مجلس : دوحة الشعر

 موضوع النقاش : عزاء لكل الشعراء    قيّم
التقييم :
( من قبل 1 أعضاء )

رأي الوراق :

 علاء 
13 - أغسطس - 2008
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى في كتابه الحكيم سورة الأنبياء الآية 35:
"كل نفس ذائقة الموت ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون" صدق الله العظيم
 بعد خضوعه لعملية جراحية في القلب، توفي الشاعر الكبير محمود درويش عن سن يناهز67 عام، إذ يعد من أبرز  الشعراء العرب المعاصرين الذين أسهموا في إثراء الحركة الفكرية والأدبية في الوطن العربي.
إنّا لله وإنّا إليه راجعون.
 
 
 
 
 
 
 
 

إلى أمى

 
 

                                                             

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
أحنُّ إلى خبز أُمي
وقهوةِ أُمي
ولمسةِ أمي ....
وتكبرُ فيَّ الطفولةُ
يوماً على صدر يومِ
وأعشق عمري لأني
إذا مُتُّ ،
أخجل من دمع أُمي !
خذيني ، إذا عدتُ يوماً
وشاحاً لهُدْبكْ
وغطّي عظامي بعشب
تعمَّد من طهر كعبكْ
وشُدي وثاقي .. بخصلة شَعر ..
بخيطِ يلوِّح في ذيل ثوبكْ ..
عساني أصيرُ طفلا
طفلا أصيرُ ...
إذا ما لمستُ قرارة قلبك !
ضعيني ، إذا ما رجعتُ
وقوداً بتنور ناركْ ..
وحبل غسيل على سطح دارك
لأني فقدتُ الوقوفَ
بدون صلاة نهارك
هَرِمْتُ ، فردّي نجوم الطفولة
حتى أُشارك
صغار العصافير
درب الرجوع .. لعُش انتظاركِ
 
 


*عرض كافة التعليقات
تعليقاتالكاتبتاريخ النشر
مقاربة نصية عن الشاعر الكبير..     ( من قبل 2 أعضاء )

رأي الوراق :     قيّم
 
..................
من غريب التناصات النفسية أنني وأنا بصدد كتابة هذه المقاربة النصية عن الشاعر الكبير محمود درويش/،ـ ( وعن شعريته التي يصعب القبض عليها لميكانيزماتها النصية المحكمة في تعالقاتها النصية المتعددة) ـ اتصل بي صديقي الناقد الدكتور هيثم سرحان من الأردن ؛وهو يعرف ما يجمعنا من تجليات نصية وصداقة مع الرجل إبداعية وقراءة وبياتا حتى قرأنا معا نصوصه التي علقت في صدورنا بشكل ثنائي وتلقائي في المآثر العتيقة بالأردن قبل أيام؛ ليخبرني نبأ وفاة محمود درويش.

