مجلس : علوم القرآن

 موضوع النقاش : ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 زهير 
23 - سبتمبر - 2008
تحية طيبة أصدقائي الأكارم، أحملها إليكم مرة ثانية من صانع الوراق أستاذنا السويدي، وهو يتمنى من الأساتذة باحثين وباحثات أن يدلوا بدلوهم في استكشاف هذه الآية، وهي الآية 177 من سورة البقرة:
لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ.
وقد قضيت مع السويدي وقتا طويلا في حوار على الهاتف، وفهمت أن اهتمامه بالآية يأتي لعدة أسباب، ومنها:
1- اختلاف المفسرين حول المخاطب بالآية، وأسباب نزولها كما سأنقله لكم في تعليق مستقل، أوفر به عليكم مشقة البحث في الوراق، وقد تقضتي فاتحة الآية أن يكون المخاطب بها اليهود والنصارى، ولكن ماذا نفعل في هذه الحالة بخاتمتها (وحين البأس) فلا خلاف أن المقصود بذلك الجهاد، وهذا ربما يرجح أن يكون المخاطب بالآية المسلمين وليس أهل الكتاب.
2- لماذا قدمت الصدقات، على الصلاة والزكاة والوفاء بالعهد والصبر في البأساء والضراء وحين البأس.
3- ثم لماذا قدم ذوو القربى على غيرهم من اليتامى والمساكين وابن السبيل والسائلين وفي الرقاب، وهل لهذا التقديم من مغزى، ولو كان كذلك فلماذا أخرت الرقاب مع أنهم أولى المذكورين بالصدقة والرحمة والشفقة ومساعدتهم في استنقاذ أنفسهم من الاستعباد، فهل لمسألة التقديم والتأخير من أثر في قانون الأولويات في القرآن ؟


*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
أسباب نزول الآية كما روى الواحدي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
قال الواحدي في أسباب النزول (نشرة الوراق ص 14)
قوله (لَّيسَ البِرَّ أَن تُوَلّوا وُجوهَكُم) الآية، قال قتادة: ذكر لنا أن رجلاً سأل نبي الله صلى الله عليه وسلم عن البر، فأنزل الله تعالى هذه الآية. قال: وقد كان الرجل قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً عبده ورسوله، ثم مات على ذلك، وجبت له الجنة، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
*زهير
23 - سبتمبر - 2008
رأي الزمخشري    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
وقال الزمخشري في تفسير الآية (الكشاف : نشرة الوراق ص 108)
"البر" اسم للخير ولكل فعل مرضي
"أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب" الخطاب لأهل الكتاب لأن اليهود تصلي قبل المغرب إلى بيت المقدس، والنصارى قبل المشرق. وذلك أنهم أكثروا الخوض في أمر القبلة حين حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة، وزعم كل واحد من الفريقين أن البر التوجه إلى قبلته، فرد عليهم. وقيل: ليس البر فيما أنتم عليه فإنه منسوخ خارج من البر، ولكن البر ما نبينه.
وقيل: كثر خوض المسلمين وأهل الكتاب في أمر القبلة، فقيل: ليس البر العظيم الذي يجب أن تذهلوا بشأنه عن سائر صنوف البر أمر القبلة، ولكن البر الذي يجب الاهتمام به وصرف الهمة بر من آمن وقام بهذه الأعمال.
 
وقرئ: وليس البر - بالنصب على أنه خبر مقدم - وقرأ عبد الله: بأن تولوا، على إدخال الباء على الخبر للتأكيد كقولك: ليس المنطلق بزيد "ولكن البر من آمن بالله" على تأويل حذف المضاف، أي بر من آمن، أو بتأول البر بمعنى ذي البر، أو كما قال فإنما هي إقبالٌ وإدبار
 
وعن المبرد: لو كنت ممن يقرأ القرآن لقرأت: ولكن البر، بفتح الباء. وقرئ: ولكن البار. وقرأ ابن عامر ونافع: ولكن البر بالتخفيف.
 
"والكتاب" جنس كتب الله، أو القرآن
 
"على حبه" مع حب المال والشح به، كما قال ابن مسعود. أن تؤتيه وأنت صحيح شحيح، تأمل العيش وتخشى الفقر، ولا تمهل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان: كذا ولفلان كذا. وقيل: على حب الله. وقيل: على حب الإيتاء، يريد أن يعطيه وهو طيب النفس بإعطائه.
 
وقدم ذوي القربى لأنهم أحق. قال عليه الصلاة والسلام: "صدقتك على المسكين صدقة، وعلى ذي رحمك اثنتان لأنها صدقة وصلة" وقال عليه الصلاة والسلام: "أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح". وأطلق "ذوي القربى واليتامى" والمراد الفقراء منهم لعدم الإلباس.
 
