المعلقات وأصحابها في ميزان النقد الأدبي النبوي: موقف الرسول e من الشعر الجاهلي يتضح بجلاء في مجموعة الأخبار والتعليقات الواردة عنه e حول بعض أصحاب المعلقات وشعرهم0 فمن ذلك ما روي عن أبي هريرة t قال: قال رسول الله e:"امرؤ القيس مذكور في الدنيا منسي في الآخرة , بيده لواء الشعراء إلى النار" [إسناده ضعيف جدًّا، وقد أخرجه أحمد 2/228، وابن عدي: 7/2755، وينظر: جزء أحاديث الشعر: 90 تأليف الحافظ عبد الغني عبد الواحد بن علي المقدسي0تحقيق: إحسان عبد المنان الجبالي-ط-المكتبة الإسلامية، عمان الأردن ط1 1989م] فهذا القول المنسوب إلى النبي e يبرز إدراكا واضحا بما كان عليه امرئ القيس في قوله وفعله من من سلوك معروف مقرر، فهو مذكور في الدنيا بجمال صياغاته وروعة تصويراته الشعرية منسي في الآخرة بسبب سلوكه المشين، ومعانيه الفاحشة الماجنة في شعره، وهذا لا يعني هذا موقفًا قادحًا رافضًا للشعر الجاهلي، بل لشعر معين ولشاعر بعينه0 وإذا كان هذا القول المنسوب إلى النبي e قد قرر فيه الموقف القرآني من الشعراء الغاوين، فإنه e يقف موقفًا إيجابيًّا من الشعراء الجاهليين الذين صفت نفوسهم ورقت مشاعرهم فأبدعوا شعرًا إنسانيًّا رائقًا يتفق وتعاليم الإسلام وأخلاقه، ومن هؤلاء الشعراء عنترة الذي رُوي في حقه أن النبي e حين سمع قوله: ولقد أبيت على الطوى وأظله حتى أنال به كريم المأكل قال e:" ما وصف لي أعرابي قطُّ فأحببت أن أراه إلا عنترة"0 [الأغاني:8/243, ط دار الكتب، وراجع أثر الإسلام في الشعر 41، د/ السيد عويضه, طبع الأمانة سنة 1987م]. وصدق الرسول e فبيت الشاعر ناطق بصبر الشاعر وعزته وعفته- وحكم النبي e هنا عام يدل على معرفته بسيرة عنترة وبطولته ومثُله الخلُقية الكريمة إذ "يغلب على أكثر قصائده الاتسام بالمعنى الخلقي, وإذا كانت البطولة جزءًا من الفروسية والرجولة الحقة, فإن الخلق الكريم من صبر ونجدة وكرم وعفة ورقة وقسوة جزءًا آخر من هذه الفروسية، يتم بالتقائهما تحديد معالم شخصية الفارس الشاعر عنترة بن شداد.[ديوانه: 84]... |