مجلس : علوم القرآن

 موضوع النقاش : البدعة    قيّم
التقييم :
( من قبل 2 أعضاء )
 د يحيى 
19 - ديسمبر - 2008
                                   البدعة
                            د/ يحيى مصري الحلبي
 
" البدعة التي يُعد بها الرجل من أهل الأهواء ما اشتهر به عند أهل العلم بالسنة مخالفتها للكتاب والسنة". ( فتاوى ابن تيمية35/414).
أما الأمر المحدث في الدين الذي يتفق مع مقاصد الدين وأهدافه ، فإنه ليس ببدعة .
* لقد قالت السيدة فاطمة بنت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، لأسماء : " إني قد استقبحتُ ما يُصنع بالنساء ، إنه يُطرَح على المرأة الثوب عندما تموت ، فيصفها ، فذكرتْ أسماءُ لها أنها رأت في أرض الحبشة أنه يُصنَع للمرأة مثل هَودَج العروس ، فتُغسَل فيه ، فقالت فاطمة : إذا أنا متُّ فاصنعي لي ذلك ، ولا تُدخِلي عليَّ أحداً . فلما ماتت ، فعلتْ ذلك لها ، فأتت عائشة تستأذن بالدخول على فاطمة ، فمنعتْها أسماء ، ولمّا استفسر أبو بكر الصديق، رضي الله عنه ، عن سبب المنع ، أخبرتْه أسماء أنه أمْرُ فاطمة ، فقال أبو بكر : اِصنعي ما أمَرَتْكِ به " . ( سُنَن البيهقي 4/35) .
" إنّ كل حُكمٍ مستحدَث بعد الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، لم تَشهَدْ له أدلة الشرع وقواعده العامة ، فهو مردود على صاحبه ".
 ( الغلو في الدين ، للأستاذ اللويحق ، ص378) ، ولهذا ، فإن ّ سيد القراء أبَيّ بن كعب قد صلى صلاة التراويح عشرين رَكعة ، ولم ينهه عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه، بل استحسن ذلك ولا سيما الجماعة الواحدة ، وقال : " نِعمتْ البِدعة هذه " . ونحن نعلم أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، كان صلاها ثمانيَ ركَعات ، وأن الناس قد صلوها في زمنه فُرادى وجماعاتٍ متفرقة.
 ( موسوعة فقه عمر ،ص161).
إنّ البدعة إذا كانت تتفق مع مقاصد الدين وأهدافه ، فإنها ليست ببدعة ، فإنّ التعريف في المساجد عن يوم عَرَفة لم يكن على عهد النبي ، صلى الله عليه وسلم ، لكنّ أول مَن فعله كان ابن عباس وعَمرو بن حُرَيث.( موسوعة فقه ابن عباس 1/225).
لقد زاد عثمان بن عفان، رضي الله عنه ، أذاناً يسبِق الأذان الذي بين يدَي الخطيب ؛ بسبب اتّساع رقعة المدينة المنوّرة ، وكان ذلك عام ثلاثين للهجرة ، وكان المؤذِّن يرفعه على دار عثمان في الزوراء ، يبلّغ به الأسواق ، وبذلك أصبح لصلاة الجمعة أذانان وإقامة. ( موسوعة فقه عثمان ، ص29).
ولقد كان لعثمان أربعة مؤذنين ( المغني1/429) ، فعن موسى بن طلحة قال : رأيتُ عثمان جالساً على المنبر يوم الجمعة ، والمؤذنون يؤذنون ، وهو يسأل الناس عن أسعارهم وأخبارهم .
 ( المحلى 5/72 و 9/126، و مصنف عبد الرزاق 3/215).
