مجلس : علم الاجتماع

 موضوع النقاش : النحنية    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 محمد 
26 - أبريل - 2009
النحنية

" أنا " تدل على الفردية ، و" نحن "تدل على الاشتراك ، وقد اشتق من " أنا " الأنانية وهي : حب الذات والمصالح الشخصية .
وها نحن نشتق من " نحن " النحنية للدلالة على شعور الشخص نحو مجتمعه ، فكل إنسان له شعوران معاً الأنانية والنحنية ، وكذلك الأمم، فأمة تغلب عليها الأنانية ، وأمة تغلب عليها الشعور بالنحنية ، كالذين وصفهم الله تبارك وتعالى بقوله : ( ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ) ( الحشر : 9 ) .

 1  2 

*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
ضعف الشعور بالنحنية    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
فلماذا شعور النحنية عندنا ضعيف ، بينما شعور الأنانية قوي جداً ، لذلك تنجح أعمال الأفراد أكثر من أعمال الجماعات كالشركات والنوادي والجمعيات ، فكم سمعنا بشركات تأسست ثم أفلست ؟

لقد مَثَّلَ اليونان مرة بإضراب أعضاء الجسم ـ التي كانت تتعاون لتحقيق المصلحة العامة
فقال القلب : لماذا أوزع الدم على سائر الأعضاء ولا ينالني أنا منه إلا قطرات ؟
فأعلن الإضراب .
وقالت المعدة : ولماذا أهضم أنا أيضاً الطعام كله وليس يصيبني منه إلا قليل ؟
فأعلنت الإضراب.
وقالت الأسنان : ومالي أنا كالطاحون تطحن دائماً ولا ينالني من الغذاء إلا اليسير ؟
فلأضرب.
وقالت الرِّجْل : وأنا دائبة السعي يميناً وشمالاً ، وليلاً ونهاراً ، وفي جمع الطعام وتحصيل القوت ، ثم حظي من كل هذا فتات الموائد ؟
فلأضرب أيضاً.
وقال كل عضو هذا القول أو شبهه، فأضربت الأعضاء جميعاً ، فلا الرِّجْل تسعى ، ولا اليد تحمل الغذاء إلى الفم ، ولا الأسنان تمضغ ، ولا المعدة تهضم ، ولا القلب يوزع .

وبعد قليل شعرت المعدة بالجوع ، ولم تستطع الرِّجْل المشي ، ولا اليد الحركة ، وأدركت كلها أنها سائرة إلى الفناء السريع ، فأجمعت على عجل ، وقررت فض الإضراب ، إذ رأت أن كل عضو يعمل لنفسه ولغيره ، ولحظ هذا المعنى أبو العلاء المعري فقال :

والناس للناس من بدوٍ  وحاضرةبعض لبعض وإن لم يشعروا خدم
وكل عضو لأمر مـا  يمارسـهلا مشي للكف بل تمشي بك القدم

فلماذا نحترم الملكية الخاصة، ولا نحترم الملكية العامة ؟

ففي الشارع لا نشعر أنه ملك للناس كلهم ، وكأنه ملكنا وحدنا ، فنرمي فيه بالأوراق وبقشور الفاكهة ، وبالقاذورات والأوساخ ، ولو شعرنا بأنه ملك عام للناس كلهم ما أجزنا لأنفسنا ذلك .
إن الشعور بالنحنية واجب ، ومن فقد الشعور بالنحنية فَقَدْ فَقَدَ طعم الحياة ، بل إن الأمة التي فقدت شعورها بالنحنية أمة لا تصلح للبقاء.
*محمد
26 - أبريل - 2009
اشتقاق عجيب    ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم
 
أخي محمد:
أثمن موضوعك هذا، وأجل فيه هذا الاشتقاق الجميل العجيب، الذي يثري العربية بلاشك، ويدل على مرونتها وقابليتها للجديد والتجديد...
ويمكننا الآن -بعد استشارة اللغويين- أن نضيف إلى معجمنا اللغوي المفردات الآتية:
النَّحْنُيَّة:مصدر صناعي من الضمير المنفصل للجماعة(نحنُ)، ويقصد به:إحساس الفرد بالجماعة.
النَّحنُيُّ: هو ذلك الشخص الي يعيش بهذا الشعور في واقعه. وجمعه النَّحْنُيُّون...
وهل يمكن أن نشتق من هذا المصدر الصناعي فعلاً؟ ثم اسم فاعل؟ ثم اسم مفعول؟
هذا يحتاج جواب النحاة؟ ولستُ بنحويٌّ، ولكني أقول فأعرب! 
*صبري أبوحسين
27 - أبريل - 2009
لن يضيق ذرعاً لساننا العربي مادام الاشتقاق والنحت حيين.    ( من قبل 16 أعضاء )    قيّم
 
* موقع أسعد الريفي
 
" ...بنية نحنية تزداد تهالكاً..."
منذ سنة 2007
 
* موقع ( مدونة محمد بشير النُّعَيمي):
 
