مجلس : العلوم عند العرب

 موضوع النقاش : أول تقرير في حياتي    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 طماح 
21 - يناير - 2009
دولة الإمارات العربية المتحدة
وزارة التربية والتعليم والشباب
منطقة الشارقة التعليمية
تقرير لمادة اللغة العربية 
 
** مقتطفات من حياة إمام **
 
(الفصل الدراسي الأول)
(2006ـ2007م)
 
إعـداد التقرير: طمـاح الذؤابة
الصف: الثاني عشر العلمي/2
------------------------------------------------------ 
                                  (المقدمة)
            
الحمد لله كما ينبغي لعظيم سلطانه، وأفضل الصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا وحبيبنا الرسول الشفيع الأبطحي الهاشمي العربي ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ ، وبعد:
 
فعندما كُلـِّفتُ بكتابة تقرير بدأت الأفكار تتزاحم على ذهني، فبدأتُ أرسم لوحة عما أريده، أريد أن أكتب عن شخصية إسلامية مشهورة، فلم لا أكتبُ عن شخص أسير على مذهبه؟
قررتُ وقتـَها أن أكتب عن الإمام الشافعي لا سيما و خاصة عندما سمعتُ ما قاله الإمام أحمد حين روى عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال:"إن الله تعالى يبعث لهذه الأمة على رأس كل مئة سنة من يجدد لها أمر دينها" فكان الشافعي على رأس المئة الثانية.
فأحببتُ الاطلاع على هذه الشخصية عن قرب لاسيما وأنها أدبية كذلك.
فتحدثتُ عن اسمه، ومولده ونشأته، وشخصيته وفضائله، وعبادته وطاعته، وجهوده الأدبية، وسردتُ بعضـًا من نصائحه، وانتهيتُ إلى ذكر أمر وفاته رحمه الله وأسكنه فسيح جنانه.
-------------------------------------------------------
* اسمه:
هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن عباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف جد النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وشافع صحابي؛ لأنه لقي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والسائب أسلم يوم بدر، وأمه هي :أزدية.
 
* مولده ونشأته:
ولد الشافعي بغزة وقيل بعسقلان وقيل باليمن سنة 150هـ . مات أبوه وهو صغير،فحملته أمه إلى مكة وهو ابن سنتين؛ لئلا يضيع نسبه، وقرأ القرآن وهو ابن سبع سنين، وحفظ موطأ الإمام مالك وهو ابن عشر سنين، وأفتى وهو ابن خمس عشرة سنة، وكان شيخه مسلم بن خالد الزنجي قد أذن له بذلك، وفتح الله عليه من العلم ما لم يفتح على غيره، وعني الإمام باللغة والشعر، وأقام في هذيل عشر سنوات، فتعلم منهم لغات العرب وفصاحتها، وسمع الحديث الكثير على جماعة من المشايخ والأئمة، وروى عنه خـَلق كثير.
 
* شخصيته وفضائله:
اجتمع للشافعي من الفضائل ما لم يجتمع لغيره، فأول ذلك شرف نسبه، وأنه من رهط المصطفى ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، ومنها صحة الدين، وسلامة المـُعتقـَد من الأهواء والبدع، ومنها سخاوة النفس، وحفظه لكتاب الله تعالى، ومعرفته بسيرة الرسول وخلفائه، ومنها كشفه لتمويه مخاليفه وتأليف الكتب، وقد أثني عليه بحسن الأدب والسخاء والنصح والعبادة.
وكان الشافعي عفيفـًا عن اللغو والكلام الفاحش، كثير الزهد في الدنيا، ويقول:" ما شبعتُ منذ ست عشرة سنة؛ لأنه يثقل البدن، ويقسي القلب، ويزيل العطنة(الصبر عند الشدائد)، ويجلب النوم، ويضعف صاحبه عن العبادة، ومن ادعى أنه جمع بين حب الدنيا وحب خالقها في قلبه فقد كذب".
وقال عبد الله البكري:"كنتُ مع الإمام الشافعي ـ رضي الله عنه ـ بشط بغداد، فرأى شابـًّا يتوضأ وهو لا يحسن الوضوء فقال له: يا غلام! أحسن وضوءك أحسن الله إليك في الدنيا والآخرة، ثم مضى فأسرع الشاب في وضوئه، ثم لحق الإمامَ الشافعي ولم يعرفه، فالتفت إليه الإمام وقال له: هل من حاجة؟ قال: نعم، تعلمني مما علمك الله. فقال له: اعلم أنّ من عرف الله نجا، ومن أشفق على دينه سلم من الردى، ومن زهد في الدنيا وقرت عيناه بما يرى من ثواب الله غدًا، أفلا أزيدك؟. قال: نعم. قال: من كان فيه ثلاث خصال فقد استكمل الإيمان: من أمر بالمعروف وائتمر به، ونهى عن المنكر وانتهى عنه، وحافظ على حدود الله تعالى، أفلا أزيدك؟. قال: بلى. قال: كن في الدنيا زاهدًا، وفي الآخرة راغبًا، وأصدِق الله تعالى في جميع أمورك تنجُ مع الناجين، ثم مضى، فسأل عنه الشاب بعد ذلك، فقيل له: هذا الإمام الشافعي ـ رضي الله عنه ـ . وكان يقول:" وددتُ أن الناس ينتفعون بهذا العلم، ولم ينسَب إلي منه شيء".
 
