مجلس : الفلسفة و علم النفس

 موضوع النقاش : الإنفلونزا الحقيقية     قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 سعيد 
12 - أكتوبر - 2009
الإنفلونزا الحقيقية (أمراض القلوب)
 الحسد الداء العضال
 
  الحسد هو عبارة عن " انفعال في النفس يشعر الإنسان معه أنه يتمنى زوال نعمة عند غيره والاستئثار بها لنفسه "[1] 
  وأسباب الحسد كثيرة  منها الحسد على الجاه أو المال أو الحظوة عند أحد أو العلم، وأكثر ما يتحاسد فيه الناس المال حيث يعشقون المال ولا أحد يتمنى لنفسه الفقر ولذلك كان أكثرهم يحبونه كما قال تعالى: {وتحبون المال حبا جما}، وذكره الله تعالى في الأشياء التي هي من شهوات الدنيا فقال تعالى: {المال والبنون زينة الحياة الدنيا} ولذلك أمثلة كثيرة منها حسد الناس لقارون الذي آتاه الله الأموال الكثيرة، وحسد قابيل لأخيه هابيل حينما تقبل الله منه قربانه لتقواه وصلاحه، ولم يتقبل منه لسوء طويته وضعف إيمانه، وحسد إخوة يوسف له مع ما يرونه من حضوته عند أبيه.
  وذكر الإمام الغزالي للحسد مجموعة من الأسباب منها:
السبب الأول: العداوة والبغضاء، وهذا أشد أسباب الحسد.
السبب الثاني: التعزز؛ وهو أن يثقل عليه أن يترفع عليه غيره.
السبب الثالث: الكبر.
السبب الرابع: التعجب.
السبب الخامس: الخوف من فوت المقاصد، وذلك يختص بمتزاحمين على مقصود واحد.
السبب السادس: حب الرياسة وطلب الجاه لنفسه من غير توصل إلى مقصود.
السبب السابع: خبث النفس وشحها بالخير لعباد الله تعالى.
  قال: " فهذه هي أسباب الحسد وقد يجتمع بعض هذه الأسباب أو أكثرها أو جميعها في شخص واحد فيعظم فيه الحسد بذلك، ويقوى قوة لا يقدر معها على الإخفاء والمجاملة، بل ينتهك حجاب المجاملة وتظهر العداوة بالمكاشفة. وأكثر المحاسدات تجتمع فيها جملة من هذه الأسباب، وقلما يتجرد سبب واحد منها "[2]

[1]  - معرفة النفس الإنسانية في القرآن والسنة (1/ 174).
 - إحياء علوم الدين (3 / 188 - 190).[2]


*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
تتمة    ( من قبل 3 أعضاء )    قيّم
 
والجامع بين جميع من كان في قلبه الحسد تمني زوال النعمة عن المحسود، قال معاوية رضي الله عنه: " كل إنسان أقدر على أن أرضيه، إلا الحاسد، فإنه لا يرضيه إلا زوال النعمة "[3]
 وقال: " ليس في خلال الشر خلة أعدل من الحسد، تقتل الحاسد قبل المحسود "[4]
  ومنه الحسد في النبوة والرسالة والحكمة والعلم، قال تعالى: {أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله، فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما}
  وحسد المشركين وأهل الكتاب لمن آمن من المؤمنين بالله ورسوله {ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق}
  قال الإمام الغزالي: " أما الحسد: فهو متشعب من الشح، فإن البخيل هو الذي يبخل بما في يده على غيره، والشحيح هو الذي يبخل بنعمة الله تعالى وهي في خزائن قدرته تعالى، لا في خزائنه، على عباد الله فشحه أعظم، والمحسود هو الذي يشق عليه إنعام الله تعالى من خزائن قدرته، على عبد من عباده بعلم أو مال أو محبة في قلوب الناس، أو حظ من الحظوظ، حتى أنه ليحب زوالها عنه، وإن لم يحصل له بذلك شيء من تلك النعمة؛ فهذا منتهى الخبث؛ فلذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب).
