مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : الشعر النبطي: ما سبب هذه التسمية    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )
 زهير 
20 - سبتمبر - 2008
تحية طيبة أصدقاءنا الأكارم:
كنت قبل قليل في حديث مع أستاذنا السويدي (صانع الوراق) وجرى أثناء الحديث ذكر الخلاف حول تسمية الشعر العامي في دول الخليج بالشعر النبطي، لماذا أطلق عليه هذا الاسم ؟؟. وهو يتمنى من أصدقاء الوراق أن يساهموا في الكشف عن سبب هذه التسمية، وتاريخها وحقيقتها، وليكن هذا الملف نافذة نجمع من خلاله ما تناثر في المواقع الأدبية والتاريخية التى تعنى بهذا الشان،  ويمكن  الاطلاع  في الرابط التالي على كلمة موجزة عن الشعر النبطي، وسبب تسميته بهذا الاسم حسب رأي كاتب البحث.
 
وسوف أنشر في تعليق لاحق كلمة مطولة لمحقق كتاب (البيان والإعراب عما بأرض مصر من الآعراب) للمقريزي، ذهب فيها إلى أن أن الأنباط شعب عربي باتفاق العلماء ؟
ومنذ اكتشاف تاريخ الأنباط في الأردن وانتشار الكتابات الأكاديمية التي أرخت لعاصمتهم (البتراء) اتسعت الهوة بين ما نقرأ في كتب الأدب والشعر العباسي وبين ما تطالعنا به الحوليات الأثرية من حقائق دامغة عن تاريخ الأنباط وعروبتهم، حتى صار اسم الأنباط اسما لواحدة من أكبر صحف الأردن.
وغني عن القول ما كانت تعنيه هذه الكلمة في العصر العباسي، حيث جرى استخدامها على أنها مثلبة من العيار الثقيل،الذي لا يلجأ إليه الشاعر إلا عندما يريد أن يقذف خصمه بأقسى وأقذع أنواع الهجاء. قصة محيرة فعلا، والمحير أكثر أن تبرؤ الناس من الانتساب إلى الأنباط يمتد جذوره إلى صدر الإسلام، فهذا جحظة البرمكي وهو من مواليد عام 224هـ يقول:
وَأَهلُ القُرى كُلُّهُم يَنتَمونَ       لِكِسرى ادعاء فَأَينَ النبيطُ
ونجد الحديث عن الأنباط  لا يختلف كثيرا في ديوان كبار الشعراء إبان البعثة النبوية، كالأعشى الكبير، وحسان بن ثابت،  فمن ذلك قول حسان (ر):
تَلقى الحِماسِيَّ لا يَمنَعكَ حُرمَتَهُ       شِبهَ النَبيطِ إِذا اِستَعبَدتَهُم صَبَروا
وقول الأعشى:
وَعُذافِرٍ سَدَسٍ تَخالُ مَحالَهُ       بُرجاً تُشَيِّدُهُ النَبيطُ القَرمَدا
وقوله:
وَما فَلَجٌ يَسقي جَداوِلَ صَعنَبى       لَهُ شَرَعٌ سَهلٌ عَلى كُلِّ مَورِدِ
وَيُروي النَبيطُ الزُرقُ مِن حَجَراتِهِ       دِياراً تُرَوّى بِالأَتِيِّ المُعَمَّدِ
بِأَجوَدَ مِنهُ نائِلاً إِنَّ بَعضَهُم       كَفى ما لَهُ بِاِسمِ العَطاءِ المُوَعَّدِ
ولا أريد أن أطول في هذه المقدمة فمعروف أن الحالة وصلت إلى قمة التدهور على لسان ابن الرومي وطبقته، حيث تشكلت الكلمة لتصير لاحقا من مفردات الهجاء المر، كقول المتنبي:
