القصة القصيرة القصة عبارة عن ذكر قول أو فعل حدثا ، أو أمكن حدوثهما. الإيضاح ، والإيجاز ، والإمكان ، والتلطف . الإيضاح : يكون بتقديم فرش للحديث ، وتوطئةٍ للخبر ، يقرِّب مأخذ القصة ، وبمراعاة الترتيب الطبيعي في إيراد ظروف الخبر ما لم يكن للقاص غرض لتجاوز هذا النظام ؛ وبالعدول عن كثرة الاستطرادات في إنشاء الحديث لأن ذلك يصرف العقل عن سياق القصة ويذهب برونقها . الإيجاز : حذف فصول حشو الكلام مع انتقاء أخص الظروف وأنسبها للغاية ، ولا بأس بالإطناب إذا ما دعا إليه مقتضى الحال . الإمكان : ترشيح القصة للقبول في ذهن السامع . التلطُّف : في القصة أن يبلغ الكاتب كُنهَ القلوب ، ويأخذَ بمجاميعَ اللبِّ بأن ينتقل فيها من حال إلى حال ، لأن النفس قد جبلت على محبة التحول ، وطبعت على إيثار التنقل . وللقصة ثلاثة أجزاء : صدرُها , وعقدُها , وختامُها . فالصَّدر : التوطئة للواقع ، بحيث يقف السامع على أسماء الأشخاص وطباعِهم , وعلى مكان الواقع وسوابق العمل . والعقدة : هي الجزء الذي على محوره تدور القصة , وهو المجال الأوسع الذي يتقابل فيه الأشخاص وتشتبك الأحوال وتضطرم في النفس لواعج الشوق للوقوف على عاقبة الأمر , فتنتقل من الرَّجاء إلى الخوف ومن الفرح إلى الحزن . والختام : الجزء الأخير من القصة ، الذي به تفك الإربة ، وتحل رباق الحديث , فتنال النفوس بذلك مرامها ، وتفوز بوطرها, وسمته أن يكون فجائيا مرتبطا مع ما قبله ارتباطا محكما وافيا بالمراد ، بحيث ترضى به النفوس, وترتاح إليه القلوب. وشواهد القصة كثيرة ، لانطيل بذكرها , أفردها الأدباء بالآليف العديدة .. تعريف القصة لغويا: قال الليث : القَصُّ فعل القاصّ إذا قَصَّ القِصَصَ، والقصّة معروفة. ويقال: في رأْسه قِصّةٌ يعني الجملة من الكلام، ونحوُه قوله تعالى: نحن نَقُصُّ عليك أَحسنَ القصص؛ أَي نُبَيّن لك أَحسن البيان. والقاصّ: الذي يأْتي بالقِصّة من فَصِّها . والقِصَص ، بكسر القاف : جمع القِصّة التي تكتب .. والقِصّة : الأَمرُ والحديثُ . واقْتَصَصْت الحديث : رَوَيْته على وجهه ، وقَصَّ عليه الخبَرَ قصصاً . وفي حديث الرؤيا : لا تقُصَّها إِلا على وادٍّ . يقال : قَصَصْت الرؤيا على فلان إذا أَخبرته بها ، أَقُصُّها قَصّاً . والقَصُّ : البيان ، والقَصَصُ ، بالفتح : الاسم . والقاصُّ : الذي يأْتي بالقِصّة على وجهها كأَنه يَتَتَبّع معانيَها وأَلفاظَها . وفي الحديث : لا يقصُّ إِلا أَميرٌ أَو مأْمورٌ أَو مُخْتال أَي لا ينبغي ذلك إِلا لأَمير يَعظُ الناس ويخبرهم بما مضى ليعتبروا ، وأَما مأْمورٌ بذلك فيكون حكمُه حكمَ الأَمير ولا يَقُصّ مكتسباً ، أَو يكون القاصّ مختالاً يفعل ذلك تكبراً على الناس أَو مُرائياً يُرائي الناس الرِّواية في لسان العرب : وروى الحديثَ والشِّعْرَ يرْويه رِواية وتَرَوَّاه ، وفي حديث عائشة ، رضي الله عنها، أَنها قالت : تَرَوَّوْا شِعْر حُجَيَّة بن المُضَرِّبِ فإِنه يُعِينُ على البِرِّ ، وقد رَوَّاني إِياه ، ورجل راو ٍ؛ وقال الفرزدق : أَما كان، في مَعْدانَ والفيلِ، شاغِلٌ لِعَنْبَسةَ الرَّاوي عليَّ القَصـائدا؟ وراوِيةٌ كذلك إذا كثرت روايتُه، والهاء للمبالغة في صفته بالرِّواية . ويقال : روَّى فلان فلاناً شعراً إذا رواه له حتى حَفِظه للرِّواية عنه . قال الجوهري : رَوَيْتُ الحديث والشِّعر رِواية فأَنا راوٍ ، في الماء والشِّعر ، من قوم رُواة . ورَوَّيْتُه الشِّعر تَرْويةً أَي حملته على رِوايتِه ، وأَرْوَيْتُه أَيضاً . وتقول : أَنشد القصيدةَ يا هذا ، ولا تقل ارْوِها إِلا أَن تأْمره بروايتها أَي باستظهارها . القصة القصيرة من التراث العربي : قديمة عريقة ، وهي عند العرب قديما جنس أدبي عريق تليد ،منذ أن اكتشف العرب القدماء قدرتهم على نقل الأحداث والوقائع ، ثم الابتكار الأدبي ، وإنشاء القصة والتحوير فيها أو نقل وسرد الحكايات..وأحيانا اختلاق بعض الأحداث والتحوير فيها وإحكام نسجها ليتقبلها السامع بلهفة وشوق ، وكان الناس قديما يتفاوتون في حذقهم لفن السرد وطرائق القص. وكان القاصون الموهوبون هم أكثر الناس عناية وإتقاناً لفن السرد وسحر البيان ، والقصد من القصة إمتاع واستهواء القلوب للسامع ، سواء أكان صغيرا أو كبيرا . كما يوجد للقصة مكونات منها : المكان والزمان ، والبداية والنهاية ،والإمتاع ، والعنوان ،ووضع الكلمة في مكانها المناسب .. وكل قاص له طريقته في ذلك .. مشهد القصة القصيرة عند العرب قديما ؛كان مألوفا وعاديا ، والكل يحدِّث به مشافهة وكلّ حَسَب مهارته في نقله وتحويره، لذلك لم يهتمْ العربُ قديما في تدوينِه وحفظِه كالشِّعرِ أَوْ الأَمْثَال أو الحِكَم ، فنجدَه فِي حَدِيْث عَام ، يُدَارُ فِي المجالِسِ وَالأَسْوَاقِ ، وَلِلْعَرَبِ بَاعٌ طَويْل فِي هَذا المجالِ .. فَالقِصَةُ إنْ كَانَ تَرْكِيْزهَا عَلَى حَدَث مُوْجَز بَلِيْغ فِيْهِ سماتِ الْقِصَّةِ العَرَبيَّةِ مِنَ الإبانةِ والوضُوحِ للحَدَثِ وتَأَزُّمِ عقدته فهذا شيءٌ بديعٌ.. وفِي ظِلِّ ظروف أزمة الفكر والنقد في عالمنا العربي ظهرت ما يقال عنها "القصة القصيرة جدا".. رغم أنها كانت موجودة عند العرب منذ أزمان غارقة في القِدَم.. وكانت تسمى : الطرائف، النوادر، اللطائف وفي تراثنا نماذج سردية تقترب من القصة القصيرة وتشبهها، مثل تكاذيب الأعراب وقصص الحيوان وفن الخبر وقصص الأحلام وقصص الأمثال وقصص الرحلات... ولنذكر هنا بعض ملح أو مشاهد أو لقطات من التراث العربي تثبت إنَّ للمشاهد القصصية المعاصرة جذورا. مثل : 1 ـ بَنَاتُ الشَّاعِر المقْتُول كان لشاعر عدوٌّ : فبينما هو سائر ذات يوم في بعض الطرق إذا هو بعدُوّه ، فعلم الشاعر أن عدُوّه قاتله لا محالة ؛ فقال له : يا هذا أنا أعلم أن المنية قد حضرت ولكن سألتك الله إذا أنت قتلتني أن امْضِ إلى داري،وقِفْ بالباب وقل :"ألا أيها البنتان إن أباكما". فقال : سمعاً وطاعة ، ثم إنه قتله ، فلما فرغ من قتله أتى إلى داره ، ووقف بالباب وقال: "ألا أيها البنتان إن أباكما" . وكان للشاعر ابنتان ، فلما سمعتا قول الرجل .. "ألا أيها البنتان إن أباكما" . أجابتاه بفمٍ واحد: "قتيلٌ خُذا بالثأر ممن أتاكما" . ثم تعلقتا بالرجل ، ورفعتاه إلى الحاكم فاستقْررَه ..فأقـرّ بقتله.. فقتله . |