والحسود هو المعذب الذي لا يرحم، ولا يزال في عذاب دائم في الدنيا إلى موته، ولعذاب الآخرة أشد وأكبر "[5]
  ومما قيل في ذلك من الشعر:
كلُّ العداوة قد ترجى إماتتها *** إلا عداوة من عاداك من حسد
وقال ابن المعتز:
قل للحسود إذا تنفس: طعنة *** يا ظالماً وكأنه مظلوم
وقال أبو تمام:
وإذا أراد الله نشر فضيلةٍ *** طويت أتاح لها لسان حسود
  الرسالة القشيرية
  وقال آخر:
حَسَدُوا الفتى إذْ لم ينالوا سعيَهُ *** فالناسُ أعداءٌ لهُ وخصومُ
كضرائرِ الحسناءِ قُلْن لوجهِهَا *** حسداً ومقتاً إنهُ لذميمُ
وقال زهيرٌ :
مُحسَّدُون على ما كان من نِعَمٍ *** لا ينزعُ الله منهمْ ما له حُسِدوا
وقال آخرُ :
همْ يحسدوني على موتي فوا أسفاً *** حتى على الموتِ لا أخلو مِنَ الحسدِ
  قال الإمام الغزالي: " الحسد من الأمراض العظيمة للقلوب، ولا تداوى أمراض القلوب إلا بالعلم والعمل. والعلم النافع لمرض الحسد هو أن تعرف تحقيقاً أن الحسد ضرر عليك في الدنيا والدين، وأنه لا ضرر فيه على المحسود في الدنيا والدين بل ينتفع به فيهما "[6]
   وقال:
 " مثال القلب المشحون بهذه الخبائث مثال دمل ممتلئ بالصديد والمدة وقد لا يحس صاحبه بألمه ما لم يتحرك أو يمسه غيره،فإن لم يكن له يد تمسه أو عين تبصر صورته ولم يكن من يحركه ربما ظن بنفسه السلامة ولم يشعر بالدمل في نفسه وأعتقد فقده.ولكن لو حركة محرك أو إصابة مشرط حجام لانفجر منه الصديد وفار فوران الشيء المختنق إذا حبس عن الاسترسال،فكذلك القلب المشحون بالحقد والبخل و الحسد و الغضب وسائر الأخلاق الذميمة إنما تتفجر منه خبائثه إذا حرك " إحياء علوم الدين.
 
 
 - إحياء علوم الدين (3 / 185)، الرسالة القشيرية.[3]
 - الرسالة القشيرية، لأبي القاسم القشيري.[4]
 - بداية الهداية.[5]
 - إحياء علوم الدين (3 / 192).[6]
 
*سعيد
12 - أكتوبر - 2009
هل من مَصْلٍ ؟    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
االتفاتة طيبة أيها الأخ الفاضل , فهذه أمراض موجودة في كل المجتمعات ولاأحد يفكر في البحث لها عن دواء يستأصلها , بل إنهم يحاولون نشرها في كل الأماكن والمجتمعات والدول وبين الأجناس المختلفة من البشر  , وأرى أنك غفلت سببا مهما لم تذكره من الأسباب الداعية إلى انتشار مثل هذا الداء العضال ؛ وهو التجاهل التام وانتشار ثقافة البذخ والترف المفتعل وبدون ضوابط من قبل الطبقات التي طفت على السطح فجأة واستغنت بأساليب غير منضبطة بالاحتكار أو تسقيع الأراضي أوبتزاوج المال والسلطة , وربما بالنهب للمال العام والاستيلاء عليه بوجه فيه استفزاز لطبقة كادحة ومحرومة من كل شيء , فهل هناك مصْلٌ يقي من هذا المرض ؟
*الدكتور سامي زهران
13 - أكتوبر - 2009
الموفق من وفقه الله تعالى.    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
ما يزال الناس على مر الزمان يبحثون عن الأمصال لأدوائهم ومع التقدم الذي وصلت إليه الإنسانية في مداواة كثير الأمراض، فإن أمراض القلوب لم يجد لها الأطباء سبيلا.
   والداء الذي تفضلت بذكره أخي الفاضل تولد عن حب المال والرياسة، وقد استحكمت شوكته وتغلغل في الكيان الإنساني مثل الخلايا السرطانية.