يـا آل حـيـدَرَةَ المعفّر iiخدُّهم عبد المسيح على اسمِ عبد منافِ
تَـرْبا الكلاب بأن يكونَ أباً iiلهم ويَـريـنَ عـاراً شدَّةَ iiالإقراف
لا  تـجمعوا لغةَ النبيطِ iiوتيهَكُم وأُصـولَـكُم وأسامِيَ iiالأشرافِ
وقول السري الرفاء ت 366) من قصيدة في 43 بيتا
مـا لـلـزَّمانِ سطَا على iiأشرافِنا فُـتـخُـرِّمـوا وعَفا عن iiالأَنباطِ
أَعـداوَةٌ لـذوي الـعُـلى أَم iiهِمَّةٌ سَـقَـطَـتْ  فمالَ بها إلى السُّقَّاطِ
خضَعَتْ رِقابُ بَني العَداوَةِ إذ رَأَتْ آسـارَهـا يـتـعد تحتَ iiسياطي
حـتـى  إذا نَكَصَتْ على iiأعقابِها دَلَـفَ  الـنَّـبيطُ إليَّ من iiشِمْشاطِ
صَـدَقَ  الـمـعـلِّمُ أنه من iiأسرَةٍ عـربٍ  يَـسُـوسُـهُمُ بنو iiسُنباطِ
آبــاؤُكَ  الأشـرافُ إلا أنـهـم أشـرافُ  مـوشَ وشاطحٍ iiوخِلاطِ
نَـسَـبٌ  يُبَيِّنُ عن سُقوطِكَ iiنَشرُه كـالـثَّـوْبِ  تَنشُرُهُ عن iiالأسفاطِ
ونترك أبا العلاء ليختم هذه المقدمة بقوله:
أَينَ اِمرُؤُ القَيسِ iiوَالعَذارى إِذ  مـالَ مِن تَحتِهِ iiالغَبيطُ
لَـهُ كُـمَـيتانِ ذاتُ iiكَأسٍ تُـزبِـدُ وَالـسابِحُ iiالرَبيطُ
يُـبـاكِرُ  الصَيدَ iiبِالمَذاكي فَـيَـأنَسُ الموحِشُ iiالهَبيطُ
اِستَنبَطَ العُربُ في المَوامي بَـعـدَكَ وَاِستَعرَبَ iiالنَبيطُ


*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
كلمة محقق كتاب (البيان والإعراب) للمقريزي حول الأنباط    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أنقل هنا هذا التعريف بالأنباط من ملحق كتاب (البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب) للمقريزي، المنشور في الوراق، والملحق من إعداد محقق الكتاب، تحت عنوان (الإسماعيلية والأنباط) ويلاحظ هنا أن كتاب المقريزي ينتهي في الصفحة (25) قال:
 
والإسماعيلية هو الاسم القديم لعرب البادية في الشمال الغربي من شبه الجزيرة العربية. ويبدو أن منطقة ارتحالهم كانت تبدأ من شمال الحجاز وتمتد شمالا وغرباً إلى برزخ السويس. ومن المحتمل أن يكون النبط أو الأنباط فرعا من هؤلاء الإسماعيلية.
والأنباط شعب عربي باتفاق العلماء، لا يتجاوز ما وصل إلينا من تاريخهم القرن الرابع قبل ميلاد المسيح، أو سنة 312ق.م على وجه التحديد. أسسوا دولة قوية على رقعة واسعة تقع بين سوريا شمالا وبلاد العرب جنوبا، وبين الفرات شرقا والبحر الأحمر غرباً.
زحفوا على منطقة شرق الأردن واستولوا عليها، وفي حوالي 85ق.م صار ملكهم الحارث ملكا على دمشق. وفي هذه الفترة كانت دولة النبط منيعة الجانب يخشاها اليهود وسائر أمم الشام وكان يرهبها الرومان. ولم يتخذ الأنباط دمشق قصبة لهم لبعدها عن محور المملكة، فكانت عاصمتهم "سلع"، في وادي موسى.