1 - الشاعر والرحيل المكان
موت شاعر بحجم محمود درويش خسارة كبيرة للشعر العربي، الذي يشكل فيه المؤسسون للحداثة الشعرية استثناءات قليلة تتطلب "شروط إمكان" إنتاجها(استعارة فعلية من مشيل فوكو)؛ مئات السنين كي تتكرر إذا توفرت.
فشعرية محمود درويش أسست ميكانيزمات نصية تسيج عالمها الإبداعي بتجليات نصية تناصية مفتوحة على الإبداعية العربية والعالمية: القديمة والحديثة بجغرافياتها المتشعبة والواسعة، مما يجعل القبض عليها ووهمَ تفهمها وتسييجه سيدا في معظم القراءات التي تتقدم نحو قارئها لمقاربة هذه الشعرية العربية الحداثية الفريدة. لصفة الحداثة أولا؛ولصفة العربي التي تحمل من صفات المنسوب إليه التوحد والتمزق في آن، فهو شعر التراكمات الأخرى التي تضع الشعر العربي ضمن مسارات تحول مفتوحة تُصَيرُ صفة الشعر العربي نفسها أزمة مادامت تفتح زوايا نظر مختلفة إليه كجنس وضمن أجناس يتفاعل معها، ولإقامته داخل مفهوم شاسع للثقافة العربية نفسها، ولانخراطه في جنسيات شعرية متعددة تشبه التمزق الذي يتعقب العربي (خصوصا إذا كان فلسطينيا) دون أن ينال منه، وهي بحق صفة لهوية تجميعية وانتقائية في آن واحد؛ يكفي أن نسميها متعددة.
وتطرح ضمن صفة "العربي" أيضا صعوبة أخرى، تتمثل في علاقة هذا الشعر بتراثه، حيث "الصعوبة الأساسية التي نواجهها في الشعر العربي الجديد هو أن علينا أن نحدده بالانسجام مع تراثنا وبالاختلاف عنه في آن"[i]. هذه بعض التجليات المآزق التي تجعل القبض على شعرية درويش بعيدة المنال، من هذا المنطلق تقترح هذه المقاربة دخول النصية الدرويشية من مدخل علاقاتها التناصية المفتوحة على المساحات الثقافية الشاسعة؛ بدءا من الحضور الديكتاتوري للإيقاعية الشعرية العربية القديمة التي يعتقد الكثيرون أن نص درويش تخلى عنها، ومرورا بالتحولات النصية التي تؤسس فرادة الشعرية عنده، وانتهاء بالنصية التي تستطيع الإنصات لليومي والعابر وتشعرنه. هذا هو عالم درويش الذي خلفه، وهو ديوان شعري ضخم يستحق أن يسمى مدرسة شعرية بامتياز، على غرار شعريات عربية حداثية ضخمة (مثل أدونيس) يصعب فهمها من طرف المقاربات النقدية التقليدية. لأن هذه النصوص تتجاوز القائم والمعروف والمتداول، بل تتجاوز نفسها أيضا، وتمتص المتعدد والمختلف، من هنا نفهم نصا لريكله يورده موريس بلانشو في "الفضاء الأدبي" هذه ترجمته:
(الأبيات ليست إحساسات بل هي تجارب، فلكتابة بيت واحد تلزم رؤية مدن كثيرة وأشخاص كثيرين وأشياء كثيرة). والرجل كانت إقامته في الرحيل عبر النصوص وعبر الحياة وعبر الترحيل أيضا.

يقول الشاعر:

1 - كم مرة ستموت، كم لغة ستخطئ كي تصل
2 - خرج الطريق على الطريق على الطريق تشعبت خطواتنا
3 - مات البطل
4 - عاش الجبل
5 - كم مرة ستعد من أجلي وأجلك خيمتين على الشواطئ؟
6 - كم مرة ستجيء مملكة البنفسج دون أن تجد البنفسج؟
7 – لاتبك من عيني، واحملني لأحمل عدة الحلم المضرج
8 – بدم يسمينا ويأخذنا إلى مالست أدري
9 – لا، لم نجد نهرا لنجري غير هذا النهر، فلنذهب معه
10 – مدن تجيء وتختفي فينا. ومن يدنا إلى دمنا فضاء لا يسيج
11 – إلا بعوسجة الطفولة. كم رأينا... في الرياح الأربعة
12 – مدن تجيء ونختفي فيها. ونخرج كالرهائن حين يفضحنا الأمل
13 – مات البطل
14 – عاش الجبل
الموت مرات عديدة واللغة وسيلة متعددة للوصول إلى غير نقطة الوصول (من موت إلى موت ـ ومن لغة إلى أخرى ـ ومن يدنا إلى دمنا ـ والبقية آتية...) ؛ لأن الإقامة سيدة في احتراف الرحيل: ولأن الرحيل هوية أبدية لهذا العربي الجريح . لذلك إنه يسكن بيت القصيدة عوضا عن البيت التقليدي ببنائه المعروف: ويتشبث في الوقت ذاته بالبيت العربي الأصلي (الخيمة) : ) كم مرة ستعد من أجلي وأجلك خيمتين(.
إنها لعبة الاتصال والانفصال التي يمارسها النص الشعري : بتناصاته الإيقاعية أولا، بالحضور القوي للتفعيلة التي تربط النص وغيره طبعا بالنص الأب بتفعيل آلية العروض (متفاعل) التي تؤطر كلية النص بقوة دون أن تكون مجرد دال حاضر غائب.

