مجلس : أصوات من العالم
|
موضوع النقاش : مشاهدات في زمن العولمة قيّم | التقييم : ( من قبل 3 أعضاء ) | فاطمة | 5 - فبراير - 2008 | هذه الخواطر هي ثمرة تجربتي الخاصة ومشاهداتي لطبيعة البشر والبلدان التي تنقلت فيها وقمت بزيارتها طوعاً أو نظراً لظروف تستدعي تلك الزيارة . هي لا تشبه أدب الرحلة ولا المذكرات الشخصية بل هي تسجيل جاء عفو الخاطر لكل ما أثار انتباهي وتعجبي واستيائي أو استحساني في تلك الأمكنة التي زرتها ، وكنت قد احتفظت به مكتوباً وفاء للذاكرة وخشية نسيانه . ولقد قررت اليوم أن أشارك زوار هذا الموقع المميز بعض هذه الخواطر والمشاهدات والتي أريد من خلالها أيضاً توجيه التحية لرواد هذا الموقع الرصين والجاد ولدوره الرائد في خدمة الثقافة العربية بصفته حلقة وصل تجمع بين الجاليات العربية المنتشرة في أصقاع العالم ولغتها الأم .
أنا فاطمة بنت البلد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الأستاذة فاطمة : أهلاً وسهلاً بك في الوراق ويسعدنا أنك قبلت أخيراً الانضمام إلى مجالسنا فمرحباً وأهلاً بك مجدداً وشكراً لك لتلبيتك الدعوة ( ضياء )
|
| |
تعليقات | الكاتب | | مشاهدات من أميركا (1) ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
مشاهدات من أميركا 1. التنوع ... والعجب !! عندما وصلت أميركا لأول مرة , لفت نظري التنوع البشري الكبير الذي تستطيع رؤيته في كل الولايات تقريباً: ترى المكسيكي والهندي والباكستاني والتركي والعربي والإيراني والكوري والياباني والروسي والأفريقي والأوروبي الشرقي والغربي ولكنك ... لا ترى الأميركي الأصلي!! 2. ثقافة ..وحضارة : نظراً لكثرة التنوع البشري .. فالمرء يفترض حكماً, كثرة وتنوع الثقافات. كما يتوقع تلاقح وتمازج لهذه الثقافات, وتوليد حالة جديدة وخاصة بهذا المجتمع لوحده. ولكن ... تلاحظ أن الثقافة الأوروبية الغربية هي فقط الطاغية! عجباً !! 3. ثقافة وحضارة أيضاً: إذا كانت المطاعم والمقاهي ومحلات بيع السمانة من الممكن اعتبارها وجهاً حضارياً وثقافياً, فنحن متفوقون وبامتياز في هذا المجال. أتكلم عن العرب طبعاً. 4. تفوّق: في الولايات المتحدة كل شيء كبير وضخم وعملاق. فأنت تجد هنا أكبر مدينة ملاهي وأعلى بناية وأضخم مجمّع تجاري.. أفخم السيارات, أوسع الطرقات, أكبر المطاعم.. وأول شعور يراودك هو عدم الحميمية وضألة الحجم.. لا أدري إن كان هذا محض صدفة !! | *فاطمة | 5 - فبراير - 2008 | | أين السيرك ؟ ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
1. أين السيرك؟! عندما ذهبت لحضور أحد عروض السيرك الأميركي, كنت أسأل نفسي ماذا سيميزه عن باقي العروض التي حضرتها سابقاً في أوروبا ؟ كانت القاعة التي سيقام فيها العرض من الضخامة بمكان بحيث أن المنصة في الوسط كانت تبدو صغيرة وبعيدة. وعندما أبديت قلقي من ذلك, طمأنني الجميع إلى أن هناك شاشتان عملاقتان ستنقلان العرض!! وابتدأت القاعة تغص بوفود القادمين الذين كانوا يدخلون ويخرجون بصورة دائمة حتى بعد أن ابتدأ الاستعراض, والهدف هو شراء الطعام الذي ما إن يبتلعوه حتى يعودوا من جديد للخروج لشراء المشروبات الغازية أو البوظة أو غزل البنات إلى ما هناك من أطايب أخرى !! العرض من حيث النوع كان عادياً. الشيء الوحيد الذي يميزه عن باقي العروض هو اعتماد منظميه على فن الإبهار: إبهار في الإضاءة وتوزيعها, إبهار في ضخامة الأوركسترا المرافقة, الإبهار في تقنية الصوت, الإبهار في الكم الكبير من الحيوانات المشتركة بالاستعراضات المختلفة ...كل هذا الجهد لكي يتمكنوا من جعل هؤلاء الشرهين يرفعون رؤوسهم عن طبق الطعام ليلهوا قليلاً ومن ثم يستأنفون نشاطهم من جديد !! ألا يحق لنا أن نسأل أنفسنا عندها : أين هو السيرك ؟ 