ولكن خشية أهل روما من ازدياد نفوذ الأنباط، ومنافستهم إياهم على هذه المنطقة، وخوفهم من أن يمتد سلطان النبط على المشرق كله، قد دفع امبراطور روما إلى إرسال جيش لمحاربة النبط، فخرب مملكتهم سنة 106م، واستولى أهل روما على بلاد حوران التي كانت جزءاً من مملكة النبط.
لم يكن الأنباط أهل زراعة، بل كانوا في قوانينهم الموروثة يحرمون زراعة الحبوب أو أستثمار الأشجار، ويعاقبون من يخالف ذلك بالقتل ويشددون في العمل بهذه القوانين. وإنما كانت التجارة حرفتهم الرئيسية. وكان عماد ثروتهم الاتجار بالأطياب والمر وغيرها من العطريات يحملونها من اليمن وغيرها إلى مصر وشواطىء البحر المتوسط. ولم تكن تمر تجارة في أيامهم بين الشرق والغرب إلا على يدهم ويحملون إلى مصر على الخصوص "القار" لأجل التحنيط. ومن الطبيعي إذن، أن يدرك الأنباط عظم الأهمية التجارية القديمة لوقع سيناء، وأن يحرصوا على أن يكونوا سادة على هذا الطريق الهام كما كانوا سادة على الطرق التجارية المتفرعة من البتراء إلى دمشق وإلى رينو كولورا -العريش الحالية- حتى يضمنوا بهذا الزعامة التجارية في تلك المنطقة، تلك الزعامة التي احتفظوا بها لعدة قرون، وكان طبيعياً أن يمتد نفوذهم -لضمان هذه الطرق- إلى معظم جهات سيناء. ولقد كان الباحثون -إلى عهد قريب- يعتمدون على أقوال المؤرخين وحدها، في إثبات تسرب آثار النبط إلى مصر، حتى استطاعت الكشوف الأثرية أن تدعم هذه الأقوال، وتزيد عليها، وتعين أماكن كثيرة في منطقة سيناء، وفي الصحراء الشرقية، كانت مراكز لهؤلاء الأنباط.
وقد أثبتت الأبحاث الأثرية الأولى وجود نقش نبطي شرقي الفرما عام 1911 وفي تل الشقافية في وادي طميلات عام 1924 ونقوش أخرى تثبت أن تجار النبط كانوا يترددون على الصحراء الشرقية، ثم استطاع الأستاذ إنولتمان أن يعثر على نقوش أخرى نبطية في الصحراء الشرقية ونشرها في سنتي 1953، 1954 في مجلة  ثم جمعها في كتاب، أورد فيه 83 نقشاً أو خربشة عُثر عليها في ستة عشر موضعاً تمتد من سيناء شمالاً، وتتجه إلى الجنوب، في الصحراء الشرقية، حتى تبلغ صعيد مصر الأعلى. هذه المواضع هي: شمالي أبي درق أم دمرانة -بير الدخل- مكان بالقرب من راس جمسه -بير أم ضَلفه- بير أم عَنَبْ- بير الجضامي -حمامة -قصور البنات"طريق الحمامات" -أبو قويع -محطة الحمرا -شمالي وادي زيدون -منيح -منيح الحير -تل الشقافية -كتيب القلس. ومن دراسة هذه النقوش تبين أن بعض أربابها كانوا من أصحاب القوافل الذين كانوا يتاجرون في مصر، إذ ورد في ثلاثة نقوش منها لفظ يدل على أنهم كانوا من الأبالة أي أصحاب الإبل. وفي نقش أو نقشين ما يدل على أن جماعة من صناع النبط قد استقروا في بعض مناطق الصحراء الشرقية. واتضح -أيضاً- أن تجار النبط لم يتخذوا مصر مجرد معبر يمرون منه إلى مناطق
أخرى، بل كان لهم مؤسسات ينزلونها، ومعابد يتعبدون فيها. فقد عثر في جهة "قصر الغيط" الذي لا يبعد كثيراً عن الفرما، على أساسات أبنية نبطية لم يظهر فيها إلا آثار أحد المعابد.