   والمصل الناجع لأدواء القلوب كتاب الباري سبحانه وتعالى لمن وفقه الله إليه.
  والموفق من وفقه الله.
  قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125)
قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِآَيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآَخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى (127) أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِأُولِي النُّهَى (128)}  الآيات من سورة طه.
*سعيد
14 - أكتوبر - 2009
الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
 
بداية أشكر  الأخ الفاضل سعيد على هذا الموضوع الطيب الذي جذب انتباهي ـ كشخص عانى من الحسدـ ، وقد سمعتُ غير مرة أن الحسد ينتج من إشعاعات غير مرئية تصدر من العين حينما يعجبها شيء؛ لذا فإن المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ كان إذا أعجبه شيء قال: ماشاء الله ، مع أننا نعلم أنه ما كان ليحسد، ولكنه أراد أن يعلم أمته، فيكون بذلك لنا خير أسوة.
 وهذا الداء الذي  تفشى كثيرًا ولم يسلم منه إلا من رحم داءٌ بل وباء خطير، ولكن أليس من الغريب أن هذا الداء منتشر بين العرب في حين أنا لا نسمع بذلك بين غيرهم؟!
وإذا كان الحسد يعني تمني زوال نعمة عند الغير والاستئثار بها للنفس، فإن الغبطة تقابلها في عدم تمني زوال النعمة مع حب التمتع بها. 
أما عن سؤال دكتورنا الفاضل في الكلية الدكتور سامي زهران حول المصل، فإنه لي موضوع سأطرحه في قادم الأيام إن شاء الله ، وبعد الامتحانات ، وأتمنى أن يجد ضالته فيه. 
 
هذا ولكم جزيل الشكر
الفقير إلى ربه : طماح الذؤابة. 
*طماح
18 - أكتوبر - 2009
بين الحسد والغبطة والغيرة    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
كنت قد نويت المشاركة ثاني يوم من اطلاعي على هذا الموضوع ؛ ولكن حال بيني وبينها  خلل في مستعرض المواقع فاستبدلته بمستعرض آخر. وهذه مشاركتي :
أما أنا فأغبط الأستاذ سعيد على ما آتاه الله من حسن الخلق وسعة العلم ، ومن صادق النظرة وإصابة الفكرة ، ولا أحسده بالطبع ، كما أغبط الأساتذة القائمين على الوراق ، وسراته ومرتاديه جميعا .
وأما الغبطة كما هو معلوم ، فليست من الحسد في شيء ، فالفرق بينهما بين :
قال أبو هلال العسكري في معجم الفروق اللغوية:
" الفرق بين الغبط والحسد: أن الغبط هو أن تتمنى أن يكون مثل حال المغبوط  لك من غير أن تريد زوالها عنه، والحسد أن تتمنى أن تكون حاله لك دونه، فلهذا ذم الحسد ولم يذم الغبط، فأما ما روي أنه عليه السلام سئل فقيل له : أيضر الغبط ؟  فقال: نعم ، كما يضر العصا الخبط. فإنه أراد أن تترك مالك فيه سعة ؛ لئلا تدخل في المكروه . وهذا مثل قولهم : ليس الزهد في الحرام ؛ إنما الزهد في الحلال، والاغتباط الفرح ." .
وفي خزانة البغدادي الأدبية :
" يقال: غبطت الرجل أغبطه غبطاً من باب ضرب، والاسم الغبطة بالكسر، إذا اشتهيت أن يكون لي مثل ما له، وأن يدوم عليه ما هو فيه.
وحسدته أحسده حسداً، إذا اشتهيت أن يكون لي ما له، وأن يزول عنه ما هو فيه." .
طرفتان من " ربيع الأخيار ونصوص الأخبار" للزمخشري :
" تكلم رجل عند عبد الله بن عباس فأكثر الخطأ، فدعا بغلام له فأعتقه، فقال له الرجل: ما سبب هذا الشكر؟ فقال: أن لم يجعلني مثلك.