15 -نمشي لكي / نمشي، لما/ذا لم تقل/ لي كل شي/ء عن عنا/قيد العنب/
16 - بلد أتى،/ بلد ذهب/
17 - بلد سيأ/تي ثم يذ/هب، أي أغ/نية ستر/فع هيكلا/ ينهار في/نا؟
18 - قف واحم قل/بك من يدي/ك ومن فرا/شاتي، ومن/ صوت السفينة
19 - وهي تق/لعنا من ال/ميناء، كم/ بحرا سنم/خر، كم سفينه.
20 - ترمي على ال/محتل زن/بقها ورا/ءك؟ كم سما/ء سوف نس/قف في القصا/ئد؟
21 - ما ليس لك /هو ليس لك
22 - نمشي لنم/شي، ثم نم/شي
* كم مرة/ سنقول ما /قلنا، سمر/قند الودا/ع إلى الأبد
ماض مضى /من أرضه،/ وقضى علي/ك قضي علي/ي الزعفران
للروح تا/ريخ. ولا/كن الزما/ن له مكا/ن، والحني/ن له بلد.
قلنا لكل/ل جميلة /هيا أحب/بينا، ولا/كن لا تحب/بينا لأن/نا ذاهبان
ما اسم التي/ أحببتها /في الهند، ما اس/م عشيقتي/ في قرطبة؟
ما اسم العيو/ن الأسيوي/ية؟ ما اسم أر/ملتي الأخي/رة في دمشق.


فالرحيل إقامة في الذاكرة والذكرى حين يضيق المكان مادام ليس هو التربة التي (ربيتها باليدين)، إنه إبدال موضوعي بالإقامة في ذكرى القصيدة العربية القديمة باستحضار عروضها ، وإقامة في الرحيل لتكرار الوداع اللعين الذي يصاحبنا لأننا نقيم في الرحيل حتى صار البلد هو الذي يأتي إلينا ويودعنا

بلد أتى،بلد ذهب
بلد سيأتي ثم يذهب،
(لذلك )
نمشي لنمشي، ثم نمشي
(ولذلك)
قلنا لكل جميلة هيا أحبينا، ولكن لا تحبينا لأنا ذاهبان

الرحيل يوحد شعرين زمانا (الشنفري ودرويش) ويوحد نقيضين هما الرهبة والرغبة. يختزل تناقض الأزمان والأفعال. وهو لما كان سرمدي التحقق أصبح لا يدل على التحول لأنه صار هو إياه، صار هوية الفاعل (فلا خير في رجل لم يجل)، وأصبح تحققه تحولا / رحيلا للبلد وليس الجسد. هذا الرحيل السلوك يبقى على ما هو عليه عند الشاعر العربي القديم. دون أن يتحول من شجرة نسبه إلى دلالات أخرى، بحكم ما يسميه جواد الطعمة بالتعالي الأدبي([ii]). لكنه يغدو عند الشاعر العربي الحديث رحيلا مكونا في إبداعه بحكم انفتاحه. رحيل متعدد الأبعاد. إن القصيدة تغدو مكانا (كم سماء سوف نسقف في القصيدة) والمكان (بلد أتى بلد ذهب) يتحول من معبر إلى عابر، لأن الشاعر يسكن رحيلا متعدد الأبعاد: فلا يغدو معه الرحيل صفة زائلة بل صفة مكونة. إنه يقيم رحيلا عبر الزمان برجوعه لأخذ مادته من التراث العربي والإسلامي. وعبر الزمان والمكان إلى البلاد غير العربية من خلال السفر إلى أغوار التراث الإنساني في كل زمان ومكان. هكذا يصبح الشعر العربي أمام إمكانات رحيل متعددة. لذا يوافق أدونيس الشاعر الفرنسيR. CHAR في اعتبار الشعر هو (الكشف عن عالم يظل أبدا في حاجة إلى الكشف) ([iii]) متجاوزا التعالي الأدبي. وهذا الرحيل هو نفسه عدم القناعة بالثابت والقديم. لذلك فرحيل الشاعر الحديث لما يرحل إليه لم يكن قناعة به وثواء فيه، وإعادة له، لأنه –وكأي شاعر- لا يفلت من قلق التأثير كما يسميه هارولد بلوم ما دام (كل مبدع متعرض لقلق التأثير- ومن تم فهو متعرض لعقدة أوديب. حقيقة هذه العقدة تدفعه إلى تغيير النماذج التي يكون حساسا تجاهها) كما تقول لوران جيني. بهذا يتسنى لهذا الشعر العربي الحديث أن يكون كما يعتبره أدونيس "قفزة خارج المفهومات السائدة...تغيير في نظام الأشياء وفي نظام النظر إليها. هكذا يبدو الشعر الجديد أول ما يبدو تمردا على الأشكال الشعرية القديمة"([iv]) لأن الرحيل مناف للثواء؛ والإقامة _دون رحيل_ هلاك ([v]) (إشارة إلى قول الشاعر:
ألم تعلمي أن الثواء هو الثوى وأن بيوت العاجزين قبور