ويذهب الباحث "كليرمو جانو" إلى أن النبط كان لهم مستعمرة في وادي طميلات ينزلون فيها. ومن الملاحظ أن المسافرين الأنباط استخدموا الطرق التي كان قد حصنها أو قام بحراستها الرومان. وكان الرومان حريصين على أن يتخذوا لهم طرقاً في الصحراء الشرقية يستخدمونها في تنقلهم من البحر الأحمر خلال التلال إلى نهر النيل. وليس من اليسير أن نحدد تأريخاً لإنشاء محطات القوافل التي اتخذها الرومان في الصحراء الشرقية، ولعله من العسير أيضاً أن نعرف مدة بقائها، ذلك أن معرفة متى تركت الحاميات الرومانية هذه المحطات، وغادرت الصحراء الشرقية، هو من الصعوبة بمكان. ولكن ربما كان القرن الخامس الميلادي تأريخاً لجلاء الرومان عن هذه المحطات ومما يلفت النظر أن نشاط الأنباط التجاري في مصر، كما تدلنا النقوش، كان قد بلغ أشده بعد زوال مملكتهم سنة106م. وليس ببعيد أن يكون القضاء على مملكتهم من العوامل التي دفعتهم إلى بذل أقصى الجهد وتركيز اهتمامهم في توسيع نشاطهم التجاري في بلاد إفريقية بوجه عام، وفي مصر بنوع خاص. ولا ريب في أن مهارة الأنباط في الرحلة والتجوال قد اكسبهم نفوذاً وسلطاناً في هذه البلاد. بل تعدى هذا النفوذ إلى أوربا، فقد استطاع أحدهم أن يصبح امبراطورا على روما، وهو فيليب العربي244-249م وقد عثر المنقبون على بعض نقوش نبطية في ايطاليا وفي ضوء هذا، نستيطع أن نزعم أن الجاليات النبطية، لم يقتصر نشاطها على سيناء، والصحراء الشرقية وحدها، بل لابد أنه كان منهم جماعات سكنوا على ضفاف النيل، وفي الصحراء الغربية، وفي شمالي إفريقية، ويمكن أن نستأنس في هذا بما ذكره أبو عبيد البكري الأندلسي ت487ه 1094م عند الكلام عن "أجدابية"،بلد بين برقة وطرابلس الغرب، قال: (وأهلها ذوو يسار أكثرهم أنباط). على أن تأريخ الأنباط ومملكتهم- على ما له من أهمية في تأريخ العرب القديم- لم يكن معروفاً لدى مؤرخي العرب على وجهه الصحيح، بل إنهم، حين يذكرون الأنباط، في أغلب الأحيان، إنما يقصدون هذه البقايا المتناثرة من الصناع والأجراء الذين عاشوا في العصور الإسلامية، في الشام والعراق وغيرهما، وفي العراق بنوع خاص. وقد أخذ مدلول كلمة  نبطي" عندهم معنى لا يخلو من الذم، ويبدو من خلال حديثهم عن النبط أنهم جنس يختلف عن العرب، يتكلمون لغة فاسدة تشبه الرطانة. ولكن النبط، في حقيقة الأمر، كما سبق أن أشرنا، عرب باتفاق العلماء، ورد من اسمائهم: حارثة ومالك وجذيمة ووائل وقصي وعدي وعميرة وكعب ومعن وسعد ووهب الله وأويس وهاشم وذؤيب، وهي اسماء عربية اصيلة كما لا يخفى. وقد انبعثوا من البادية، وجابت قوافلهم وإبلهم صحارى آسيا وإفريقية، وتكلموا لغة سامية، هي أحدى شقائق اللغة العربية الفصحى، وشاركوا العرب في جاهليتهم في عبادة بعض الأصنام المعروفة عند عرب الحجاز، مثل ذي الشرى واللات والعزى ووصفهم بعض المؤرخين القدامى الذين عاشوا في القرن الأول الميلادي بأنهم عرب. ووصف الرومان الحاكم النبطي "فيليب" الذي حكم روما سنة 244م بأنه عربي، "لإنه كان عربي المولد وكان قد نشأ وترعرع في بُصرى، ثم دخل الجيش الروماني وتقدم فيه وأصبحت له مكانة
*زهير
20 - سبتمبر - 2008
على عجل    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
مساء الخير أستاذي وكل التحية والسلام لراعي الوراق أستاذنا الفاضل الشاعر  محمد السويدي وتمنياتنا له بوافر البركة في العشر الأواخر من هذا الشهر الكريم .