*عبادته وطاعته لله تعالى:
قال الربيع ـ رحمه الله ـ:"كان الإمام الشافعي رحمة الله عليه كثير الصلاة بالليل، وقد قسَّمه ثلاثة أجزاء: الأول للاشتغال بالعلم، والثلث الثاني للصلاة، والثالث للنوم، ويقوم إلى صلاة الفجر نشيطـًا، وكان يختم القرآن في كل يوم مرة، ويختم القرآن في رمضان ستين مرة، كل ذلك في الصلاة".
وقال حسين الكرابيسي:"بتُّ مع الشافعي ثمانين ليلة، وكان يصلي نحو ثلث الليل، وما رأيتـُه يزيد على خمسين آية، وكان لا يمر بآية عذاب إلا تعوَّذ بالله وسأل النجاة لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات، ولا يمر بآية رحمة إلا سأل الله لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات"....      (يتبع)


*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
تابع ...    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
*جهوده الأدبية واللغوية:
امتاز الشافعي بالشعر كما امتاز بالفقه واللغة، وله أشعار كثيرة قد جُمعت في ديوان سُمّي بديوان الإمام الشافعي، وكان يكتب شعرًا في الرسائل التي كان يرسلها إلى أصدقائه، ومن أشعاره في بيان فضل القرآن والحديث وعلوم الدين:
كل العلوم سوى القرآن مشغلة       إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيه قال حدّثنا           وما سوى ذلك وساوس الشياطين
وللشافعي نظم كثيرة تحتوي على الحكمة والمواعظ، وله أيضـًا كلام في الحقيقة، ومعادن دقيقة، فمن ذلك ما رواه سويد ـ رحمه الله ـ قال:"كان الشافعي جالسًا في مدينة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذ دخل عليه رجل فقال:إني خائف من ذنوبي أن أقدِمَ على ربي، وليس لي عمل غير التوحيد. فقال له: يا مؤمن، لو أراد الله عز وجل أن يؤيّسك من المسامحة لديه، لما أحالك في مغفرة الذنوب عليه، حيث يقول: (ومن يغفر الذنوب إلا الله) ولو أراد عقوبتك في جهنم وتخليدك لما ألهمك معرفتك به وتوحيدك، ثم أنشد: 
إنْ كنتَ تغـدو في الذنــوبِ جَلــيدا       وتخافُ في يوم ِالمَعادِ وَعيدا
فلقدْ أتاكَ مــــن المهيــمن ِعفـــوُه       وأباحَ مِن نِعَم ٍعلــيكَ مَـــزيدا  
لا تيأسنْ مِن لطفِ ربك في الحشى      في بطــن أمـك مضغة ٌووليدا
فبكى الرجل وأقبل على العبادة".
وقال أيضـًا:
تعصي الإلهَ وأنتَ تـُظهرُ حبَّه      هذا مُحالٌ في القياس بديعُ
لو كان حبُّك صادقـًا لأطعْـتـَه       إن المحبَّ لمن يحبُّ مُطيعُ
في كل يوم ٍ يَـبْـتـَديك بنعمةٍ        منه وأنت لشكرِ ذاك مضيعُ
وقد ألف كتبًا كثيرة منها: كتاب الأم المشهور، والرسالة، واختلاف الحديث، وجماع العلم، وإبطال الاستحسان، وأحكام القرآن، وبيان الفروض، وفضائل قريش، وغير ذلك.
 