إن الإقامة تتجاوز المكان لتبن هوية تختزن وتختزل الأمكنة والأزمنة في ذات عربية تحمل الرحيل هوية:
ماض مضى من أرضه، وقضى عليك قضي علي الزعفران
للروح تاريخ. ولكن الزمان له مكان، والحنين له بلد.
قلنا لكل جميلة هيا أحبينا، ولكن لا تحبينا لأنا ذاهبان
ما اسم التي أحببتها في الهند، ما اسم عشيقتي في قرطبة؟
ما اسم العيون الأسيوية؟ ما اسم أرملتي الأخيرة في دمشق.

إنه تناص مع التراث العربي من خلال عروضه. واستثمارلنصوصه وأساطيره...
عبثا نحب إذا عشقنا الأندلس
فانظر إلى الصحراء حولك تسدل الصحراء واسعة علينا
أوجدت مصر ولم تجدك؟ ومصر فينا إن عشقنا
وتناصا مع القائم الإبداعي بكل محمولاته الكتابية والشفوية، التاريخية والأسطورية والدينية... فالشعرية لاتتوقف عند حدود البلاغة القديمة بتشبيهاتها المدرسية، بل تتجاوز ذلك إلى خلق صور تنقلك إلى المكان المعروف في الذاكرة بتفاصيله الصغيرة رغم في الرحيل المتعالي عن المكان في الوقت ذاته:

نمشي لكي نمشي، لماذا لم تقل لي كل شيء عن عناقيد العنب
بلد أتى بلد ذهب
بلد سيأتي ثم يذهب. أي أغنية سترفع هيكلا ينهار فينا؟
قف واحم قلبك من يديك ومن فراشاتي، ومن صوت السفينة
وهي تقلعنا من الميناء. كم بحرا سنمخر، كم مدينة
ترمي على المحتل زنبقها وراءك؟ كم سماء سوف نسقف في القصائد؟
إن العلاقة بالمكان المفقود والمغتصب هي الدافع للتساؤل عن التفاصيل الصغيرة، ولأن الحياة تحتاج إلى مكان فالقصيدة موطن صالح لتسقف فيه القصيدة، والمكان مهما كان أليفا وجميلا لن يكون بديلا عن المكان الأصيل الذي لا يخون ولا يدير ظهره بمجرد الرحيل عنه ليرمي الزنبق على المحتل الذي شردنا وأبدلنا مكانا غير مكاننا الطبيعي
والمكان مهما نسجنا العلاقة فيه ومعه، ومهما كانت روابطنا به فإنه لن يعوض الوطن
ما ليس لك .. هو ليس لك
نمشي لنمشي ثم نمشي. إن وجدت وجدت، لكن ليس لك
....
كنا نفتش، ياصديقي يا صديقي، في الشوارع عن وطن