أكتب على عجل لضيق الوقت بغاية لفت انتباهكم إلى مجال للبحث أظن بأنه سيقودنا إلى الجواب ، فلقد طالعني أثناء بحثي عن أصل " المواليا " ومن خلال تداولنا لأحاديث ومعلومات تتعلق بالشعر الشعبي في ملف الأستاذ أحمد عزوّ بأن هذا النوع من الشعر ، أي المواليا ، هو من اختراع الأنباط ، وأنه نوع الشعر الغنائي الذي كانوا يؤدونه أثناء قيامهم بعملهم لدى أسيادهم العرب بعد أن أصبحوا أجراء وموالي بعد الفتح الإسلامي ( وهذا يفسر ربما لهجة الازدراء التي رافقت ذكرهم في الشعر العربي ) . تجدون هنا مقالة نقلتها عن الأنترنت فيها معلومات تتعلق بهذا الموضوع :
ألوان الغناء الشعبي الفراتي ( العتابا والمولية)
نشر الدكتور محمود النجرس دراسة بعنوان ( الوان الغناء الشعبي في وادي الفرات ) ضمن كتاب (الرقة مهرجان الفرات للثقافة والتراث ايلول 1998)
تحدث خلالها عن مختلف الوان الغناء الشعبي من العتابا والمولية والسويحلي ونستعرض اليوم العتابا والمولية:
ان الاشعار الغنائية كانت تخضع في شكلها اللغوي واللحني وفي مضمونها من حيث الغناء والتطور الاولي للبيئات التي نشأت فيها او التي هاجرت إليها ,إن اداء النوع الواحد منها يختلف ومن منطقة لاخرى وعندما تنتقل اغنية او لون من الغناء من البادية الى مراكز الحضارة المدنية فإنها تخضع الى مؤثرات بيئية تكون وراء مايعتريها من تغير اللهجة واللفظ واللحن لتكون مناسبة للاذواق والمناخات الجديدة .
ان الغناء اعلى اشكال التعبير عن الروح وهو شعور انساني نبيل يعبر عن همسات النفس ويفصح عن خوالج القلوب والأغاني الشعبية في واقعها هي لوحات تعبيرية عن خصائص ولهجات كل شعب من الشعوب وصفحة معبرة عن حياة كل أمة وواقعها وصورة عن طبائعها وأهوائها واستعارتها وتشبيهاتها في شتى مناسبات الحياة .
لقد خلد الشعب نفسه في أغانيه وعلى مدى العصور الانسانية لم يكن الغناء بدعة أو ملء فراغ او هربا من حياة صعبة الانقياد وإنما كان الغناء الشعبي لوحات رسمت بدقة متناهية بريشة الشعب وبمداد من معتقداته وايمانه لتصور مختلف اوجه الحياة لقد كانت الأغنية رفيقة الانسان في بيته وحقله ومرعاه وشكلت لنا مع الزمن تراثا ضخما يضاف الى أي تراث تعتز به منطقة الفرات وتفتخر بوجوده .
تمتاز الأغنية الشعبية بصفات اساسية البساطة في الكلمات والعمق والمعنى كما انها تعتمد بشكل اساسي على أدوات موسيقية بسيطة كالربابة والدف والمزمار ومن خصائصها الاخرى الصدق والعفوية فالاغنية الشعبية تلبي حاجات الانسان ورغباته اكثر من الأغنية الفصيحة لانها أقرب الى القلب بمضمونها ومعناها فالألوان الغنائية الشعبية متعددة ومن أهم الألوان الرئيسية :
العتابا, المولية, النايل ,السويحلي, الميمر ,الابوذية.