*من نصائحه:
وله ـ رضي الله عنه ـ كلام كثير في الحكم منها قوله: خير الدنيا والآخرة في خمس خصال: غنى النفس، وكف الأذى، وكسب الحلال، ولباس التقوى، والثقة بالله تعالى في كل حال.
 
* وفاته:
دخل المزني على الشافعي في مرض موته، فقال له:" كيف أصبحتَ يا أستاذ؟". قال:"أصبحتُ من الدنيا راحلاً، ولإخواني مفارقـًا، ولكأس المنية شاربًا، وعلى الله واردًا، ولسوء عملي ملاقيًا". ثم رمى بطرفه إلى السماء، واستعبر، وأنشد:
إليك إلهَ الخلق ِأرفعُ رغبتي             وإن كنتُ يا ذا المَنِّ والجود مُجرما
و لما قسا قلبي وضاقت  مذاهبـي      جعلت الرجا مني لعفـوك  سُلمـا
تعاظمَني ذنبي فلما قرَنـْـتـُه              بعفوك ربي صار عفوك أعظما
وما زلتَ ذا عفو عن الذنب لم تزلْ     تجود وتعفو مِنـَّة وتكرّما
ولولاك ما يقوى بإبليـس  عابـدٌ        فكيف و قد أغوى صفيك  آدمـا؟
فيا ليت شعري هل أصير  لجنـةٍ        فأهنـا و إمـا للسعيـرِ  فأندمـا
و إني لآتي الذنب أعـرف قـدره        وأعلـم أن الله يعفـو ويرحـمـا
فإن تعف عنَّي تعف عن  متمـردٍ       ظلومٍ غشومٍ مـا يزايـل  مأثمـا
وإن تنتقـم منـي فلسـت بآيـسٍ        ولو أدخلتُ نفسي بجرمي  جهنمـا
فجُرمي عظيمٌ من قديمٍ و  حـادثٍ     وعفوك يا ذا العفو أعلى وأجسمـا
عسا من له الإحسان يغفر  زلتـي     ويستر أوزاري ومـا قـد تقدمـا
 
وقد توفي ليلة الجمعة آخر يوم من رجب سنة أربع ومئتين، وعن أربع وخمسين سنة، وكانت وفاته بمصرَ، وفيها دُفن ـ رضي الله عنه، وأكرم مثواه ـ ، وقال محمد بن دريد في رثائه:
ألم ترَ آثارَ ابن ِإدريسَ بعدَه    دلائلها في المشكلاتِ لوامعُ
طيب الله ثراه..
-----------------------------------------------------------------------------
 
(الخاتمة)
 
من خلال بحثي بين ثنايا الكتب في أول تقرير أكتبه في حياتي، عرفتُ كم كان الشافعي إنسانـًا يهدف من وراء علمه وأدبه إلى إرضاء ربه، وأنه قد دخل قلوب الناس لما عُرف عنه من حسن الخلق، و ابتغاء وجه ربه في كل عمل يقوم به؛ لذا أحب أن أقتدي به، وأستحضر مراقبة ربي في كل قول وفعل، وهذه التجربة قد أفادتني كثيرًا في ديني ودنياي، وأتمنى أن تفيد كلَّ من يطلع على نتاجها من عبارات وأبيات، وأن ترضي القراء..
-------------------------------------------------------------------------
 
(المصادر والمراجع)
 
الكتب:
 
أ/ كتاب الروض الفائق في المواعظ والرقائق،
للعلامة الشيخ شعيب بن سعد بن عبد الكافي،
دار النشر: دار الكتب العلمية ، بيروت ـ لبنان،
طـُبع سنة: 1417هـ ـ 1997م.
 
 
ب/  ديوان الإمام الشافعي،
لأبي عبد الله محمد بن إدريس الشافعي،
تحقيق: سعد كريم الفقي،
دار النشر: دار اليقين للنشر والتوزيع،
طـُبع سنة: 1421هـ ـ 2000م.
 
 
 
حـ/ كتاب طريقة المتقين(الجزء الثاني)،
للشيخ عبد الرحمن بن محمد حافظ الأنصاري الشافعي،
دار النشر: دار الغرير للطباعة والنشر،
طـُبع سنة: 1358هـ .
*طماح
23 - يناير - 2009

 
   أضف تعليقك