2 _ الشاعر "لا يصالح":
تنقلك القصائد من تحول إلى آخر في كل نصوص محمود درويش، لأنها مسكونة بالتأسيس الذي يرفض الاستسلام لنسق كتابي مكتمل ووحيد ومختنق, لا يجدد السؤال والعلاقة بالمكان والزمان النصي والفعلي، "... إذ تعي الحداثة نفسها في إطار الزمن، فإنها تصبح علاقة لا بالماضي فقط، بل بالآخر، بما هو عالم قائم، متشكل، جاهز الأجوبة، مكتمل اللغة، في سلام مع النفس، ومع العالم. وطرح للأسئلة القلقة التي لا تطمح إلى الحصول على إجابات نهائية، بقدر ما يفتنها قلق التساؤل وحمى البحث. الحداثة هي جرثومة الاكتناه الدائب القلق المتوثر"[vi] . إنها "لا تصالح" أبدا. فالمصالحة استسلام للنهاية والقائم. من أجل ذلك كله لا تبني الحداثة قاعدتها وتشكلها، ولن تستطيع ذلك مادام زمن انفتاحها قائما، ومادام مكانه غير محدد. ثم إن دخول المجهول (كدلالة رمزية نستعيرها من رامبو) يتأسس ضد الترسيخ والاتصالية التي تصر التقليدية على دخولها بما هي عالم معلوم مكتمل لا يقبل التغيير، ويطلب الاستسلام له والدخول في طقوسه بما هو سلطة تتقدم كنقيض لها[vii].
جبهات متعددة إذن تلك التي تفتحها الحداثة للخصام مع الذات والآخر مادامت ترفض الاستسلام والمهادنة مع القائم. وهي بصفة الإبداعية تدخل منطقة المحرم الذي يسيجه المتعارف عليه كسلطة. من هنا يفهم الإجرام الذي يوصف به من يقتحم هذا المحرم. يقول نيتشه : "انظروا إلى أهل الصلاح والعدل لتعلموا من هو ألد أعدائهم إنه من يحطم الأواح التي حفروا عليها سننهم، ذلك هو الهدام، ذلك هو المجرم، غير أنه هو المبدع."[viii]. إن من يزعزع القوانين ويمس قداستها مجرم. والكتابة عنف _ والحداثة ضمن الكتابة الإبداعية بوجه تأويلي آخر مع بلانشو دخول في منطقة الموت _ ما دخلت في مقاومة الثابت والجامد. وما لم تكن مجرد تكرار وتكريس بليد، أقل ما توصف به أنها نسخة، صدى، وخضوع.
هذه هي الحداثة، مسكنها هو موطن الاختلاف، كذلك تعريفاتها، أمَهٌ ويقين في آن، لأنها تغوي بالتتبع والمصاحبة: أمه لارتباطها بالمطلق ولعدم تحديد مصادرها المختلفة، ويقين لأن من النقاد من يظن القبض عليها وتحديدها، هي زمن فوق الزمن، لأن الزمن قد يقيده التقليد، وهي مكان يفوق المكان لأن "الزمان له مكان" كما يقول درويش، ولأن المكان يحيل إلى ساكنه القديم ولا يقيده باسمه ولا يسد الطريق على ظلال المعنى، تلك غواية الحداثة ومساراتها، وذلك سر عشقها الأبدي الذي يزكي الظمأ ويجعله جميلا بالبحث فيها وعنها.

إن القصائد بهذه المعاني لا تبني ما يتوقعه القارئ البسيط بقدر ماتهدم من ظنون الكتابة الخطية الواضحة، وتعالقاتها النصية تبني الغموض ضرورة
لاشيء يبعدنا سوى القلب الموزع بالتساوي بين صدرينا. ولا
لاشيء يأخذنا لأندلس القريبة غير هذا الدرب. فلنذهب معا
يا صاحبي، ياأيها الوحش الحرير، إلى البداية. ما البداية؟
هذا مذاق الأرض. هذا قرصها الدموي في يدك اشتعل
"مات البطل"
"عاش الجبل"
إن القلب الذي يجمعنا مادام يسكب القلبين في جسد هو الذي يبعدنا رغم أنه موزع بالتساوي بين صدرينا، والأندلس البعيدة والمفقودة ومعها البقية الآتية قريبة، وأنت صاحب ووحش وقريب.
لكن لابد من سيارة الإسعاف، من علم يغطي واحدا منا، فمن
يستحق هذا الشرف غيرك يا درويش
لتبقى واحدا منا
لتبقى صامدا فينا
"ذهب الذين نحبهم
ذهبوا"
ذهبوا
ذهبوا

البيضاء في 09/08/2008
الثالتة صباحا

[i]أدونيس ، مقدمة للشعر العربي، ص 99، ط 4، دار العودة 1983

[ii]_ مجلة فصول، المجلد 4. العدد 4. السنة 1984. ص 16.

[iii]_ أدونيس: زمن الشعر، دار الفكر، بيروت، ط5، 86 ص. 9.

[iv]_ نفسه.

[v]_ هناك دلالة نقدية قديمة تحيل إلى هذا الهلاك وهي آليات النص.

[vi] كمال أبو ديب، فصول عدد 4 ، مجلد 4 ص 35، السنة 84.

[vii] السلطة هي الاكتفاء بالقائم... هي الرسوخ والترسيخ في إطار النظام، كما يقول كمال أو ديب. المصدر السابق.

[viii] نيتشه، هكذا تكلم زرادتش. ترجمة فيليكس فارس. المكتبة الثقافية. بيروت، ص 44. وللتذكير فمشروع نيتشه حداثة في الفكر الغربي، وكان تدمير القيم لديه بالتفسير الجنيالوجي لأصل هذه القيم ( انظر جنيالوجيا الخلاق).