إشكالية الوطني والقومي في الخطاب السياسي
 
                                                       جاد الكريم الجباعي
 
" تنفرد الأمة العربية أو تكاد تنفرد في التباس مفهومي الوطنية والقومية وتعارضهما في خطاب النخب السياسية؛ بحكم التجزئة الاستعمارية الحديثة التي قطعت أوصال الأقاليم العربية: المغرب العربي ووادي النيل وبلاد الشام والجزيرة العربية واليمن السعيد وبلاد الرافدين، من دون أن تفلح في تقطيع الروابط الاجتماعية والثقافية والقيمية بين أهل هذه الأقاليم، وما نشأ فيها من دول قطرية، كان من أبرز سماتها الانغلاق على الذات والتبعية للخارج. فمنذ نشوئها كانت الدولة القطرية، ولا تزال تناقضاً في ذاتها بين الشكل السياسي والمحتوى الاجتماعي، فضلاً عن كونها شكلاً سياسياً وحقوقياً (حديثاً) لبنية اجتماعية اقتصادية وثقافية تقليدية، هو أقرب ما يكون إلى استطالة سياسية وحقوقية للدولة الحديثة في المراكز الاستعمارية، وخاصة في المرحلة القصيرة التي تلت الاستقلال الهش والمثلوم، الذي لم يكن ، على العموم، أكثر من جلاء الجيوش الاستعمارية عن أراضيها. وهذا ما يفسر علاقة التخارج المزمنة بين المجتمع والدولة في كل منها، وقد آلت هذه العلاقة في كثير من الأحيان إلى وضعية مأزقية غدت معها "الدولة ضد الأمة"، وهو ما يعادل قولنا "الدولة ضد المجتمع".
الوطني في اللغة نسبة إلى الوطن أو اسم منسوب إلى الوطن، والوطنية مصدر صناعي يدل على شعور الفرد  بالانتماء إلى الوطن، ويحيل على عاطفة حب الوطن والتعلق به والدفاع عنه والعمل في سبيل منعته وقوته واستقلاله وتقدمه، وعلى الحنين إليه. والوطن في العربية اسم يدل على مكان الإقامة، (راجع لسان العرب والقاموس المحيط) قبل أن تتطور دلالته إلى الرقعة الجغرافية التي تقوم عليها الدولة التي قوامها أرض وشعب وسلطة سياسية، وعلاقات جدلية بين هذه العناصر، بما هي عناصر جملة حية أو كلية عينية، وتتجلى هذه العلاقات بصورة خاصة في القانون العام أو النظام العام ونظام الحكم. ومن ثم فإن مفهومي الوطن والوطنية مفهومان حديثان لا تزال دلالة كل منهما ملتبسة بالدولة القطرية ونزعة الانتماء الحصري إليها، حتى لتكاد الوطنية تعادل النزعة القطرية من جهة، وبمفهوم الدولة الوطنية الحديثة التي ترتسم معالمها في أفق تطور الدولة القطرية إلى "المستقبل الماضي"، أي إلى مستقبل هو ماضي الشعوب المتقدمة التي نستعير منها بعض العناصر البنيوية، كالتبنين الطبقي والتصنيع والعلمانية والديمقراطية وغيرها، من جهة أخرى. وملتبسة من جهة ثالثة بمفهوم القومية، أي بشعور الأفراد بالانتماء إلى أمة، حتى لتكاد صفة الوطنية تعادل صفة القومية أو ترقى إليها، حين نقول: الوطن العربي والمجتمع العربي والأمة العربية والدولة القومية، وفي هذه الحال تتعادل النزعة الوطنية والنزعة القومية. وهذا الالتباس الأخير يتجلى بوضوح في تعارض الممارسة العملية القطرية والأيديولوجية القومية، ولا سيما حيث يستأثر حزب قومي كحزب البعث العربي الاشتراكي بالسلطة والثروة والقوة ويحتكر لنفسه الحقيقة والوطنية وينفيهما عن الآخرين، حتى عن الأحزاب القومية الأخرى في الوقت الذي يعزز فيه القطرية ويعمقها. ويبدو لنا أن الوطنية معادلة للقطرية في الواقع، ومعادلة للقومية في الأيديولوجية، أو في الوعي الأيديولوجي؛ ومن ثم فليس لها بعدُ ارتسام واقعي في سائر الأقطار العربية. (لعله من الواضح أننا نعارض الدولة القطرية القائمة بالفعل بالدولة الوطنية الممكنة، والموقف القطري بالموقف الوطني، والمنطق الوضعي بالمنطق الجدلي).
نحن إذن إزاء ثلاثة مفاهيم مختلفة تحدد ثلاثة مجالات متباينة في الفكر والممارسة؛ هذه المفاهيم الثلاثة هي القطرية والوطنية والقومية، والمجالات الثلاثة التي تحددها هي الدولة القطرية والدولة الوطنية والدولة القومية. الدولة القطرية التي وصفناها بالانغلاق على الذات والتبعية للخارج نعني بها الدولة التي انبثقت عن التجزئة الاستعمارية الحديثة ولا تزال تتكيف مع منطق التجزئة بوصفها حجر الزاوية في استراتيجية عمل الإمبريالية في العالم العربي. وهذا التكيف يعني تعميق الاندماج في النظام الرأسمالي العالمي والاندراج في استراتيجية الدول الكبرى ونظام أمنها القومي، وهو ما يعمق الهوة باطراد بين الدولة والمجتمع ويفرض أن تكون الدولة القطرية دولة استبداد محدث واستلاب لفاعلية مجتمعها وشعبها. ولذلك لا يزال العالم العربي جزءاً أساسياً من منطقة "الشرق الأوسط" في استراتيجيات الدول الكبرى وموضوعاً مطاوعاً لإراداتها، ولم يتحول بعد، ولا بد أن يتحول، إلى ذات حرة ومستقلة تقف إزاء الخارج موقف الند المكافئ، وآية ذلك أن الطغم الحاكمة وبطانتها جزء رث وتابع من الطغمة العالمية تشاركها مشاركة التابع الذليل في نهب ثروات أوطانها وقوة عمل شعوبها؛ (قد تكفي في هذا المجال مقارنة أرصدة هذه الطغم العربية في الخارج بمديونية دولها للخارج، وهاتان الأرصدة الهاربة والمهربة والمديونية الخارجية خلاصة مكثفة لسياساتها الوطنية ولعلاقتها بأوطانها ومواطنيها).
الدولة القطرية هي الواقع القائم بالفعل، أو الموجود بالفعل، والدولة الوطنية هي الممكن، أو الموجود بالقوة، والدولة القومية هي الواجب، أو الأفق الذي تسعى إليه الدولة الوطنية. سمتا الدولة الوطنية الرئيستان هما التعبير عن الكلية الاجتماعية في الداخل والاستقلال إزاء الخارج؛ وبمقدار ما تكون تعبيراً فعلياً عن الكلية الاجتماعية وعن نزوعها إلى الحرية والاستقلال والتقدم تنمو فيها الميول الوحدوية التكاملية التي تلبي الحاجة إلى الحرية والاستقلال والتقدم. ومن ثم فإن الأساس الطبيعي الذي تقوم عليه هو الفرد / المواطن، بصفته ذاتاً حرة وفاعلة أو منتجة ومسؤولة؛ ومقدمتاها الضروريتان هما العائلة (الأسرة الحديثة) و المجتمع المدني ، وتجريد عموميتها هو القانون الذي مضمونه الحق ومعياره العدالة، ومشرعيتها وسيادتها تستمدان من شعبها، لا من عقيدة أرضية أو سماوية؛ فالشعب هو المصدر الوحيد للشرعية والسيادة والمصدر الوحيد لجميع السلطات.
العلاقة النوعية التي تميز الدولة الوطنية من الدولة القطرية، في الوضع العربي، هي المواطنة، وتعني الموافقة أو التوافق والمشاركة والاعتماد المتبادل، لأن كل مواطن يقوم بوظيفة ضرورية للآخرين. المواطنة علاقة أو رابطة حديثة ذات محتوى اجتماعي اقتصادي وسياسي وثقافي وأخلاقي، تتعدى العلاقات والروابط ما قبل الوطنية أو ما قبل القومية كالعشائرية والمذهبية والمحلوية أو الجهوية وما إليها، وتقوم بإزاء هذه التحديدات الذاتية تحديداً موضوعياً يشمل سائر أفراد المجتمع المعني والدولة المعنية.