والمسكين: الدائم السكون إلى الناس، لأنه لا شيء له كالمسكير: للدائم السكر،
 
 "وابن السبيل" المسافر المنقطع. وجعل ابناً للسبيل لملازمته له، كما يقال للص القاطع: ابن الطريق. وقيل: هو الضيف، لأن السبيل يرعف به
 
"والسائلين" المستطعمين. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للسائل حق وإن جاء على ظهر فرسه".
 
"وفي الرقاب" وفي معاونة المكاتبين حتى يفكوا رقابهم. وقيل: في ابتياع الرقاب وإعتاقها. وقيل في فك الأسارى.
 
فإن قلت: قد ذكر إيتاء المال في هذه الوجوه ثم قفاه بإيتاء الزكاة فهل دل على أن في المال حقاً سوى الزكاة? قلت: يحتمل ذلك. وعن الشعبي: أن في المال حقاً سوى الزكاة، وتلا هذه الآية. ويحتمل أن يكون ذلك بيان مصارف الزكاة، أو يكون حثاً على نوافل الصدقات والمبار.
 
وفي الحديث: "نسخت الزكاة كل صدقة" يعني وجوبها. وروي: "ليس في المال حق سوى الزكاة"
 
"والموفون" عطف على من آمن.
 
وأخرج "والصابرين" منصوباً على الاختصاص والمدح، وإظهاراً لفضل الصبر في الشدائد ومواطن القتال على سائر الأعمال. وقرئ: والصابرون. وقرئ: والموفين، والصابرين و "البأساء" الفقر والشدة "والضراء" المرض والزمانة "صدقوا" كانوا صادقين جادين في الدين.
*زهير
23 - سبتمبر - 2008
رأي القرطبي    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
 
 
وقال القرطبي في مقدمة تفسيره للآية (نشرة الوراق ص 323):
قال علماؤنا: هذه آية عظيمة من أمهات الأحكام؛ لأنها تضمنت ست عشرة قاعدة: الإيمان باللّه وبأسمائه وصفاته - وقد أتينا عليها في الكتاب الأسنى - والنشر والحشر والميزان والصراط والحوض والشفاعة والجنة والنار - وقد أتينا عليها في كتاب - التذكرة - والملائكة والكتب المنزلة وأنها حق من عند اللّه - كما تقدم - والنبيين وإنفاق المال فيما يعن من الواجب والمندوب وإيصال القرابة وترك قطعهم وتفقد اليتيم وعدم إهماله والمساكين كذلك، ومراعاة ابن السبيل - قيل المنقطع به، وقيل: الضيف - والسؤال وفك الرقاب. وسيأتي بيان هذا في آية الصدقات، والمحافظة على الصلاة وإيتاء الزكاة والوفاء بالعهود والصبر في الشدائد. وكل قاعدة من هذه القواعد تحتاج إلى كتاب. وتقدم التنبيه على أكثرها، ويأتي بيان باقيها بما فيها في مواضعها إن شاء اللّه تعالى.
 
 "ليس البر" اختلف من المراد بهذا الخطاب؛ فقال قتادة: ذكر لنا أن رجلا سأل نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن البر؛ فأنزل اللّه هذه الآية. قال: وقد كان الرجل قبل الفرائض إذا شهد أن لا إله إلا اللّه، وأن محمدا عبده ورسوله؛ ثم مات على ذلك وجبت له الجنة؛ فأنزل اللّه هذه الآية.
وقال الربيع وقتادة أيضا: الخطاب لليهود والنصارى لأنهم اختلفوا في التوجه والتولي؛ فاليهود إلى المغرب قبل بيت المقدس، والنصارى إلى المشرق مطلع الشمس؛ وتكلموا في تحويل القبلة وفضلت كل فرقة توليتها؛ فقيل لهم: ليس البر ما أنتم فيه، ولكن البر من آمن باللّه.
قرأ حمزة وحفص "البر" بالنصب؛ لأن ليس من أخوات كان، يقع بعدها المعرفتان فتجعل أيهما شئت الاسم أو الخبر؛ فلما وقع بعد "ليس": "البر" نصبه؛ وجعل "أن تولوا" الاسم، وكان المصدر أولى بأن يكون اسما لأنه لا يتنكر، والبر قد يتنكر والفعل أقوى في التعريف. وقرأ الباقون "البر" بالرفع على أنه اسم ليس، وخبره "أن تولوا"، تقديره ليس البر توليتكم وجوهكم، وعلى الأول ليس توليتكم وجوهكم البر، كقوله: "ما كان حجتهم إلا أن قالوا" الجاثية: 25، "ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوءا أن كذبوا" الروم: 10 "فكان عاقبتهما أنهما في النار" الحشر: 17 وما كان مثله. ويقوي قراءة الرفع أن الثاني معه الباء إجماعا في قوله: "وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها" البقرة: 189 ولا يجوز فيه إلا الرفع؛ فحمل الأول على الثاني أولى من مخالفته له. وكذلك هو في مصحف أبي بالباء "ليس البر بأن تولوا" وكذلك في مصحف ابن مسعود أيضا؛ وعليه أكثر القراء، والقراءتان حسنتان. البر هاهنا اسم جامع للخير، والتقدير: ولكن البر بر من آمن؛ فحذف المضاف؛ كقوله تعالى: "واسأل القرية" يوسف: 82، "وأشربوا في قلوبهم العجل" البقرة: 93 قاله الفراء وقطرب والزجاج. وقال الشاعر:
فإنما هي إقبال وإدبار أي ذات إقبال وذات إدبار وقال النابغة:
 