العتابا‏
من قمم الأدب الشعبي الغنائي في منطقة الفرات ومن أشهر الألحان التراثية على الاطلاق هناك أراء كثيرة حول اصل تسمية هذا اللون بالعتابا ولكن يؤكد الباحثون ان العتابا كفن من فنون الاغنية الشعبية جاءت من العتاب والمعاتبة .
شاعر العتابا يعاتب حبيبه لما يبديه من الصد والهجران ويلوم صديقه على مجافاته وصدوده ويلوم دهره ويعاتب دنياه وقومه ويصور نفسه وكأنه الوحيد المستهدف من دون سائر البشر وهو لون بدوي ريفي اداه الانسان الفراتي مع بدايات الاستقرار عندما انتقل الانسان الفراتي من حياة التنقل والترحال الى حياة شبه مستقرة على ضفاف الانهار حيث يعتمدون على الاقتصاد الزراعي الثابت وهو حصيلة التفاعل بين أغاني الصحراء النقية- الاغنية البدوية - وبين الأغاني الريفية .
تغنى العتابا مع الربابة وهذا ما كان شائعا قديما ويجوز غناء العتابا بدون الربابة أي ان تقرأ كالشعر وتغنى كذلك مع الفرقة الموسيقية الشرقية وهذا اللون لايغنى بشكل جماعي بل يغنى بشكل افرادي من قلب الشاعر او المغني .
ترافق غناء العتابا بعض الألوان الغنائية كالنايل والسويحلي لاراحة المغني من أداء العتابا كما ترافقه بعض أنواع الدبكات لاضفاء نوع من السرور على جلسة العتابا كالميمر والمولية والهلابا.
طرقت العتابا اكثر اغراض الشعر العربي حيث شملت المدح والفخر والغزل والوصف ومعاتبة الدهر وبيت العتابا يشكل وحدة معنوية كاملة يعتمد على فن بديعي جميل هو الجناس بالاضافة الى اجازة البليغ ومافيه من قدرة الشاعر على حشر اقصوصة صغيرة او معنى جميل في بيت من العتابا وقلما نجد بيت عتابا إلا فيه صورة من صور التشبيه والاستعارة‏
تركيب العتابا‏
يتركب بيت العتابا من اربعة اشطر الاشطر الثلاثة الاولى متحدة في اللفظ مختلفة في المعنى اما الشطر الرابع ويسمى قفلة العتابا او الرباط فيجب ان ينتهي بالألف والباء او الألف الممدودة او الألف المقصورة ويجوز ان ينتهي بقواف اخرى على الالف والهاء المهملة او التاء المفتوحة وإن كان بشكل قليل.
نصوص من العتابا‏
أريد ابجي على روحي وناحي‏
بعيني ضاكت الدنيا وناحي‏
اخوي المانفعني بيوم وأنا حي‏
شلي بيه يوم ردات التراب‏
المواليا او الموليه‏
من اشهر فنون الشعر والغناء الشعبي في الوطن العربي عامة وقد جذب هذا الفن اهتمام مؤرخي الادب العربي ودارسيه لاباعتباره شكلا من اشكال الابداع الشعبي ولكن باعتباره واحدا من الفنون الملحونة انحرفت عن الفنون القولية المعتبر عند النقاد ودارسي الادب الفصيح تلك الفنون التي تخضع للقوالب التقليدية في التعبير ولاتشذ عن الاطار اللغوي ..