* أما أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب ، عليه السلام ، ورضي الله عنه ، وكرّم الله وجهه ، فإنه أمر الناس القيام في رمضان ، فجعل للرجال إماماً ، هو عبد الرحمن بن أبي ليلى ، وجعل للنساء إماماً هو عرفجة. ( مصنف عبد الرزاق3/152و 4/258 ، وسُنَن البيهقي2/494 ، والمحلّى 3/140 و4/202).
غير أن علياً ، رضي الله عنه ، كره كل مافيه تشبُّه بالكفار في الصلاة ، ومن ذلك قراءة الإمام في المصحف كما يفعل النصارى ، فعن ابن عباس ، رضي الله عنهما ، " نهانا أمير المؤمنين أن نؤم الناس في المصاحف" .( المغني 1/575) .
** إننا إذا أنعمنا النظر –الآن- في حديث رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، : " مَن أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو ردٌّ " ، فهمنا المردود في المحدثة التي ليست من الدين في شيء . وأما إذا كانت من الدين ؛ بمعنى أنها محققة لأهداف الشريعة ، وكانت من عمل الصحابة والتابعين ، فإنها ليست ببدعة .
ولننظر- الآن- إلى حديث الرسول ، صلى الله عليه وسلم :
 " عليكم بِسُنّتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي ، وعضوا عليها بالنواجذ ....." . إذن : يأمر الذي لا ينطِق عن هواه ، صلى الله عليه وسلم ، بالالتزام بسنته فقط مادام حياً ، ولكنه قال آمِراً بالالتزام بسنته وسنة الخلفاء بعد وفاته ، وهذا هو الإجماع، " وهو ماانعقد عليه بعد وفاته ، صلى الله عليه وسلم . ومن اين جئنا بلفظتي : الأمر ، والالتزام ؟ والجواب : إعراب( عليكم بِ) : اسم فعل أمر ، بمعنى : اِلزَموا ، اِلتزِموا . وما معنى : ( عضوا عليها بالنواجذ ) ؟ والجواب : تمسكوا بها ، ولا تهملوها ، أو تَدَعوها .
لقد كان أبو بكر الصديق ، رضي الله عنه ، ينهى عن القراءة خلف الإمام . ( مصنف عبد الرزاق 2/139) .وكذلك كان عثمان ، رضي الله عنه ،( موسوعة فقه عثمان ، ص239) .
أما الإمام علي ، رضي الله عنه ، فكان يقول : " مَن قرأ خلف الإمام فلا صلاةَ له " ( مصنف عبد الرزاق 2/138). وكان يقول : " ودِدتُ أن الذي يقرأ خلف الإمام في فيهِ حَجَر " ( الأم 7/165) . عن جابر قال : قال رسول الله ، صلى الله عليه وسلم، :" مَن كان له إمام ، فقراءة الإمام له قراءة ".
 ( صحيح سُنن ابن ماجه1/141).
وكان عمر ، رضي الله عنه، يرى أن يقرأ أهل المحتضر القرآن الكريم عنده ، وكان يقول : " احضروا موتاكم ، وألزِموهم لا إله إلا الله ، وأغمِضوا أعينهم ، واقرؤوا عندهم القرآن ".( موسوعة فقه عمر ، ص 713).
وكان عمر يجيز هبة المسلم للكافر ، فقد كسا ، رضي الله عنه ، أخاً له- كان مشركاً بمكةَ- حُلّةً كان الرسول ، صلى الله عليه وسلم ، قد أهداها إليه.
 (سنن البيهقي 3/241 والمغني 2/659 و 6/104).
وقد أكل عمر لحم الجزور ، ثم قام ، فصلى ولم يتوضأ . وقد كان لا يرى الوضوء مما مسّتْه النار. ( موسوعة فقه عمر ، ص 875).
** وكان عمر يقنت في صلاة الصبح ، ويرفع يديه حتى يبدوَ ضَبُعاهُ [ تحت إبطيه ] ، ويُسمَع صوتُه مِن وراء المسجد . الموسوعة ص 565 و 568).
وكان عثمان ، رضي الله عنه ، إذا أنهى صلاته ، يسلّم بتسليمة واحدة عن يمينه. ( موسوعة فقه عثمان ، ص 211).
