يجيب على هذه الاسئلة الاستاذ الدكتور احمد شوقي ابراهيم رئيس الاعجاز العلمي في القرآن والسنة بالقاهرة - فيقول: ¯ ذكر لنا القرآن العظيم حقيقة الرقيب والعتيد, وعلاقته بالانسان في سورة ق17 - 18 في قول الله عز وجل: (ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد. اذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد. ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد).
الوسوسة: هي حديث النفس بما لا يعبر عنه اللسان.
وحبل الوريد: تعبير لغوي عن نفس الانسان وقلبه, فالله عز وجل اقرب الى الانسان من نفسه وقلبه, المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد: هما الملكان يتلقيان اعمال الانسان, احدهما عن يمينه يكتب الحسنات.. والآخر عن شماله يكتب السيئات.. وقعيد بمعنى قاعد. ولم يقل قعيدان وهما اثنان. لأن المراد القول: عن اليمين قعيد, وعن الشمال قعيد. فحذف الاول لدلالة الثاني عليه. وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم »كاتب الحسنات على يمين الرجل وكاتب السيئات على شماله. وكاتب الحسنات امين على كاتب السيئات, فاذا عمل حسنة كتبها صاحب اليمين عشرا, واذا عمل سيئة قال صاحب اليمين لصاحب الشمال: دعه ست ساعات لعله يسبح او يستغفر« (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد): اي لا يتكلم الانسان بشيء الا كتب عليه, والله تعالى اعلم فلا يحتاج الامر الى ملك يخبر, ولكن الله عز وجل وكلهما بالانسان الزاما للحجة عليه.. والرقيب: هو المتتبع للامور والشاهد والحافظ عليها.. والعتيد: الحاضر الذي لا يغيب, والحافظ المعد للحفظ.
وقال ابوالجوزاء ومجاهد: يكتب على الانسان كل شيء حتى الانين في مرضه وروى انس - رضي الله عنه - ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما من حافظين يرفعان الى الله ما حفظا, فيرى الله في اول الصحيفة خيراً, وفي آخرها خيراً, الا قال الله تعالى لملائكته: اشهدوا اني قد غفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفة).
ويقول الله عز وجل في سورة ق18: (ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد, وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد, ونفخ في الصور ذلك يوم الوعيد. وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد. لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد. وقال قرينه هذا ما لدي عتيد).
فالانسان في يوم الحساب يأتي ملك يسوقه وملك يشهد عليه, والانسان على نفسه شهيد ايضا, وقد يكون ملكا واحدا جامعا بين الامرين سائقا وشهيدا, لقد كان الانسان في حياته الدنيا في غفلة من هذا الموقف العظيم يوم الحساب. وحينئذ يكشف عن الانسان الغطاء, فاذا ببصره اكثر حدة ومضاء.. والمراد به البصيرة.. ونقرأ في السنة حديثا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (ان الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله تعالى ما يظن ان تبلغ ما بلغت, يكتب الله عز وجل له بها رضوانه الى يوم يلقاه, وان الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن تبلغ ما بلغت, يكتب الله عليه بها سخطه الى يوم يلقاه).
فما يلفظ اي انسان من قول الا ويسجل عليه, وسيعرض عليه يوم الحساب ليحاسب بمقتضاه, وسيشهد على نفسه كما يشهد الملك عليه ايضا, وقال الزمخشري في تفسيره: المعنى ان ملكا يسوقه, وآخر يشهد عليه, وشيطانا مقرونا به يقول: لقد أعدته لجهنم وهيأته لها بإغوائي واضلالي.. ويقول للملكين: القياه في جهنم كما قال عز وجل في سورة ق23 - .29
(ألقيا في جهنم كل كفار عنيد. مناع للخير معتد مريب. الذي جعل مع الله إلها آخر فألقياه في العذاب الشديد. قال قرينه ربنا ما اطغيته ولكن كان في ضلال بعيد. قال لا تختصموا لدي وقد قدمت اليكم بالوعيد. ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد).
الآية الكريمة تتحدث عن القرين.. فما هو القرين? هل هو ملك موكل بالانسان في الدنيا. ام هو شيطان يلازمه?.. الظاهر ان كلا الرأيين صحيح. فقد قال الحسن: ان القرين هو ملك موكل بالانسان في الدنيا. وقال مجاهد: ان القرين هو شيطان قيض للانسان.
ولقد جاء ذكر القرين في القرآن الكريم في ستة مواضع, متصفا فيها جميعا بالعداء للانسان كما في سورة النساء 38 في قول الله تعالى: (ومن يكن الشيطان له قرينا فساء قرينا) وفي سورة الزخرف 36 يقول تعالى: (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين. وانهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون انهم مهتدون. حتى اذا جاءنا قال ياليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين). وفي صورة ق يقول الله تعالى: (وقال قرينه هذا ما لدي عتيد) وقال تعالى ايضا: (قال قرينه ربنا ما اطغيته ولكن كان في ضلال بعيد).
