مجلس : جلال الدين الرومي

 موضوع النقاش : الطريق إلى قونية    قيّم
التقييم :
( من قبل 5 أعضاء )

رأي الوراق :

 ضياء  
8 - أكتوبر - 2008
كان الأديب الشاعر الأستاذ محمد السويدي ، قد أرسل في العام الفائت وفداً من ثلاثة أدباء إلى مدينة قونية ، في تركيا الحالية ، لحضور مهرجان جلال الدين الرومي الذي يقام هناك في شهر كانون الأول ( ديسمبر ) من كل عام . وكان من أحد نتائج هذه البعثة ، أن تمخضت عن أثر أدبي ساحر ، وعميق الدلالة ، يحكي حكاية الوجد الصوفي بكلمات مغايرة ، وينظر إليه من المكان الذي وصل إليه أديب شاب نبت فرعه في قيظ الصحراء السورية الكبرى ، مهد الإنسان الأول ، المجبول بأديم الأرض ، والناظر دوماً إلى أفق السماء . " الطريق إلى قونية " حكاية كتبها الأديب الأستاذ خليل النعيمي ( وهو أحد أفراد البعثة ) تبحث في معنى الحب وتجلياته ، وأزلية العلاقة بين الإنسان وجذوره الضاربة في عمق الأرض والتاريخ والتي لا تتفجر معانيها إلا في حضرة العشق . هذه العاطفة الغامضة التي قلبت كيان مولانا جلال الدين ومنحته وعيه بمحنة وجوده كإنسان يحيا مع نقيضه ، وتتردد في جوانبه مشاعر الخطيئة والرغبة ، لكنه يبقى مسكوناً بطاقة غريبة تدفعه إلى الأعلى ، وتتصعد به في حركة دائرية تتمحور حول نفسها لكي تحوله إلى درويش طائر يبحث عن الأمان اللامتناهي في فضاء مفتوح يقودنا دائماً نحو السماء .
سأحاول الحديث ، هنا ، عن هذه الحكاية ، أي : " الطريق إلى قونية " وكيف ينظر أديب يحمل ثقافة عصرنا الراهن إلى تجربة جلال الدين الرومي ، وسيكون لنا محطات كثيرة مع مقاطع من هذه الرحلة التي أرجو لها أن تحظى باهتمامكم .

 1  2 

*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
    ( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :     قيّم
 
" إلى أين أيها الكائن المتوتر مثل دفّ قديم ؟ "

هو السؤال الوجودي الأول الذي ينغص حياته والذي يطرحه الكاتب على نفسه ليأخذنا عبره إلى زمن الحكاية وفضائها
:

 الحكاية كالكائنات تهوى الإقامة في الأماكن التي تحبها . والأمكنة التي تحبها هي التي تغذيها . تزيدها متعة وغواية . تجعلها ذات شعاع متألق . تمنحها أبعاداً ما كانت تحلم بها في أرضها الأولى ...
فالحكاية لا أرض لها ...
الحكاية إذن هي فلسفة الحياة الأولى والسفر هو كتابها ...
عظمتها تأتي من كونها حدثاً ثانوياً لم يكن مخططاً له من قبل . فهي لا يمكن أن تُتَخَيَّل متكتملة . ولذا هي ، إبداع حر ، يتنامى تدريجياً ، أو يتطور ، أو يتغير ، بلا توقف . ويمكن له أن يأخذ ما لا يحصى من الأشكال ، ويحمل ما لا يحصى من العوطف والاضطرابات ، ويلجأ إلى ما يستهويه من الحيل والأفانين ، حسب ما تقتضيه أقانيم السفر ...
زمن السفر الذي لا تملؤه إلا الحكاية " ( المقدمة ص 4 ـ 5) .