_________________
بقلم د.محمد جودات
أستاذ بجامعة الحسن الثاني
المغرب
................
عن موقع المرساة .
 
*abdelhafid
14 - أغسطس - 2008
شعراء عالميون يحتفون بدرويش..    ( من قبل 1 أعضاء )    قيّم
 

شعراء عالميون يحتفون في الرباط بدرويش بقراءة أشعاره

GMT 16:30:00 2008 الأربعاء 8 أكتوبر

رويترز


الرباط:  كما تعودت الرباط أن تحتضن دائما الشاعر الفلسطيني محمود درويش الذي أحبها وألف قصيدة عنها شرح فيها جدلية الحب هذه فقد احتضنت مساء الثلاثاء روحه من خلال أروع قصائده وهو الذي رحل عن عشاقه في العالم قبل نحو شهرين.
وبنفس الحماس والحب الذي استقبله بهما جمهوره الرباطي دائما حج المئات من محبيه الى مدرج "الشريف الادريسي" بكلية الاداب والعلوم الانسانية واستمتعوا لاجمل أشعاره التي ألقاها شعراء عالميون من المانيا والولايات المتحدة الامريكية وفرنسا واسبانيا وتونس والمغرب وصفقوا طويلا.
وقرأ الشاعر الاسباني فديريكو أربوس من اسبانيا قصيدة درويش " سرحان يشرب القهوة في الكافيتريا" مترجمة الى الاسبانية كما قرأت الشاعرة المغربي رجاء الطالبي قصائد له مثل "كان ماسوف يكون" و"بقية حياة" و"درس كاماسوترا".
وقرأ الشاعر الفرنسي ليونيل ريي الحائز على جائزة الكونكور في الشعر مقاطع من قصيدة "الارض". كما قرأ الشاعر الامريكي ألفريد كورن والمغربي محمود عبدالغني والالماني كلاوس رايشرت والتونسي منصف الوهايبي مقاطع عربية ومترجمة من أشهر قصائده.
وختم الشاعر المغربي محمود بنيس بقراءات شعرية من ديوانه "أثر الفراشة" كما قرأ قصيدة "ليل العراق طويل" التي أهداها درويش الى الشاعرالعراقي سعدي يوسف.
وختمت أمسية "التكريم العالمي لمحمود درويش" بقراءات شعرية مسجلة بصوت درويش.
وكان مهرجان للادب في برلين قد وجه نداء وقعه أدباء وفنانون عالميون لتنظيم قراءات شعرية من شعر محمود درويش في مختلف جهات العالم "تكريما لحياته وأعماله ومواقفه المدافعة عن السلم والحرية."
وقال الشاعر التونسي منصف الوهايبي الذي شارك في هذا التكريم لرويترز "أردنا أن نقرأ شعره بأصواتنا لنحس به أكثر.. بالنسبة لنا هو حي كأننا صوته بطريقة أو بأخرى."
وأضاف "محمود درويش هو تاريخ العرب الاستثنائي منذ نكبة فلسطين في العام 1948."
وقال الشاعر المغربي بنيس لرويترز "أتى هذا النداء ليعطي لدرويش هذا البعد الكوني في يوم واحد ومن خلال لغات عديدة وأصوات شعراء وكتاب وفنانين."
وأضاف ان النداء العالمي أتى ليقول لدرويش "أنت أحد كبارنا وأنت صوت من الاصوات التي تحفر مجرى المستقبل البشري."
وقال الشاعر الفرنسي ليونيل راي لرويترز "الاروع في قصائده هو هذه الطاقة المتفجرة في الكتابة انها كتابة قوية لكن في نفس الوقت مشحونة بالاحساس والشعور العميق."
وأضاف "انه شاعر كبير..للاسف لا أستطيع قراءة شعره الا مترجما."
ومن المنتظر أن يتسلم أحمد درويش شقيق الشاعر الراحل في 24 اكتوبر تشرين الاول الحالي في الرباط جائزة "الاركانة العالمية".
وفاز بها الشاعر درويش لكنه توفي قبل أن يتسلمها.
وتعتبر هذه الجائزة الثانية التي يسلمها "بيت الشعر" في المغرب بعد أن منحت في نسختها الاولى للشاعر الصيني بي ـ داو . وأفاد بيان لبيت الشعر" أن درويش "كان سعيدا بحصوله على هذه الجائزة التي تحمل اسم شجرة مغربية ينفرد بها المغرب البلد الذي أحبه محمود درويش وصادقه."
*abdelhafid
10 - أكتوبر - 2008

 
   أضف تعليقك