وفي سورة الصافات 50 - 51 قال تعالى: (فأقبل بعضهم على بعض يتساءلون: قال قائل منهم اني كان لي قرين) فما هو القرين? يقول العلماء ان لكل مخلوق في الوجود قرينا حتى الجماد له قرين.. وقال بعض علماء الفلك, ان الشمس كنجم كان له قرين, وانفجر, ومنه تكونت الكواكب السيارة, ودليل ذلك ان مكونات الكواكب السيارة مختلفة عن مكونات الشمس.
والقرين في اللغة هو نقيض الشيء.
ان صورة اي انسان في المرآة نفس صورته, ولكن اليسار يكون يمينا.. واليمين يكون يسارا.. والقرين كذلك.. انه على نفس صورة كل انسان منا, ولكن يميننا في القرين يسار, ويسارنا في القرين يمين.
نفهم من كل ذلك, ان لكل انسان منا ملائكة موكلين به في حياته الدنيا, ويسجلون عليه كل افعاله واقواله, ومعه ايضا قرين من الجن يلازمه ويأمره بالشر ويوسوس اليه به. وما الدليل على ذلك? الدليل ما رواه مسلم والامام احمد, عن سالم بن ابي الجعد, عن عبدالله ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال (ما منكم من احد الا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة), وروي مسلم في صحيحه عن صدقة بن يسار عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اذا كان احدكم يصلي فلا يدع احدا يمر بين يديه, فإن ابى فليقاتله فإن معه القرين) وقرين الانسان من الملائكة, يأمره بالخير ويحثه عليه, وقرينه من الشياطين يأمره بالشر ويحثه عليه. ( منقول).
*د يحيى
22 - يوليو - 2010
توضيح....    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
أخي الدكتور يحيى، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... أبدأ من الأخير ومسألة ممالحة الأستاذ زهير... ممالحة أخ مسلم إذا لم يكن فيها جرح له ولا كذب ولا ضرر لأي مسلم آخر.. فأمر لا أحسبه إلا خيرًا...ولكن الحقيقة أنني لا أعرف ما إذا كان السيد زهير كرديّا أم لا، وما ذكرتُه هو رد على استفسار منه، وأحسب أنني عزوت ما ذكرته إلى الأستاذ الشيخ محمد أبي زهرة، ولم أقل ذلك من عندي؟ وبالمناسبة فإنني لا أهتم كثيرًا للقوم أو العرق إلا بقدر ما يخدم الدعوة.. ذلك لأن هذا محسوم بقوله تعالى : " إن أكرمكم عند الله أتقاكم".
أما فيما يتعلق بأسئلتك حول "ابن تيمية" فاعلم يا أخي العزيز أنني ما كتبت الرواية الأدبية، الْمُشار إليها، وكان شأني كحاطب ليل.. بل اطّلعت على ما كتبه هو أو ما كُتب عنه سلبًا أو إيجابًا.. وكنت أورد ذلك في الرواية بما يتفق مع طبيعة العمل سواء على صورة حوار أو سرد.. فإذا كان جواب سؤالك يكفيه "نعم " أو "لا" فأقول " نعم ولا أدعي الإحاطة الشاملة" أما إذا كان السؤال يقصد إلى إبداء رأيي فيما سألت.. فأقول : المبدأ الذي أعتمده في مثل هذه الأحوال: إنني أتعامل مع كل مسلم بمنطلق حسن الظن ، والابتعاد عن التجريح الشخصي، وأنظر إلى القول فإن كان لا يخرج عن أحدِ مدلولات نصٍ صحيح، وفق أسس اللغة وأصولها، من غير تمحل أو تعسف أو...  فمقبول ولو أني خالفته إلى اقتضاء وجه آخر لفهم النص.. فالرسول صلى الله عليه وسلم حين قال للصحابة عقب الانتهاء من غزوة الخندق: لا يُصلين أحد العصر إلا في بني قريظة.. كان الصحابة حيال قوله فريقين: أحدهما فهم النص بحرفيته فلم يُصلِّ إلا في بني قريظة مع تأخير وقت الصلاة، والآخر فهم من قوله صلى الله عليه وسلم أنه يريد الاستعجال فصلى أفراد هذا الفريق العصر حيث هم ثم انطلقوا... فقبل الرسول من الفريقين ولم يلُم أحدًا منهما... من هذا المبدأ أنظر إلى أي قول... أما إن كان القول واضح البطلان... والبشر معرضون لقول الباطل.. فهو مردود كقول؛ مع الْتماس العذر لقائله ولا سيما إن كان له فضل، ومشهود له في الدعوة والعلم والجهاد. وذلك اجتهاداً بالاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال في الفعل الكبير الذي فعله حاطب بن أبي بلتعة قبيل فتح مكة، ورأى عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن هذا الفعل يستحق القتل وطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك فرد عليه صاحب القلب الكبير ومن هو رؤوف رحيم بأصحابه " وما يُدريك يا عمر.. لعلّ الله اضطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم.." قال له ذلك بعد أن سمع من حاطب تفسيرًا لما فعل .وكذلك حين قال لأبي بكر رضي الله عنه لما كان أبو بكر يتعهد ثوبه من الإسبال ولكنه يُسبل من غير إرادته.. " ما مِثْلُكَ يا أبا بكر يُرخي ثوبه خُيلاء.." على العموم لا أريد أن أدخل بجدال ومراء حول أشخاص..