2. إعلام : قبل أن آتي إلى أميركا, كنت أقول في نفسي : لا بد لدولة بهذه العظمة أن تمتلك إعلاماً مميزاً . لكنني فوجئت بالمستوى الإعلامي بشكل عام ( إذا استثنينا بعض الصحف والمحطات المتميزة والقليلة نسبة لضخامة البلد ). فهو هابط وسطحي والأنكى من ذلك موجه بطريقة خطيرة تحوله مع الزمن إلى نوع من عملية غسل الدماغ المستمرة وخصوصاً التلفزيون الذي أصبح إدماناً لأكثرية الشعب ومن مختلف الأعمار . ومن يشاهد التلفزيون الأميركي , ويقرأ الجرائد الأميركية يعرف فوراً لماذا يفكر الشعب الأميركي بهذه الطريقة . وحدثونك عن الحرية !! 3. أسلوب حياة : في وأميركا يبنون المنازل من خشب . ويصبّون الطرقات بالباطون!! عجباً . بلاد تتعرض للكثير من الزوابع والعواصف والأعاصير, فتصبح معها هذه المنازل هدفاً سهلاً للتدمير وفي أضعف الإيمان الإصابة بأضرار بالغة . هناك خاصية أخرى تتميز بها أميركا عن باقي الدول الأخرى. إن المنازل السكنية فيها كلها متشابهة وكأنها مستنسخة . ويكفي شركات البناء نموذجاً أو نموذجين معماريين فقط فتبني على طرازهما آلاف المنازل وتبيعها بأسعار خيالية ( إذا حسبنا السرعة في الوقت وسهولة التنفيذ ورخص المواد المستعملة). وفي النهاية تعطيك شعوراً بالرتابة والتكرار وعدم الأمان. أظن أن البيوت على أشكال أصحابها تصنع .
| *فاطمة | 5 - فبراير - 2008 | | عن الحرية وأشياء أخرى ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم شكراً لك ضياء ، وأرجو أن لا تندمي يوماً على دعوتك لي بل عليك منذ اليوم وصاعداً بأن تتحمليني : عن الحرّية وأشياء أخرى أود أن أناقش وإياكم مسألةالحرية التي كثر الحديث عنها منذ فترة . لأن المسألة معقدة جداً وتحتاج إلى دراسة وفهم عميقين . نسمع كلاماً كثيراً عن الحرية : حرية القيام بما نحب القيام به , حرية الدين , حرية التفكير , حرية التعبير , حرية النشر إلخ... وقد كتب الكثير عن هذا , ولكنني أعتقد أنه يمكننا أن نقترب من المفهوم بسهولة ومباشرة , لربما سيجلب لنا هذا الحلّ الحقيقي لهذه المسألة الإشكالية . ماذا يعني أن نكون أحراراً ؟ هل الحرية هي بفعل أشياء تناسبنا شخصياً ؟! كالذهاب حيث نحب مثلاً ؟ أو التفكير بما نرغب ؟ هذا ما نفعله على كل حال , وهذا ما يسمى استقلالية وأن تكون مستقلاً لا يعني أنك حرّ. فالكثير من الناس في هذا العالم هم مستقلون , لكن القليل منهم هم أحرار . الحرية تتطلب مستوىً معينا ًمن الوعي ومن الذكاء وسأبين كيف أنك لكي تكون حراً يجب أن تكون واعياً وحصيفاً . فهذا أول ما يحصل لك عندما تبدأ بالفهم الكامل لمحيطك الإجتماعي والديني والعائلي والمؤثرات التقليدية التي تطبق عليك من كل الجوانب وبشكل دائم . ولكي تفهم التأثيرات المختلفة كتأثير الأهل , السلطة , المجتمع , الثقافة التي تنتمي إليها , الأيديولوجيات بمختلف أشكالها , الآلهة , المؤسسات, التقاليد التي تمارسها بدون تفكير , يجب عليك أولاً استيعابها عميقاً لكي يسهل عليك التحرر منها فيما بعد وأنت محتاج لأجل هذا إلى استبصار داخلي عميق جداً . إضافة لمستوى من الذكاء والإدراك . على العموم _ وبدون زعل_ أنت تستسلم لكل هذا بكل بساطة لأنك خائف !! مماذا تخاف؟؟ تخاف من ألا تحصل على مكانة أو منصب مهم في الحياة . تخاف مما سيقوله عنك الأخرون . تخاف من عدم اتباع التقاليد , تخاف من أن لا تقوم بالشيء الصحيح المطلوب منك . الحالة الذهنية هذه التي تجعلك مكبلاً دوماً وتعوق تقدّمك نحو الحرية . صدّقني إن الحرية هي حالة ذهنية تتجلى أولاً بعدم الخوف من شعورنا بأننا متروكون لوحدنا وبالتالي لسنا محميين كفاية. وقد يسأل سائل هنا:أليس معظمنا يتمنى أن يكون آمناً ؟ ألسنا جميعاً كذلك نرغب بمن يقول لنا, كم نحن رائعون , وكم نحن محبوبون , وكم نتمتع بالجمال , أو كم نحن أذكياء ؛ وكذلك ألا يرغب معظمنا بأن يضيف لقباً مهماً إلى اسمه . ألا يعطينا كل هذا شعوراً ذاتياً بالإطمئنان والأهمية ؟ من منا لا يرغب بأن يكون شهيراً ؟؟ أو على الأقل أن يكون "شيئاً ما" ؟؟ والجواب بسيط أنه في اللحظة نفسها التي نفكر فيها بكل هذا مجتمعاً أو بواحد منها فأننا لا نعدّ أحراراً على الإطلاق . فعلى هذه الأرض يسيطر نوعان من عوامل الاستقطاب : العالم المادي الذي يسيطر فيه مبدأ السلطة بكل مقوماتها , والقوة والمواقع السياسية , والعالم الروحاني المسيطر عليه من قبل الأيديولوجيات الدينية " الملهمة " للقداسة والنبل والمشروعية الالهية ... وفي المراوحة بين هذين العالمين المهيمنين وفي اللحظة التي نفكر فيها بأن نكون "شيئاً ما" فإننا لا نعود أحراراً أبداً . إن الشخص الذي يعي تفاهة كل هذا والذي لا تتفاعل بداخله مشاعر الرغبة والأهواء المتعلقة بكل ما سلف هو الإنسان الحر بحد ذاته . وإذا تمكن من أن يفهم ببساطة كل هذا فسيرى أنه أمر رائع الجمال والعمق , وإنه على الدوام كان موجهاً من الأهل إو من الأساتذة أو من المجتمع : يجب عليك أن تفعل كذا , أن تتخلى عن كذا , أن تنهي هذا , أن تكون ناجحاً مثل أحد القادة أو بعض القديسين حتى ... إنهم يشجعون فكرة الحصول على مركز مهم , إحراز الألقاب , المكانة , المعرفة ... بالمحصلة أن تكون مقلداً لا كما أنت على حقيقتك أو ذاتك . وطالما اتّبعنا خطى أحدهم أو اتّبعنا تقليداً ما من ضمن متطلبات أن تكون " شيئاً ما " فأننا لسنا أحراراً وفقط عندما نبدأ بفهم ووعي الواقع فإننا نكون قد بدأنا بالدخول في مجال التحرر . وللثقافة والتعلم دورٌ مساعدٌ ومنذ الطفولة على أن يكون الإنسان هو نفسه وليس أحداً آخر . ولا يفكر أحد منا صعوبة هذا الأمر . كن دائماً وحاول دائماً أن تفهم نفسك . لا يهم أن كنا قبيحي المنظر أو من ذوي الجمال , إن كنا حاسدين أو محسودين , حاول أن تفهم نفسك , حاول أن تكون نفسك , على طبيعتك ولا تفكر أبداً بأنك غير ذي أهمية لأنك لا تملك كذا أو كذا فهذا أمر حيوي ويجب العمل على تغييره وهذا إذا ما حصل فسيحولك لشيء رائع ونبيل حقاً . حتى إذا استطعت النظر بصدق إلى ما أنت عليه حالياً وفهمت نفسك فإن هذا لوحده يعدّ تغييراً فعلياً . الحرية ترتبط إذاً بفهم من أنت عند كل مرحلة من المراحل التحولية التي تمر بها . وليس بالمحاولات الحثيثة للتحول إلى شيء آخر مختلف , ليس بفعل كل ما يجب علينا أن نفعله وليس أخيراً باتباع سلطة الأهل والتقاليد وكبار القادة من دينيين ومدنيين . تربوياً نحن لسنا معدّين لهذا الأمر ؛ على العكس إن إعدادنا التربوي يشجعنا على الدوام أن نكون "شيئاً ما" , وهو دائماً "شيئاً آخر" مخالف لنا ولتطلعاتنا الحقيقية . عليك أن تفهم أنك لست الكائن الذي يذهب يومياً إلى المدرسة , والكائن الذي يلعب , والكائن الذي يعمل والكائن الخائف . ولكي تفهم ذلك عليك أن تعمل على فهم نفسك الحقيقية نفسك المختبئة والغير واضحة والغير ظاهرة للعيان . عليك أن تفهم أنك كائن "مكوَّن " ليس فقط من الأفكار التي تجول بذهنك أنت ولكن من الأفكار التي حشرت في رأسك من قبل أشخاص آخرين, من الكتب كذلك التي تقرأها , من الجرائد , من السياسيين , من القادة الدينيين والمدنيين .. وإنه يجب عليك أن تبدأ بفهم واستيعاب كل هذا فقط وفقط عندما لا تريد أن تصبح " أياً كان " . وهذا بحدّ ذاته يعتبر ثورة على الأعراف والتقاليد . فعندما لا نقلّد ولا نتّبع . فنكون حكماً في حالة ثورة ونحاول أن نكون حينها " شيئاً ما " ولكن آخر مختلف عما أرادونا أن نكونه ونكون خرجنا من حالة الاستعباد اللاواعي إلى الثورة الحقيقية المؤدية للحرية . وتدعيم وإنماء هذه الأنا الجديدة يتمّ بواسطة الثقافة الواعية والاستبصار العميق . الأهل , المعلمون , الرغبات والأهواء الشخصية ... كلها تريد منا أن نكون شيئاً والهدف أن نكون آمنين وسعداء . وهذا ما لا يحصل ولن يحصل إذا لم نتحلّى بالوعي والإرادة لكسر هذه التأثيرات التي تسحقنا وتستعبدنا للأبد. أعتقد أن الأمل بعالم