مجلس : الرواية والقصة

 موضوع النقاش : درس الألِف    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 محمد 
3 - يناير - 2009
 
درس الألِف

إنها قصة أحد الصالحين من ( بنجاب ) ويدعى ( بلاّشاه ) أرسله أبوه ـ وهو طفل صغير ـ إلى الكتاب، حتى يتعلم مبادئ القراءة والكتابة ، فكتب له المعلم : ( ا ـ ب ) وأمره أن يحفظهما ، ويروض نفسه على كتابتهما .

فوقف ( بلاّشاه ) عند حرف الألف ، لا يحسن كتابتها ولا تعلمها ، والأطفال الذين دخلوا معه الكتاب ، ساروا شوطاً بعيداً ، ودرجوا في مدارج العلم والمعرفة ، فأتموا حروف الهجاء إلى ( الياء ) وانتقلوا إلى ما بعدها ، وحفظوا كثيراً من السور الصغيرة من جزء( عمَّ ).

و (بلاشاه ) واقف عند الألف لا يتعداها ، ومرت أيام وأسابيع على هذه الحال ، والموقف لم يتغير ، وأخيراً ضاق به المعلم ذرعاً ، وذهب به إلى أبيه وقال : إن ابنك هذا ناقص العقل ، قليل الفهم ، ضعيف الإدراك ، غير قابل للتعلم ، وأنا عاجز ولست بمستطيع تعليمه .

حاول أبوه أن يعالج هذا النقص ، وعرض ولده ( بلاشاه ) على معلمين آخرين ليتحرك من ( الألف ) إلى ( الباء )، ولكن دون جدوى .

وحزَّ هذا في نفس الطفل ، وشعر أنه عبء ثقيل ، وأحس أنه جرَّ لوالديه هماً وغماً ، وأنهما يئسا من نجاحه ، ففرَّ إلى غابة ، وأقام فيها فترة ، وذهنه مشغول بمظهر الألف .

فأدرك أن الألف تظهر له في الحشيشة النابتة في الغابة ، وفي جذع الشجرة ، وفي كل فرع من فروعها ، وفي جسمه منتصباً كالألف ، وفي الجبل الأشم مشرفاً على الوادي ، وفي جسم الحيوان ممدوداً ، فليس إلا الألف في كل شيء ، هذا العالم كله مكون من ألفات ، تخفي وراءها خالقها ومبدعها ، كما يختفي وراء الألف كاتبها ، فلا شيء إلا الخالق ولا شيء إلا الله سبحانه وتعالى .

سُرَّ الطفل حينما فهم درس الألف ، وتذكر فضل المعلم الذي علمه الألف ، ولم يكن يفهم ويعي ، فطرده من الكتاب لجهله ، فنـزل من الغابة إلى المدينة ، وذهب إلى المعلم ، وقبَّل يده ، وقال له : لقد تعلمتُ درس الألف وفهمته ، فهل تتفضل عليَّ وتعلمني الدرس الذي يليه ؟

ضحك المعلم من سخافته ، وأراد أن يمتحنه ، فسأله أن يقرأ الألف ويكتبها ، فقرأها وكتبها ، وشرح للمعلم ما فهم منها ، فدُهش المعلم وحار عقله مما سمع ، وقال للطفل : يابني ، أولى بك أن تكون معلمي، فلقد تعلمتَ من حرف الألف ما لم أتعلمه أنا ولا كل الأطفال ، من كل دروسي .

ربما كانت الألف مفتاح الكنـز ، والإنسان يكفيه حرف واحد ، بل إشارة واحدة، إذا صدق في طلبه للعلم والمعرفة ، واتقى الله تبارك وتعالى ، فالطريق لمن صدق لا لمن سبق .
قال الله تعالى : ( واتقوا الله ويعلمكم الله والله بكل شيء عليم ) ( البقرة : 282 ) .


*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
ألف باء.....    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
الله : تبدأ بالألف
" اقرأ " : تبدأ بالألف
إيمان : تبدأ بالألف
إتقان : تبدأ بالألف
 
كل عمل يبدأ بذكر الله + إيمان + إتقان = استقامة في الحياة = النجاح.
أما معنى الألف فهو الأول من كل شيء.
 
نعَم : للفهم مع التبويب والتصنيف، لا: للحشو والفوضى.
 
نعَمْ : [الطريق لمن صدق ، وليس لمن سبق. " واتقوا الله ويعلمكم الله"].
 
جزاكم الله خير الجزاء يا أخي ( محمد).
*د يحيى
5 - يناير - 2009
ألف باء    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
 
    كتاب ( ألف باء ) للبلوي موسوعة معرفية ضخمة وهو أشبه بالمعجم وأثبت فيه مؤلفه أن اللسان العربي عجب من عجائب الله . وقد وضع كتابه هذا لابنه ومن قام مقامه ليكون ذخرا له بعد وفاته ؛ فالخلق للموت وإن طال العمر. والتأليف عند البلوي لا يعدو جمعَ المفرَّق واختصارَ المطوَّل وترتيبَ المنثور وإضافة الجديد، وكان يرى نفسه دون مستوى التأليف ويجعل همه جمع المعرفة وحسب ،
 ولكنه اكتشف فداحة وهمه فقال لابنه وهو يعظه :
 " إنه من حكى قول الناس فما عليه من باس ، وقد كنت أظن أن التأليف يصعب فإذا هو أسهل شيء وأقرب ، خذ كلام الناس من هنا وضعه هنا وقل مؤلفه أنا "
   فكان أن ألف الكتاب ، وأخذ الكتاب شكل القصص فقد التزم البلوي نقل القصص وتحرَّر في الإضافة عليها والزيادة في معانيها وحبس أنفاس القارئ عند مواقف يتلهف القارئ لمعرفة ما بعدها ، كما كانت شهرزاد - نديمة ألف ليلة وليلة - تسكت في الصباح عن الكلام المباح وتترك قصتها ناقصة لتشويق شهريارالمتلقي لحكاياتها ، كذلك ترك البلوي قصصه في ألف باء مبتورة ليكملها في كتابه " التكميل " . والكتاب نفسه ولد من قصتين :
 القصة الأولى بطلها الصبي النهم للعلم الذي يجلس في حلقة الدرس صامتا يجمع العلم ويرى نفسه دون مستوى التأليف ،
  والقصة الثانية بطلها الشيخ الذي يمضي به العمر، فأراد مبادرة الفناء بإخراج كنـزه المعرفي إلى النور .
   لقد كان البلوي إذن واسطة حاكمة بين ابنه والمعرفة ، كما كان واعياً للفروق بين الأنواع المختلفة للقصص  فتميز أسلوبه بنهج التأريخ في سرد الحكايات والأخبار.
  وإذا كان للقصص غاية ، فإن غاية كتاب (الف  باء ) النصح والتوجيه لجيل الأبناء في كل عصر وليس في عصر البلوي وحده .
   وبالله التوفيق .
*منصور مهران
6 - يناير - 2009

 
   أضف تعليقك