المواطنة صفة موضوعية لا تقبل التفاوت والتفاضل، كالإنسانية سواء بسواء، فليس بين أبناء الوطن الواحد وأعضاء المجتمع المدني الواحد والدولة الوطنية الواحدة من هو مواطن أكثر من الآخر، أو إنسان أكثر من الآخر؛ ومن ثم فلا سبيل إلى أي نوع من أنواع الامتيازات المعروفة في الدولة ما قبل الوطنية، (والدولة القطرية، من هذه الزاوية، دولة ما قبل وطنية وما دون وطنية؛ فهي إما دولة طغمة أو دولة عشيرة أو دولة حزب أو دولة طائفة، أو كل هذه مجتمعة، ولذلك كانت دولة امتيازات، لا دولة حقوق، وعلاقاتها الداخلية علاقات ولاء وتبعية شخصية ومباشرة، لا علاقات مدنية دستورية وقانونية). الدولة الوطنية دولة حق وقانون لجميع مواطنيها على السواء. وعدم التتفاوت والتفاضل في المواطنة وفي الإنسانية هو الأساس الواقعي لمساواة المواطنين أمام القانون.
قوام المواطنة منظومة من الحقوق الطبيعية الثابتة والحقوق المدنية المكتسبة والالتزامات المتبادلة، والحريات الأساسية، تعينها جميعاً، في كل مرة، نسبة القوى الاجتماعية وعلاقاتها المتبادلة وموقع كل منها على سلم الإنتاج الاجتماعي الذي تتجلى فيه ماهية المجتمع المعني أو الأمة المعنية، وتتحدد في ضوئه وعلى أساسه الهوية الوطنية أو القومية، فماهية مجتمع ما هي ما ينتجه هذا المجتمع بالفعل على الصعيدين المادي والروحي. ومن ثم فإن مفهوم المواطنة مرادف لمفهوم المشاركة في الإنتاج الاجتماعي وفي الشأن العام؛ وهو، على صعيد الفرد نزوع أصيل إلى الكلية التي تتعين في المجتمع المدني والدولة الوطنية، وفي الجماعة الإنسانية التي هي مستقبل الجميع.
في ضوء هذا التحديد تبدو لنا المواطنة حكم واقع، لأنها انتماء موضوعي إلى وطن، إلى مجتمع ودولة؛ والوطنية حكم قيمة وتحديداً ذاتياً للفرد والمجتمع والدولة؛ فلا وطنية بلا مواطنة، ولا مواطنة بلا حقوق مدنية وحريات أساسية؛ ومن ثم فإن نفي حكم الواقع هو نفي حكم القيمة المرتبط به أوثق ارتباط، وبالمقابل فإن نفي صفة الوطنية عن فرد أو مجموعة أفراد أو عن جماعة دينية أو مذهبية أو إثنية أو ثقافية أو لغوية يضمر نفي صفة المواطنة عن ذلك الفرد أو هذه الجماعة أو تلك، وينفي في الوقت ذاته صفة الوطنية عن الدولة وعن سلطتها السياسية التي تفعل ذلك.
في ضوء هذه الحيثية تبدو لنا الدولة الوطنية، دولة الحق والقانون التي يرى فيها جميع مواطنيها بلا استثناء صورتهم السياسية وموطن اعتزازهم الأدبي، تبدو لنا شكل التوسط الضروري بين الدولة القطرية القائمة والدولة القومية المنشودة، فقد أثبتت تجربة القرن الماضي ضرورة هذا التوسط الذي لا بد أن ينتج دلالة جديدة لمفهوم الأمة معادلة لمفهوم المجتمع المدني، بما هو منظومة حاجات ومصالح، وبما هو وحدة التنوع والتعدد والاختلاف والتعارض، أي بما هو فضاء الحرية وميدان التاريخ، ولا بد أن ينتج دلالة جديدة لمفهوم القومية بصفتها انتماء إلى المجتمع المدني والدولة الديمقراطية المنبثقة عنه، لا بصفتها عقيدة قومية ذاتية لهذا الحزب أو ذاك تنفي مواطنية الآخر المختلف أيديولوجياً أو إثنياً أو ثقافياً أو لغوياً، وتنفي من ثم عضويته في الدولة. الدولة القومية الحديثة ليست قومية على مواطنيها، بل هي لا تبدو لمواطنيها من الداخل إلا بصفتها دولة حق وقانون، في حين تبدو لغير مواطنيها من الخارج بصفتها القومية. لذلك بتنا لا نرى في المشروع القومي سوى مشروع ديمقراطي يعيد إنتاج  الاندماج القومي والاجتماعي الذي تنجزه الدولة الوطنية، ولا بد أن تنجزه، في الحقل السياسي العام المشترك بين جميع القوى والفئات والطبقات، بما فيها الجماعات غير العربية التي تنتمي إلى هذه الدولة القومية التي تعادل صفتها القومية صفتها الديمقراطية، وإلا فلا وحدة عربية ولا من يحزنون.
القومية المعتقدية الدوغماتية، أو العقيدة القومية التي تعيد إنتاج مقولة "شعب الله المختار" ولا تعترف بحقوق متساوية للمواطنين المختلفين اختلافات لا حصر لها، ولا سيما للمواطنين غير العرب، ولا تقوم من ثم على مبدأ المواطنة الديمقراطي هي مرض القومية الخبيث، وقد جر هذا المرض الخبيث على الأمم التي ابتليت به ويلات وكوارث هي من أهم دروس التاريخ الحديث، ولم تنج منه أمتنا بكل أسف. العقيدة السياسية القومية كالعقيدة السياسية الدينية أو الاشتراكية تنطوي بداهة على جميع خصائص العقيدة (الدوغما) من حصرية وتمامية واحتكار للحقيقة والمشروعية تتناسل منه جميع أنواع الاحتكار الأخرى، ومن تطرف وأوهام ذاتية وعدم اعتراف بالآخر المختلف، بل عدم الاعتراف بأفرادية الواقع ومعقولية العالم. وليس بوسع مثل هذه العقيدة أن تنتج سوى التطرف والعنف وثقافة الفتنة.
يلفت النظر أن النخب، بل الطغم، السياسية العربية الحاكمة، ولا سيما "التقدمية والثورية" منها، تتحدث عن الوطنية والقومية بمناسبة وبلا مناسبة، على الطالع والنازل، من دون أن تلتفت إلى جذرهما الواقعي، الموضوعي، أي المواطنة، بل إنها لا تعترف بهذا الجذر، لأنها لا تعترف بالواقع الفعلي، بل بالواقع الذي صنعته رغباتها وأوهامها الذاتية، حتى غدت صفتا الوطنية والقومية صفتين إقصائيتين وطاردتين لصفة المواطنة خاصة، ومعاديتين لـ الآخر ولفكرة الاختلاف والمغايرة، ومن ثم لحرية الفرد وحقوق الإنسان والمواطن، ولفكرة الاجتماع المدني ولمفهوم المجتمع المدني الذي يطارده اليوم رجال المخابرات ومثقفو الدولة الشمولية التسلطية ومثقفو الأحزاب الأيديولوجية العقائديون الذين خفضوا الوطن وقلصوه حتى غدت حدوده مطابقة لحدود السلطة الاستبدادية أو الحزب الأيديولوجي أو القائد الملهم. النخب السياسية عامة والسلطات الاستبدادية خاصة كإله إسرائيل اختارت شعوبها وقضي الأمر. ولم يبق سوى أن تختار الشعوب "نخبها" السياسية، وتنتخب حكامها. الدولة الوطنية في الأفق، وهذا الأفق يقترب منا بقدر ما نسعى إليه، والمشروع القومي الديمقراطي برمته يتوقف على هذا المسعى.
في الوطنية المعتقدية والقومية المعتقدية اللتين لا تعترفان بجذرهما الواقعي، وفي مختلف الأيديولوجيات / العقائد الشمولية، الاستبدادية، تتضخم الـ نحن، الكتلة المتجانسة، تضخماً ورمياً على حساب الـ أنا والـ أنا أفكر خاصة، فتَنتُج  عن هذا التضخم عقيدة التكفير والتخوين، وتغدو حرية الفكر والضمير كفراً ومروقاً وهرطقة وخروجاً على الجماعة وخيانة يعاقب عليها "القانون" الذي خفض إلى مستوى إرادات فردية اعتباطية ونزوية ترى الوطن والوطنية من منظور مصالحها الخاصة فحسب؛ وتنتج من ثم هوية نحنوية : (كتلية أو جماهيرية) وهمية وفارغة من أي مضمون سوى العدم، عدم وجود الفرد الذات الحرة المستقلة الفاعلة والمسؤولة، عدم وجود الأنا أفكر، ومن ثم عدم وجود الآخر وعدم الفردية وعدم الحرية وعدم الاستقلال والذاتية وعدم وجود الواقع الفعلي وعدم الأخلاق وعدم الضمير وما شئتم من صنوف العدم التي محصلتها عدم الإنتاج وعدم التقدم.
دمشق، تلفاكس   6711599 11 00963
ُE.Mail   jebaae@ scs-net.org ".
 