جديد آمن وسعيد وحقيقي سيأتي فقط عن طريق هؤلاء الذين ابتدأوا بالتمييز بين المزيّف والجاد وبالتالي الثورة ضدّ التزييف ليس فقط كلامياً بل فعلياً . وهذا يحتم على كل منا التفتيش عن الثقافة الحقيقية . لأنه فقط عندما ننمو في جوٍ من الحرية يمكننا أن نخلق عالماً جديداً ليس مبنياً على العادات والتقاليد والأيديولوجيات . ومعرفة أنه ليس هناك من حرية كلما استمررنا بمحاولاتنا العقيمة لكي نكون " شيئاً ما " أو اتباع " مثلٍ أعلى ما " أو " أحدٍ ما " . في الختام إذا لم يستطع هذا العالم المحيط بنا وكما هو حالياً أن يمنحنا الأمان والسعادة فلماذا نستمرّ في اتباع أنماطه بطريقة آلية ونجترّ وننتج ومن ثم نجترّ نفس المشاكل . ومن ثم نبكي على الماضي القاتم والمستقبل الضائع . هل نحن عبيد من ذهب نُقولَب ونصب حسب الطلب ؟! . | *فاطمة | 6 - فبراير - 2008 | | أهلاً وسهلاً ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
أرحب بالأستاذة فاطمة في مجالس الوراق , وأتمنى أن تضيف بكتاباتها تنوعاً وحرارةً للمجالس. وبين السيرك والحرية أتمنى أن أعرف أكثر عن صاحبة هذا القلم النابض فكراً , وقد يكون ذلك من خلال هذا الموضوع الذي أتمنى لك التوفيق فيه , وأن تكوني بدورك قادرة على تحملنا !! | *محمد هشام | 7 - فبراير - 2008 | | مرحبا بأخت الـ ضـياء.. ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
| *abdelhafid | 7 - فبراير - 2008 | | مرحباً بكما ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
الأستاذ عبد الحفيظ زميل مهنة ، وهي مهنة نبيلة لكنها تقصر العمر : شكراً لك بطاقتك اللطيفة وأنت كما يقول المثل " إن اللبيب من الإشارة يفهم " . الأستاذ هشام : أنت لا بد تعرف عني أكثر مما تتوقع لأن ضياء كنا نسميها بالصحافية . شكراً لك ترحيبك بي . | *فاطمة | 7 - فبراير - 2008 | | وهم ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
وهم ديمقراطية النظام الأميركي هي خدعة أم حقيقة؟؟ إن المراقب للسياسة الداخلية وللسياسة الخارجية للنظام الأميركي يستطيع أن يتبين وبدون مجال للشك بأنها أبعد ما تكون عن الديمقراطية وأبعد بكثير عن إعطاء الحرية إن لشعوبها أو للشعوب الأخرى التي استعمرتها أو التي "ستستعمرها " وأنا أتكلم هنا عن النوع الجديد من الاستعمار الذي تروج له تحت اسم العولمة . فتاريخ أميركا يشهد بأنها دولة قامت على قمع الآخرين وعلى سلب الآخرين حريتهم وكرامتهم ابتداءً من الهنود الحمر وانتهاءٍ بالعراق ويمكن لبنان وما بينهما . وهي لا زالت منذ تلك الأزمان تخدع وتبهر المجتمعات الأخرى بطريقة تمثيلية ومسرحية بجودة الإنتاج الهوليودي أو أكثر . وهنا من الجدير الملاحظة بأننا أحياناً نخال أنفسنا عند مراقبة السياسة الأميركية وكأننا نشاهد فيلماً سينمائياً مرتكزاً على قصة حقيقية !!! فهناك الكثير من النقاط المشتركة بين انتاجها السينمائي وإنتاجها السياسي : § الإثنان يرتكزان على فكرة السوبرمان, أن في الحقيقة أو في الخيال . § الإثنان يركزان على فكرة الطيب والشرير وانتصار الأول دائماً أو غالباً في النهاية , أو على فكرة الصالح الطالح . § الإثنان يركزان على الإبهار في العرض مستندين على الإمكانيات المادية الضخمة والتقنيات الهائلة المتقدمة . § الإثنان يركزان على الحركة السريعة والخفيفة وعلى التسلسل السريع للأحداث . § الإثنان يركزان على الشعور بالدونية الذي يخلقانه لدى الطرف الآخر المستلب تجاههما. § الإثنان يركزان على الشعور بالتفوق المتأتي عن امتلاك المال والسلطة بكل أشكالها . § الإثنان يركزان على خلق عالم وهمي ومتخيل لا يمت للواقع بصلة ويمتلك الكثير من الجاذبية . § الإثنان يركزان على تحويل المتلقي إلى مجرد مقلد لما ينتجانه ومستهلك لأفكارهما بطريقة سطحية وخالية من المضمون . § الإثنان يركزان على مساعدة