والمواليا لون من الوان الشعر الشعبي الذي يمكن التعبير عنه بأنه برزخ بين الادب الفصيح والشعبي او أنه نشأ في بيت مجاور للفصيح وسمي بالبرزخ لأنه من الفنون الشعرية التي تحتمل الاعراب واللحن وإن كان اللحن فيه اجمل وأليق مثال عن المواليا القديمة :
يانفس قاسي صبابات الهوى قاسي‏
الحب من بعد لين قد غدا قاسي‏
وقد ملا من مدام الهجر لي كاسي‏
حتى غدا بثياب السقم لي كاسي‏
فهذا البيت من المواليا يمكن قراءته معربا وكأنه من الشعر الفصيح ويمكن ان نقرأه ملحونا عن طريق تسكين اواخر الكلمات‏
اختلفت الآراء حول نشأته وأصله فمنهم من يقول انه نشأ في أواخر العهد الاموي في واسط في العراق وعندما اخترعه الواسطيون العرب تعلمه عبيدهم ومواليهم المتسلمون عمارة بساتينهم وحقولهم فكانوا يغنون به في رؤوس النخيل وعلى سقي الماء وينهون غنائهم بكلمة يامواليا اشارة الى ساداتهم الجدد من العرب فغلب عليه هذا الاسم وعرف به.
وآخرون ينسبونه الى الأنباط الذين كان يسكنون سواد العراق ومشارق بلاد الشام فهؤلاء عندما أفلت دولتهم اصبحوا فلاحين ومزارعين لدى سادة المنطقة الجدد من العرب وذلك بعد الفتح الاسلامي لتلك المناطق حيث كانوا يغنون بأغان خاصة بهم أثناء العمل في المزارع والحقول وينهون غنائهم بكلمة يامواليا ومنه جاء غناء المواليا.
ومؤرخون آخرون نسبوه الى أهل بغداد حيث كان لعامتهم نوع من الشعر الملحون يسمونه المواليات مثال هذا البيت الذي استشهد به ابن خلدون في مقدمته :
طرقت باب الخبايا قالت من الطارق‏
فقلت مفتون لاناهب ولاسارق‏
تبسمت لاح لي من ثغرها بارق‏
ورجعت حيران في بحر ادمعي غارق‏
هناك من يقول سمي بالمواليا لتوالي القوافي المتشابهة وكل رأي من هذه الآراء له مؤيدون من المؤرخين.
نستنتج من كل ماسبق أن المواليا كصفة ادبية منبعه العراق سواء أكان من واسط ام من بغداد.. اما من حيث زمن ظهوره فيمكن ان نربط نشوء المواليا بعصر امتزاج الثقافات واختلاط الانسال وتقهقر اللغة العربية الفصحى أمام انتشار اللهجات العامية ولعراقة الترعة الشعرية والغنائية عند العرب مالت عاميتهم الى الشعر الملحون بدلا من الشعر الفصيح وخاصة إذا علمنا ان ..............
*ضياء
21 - سبتمبر - 2008
أصل الشعر النبطي وأصل تسميته    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 
أسعد الله أوقاتكم بكل خير ، وتقبل الله منا ومنكم صيام الشهر الكريم ،
   خلال مطالعتي موضوع الشعر النبطي في صفحات الشبكة وفي صفحات بعض الكتب التراثية ، ومع شيء من إعمال الفكر في هذا الموضوع تكونت لدي قناعة شبه تامة بأن الشعر النبطي لا علاقة له بالأنباط سواء كان أولئك الأنباط عربا او آراميين استعربوا أو غير ذلك . ولعل من أهم الأسباب التي أدت بي إلى تلك القناعة  هي أن الشعر النبطي معظمه شعر عربي بدوي ألفاظه فيها الكثير من الفصاحة في أصلها ، وأوزانه ، في معظمها ، هي أوزان الشعر الفصيح وعلى رأسها وزن بحر الطويل الذي كان أكثر الأوزان استخداما عند العرب العرباء . وما دام الشعر النبطي عربيا بدويا فلن يقبل البدو العرب بأية حال أن يدّعوا شعرا هو في الأصل من اختراع المنبوذين والمزدرين إلى درجة كبيرة في عيون العرب ألا وهم النبط . ويكفينا ما ذكره استاذنا زهير من بعض ما حفلت به كتب التراث من قصص احتقار العرب للأنباط . والشعر البدوي انتشر في المغرب العربي وليس في المشرق وحده ، وقد ذكر ذلك ابن خلدون في المقدمة قال : "وأهل أمصار المغرب من العرب يسمون هذه القصائد بالأصمعيات نسبة إلى الأصمعي راوية العرب في أشعارهم وأهل المشرق يسمون هذا النوع من الشعر البدوي ..." .