*د يحيى
27 - أبريل - 2009
تباين آراء القدماء !    ( من قبل 16 أعضاء )    قيّم
 
إن علوم العربية اثنا عشر علماً، جمعها الناظم في قوله:
 
نحوٌ وصرفٌ عروضٌ  ثم قافيةٌ           وبعـدها لغـةٌ قرض وإنشاءُ
خط بيـانٌ معانٍ معْ محاضرة              و(الاشتقاقُ) لها الآداب أسماءُ
 
لقد" أجمع أهل اللغة إلا من شذ عنهم أن للغة العرب قياسًا، وأن العرب تشتق بعض الكلام من بعض .... وعلى هذا سائر كلام العرب، علِم ذلك من علم وجهِله من جهل ... وليس لنا اليوم أن نخترع ولا أن نقول غير ما قالوه ولا أن نقيس قياسًا لم يقيسوه؛ لأن في ذلك فساد اللغة وبُطلانَ حقائقها ". 
( ابن فارس ،الصاحبي، ص33).
   وهاهي ذي مناظرة جرت بين (أبي إسحاق الزَّجَّاج) و(يحيى بن علي المنجم) في الاشتقاق:
المنجم:      من أي شيء اشتق الجرجير؟
الزجاج:             لأن الريح تجرجره.
المنجم:       وما معنى تجرجره؟
الزجاج:     تجرره ومن هذا قيل للحبل الجَرير؛ لأنه يجر على الأرض
المنجم:     والجرة لم سميت جرة؟
الزجاج:    لأنها تجر على الأرض.
المنجم:    لو جرت على الأرض لانكسرت!! والمجرة لم سميت مجرة؟
الزجاج :     لأن الله جرها في السماء جراً.
المنجم :    فالجرجور الذي هو اسم المئة من الإبل لم سميت به؟
الزجاج:    لأنها تجر بالأزِمَّة وتقاد.
المنجم:    فالفصيل المجر الذي شق طرف لسانه لئلا يرضع أمه، ما قولك فيه؟
الزجاج:     لأنهم جروا لسانه حتى قطعوه.
المنجم:    فإن جروا أذنه فقطعوها تسميه مجراً؟
الزجاج:             لا يجوز ذلك؟
المنجم: قد نقضت العلة التي أتيت بها على نفسك ومن لم يدر أن هذا مناقضة فلا حس له. (المزهر354  ). فلعل الرجل يجوّز اشتقاق ألفاظ جديدة !!! ، مع أن  ابن فارس في مقاييسه كثيراً ما يقول:
 (ولا أدري مِمّ اشتقاقه)! ،كما في ( حصم،  وردج )...
 