الضعفاء والفقراء والمستضعفين !!! . § الإثنان يركزان على فكرة إضفاء السعادة والهناء على الناس في النهاية فإذا ما أحسنوا التصرف فيسحصلون على الثواب المناسب . § الإثنان يركزان على مصير من يخالف هذه القواعد,فإنه سيتعرض عندئذ لغضب هذا الطيب عليه وبالتالي ينال العقاب الذي يستحق . كل هذا نراه في الأفلام ونسمعه من الساسة الأميركان وعند التطبيق الفعلي نرى ونسمع العكس تماماً وكما تحول إنتاجهم السينمائي إلى مهزلة مولفة على الكومبيوتر كذلك تحولت سياستهم إلى سياسات غير مدروسة ورعناء ومولفة من قبل بعض الصناع الفشلة وغداً ناظره لقريب . | *فاطمة | 7 - فبراير - 2008 | | هامات أميركية ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
هامات أميركية عادت خالتي المقيمة في أميركا منذ زمن طويل إلى لبنان في صيف العام 1998. وكنا نحن أولاد أختها الوحيدة صلتها اليتيمة بهذا الوطن، وكنا أيضاً هناك . ومنذ اللحظة الأولى التي وضعت فيها رجلها على أرض لبنان أبتدأت المشاكل ... والإحتجاجات تتوالى على مرّ الدقائق ابتداءً من الفوضى في المطار .. والموظفين " يللي وجههن كشوش " ... للحمالين المزعجين .. لسائقي التاكسيات .." للّخبطة " في إيجاد الحقائب .. لعدم الإلتزام بمواعيد الإقلاع والهبوط. وهذا كله ولم نكن قد غادرنا المطار بعد . فقلت في نفسي أنّها ستكون زيارة مباركة إن شاء الله . ولم أكن أعلم أن الآتي أعظم !! وبما أننا " طرابلسية " ونقيم هناك فقد منحتنا هذه النعمة , مساحة أكبر من النّق.. الخارجي , من عجقة السير .. وعن المخالفات في السير وعن عدم وجود من ينظمه أصلاً . لا إشارات ولا شرطة ( على الأقل يحسب لها الناس حساباً ) . فكانت كل لحظة تردّد بلكنتها المميزة : " يو .. نو خالتي لو كان هيدا عم يصير عنا بأميركا , كان صار كذا وكذا .. " وأنا أطنّش ولا أردّ . فعندما يتعلّق الأمر بالإهمال المستشري عندنا , فلا مجال للردّ أبداً . هل سأقول لها إن النظام والكياسة والذوق في التصرف متوفرة لدينا ؟! هل سأقول إن النظافة العامة حول المباني وعلى الطرقات متوفرة ؟! هل سأقول لها إننا نعاني من نقص كبير في الخدمات العامة , وإن الناس وصلت إلى المريخ ونحن لا نزال نعاني من انقطاع التيار الكهربائي ! والأنكى أننا لا نعرف السبب ؟! هل أجرؤ أن أقول لها إن الفساد والرشوة والسرقة والمحسوبيات والوراثة السياسية والقبلية والعشائرية لا تزال تحكم وتتحكّم فينا إلى الآن ؟! هل أجرؤ أن أقول لها إن المذهبية والطائفية عادت إلى البروز وبقوة بعد أن كنا ابتدأنا نتجه نحو الأحزاب خلال الحرب ؟! على الأقل كنا نذكر أن هناك أحزاباً وطنية أو يسارية وأحزاباً يمينية تتقاتل !! هل أجرؤ أن أقول لها إننا .. وإننا ؟! هذه سبحة لا تنتهي ... وإن الحق ليس على المغتربين في أن يُصدموا بالواقع اللبناني , لأن الدعاية الإعلامية عن لبنان تنقل لهم صورة مختلفة عنه في الخارج فيظنون أن كل لبنان هو الكسليك أو فقرا !! وأننا " عايشين " بألف خير من الله !! هل سأجرؤ أن أقول لها : فيما بعد إن كل ما ستذكرينه عن وطنك هو" الأهل والأكل " وإن كنت أضع " الأهل " في خانة المساءلة بسبب ما ذكرناه .. لأن الأهل عالم " والعالم ضايقها خلقها وعم بتخانق على الطالعة والنازلة ". المهم .. وصلنا أخيراً إلى طرابلس وانتقلنا إلى مستوى أعلى من الإعتراضات: "يو.. نو.. خالتي هون العالم بيضيعوا وقتهن على الحكي وبالزيارات !! وما فيني صدق , إنو كل هالرجال وهالشباب بيقعدوا بالقهاوي عم يشربوا أركيلة ؟! شو العالم هون ما بتشتغل شي ؟! كيف بتعملوا مصاري لحتى تعيشوا ؟! يو..نو..خالتي المرة هون بلبنان منّا مثقفة لو كانت مثقفة ما كانت بتقبل أنها تكون درجة ثانية بالحياة وكل همها إنها تحصل على رجال وتظبط شكلها .. ومضيّعة نصف حياتها بالبهورة الفاضية .. يو..