*ضياء
9 - أكتوبر - 2008
بجاه الغروب والنبي أيوب    ( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :     قيّم
 

و" الطريق إلى قونية " حكاية تسير في الاتجاه المعاكس للزمن ، لأنها رحلة البحث عن لقاء طال انتظاره ، لقاء يحتوي الحكاية الأصل  . هي عودة إلى عالم الطفولة بمعناها اللفظي والمعرفي ، عالم غادرناه مبكرين ، دون زاد ، ودون أن نفهم سر علاقتنا به بكل أبعادها : والأب في هذه الحكاية هو الأصل القديم الذي عشنا بقربه ، دون أن نعيش معه ، وهو أصل الحكاية . هو ذلك " الأسد الذي ملَّ من الافتراس حتى أصبح لين المراس " والذي تسعى هذه الحكاية إذن ، إلى اللقاء به في فضاء محايد لا تملؤه إلا عاطفة الحب التي تجمعنا به والتي تشبه تلك العاطفة الغريبة التي جمعت بين شمس الدين التبريزي ومولانا جلال الدين .
 و" الطريق إلى قونية " رحلة شتائية ، تأتي في عزِّ كانون ، " أستعيد قول أبي : في كانون ، أقعد في بيتك ولا تكون مجنون " :
" أنا لست ذاهباً من أجل جلال الدين ، ولكن مدفوعاً بصوتك القديم الأسمر صوت " حادي العيس " الذي يحكي برهبة عن " قونية " التي لم يكن قد رآها ، أبداً من قبل . المعرفة ليست زيارة جغرافية ، إذن ، وإنما هي التمثل العميق لمآثر الكون ، حتى تلك التي لم نعرفها . وهو الذي يجعلني أتصورك ، الآن ، مفارقاً لي : أنا ذاهب ، وأنت كنت آيباً من هناك ، دون أن تبرح مكانك .
أنا ذاهب لأرى ، وأنت كنت آيباً من هناك ، من فكرتك الجميلة عن مكان كنت تحسبه جميلاً . أيكون كذلك ؟ وما تهم الإجابة في الوجود ، وهي ليست أكثر من كذبة نصطنعها نحن لئلا نشعر بالعدم المرافق لأفعالنا ؟ أولسنا نقضي العمرفي بحثاً عن امتلاء لفراغنا الإنساني الذي لا يمتلىء ؟
إلى قونية يا أبي . ولكن ، تراني من أخاطب في هذا الفجر المشتمل بالبرد ؟ أنت ، أم من كان هو وراءك ؟ تَذَكَّرْ نُجودنا في فيافي الجزيرة البعيدة ، في سهل " الذُرو " الشاسع كالعين ، وأنت تمشي بين شجيرات الحرمل والشيح والقيصوم ، مشمراً عن رَبْلَتيك . بهدوء تمشي ، ودون أن تلتفت خلفك ، مثل أسد ملَّ من الافتراس ، فصار ليِّن المراس . تمشي وتحكي مستريحاً ، لكأن الفضاء الخالي لا يمتلىء إلا بالكلمات . تَذَكَّرْ ، كنت تمشي وتحكي عنها ، عن " المزارة " التي كنت تحلم بها ، هذه التي أنا ، الآن ، في طريقي إليها . لكم أحب أن أحقق أحلامك " ( ص 6ـ7 ) .
 
فالرحلة إلى قونية إذن ، هي هذا : هي حوار مع الأب ، الأصل والمنشأ ، السلطة والامتداد الطبيعي للذات ، الرغبة المقموعة التي تتفجر حباً صاعقاً يبحث عن متنفس له ، الشعور بالرهبة والسعي إلى الانفلات من شروط حياة قاسية تدفعنا إلى الهاوية ، وقونية هي المكان المحايد الذي سيجري فيه هذا الحوار الكاشف بين حبيبين يدركان معنى الخطيئة والضعف الإنساني :
 "بجاه الغروب والنبي أيوب توديني قونية وأتوب "
كان أبي يقول .