إن كلام  ابن خلدون يصلح مستندا يستند إليه من يقول بأن الشعر النبطي بدأ ظهوره في بني هلال سواء من بقي بالمشرق منهم ــ في منطقة حوران من بلاد الشام وأطراف العراق ــ أو من ارتحل منهم إلى المغرب العربي  . ولو كان الشعر البدوي العامي معروفا ومنتشرا قبل الهلاليين ، لوصلنا منه ولو القليل .
أصل التسمية :
يبدو أن تسمية الشعر البدوي باسم النبطي ليست تسمية قديمة العهد كثيرا ، فلم يرد هذا الاسم في المصادر العربية القديمة التي تمكنت من البحث فيها ، كما أن قول ابن خلدون عن المشارقة بأنهم يسمونه البدوي لدليل على أن تسميته بالنبطي جاءت متأخرة عن عصر ابن خلدون .
وأنسب رأي عندي حتى الساعة قرأته على الشبكة يقول بأن الشعر النبطي( بتشديد النون وفتحها ثم فتح الباء) مشتق من معنى الاستنباط ، فهو مستنبط ، أي مستخرج ، من الشعر العربي الفصيح ، وذلك بعد أن بعدت ملكة العرب اللغوية عن عهدها  القديم . ولنا أن نتساءل : هل الذين أطلقوا على الشعر البدوي مسمى النبطي قصدوا من وراء ذلك التدليل على أصالته التاريخية ، وأنه سبق الشعر الفصيح في الظهوردون أن يكونوا متأكدين من علاقة الأنباط بهذا الشعر؟
أما ما يخص فن " المواليّا " الذي ذكرته أستاذتنا العزيزة ضياء حفظها الله ورعاها ، ونقلت لنا من الشبكة مقالة عنه وعن " العتابا " ، فإنه أجدر فيما أرى أن لا يكون نبطي الأصل ؛ فهو أقرب إلى الشعر الفصيح من قرب النبطي إليه . وكون صفي الدين الحلي ، وهو من أشهر من احثرفوا " المواليا " قال عنه إنه نشأ في واسط في العراق ، فإن قوله جدير بالاعتبار . والروايات التي ترجع بالمواليا إلى زمن نكبة البرامكة ربما تكون معقولة ، فقد قرأت موالا ذكره مصطفى صادق الرافعي في تاريخ آداب العرب يتضح منه رثاء ملوك الفرس ، وربما ذكره الرافعي عن السيوطي من كتابه المسمى " شرح الموشح " :
يـا  دارُ أين ملوك الأرضِ أين iiالفُرُسْ أيـن الـذيـن حـموها بالقنا iiوالتُّرُسْ
قالت تراهم رمم تحتِ الأراضي الدُّرُسْ سـكـوتِ بعد الفصاحه ألسنتهمْ iiخُرُسْ
وبمناسبة الحديث عن المواليا أقول لمن يحب هذا اللون من فنون الشعر المغناة : قد كتبت هذه المقالة وأنا استمع إلى الموال التالي بصوت عبد الحي حلمي من إحدى المواقع المعنية بالتراث الموسيقي العربي :
قوم في دجى الليل ترى بدرِ الجمالْ طالعْ مُـعـجِـبْ بِـتـيهُه وِبَعدُه بالعلا iiطالعْ
يـا مدعي الحب خُدْ لكْ في الهوى iiطالعْ إن جـدّك الـشوق في كتب الغرامْ iiطالعْ
وقد غنى الموال المذكور ابن أخت عبد الحي حلمي ، وهو المغني الشهير صالح عبد الحي ، والذي بدا متفوقا على خاله بجمال الصوت وحسن الأداء .
*ياسين الشيخ سليمان
22 - سبتمبر - 2008

 
   أضف تعليقك