نو خالتي هون العالم عينيها فارغة وبتتطلّع كثير بوقاحة !! يو .. نو خالتي هون العالم تتدخل كتير بخصوصيات بعضها وما في شي مخبّا !! يو..نو خالتي خالتي ليش عندكن كل هالخدم الأجانب ما دام أكثر النسوان ما بتشتغل وقاعدة بالبيوت ؟! " كل هذه الأسئلة والكثير الكثير غيرها كنت أردّ عليها محاولة أن أكون مقنعة وموضوعية بأجوبتي , على أساس أننا كلبنانيين بشر نشبه الأميركيين كثيراً من الناحية الفيزيولوجية وقادرين بالتالي على الاحتجاج والشكوى إلى المسؤولين كما يفعلون هم الأميركان ولكن ... هم ظروفهم تختلف عن ظروفنا فعندهم مسؤولون .. وعندنا مسؤولون والفرق يكمن هنا وليس في عامة الشعب ولكن هيهات أن تجادل معها في هذا الموضوع . إلى أن وقعت الواقعة ودخلنا في الجد. فقد صدف أن حصل اغتيال القضاة الأربعة في قاعة المحكمة في صيدا أثناء وجودها في ضيافتنا . وجنّ جنونها لما رأته على شاشات التلفزة والتفتت إلي ساخطة وقالت: " لازم كلكن تحتجوا على اللي صار وتتصلوا بكل المسؤولين وإذا ما عملوا شي لازم تحاسبوهم وتغيروهم ". وهنا تدخلت والدتي للمرة الأولى , وهي بالمناسبة تشبه خالتي بكل شيء سوى بالعقلية فوالدتي مقتنعة بقدرها وقدراتها المحدودة كلبنانية على عكس أختها المقتنعة بأنها تستطيع ولديها القدرة على تغيير عالمها وكل العالم الآخر كأميركية وقالت والدتي بهدوء شديد : " خلص بقى أختي , تخنتيها كتير !! " وصمتت. فالتفتت إلي وقالت : " أنت مثقفة ومتعلمة وتملكين شهادات عليا هل ستسمحين أنت ومن هم مثلك ومن جيلك بهذا أن يمرّ هكذا ؟! مين رئيس الجمهورية هون؟ قومي اتصلي فيه فوراً ! " قلت : " خي زحطنا , الأمن كامشينو السوريين يا خالتي . فنوّريني يا عزيزتي ماذا أفعل ؟ " فردّت :" امسكي بالتلفون واتصلي بحافظ الأسد واطلبي منه أن يوقف هذه المهزلة فوراً !!" ضحكت من قلبي وقلت لها : بمن تريدين أن أتصل ؟ قالت : نعم وهل هذا عجيب أنا كنت في أميركا اتصلت بكلينتون وطلبت منه أن يتنحّى عن الحكم !!! فقلت لها على الفور : بهذه الحال أرجو منك وبإلحاح أن تتصلي به فوراً وأن تطلبي منه أن يتصل هو بحافظ الأسد ويطلب منه أن يقوم باللازم . وسأكون أنا والشعب اللبناني كله ممنونين لك ألى أبد الآبدين . آمين , | *فاطمة | 7 - فبراير - 2008 | | أنتم تكرهون أمريكا ! ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
أستاذة فاطمة : صباح الخير , ذكرتني خالتك ( حفظها الله ) , في زيارتها للبنان ببعض المواقف التي حصلت معي بزيارتي في الصيف الماضي لسنغافورة بصفتي مدربا لفريق نادي العين للشطرنج , وذلك لحضور الأولمبياد العالمي للشطرنج للناشئين , ففي إحدى الجولات جمعتنا القرعة مع المنتخب الأمريكي , وأنت تعلمين الإعلام وتأثيره , وأردت من هذا اللقاء أن لا يكون سهلا على الأمريكيين , ففريقي كان جديدا , ودون خبرة كافية , المهم أني جهزت اللاعبين بشكل جيد , وكانت أعصابي مشدودة , وحين بدأ اللقاء جلست جانبا أتابعه وكان جالسا قربي بعض المدربين ومن ضمنهم مدرب الفريق الأمريكي الذي سألني عن جنسيتي فأجبته : سوري , فذكر أسماء بعض اللاعبين السوريين الذين يعرفهم ثم قال : لكن سوريا لا تمتلك تاريخا شطرنجيا عظيما , , ولأنني كنت جاهزا قلت لنفسي أخيرا وجدت رجلا ظريفا يحب الصراع , وأجبته دون تردد : ربما كلامك صحيح لكن أمريكا لا يوجد عندها أي تاريخ , لا بالشطرنج ولا بغيره ! المهم أن المباراة انتهت بفوز الفريق الأمريكي بنقطتين ونصف مقابل نقطة ونصف لفريقي , وبعد المباراة اتفق لاعبو الفريقين أن يلعبوا كرة القدم في ملعب قريب , وكانت مناسبة لمقابلة المدرب الأمريكي ثانية , الذي تقدم نحوي بارتباك قائلا : أنتم تكرهون أمريكا ؟ , وأجبته لا بالتأكيد , ولكن السياسة الأمريكية تكرهنا , فقال لي أنه أرمني الأصل , وهاجر لأمريكا منذ ثماني سنوات فقط , وأن الشعب الأرمني يحب الشعب السوري كثيرا لأنه وقف معهم عندما أقام الأتراك مذبحتهم الشهيرة للأرمن , ففتح الناس في حلب ودمشق وبيروت بيوتهم لإخفاء الأرمن داخلها , ثم قال لي : هل تعلم كان لاعبو فريقي خائفين عندما قدموا للاعبي فريقك الكرات المرسوم عليها علم أمريكا , واعتقدوا أن لاعبيك سيرمونها لكرههم لأمريكا , أجبته لا غير معقول أن يرموا الهدية , ولكن أحد اللاعبين لاحظ أن العلم الأمريكي مرسوم على كرة مكتوب تحتها ( صنع في تايوان ) ! ! ,,,, وفي يوم العطلة ذهبت مع فريقي برحلة طوال اليوم إلى جزيرة سانتوسا , وكانت رحلة جميلة جدا إذ صادفت العيد الوطني لسنغافورة , وفي إحدى مراحل الرحلة كنت جالسا مع اللاعبين نأكل البيتزة , فتقدمت منا سيدة في منتصف العمر ( سمراء ) وسألتنا : أنتم عراقيون ؟ أجبتها : لا أنا سوري وهؤلاء إماراتيون , فعرفتنا على نفسها : أنا سعودية ومتزوجة منذ عشرين سنة من أمريكي ,, أنتم تكرهون أمريكا ؟؟ أكيد أنتم تكرهونها ,,, وهنا أجبتها : الشعب الأمريكي شيء , وقادته السياسيون شيء آخر , نحن لا نكره الشعب الأمريكي ,,, وهنا ناداها زوجها ( الأشقر ) , فهمست لي قبل أن تمشي : الشعب الأمريكي رائع , لاتصدقوا الإعلام , كل ما يقوله الإعلام كذب , لاتصدقوهم .... ! | *محمد هشام | 13 - فبراير - 2008 | | بين تداخل الثقافات... والعولمة الثقافية! ( من قبل 1 أعضاء ) قيّم
..... إن عمومية الثقافة تحمل بين طياتها طابع الخصوصية، كما أن خصوصيتها تتسم، ولابد، بشيء من العمومية. إن المطلق والنسبي يشكلان هنا حقيقة واحدة متكاملة. إن فلسفة أفلاطون مثلاً تعكس، من جهة، الوضعية الاجتماعية للشعب اليوناني في عصره، كما تعكس أيضاً مكان أفلاطون في هذه الوضعية. ولكنها مع ذلك تضم شيئاً يتعدى أفلاطون ويتجاوز معطيات مجتمعه، شيئاً يتعلق بتطلعات الإنسان وتساؤلاته، تطلعات وتساؤلات تخترق سياج الزمان والمكان. ومثل ذلك يقال بالنسبة لشعر هوميروس ومسرح سوفوكليس وفلسفة الفارابي وشعر المعري والمتنبي وقصص ألف ليلة وليلة ومسرحيات شكسبير، وغير ذلك من الآثار الثقافية الخالدة.
هذا من جهة، ومن جهة أخرى يجب ألا نغفل الحقيقة التالية، وهي أن الثقافة ليست هذا الجانب التعبيري الانفعالي وحسب، بل إنها أيضاً قوة فاعلة وسلاح خطير يؤثر في الإنسان، فيساهم في تشكيل وعيه وتوجيه رؤاه وتحديد آفاقه، كما يؤثر في المجتمع فيعرقل مسيرته أو يدفع بها إلى الأمام، ويعمل في ذات الوقت على توجيه المصير البشري عامة نحو هذه الجهة أو تلك.
ومن هنا تلك الظاهرة المرتبطة بموضوعنا أشد الارتباط، ونعني بها تأثير الفكر العالمي في الفكر الفردي والفكر الوطني، خصوصاً في هذا العصر الذي أصبحت فيه وسائل الطبع متيسرة كثيرة، وأدوات الاتصال والتواصل سريعة متعددة، نتجت عنه هذه الظاهرة التي أطلقت عليها اليونسكو في الخمسينيات عبارة محايدة لا تحمل بطانة إيديولوجية، كما هو الحال اليوم في العبارة التي تستعمل بديلاً عنها، أعني بتلك "تداخل الثقافات" وبهذه "صراع الثقافات" أو "حوارها". وهنا قد يكون من المفيد أن نستطرد قليلاً لنبين إلى أي مدى غيَّـر (حتى لا نقول "شوَّه") خطاب العولمة اليوم من مفاهيم خطاب الخمسينيات. لنبدأ بمفهوم "تداخل الثقافات". لقد قلنا عنه إنه مفهوم محايد، لا يحمل أي بطانة إيديولوجية، ذلك لأنه يعبر من دون تحيُّز، ومن دون الانخراط في أي صراع مهما كان، عن واقع تاريخي جرى رصده كما هو من دون تمويه ولا تنويه. ذلك أنه كان هناك دوماً، وعلى مر العصور، نوع من الاتصال والتداخل بين الثقافات الموجودة في عصر معين، أو المترابطة بفعل الزمن، وكان هذا التداخل يحدث ببطء في الغالب. وغالباً ما كان لا يتعدى مستوى الخلط والمزج، ونادراً ما أدى إلى اندماج كلي، أو إلى مركب جديد. كان هذا التداخل يجري من دون تخطيط مسبق. كان يجري عبر الأسفار والتجارة والحروب التي لم تكن تكتسي طابع الغزو الثقافي.