*ضياء
9 - أكتوبر - 2008
التاريخ والكينونة    ( من قبل 2 أعضاء )

رأي الوراق :     قيّم
 
المكان الذي نذهب إليه لنراه ، هوالمكان الذي نرى فيه أنفسنا  " في السفر يمزج الكائن بين أمرين : تاريخه الشخصي وكينونة العالم " "  والوصول إلى قونية كان هذا المزج الذي  تستدعيه فتات تفاصيل تلعب دور المحرض لذاكرة قد تراكم من فوقها الغبار ، أو غيبناها بقصد الخروج إلى فضاء آخر بدا لأعيننا ، في وقت ما ، أكثر اتساعاً ورحابة . هي رحلة لا بد منها لإعادة وصل ما كان قد أنفصل :
" في هذه المدينة الغريبة الشأن والمزاج ، سأستحضر تاريخي الشخصي ، كثيراً أستحضره منذ شعرت أنني أتلاشى بين من هم مثلي ، تماماً ، وأنا من بادية الشام . أنا القادم من أعماق الصحراء العربية ، أقف طويلاً في وجه الفضاء الأناضولي ، أتملَّى البشر الذين لا يكفون عن التوارد والاتصال . أحسهم ينعشون في نفسي أعمق الأحاسيس والمشاعر والانشغالات . يعيدون ربطي بأبي ، ويشرحون لي أحوال أهلي الذين لم أعِ من أحوالهم شيئاً ، يوم كنت بينهم " .... (ص 18 )
" أفكر صامتاً ، دون أن أتحرك في مكاني : لم تدك حوافر خيل العربية أصقاع العالم لأنها كانت محملة بالفرسان ، بل لأنها كانت تحمل معها الكتاب ، وأي شيء آخر يمكن أن يخطر لك على البال وأنت ترى المنمنات القرآنية المعجزة التي ابتدعها المشغوفون ، معروضة أمام ناظريك في متحف مولانا ؟
أفكر ، أفرح كثيراً عندما أتذكر أهلي ، وأنساهم تماماً ، عندما أكون في العالم . وبين الذكرى والنسيان ، يتأرجح قدر الكائن مثل ثمرة على وشك السقوط . وهنا في قونية تذكرتهم كثيراً وأسعدتني الذكرى والاقامة في المكان " ..
.. ( ص 56 )
*ضياء
11 - أكتوبر - 2008
الأمكنة والعلامات    ( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :     قيّم
 
الأناضول هو سقف العالم الذي انبثقت منه الديانات التوحيدية الثلاث ، الهلال الخصيب ، الأرض الأسطورية التي انبنى العالم القديم ، كله ، عليها ، وبين هضابه تكونت الرؤى والأساطير : ( ص 25 )
" مرة أخرى أعود إلى تكية مولانا التي تشبه التكية السليمانية في دمشق ، وزوارها هم أنفسهم زوار الست زينب ، في ضواحي الشام . بساطة الصرح هي سر روعته . خشوع الداخلين ، ولوعة الخارجين ، تشي بمقدار الانحياز الوجداني العميق إلى المكان وصاحبه " (ص 54 )
" المكان الذي لا يسعد الكائن يُبعده عن روحه ، ويدمر جوهر الوجود لديه ..... البلادة والابتذال يقتلان الرغبة بالحياة ، ويلجمان أي شعور جميل يمكن أن يحس به الكائن ، أو يمارسه ، تجاه من ، وما ، تقف به الظروف إزاءه " ( ص 57 )
" مولانا يقبل كل شيء إلا تزييف الكائن لفكره وجوهر حياته ، أنا ؟ أريد أن أشاهد وأرى . أن أدع نفسي تنقاد بلا مقاومة ، كالمهر المعسوف ، إلى ما تبحث عنه ، وإن كانت تجهله ، إلى ذروة النشوة .... " ص ( 31 )
أقف في دوحة القمر طويلاً ، أتطلع في عتمة الليل على بوادي الجزيرة المرسومة على جبهته . أريدها أن تجيء للتو ، أريد أن يمنحني الذُهْبة الإشراقية إلى هناك . ويحضرني وجه أبي وهويردد : خطوة بخطوة ، وخطوة بآلاف الخطوات . أريد أن أعرف الطريق السريع إلى القلب ، إلى قلب الكون الملىء بالمثابرات .... " ص ( 30 )
*ضياء
12 - أكتوبر - 2008
تفاهة البرهان    ( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :     قيّم
 