 
 
 
 
*د يحيى
27 - أبريل - 2009
إلى العزيزة SARA    ( من قبل 15 أعضاء )    قيّم
 
يا سارة : لن أتركك متشوقة ، وسأفترض أن ابنتنا سارة تلميذة في الصف الخامس الابتدائي ، وسأسألها :
أولاً : ( نحن) ، ماهو ؟ قالت سارة : هذا ضمير بارز منفصل ، وهو من المعارف السبعة .
ثانياً : ( زَرَعَ) ، ماهو ؟ قالت سارة: هذا فعل ماضٍ ، وهذا الفعل وشقيقاه = الحَدَث + الزمن .
ثالثاً : ما مصدر ( زَرَعَ) ؟ قالت سارة : ( زِراعة) ، والزراعة = الحدَث من دون زمن .
رابعاً : ما اسم الفاعل من ( زَرَعَ ) ؟ قالت سارة : ( زارِع).
خامساً: ما اسم المفعول من ( زُرِعَ ) المبني للمجهول ؟ قالت سارة : ( مزروع) .
نعم ، سارة تلميذة ممتازة ، وتستحق مِئة من مئة .... تهانينا يا SARA
والآن بارك الله فيك يا سارة ، وفتح الله عليك : هل اتضحت لك الحقيقة ؟
أقبّل قدميك سيدي سيبويه ! تكرّم وارجِعْ إلى قبرك ، عِشتَ ملكاَ ، ومتّ غريباً ، فطوبى لك وللغرباء أمثالك الذين أخذوا كتابك بقوة ..... أما ترى البغايا يظهرن عياناً ؟ إنهن ( النحنية ، والنحنوية ، وبالإضافة إلى ، وبالنسبة لِ أو إلى، لا بد وأن ، كما وأن ، كلما صبرتَ كلما احترقتَ ، كان له مالاً ، إنّ له شأن ...) : هذه هي أساليب اليوم يا رائحة التفاح ؛ سيدي سيبويه .
 
 
*د يحيى
28 - أبريل - 2009
وانا مالي؟؟؟؟     ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
يوم سعيد للجميع، ولك دكتور محمد أقول: عندما قرأت عنوانك "النحنية" استفزني العنوان، ولم يخطر ببالي ما المقصود بالكلمة، دكتور محمد اعتدت ان تتحفنا بهذه الومضات الفكرية السريعة، تضعها أمامنا في سطرين او يزيد، ولكنها دائما تحمل فكرة جميلة، وواقعية، للأسف النحنية تغيب عن مجتمعاتنا العربية غالبا، فالمهم ان بيتي نظيف، ولا يهمني ان كان الشارع مكب نفايات، المهم انني افعل ما اريد، صوت الموسيقي في بيتي يصم الآذان، وما همني ان نام الجيران بأطفالهم وشيوخهم ومرضاهم او لم يناموا، اعيش بأمان مزعوم في بلدي، ولا شأن لي ان مات أطفال غزة والعراق، او دمرت بيوتهم ومستشفياتهم، آكل والقي بأكثر الطعام في سلة النفايات، ولا يعنيني ان بات أطفال في الصومال او السودان جياعا، تقديري دكتور محمد كالو، وطاب يومك.
*khawla
28 - أبريل - 2009
شكراً     ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
شكراً لجميع الإخوة والأخوات الذين مروا من هنا ونثروا الياسمين
هذه المقالة نشرت في مجلة الكويت العدد 186 ـ 14 ذي الحجة 1419هـ 1 أبريل 1999 م الصفحة 7 .
*محمد
28 - أبريل - 2009
الشاطر والمشطور والكامخ بينهما     ( من قبل 7 أعضاء )    قيّم
 
صباح الخير ، وكل التحية والسلام عليكم جميعاً :
 
أظن بأن الغاية التي دعت الأستاذ محمد كالو إلى كتابة موضوعه كانت شد الانتباه إلى تفشي مرض الأنانية في المجتمع ، فالشعور ب " الأنا " كمحور للعالم أصبح من مميزات العصر الذي نعيش فيه بحيث برزت الهوية الشخصية على حساب الهوية المشتركة للجماعة ، التي بنيت عليها الحضارة العربية الإسلامية وكل الحضارات السابقة للعصر الحديث ، وبحيث أصبحت هذه الظاهرة محوراً أساسياً من محاور أزمات لا حصر لها على المستوى الفردي النفسي ، وعلى المستوى الجماعي .
 
نقطة العطب كانت في " اختراع " لفظة " النحنية " ، ليس فقط لأن المشكلة ليست لغوية ، فالمعنى المقصود بالنحنية يقابله لفظ " الغيرية " المستخدم بكثرة ، بل لأن اللجوء إلى اللغة كمصدر معرفي يكون بالسؤال عنها ، والبحث فيها ، ومحاولة الاقتراب من مصادر هذه الكلمات ومعانيها واشتقاقاتها وكيفية استخدامها ، ولا يكون بلوي عنقها ، فاللغة العربية ليست بهذه " المرونة " التي نتوقعها منها أبداً ، بل هي شخصية عملاقة لا زالت على قيد الحياة ، وهي تعاني حتماً من تشتتنا وضعفنا تجاهها فتسامحنا أحياناً ، لأنها أم ، ولأنها رحم ورحمة .
 
اعتقد الإنسان في الماضي ، وهو لا يزال يعتقد أنه يستطيع التأثير في الوجود عن طريق اللغة ، عن طريق السحر والشعر والغناء والخطابة ... إنه يريد أن يمارس سلطته عليها ، وأن يستولي على معانيها ، وهو يظن بأنه يستطيع أن يحتويها ، أو أن يمنحها مدلولات جديدة : وهذا الخطأ وجودي قبل أن يكون معرفياً .
 