شهد سلمي الموسوس عند جعفر بن سليمان على رجل فقال: هو أصلحك الله ناصبي، رافضي، قدري، مجبر، يشتم الحجاج بن الزبير الذي هدم الكعبة على علي بن أبي سفيان. فقال له جعفر: لا أدري على أي شيء أحسدك أعلى علمك بالمقالات أم على معرفتك بالأنساب؟ قال: أصلح الله الأمير ما أخرجتُ من الكتّاب حتى حذقت هذا
كله." .
العين والحسد :
الحسد عاطفة إنسانية مذمومة ويبعد أن تكون ذات شكل مادي . وربما المقصود بالعين غير ذاتها التي وظيفتها النظر إلى الأجسام لتراها ، فالأعمى يمكن أن يكون حسودا أيضا . وإذا كانت العين نفسها هي المقصودة لذاتها، فعلى سبيل التغليب ، فالمبصرون أكثر عددا بكثير من غير المبصرين . والله تعالى أعلم ، ووقانا من شر الحاسدين إذا حسدوا ، فشرهم لا تطاق عواقبه .
بين الحسد والغيرة :
بما أن الحسد عاطفة إنسانية سيئة جدا وينتج عنها أضرار متعددة ، فإن الواجب على العاقل أن يهذب نفسه الأمارة بالسوء ، ويقذف بالحسد بعيدا ، أو يحوله إلى غيرة على أقل تقدير . فالغيرة ربما تحث صاحبها على الرقي بمستواه الأخلاقي والمادي ؛ ليكون لديه ما لدى المغير منه من علم مفيد ، أو مال حلال ، أو خلق حسن ، وربما هذا الحث يجعله يبز غيره في امتلاك الصفات الحسنة والمنافع الدنيوية الطيبة . 
وهذا ما جد على مشاركتي :
تعقيب على مشاركة الأستاذ الفاضل طماح :
"ولكن أليس من الغريب أن هذا الداء منتشر بين العرب في حين أنا لا نسمع بذلك بين غيرهم؟!"
 وبما أن أحد أسباب تولد الحسد في النفوس هو التمايز الطبقي المبني على غير الحق ، فإن تقلص الفوارق الطبقية ، الاجتماعية منها والمادية على وجه الخصوص ، بين أفراد الشعوب في الدول المتقدمة يقلص كثيرا من وجود داء الحسد بينها  ( وهذا ما نبهتني إليه مشاركة أخينا الفاضل ، د.سامي زهران ) . فالحسد لدى أفراد تلك الشعوب موجود ؛ ولكن بصورة أقل . ونجده بين قادة الدول ، والأحزاب السياسية متوفرا ؛ مضافا إليه الكراهية والحقد ، وصنع الدسائس والمؤامرات ؛ احتجاجا بالمصالح ، ودون التفات إلى الأخلاق الحسنة . 
ولا ريب في أن التوجه الحق نحو الإيمان الديني ، بصدق وإخلاص ، يساعد كثيرا في التخلص من جميع الأدواء ؛ ولكن ذلك يتطلب منا فهما مستقيما لنصوص الدين دون تدخل من المصالح والأهواء . والنصوص منها ما يحتمل دلالات تبدو متباينة بين مطالع لها وآخر ؛ ولكن فهم ما طبعت عليه النفس الإنسانية في أصل جبلتها لا يختلف فيه اثنان صادقان . فلا يستحسن الكذب ، ولا يُذم الصدق ، ولا يستحسن الاستيلاء على حقوق الغير ، ولا يذم إعطاء كل ذي حق حقه . وكذلك لا يستحسن الحسد ، ولا تحبذ الكراهية إلا ما يكرهه الله تعالى .
بارك الله فيكم 
*ياسين الشيخ سليمان
20 - أكتوبر - 2009
هل يضر الغبط؟     ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
جزاك الله تعالى خيرا أستاذي الفاضل ياسين الشيخ على هذه المشاركة الطيبة، وقد نبَّهَتني مشاركتكم القيمة إلى فائدة جديدة أستفيد منها، فقد راعى انتباهي ما ذكره أبو هلال العسكري في معجم الفروق اللغوية حيث قال: "روي أنه عليه السلام سئل فقيل له : أيضر الغبط ؟  فقال: نعم ، كما يضر العصا الخبط"
   وأول ما أردت معرفته صحة الحديث ثم ما يدل عليه من المعاني  
   جاء في تخريج الأحاديث والآثار الواقعة في تفسير الكشاف للزمخشري، لجمال الدين عبد الله بن يوسف بن محمد الزيلعي:
  " قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {هل يضر الغبط؟ قال لا إلا كما يضر العضاة الخبط}.