 وقد اكتفى بمَسح جزء من رأسه ، وهو مُقدَم رأسِه . ( المغني 1/125).
أما علي بن أبي طالب ، رضي الله عنه ، فكان يقول :
" الأذان مَثْنى مثنى ، ويرتّل في الأذان ، ويحدِّر في الإقامة . وقد أتى على مؤذِّن يُقيم مرة مرة ، فقال : " ألا جعلتها مثنى مثنى "( الموسوعة ، ص 107).
وكان ، رضي الله عنه ، لا يرى بأساً أن يحُجَّ رجلٌ عن رجلٍ ولم يحُجَّ قطُّ ( الموسوعة ، ص 204).
وكان يرى أن الحائض في حالة جنابة ، ولذلك يَحرُم عليها لمس المصحف وحمله وقراءته ، والمُكث في المسجد.( الموسوعة ، ص 239).
وكان يقنت في النصف الأخير من رمضان ، وهذا يدل على أنه كان يقنت من دون أن تكون هناك نوازلُ تستدعي القنوت.( الموسوعة ، ص 338) .
وكان ، رضي الله عنه ، يصلّي التراويح عشرين رَكعة ، ويأمر بذلك ز يسلّم في كل رَكعتين ، ويراوح بين كل أربع رَكعات.( موسوعته ، ص 410). وكان يقول : " صَلّواُ ما استطعتم ، فإنّ الله لا يعذ ب على الصلاة .
(مصنف عبد الرزاق 3/78 ) .
ولقد كان ابن عباس ، رضي الله عنهما ، يلتزم قراءة البسملة مع الفاتحة ، وكان يندد بمن يتركها ، ويقول :
" إنّ الشيطان استرق من أهل القرآن اعظم آية في القرآن : بسم الله الرحمن الرحيم ، وكان يقول : ذُخرُها لكم ، فما أخرجها لأحد قبلَكم .( سنن البيهقي 2/ 44 و48 ، وأحكام الجصاص 1/13 ، وتفسير ابن كَثير 2/557).
وكان يرى أن تحية المسجد سُنّة ، على حين الاستماعُ إلى الخُطبة واجب ، ولهذا يرى الاستماع إلى الخُطبة .
 (الموسوعة 1/229) ، وكان يرى كراهة الصلاة بعد خروج الإمام إلى المنبر ( الموسوعة 2/123).
 وكان يرى أن ليلة القدر هي ليلة السابع والعشرين من رمضان ( المغني 3/180، والمجموع 6/449).
وقد أورد الإمام عبد الرزاق الصنعاني محاورة جرت بين عمر وابن عباس في ذلك فقال : سابعة تمضي ، أو سا بعة تبقى من العشر الأواخر ، فقال عمر : ومِن أين علمتَ ذلك ؟ فقال : خلق الله سبع سماوات وسبع أرضين ، وسبعة أيام ، وإن الدهر يدور في سبع ، والطواف بالبيت في سبع .... لأشياء ذكرها ، فقال عمر : لقد فطِنتَ لأمرٍ ما فطٍنّا له ".
 ( موسوعة ابن عباس 2/344).
قال عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، :" لا يمنعْ أحداً منكم حداثةُ سِنّه أن يُشيرَ برأيه ، فإنّ العِلم ليس على حداثة السِّن ولا قِدَمِهِ ، ولكنّ الله يضعه حيث يشاء ".( البخاري 9/138 ، ومصنَّف عبد الرزاق 11/440).
***" إنّ جميع الباحثين القدامى إذا ما ذكروا الحديث وروايته  وعدّدوا المكثرين في رواية الحديث جعلوا على رأسهم الخلفاء الراشدين الأربعة ، وإذا ما ذكروا الفقه ذكروا على رأس الفقهاء من صحابة رسول الله الخلفاء الراشدين الأربعة ، وإذا ما ذكروا المفتين من صحابة رسول الله، صلى الله عليه وسلم ، ذكروا على رأسهم الخلفاء الراشدين الأربعة " .
 ( موسوعة فقه عثمان ، ص7).
 
