الانحياز الثقافى وتوجيه الخطاب الروائى عند نجيب محفوظ (3) ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
اما كمال احد نماذج الجيل الثانى فى الثلاثية فقد اختار دراسة الادب ثم امتهن التدريس وظل يدمن الاطلاع على مذاهب الفلسفة وكتابة مقالات عن الكون والحياة والحق وغير ذلك من الاشياء التجريدية المطلقة وكان رومانسيا حالما حاد العاطفة تائه لا يستقر على رأى فلم يعرف الطريق الى الزواج وظلت حياته بلا اتجاه وهذا النوع من المثقفين هو بلا شك نوع مرفوض لا جدوى منه ةيأتى نجيب محفوظ ليصدر حكمه صراحة على كمال ومجهوداته الفكرية وحياته العامة على لسان سوسن الصحفية فى مجلة الانسان الجديد حين تتحدث مع احمد عن كمال فتقول:
-انه يكتب كثيرا عن الحقائق القديمة ,الروح المطلق, هذا جميل لكنه فيما عدا هذه المتعة الذهنية والترف الفكرى لا بفضى الى غاية وينبغى ان تكون الكتابة وسيلة محددة الهدف وان يكون هدفها الاخير تطور هذا العالم والصعود بالانسان فى سلم الرقى والتحرر, الانسانية فى معركة متواصلة والكاتب الخليق بهذا الاسم حقا يجب ان يكون على رأس المجاهدين اما وثبة الحياة فلندعها لبرجسون وحده
ويحاول احمد ان يدافع هن كمال فيقول:
- لكن ماركس نفسه بدأ فيلسوفا ناشطا يهيم فى تيه الميتا فيزيقيا فترد عليه سوسن
- وانتهى بعلم الاجتماع العلمى فمن هنا نبدا لا من حيث بدأ
ثم تؤكد افكارها عنه قائلة:
- لا موقف له ,ان موقف الكاتب لا يمكن ان يخفى انه مثل المثقفين البرجوازيين يقرأ ويستمتع ويتساءل وقد تجده فى حيرة امام المطلق وربما بلغت به الحيرة حد الالم ولكنه يمر سادرا بالمتألمين الحقيقين (السكرية,30)
اما شخصية احمد شوكت فى الثلاثية واحمد راشد فى خان الخليلى فهما منفتحتان على الحياة الحديثة يعتنقان نفس الاراء وتكاد بعض الجمل تتردد بشكل واحد فى حديث كل منهما وكل منهما حاسم فى اتجاهه على يقين نهائى من ارائه وتفكيره ويصافح الحياة الحديثة بلا تردد ويؤمن احمد شوكت بقول سلامة موسى بان العلم اساس الحياة(108)
ويؤمن بان لكل عصر انبياؤه وان انبياء هذا العصر هم العلماء(109)
وهكذا تحتل رؤية الكاتب الروائى مرتبة جلية على لسان شخوصه فى رواياته والتى تؤكد على انتصار العلم والانحياز له وانه الطريق الوحيد لخلاص هذه الامة وهذه الرؤية تؤسس لغمق ثقافى معين عند نجيب محفوظ وهو ثقافة العلم ولا شيئ سوله واظن ان هذه الرؤية الثقافية كانت منطلق كتابة رواية (اولاد حارتنا) التى انتصر فيها محفوظ للعلم على حساب العقائد الدينية وان كان هذا الاتجاه يبدو متاثرا فى رواياته الا انه بدا جليا واضحا فى اولاد حارتنا كاشفا عن الفهم الايديولوجى لنجيب محفوظ والمفهوم الثقافى عنده |