   قلت رواه الطبراني في معجمه حدثنا أحمد بن معلى الدمشقي ثنا هشام ابن عمار ثنا محمد بن سليمان بن بلال بن أبي الدرداء حدثتني أمي عن جدتها أم الدرداء قالت قلت يا رسول الله هل يضر الغبط قال نعم كما يضر الشجر الخبط انتهى.
   ورواه إبراهيم الحربي في كتابه غريب الحديث ثنا إسحاق بن إسماعيل ثنا سفيان عن رجل مكي عن ابن أبي حسين أن سائلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم {أيضر الناس الغبط؟ قال نعم كما يضر العضاة الخبط} قال إرادة الغبط السعة والغبطة السرور انتهى.
وذكره السرقسطي في غريبه بلفظ المصنف إلا أنه لم يسنده وقال المراد به الحسد"
الطبعة الأولى، تحقيق: عبد الله بن عبد الرحمن السعد، نشر دار ابن خزيمة - الرياض - 1414هـ، (3/ 32).
    واللفظ المذكور في المعجم الكبير أظن أنه خطأ فقد جاء فيه: " هَلْ يَضُرُّ الْغَيْظُ؟ " بدل الغبط. والأمر يحتاج إلى مراجعة.
  وقد ذكر الحديث الإمام البخاري في التاريخ الكبير فقال: " محمد بن سليمان بن بلال بن أبى الدرداء أبو سليمان الأنصاري سمع أمه عن جدتها قالت قالوا يا رسول الله هل يضر الغبط قال نعم كما يضر الشجر الخبط، قال لي هشام بن عمار سمع محمدا " (1/98).
 
  والخبط كما قال الإمام القرطبي في المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم " بفتح الباء : اسم لما يُخبط فيتساقط من ورق الشجر. وبسكون الباء : المصدر . وتبليلهم الْخَبَط بالماء ليلين للمضغ . وإنَّما صاروا لأكل الخبط عند فقد التمرة الموزعة عليهم . وهذا كله يدلُّ على ما كانوا عليه من الجِدِّ ، والاجتهاد ، والصبر على الشدائد العظام ، والمشقات الفادحة ، إظهارًا للدِّين ، وإطفاءً لكلمة المبطلين . رضي الله عنهم أجمعين"
  أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ فِي " الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحِ " { عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّرَ عَلَيْنَا أَبَا عُبَيْدَةَ ، نَتَلَقَّى عِيرًا لِقُرَيْشٍ ، وَزَوَّدَنَا جِرَابًا مِنْ تَمْرٍ لَمْ يَجِدْ لَنَا غَيْرَهُ ، فَكَانَ أَبُو عُبَيْدَةَ يُعْطِينَا تَمْرَةً تَمْرَةً ، فَكُنَّا نَمُصُّهَا كَمَا يَمُصُّ الصَّغِيرُ ، ثُمَّ نَشْرَبُ عَلَيْهَا مِنْ الْمَاءِ فَيَكْفِينَا إلَى اللَّيْلِ ، وَكُنَّا نَضْرِبُ بِعِصِيِّنَا الْخَبَطَ ، ثُمَّ نُبِلُّهُ بِالْمَاءِ فَنَأْكُلُهُ ، قَالَ : فَانْطَلَقْنَا عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ ، فَأَلْقَى لَنَا الْبَحْرُ دَابَّةً يُقَالُ لَهَا : الْعَنْبَرُ ، قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ : مَيْتَةٌ ، ثُمَّ قَالَ : لَا بَلْ نَحْنُ رُسُلُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ ، وَقَدْ اُضْطُرِرْتُمْ فَكُلُوا ، قَالَ : فَأَقَمْنَا عَلَيْهِ شَهْرًا ، وَنَحْنُ ثَلَاثُمِائَةٍ حَتَّى سَمِنَّا ، وَلَقَدْ كُنَّا نَغْتَرِفُ الدُّهْنَ مِنْ وَقْبِ عَيْنَيْهِ بِالْقِلَالِ ، وَأَخَذَ أَبُو عُبَيْدَةَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا فَأَقْعَدَهُمْ فِي وَقْبِ عَيْنِهِ ، وَأَخَذَ ضِلْعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ فَأَقَامَهُ ، ثُمَّ رَحَّلَ أَعْظَمَ بَعِيرٍ مَعَنَا ، فَمَرَّ مِنْ تَحْتِهَا ، وَتَزَوَّدْنَا مِنْ لَحْمِهِ وَشَائِقَ ، فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ أَتَيْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لَهُ ، فَقَالَ : هُوَ رِزْقٌ أَخْرَجَهُ اللَّهُ لَكُمْ ، فَهَلْ مَعَكُمْ مِنْ لَحْمِهِ شَيْءٌ ، فَتُطْعِمُونَا ؟ قَالَ : فَأَرْسَلْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْهُ فَأَكَلَهُ } انْتَهَى .
وسمي هذا الجيش بجيش الخبط.
*سعيد
22 - أكتوبر - 2009
وجهة نظر    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
ولكن من وجهة نظري ، فأنا أرى أن داء الحسد يكاد لا يُعرَف بين غير العرب والمسلمين، لأنه غير مألوف بينهم أو لا يعتقدون به على خلافنا، فنحن لا نكاد نفعل شيئـًا إلا خشينا من الحسد، ولا نصاب بألم أو مرض إلا قلنا إنه بالتأكيد بسبب الحسد، أما عن الفوارق الطبقية والاجتماعية التي ذُكِـرَتْ فأنا أراها أكثر وضوحًا في المجتمعات الغربية التي تفتقد إلى تعاليم الإسلام السمحة، ودعوتها إلى المساواة  والعطف والتكافل، فلا نجد فيهم رعاية للفقير أو اللقيط ، أو المريض إلا من رحم ربي.
هذا ويبقى رأيي وجهة نظر.
 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
*طماح
9 - نوفمبر - 2009
علاقة العقل بالنقل : للدكتور البوطي.    ( من قبل 6 أعضاء )    قيّم
 
أرسل إلي أخ من الرياض في المملكة العربية السعودية، يطلب مني إجابة عن سؤالين اثنين، ويرجو تسجيل الإجابة عنهما في هذا الموقع.( موقع الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي).
أما سؤاله الأول فعن علاقة العقل بالنقل.
وأقول في الجواب: إن العقل أداة للوثوق بصحة ورود النقل، ثم هو أداة لفهم مضمونه، وإدراك المعنى الذي يدل عليه. فهو كالمصباح إذ ينير معالم الطريق أمام السائر.
وهذا يعني أن العقل خادم للنقل الذي نعني به في هذا المقام الوحي الإلهي الموجه إلى الرسل والأنبياء في الأرض.
غير أن المهم معرفة المعنى المراد بكلمة ((العقل)). ولعل أدق تعريف له أنه نور يقذفه الله في دماغ الإنسان يدرك به حقائق الأشياء ويَمِيز به الحق من الباطل.
وقد اهتم العلماء بالعمل على بيان الضوابط التي تميز العقل الذي به يتم إدراك الحقائق عن الرغائب النفسية التي من شأنها الاستجابة للملاذّ والأهواء الذاتية. فوضعوا للمدارك العقلية منهجاً يضمن الالتزامُ به بلوغَ الحقائق صافية عن شوائب الأهواء، والرعونات الذاتية.