لوحة ذهبية:
 [ أخرج سعد الزنجاني عن أبي هريرة- مرفوعاً – أن النبي ، صلى الله عليه وسلم ، قال : " من دخل المَقابر ، ثم [ يعني بعد السلام على أهلها ] قرأ فاتحة الكتاب ، وقُل هو الله أحد ، وألهاكم التكاثر ، ثم قال :
إني جعلتُ ثواب ما قرأتُ من كلامك لأهل المقابر مِن المؤمنين المؤمنات ، كانوا شفعاء له إلى الله تعالى " .
 
وأخرج عبد العزيز صاحب الخلال بسنده عن أنس – مرفوعاً – أن رسول الله ن صلى الله عليه وسلم ، قال : مَن دخل المقابر ، فقرأ سورة ياسين ، خفّف الله عنهم ، وكان له بعددِ مَن فيها حسنات ] . ( من مؤلفات الشيخ محمد بن عبد الوَهّاب : القِسم الثاني – الفقه – المجلد الثاني : كتاب ( تَمَنّي الموت ) : تحقيق الشيخيين : عبد الرحمن السدحان ، وعبد الله الجبرين ، صفحة 75] .
 
 


*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
;كلام عَون المعبود    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
البدعة : المراد بها ما أحدِثَ مِمّا لا أصلَ له في الشريعة يدُلّ عليه ، وأيّاً ما كان له أصلٌ مِن الشَّرع ،فليس ببِدعة شرعاً ،وإن كان بدعةً في اللغة .
 
هذا كلام عَون المعبود بِشَرح سُنَن أبي داود (12/259).
*د يحيى
24 - ديسمبر - 2008
الحِين    ( من قبل 2 أعضاء )    قيّم
 
                                 الحِين : ماهو ؟
**عن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين الشهيد ، عليه وآله السلام،أنه سئل في رجل حلف على امرأته : أن لا تفعل فعلاً ما إلى حِين ؟ فقال : أيّ الأحيان أردتَ ؟ فإنّ الأحيانَ ثلاثة :
1- قال الله عز وجل : " تُؤتي أكُلَها كل حينٍ بإذن ربِّها " .
 كل ستة أشهر.
2- وقال تعالى : " لَيَسجُنَنّهُ حتى حين " . فذلك ثلاثةَ عشَرَ عاماً .
3- وقال تعالى : " ولتعلمنّ نبأه بعد حين " . فذلك إلى يوم القيامة.
 
**وسُئل سعيد بن المسيّب عمّن حلف أن لا تدخل امرأته على أهلها حيناً ؟ فقال : الحين ما بين أن تطلُع النخل إلى أن ترطب .
 " تؤتي أكلها كل حين " .
 
** وعن عِكرمة أن عمر بن عبد العزيز سألهم عمّن قال : لا أفعل أمراً كذا حيناً ؟ فقال له عكرمة : إن من الحين ما يدرك وما لا يدرك ، فالذي لا يدرك قوله عز وجل : " ومتعناهم إلى حين ". والذي يدرك قوله تعالى : " تؤتي أكلها كل حين " . فأراه من حين تثمر إلى حين تصرم : ستة أشهر ، فأعجب ذلك عمر بن عبد العزيز. وبه يقول أبو حنيفة ، والأوزاعي ، وأبو عبيد ، وقال أبو حنيفة : إلا أن ينوي مدة فله ما نوى ، وهذا قول مالك.
 
*وعن سعيد بن المسيب : الحين شهران : النخلة تطلع السنة كلها إلا شهرين .
 
**وعن ابن عباس روايتان : الحين قد يكون سنة ، وقد يكون غدوة وعشية ، وهذه الرواية الثانية قول الشافعي ، وداود .
وعن طاوس : الزمان شهران .
**أما أمير المؤمنين علي ، رضي الله عنه ، فكان يرى الحين سنة ، وقد تا بعه في ذلك الحكم بن عتيبة ، وحماد بن أبي سليمان  وعكرمة.
وعن الحسن البصري : " تؤتي أكُلَها كل حين " . مابين ستة أشهر إلى تسعة أشهر .
 
أرأيتم إلى هذه الثروة الفقهية..... فضاء ، وفيه هواء : أول عناصر الحياة ، والأنف له فتحتان ؛ للتنفس المريح ، وهذا- واللهِ-
مظهر كمال ، لا نقص في شريعتنا الإسلامية السمحة .
أما أولئك الذين حَرموا أنفسهم من نعمة التنفس بالهواء الطلق ، وعاشوا في مكان ضيق حبيس ، فنسأل الله المجيب أن يعلّمهم ، ويُفَهّمهم ، وأن يتّبعوا سبيل المؤمنين؛ لأنهم خلطوا الأصول بالفروع.....
*د يحيى
26 - ديسمبر - 2008

 
   أضف تعليقك