أما حول الأقوال؛ فلا بأس إن كان في حدود ما ينتفع به الناس في دنياهم وآخرتهم.. ومن أراد أن يتثبت من أمر ما، فهذا حقه، وما أكثر الكتب والمراجع والمصادر المتاحة، ولاسيما في أيامنا هذه والحمد لله..وإذا وجد هذا الباحث أن ما توصل إليه يُنتفع به فجزاه الله خيرًا على إيصال نفعه لكل من يستطيع.. . أما فيما يتعلق بالمصادر فمما لا ريب فيه أنه لا ينبغي لشخص أن يورد شيئًا إلا بعد أن يشير إلى المصدر حفاظًا على أداء الأمانة بحق. وأود الإشارة هنا إلى أمر وهو أنه إذا كان الكذب قد وقع على سيد الخلق والمعصوم.. فهل يمكن أن ينجو أحد بعده من تلك الآفة...فعلى المسلم أن يتحرى الدقة فيما ينقل أو يروي...وأن يتبيّن إن جاءه فاسق بنبأ.. فلا يهرول إلى إذاعة ذلك النبأ أو التصرف بما لا يجوز...هذا مع جزيل شكري للدكتور يحي على ما كتب عن متدبري القرآن وحول " رقيب وعتيد" وعلى ما سيكتبه.. فهو ذو قلم سيال، وذو صبر.. نفع الله به، وأدخله في عِداد المعنيين بالحديث: " إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث... " ومنها " علم يُنتفع به" . وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.
*محمد جميل
22 - يوليو - 2010
فضل السورة ( منقول برمّته من أهل البيت).    ( من قبل 4 أعضاء )    قيّم
 
فضل السورة
1. عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أنه قال لجابر بن عبد الله الأنصاري: "يا جابر، ألا أعلمك أفضل سورة أنزلها الله في كتابه؟" فقال له جابر: "بلى بأبي أنت وأمي يا رسول الله علمنيها،" فعلمه الحمد أم الكتاب.1
2. عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: "سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: ’إن الله عز وجل قال لي يا أحمد ((وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ))2 فأفرد الامتنان عليّ بفاتحة الكتاب، وجعلها بإزاء القرآن العظيم.‘ وإن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز الله عز وجل خص محمداً وشرفه بها ولم يشرك معه فيها من أنبيائه ما خلا سليمان فإنه أعطاه منها ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ))، ألا تراه يحكي عن بلقيس حين قالت: ((إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ))3، ألا فمن قرأها معتقداً لموالاة محمد وآله الطيبين، منقااً لأمرها، مؤمناً بظاهرها وباطنها، أعطاه الله عز وجل بكل حرف منها حسنة، كل واحدة منها أفضل له من الدنيا بما فيها من أصناف أموالها وخيراتها، ومن استمع إلى قارئ يقرؤها كان له قدر ثلث ما للقارئ، فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض لكم فإنه غنيمة، لا يذهبن أوانه فتبقى في قلوبكم الحسرة."4
3. عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: "قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ’قال الله عز وجل: قسمت فاتحة الكتاب بيني وبين عبدي، فنصفها لي ونصفها لعبدي، ولعبدي ما سأل. فإذا قال: ((بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) قال الله عز وجل: بدأ عبدي باسمي، وحق عليّ أن أتمم له أموره، وأبارك له في أحواله. فإذا قال: ((الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)) قال الله جل جلاله: حمدني عبدي، وعلم أن النعم التي له من عندي، وأن البلايا التي دفعت عنه فبتطولي، أشهدكم أني أضيف له إلى نعم الدنيا نعم الآخرة، وأدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا. فإذا قال: ((الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)) قال الله عز وجل شهد لي بأني الرحمن الرحيم، أشهدكم لأوفرن من رحمتي من رحمتي حظه، ولأجزلن من عطائي نصيبه. فإذا قال: ((مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)) قال الله جل جلاله: أشهدكم كما اعترف عبدي أني مالك يوم الدين لأسهلن يوم الحساب عليه، ولأتقبلن حسناته، ولأتجاوزن عن سيئاته. فإذا قال: ((إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)) قال الله عز وجل: بي استعان، وإليّ التجأ، أشهدكم لأثيبنه على أمره، لأغيثنه في شدائده، ولآخذن بيده يوم نوائبه. فإذا قال: ((اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ)) إلى آخر السورة قال الله عز وجل: هذا لعبدي، ولعبدي ما سأل، فقد استجبت لعبدي، وأعطيته ما أمّل، وآمنته عما منه وجل.‘"5
(1) بحار الأنوار - ج 89 - ص 237 (طبعة مؤسسة الوفاء)
(2) سورة الحجر - 87
(3) سورة النمل - 29 - 30
(4) البحار - ج 89 - ص 227، 228
(5) البحار - ج 89 - ص 226، 227
*د يحيى
23 - يوليو - 2010

 
   أضف تعليقك
 1  2  3