*زهير
23 - سبتمبر - 2008
بركات رمضان    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
تحية طيبة أستاذة هدى ورمضان مبارك، أردت هنا أن أرحب بك في مجالسنا  وأشكرك على هذه المشاركة الكريمة ويبدو أن هذه هي أولى مشاركاتك في الوراق، أتمنى أن تكون فاتحة خير وبركة، وكل عام وأنتم بخير
*زهير
26 - سبتمبر - 2008
ليس البر....    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
تفسير الكشف والبيان / الثعلبي (ت 427 هـ) :
....وقد كان الرّجل قبل الفرائض إذا شهد أن لا اله إلاّ الله وإنّ محمّداً عبدهُ ورسوله وصلّى الصلاة إلى أيّ ناحية ثمَّ مات على ذلك وجبت له الجنّة، فلما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلت الفرائض وحدّد الحدود، وصرفت القبلة إلى الكعبة. أنزل الله هذه الآية فقال: ليس البرّ كلّه أن تصلّوا وتعملوا غير ذلك.
تفسير تفسير القرآن/ الفيروز آبادي (ت817 هـ):
لَّيْسَ ٱلْبِرَّ } كل البر ويقال ليس البر ليس الإيمان { أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ } في الصلاة { قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ } نحو الكعبة { وَٱلْمَغْرِبِ } نحو بيت المقدس { وَلَـٰكِنَّ ٱلْبِرَّ } الإيمان هو إقرار { مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ } ويقال ليس البر البار ولكن البر البار يعني المؤمن من آمن بالله { وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ } بالبعث بعد الموت { وَٱلْمَلاۤئِكَةِ } بجملة الملائكة { وَٱلْكِتَابِ } بجملة الكتاب { وَٱلنَّبِيِّينَ } بجملة النبيين ثم ذكر الواجبات بعد الإيمان فقال { وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ } يقول البر بعد الإيمان إعطاء المال على حبه على قلته وشهوته { ذَوِي ٱلْقُرْبَىٰ } ذا القرابة في الرحم { وَٱلْيَتَامَىٰ } يتامى المؤمنين { وَٱلْمَسَاكِينَ } المستعففين { وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ } مار الطريق الضعيف النازل { وَٱلسَّآئِلِينَ } الذين يسألون ما لك { وَفِي ٱلرِّقَابِ } المكاتبين والغزاة ثم الشرائع بعد الواجبات فقال { وَأَقَامَ ٱلصَّلاةَ } يقول البر بعد الواجبات إتمام الصلوات الخمس { وَآتَى ٱلزَّكَاةَ } أعطى الزكاة وما يشبه ذلك { وَٱلْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ } المتمون عهدهم فيما بينهم وبين الله وفيما بينهم وبين الناس { إِذَا عَاهَدُواْ وَٱلصَّابِرِينَ فِي ٱلْبَأْسَآءِ } يعني الخوف والبلايا والشدائد { وٱلضَّرَّاءِ } الأمراض والأوجاع والجوع { وَحِينَ ٱلْبَأْسِ } عند القتال { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ } وقوا { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُتَّقُونَ } عن نقض العهود
ولما بين سبحانه وتعالى كفر أهل الكتاب الطاعنين في نسخ القبلة بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم وكتمان الحق وغير ذلك إلى أن ختم بكفرهم بالاختلاف في الكتاب وكتمان ما فيه من مؤيدات الإسلام اتبعه الإشارة إلى أن أمر الفروع أحق من أمر الأصول لأن الفروع ليست مقصودة لذاتها، والاستقبال الذي جعلوا من جملة شقاقهم أن كتموا ما عندهم من الدلالة على حقيته وأكثروا الإفاضة في عيب المتقين به ليس مقصوداً لذاته، وإنما المقصود بالذات الإيمان فإذا وقع تبعته جميع الطاعات من الصلاة المشترط فيها الاستقبال وغيرها فقال تعالى: { ليس البر } أي الفعل المرضي الذي هو في تزكية النفس كالبر في تغذية البدن { أن تولوا وجوهكم } أي في الصلاة { قبل المشرق } الذي هو جهة مطالع الأنوار { والمغرب } الذي هو جهة أفوالها أي وغيرهما من الجهات المكانية، فإن ذلك كله لله سبحانه وتعالى كما مضى عند أول اعتراضهم التصريح بنسبة الكل إليه
فأينما تولوا فثم وجه الله }
[البقرة: 115]
ولما كان قد تبين للمتقين كما ذكر قبل ما يخرج عن الصراط المستقيم وحذروا منه ليجتنبوه عقبه بما يلزمهم ليعملوه فابتدأ من هنا بذكر الأحكام إلى قوله