" وأمشي في ظلام الليل وحدي =  كأني منه في قمر منير
في الظلام الشفيف لقونية ، تتجاذبني العواطف والانفعالات . أدرك أن الكائن ليس شيئاً أخراً سواهما . وما العقل البليد الذي تركض الإنسانية ، منذ الحضارة الدينية الأولى ، وراءه إلا لحظة اكتمالهما . لحظة وصولهما إلى ما يشبه المطلق : مطلق الرغبة التي لا تخلف وراءها ، إذا تحققت ، سوى العدم .
وما علينا إلا أن ندور وندور ... " (ص 46 )
" ما جدوى المعرفة في فضاء يتموج مثلما يفعل البحر عندما يهيج ؟ "
" وأدور بعيني الذاهلتين على الحضور الذي تلاصق حتى صار كتلة واحدة . كتلة ذات ارتجاجات جوانية عميقة تثير الاضطراب في قلب من لا يضطرب . أهذا ، كله ، بفعل مولانا ؟ ولكن بلى ! هذه السحن المشدودة مثل سيوف قاطعة ، وهذه الرؤوس التي غدت ، فجأة ، بلا عيون ، بلا عيون تقليدية ، ومع ذلك يقودها إبصار داخلي شديد الوهج ، لا يخطىء ، هي الدليل الأكبر على تفاهة البرهان .
وأدع نفسي تتمادى في انزلاقها الذي لا يقهر .... وتأخذني الحال . فأصير أبكي . أبكي وأنا أهتز خلفاً وأماماً مثلما كنت أفعل في المدارس القرآنية على حدود بادية الشام . أعرف أنني أعود إلى طفولة البشرية المليئة بالاستلاب والروعة ، لكن ذلك لا يقلل من أهمية اللحظة ، ولا من نفوذها العميق ، شيئاً " ( ص 59 )
 

*ضياء
12 - أكتوبر - 2008
لحياتنا وجهان    ( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :     قيّم
 
" أفكر : لحياتنا وجهان : جمعي وانشقاقي .
ولقد كانت هذه هي الطريقة التي اتبعتها الحركات الإسلامية منذ البدء . تلك الحركات التي شقَّت الحياة بهاتين الخاصتين إلى :
ــ قلة مؤمنة بوَجدها ، ومنهجها ، ومستعدة للدفاع عن خواصها بكل ما تملك من مقومات . وهي تعتقد أن قلتها لا تعوضها إلا الشجاعة ، والإخلاص الأقصى ، حتى ولو أدى ذلك إلى خراب كل شيء .
وتلك المغالاة كانت أحد أخطائنا القاتلة .
ــ وكثرة مطمئنة إلى عددها ، وعدتها ، ومستقرة عاطفياً ، ولها المنهج الذي يسود بهدوء ويدوم إلى حدّ ما . وتكاد لا تحسب حساباً لمن هم أقل منها إلا إذا آذوها . وكثيراً ما ترفض الحوار مع هؤلاء حتى ولو كان لمصلحتها .
 وكان ذلك هو الخطأ الأساسي الآخر ، القاتل أيضاً .
أفكر وأنا أدخل الصرح الكبير ، فيخلصني المشهد المثير لتزاحم البشر من أفكاري . " ( ص 62 ـ 63 )
*ضياء
12 - أكتوبر - 2008
حب النقيض    ( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :     قيّم
 