كان هناك ما يشبه "التقليد"، الضعيف أو القوي، للعادات والثقافات والأمور الحضارية الأخرى، إما سلباً وإما إيجاباً. ولم يكن الغالب، المنتصر عسكرياً، هو الذي ينتهي إلى السيادة الثقافية دوماً، وكما لاحظ ابن خلدون بحق، فإذا كان الظاهر هو أن المغلوب يقتدي بالغالب، فقد يحدث العكس كما حصل بين العرب والفرس: لقد تغلب العرب زمن الفتوحات على الفرس عسكرياً وسياسياً ولكن الفرس لم يقلدوا العرب حضارياً، بل العكس هو الذي حصل، أي أن الغالب هو الذي قلد المغلوب. وعندما تنبه العرب إلى ذلك وصار المغلوب ينتفض ويحاول استرجاع السيادة السياسية عن طريق "الثقافة" (الحركة الشعوبية وحرب "الكتب"... الخ)، برز عنصر ثالث هو الثقافة اليونانية التي انفردت بحقلين ثقافيين مهمين: العلم والفلسفة، فحصل نوع من التداخل الثقافي، غني وقوي، بين ثلاثة أطراف: العرب، والفرس، والسريان (حاملو الثقافة اليونانية). كان هناك تنافس قوي بين هذه الأطراف الثلاثة، حتى إن كبار المثقفين والعلماء كانوا من جميع أقاليم الرقعة الجغرافية التي امتدت عليها الحضارية العربية الإسلامية. ومع اتساع هذه الرقعة وتعدد عرقياتها حصل تداخل سلمي واسع تبُودلت فيه المواقع في كثير من المجالات. وهكذا كان أول فيلسوف في الإسلام (الكندي من قبيلة كندة اليمنية)، وكان أكبر مفسر للقرآن من طبرستان (الطبري)، وأكبر مدوِّن للحديث من بخارى (البخاري)، وأكبر عالم في الفيزياء من البصرة (ابن الهيثم)، وأكبر طبيب من دمشق (ابن النفيس)، وأعظم مؤرخ إنثروبولوجي من المغرب العربي (ابن خلدون)، وأعظم فيلسوف من الأندلس (ابن رشد)... الخ.
ولم يكن هذا النوع من تلاقح الحضارات أو تداخلها يحتاج إلى دعوة، ولم يحدث بتخطيط مسبق بل كان عملية تاريخية تلقائية، عملية يحكمها طلب الأفضل. أما اليوم، فإن تداخل الثقافات أصبح يكتسي طابعاً آخر، هو طابع الغزو والسيطرة، طابع الصراع الحضاري -الذي ليس الصراع الأيديولوجي إلا الشكل الأعلى من أشكاله. وما يزيد في خطورة هذا الصراع انتشار المَطِيَّات الثقافية، وسرعتها وفعاليتها المفرطة. إن الثقافة أصبحت اليوم، مثلها مثل الهواء، تدخل كل بيت، وتغزو كل قلب، وتقتحم كل عقل مهما كان مستوى يقظته أو درجة غفوته. حصل هذا منذ الثمانينيات من القرن الماضي مع انتشار العولمة كواقع اقتصادي سياسي إعلامي فبدأ مشهد الإشكالية الثقافية في العالم العربي يتغير، وبدأ أثر ذلك يظهر بوضوح على مستوى المفاهيم والتصورات. لقد كانت مفردات الخطاب العربي منذ الخمسينيات محكومة إلى حد كبير بمفردات الفكر الوطني المعادي للاستعمار والفكر الاشتراكي المناهض للرأسمالية والإمبريالية، وهي مفردات متكاملة على الأقل في كونها منخرطة في الحرب الباردة إلى جانب الفكر الاشتراكي مع التأثر، بهذه الدرجة أو تلك، بمحاولات البحث عن طريق ثالثة خاصة بما كان يسمى بـ"العالم الثالث".
ومن أجل أن نلمس مدى التحول الذي طرأ على مفردات الخطاب العربي بتأثير مفردات العولمة وخطاب الإمبراطورية الأميركية الهادفة إلى السيطرة الثقافية على العالم، إلى جانب سيطرتها الاقتصادية والعسكرية، لابد من القيام بمقارنة ولو سريعة بين مفردات خطابنا اليوم وخطاب الأمس في الثقافة العربية.
*د. محمد عابد الجابري | المغربية . (مع بعض التصرف ) | *abdelhafid | 19 - فبراير - 2008 |
أضف تعليقك
|
|