هناك مشاكل حقيقية تتعلق بالترجمة ، من لغة لأخرى ، كالموضوع الذي قرأناه حديثاً في المجالس عن مصطلح الإيتمولوجيا ( علم أصول الكلمات واشتقاقاتها ) ، وبترجمة ما نحياه من أفكار وأحاسيس خرجنا بها من الدائرة الثقافية التي كانت تحتويها اللغة العربية وعلومها إلى فضاء آخر ، وهذا الخروح هو واقع وحاصل ونهائي ولا رجعة فيه ، يبقى أن نعرف كيف نتعامل معه ، وبأية وسائل ، فاللغة كائن حي نطالبها في كل يوم أن تتكيف ، وأن تلبي حاجات الوجود العصرية والزمن الذي ننتمي إليه ، دون مراعاة أحياناً لتكوينها الأصلي وجذورها الضاربة في القدم وشخصيتها ولحنها وموسيقاها ، ودون مراعاة كونها لغة البيان الذي ينص على ما في الضمير من العلوم والمعارف .
  
 
*ضياء
28 - أبريل - 2009
المصادر الصناعية (1)    ( من قبل 11 أعضاء )    قيّم
 

 المصدر الصناعي : قيا سي، ويطلق على كل لفظ (جامد أو مشتق، اسم أو غير اسم) زِيد في آخره حرفان هما: ياء مشددة بعدها تاء تأنيث مربوطة، ليصير بعد هذه الزيادة اسماً دالاً على معنىً مجرد لم يكن يدل عليه قبل الزيادة. فهو يدل على صفة في اللفظ الذي صُنع منه، أو على ما فيه من خصائص، أو على أشياء أخرى كما سنرى.

