سنة 2001 م كنت أبحث عن مخطوطات في علم الفلك والرياضيات، ففوجئت بوجود هذه الرسالة ضمن مجموعة تضم رسائل في علم الهيئة والرياضيات. وقلت في نفسي هل كان السهروردي كالخيام عمر عالماًً في الرياضيات أيضاً، وبدأت بقراءة المخطوطة (وهي صغيرة الحجم، ست صفحات فقط) فوجدت أنها مخطوطة صوفية خالصة، ولكنها تحوي في طياتها عبارات عن الأبراج، فربما كان الناسخ قد ختلط عليه الأمر ووضعها ضمن رسائل كان قد جمعها للمهتمين بعلم الهيئة.
وبدأت أبحث عن الرسالة هل هي منشورة ومعروفة أم لا؟ فوجدت أنها موجودة في بعض المواضع ضمن قائمة مؤلفات السهروردي، ولكنها غير محققة أو مطبوعة.
وطرحت منذ أكثر من سنة في مجلس (عالم الكتب) موضوعاً بعنوان "السهروردي المقتول ... كتبه ورسائله" متسائلاً إن كان أحداً من أساتذتي الأفاضل قد قرأها أو حتى سمع بها، ولم يجبني أحد، فعلمت أنها غير مشهورة. فبدأت بجمع ما استطعت من المخطوطات لهذه الرسالة لأقوم بدراستها ووضعها بين يدي المهتمين.
مقتطفات من الكلمات الذوقية .. 1 ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
اعلموا إخوان التجريد أن فايدة التجريد سرعة الوصول في العود إلى الوطن الأصلي، والاتصال بعالم العقل، قوله تعالى: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً}، وإنّ الرجوع يقتضي سابقة الحضور، ولا يقال لمن ما رأى مصر ارجع إلى مصر، ومعنى قوله: «حبّ الوطن من الإيمان» إشارة إلى هذا، وإياك أن تفهم من الوطن مصر ودمشق وبغداد، فإنّها من الدنيا، و قد قال الشارع: «حبّ الدنيا رأس كل خطيئة». فلو فهمت معنى وطنك، اخرج عن القرية الظالم أهلها.
اعلم أيّدك الله بنور منه أنّ القمر عاشقٌ صادقٌ لملك الكواكب وسلطان النيّرات السيّارات، عابر ميادين السموات، قاهر الظلمات بالنّور، حافظ الأزمنة والدهور، باسط الخيرات على سطح الأرض، مخرج المواليد من القوّة إلى الفعل، سيّاح الوجود ومظهر آيات الربّ الودود. ومن دأب العاشق المسكين التوجّه إلى جناب معشوقه، والتوصّل إلى وصل محبوبه، فلذلك صار سريع السير، لا يمكث في منزل إلا يومين، ويسير سيراً حثيثاً حتى يرتقي من حضيض الهلاليّة إلى أوج البدريّة. فإذا قارب المقابلة، انعكست إلى ذاته الأشعة الشمسية، فأضاءت ذاته بأنوارها بعدما كان مظلماً وأنار بأشعتها بعدما كان معتماً، فنظر إلى ذاته بنوره فلم يرَ شيئاً خالياً من نور الشمس، فقال: أنا الشمس.
أقوم الآن بإعداد ملف يحوي النص الكامل المحقق للرسالة، وسيتاح للتحميل فور الانتهاء انشاء الله. علماً أنني لم أنشر هذه الرسالة في أي وعاء نشر آخر من قبل. وأقدمها هدية خاصة لموقعنا المتميز ... الورّاق.
بين الكلمات الذوقية والغربة الغربية ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
وتتجلى أهمية هذه الرسالة في أنها تعتبر امتداداً للرسالة ذائعة الشهرة "الغربة الغربية"، إذ أنها بنيت وفق نفس الأسلوب الرمزي للقصة، حتى أن الرموز نفسها تكررت هنا، مثل: قرية عبادان. ولكن هذه الرسالة لم تأخذ حقها تحقيقاً ودراسة وشرحاً كما هو الحال مع الغربة الغربية.
أحسنت اختيار المجلس يا أستاذ زياد ونحن نتابع معك بكل اهتمام ، وبانتظار ما ستجود به علينا من " الكلمات الذوقية والنكات الشوقية " ، وشكراً لك مجهودك ومشاركتك لنا هذا الاكتشاف الهام والممتع .