" أتصور بأن الكائن الذي لا يصل إلى مرحلة الشك في كينونته ، لن يتوصل أبداً إلى تحديد موقعه من الوجود .
لكن ذلك ليس منهجاً بقدر ما هو عزاء . عزاء داخلي عن فشل عميق في الحياة . لأننا فيما بعد سنصير نفتعل ما كان علينا أن نفعله ....
الدرويش الدوَّار ، مثل مولانا إذن ، يبحث عن إلف ولّى ، وعن حبيب تناهى إلى سمعه أنه غاب . لكأنه لم يكن يعلم ، أو أنه هو لا يريد أن يعلم ، أنهم ألقوه في غيابة الجبّ . لماذا ؟ لأن العلم في هذه الحالة هو الصك ، هو الطريق المسدود الذي لا يؤدي إلا إلى العدم . لذا ، سيظل يبحث عنه عبر دورانه اللامتناهي ، في فضاء مفتوح ، تحرِّضه طاقة الشك الذي استولده من الحقيقة  " ( ص70ـ 71)

من هو شمس التبريزي الذي جعل مولانا يخرّ مغشياً عليه من الذهول ؟ أوليس هو نقيضه الذي أراد أن يجعله يرى ؟
" هذا التلاقي العفوي الذي يوحي بعمق الوجود الإنساني ، ويعبر عن طاقة حب غير مألوف حتى إزاء من نجهله ، ولن نلتقي به ، ربما ، أبداً ، ليس إلا التذوق الأول لسعادة عفوية يحققها لقاء عابر ، بانتظار سعادة سوف تدوم . سعادة اللقاء الأساسي مع المعشوق الأزلي . مع وعي الكون " ( ص 62 )
" حركة الإغماء ستكون تعبيراً عن لحظة انتقال من طور العقل الإجتماعي العملي إلى طور الإدراك لبؤس الوجود وعبثية الاستمرار في الحياة على نسق واحد ... إنها القطيعة المطلقة " ( ص 42 )
*ضياء
13 - أكتوبر - 2008
السائل أعلم أم المسؤول ؟؟؟    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
عظمة الحكاية كونها حدثاً ثانوياً ، أو لقاء عفوي ، تم بمحض الصدفة ، بين جلال الدين الرومي وشمس الدين التبريزي . وهذا الحدث تولد من سؤال لا نعرف عن ماهيته شيئاً . سؤال يشبه طلقة النار ، أو السهم الذي أصاب قلب شيخ قونية الجليل وأوقعه من الدهشة ، فخرّ مغشياً عليه . سقط  على الأرض ، من فوق ظهر دابته ، كأن صاعقة قد أصابته .
" لكن السؤال ، كما أتصور ، لم يكن سؤالاً .
كان تحريضاً وجودياً ...
والإغماء كان علامة .
علامة الاستجابة الفورية لهذا التحريض الإلاهي .
هذا التحريض الذي يبدو في ظاهره بريئاً ، وهو ، في الحقيقة ، صاعقة . صاعقة لم تكن تنتظر إلا لحظة انفجارها ، وفي قلب أحد الناس . وهذا الأحد كان جلال الدين البلخي القوني ، الملقب بالرومي ، مولانا الذي قال عنه الشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي عندما رآه يمشي وراء أبيه في دمشق : " سبحان الله ، محيط يمشي وراء بحيرة " ( ص 42 )
فما هو دور السؤال الذي ألقى به شمس الدين التبريزي القلندري ، ناقل دلاء الماء الذي لم يكن شيئاً يذكر نسبة إلى الشيخ الجليل ؟ وكيف استطاع شمس الدين اقتناص الفرصة لإلقاء ذلك السؤال على من هو أهل له : " على أحد لا زال قابلاً للدهشة " ( ص 41 )

*ضياء
13 - أكتوبر - 2008
دخلت وحشياً وخرجت صوفياً    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

" ويبدأ جلال الدين الدوران في مكانه ، متعالياً حتى الغيم ، حتى الغيبوبة ، حتى اللانسيان . وعندما يفتح عينيه الذابلتين ، سيجد التبريزي جالساً بالقرب منه ، متهيئاً ليمسح رذاذ الشغف الذي تراكم فوق شفتيه .
ويشهق . يشهق الشهقة . شهقة المتعة القصوى . المتعة الوحيدة التي تحرك لواعج الكائن عندما يتلمسه الحبيب . ومن جديد يصرخ "  يا شمس " قبل أن يغيب عن الوجود ، من جديد .
وتدور به الدنيا
".(ص 36 )

