صباح الخير حبيبي، لقد فاز أوباما، سلمني مبلغ الرهان.كانت تلكم عبارات صعقتني بها زوجتي وأولى خسارتي ، صبيحة اليوم الذي غدا فيه رجل أسود وطموح يدعي باراك أوباما،رئيسا للإمبراطورية المطاطة،الولايات المتحدة الأمريكية،وانذار بفساد مستقبلي العديد من الفرضيات التي كنت أدافع عنها باستماتة، طيلة الفرجة السياسية الممتعة التي وفرها السباق الرئاسي بين الجمهوريين والديمقراطيين.
لم أكن أختلف كثيرا مع زوجتي والعديد من الأشخاص المكونين للآراء العامة، عربيا ودوليا، حول كاريزما الرجل، وأفكاره المعلنة الجيدة والثورية سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، واستحقاقه زعامة الولايات المتحدة الأمريكية،لسبب وجيه يتعلق بكون الجميع كان جادا في البحث عن قيادة للولايات المتحدة،من شأنها أن تغير في أذهاننا صورة الإمبراطورية المحاربة،وعن إدارة جديدة لا تترك لنا عدة جبهات من الحروب المفتوحة ولا تودعنا بأزمة مالية خانقة قد تشل العالم في حال استمرارها.
لكن كانت لدي فرضيات حالت دون أن يصدق ذهني فوز الرجل الأسود الديمقراطي، تتعلق بالتاريخ الأمريكي الأسود مع السود، وعقدة صناع القرار بالولايات المتحدة مع شبهة الدين الإسلامي، ثم إيماني الشديد بكون الولايات المتحدة على عكس بلادنا العربية والإسلامية حيث الحكم الشخصي، وتأثر مصالح البلاد والعباد بسمات وتصرفات الحاكم الشخصية، هي دولة مؤسسات حقيقية، كما أنها دولة تحكمها والعالم شركات عابرة للحدود ومدمرة للأخلاق، تقتات على الحروب وخلق العداوات والانفتاح الاقتصادي، حيث بإمكان الشركات العمل أينما تشاء بالعالم، بحثا عن الربح كيفما كانت الوسيلة، وهي أمور معاكسة تماما لما عبر عنه باراك اوباما ووعد به ناخبيه الأمريكان والعالم أجمع، بسفسطة مقنعة، حاز معها دعم وتفاؤل فنزويلا، إيران،الفلسطينيين...وأصحاب نوايا السلام والاستقرار بالعالم.
كلها أفكار كانت تعتمل بقوة داخل ذهني، بشكل حال بيني حتى مع الاستناد إلى الكم الهائل من الافتتاحيات الصحفية عبر العالم، التي أيدت بشكل صارخ اوباما، وكذا استطلاعات سبر الآراء العامة الأمريكية والأوربية، وكل المؤشرات الموضوعية التي منحت الفوز الساحق لاوباما حتى قبل الاقتراع.
بانتخاب باراك أوباما رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، يكون الشعب الأمريكي قد أطلق صرخة تغيير قوية وحرة فعلا، زعزعت معتقدات الميز العنصري والديني، وأعلنت رفض جميع أشكال السياسات المحاربة التي شوهت الإمبراطورية الأمريكية، طيلة حكم الجمهوريين في شخص الرئيس بوش، والتي أدت إلى وصول العديد من المتخصصين والمراقبين إلى قناعة قرب انهيار الولايات المتحدة الأمريكية، وفقدها لأسهمها الكونية أخلاقيا وسياسيا واقتصاديا، كقوة عظمى من شانها منح العالم الأمن والاستقرار، والأهم في فوز أوباما أنه خلق أزمة للجماعات الإرهابية المنتشرة عبر العالم، والتي كانت تستند إلى" أفعال الإمبراطورية الشريرة والكافرة" والى تطرف بوش الابن لتنفيذ سياساتها، وبث سمومها عبر العالم، حيث انهارت العديد من الأفكار التي كانوا يقدمونها كمبررات لما يقومون به من أفعال.
هنيئا لباراك أوباما، ولشعب الولايات المتحدة،ولكل من ساند بارك أو أحبه و أنا منهم، وهنيئا لك زوجتي بمبلغ الرهان، ولتبريراتك الصوفية التي دافعت عنها باستماتة وجعلتك تؤمنين بشدة بحتمية فوز اوباما، وعلى رأسها أن لخالق الكون سننا، تفرض أن تتغير أمريكا، إما أن تنهار فعلا وتفسح المجال لاحدى القوى الصاعدة من آسيا أوالكتلة الأوربية، أو تصبح مصدرا للأمن والاستقرار، وهو ما قد يوفره قلب الرجل الأسود الأبيض، لكن هل حان الوقت فعلا؟هل يحق لنا التفاؤل؟ أتمنى عليك أوباما، أن لا تخذلني وزوجتي، وكل الملايين التي أحبتك وساندتك، وتصبح بوشا أسمر، خدوما لتجار النفط والسلاح.
أحمد سالم أعمر حداد HESPRESS.com
Friday, November 07, 2008