ومن أهم ما يتضمنه هذا المنهج أن العقل إذا وصل من السير، طبق العمليات التي بها يتم إدراك الحقائق، إلى الحد الذي لا يتأتى له تجاوزه، ولا يتمكن من الخوض فيما وراءه، كان لا بدّ له عندئذ
(بحكم من طبيعة العقل ذاته) أن يستسلم للخبر الصادق الذي من شأن العقل (من حيث هو جنس) أن يثق به ويطمئن إليه. مثال ذلك الأحداث التي يختزنها الماضي السحيق، والتي لم يبق بينها وبين ضياء العقل من علاقة تعين على النظر والبحث فيها. ومثاله أيضاً أحداث المستقبل البعيد الذي حجبت دخائله عن العقل برداء الغيب.
فإن العقل يتطلب في هذه الحالة من يخبره بصدق عن تلك المغيبيّات المحجوبة عنه بظلمات الماضي السحيق أو المستقبل البعيد.
ولا يتمثل الخبر الصادق الذي ينبغي أن يثق به العقل إلا بالوحي الإلهي الذي أنجد الله به العقل الإنساني عن طريق الرسل والأنبياء.
فإذا تلقى العقل أنباء الوحي الإلهي تكشف له ما تنطوي عليه غيوب الماضي والمستقبل، أصبح دور العقل عندئذ العمل على إدراك ما تتضمنه تلك الأنباء عن طريق ضوابط اللغة وقواعد الدلالات. ولا يسع العقل بعد ذلك إلا الانقياد لما تقتضيه تلك الأنباء والاستجابة للوصايا التي يدلي بها مرسل تلك الأنباء.. وهو الله عز وجل..
وحصيلة هذا الموجز الذي أذكره لك هو المراد بما أجمع عليه علماء هذا الشأن من أن صحيح المنقول متفق دائماً مع صريح المعقول، أي متفق مع العقل الصافي عن شوائب الأهواء والرغائب النفسية.
ثم إن لهذا الموجز الذي أرجو أن لا يكون مخلاًّ، تفصيلاً طويل الذيل، يدخل فيما يسمونه بمنهج البحث عن الحقيقة، غير أنه لا مجال للدخول في سرده في مثل هذا المقام.
وأما السؤال الثاني فعن ذاك الذي يقوله بعضهم من أن الأشاعرة والماتريدية يقتصرون من ذكر صفات الكمال لله تعالى على سبع صفات، يعتمدون فيها على دليل العقل وحده، وذلك على حد تعبير السائل، ونقله عن أولئك البعض.
فالجواب: أنه لا الأشاعرة ولا الماتريدية ولا أي من علماء المذاهب الإسلامية يحصرون صفات الكمال لله تعالى في سبع صفات. بل الكل مجمعون في مراجعهم الكثيرة المتداولة على أن الله متصف بجميع صفات الكمال، منزّه عن جميع صفات النقصان. ثم إنهم ينصون على عشرين صفة ثابتة لله تعالى (لا على سبع صفات فقط) مقسومة أربعة أقسام، وهي: أولاً: الصفة النفسية أو الذاتية وهي صفة الوجود، ثانياً: الصفات السلبية، وهي تلك التي تتضمن سلب ما لا يليق من صفات النقص عن الذات الإلهية جل جلاله. ثالثاً: صفات المعاني وهي سبع صفات ، رابعاً: الصفات المعنوية وهي سبع صفات أيضاً. فهذه الصفات العشرون هي أمهات صفات الكمال الثابتة لله عز وجل.
والدليل الذي يعتمد عليه علماء العقيدة الإسلامية، أياً كانوا، في إثبات هذه الصفات لله تعالى، إنما هو دليل النقل الصريح المثبت في كتاب الله تعالى. ويأتي دور العقل مؤيداً وتابعاً لكل ما أثبته الله تعالى في محكم كتابه، أو بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيح الوارد من سنته.
وليس في ذكر هذه الصفات العشرين التي أثبتها الله تعالى لذاته ما يعني عدم اتصافه جل جلاله بغيرها من صفات الكمال. بل هي أمهات صفات الكمال لله عز وجل، يستتبع كلٌّ منها جملة من صفات الألوهية له عز وجل. وتفصيل هذا الموجز مثبت في أماكنه من كتب العقيدة الإسلامية، التي دوّنها أهل السنة والجماعة.
*د يحيى
4 - أبريل - 2010

 
   أضف تعليقك