وقد ورد عن العرب بضع عشرات من المصادر الصناعية، منها: الجاهلية، الأريحية، الفروسية، العبقرية، العبودية، الألمعية، الألوهية، الربوبية، الوحدانية...
وكثير من المصادر الصناعية قد تحوّلت في الأصل عن أسماء منسوبة أُنزلت منزلة الصفات المشتقة للدلالة على حال الموصوف وهيئته، واستُعملت كذلك، نحو قولك: (إنسانيّ، حيوانيّ، كَمِّيّ، كيفيّ، جزئيّ، كلّيّ…). فإذا أُريد التعبير بها عن جوهر حال الموصوف ومجرّد حقيقته، أُحيل الوصف إلى (مصدر صناعي) بإلحاق تاء «النقل من الوصفية إلى الاسمية» نحو: الإنسانية، الحيوانية، الكمية، الكيفية، الجزئية، الكُلِّية
وقد أكثر المولَّدون من هذه المصادر بعد ترجمة العلوم بالعربية. وقرر مجمع اللغة العربية بالقاهرة قياسيّة صوغ هذا المصدر؛ لِسَدِّ حاجة العلوم والصناعات إلى ألفاظ جديدة تعبِّر عن معانٍ جديدة.
ولكن متى نصنع مصدراً من المصدر الأصلي؟ أو من اسم المعنى عامةً؟
الجواب: لا معنى لإلحاق الياء والتاء بالمصدر إذا كنت تبغي معنى المصدر، أو الاسم، وحَسْب. فإن اتخاذ (العدلية) بمعنى العدل، و(الخيرية) بمعنى الخير، غير سائغ، واللغة تأباه، والعرب لم تَجْرِ به وإنما قالت: فَعَلَ ذلك على جهة العدل، وعلى جهة الخير… ولم تقل: على العدلية، ولا على الخيرية… لذلك كان الأصل في إلحاق الياء والتاء بالمصدر أو اسم المعنى عامةً، أن تزيد في معناه شيئاً، أو تبتغي خصوصية في دلالته.
        ·       فـَ (الإنتاج) مثلاً مصدر. فإذا قلت (الإنتاجية)، فلا بد أنك أردت به شيئاً آخر لا يمكن التعبير عنه بمجرد لفظ (الإنتاج). والإنتاجية في الاقتصاد: العائد من سلعة أو خدمة في مدةٍ مّا، مقدّراً بوحدات عينية أو نقدية، منسوباً إلى نفقة إنتاجه.
        ·       وَ(الاتفاق) مصدر، وهو ما تَمَّت الموافقة عليه، ويقابلهagreement . أما (الاتفاقية) فيراد بها صكُّ ما اتُّفق عليه، ويقابلها convention.
        ·       و(الاشتراك) مصدر، معناه معروف. أما (الاشتراكية) فتعني المذهب السياسي والاقتصادي القائم على سيطرة الدولة على وسائل الإنتاج وعدالة التوزيع والتخطيط الشامل…
        ·       و(التقدم) مصدر معناه معروف. أما (التقدمية) فتعني المذهب السياسي والاقتصادي الذي يدافع عنه أنصار التطور (التقدميون).
        ·       و(الشيوع) مصدر معناه معروف. أما (الشيوعية) فمذهبٌ يقوم على إشاعة الملكية، وأن يعمل الفرد على قدر طاقته، وأن يأخذ على قدر حاجته..
        ·    و(الرأسمال) اسم، وهو المال المستثمر في عمل ما. أما (الرأسمالية) فتعني النظام الاقتصادي الذي يقوم على الملكية الخاصة لموارد الثروة.
        ·    و(الشخص): كل جسم له ارتفاع وظهور، وغَلَبَ في الإنسان. أما (الشخصية) فهي مجموعة الصفات التي تميز الشخص من غيره. يقال: فلان ذو شخصية قوية.
        ·    و(الإباحة) مصدر أباحه: أَحَلَّهُ وأطلقه. أما (الإباحية) فتعني التحلل من قيود القوانين والأخلاق.
        ·    و(العقل): ما يقابل الغريزة التي لا خيار لها؛ وما يكون به التفكير والاستدلال، وتركيب التصورات والتصديقات. أما (العقلية) فهي مجموعة الصفات المميزة للعقل. يقال: عقلية فلان تختلف كلياً عن عقلية أخيه. [هناك كتاب عنوانه (خطاب إلى العقل العربي). وواضح أنه لا يقال في هذا المقام (خطاب إلى العقلية العربية‍)].
        ·    و(الخاص): خلاف العام. أما (الخاصية) فهي صفة لا تنفك عن الشيء وتُميّزه من غيره.
        ·    و(الإحصاء) مصدر أحصى الشيءَ: عَرَف قَدْره. أما (الإحصائية) فهي إحصاءٌ مبني على منهج علم الإحصاء، لحالةٍ تقع تحت الإحصاء، كإحصائية السكان في بلدٍ ما.
        ·    و(الخصوص) مصدر. ولكن (الخصوصية) تدل على معنى (الخصوص) وزيادة. وقد أشار الأئمة إلى هذا بقولهم: التاء فيه للمبالغة، (المراد: تاء النقل).
ولعل من السائغ أن نكرر قول الأئمة هذا في توجيه بعض المصادر الصناعية التي استُعملت حديثاً، مثل: الاحتفالية والجمالية…
فقد بدأت مجلة (العربي) التي تصدر في الكويت، احتفالها في عدد كانون الأول 1998 بمناسبة مرور 40 عاماً على صدورها. وتوالت الكلمات والمقالات عن هذه المناسبة بلا انقطاع حتى تاريخ كتابة هذه المقالة (آب 1999). وجرى في الكويت (لقاء الأشقاء) دُعي إليه من البلاد العربية، الذين شاركوا في ميلاد هذه المجلة وتابعوا مسيرتها. هي إذن احتفالات استمرت تسعة أشهر (حتى الآن)، وليست احتفالاً واحداً. ولعل هذه المبالغة في الاحتفال تُسوِّغ صوغ (الاحتفالية)! فقد كُتب على غلاف عدد حزيران 1999: (لقاء الأشقاء: احتفالية العربي بأربعين عاماً من عمرها).
        ·       و(المنهج): الخطة المرسومة. أما (المنهجية) فهي نظام طرق البحث.
- ويؤدي المصدر الصناعي أحياناً معنى (القابليّة لـِ…) كما في المصطلحات الآتية مثلاً: التطورية (قابلية التطور) evolvability؛ الصيانيّة maintainability؛ الأدائية performability؛ تَحَمُّليّة الكلفة affordabiltiy، الالتصاقية، النفاذية
- ويكون أحياناً أخرى مصطلحاً يعبّر عن حالة الشيء واتّصافه بكونه كذا… مثل: مُتاحِيّة الشيء (أي كونه مُتاحاً) availability؛ الموثوقية reliabilty الجاهزية؛ السُّمّيّة؛ الحمضية، القلوية
- ويستعمل المصدر الصناعي أيضاً للتعبير عن أسماء بعض الفروع أو المقادير المميِّزة العلمية، نحو: المِطيافية spectrometry؛ المِجراعية dosimetry؛ المِضوائية photometry؛ المِحْساسية sensitometry؛ المعلوماتية information technology؛ التأثرية؛ الاستقطابية؛ النفوذية؛ التحريضية؛ المقاومّية، الناقلية، الأنتروبيةالبرمجية (الحاسوبية).
وفيما يلي بعض الأمثلة على استعمال المصدر الصناعي:
1- إن ما حدث يؤكد ضرورة استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية.
أما استقلالية القضاء (أي: كون القضاء مستقلاً) فيضمنها الدستور!
2- … وتَفْرِض هذه الاتصالية العالمية الواسعة… (أي: قابلية الاتصال العالمية الواسعة…)
3- إن مركزية الإدارة هي السبب في بطء العمل. (أي كون الإدارة مركزية).
4- لا مجال في العمل العام للمجهولية والتستر وراء الأسماء المستعارة (أي: لا مجال لأن يكون الإنسان الفاعل مجهولاً أو مستتراً وراء…).
5- أخرج (كورساوا) السينما اليابانية من إسار المحلّية إلى رحاب العالمية. (أي من كونها محلّية إلى كونها عالمية).
6- إن تمييز السلعة الجيدة من الفاسدة أمر سهل غالباً.
إن تمييزية هذا الاسم واضحة. (أي: كونه تمييزاً منصوباً من حيث الإعرابُ).
7- … ويجمع هذا الكاتب بين عصرية التوجّه وجِدّة التعبير. ونلاحظ بسهولة موسيقية أسلوبه النثري البليغ
8- … ويمتاز هذا البحث العلمي بمنهجه الفذ… وكان منهج عمله كما يلي…
وهذا أمرٌ لا تُقِرِّه منهجية البحث العلمي، ولا ترضاه منطقية التأليف
(منهجية البحث العلمي: كون البحث العلمي ذا منهج في طرائق إجرائه).
9- جرى افتتاح المؤتمر في جوٍ متوتّر.
كانت افتتاحية العدد (أي المقال الرئيسي في صحيفة أو مجلة) هجوماً موفقاً على الفساد والمفسدين.
10- ما كان هذا الإشكال ليحْدُث لو أن…
 
 