آمن الرسول }
[البقرة: 258] وبدأ ذلك بما بدأ به السورة وفصل لهم كثيراً مما كلفوه مما أجمله قبل ذلك ففصل الإيمان تفصيلاً لم يتقدم فقال: { ولكن البر من } أي إيمان من، ولعله عبر بذلك إفهاماً لأن فاعل ذلك نفسه بر أي أنه زكى حتى صار نفس الزكاة { آمن بالله } الذي دعت إليه آية الوحدانية فأثبت له صفات الكمال ونزهه عن كل شائبة نقص مما على ذلك من دلائل أفعاله. ولما كان من أهم خلال الإيمان القدرة على البعث والتصديق به لأنه يوجب لزوم الخير والبعد عن الشر قال: { واليوم الآخر } الذي كذب به كثير من الناس فاختل نظامهم ببغي بعضهم على بعض...
*د يحيى
22 - أكتوبر - 2008
ليس البر....2    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
تفسير نظم الدرر في تناسب الآيات والسور/ البقاعي (ت 885 هـ):
ولما كان هذا إيمان الكمل وكان أكثر الناس نيام العقول لا يعرفون شيئاً إلا بالتنبيه وضُلال البصائر يفترقون إلى الهداية ذكر سبحانه وتعالى الهداة الذين جعلهم وسائط بينه وبين عباده بادئاً بالأول فالأول فقال: " والملائكة" ؛ أي الذين أقامهم فيما بينه وبين الناس وهم غيب محض { والكتاب } الذي ينزلون به على وجه لا يكون فيه ريب أعم من القرآن وغيره (والنبيين } الذين تنزل به عليهم الملائكة، لكونهم خلاصة الخلق، فلهم جهة ملكية يقدرون بها على التلقي من الملائكة لمجانستهم إياهم بها، وجهة بشرية يتمكن الناس بها من التلقي منهم، ولهم من المعاني الجليلة الجميلة التي صرفهم الله فيها بتكميل أبدانهم وأرواحهم ما لا يعلمه إلا هو فعليهم الصلاة والسلام والتحية والإكرام.
وقوله تعالى: { لَّيْسَ ٱلْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ... } الآية: قال ابن عَبَّاس وغيره: الخِطَابُ بهذه الآية للمؤمنين، فالمعنَىٰ: ليس البرُّ الصلاةَ وحْدها، وقال قتادة، والربيع: الخطاب لليهودِ والنصارَىٰ؛ لأنهم تكلَّموا في تحويل القبلة، وفضَّلت كل فرقة تولِّيها، فقيلَ لهم: ليس البرَّ ما أنتم فيه، ولكنَّ البرَّ من آمن باللَّه.
تفسير الجواهر الحسان في تفسير القرآن/ الثعالبي (ت 875 هـ):
وقوله تعالى: { وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ... } الآيةَ: هذه كلُّها حقوقٌ في المال سوى الزكاةِ، قال الفَخْر: وروَتْ فاطمةُ بنْتُ قَيْسٍ، أنَّ فِي المَالِ حَقًّا سِوَى الزَّكَاةِ، وتَلاَ: { وَآتَى ٱلْمَالَ عَلَىٰ حُبِّهِ... } ، وعنه صلى الله عليه وسلم
" لاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَاليَوْمِ الآخِرِ مَنْ بَاتَ شَبْعَانَ، وَجَارُهُ طَاوِياً إِلَىٰ جَنْبِهِ " انتهى.

قال ابن العربيِّ في «أحكامه»: وإِذا وقع أداء الزكاة، ثم نزلَتْ بعد ذلك حاجةٌ، فإِنه يجبُ صرف المال إِليها بٱتفاقٍ من العلماءِ، وقد قال مالك: يجبُ على كافَّة المسلمين فِدَاءُ أسراهم، وإن ٱستغْرَقَ ذلك أموالَهُمْ، وكذلك إِذا منع الوالي الزكاةَ، فهل يجبُ على الأغنياء إِغناءُ الفقراء؟ الصحيحُ: وجوبُ ذلك علَيْهم. انتهى.
*د يحيى
22 - أكتوبر - 2008

 
   أضف تعليقك