قصة إنسانية مؤثرة ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
أشكر أخانا الفاضل ، دكتور محمد كالو ، على القصة الإنسانية المؤثرة التي قدمها لنا ، واقعية كانت أو غير واقعية ، والتي أثارت فيّ الرغبة في العمل على إسعاد الغير ما استطعت . وأشكر كذلك أختنا العزيزة سفيرة السلام على مشاركتها ؛ منتهزا هذه المناسبة لأهنئها على مدونتها الجليلة الفوائد ، والتي طالعتها مرات عدة ؛ ولكني لم أجد فيها مكانا خاصا بتدوين انطباعات الذين يزورون المدونة كي أشارك في التعبير عن إعجابي بمواضيع المدونة ذات المظهر المتقن والمخبر المفيد . والشيء بالشيء يذكر ، فقد ذكرتني الآية الكريمة " وقولوا للناس حسنا " ، التي ذكرها دكتور محمد ، ذكرتني بمن قرأت عنهم ممن كانوا مغالين مولعين بنسخ العديد من الآيات القرءانية ، ومنها الآية المذكورة ، على الرغم من ورودها في الإخبار عن حدث حدث وانتهى .. ولو أطعناهم فيما ذهبوا إليه ، لما تكلمنا بكلمة طيبة . إن أكثر ما يثير النفوس الحنونة الصادقة هي التضحية من أجل إسعاد الآخرين دون مقابل دنيوي . والتضحية ربما تبلغ حد تقديم النفس فداء لتحقيق فكرة نبيلة ، وهذا من مظاهر الإيمان الصادق دون ريب. فالمجاهد في سبيل الله جل وتعالى يشري نفسه رخيصة ابتغاء مرضاة خالقه . من الأساطير التي تروى كمثال على التضحية في صورة من صورها السامية ، الأسطورة المعروفة عالميا عن البلبل أو العندليب والوردة البيضاء ، التي استحالت إلى وردة حمراء بعد أن غرز العندليب أشواكها في قلبه لتصطبغ باللون الأحمر القاني . لقد دفع ذلك الطائر الجميل حياته ثمنا لإسعاد الوردة البيضاء ، التي رغبت في أن تكون حمراء اللون ، أو لإسعاد من طلبت وردة حمراء ، كما تذكر الروايات المختلفة للأسطورة . إن الذي ينوي إسعاد الآخرين ، ثم يتيسر له تطبيق ما في نيته على أرض الواقع ، فسوف يكون سعيداً هانيء البال مستريح الضمير ، وهذه سعادة لن يطولها من لا يولي هموم الناس أدنى اهتمام . ورب كلمة جميلة لا تكلف صاحبها شيئا ، يخاطب بها محزونا ، فتجعله إلى الصبر أقرب ، وإلى الفرح أدنى منه إلى الحزن ، وتجعله يتحمل أعباء الحياة المختلفة مهما رافقها من صعوبات . والكلمة الجميلة تحتفظ بها القلوب في سويدائها ، وتنفعل بمعناها أيما انفعال ، مما يكون له الأثر الحميد على تصرفات أصحابها مع المحيط الذين يحيون فيه . وإذا كان إسعاد الناس بالكلام الطيب له هذا الأثر الفعال ، كما فهمنا من القصة التي ذكرها أخونا دكتور محمد ، فكيف بمن يسعد الناس بالأفعال وليس بالأقوال وحدها؟! وتحضرني الآن قصة الملك النعمان بن المنذر في يوم بؤسه لما وفد عليه رجل طائي . فلما أحس الطائي أن الملك قاتله ، رجاه أن يمهله حتى يفد على أهله وصبيته فيتدبر شؤونهم . ورفض الملك طلب الطائي إلا أن يأتيه بمن يكفل رجوعه لينفذ القتل فيه.. وما كان من رجل من حاشية الملك النعمان يقال إنه شريك بن عمرو ، إلا أن كفل الطائي .. وإن لم يعد الطائي يقتل شريك مكانه.. وعاد الطائي ولم يخلف وعده ، فعفا النعمان عنه وأنهى يوم البؤس الذي كان يقتل كل من يصادفه فيه . إن هذه القصة ، سواء صحت أو لم تصح ، فيها عبرة وأية عبره.. كربة شديدة فرًجها عن الطائي رجل شهم حنون ، ونجدة ووفاء يندر أن يقاربهما من الناس إلا القليل . دمتم طيبين . |