يا أنت ذا الفكر المقيَّد، هل قدماك طليقتان؟
أخيراً، أدركت، أن الحركة، أيضاً سرّ.
في الحركة، تصبح الحرية أكيداً بلا إسار.
لذا، ماء البئر والطلّ مختلفان

 ( الرباعيات )
" ها هو ذا الدرويش يدور . من أسفل إلى أعلى ، من قدمه إلى قمة الشوق . هو يدور بلا صوت . الحركة الدائرية المستمرة هي التي ترسل أصواتها المستترة مثل أشعة لا مرئية ، تتكاثف حول عقبيه . حتى لنكاد نسمع صراخه الداخلي ، مثل صراخ غول مغدور . ( ص 70 ) ....
إنه يدور في مكانه ، لا حاجة به لكي يقطع المسافات ، من أجل لقاء سيتم في القلب . والقلب هنا . وليس في أي بؤرة أخرى . ما عليه إذن إلا أن يدور ويدور ، حتى يستقر في جوهر الروح . روحه هو . سيبدأ ، آنذاك فقط ، يرى الحبيب الذي غاب . يراه داخل عينيه المغمضتين .... ( ص 71 ) "



*ضياء
16 - أكتوبر - 2008
الناي النأي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
" الناي ليس هو الصوت ، ولا الموسيقى المبحوحة ، ولا الأسى المتضمن ، عفوياً ، في تلافيف نواحه ، وإنما هو سلسال الوصل : وصل العاشق بمعشوقه .
الناي يبدأ بالاستنجاد ، وينتهي بالاستجداء . وهو لا يتوجه إلا إلى المستَنجَد ، أو المستَجدَى ، ولا أحد غيره . وهو لذلك يكاد ينادينا . إنه الخيط اللامرئي ، ولكن المسموع الذي تدبّ عليه روح الكائن الولهى إلى أن تصل إلى حيث هواها " ( ص 35 ) ...
" أستمع إلى الناي يأخذ في الشكاية ... ويملأ الإهتزاز العميق كيان الحضور الذي أمتلأ رغبة . وينشد المنفرد من جديد : "نار العشق هي التي سرت في الناي " . وبعد أن يلتهب الحضور ، دون أن يجرؤ أي منهم على التعبير عن سعيره ، يتابع : " هذا الأنين نار وليس هواء " وأكاد أصرخ : " ومن يحسب أنه غير ذلك ؟ " لكن الجلال الليلي ، والخشوع العميق لا يسمحان لأحد بالتعبير عما يحس ( ص 39 ) ...
الصوت لا يأتي بالمعشوق الذي ولّى ، لكنه يحاول اللحاق به ، عبثاً . فما الموسيقى إلا زفرة الروح التي أعجزها الحب ، وذابت ، ولكنها لم تيأس بعد ...
لا صوت سوى حفيف أثواب الدراويش البيض تطير مع الهواء الذي يملأ مسرح الرقص . ولا نرى سوى التواء أعناقهم التي لانت بفعل الحب ، وهم يتلاحقون ، دائرين ، عكس عقارب الساعة . وأتساءل مأخوذاً : حتى اتجاه الدوران محسوب ؟ " ( ص 40 )

جاءني الحب، وكالدم يسري في عروقي وجلدي
فأفرغني وطفّحني بالحبيب.
وغلّ الحبيب في كل جزيئات جسمي
فلم يبق غير الاسم مني، وكل ما تبقى ليس إلاّ "ه

أنا العنب، وأُداس بالاقدام
حيث الحب يجذبني أدور
قلت لي: "لمَ حولي تدور؟"
ليس حولك ذلك الدوران بل حولي.

 ( الرباعيات )

 
*ضياء
16 - أكتوبر - 2008

 
   أضف تعليقك
 1  2