 
*د يحيى
28 - أبريل - 2009
المصادر الصناعية (2)    ( من قبل 10 أعضاء )    قيّم
 
 
من أبرز قضايا الفكر إشكالية الثقافة المعاصرة (أي: كون الثقافة المعاصرة ذات إشكالات).
11- إن ضبابية فِكَرِهِ هي التي أدّت إلى هذه الإشكالات
ومن المصادر الصناعية الشائعة:
        ·       الحرية، الوطنية، الأهمية، الهُوِيّة، الأنانية، الغَيْرية، الماهِيّة، الألفية، الأربعينية، الخمسينية، الآلية، الأولية، الآخرية، الأولوية، الأفضلية، الأرجحية، الأكثرية، الأقلية، الجنسية، البشرية، المفوضية، المندوبية
        ·       الفردية، الطائفية، القومية، الحزبية، الروحانية، العدوانية، الهمجية، الوحشية
        ·       الصوفية، الرومانسية، الواقعية، السريانية، التجديدية، الحتمية
        ·       المسؤولية، المصداقية، المشروعية، المديونية، المعقولية، المفهومية، المشغولية، المحدودية، المجهولية
        ·       ويستعمل النحاة:
المصدرية، الاسمية، العَلَمية، الفاعلية، المفعولية، الحالية، الوصفية، الظرفية، المعِية
الشفافية:
أختم بتعليق على كلمة (الشفافية) واستعمالها.
(الشفّافية) مصدر صناعي مصنوع من (الشفّاف). [مثل الحسّاسية المصنوع من الحسّاس، وقد أجاز مجمع القاهرة تخفيف الفاء والسين المشددتين في المصدرين].
والأصل أن يستعمل المصدر الصناعي لأداء معنىً لا يؤديه المصدر الأصلي.
جاء في (المعجم الوسيط): «شفَّ الثوبُ ونحوُه يَشِفُّ شُفُوفاً: رَقَّ حتى يُرى ما خَلْفَه.»
تقول، مثلاً: شُفُوف هذا الثوب غير مقبول…
فما المقصود بـ (الشفافية)؟
        ·       يستعمل بعض العلميين (الشفافية) اسماً لرُقاقة لدنة (بلاستيكية، تسمى بالإنكليزية transparency) طُبع عليها نصٌّ أو صورةٌ أو مخطط، تمهيداً لعرضها في قاعة المحاضرات باستعمال جهاز الإسقاط الضوئي، ويجمعونها على (شفافيات).
وأقترح استعمال (شفِيفَة) بدلاً منها (وجمعها شَفائف مقابل transparencies). فقد جاء في المعجم الوسيط: الشفيف: الشفاف. كما أقترح استعمال (شريحة) و(شرائح) مقابل diaslides.
        ·       أما غير العلميين فيستعملون (الشفَّاف) و(الشفافية) عندما يترجمون عن الإنكليزية. جاء في (المورد) لصاحبه منير البعلبكي (وهو من أحسن المعاجم الإنكليزية - العربية):
«transparent: (1) شفاف (2) صريح (3) جَليّ؛ واضح.
transparency: (1) الشفافية: كون الشيء شفافاً (2) شيء شفّاف (3) صورة أو رسم إلخ، على زجاج أو ورق أو فيلم أو قماش رقيق تُجلى للعيان بنور مُشع من خلفها…»
أقول: إن هذا المعجم، على جَودته، لم يورد جميع المعاني التي تعبِّر عنها الكلمتان الإنكليزيتان. وكان عليه أن يورد المصدر الأصلي (الشُّفوف) قبل الصناعي (الشفافية). ومن الجدير بالملاحظة أن (المورد) شرح المقصود بالشفافية. وشرْحُه سليم لا غبار عليه. ولكن المترجمين (وغيرهم) لا يتقيدون به غالباً…
ويُفترض في من يترجم عن الإنكليزية أن يعود إلى المعاجم الكبيرة (أكسفورد، وبستر…) ليَسْتَلَّ المعنى المناسب للسياق، إذا لم يجد في المعجم الثنائي اللغة معنىً يناسب المقام.
بَيْدَ أن الذي يحدث في الأغلب الأعم هو أن المترجم يأخذ من (المورد) المعنى الأول الوارد لكل من الكلمتين الإنكليزيتين، ويكتفي به، ويستعمله كلما صادف اللفظ الإنكليزي المقابل. فتجيء الترجمات (العربية) غريبة عجيبة حقاً:
فقد جاء في نشرة (الاتحاد الأوروبي) الصادرة باللغات العربية والإنكليزية والفرنسية، العدد 7، تموز 1999، العبارات الآتية:
- «اتحادٌ شفافٌ وفعّال»، مقابل: A transparent and efficient Union
«سيكون على فنلندا أن تنشر شفافية أكبر في عمليات الاتحاد.»
Finland will promote greater transparency in Union operations.
- «… لزيادة فعالية وشفافية وتوافق فعاليات المفوضية والمجلس ككل.»
to increase the efficiency, transparency and coherence of the activities of the Council and the Union as a whole.
هل لهذا الكلام معنى؟‍ أيقوله عربي يدرك ما يقول؟‍‍!!
تقول المعجمات الكبيرة (أكسفورد، وبستر) إن كلمة transparent يمكن أن تؤديَ أحد المعاني الآتية:
«شفّاف، صريح، واضح. ظاهر، مفضوح، مكشوف، لا ريب فيه. غير مكنون، غير مستور، غير خفي. خالٍ من التظاهر، غير مُخاتِل، غير مُخادع، يُظهر ما يُبْطِن…»
ومن هذه المعاني نستخرج بسهولة معاني الكلمة الثانية:
الشفوف، الشفافية، الصراحة، الوضوح… عدم المخاتلة، عدم المخادعة…
والأقرب إلى المعنى المراد أن يقال: اتحاد صريح غير مخاتِل وفعال، إلخ…
وأنكى مما سبق أن تقرأ في مجلة عربية تصدر في الكويت مقالةً (غير مترجمة!) يقول مؤلفها
(رئيس التحرير) في العنوان الرئيسي لافتتاحية العدد:
- «الشفافية مطلوبة عند التصدي لقضايا الهدر المائي وإقامة التوازن الحيوي والترشيد.»
- وتقرأ في هذه المقالة: «… يجب أن تتوفر رؤية استراتيجية شفافة تقوم على…»
- «إن الاحتكام إلى الشفافية عند علاج قضية الماء من جوانبها السياسية والجيوسياسية…»
- «إن صيغة العقد الإنساني القائم على مبدأ الشفافية والمراعاة الإنسانية كفيل بـ…»
هل يُفهم من هذا (الكلام) شيء؟
هذه نماذج من الإباحية اللغوية التي صارت لغتنا تعانيها على أيدي (المتعلمين) من أبنائها، وهي نماذج بشعة من التخريب اللغوي!
ومما جاء في المقالة المذكورة آنفاً «تعذيب المياه» بدلاً من «إعذاب المياه» أي جَعْلها عذبة بإزالة ملوحتها!
 
*جزى الله خير الجزاء كاتبها وقارئها المستمسك بها وموصلها. آمين ، والحمد لله رب العالمين.
 

 
*د يحيى
29 - أبريل - 2009

 
   أضف تعليقك
 1  2